منزلة الفهم في طريق الله

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

من أجل نعم الله على العبد المنتسب لطريق الله تعالى هي نعمة " الفهم " وهذا الفهم أقسام ثلاثة :

- فهم عن الله تعالى
- فهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
- فهم عن أهل الله تعالى كمشايخ التربية وغيرهم من أصحاب الرتب والمقامات والوظائف

من لا فطنة له في طريق الله يعتبر بليد لا يفهم فلا يبلغ غالبا في الطريقة شأوا بعيدا لذا تعينت الفطانة إذ يشق على أهل الله تعالى كثيرا صحبة بليد الفهم من المريدين ويجدونه حملا ثقيلا عليهم ربما ترهقهم صحبته وحتى خدمته لهم في كثير من الأحيان فيبطئ بهم سير الدعوة ونشر الطريق وكثير من الشؤون الأخرى المتعلقة بالدنيا والآخرة

قد يسأل سائل : هل الفطنة التي تثمر الفهم عطاء رباني أو اكتساب إنساني ؟ الجواب : الإثنان معا فهي من جهة عطاء رباني من باب { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } ومن جهة أخرى اكتساب إنساني من باب { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } لذا قيل " اللبيب من الإشارة يفهم " فلا يحتاج الفطن إلى كثير كلام وتصريح بل قد يفهمك بمجرد إشارة .. قال شيخنا سيدي إسماعيل قدس الحق سره العزيز في قولهم : " اللبيب بالإشارة يفهم " هذا في حق العوام أما الخواص فإنهم يفهمون من غير إشارة

من نماذج الفهم عن الله من القرآن وهي كثيرة :

قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوب مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }

الشاهد من الفهم عن الله قول سيدنا عيسى عليه السلام { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } أي كأنما سئل ذاك السؤال ليتبرّأ ممن عبدوه من قومه وممن يأتي من بعده فيحق عليهم العذاب الأليم ففهم الإشارة عن الله تعالى لذلك أطال في الجواب وأحسن الخطاب بنهاية وغاية الآداب عليه السلام

ومن نماذج الفهم عن رسول الله :

ما ورد في الحديث عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس، وقال: « إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدُّنْيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله » قال : فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخَيَّر وكان أبو بكر أعلمنا )

الشاهد من الفهم ( فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخَيَّر وكان أبو بكر أعلمنا ) حيث فهم عن رسول الله ما لم يفهمه غيره

أما نماذج الفهم عن أهل الله فهي كثيرة ومتنوعة ربما لو دوناها في مجلدات ما وسعتها

...

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30