مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا
مواهب المنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeاليوم في 13:27 من طرف الطالب

» تصحيح مفاهيم حول مشيخة التربية والإرشاد
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeاليوم في 9:17 من طرف ابن الطريقة

» شيخ التربية
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeاليوم في 8:33 من طرف ابن الطريقة

» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeأمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة

» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeأمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة

» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeأمس في 8:36 من طرف أبو أويس

» يا هو الهويه
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي

» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس

» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالسبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب

» السر فيك
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس

» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس

» ما أكثر المغرر بهم
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالسبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس

» قصيدة يا سائق الجمال
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة

» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس

» سيدي سالم بن عائشة
الاحسان ممارسة لا دراسة  Icon_minitimeالثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس

منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930

اليومية اليومية


الاحسان ممارسة لا دراسة

5 مشترك

اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty الاحسان ممارسة لا دراسة

مُساهمة من طرف ابو سيف الأربعاء 22 أغسطس 2012 - 21:48


الاحسان ممارسة لا دراسة
بقلم محمد بن عمر جديدى مقدم الزاوية

بسم الله الرحمان الرحيم والصلات و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين وبعد فلما رأيت كثرة المنتسبين للركن الثالث من الدين وكثرة المتشدقين بالكلام في مقامات اليقين فحصل من ذلك العزوف عن إتباع مدارج السالكين لحضرة رب العالمين لما يرى الناس من مخالفة هؤلاء المنتسبين للاحسان بأفعالهم لأقوالهم بل صار كلٌّ يدّعي الوصول والتعبير وشقشقة اللسان عن مقام الإحسان فادّعاه القاصي والداني فأردت بكتابة هذه السطور أن أبين أنّ مقام الإحسان وعبادة الله سبحانه وتعالى عن طريق المشاهدة والعيان أن ذلك لا يدرك إلا بالعمل بما جاء به القرآن وسنة سيد ولد عدنان وبمجاهدة النفس بل بذوبانها حتى يصير الإنسان من فرسان هذا الشأن إذ ليس الخبر كالعيان وحتى يصير ركن الإحسان عند العامة والخاصة "معنى ومبنى لا مغنى ومبكى" [ليس التصوف لبس الصوف ترقعةً ولا البكاء إذ غنّى المغنون


بل التصوف أنْ تصفو بلا كدر وتتبع الحقّ والقرآن والدين]


فإذا كان القادم على رحلة الجهاد في سبيل الله تعالى لا بد له من إعداد العدة لذلك من عزم صادق وإرادة قوية لا تزعزعها رعود ولا رياح ورغبة في الوصول لرب العالمين ولو كان هذا الوصول بثمن النفس والمال فان القاصد لمصافات الله سبحانه وتعالى وتبديل طبيعته الجسمانية وإرجاعها إلى صفائها الفطري الذي خلقت عليه يستدعي تضحية ومجاهدة ومصابرة ومكابدة وليس تدرك هذه العظائم بالدعوى ولقلقة اللسان فإذا كانت الشريعة التي هي ركن الإسلام لا يتكلم بعلمها إلا من ذابت جلود سيقانهم بالجلوس أمام أهلها وذابت جفونهم من مطالعة كتب أهلها وضاعت من أعمارهم سنين من التضحية بمجون الشباب وأهله فكذلك ركن الإحسان لا يمكن أن يدرك بدراسة كتب التصوف ولا بالتقاط مسائله من أفواه الناس ولكنه ممارسة قبل أن يكون مدارسة ومجاهدة وتضحية بالغالي والرخيص هذا إذا كان له من الله دعوة للدخول إلى باب إرادته وإلا فكم من واقف أمام الباب فلم يفتح له وكم من داخل ولم يَنْعم بمشاهدة أهل الدار وكم من واصل طُرد والعياذ بالله دون أن يقضي منها الأوْطار إذًا يجب على العبد تعظيم النّسبة... أوّلا ثم تعظيم أهلها والدالين عليها حتى يكون من الذين نظروا إلى الأشياء بعين التعظيم فاستمدوا منها وكتبوا عند الله من العظماء.

الحمد لله الذي رفع قدر أولي الأقدار عن الركون إلى هذه الدار. ومنح صفاء إحسانه للمنيبين إلى دار القرار. ونفّذ تصاريف الأقدار في أهل الجنة والنار. لا يسأل عما يفعل لأنه على الحق فيما يفعله وربك يخلق ما يشاء ويختار. وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له الملك العظيم القادر القهار. وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله المصطفى من صميم نزار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى أتباعه صلاة وسلاما دائمين متعاقبين ما أعقب الليل النهار. أما بعد فيا عباد الله لما كانت الطرق إلى معرفة الله تعالى والتحقق بالأحوال والمقامات التي يسلك بها المريد إلى المورد العظيم ليستلهم منها كيفية التحقق بأحكام مقام الإسلام وأنوار مقام الإيمان وأسرار مقام الإحسان.فالتحقق بأحكام مقام الإسلام بمعرفة أحكام شريعته حتى يعبد الله على ضوابطها (لا تقدموا على شيء حتى تعلموا حكم الله فيه) وتكون عبادته لربه على سبيل التحقيق فهو عندما يوحد الله سبحانه وتعالى يكون متحققا بمضمون كلمة لا إلاه إلا الله محمد رسول الله وهي التي يندرج تحتها 66 عقيدة من عقائد التوحيد.


وقول لا إلاه إلا الله محمد أرسله الإله تجمع كل هذه المعاني كانت لذا علامة الإيمانوهي أفضل وجوه الذكر فاشغل بها العمر تفز بالذخر


يعني أن كلمة التشهد التي ترددها الألسنة بداية من الآذان إلى الإقامة إلى التشهد يجب أن يكون السالك عالما بمضمونها ومحتواها فهي تندرج تحتها 66 عقيدة ابتداء من صفات الله الواجبة في حقه تعالى وأضدادها الصفات المستحيلة في حقه تعالى والجائزات وصفات الرسل الواجبة والمستحيلة والجائزة ومقتضيات الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والصراط والميزان وحوض النبي صلى الله عليه وسلم والجنة والنار والقضاء والقدر خيره وشره وهذا ما أشار إليه بقوله تجمع كل هذه المعاني ثم تأتي بالصلاة مستوفيا شروط الطهارة الكبرى والصغرى بمعرفة واجباتها وسننها ومبطلاتها وبمعرفة أحكام الصلاة من واجبات وسنن ومبطلات ثم معرفة أحكام الزكاة.

فرضت الزكاة فيما يرتسم عينا وحبا وثمارا ونعم


فتعرف كل هذه ومبلغ النصاب منها ومتى تُزكّى وكيف تزكّى ثم تعرف أحكام الصوم وفروضه ومبطلاته وتعرف أحكام حجك وأركانه وواجباته ومبطلاته.


(وإنْ ترد ترتيب حجّك اسمعا بيانَه والذّهنَ منك اسْتجْمِعَ)


ثم إذا علمت هذا وأردت دخول مقام الإيمان فاعلم أنه يكون بالجزم بأن الله مطلع عليك أينما كنت فلتقم بمراقبته على الدوام حتى تصل إلى حضورك معه فتجده هو المراقب لك فاستبدل شعور مراقبتك وهنا يتحول الإيمان إلى إيقان وهذا هو النور المطلوب والذي يجب على الإنسان السعي للحصول عليه في هذه الدار قبل أن نصل إلى دار الآخرة (يوم يقول المنافقون للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا) ولهذا قلنا سابقا ليتحقق بأحكام الإسلام (وأنوار مقام الإيمان) أما أسرار مقام الإحسان فهي التي قال فيها الله سبحانه وتعالى (ومَنْ أحْسنُ دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) فليس الإحسان بالانتساب إلى طريق ولا بالدعوة بكونه متبعا لشيخ ولا بالتفاخر بطول مدة متابعته ولا حتى بالحصول على رضاه يوما ما فكل هذه لا تختلف كثيرا عن علاقتنا مع والدينا وأساتذتنا ومعلمينا فهي لا تغني علينا من الله شيئا. إذا لم تكن محبتنا للشيخ دائمة واعتقاد بأنه مشرفا ومطلعا على أحوالنا دائم الأبد ثم إذا دخلنا تحت رعايته وتربيته يكون هذا الدخول مؤبدا فلا تفكّه منه أي قوة لأن طريق الله صعب ومحتوى على مهالك جمة ولذا قال: (يصحب شيخا عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك) وبقوله يصحب لا بمعنى الملازمة ببدنه فكم من مريد أو قريب كان يصبح معه ويُمس وما نال من هذه الصحبة الجسدية شيئا ولكن الصحبة المعنية هي الصحبة القلبية بأن يكون شيخه في باله دائما في أي خاطر يخطر له في قلبه يعرضه عليه فان وجده يقبله فاليمضه وإلا فليرفض هذا الخاطر في الحين وهكذا يصبح المريد ملقيا بقيادة لشيخه على مدى حياته ولا يخالفه في قول أو في عمل او في حال وهذه هي الصحبة المطلوبة وهذا ما يقع به الوصل بدون فصل ولكل مريد ما يريد (لقد نلت منا بقدر رغبتك فينا) (فحَبّه الإلهُ واصطفاه) لحضرة القدوس واجتباه) وأول منزل للمريد في الصحبة بالأدب ولا تُسلك الطريق إلا بالآداب والآداب أساس الطريق والذكر يثبته والتقوى فراش الذكر ومن لم يلازم الأدب أسرع إليه العطب فالصوفية يُعرفون بالأدب ولا يتميّزون إلاّ به وبه يحصل أدب الباطن الذي نسميه التعظيم وبه تنتج المحبة فمن الأدب الإنفاق لأنه ثبت عند الجميع أن خطيب الزواج لا بد له أن ينهج منهج الإنفاق وإذا كان هذا خاطب المرأة فما بالك بخاطب حسن الحضرة قال صلى الله عليه وسلم توادّ تحابّو فمدد الشيخ جارٍ والتعرض إليه يكون بالود. ومن هنا وصل من وصل وانفصل من انفصل. ثم بعد الاتصاف بالأدب والإنفاق عليك بمتابعة الشيخ في القول والفعل والحال وبتعظيمه وحبه يرسب العلم اللدني في القلب ويتصف المريد بمحاربة نفسه ومعصية هواها أينما وُجد لكي لا يحجبه عن نور الله المتجلي في شيخه وكلما أحبه أشرقت عليه أنوار حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان اتسعت هذه الرؤيا ظهرت له في جميع خلق الله (ظهرت بالألوان لا تحصى بالتعداد – وكلّ لون كان كامل الاستعداد) وعلى المريد في بدايته أن لا يؤول كلام شيخه بمفهومه الخاص فيحمله على غير ما أريد بالمذاكرة فيتغير معناها وتطمس أنوارها فيتغير سيره من حيث لا يدري قال تعالى: "سأريكم آياتي فلا تستعجلون" وعليه أن يضع علمه وراءه ولو كان عالما بعلم الظاهر كالذين يحكمون على الذاكرين بالعمارة أنهم يحرّفون اسم الله بل يجب عليه السكوت ولا يتكلم حتى يفتح الله تعالى عليه وان اتبعتني فلا تسألني عن شيء (ولازم الصّمتَ إلاّ إن سئلت فقل لا أعلم عندي وكن بالجهل مستترا).وليستحضر دائما مذاكرات شيخه أمام عينيه حتى يحصل له الحضور مع الله تعالى حينئذ لا يغيب عنه شيء لأنه صار ينظر بقلبه يقول الله سبحانه وتعالى (وتَحْسِبهم أيْقاظا وهم رقود) أي تحسبهم ينظرون إلى هذا الوجود بالعينين وهم عن هذا الوجود لوجودهم به.(فوجودنا وجودك وشهودنا شهودك). وبهذا التحول تحصل مشاهدة الحق في كل شيء فيشهده في كل شيء يقول الله سبحانه وتعالى: "أن يعلَمِ الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أُخذ منكم" ومن آداب طريق التصوف أن لا يرى الفقير نفسه أهلا للتقديم على أحد من المسلمين فضلا عن أوليائه تعالى. ومن الآداب أن يزن كل شيء بميزان الشرع ثم يُرجع الأمر إلى قلبه ويستفته فان كانت شمسُ الأنوار طلعت عليه فليمض ما أمره بقلبه وان لم يزل في قيد الحجاب فليرجع ذلك الخاطر ولا يُمضه وقد يكون الشيخ يأذن للمريد في بعض الأشياء ليختبره فيها من حيث لا يشعر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [مافاتكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام ولكن بشيء وقر في صدره] وهذا الشيء يكمن في مراقبته لله تعالى بقلبه وبان رسول الله وهو سر النقطة.كإذنه لك بالأكل معه ليختبر مقامك في الحياء من الله تعالى لان من حصل له الحياء من الله تعالى يستحي أن يفتح فمه أمام شيخه سواء بالكلام أو بالأكل فان كان لك منه حياء برهنت على أنك تستحق الدخول لحضرة الله تعالى وان لم تستح مُنعت من دخول حضرة الله (فإذا حضر الأدبُ حضرتِ الطريق وان غاب الأدب فلا أدب ولا طريق) ولا يكون الفقير فقيرا حتى يكون كاملا ذاتا وصفة فان لم يكن كذلك بطل فقْره عند المحقّقين وإياك والتصنع والتزين باللباس والهيئة فقط وإنما اقتدائك به في الزي والقول والعمل والحال ومن علامات قبولك عند الله تعالى قبول عباد الله لك ورضاهم عنك هو دليل رضا الله تعالى وحاصل الأمر أن الفقير الذي يطلب علو الحال فليطلبه بالتذلل لأهل الوصال وبمحاربة النفس الأمارة بالسوء فالمعرفة أولها صبر ومجاهدة وحب ومكابدة ثم غيب ومشاهدة فاحرص على حسن البداية لتحصل على الغاية في النهاية. وعلى الفقير أن يعلم أنه نقطة من بحر علم شيخه وحاله فكيف يمكن له أن يظهر شيئا من ذلك فليذكر نفسه بحاله قبل أخذه الطريق وليذكر أن شيخه هو سبب فتحه والكشف عن قلبه حجاب الغفلة فتعلم ما لم يعلم من قبل وليذكر أن قول سيد الأدباء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما قيل له (اقرأ) بماذا أجاب (ما أنا بقارئ) لأنه أدّبه ربّه فأحسن تأديبه فمعنى (ما أنا بقارئ إنما القارئ هو أنت يا ربي) وكان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم (أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك) أي أعوذ بذاتك مما سواها فهذا ما يدعونا إليه شيخنا رضي الله عنه.


ونهجُ سبيلي واضحٌ لمن اهتدى ولكنها الأهْواءُ عمّتْ فاغوتوعادي دواعي القيلِ والقالِ وانْجو منْ عوادي دعاوي صِدْقُها قصْدُ سُمْعةِ


وشيخنا يدعونا للقيام بحدود الله سبحانه وتعالى وبالقيام بحقوق الربوبية وذلك بالاستغراق بصفاتنا والتحقق بها من (فقر وعجز وجهل وذل) وبقدر ذلك نكون قد عظّمنا ربّنا وبقدر تعظيمنا يُمكننا من معرفة ذاته السّنيّة وبذلك تتنور القلوب قيل إن الله تعالى خلق ملكا ينادي (يا ابن آدم يا مسكينا كنت في العدم مفقودا فمن ذا الذي صيرك نسخة الوجود إلاّ الكريم الودود من ذا الذي أبرزك من عالم الغيب لعالم الشهود من الذي استنقذك من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ومن ذا الذي تكفّل بشؤونك إلاّ الكريم المنان. فكن مطيعا لله تعالى تكن عبده حقا ولا تطع نفسك وهواك فتكون لهما رِقَّا) وسال سيدنا عبد السلام بن مشيش رضي الله تعالى عنه تلميذه سيدنا الإمام أبو الحسن بِمَ تلقى الله تعالى قال: بفقري.


فأجابه : والله لئن لقيت الله تعالى بفقرك لتلقاك بالصّنم الأعظم (هلاّ لَقِيتَه به).


فدله إلى مقام الفنا عن الفعل والوصف ودله على الفنا في الذات العلية وهذا ما يدلنا عليه إمامنا وطبيب أرواحنا سيدنا الشيخ إسماعيل قدس الله سره بقوله في مرآة الذاكرين في مناجاة رب العالمين (فأراها منك واليك وأكون فيها داعيا بك إليك) ألا ترى أن هذا القول نابع من مشكاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بك منك) وهكذا العارفون لما تحققوا من اختلاف آثار قدرة الله تعالى وتنوّع مظاهر الحكمة الالاهية وسرعة تحول المقادير في تبديل أحوال الخلق بسرعة مذهلة من معصية إلى توبة ومن كفر إلى إيمان وكذلك العكس ومن فقر إلى غنى ومن صحة إلى مرض ومن حياة إلى موت لهذا لا يسكنوا إلى عطاء ولم ييأسوا في بلاء بل سكناهم إلى من بيده المَنْحُ والعطاء فكان بذلك دوام اضطرارهم لمولاهم الكريم وحده لأنهم يعلمون أن حكم الله نافذ كلمح البصر أو هو اقرب ومشيئته قاهرة لا يصرفها عن نفاذ مراده صارف ولا تردها هِمّة وليّ ولا عارف ففي لحظة يقرّب البعيد ويبعد القريب ويعز الذليل ويذل العزيز ويقبض المبسوط ويميت الحي ويحي الميت فمن أين لعبد ثبوت حال أو مقال وهو عين المقال في الحال. (كن فيكون). فعلينا باستماع ما قاله مولانا الإمام وإتباع توصياته الغالية ونسكن فيها سكنى ولا نضيع أوقاتنا الغالية في غير ذكر الله تعالى ولا نستمع إلى من ينعق بما لا يسمع) فمن لم ينفعه شيخه لا ينفعه غيره ولنعلم أن الغاية من الطريق هي العبادة على طريق الشهود فبه تبصر أن الفاعل الحقيقي وهو الله وإنما العبد مَحَلٌّ لظهور التجليّات وهذا مصداق ما قاله سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه. "ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله" لأنه يرى انفعال إلا أكوان عن الحق وحده. فحتى سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ما جعله شيخنا رضي الله عنه مقام كمال المعرفة للمريد فمتى كمل سير المريد وتحقق بهذا المقام صار يرى شيخه محل لجريان الأقدار وإن المعارف والإمدادات من الله تعالى وحده إنما شيخه مجرى الإمدادات ولهذا لا يتأثر بانتقال شيخه إلى دار البقاء فالمدد جاري من الله على يد شيخه سواءا أكان حاضرا أو غائبا وبدليل أنه يسيّر المريدين على بعد المسافات دون أن يلتقوا به بالحس ثم بعدما استعرضنا البعض من (غاية الطريق) لنستعرض الآن ثمن هذه الغاية لمن أراد الوصول إلى حضرة القدس والتمتع بلذة الانس. وقد تشعّبت الطرق في هذا الزمان وظن الناس أن الطريق بالأقوال وكيف يكون الوصول بالأقوال دون الأفعال وحديث (إن من البيان لسحرا) يدلنا على أن نحذر من أقوال المتبجحين بلقْلقة اللسان فيسحرون به بعض الناس بأنه غوث وقطب وبأنّه يوصل الفقير ويجعله نجما لا يُدرَك فينجذب إليه البعض في حين أن هذا قاطع لطريق الله على الراغبين في السير على منوالها فهؤلاء يحبون المال حبا جما ويحبّون الجاه عند الناس والرفعة والسمعة فهذه كلها سموها فتاكة به وبمن يتبعه وإذا أردت امتحان هؤلاء فتظاهر بالفقر ولو كنت من ذوي الغناء فسوف يعرضون عنك ولا يرغبون في قبولك من أتباعهم أما شيخنا قدس الله روحه كان على مدى مسيرته لا ينظر إلى الفقير بنظرة ميزانه بالمال أو بوظيفته وإنما ينظر إليه بنظرة حاله مع ربه فان وجده لائق بالسلوك اشترط عليه أولا القيام بواجبات الطريق التي هي التقوى والسمع والطاعة والإنفاق وأن يكون متّبعا لأركان الطريق التي هي الصدق والتصديق والمحبة وان يكثر من ذكر الله تعالى عملا بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) وبساط الذكر التقوى ومخافة الله تعالى في السر والإعلان وفي الخلا والملا.وبأمره بمحبة الإخوان أولا


(محبة الإخوان شرط لازم تعظيمهم تزكو به المكارم)


ثم بمحبة شيخه ومن علاماتها أن يحب بحبه ويكره بكرهه ويفرح بفرحه ويحزن بحزنه إذ كيف يسير إلى معرفة الله تعالى من يحب ما أبغضه شيخه أو يبغض ما أحبه بل يكون قلبه على قلب شيخه فهو علامة محبة المريد الصادق واللبيب الحاذق وبصحبة أهل القلوب لائق وللقاء الله تعالى شائق.ومن آداب المريد مع شيخه عدم إظهار العلم أمامه كذلك كل ما من شأنه أن يظهر خصوصية ويروض نفسه بإلزامها الصمت (فان اتبعتني فلا تسألني عن شيء).


ومن الأدب عدم الالتفات إلى غير شيخه وعقد نيته على النفع من الله على يد شيخه فقط.ويكون طلب المريد من شيخه أن يذكره الله وينسيه نفسه ويزهده في الدنيا ويرغبه فيما عند الله تعالى ويعرفه حقيقة ما خلق لأجله ويقهره على الشهوات بمذاكراته وبهمته ويمنع عنه الدعوى ويصلح حاله مع الله تعالى ومع عباده وأن يكون مطلبه الوحيد قرب الله تعالى ولقائه على أحسن حال فيكون حال هذا المريد وشرفه انه أصبح ممن يصدق فيه الحديث القدسي (أنا جليس من ذكرني) (وأنا معه حين يذكرني) ويكفيه من شيخه أنه كان ضالا عن الطريق الحق فأرشده إليها وكان لا يتعظ بموعظة فوعظه فاتعظ ومن آداب المريد مع شيخه محبته ولا يكتمها ويكون إظهار ذلك بالخدمة والتعظيم والتحدث باللسان فالتمسك بالمحبة لا تفوته فائدة من الخير أبدا (صاحب المحبة ما خلّى حتى حبة) وصاحب المحبة طائر وتبدأ المحبة بالإخوان والتعظيم لأنه في بدايته لا يصل إلى محبة الشيخ لأنها كبيرة عنه إلا على أهل الصدق فأقواله شهاب الحضرة تحرق النفوس البعيدة المدنسة بالشهوات ولأن النفس لا يمكن أن تندرس وتضعف إلا بمذاكرة الإخوان أولا إلى أن تطبق التحمل لقوال الشيخ فإذا خمدت بأقواله عادت تحمل أثقالا لأحواله فإذا خمدت بأحواله حصل لها التمكين في الاخلاص لله تعالى والداخلون على المشائخ أصناف منهم من دخل بالنية والصدق – ومنهم من دخل بالنية دون الصدق – ومنهم من دخل بغير نية ولا صدق فصاحب الدخول بالنية وبالصدق يكون فتحه بمجرد وصوله إلى شيخ التربية أما صاحب النية فقط فيكون فتحه بعد مدة من تربيته تحت نظر الشيخ أما من لم يكن له نية ولا صدق فهو من المتخلقين حتى بإذن الله تعالى له فقد يصحب المريد الشيخ الثلاثين والأربعين سنة ولا يكمل صدقه لأن الصدق أمر عظيم من كمل صدقه كملت ولايته ومن علامات كمال الصدق أن لا يشير شيخه بشيء إلا عمل به ولو كانت الإشارة على طريق المزاح ولا يفعل شيء إلا بإذنه والداخل للطريق بغير نية في شيخه فهو منافق ويصعب على الشيخ معالجته ويصبح متصف بالهزل والمزاح وعدم ملازمة الشريعة قولا وفعلا (إنما الأعمال بالنيات) والسير في طريق الله كله على متن النفس لا غيرها فهي باخسة للعبد متى أراد إصلاح أمرها وانتسب إلى شيخ التربية تأتي بسوء الظن فيه وفي الطريق فإذا عصاها صاحبها وألزمها إتباع الشيخ تلون السير معه بحجاب محبته فلا يدخل باب محبة الشيخ وهنا يجب على المريد المصارحة في إظهار عدم محبته لشيخه واستعصاء نفسه في الحصول عليها لأن في إظهار هذا المرض إعانة على دفع الظنون والشكوك والأوهام وهذه كلها من جنود النفس الأمارة بالسوء التي تحفز صاحبها وتهيئه وتذله إذا علمتْ منه الرغبة في الصدق والمحبة في طلب الله تعالى وتحدثه نفسه بأحاديث الغفلة بأنك لا خير فيك ولا نية ولا صدق لك ولا محبة ومرادها كسر ظهره بثقل ما تحمله لكي يسمح لها في الانفلات والرجوع إلى خلطة من يَسْوى ومن لا يَسْوى لتحاول قتل صاحبها لمّا نوى قتلها فإذا علمت هذا منها فعاقبها بكثرة الذكر والتوجه إلى الله والسهر في طاعة الله وتذيقها منازلات الجلال حتى تستنشق رائحة الصبر عند نزول المصائب ورائحة الحلم عند وجود الغيض ورائحة الكرم عند وجود البخل ورائحة البسط عند وجود القبض ورائحة الضعف عند وجود القوة ورائحة العز عند وجود الذل ودائما سلاحه هو الإكثار من ذكر الله تعالى بلا هوادة فإذا أصبحت زكية فزكّها قال تعالى: " قد أفلح من زكاها " ولا تظلمها بعد كمالها فالأمارة سميت كذلك لاتصافها بأوصاف الحق أما إذا صارت متحققة بأوصافها التي هي الفقر والذل والعجز والجهل وتحققت وشهدت بان الشريعة حق والحقيقة حق وقامت بإحكام هذه وهذه عادت راضية مرضية وصار صاحبها كاملا.ومجمل الأمران المريد مطالب بان لا يحل عقدة الرياضة ما دام في هذه الدار ويجب على صاحب الرياضة أن يتحرز من مجالسة الضعفاء غاية التحرز وهم ضعفاء اليقين لأن القرب منهم يضعّف يقينه والعبد المراقب لله تعالى كالأسد لا يأوي إلى الفيافي (المرء على دين خليله) ولا يجلس المريد في مكان يفقد فيه قلبه فمن طلب اليقظة والحضور وجلس في مواضع الغفلة فقد طلب المحال وأكبر علة هي حب الرئاسة والجاه والرفعة وحب الثناء من الخلق فمن يرضى بهذه العلل يموت قلبه فمن كان يريد تنوير قلبه والقرب من ربه فليراقب مولاه تعالى ويخافه ويخاف هيبته وسطوته لتضعف بذلك حججه ويقرب من ربّه وعجيبٌ من الإنسان أن يدّعي الحقيقة مع حياته بنفسه ويطلب الحضور مع ربه وهو حاضر مع غيره ويطلب حضور الله تعالى معه وهو لم يحضر مع الله في كل نفس ولحظة (لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمْعهُ الذي يسمع به وبَصَرهُ الذي يبصر به) يقول تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" كل من هو أحسن منك حالا – لا مقالا – فهو من أهل الذكر وإذا أردنا أن نصون الطريق من الآفات علينا بالرجوع للرياضة ومجاهدة النفوس فنحن كلنا مطالبون بالرياضة من سائرين وواصلين أتُرى العسكريين يتركون التدريب ويخلدون إلى الراحة أم أنهم يتدربون في كامل الأوقات وبذلك يتم لنا ملازمة معرفة مقام ربنا سبحانه وتعالى فالعارف يخاف من الخروج عن وصفه فيموت يعني تموت معرفته كما يخاف الحوت من خروجه من الماء ويطالب نفسه دائما بالاعتصام بمقام المسكنة والفقر والأدب مع سائر التجليات.يقول الإمام ابن عطاء الله رضي الله عنه (العارف لا يزول اضطرارُه ولا يكون مع غير الله قرارُه. ولا يتأتى مقام المعرفة إلا عن طريق شيخ تربية مأذون له من طرف شيخه في نشر الطريق) لقوله تعالى: "واتبع سبيل من أناب إلي" ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر أصحابه بتجديد البيْعة وكان يربّيهم فيُعطي كلاًّ ما يليق به فقد أوصى واحدا بقوله لا تغضب وقال لغيره (قل ربّي الله استقم) رواه مسلم وحديث سَلَمة قال ناداني رسول الله للمبايعة فبايعته أول الناس قال وأيضا ثم بايع فإذا كان في آخر الناس قال (إلا ما بايعتني يا سَلَمة قال قلت قد بايعتك يا رسول الله أول الناس وفي وسط الناس قال (وأيْضا) قال فبايعته الثالثة ومبايعته له كان قصده للتأكيد وتبعه صلى الله عليه وسلم مشائخ التربية بأخذ العهد على المريدين فيدعونهم إلى تقوى الله تعالى بالوعظ والتذكير وإلزامهم على التوبة والتقوى والاستقامة ومجاهدة النفس والتحلي بمقامات اليقين بعد التخلي عن كل رعونات النفس وإتباع الشياطين إلا أن كثيرا ممن غرهم الشيطان والنفس بأنهم صاروا عارفين كمل وأقطاب وأعوان فادّعوا مقام المشيخة فضلّوا على الصراط المستقيم وأضلوا الناس وقالوا بأنهم يروا رجال الغيب كالملائكة وسيدنا الخضر عليه السلام فيكذبون على الناس بأمور كذبا صُراحا ويلبّسون عليهم بخيال شيطاني فهلكوا وأهلكوا ومن شدة دهائهم فطموا أتباعهم عن العلم ويرغّبون اتباعهم في السعي وراء حُطام الدنيا ولو كان على طريق المحذور ويلعنون من ينكر عليهم هم وأبنائهم ولا يعلم من أحكام وضوئه وصلاته ولا يرجع إلى الله في شيء ورحم الله الإمام القشيري الذي يقول [ذهب الإيمان من أربعة لا يعلمون بما يعلمون ويعملون بما لا يعلمون ولا يتعلمون ما لا يعلمون ويمنعون الناس من العلم] فإذا اتّبعت أحوال هؤلاء المدّعين وأتباعهم لم تجد عندهم نفحة من فتح ولا نور ولا حقيقة ولا علم ولا ذوق ولا فهم على الله تعالى وصارت دعوة هؤلاء المتمشيخة بالحرص على الاستتباع بكل وسائل الدعاية حتى انجر بهم الأمر إلى أن صاروا يبعثون بأتباعهم في البلاد ليدعون الناس لإتّباعهم.ويُراودونهم بإعطائهم الدراهم وقهرهم في حالة استجلابهم بكل قوة مُتاحة ليكثروا السواد وليقولوا للناس انظروا إلى كثرة أتباعنا أفلا يدلكم ذلك على أننا على حق وهذه كلها من أصول الجهل وقواعد الضلال وكل من اعتقد في جَهَلة المدّعين أنهم على حق فقد نسب أشياخ الطريق الحقيقيين القدامى إلى الجهل أما من اتبع شيخا غوثا فليتبعه بصدق ومحبة لأنه دليله غلى الله ومن لوازم المحبة الطاعة.ومحكّ الصدق في محبة الشيخ أن لا يصرفهُ عنه صارف ولا ترده السيوف ولا المتالف ومن أراد تزكية إرادته فعليه بالمجاهدة ولا يأكل إلا عند الجوع ولا ينام إلا غَلَبَهُ ولا يتكلم إلا عند الضرورة الشرعية وأركان الطريق (الجوع والعزلة والسهر والصمت).


بيت الولاية قُسّمت أركانُه ساداتنا فيه من الأَبْدالما بين صِمتٍ واعتزال دائما والجوع والسّهر النزيه الغالي


وما يجب على المريد ملازمته لشيخه وليحرص على أن يكون بصره عليه فذلك باب وقد اتّفق شيوخ على أن دواء القلب في [الذكر فهو أسرع الأدوية لِعلاج القلوب] ثم حضور الاجتماع في الزاوية بدون انقطاع ولو على واحد فقد قال سيدنا الشيخ المريد الذي يغيب عن حضور اللقاءات لا تحتتي نفسي عليه بخير وبعد ملازمة الذكر والانقطاع إليه انقطاعا كلّيا يتحمل جفاء الإخوان وأذاهم ويكفّ إذاه عنهم لترويض نفسه بذلك حتى تنقطع عليه العزّة بنفسه والفقير الصادق لا يكون له نفس ولا يوافقها في حظوظها والمريد الخائن هو من تهاون بحضور مجالس الذكر كسلا أوْ لهوا بحديث الدنيا فلا بد أن يكشف الله تعالى عيوبه على لسانه ويطلق لسانه في أحد من أهل الله عز وجلّ فيبتليه الله تعالى وأن يُصفّي لقمته والتحري من الشبهات والإكسير الذي يقلب عين طينة العبد ذهبا خالصا هو الإكثار من ذكر الله تعالى مع الإخلاص ومجمل القول أن محبة الشيخ هي أصل الاجتباء والاصطفاء فمن لم يبالغ في محبة شيخه بحيث يؤثره على جميع شهواته لا يفلح في طريق الله لأن محبة الشيخ مرتبة إدمان يترقى المريد منها إلى مرتبة محبة الله تعالى ومن لم يحب الواسطة التي بينه وبين ربه من شيخه ورسول الله صلى الله عليه وسلم فهو منافق والمنافق في الدرك الأسفل من النار وحقيقة محبة الشيخ أن يحب الأشياء من أجله ويكرهها من أجله (هل واليْتَ لي وليّا أو عاديت فيَّ عدوا ما حرمة الشيخ إلا حُرمةَ الله فقم بها أدبا بالله فهم نوّاب الإرسال في العالمين وهم ورَثَة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهم حفظ الشريعة في العموم ولهم حفظ القلوب من الميل إلى غير مرضات الله تعالى وهم بوّابون لحضرة الله ومن صَحِبَ شيخا ثم اعترض عليه فقد نقض عهد الصحبة ووجب عليه تجديد العهد وقد قالوا عقوق الشيخ ليس منه توبة ويستجلب مقت الله سبحانه وتعالى وكان الإمام القشيبري رضي الله تعالى عنه يقول يجب على المريد أن يصحح عهده بينه وبين الله تعالى أن لا يخالف شيخه في كل ما يشير به عليه وكان الإمام خليل المالكي صاحب المختصر رضي الله عن فتح الله عليه بسبب نزحه) سرب بيت شيخه عبد الله المنوفي رضي الله تعالى عنهم أجمعين حينما سمِع بأنّ شيخه ذهب لاستحضار [القنواتية] فأتى بالفأس والزنبيل من الليل وصار ينزح إلى الظهر فما رجع شيخه حتى نزحت القنوات فدعى له فصار علماء المالكية يرجعون إليه في جل مشاكل الشريعة ويقول أيضا إذا صدق المريد مع شيخه ونادى شيخه من مسيرة ألف عام أجابه حيّا كان أو ميتا. ويقول الإمام علي بن وفي رضي الله تعالى عنه المريد الصادق عَرشُ الاستواء رحمانية شيخه عليه وكلّ مريد التفت إلى شيخ آخر فهو دليل على فساد ابتداء الصحبة مع شيخه بل يجب عليه أن يرى روحانية شيخه متصلة به لا ينحجب عنه شيخه لاتصال روحه به.يقول الإمام أبو عبد الله القرشي رضي الله تعالى عنه (إنما يفهم عنك من أشرق فيه ما أشرق فيك).يقول الإمام الهبطي رضي الله تعالى عنه في وجوب إتباع شيخ التربية:إن أقل ما يستفيد التابع من الشيخ هو معرفة الحق من الباطل ويالها من رتبة عالية لمن رُزِقَها يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه الإمام مسلم في صحيحه في باب فضل مجالس الذكر (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم) ولا يشقى إلا إذا كان كافرا بهم لأن الفجار والمنافقون كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تزيدهم معيّنة إلاّ بعدا أو طردا وأما من ىمن به وصدقه لا يشقى وإن لم يره (كصهيب) فالإيمان الحقيقي هو الرؤية الحقيقية التي هي المنبنية عن الإتباع (قل إن كنتم تحبون الله تعالى فاتّبعوني يحببكم الله) ومن حكمته تعالى ومن تمام حججه على عباده تجديد الخلافة على رأس كل قرن برجل كامل وغوث صالح ليجدد أمر الدين في أذهان الخلق وقلوب الأمة بعد بعدها عن تعاليم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم امتدادا من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلق لله ولماذا كان عصرنا ووقتنا الحاضر أشد صعوبة من القرون الفارطة وذلك لأن النفوس كانت في السابق أشد شوقا إلى الروحانية وعندما وجدت الروح شرابها الصافي النابع من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم انكبت عليه بلا هوادة وباعت النفوس والأموال والأهل كما سمعوا نداء الحق (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم أموالهم بأن لهم الجنة) أما اليوم فترى المسلم يصلي ويصوم ويزكي ويحج وليس له قلب يعني فيما يفعله فليس له نية ولا حضور وقلب مع اله تعالى وذلك لفساد القلوب يقول تعال: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" ومن هذه الأقفال حب الدنيا والميل إلى شهوات النفوس وهو ما زرع في القلوب الوهم والوهن. وحتى العبّاد والزهّاد لعِبت الآن بهم أنفسهم لعدم معرفتهم لها فمن لم يعرف النفس لا يتأتى له معرفة الله تعالى والذي لا يعرف ربه كيف يمكن أن يعرف عَقَبة الناس فيستريح من عقبة الناس وأكبر حجاب هو حجاب البشرية (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) وبهذا الحجاب حُرموا من الإخلاص في العبادة ولماذا أنكر الناس عامة وخاصة العلماء منهم لأنهم حُجبوا بغطاء البشرية عن سر الخصوصية التي أعطاها اله تعالى للخاصة من المشايخ وهي التي ألبستهم صفات الحق سبحانه وهم متشبثون بالمظاهر وحقيقة مشائخ الطريق باطنة لا يراها إلا من هداه الله تعالى إليهم ولأن علماء الظاهر يحكمون على الشيخ بأفعال وأقوال وأحوال أتباعه ويقولون لو كان له سر لظهر على مريديه. وبما أن الغاية من الطريق مجهولة وهذه كلها أمور ينكرونها وينكرون على من مارسها فيفروا بأنفسهم لأن من طبيعة النفوس إذا جهلت شيئا عادته أما من سمِع بقلبه قوله تعالى (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلمناه من لدننا علما) فمن سمِع هذا بقلب حاضر مع الله تعالى كيف تعز نفسه وقد سلمها قلبه الكبير وأعلى أحوال العبد هو شعوره بالنقص يقول شيخنا رضي الله عنه (عليه نصّي راجيا إتمام نقصي) وهذا ما جعل الكليم يقول (لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حُقبا) أما من يرى نفسه شامخة عالمة قادرة قوية عتية فهذه ترّهات تركت العباد عبيد عند أنفسهم وما يشعرون يقول الله سبحانه وتعالى (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تبصرون).فلو علم العبد هذا التهديد الإلهي لما عزّت عنه نفسه ليبيعها فإذا رجع العبد إلى ربه بكثرة تفقد خطاياه وذنوبه ووجد حاله لا يليق بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحضرة الله تعالى أسلم نفسه لمن يتولاها بالتربية ولَقابله نَقْصَه فوضع يده في يد شيخه للوصول بها للحضرة الالاهية فكما أن النفس يخيفها نار العذاب فكذلك يكون رجوعها بخوفها من نار الحجاب.ويصبح صاحب النفس الزكية في حالة صلاة روحاني فكما أن الصلاة واجبة على كل مكلف بل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروهم بها لسبع واضربوهم لعشر وما ثمة عبادة أمر بها الشرع دون سن التكليف إلاّ الصلاة لوجوب اتصال العبد بمولاه ومناجاته في حالة الصلاة فكذلك صلاة الأرواح واجبة وجوبا عينيّا على كل مكلف بالغ فصلاة القلوب أهم من صلاة الأشباح وصلاة القلوب لا تتأتى إلا برياضة النفس ونقلتها من مقام أمّرة بالسوء وهي التي تأمر صاحبها بارتكاب المعاصي والفواحش وإتباع هواها وهي التي تأمر صاحبها بإدعاء صفات الله عز وجل كالعلم والغنى والعز والقوة والكبرياء وتنهى صاحبها عن الاتصاف بأوصاف العبودية التي هي العجز والذل والفقر والجهل فمن أراد العبودية عليه بتحويل هذه النفس من أمارة إلى نفس لوامة وأن يسلك بها مسالك المجاهدات والرياضات مدة طويلة على قدر مدة ترويضها فيقطع عليها عوائد النوم وكثرة الأكل ويجبرها على الذكر والانقطاع إليه قال تعالى (وإن تعدل كل العدل لا يؤخذ منها) ما دامت تأمر بالسوء فإذا قطع بها هذه المرحلة حتى تُشرق أنوار القلب بهداية الله سبحانه وتعالى فتصبح مطمئنة وهي التي اطمأنت ثم لشهود الحق جل وعلا وبعد اطمئنانها بأوصافها وتسكن سكنى لا خروج منها فإذا تحققت بالشريعة حقا وشهدت الحقيقة حق وقامت بأوامر الشرع وتحقق الحق صارت نفس راضية مرضية تدخل لعالم الملكوت بالله تعالى ثم بعد معرفة الله تعالى (فالمرء على دين خليله ولينظر أحدكم من يخالل) فإياك يا مريد الله من الجلوس بمكان تفقد فيه قلبك (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم) واعلم يا سيدي المريد أن كمال حقيقتك أن تشهد الحق وجودك بل ليس لك وجود فوجودنا وجودك وشهودنا شهودك
ابو سيف
ابو سيف

ذكر عدد الرسائل : 36
العمر : 85
تاريخ التسجيل : 23/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty رد: الاحسان ممارسة لا دراسة

مُساهمة من طرف almounadhel الخميس 23 أغسطس 2012 - 4:24

بارك الله فيك .
لمثل هذا ينشرح الصدر وتخمد النفس وتحصل السكينة بخلاف ما أشرتم له من انزلاق بعض الإخوة راجع الله بنا وبهم عوّلوا على التراكيب اللفظية وركبوا سفينة الوهم باعتمادهم على شقشقة اللسان ولو أنهم كانوا أصحاب بصائر متنورة لما غاب عنهم أنهم يسعون لبلوغ مقامات الرجال بما يكون سببا لبعدهم ونفّروا من يتابع تخريفهم نور الله بصائرنا وهدانا لما ينفعنا ونفعنا بما علمنا
almounadhel
almounadhel

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 104
تاريخ التسجيل : 15/03/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty رد: الاحسان ممارسة لا دراسة

مُساهمة من طرف فراج يعقوب الأحد 26 أغسطس 2012 - 10:37

جزاك الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
فراج يعقوب
فراج يعقوب

ذكر عدد الرسائل : 184
العمر : 65
تاريخ التسجيل : 22/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty شكرا واعتبار

مُساهمة من طرف ابو اسامة الثلاثاء 28 أغسطس 2012 - 10:38

بسم الله والحمد لله
والصّلاة والسّلام على رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم

شكرا لكم سيّدي المقدّم المبرور وتحيّة من الأعماق بالفعل أثلجتَ صدورنا ونوّرتَ لنا البصائر لما قدّمتموه لنام من معالم ربّانيّة ومعارف إحسانيّة وإستفادة معنويّة وذالك ما عهدناه فيكم من الصّدق والوفاء وإلاخلاص والتّفاني في خدمة التّصوف قولا وعملا وحالا ونتمنّى أن تنسج الأفراد المنتسبة للطّريق وبالأحرى الصّوفيّة على هذا المنوال ويواصلوا المسيرة التّي رسمها المرشد للطريق ويأخذوا بزمام الأمور بكلّ إهتمام وجديّة ونستفيق جميعنا من سباتنا الذي كاد يُهلكنا ويدمّر كيان السّير بصفة عامّة
أسعد الله أوقاتكم و نوّر دربكم ودمتم في حفظ الله تعالى ورعايته
والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مع تحيّات أبـــــــــو أسامــــــــة
ابو اسامة
ابو اسامة

ذكر عدد الرسائل : 527
العمر : 74
الموقع : الرّديف
العمل/الترفيه : متقاعد cpg
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty الاحسان ممارسة لا دراسة

مُساهمة من طرف ابو ضياء الأحد 2 سبتمبر 2012 - 18:14

بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم سيدى المقدم محمد بن عمر على هذا الطرح الرائع لمقام الاحسان وانى استسمحكم لاعقب على هذا الموضوع بقصيدة غاب عنى اسم ناظمها فاستسمحه هو ايضا

ليس التصوف رقص الراقصين *** ولا طبل وزمر وتسخاب وتهييج
ولا هو الذكر بالالفاظ ساذجة *** محرفات ولا صعق وتشنيج
ولا مواكب رايات ملونة *** فيها لما يغضب الديان ترويج
ولا هو العمة الكبرى ولا سبح *** حول الرقاب ولا جمع مفاريج
ولا مظاهر اثام الموالد *** او تكاثر برجال خيرهم عوج
ولا التعطل او دعوى الولاية *** او صنع الخوارق او كذب وتدبيج
ولا وشاح وعكاز ولا نسب الى *** النبي من البهتان منسوج
وليس بالفلسفات العوج ينقلها *** كالبغبغاوات جهلا قلة هوج
ان التصوف فقه الدين قاطبة *** والفقه بالدين توفيق وتخريج
هو الكتاب وما جاء النبي به *** وكل شىء سوى هذا فمحجوج
ان التصوف حب الله يمنحه *** من قد احب وحب الله تتويج
انما الحب اخلاق ومعرفة *** ذكر وفكر وترويح وتاريج
ان التصوف تحقيق الخلافة *** فى ارض الالاه والا فهو تهريج
ابو ضياء
ابو ضياء

ذكر عدد الرسائل : 205
العمر : 64
الموقع : لى بالحمى قوم عرفت بحبهم
العمل/الترفيه : انا الفقيراليكم والغنى بكم ** فليس لى بعدكم حرص على احد
المزاج : فى سليمى وهواها كم وكم ذابت قلوب
تاريخ التسجيل : 01/09/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty تواجد ومواجيد

مُساهمة من طرف ابو اسامة الخميس 6 يونيو 2013 - 11:11

بسم الله الرحمان الرّحيم
عتاب
يعاتبني فينبسط انقباضي """ وتسكن روعتي عند العتاب
جرى في الهوى مذ كنت طفلا """ فمالي قد كبرت على التصابي
بكيتُ ودمع العين للنفس راحة """ ولكن دمع الشوق ينكى به القلبُ
وذكرى لما ألقاه ليس بنافعي """ ولكنه شيء يهيج به الكرب
فلو قيل لي من أنت قلت معذب """ بنار مواجيد يضرمها العتب
بليت بمن لا أستطيع عتابه """ ويعتبنى حتى يُقال لي الذنب
وكان قلبي خالياً قبل حبكم """ وكان بذكر الخلق يلهو ويمزحُ
فلما دعا قلبي هواك أجابه """ فلستُ أراه عن فنانك يبرحُ
رُميت ببين منك إن كنت كاذباً """ إذا كنت في الدنيا بغيرك أفرح
وإن كان شيءٌ في البلاد بأسرها """ إذا غبت عن عيني بعيني يلمحُ
فإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل """ فلستُ أرى قلبي لغيرك يصلحُ
تركت الفؤادَ عليلاً يعاد """ وشرّدتُ نومى فمالي رقادُ
أفديكَ بل قلّ أن يفديك ذو دنفٍ """ هل في المذلّة للمشتاق من عار
بي منك شوقٌ لو أن الصخر يحمله """ تفطّر الصخر عن مستوقد النار
قد دبّ حبّك في الأعضاء من جسدي """ دبيب لفظى من روحي وإضماري
ولا تنفّست إلا كنت مع نفسي """ وكل جارحة من خاطري جاري
أنت الحبيب الذي لاشك في خلد """ منه فإن فقدتك النفس لم تعش
يا معطشى بوصال أنت واهبه """ هل فيك لي راحة إن صحت واعطشى
شغلت قلبي عن الدنيا ولذتها """ فأنت والقلب شيء غير مفترق
وما تطابقت الأحداق من سنة """ إلا وجدتك بين الجفن والحدق
أنا راض بطول صدك عني """ ليس إلا لأن ذاك هواكا
فامتحن بالجفا صبري على """ الود ودعني معلقا برجاكا
ولو قيل طأ في النار أعلم أنّه """ رضىً لك أو مدن لنا من وصالكا
لقدّمتُ رجلي نحوها فوطئتُها """ سروراً لأني قد خطرتُ ببالكا
أمسى بخدي للدموع رسوم """ أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم
والصبر يحسن في المواطن كلها """ إلا عليك فإنه مذموم
أحلى الهوى أن يطولَ الوجدُ والسقمُ """ وأصدق الحب ما حلتْ به التهمُ
ليتَ الليالي أحلاماً تعودُ لنا """ فربما قد شفي داءَ الهوى الحلمُ
شكرا والسلام
مع تحيّات ابو اســــــــامة

ابو اسامة
ابو اسامة

ذكر عدد الرسائل : 527
العمر : 74
الموقع : الرّديف
العمل/الترفيه : متقاعد cpg
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الاحسان ممارسة لا دراسة  Empty تواجد ومواجيد 2

مُساهمة من طرف ابو اسامة الخميس 6 يونيو 2013 - 11:20


بسم الله الرّحمان الرّحيم
أَبداً بِذكْرِكَ
وهناك أبيات رائعة تعكس مدى ما كان يتمتع به التلمساني من حس شعري، وقدرة على صياغة أفكاره الصوفية بطريقة محكمة، وفي أسلوب عذب، يدخل القلب بلا عناء.

أَبداً بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي """ مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي
يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ """ أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي
وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا """ بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي*
لاَ يَقْدِرُ الحِبُّ أنْ يُخْفِي مَحَاسِنَهُ """ وَإِنَّمَا فِي سَنَاهُ الْحُجْبُ تَحْتَجِبُ
أُعَاهِدُ الرَّاحَ أَنَّى لاَ أُفَارِقُهَا """ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الثَّنَايَا شِبْهُهُا الحَبَبُ
وَأَرْقُبُ البَرْقَ لاَسُقْيَاهُ مِنْ أَربَى """ لَكِنَّهُ مِثْلُ خَدَّيْهِ لَهُ لَهَبُ
يَا سَالِماً فِي الهَوَى مِمَا أُكَابِدُهُ """ رِفْقَاً بِأَحْشَاءِ صَبٍّ شَفَّهَا الوَصَبُ
فَالأَجْرُ يَا أَمَلي إِنْ كُنْتَ تَكْسِبُهُ """ مِنْ كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّاءَ تَكْتَسِبُ
يَا بَدرَ تَمٍّ مُحَاقِي فِي زِيَادَتِهِ """ ما أَنْ تَنْجَلِي عَنْ أُفْقِكَ السُّحُبُ
صَحَا السُّكَارَى وَسُكْرِي فِيكَ دَامَ وَمَا """ لِلسِّكْرِ من سَبَبٌ يُرْوَى ولاَ نَسَبُ
قَدْ أَيَّسَ الصَّبْرَ وَالسِّلْوَانَ أَيْسَرُهُ """ وَعَاقَبَ الصِّبَّ عَنْ آمَالِهِ الوَصَبُ
وَكُلَّمَا لاَحَ يَا دَمْعِي وَمِيضُ سَنىً """ تَهْمِي وَإِنْ هَبَّ يَا قَلْبِي صَباً تَجِبُ
رَوَتْ نَفَحَاتُ الطِّيبِ عَنْ نَسْمِةِ الصِّبَا """ حَدِيثَ غَرَامٍ عَنْ سُوَيْكِنَةِ الخِبَا
وَأَهْدَى النَّسِيمُ الحَاجِريُّ سَلاَمَهَا """ فَيا لُطْفَ مَا أَهْدَى النَّسِيمُ وَمَا حَبَا
أَيَا صَاحِبي مَا لِلْحِمَى فَاحَ نَشْرُهُ """ فَهَلْ سَحَبَتْ لَيْلَى ذِيولاً عَلَى الرُّبَا
فماذا الشَذا إلاَّ وقد زَار طَيْفُهَا """ فأهْلاً بطَيْفٍ زارَ مِنْهَا وَمَرْحَبا
فَيا طِيبَ عَيْشٍ مَرْ لِي بِفِنَائِهَا """ وَلَوْ عَاد يَوْماً كَأنَ عِنْدِي أَطْيَبا
لَيِاليَّ أُنْسٌ كُلُّهَا سَحَرٌ بها """ وَأَيَّامُ وَصْلٍ كُلُّهَا زَمَنُ الصّبا
مُمُنْعَةٌ رَفْعُ الحِجابِ وَضَوْءُهُا """ كَفَاهَا فَمَا نْحتَاجُ أَنْ نَتَنَقَّبا
هِيَ الشَمْسُ إلاَّ أنْ نُورَ جَمَالِهَا """ يُنَزْهُهَا في الحُسْنِ أنْ تَتَحَجْبا
لَئِنْ أَخْلَفَ الوَسْمِيُّ مَا حِلَ تُرْبِهَا """ فقَدْ رَاحَ مِنْ دَمْعِ المُحِبْينَ يَخْصِبَا
وَإنْ تَشَوَّقْتَكُمْ بَعَثْتُ لَكُمْ """ كُتْبَ غَرَامِي وَمِنْكُمُ الكُتُبُ
وَأَشْرَبُ الرَّاح حِينَ أَشْرَبُهَا """ صِرْفاً وَأَصْحُو بِهَا فَمَا السَّبَبُ
خَمْرَتُهَا مِنْ دَمي وَعَاصِرُهَا """ ذَاتي وَمِن أَدْمُعِي لَهَا الحَبَبُ
إنْ كُنْتُ أَصْحُو بِشُرْبِهَا فَلَقَدْ """ عَرْبَدَ قَوْمُ بِهَا وَمَا شَرِبُوا
هِيَ النَّعِيمُ المُقِيمُ في خَلَدِي """ وَإِنْ غَدَتْ في الكُؤوُسِ تَلْتَهِبُ
فَغَنِّ لي إِنْ سَقَيْتَ يَا أَمَلي """ بِاسْمِ التَّي بي عَليَّ تَحْتَجِبُ
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ """ فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
وَقَدْ سَلَبْتِ رُقَادَ النَّاسِ كُلِّهُمُ """ لِذَاكَ جَفْنُكِ كَسْلانٌ مِنْ التّعَبِ
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ """ أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَأ بَارِقُ الشَّنَبِ
وَتِلكَ نَارُكِ بِالجَرْعَاءِ سَاطِعَةٌ """ أَمْ ذَاكَ خَدُّكِ وَهَّاجُ مِنَ اللَّهَبِ
لاَ أَنْقَذَ اللهُ مِنْ نَارِ الجَوَى أَبَداً """ قَلْبي الَّذي عَنْ هَوَاكُمْ غَيْرُ مُنْقَلِبِ
إِنْ عَذَبَتْهُ بِنَارٍ مِنَ مَحَبَّتِهَا """ نُعْمَ فَذَاكَ نَعِيمٌ غَيْرُ مُحْتَجُبِ
منْ رامَ ذِكْرَ سِوَاهَا يَلْتَمِسْ أَحَداً """ غَيْرِي فَذِكْرُ سِوَاهَا لَيْسَ مِنْ أَرَبي
إِنْ حَدَّثَتْهُ الأَمَانِي أَنَّنِي أَبداً """ أَسْلُوا هَوَاهَا فَقَدْ أَصْغَى إِلى الكَذِبِ
يَا حَبَذَا الكاَسُ بِكَفِّ الحَبِيبْ """ أَذَابَت الأَنَوْارَ وَسْطَ اللَّهِيبْ
وحَبَذَا الرَّاحُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ """ تَصْرِفُنِي بِالسُّكْرِ حَتَّى أَغِيبْ
يَا غُصْنَ البَانِ أَدِرْ وَرْدَهُ """ والوَرْدُ في البَانِ لَعَمرِي عَجِيبْ
وَنَاوِلِ الأَقْمَارَ شُهْبَ الدُّجَى """ يَا شمْسُ والأَمْرُ أَيْضاً غَرِيبْ
أَفْدِيكَ مَا فِي صَبْوَتِي رَيْبَةٌ """ وَلاَ لِسُلْوَانِي بِقَلْبِ تَصِيبْ
فَاحْكُمْ بِمَا شئْتَ سِوَى جَفْوَتِي """ فِعْلُ حَبِيبي كُلُّهُ لي حَبِيبْ
لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي فَمَنْ حَبَّ يَصْبُو """ إِنَّمَا يَرْحَمُ المُحِبَّ المُحِبُّ
كَيْفَ لا يُوقِدُ النَّسِيمُ غَرَامِي """ وَلَهُ فِي خِيَامِ لَيْلَى مَهَبُّ
مَا اعْتِذَارِي إِذَا خَبَتْ لِيَ نَارٌ """ وَحَبِيبي أَنْوَارُهُ لَيْسَ تَخْبُو
يَا نَسْمَةَ البَانِ هُبِّي """ عَلَى رُسُومِ المُحِبِّ
وَمَا عَلَيْكِ إِذَا مَا """ وَقَّدْتِ نِيْرَانَ قَلْبي
إنْ تَكْتُمِي سِرَّ لَيْلَى """ فطِيبُهَا عَنْهَا يُبْنِي
أَوْ لاَ فَمَا لَشَذَاهَا """ يُسْبِي العُقُولَ وَيُصْبِي
أهْدَتْ إِليَّ حَدِيثاً """ فَهِمْتَهُ دُونَ صَحْبِي
فَحَلَّ فِي الحَالِ سَلْبِي """ دُونَ الجَمِيعِ وَنَهْبِي
يَا طَالِباً حَيَّ لَيْلَى ذ """ ذَاتِي حِمَاهَا فَطُفْ بِي
وَنَادِ بَاسْمِي تَجِدْهَا """ عَلَى لِسَانِي تُلَبِيِّ
يَا ساكِنينَ بِقَلْبِي """ مَتَى أَفُوزُ بِقُرْبِ
سَلَبَتُمُونِي وَلَكِنْ """ أَنَا السَّعِيدُ بِسَلْبِي
يَا عُرْبَ وَاديَ المُصَلاَّ """ لأَنْتُمُ خَيْرُ عُرْبِ
نَزِيلُكُم مُسْتَهَامُ """ مُوَلَّهُ القَلْبِ مَسْبي
وَلَسْتُ أَسْلُو هَوَاكُمْ """ حَاشَا غَرَامِي وَحُبِّي
إذا رَضِيتُمْ تَلاَفِي """ فَذَاكَ مَطْلُوبُ قَلْبِي
رُوحِي لَكُمْ إِنْ قَبِلْتُمْ """ وَالرُّوحُ جَهْدُ المُحِبِّ
أَنْتُمْ ذَخِيرَةُ قَلْبِي """ يَوْمَ المَعَادِ وَحَسْبِي
عَشِقْتُكُمْ وَبِحَقِّي """ إِنْ تِهْتُ مِنْ فَرْطِ عُجْبي
وَمِلْتُ سُكْراً وَلِمْ لاَ """ وَمِنْكُمُ كَانَ شُرْبي
وَقَدْ سَقَانِي حَبِيبي """ وَخَصَّنِي دُونَ صَحْبِي
وَلَسْتُ بَعْدَ عَيَانِي """ جَهْراً سَنَا وَجْهِ رَبِّي
أَصْبُو لِرَنْدٍ وَبَانٍ """ وَذِكْرِ غَارٍ وَكُثْبِ
وله أيضا
عَلَى حُبِّكُمْ أَنْفَقْتُ حَاصِلَ أَدْمُعِي """ وَغَيْرَ وَلاَكُمْ عَبْدُكُمْ مَا تَكَسْبا
وحَاشَكُمُ أَنْ تُبْعِدُوا عَنْ جَنَابِكُمْ """ حَلِيفَ هَوىً بالرُّوحِ فِيْكُمْ تَقَرَّبا
وَأَنْ تَهْجُروا مَنْ وَاصَلَ السُّهْدُ جَفْنَهُ """ وَهَذْبَ فِيْكُمْ عِشْقَهُ فَتَهَذَّبا
وَأَحْسنْتُمُ تَأْدِيبَهُ بِصُدُودِكُمْ """ فَلاَ تَهْجُروهُ بَعْدَ مَا قَدْ تَأَدَّبا
وَلِي مُهْجَةٌ دِينُ الصَّبَابَةِ دَيْنُهَا """ فَكَيْفَ تَرى عَنْكُمْ مَدَى الدَّهِرْ مَذْهَبا
وَلِي فِي ظِلاَلِ السِّرحَتَينِ تَنَزُّلٌ """ لَبِسْنَا بِهِ بُرْداً مِنَ الوَصْلِ مُذْهَبا
يَرُوقُكَ أَنْ يَرْوِي أَحَادِيثَ وُرْقِهِ """ وَتَصْبُوا إِلى الأَلْحَانِ شَجْواً فَتْطْرَبا
وَتَسْتَنْشِقَ الأَنْفَاسَ مِنْ نَسَمَاتِهِ """ فَتَفْهَمَ مَعْنَى الزَّهْرِ مِنْ مَنْطَقِ الصَّبا
أُحْكُمْ فَفِيكَ العَذَابُ عَذْبُ """ مَا بَعْدَ حُلْوِ الخِطَابِ خَطْبُ
لِي وَلَهُ فِي هَوَاكَ فَارَ """ وَدَمْعُ صَبٍّ عَلَيْكَ صَبُّ
وَمَا تَنَزَّهْتُ فِيكَ حَتَّى """ فِيكَ نُزِّهْتُ حِينَ أَصْبُو
وَأَمْكَنَنِي مِنْ لَمَاكَ بَرْقٌ """ مِنَ الحَيَا لاَ يَكَادُ يَخْبُو
يَا سَائِلي عَنْ شَذَا نَسِيمٍ """ قَمِيصُهُ بِالوِصَالِ رَطْبُ
ذَاكَ سَلاَمُ الحَبِيبِ وَافَى """ فِي عَهْدِهِ لِلِّثَامِ قُرْبُ
إِذَا تَجَلَّى عَلَى النَّدَامى """ فَهْوَ لَهُمْ خُضْرَةٌ وَشُرْبُ
وَعَاذِلِي عَادَ لِي بِلُطْفٍ """ تَكَادُ مِنْهُ الصِّبَا تَهِبُ
أَضْمَرَ غَدْراً فَعَادَ عُذْراً """ إذْ رُفِعَتْ للمُحِبِّ حُجْبُ
هَلُمُّوا فَعِنْدي لِلمَحَبَّةِ وَالهَوَى """ سِقَامُ غَرَامٍ لَسْتُ أُحْسِنُ طِبَّهُ
هِبُوا لِيَ جَفْناً يَمْلِكُ العَقْلُ دَمْعَهُ """ وَإِلاَّ فقَلْباً يَحْكُمُ الصَّبْرُ لُبَّهُ
هَوَتْ قَدَمي فِي الحُبِّ عَنْ غَيْرِ خِبْرَةٍ """ فَأَلْفَيْتَهُ حُلْوَ التَّجَرُّعِ عَذْبَهُ
هُوَ الشَّهْدُ مَمْزُوجاً بِسُمِّ وَعَلْقَمٍ """ أُؤَمَّلُ عَتْبَاهُ وَأَحْذَرُ عَتْبَهُ
هَوَيْتُ حَبِيباً لَسْتُ أَهْلاً لِحُبِّهِ """ وَأَنَّي لِمِثْلِي أَنْ يَكُونَ مُحِبَّهُ
هَلاَلُ فُؤَادِي كُلَّمَا ذُقتُ غَفْوَةً """ وَصُبْحُ عَيَانِي كُلَّمَا أَتَنَبَّهُ
هَمَمْتُ بِإِدْرَاكٍ فَقَصَّرتُ هَيَبةً """ وَعَجْزِي عَنِ الإِدْرَاكِ أَوْلَى وَأَشْبَهُ
هَفَا بِكَ قَلْبٌ أَنْتَ أَوْرَيْتَ زَنْدَهُ """ وَنَالكَ طَرْفٌ أَنْتَ أَهْمَلْتَ سَحْبَهُ
هَنِيِئاً لِهَذِي النَّفْسِ إِنْ كُنْتَ حِبّهَا """ وَطُوبَى لِهَذا القَلْبِ إِنْ كُنْتَ حِبَّهُ
بَدَا عَلَمٌ لِلحُبِّ يَمَّمْتُ نَحْوَهُ """ فَلَمْ أَنْقَلِبْ حَتَّى احْتَسَبْتُ بِهِ قَلْبِي
بَلَوْتُ الهَوىَ قَبْلَ الهَوىَ فَوَجَدْتُهُ """ إِسَاراً بِلاَ فَكٍّ سُقَاماً بِلاَ طِبِّ
بِرُوحِي حَبِيبٌ لاَ أُصَرِّحُ بِاسْمِهِ """ وَكُلًّ مُحِبٍّ فَهْوَ يُكْنِ عَنِ الحُبِّ
بَرانِي هَوَاهُ ظَاهِراً بَعْدَ بَاطِنٍ """ فَجِسْمِي بِلاَ رُوحٍ وَقَلْبِي بِلاَ لُبِّ
بِحُبِّكَ هَلْ لِي فِي لِقَائِكَ مَطْمَعٌ """ فَإِنِّيَ مِنْ كَرْبٍ عَلَيْكَ إلى كَرْبِ
بِكُلِّ طَرِيقٍ لي إِلَيْكِ مَنِيَّةٌ """ كَأَنِّي مَعَ الأَيّامِ بَعْدَكَ فِي حَرْبِ
بَكَيْتُ فَقَالُوا أَنْتَ بِالحُبِّ بَائِحٌ """ صَمَتُّ فَقَالُوا أَنْتَ خُلْوٌ مِنَ الحُبِّ
بَوَارِقُ لاَحَتْ لِلْوِصَالِ فَثَّمَّهَا """ فَيَا بَعْدَ بُعْدٍ قَدْ دَنَا زَمَنُ القُرْبِ
بَقِيتُ وَهَلْ يَبْقَى صَبٌ بهِ لَوْعَةٌ """ تُقَلِّبُهُ الأَشوَاقُ جَنْباً إِلى جَنْبِ
بَلَغْتُ المُنَى مِمَّنْ أُحِبُّ بِحُبِّهِ """ ولاَ بُدْ لِلمَرْبُوبِ مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ
أَحِنُّ إِليْهَا وَهَىْ قَلْبي وَهَلْ تَرَى """ سِوَاىَ أَخُو وَجْدٍ يَحِنُّ لِقَلْبِهِ
وَيُحْجَبُ طَرْفِي عَنْهُ إِذْ هُوَ نَاظِرِي """ فَمَا بُعْدُهُ إلاَّ لإِفْرَاطِ قُرْبِهِ
مَا هَب مِنْ نحوكُمْ نَسِيمُ صَبَا """ إِلاَّ وَأَذْكَى بمُهْجَتِي لَهَبا
وَلاَ شَدَا مُطْربٌ بذِكْرِكُمْ """ إلاَّ وَنَادَى المَشُوُقُ واطرَبا
وَلاَ تَذكُرْتُ عِيشَةَ سَلفَتْ """ بالخِيفِ إلاَّ وَقلْتُ وَا حَرَبا
لا نَالَ مِنْكَ المَشُوُقُ بُغْيَتَهُ """ إِنْ كان يَوْماً إلى سِوَاكَ صَبَا
يَا حَبْذا لَوْعَتي عَليْكَ وَيَا """ بُشْرَاىَ إنْ مُتُّ فِيكَ مُكْتَئِبا
أحْبَابَنا هَلْ بقُرْبِكُمْ أَمَلُ """ أَمْ هَلْ بوَصْلِكُمُ أَرَى سَبَبا
آهاً لأَيَّامِنَا بقُرْبكُمُ """ وطِيبِ عَيْشٍ بِوَصْلِكُمْ ذهَبا
يَا سَائقَ العِيسِ نَحْوَ كاظِمَةٍ """ أَبْلغْ سَلامِي لِنَازِليِنَ قَبا
وقلْ قضَى ذلِكَ المَشُوُقُ بِكُمْ """ وَمَا قضَى مِنْ وصَالِكُمْ أَرَبا
أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ """ وَدُونَ كُلِّ دُخَانٍ سَاطِعٍ لَهِبُ
وَمَا سَلَوتُ كَمَا ظَنَّ الوِشَاةُ وَلاَ """ أَسْلُو كَمَا يَتَرجَّى العَاذِلُ التَّعِبُ
فَإِنْ بَكَى لِصَبَابَاتِي عَذُولُ هَوىً """ فَلى بِمَا مِنْهُ يَبْكِى عَاذِلي طَرَبُ
نَاشَدْتُكَ الَّلهَ يَا رُوحي اذْهُبَى كَلَفاً """ بِحُبِّ قَوْمٍ عَنِ الجَرْعَاءِ قَدْ ذَهَبُوا
لاَ تَسْأَلِيْهُمْ ذِمَاماً فِي مَحَبَّتِهمْ """ فَطَالَمَا قَدْ وَفَا بِالذِّمَةِ العَرَبُ
هُمْ أَهْلُ وُدِّي وَهَذَا وَاجِبٌ لَهُمُ """ وَإِنَّمَا وُدهُمْ لي فَهْوَ لاَ يَجِبُ
هُمْ أَلْبَسُونِي سِقَاماً مِنْ جُفُونِهِمُ """ أَصْبَحْتُ أَرْفُلُ فِيهِ وَهْوَ يَنْسَحِبُ
وَصَيَّرَتْ أَدْمُعي حُمْراً خُدُودُهمُ """ فَكَيْفَ أَجْحَدُ مَا مَنُّوا وَمَا وَهَبُوا
هَلِ السَّلاَمَةُ إِلاَّ أَنْ أَمُوتَ بِهِمْ """ وَجْداً وَإِلاَّ فبُقْيَاىَ هُوَ العَطَبُ
إِنْ يَسْلُبُوا البَعْضَ مِنِّي فَالجَميعُ لَهُمْ """ وَإِنّ أَشْرفَ أَجْزَائِي الَّذِي سَلَبُوا
لِي فِي هَوَاكُمْ مَذْهَبٌ مُذْهَبُ """ ومَطْلَبٌ مَامِثْلُهُ مَطْلَبُ
أًَصْبَحْتُ عَبْداً رَاضِياً بالَّذِي """ تَرْضُونَ لاَ أَرْجُو وَلاَ أَرْهَبُ
إِذَا تَجَلَّى كَاسُ سَاقِيكُمُ """ كُنْتُ لَهُ أَوَّلَ مَنْ يَشْرَبُ
وَإِنْ تَغَنَّى بِاسْمِكُمْ مُنْشِدٌ """ فَإِنَّني أَوَّلُ مَنْ يَطْرَبُ
يَا قَمَراً في مُهْجَتِي لَمْ يَزَلْ """ مَطْلَعُهُ المَّشْرقُ وَالمَغْرِبُ
وَيَا غَزَالاً في فُؤادِي لَهُ """ مَرْعىً وَمِنْ دَمْعِي لَهُ مَشْرَبُ
مَا العَيْشُ إلاَّ في هَوَاكَ الَّذِي """ كُلُّ نَعِيمٍ فَلَهُ يُنْسَبُ
لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا """ لَصَرَخْتُ مِلْءَ السَّمْعِ وَاطرَبا
حَضَرَ الحَبيبُ وَغابَ حَاسِدُنا """ مِنْ بَعْدِ طُولِ تَحَجُب وَخَبا
فَاليَوْمَ أخْلَعُ فِيكَ يا أَمَلي """ ثَوْبَ الوَقارِ وَأطْرَحُ الرُّتَبا
يَا عَاذِلي كُنْ عَاذِرِي فِي حُبِّهمْ """ لَمْ ألْقَ للسِّلْوَانِ عَنْهُمْ مَذهَبا
لاَ تَلْح فِيْهمْ مُغْرَماً أَلِفَ الضَّنَا """ يَجدُ السِّقَامَ بهُمْ لَذِيذاً طَيِّبا
نَزَلَ الغَرَامُ بِهِ فرَحْلَ صَبْرَهُ """ عَنْهُ وَخَيْمَ في حَشَاهِ وَطَنْبا
غِبْتُمْ وَأَنْتُمْ حَاضِرونَ بمُهْجَتي """ أفْدِي الحُضُورَ بمُهَجَتِي وَالغَيْبا
أُحِبُّ حَبِيباً لاَ أُسَمِّيهِ هَيْبَةً """ وَكَتْمُ الهَوَى لِلقَلْبِ أَنْكَى وَأَنْكَأُ
أَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ هَوَاىَ فَكَيْفَ لاَ """ أَغَارُ عَلَيْهِ مِنْ سِوَاىَ وَأَبْرَأُ
أَبِيتُ أُعَانِي فِيهِ حَرَّ جَوَانِحِي """ وَبَيْنَ جُفُوني مَدْمَعٌ لَيْسَ يَرْقَأُ
أَرَاهُ بِقَلبِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ """ وَإنْ كُنتُ عَنْ وِرْدِ الوِصالِ أُحَلأُ
أَتاني كِتَابُ مِنْهُ قُمْتُ بِحَقِّهِ """ فَهَا أَنَا أبْكي مَا اسْتَطَعْتُ وأَقْرَأُ
أَتَانيِ هَوَاهُ مِلءُ سَمْعِي وَنَاظِرِي """ وَقَلْبي فَمَالِي مِنْهُ مَلْجاً وَمَنْجَأُ
أَغِثْني بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ وَاحِدٍ """ فَإني بِيَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ أُجْزَأُ
أُغَالِطُ نَفْسِي مِنْكَ بِالوَصْلِ وَالرِّضَى """ وَمَنْ لي بِهِ وَهْوَ النَّعِيمُ المُهَنَّأُ
يَا قَاتِلي وَجَوَانِحِي أَبَداً """ تَشْتَاقُهُ فِي القُرْبِ والبُعْدِ
لَكَ أَنْ تَجُورَ عَليَّ يَا أَمَلي """ وَعَلَيَّ أَنْ أَرْضَى بِمَا تُبْدِي
وَلَئِنْ أَرَاقَ دَمِي هَوَاكَ فَيَا """ شَرَفِي وَيَا حَظِّي وَيَا سَعْدي
أَخْفَيْتُ حُبْكَ إِذْ خَفِيتَ ضَناً """ فَكَأَنَّنَا كُنَّا عَلى وَعْدِ
بِالَّلهِ لاَ تُرْسِلِ الجُفُونَ إِلى """ قَلْبِي فَمَا لِلقُلُوبِ مِنْ عَدَدِ
وَخلِّ جَفْنِي لاَ تُفِْنِهِ سِقماً """ لاَ بُدَّ لِلرُّوحِ فِيكَ مِنْ جَسَدِ
مَا خُلْدِيَ بِالقُرْبِ مِنْكَ فَلِمْ """ رَمَيْتَ سَهْمَ الجُفُونِ فِي خَلَدِي
فَدَيْتُكِ هَلْ أَذَبْتِ سِوَى جَمِيعي """ وَمِنيِّ هَلْ تَرَكْتِ سِوَى وِدَادِي
وكَيْفَ يَكُونُ فِيكِ خَفَاءُ وَجْدي """ وَهَذَا حُسْنُكِ الفَتَّانُ بَادِ
دُمُوعِي أَبَتْ إِلاَّ انْسِكَاباً لَعَلَّهَا """ بِمَكْنُونِ حُبِّي عِنْدَ حِبِّيَ تَشْهَدُ
دَنَوْتُ فَأَقْصَانِي فَعْدْتُ فَرَدَّنِي """ فَلاَ هُوَ يُدْنِينِي وَلاَ أَنَا أَبْعُدُ
دُهِيتُ بِفُقْدانٍ لِمَنْ قَدْ وَجَدْتُهُ """ فَلاَ مَدْمَعٌ يَرْقَا وَلاَ وَجْدُ يُحْمَدُ
دَبِيبُ الهَوىَ بَيْنَ الضُّلُوعِ مُؤَجَّجٌ """ لَهِيبُ اشْتيِاقي فِيه لِلقْلَبِ مُورِدُ
دَعَانِي فَمَنْ ذَاقَ الهَوىَ ثُمَّ لَمْ يَنَلْ """ وِصَالَ حَبِيبٍ كَيْفَ لاَ يَتَنَهَّدُ
دَعَاوىَ الأَسَى عِنْدي عَلَيْكَ صَحِيحَةٌ """ فَقَلْبِيَ خَفَّاقٌ وَجَفْنِي مُسَهَّدُ
دَمِي بِكَ مَسْفُوكٌ وَدَمْعِي مُسَفَّحٌ """ فَيَصْلُحُ قَلْبِي فِيكَ مِنْ حَيْثُ يَفْسَدُ
دَفَائِنُ حُبٍّ فِي لُحُودِ جَوَانِحِ """ لَهَا بِكَ حَشْرٌ كُلَّ يَوْمٍ وَمَوْعِدُ
دُجَايَ إِذَا وَاصَلْتَ يَوْمٌ مُؤَبَّدٌ """ وَيَوْمِي إِذَا أَبْعِدْتُ لَيْلُ مُسَرْمَدُ
دُنُوُّكَ أَقْصَى مَا أُحِبُّ وَأَشْتَهِي """ فَإِنْ نِلْتُهُ فَهْوَ النَّعيِمُ المُخَلَّدُ
* هذه الأبيات منسوبة لابنه الشاب الظريف..
مع تحيّات أبـو أسامــــــة
ابو اسامة
ابو اسامة

ذكر عدد الرسائل : 527
العمر : 74
الموقع : الرّديف
العمل/الترفيه : متقاعد cpg
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى