مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا
مواهب المنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب

» هدية اليوم
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس

» حكمة شاذلية
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس

» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس

» لم طال زمن المعركة هذه المرة
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس

» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس

» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس

» المدد
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس

» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس

» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس

» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي

» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس

» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:20 من طرف أبو أويس

منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

اليومية اليومية


مذاقات من بحر وحي المناجاة

+10
ابوذر عمر
محمد احمد علي
بلقيس
الشاذلي الحموي
ساري الروح
محبة أهل الله
إلياس بلكا
محمد حنان
عبدالله حرزالله
Dalia Slah
14 مشترك

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف محبة أهل الله الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 22:36

الاخت بلقيس كتبت كتب:كان يشد الرحال لطلب العلم مسافات واليوم أصبح ب click و نحن مشغولين عنه، ونحن المحتاجين له. مما أخاف منه أن يأتي يوم يؤدبنا الله فيه بالحرمان من نفحات وصحبة سي علي فيصبح حجة علينا لا لنا.. (أعاتب نفسي بصوت مسموع)..


بعد إذن الأخ علي يوجد ملف مرفق جمعت فيه الشرح الأول والشرح الثاني لمرآة الذاكرين لعلي أساعد ولو بالقليل الأستاذين أبو أويس وبلكا و يطبعانه بعد الضبظ والتحقق من جمعه. وأتكلف بجمع باقي نفاحات أخونا علي إن تكرم علينا بإكمال الشرح جزاك الله خيرا وبارك فيك وفي صحتك ووقتك


ملاحظة حين أردت أن أكتب العنوان في الملف كتبت مرآة الصادقين عوض الذاكرين فأدركت مدى صدق المناجاة ومدى قلة صدقي.. أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

جزاك الله خيرا على هذه الالتفاتة المفيدة و المهمة للغاية أختنا الغالية 

محبة أهل الله

عدد الرسائل : 81
تاريخ التسجيل : 18/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف محبة أهل الله الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 - 22:52

سيدي علي الصوفي كتب:إنما أردت التنبيه على نفاسة مناجاة شيخنا قدس الله روحه العزيز بهذه الأسطر من البيان والشرح التي تعتبر من تراثه الإيماني من العلم النافع والمعرفة الإيمانية الذي تركه لأنه لا بد من الإعتناء بتراث أهل الله قدر الإمكان وخدمته بالمستطاع حتى لا يضيع أو ينسى فيهمل .. كان هذا غرضي وهو قصدي لا كوني أمتلك القدرة على شرح كلام الواصلين من العارفين الذي لا يفهمه إلا من كان من جنسهم ..

و نحن سيدي حفظكم الله لم نعرف سيدي اسماعيل الهادفي رضي الله عنه من خلال سيرته الذاتية بقدر ما عرفناه من خلال شروحكم لكلامه مند زمن ، فجزاكم الله خير الجزاء 
و ننتظر المزيد ، فكلامكم لا يشبع منه و كما لو تطعمونا العسل برأس الابرة ..
فأنعموا علينا سيدي بما أنعمه الله عليكم يكون لكم عند الله أجرا عظيما و زيادة في العلم و الفهم و الفتح 
فقد سمعت من أحد العلماء أنه من ينفق العلم من قلبه يزيده الله علما أو كما قال .
محبة أهل الله
محبة أهل الله

انثى عدد الرسائل : 81
العمر : 51
المزاج : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
تاريخ التسجيل : 18/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا الأربعاء 23 أكتوبر 2019 - 21:09

الأخت بلقيس....
بارك الله فيك.
توصلتُ بما جمعتيه من شرح السيد علي على المناجاة، وهو يقع في أكثر من 40 صفحة.
شكر الله مجهودك.
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الخميس 24 أكتوبر 2019 - 23:55


وَاسْقِنِي مِنْ حيَاضِ مَعَالمِ عَوالمِ بَحْرِ نورِكَ الأعْظمِ وَكَنْزِ سِرِّكَ المُطلْسمِ 

سأل صاحب المناجاة رضي الله عنه في هذا السطر ربه أن يسقيه من حياض معالم عوالم بحر نور الله الأعظم وكنز سره المطلسم للوصول إلى ثمرة مطلوبة وحالة منشودة وهي التخلص من ربقة السوى وبقاياه في الظاهر والباطن 

 حَتَّى لا يَبْقَى للسِّوى عَلَى قَلبِي سَبِيل
لأن السوى محله الأكوان كيفما كانت تلك الأكوان علوية أو سفلية مرغوبة أو مرهوبة وهذا الطلب منه يشير إلى سؤال سقيا النور لأنّ ذات السالك في طريق الإرادة تكون بدايتها كبذرة يبذرها في أرض العبودية يتعاهدها بسقيا النور بين ذكر ومذاكرة لأن الذكر طريق بينما المذاكرة رفيق فلا يستقيم سير في طريق بلا دليل من رفيق حتى تنبثق عن تلك البذرة شجرة متفرعة الأنوار بحسب حياض معالم عوالم بحر نور الله الأعظم

إنما ذكر النور ووصفه بالبحر لاتساعه وعدم تناهيه لأن السقيا لا تكون إلا من بحر النور الأعظم وكنز السر الإلهي المطلسم فذات السالك تسقى من نور التوحيد حتى لا يبقى للسوى بقية فتفنى الكائنات والنفس ولا يبقى غير نور خالق الأرضين والسماوات { لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }

لأن التنوير تحضير في الحقيقة أي مقدمة لفناء العبد عن نفسه والبقاء بربه فما التنوير الذي شرّع للتطهير والتزكية إلا مقدمة على الفناء فما دامت الذات لم تسق من بحر النور الأعظم وكنز التوحيد المطلسم حتى تصبح ذاتا مقدسة كاملة التنوير فهي ما تزال في طور التعريف والسير كشجرة مازالت لم تثمر ...
 أي تقدس ربها وإنما أطلقوا على القديس الحقيقي هذا الوصف لأنه يقدس الله تعالى وهذا أشرف وأعلى أنواع ذكر الله كما قالت الملائكة من أهل التنوير الكامل { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } 

بعد أن سأل المؤلف رضي الله عنه سقيا الذات بالنور أي نور التوحيد حتى يكون في تمام الحضور ثم بالغيبة عما سوى المذكور وذلك بنفي السوى سأل في مرتبة أخرى يقتضيها معراج الروح تمام صفاء الشهود ودوامه فقال : 
وَاسْقنِي مِنْ مَخْتومِ رَحِيق خَمْرِ شهودِكَ سَلسَبِيلاَ
لتعلم أن المشاهدة منازل ودرجات فليس مشاهدات الأقطاب العارفين الكاملين كمشاهدات عامة العارفين وكذلك الحقائق فهي مراتب فقد تجد فيما بين عارف وعارف آخر درجات ومقامات كثيرة { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } لأن هناك مستوى عام من العرفان يصل إليه كافة السالكين فيقال فلان عارف بالله ثم تتمايز درجاتهم ومقاماتهم في تلك الحضرة بعد ذلك بحسب نوالهم منها ...

لذا ذكر مراتب ثلاث : 

- خمر الشهود

- رحيق خمر الشهود

- مختوم رحيق خمر الشهود 

فسأل المؤلف رضي الله عنه أعلى الأحوال وأعالي منازل مشاهدات الإقبال لشدة تعلقه بربه وفنائه في محبته لسان حاله يقول :

ولوْ خطرتْ لي في سواكِ إرادة ٌ *** على خاطري سهواً قضيتُ بردَّتي

فما سأل سائل من العارفين دوام الشرب من خمرة الشهود وغاية القرب من الإله المعبود إلا بسبب ما يجدونه في قلبوبهم من المحاب والشوق { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ } أي مما سواه وهذا من معاني " الله أكبر " أي أكبر المحاب والمقاصد لا بسبب علل أخرى كطلب المقامات والتميز بالظهور ...الخ

 فلا يخطر هذا السوء من خواطر النفس على قلوب العارفين كونه يعتبر سوء أدب في حضرة العبودية لا يليق حيث أن مثل هذه الخواطر تكون في مرتبة النفس الأمارة بالسوء أما النفوس المطمئنة بذكر ربها لا تلتفت أو تتشوف لشيء غير الله تعالى 

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي } 

الحديث عن بحر النور الأعظم ومعالم عوالمه موجود في القرآن الكريم بلا مزيد عليه { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } { أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } 

..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس الجمعة 25 أكتوبر 2019 - 0:13


ما شاء الله
لم يعجبني شرحكم الأخير فقط بقدر ما أعجبني الأسلوب الذي أوضحتم فيه الفهم السليم للحقيقة المقصودة في المتن مع مراعاتكم عدم الغوص العميق وتغطية عين الحقيقة التي وجهتم المتتبع لها لأنها لا تنال بالكلام ويعجز التعبير عنها ولا يفهمها إلا أصحاب هاته المقامات العليا جعلنا الله وإياكم من كمل الرجال
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الجمعة 25 أكتوبر 2019 - 23:18

أبو أويس كتب:... مع مراعاتكم عدم الغوص العميق وتغطية عين الحقيقة التي وجهتم المتتبع لها لأنها لا تنال بالكلام ويعجز التعبير عنها ولا يفهمها إلا أصحاب هاته المقامات العليا ...
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي أبو أويس على تشجيعكم للفقير واستحسانكم لبعض ما يكتبه وهذا شرف أثيل لي ولله الحمد 
العبد الفقير لا علم لي بمثل هذه المقامات والمشاهد كما تعلمون صدقني وقفت حائرا لا أدري ما أكتبه من شرح تلك الجملة الأخيرة
 لكني لم أهتم كثيرا ولا تشوفت أو حرصت على فهمها قلت عسى الله يوفقني لقبس ما في يوم من الأيام  فقرأت البارحة المتن فلاحظت أن الأستاذ رضي الله عنه ذكر مرتين سؤاله ( واسقني ... واسقني ) أي سقيين 
ثمّ خطر لي والله أعلم أن الأمر : سقيا القلب بنور التوحيد حتى لا يبقى للسوى في القلب وجود ثم سقيا الروح بخمرة الشهود 
فكتبت ذلك لا غير والله أعلم وأحكم بمرادات أوليائه العارفين أهل الشهود واليقين 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف ابوذر عمر الأحد 27 أكتوبر 2019 - 6:59

جزاكم الله خيرا سادتي ونفع بكم
ابوذر عمر
ابوذر عمر

ذكر عدد الرسائل : 1
العمر : 38
تاريخ التسجيل : 25/10/2019

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا الأربعاء 30 أكتوبر 2019 - 23:51

بارك الله فيكم أخي الكريم.
عندي استفسار على تعليقكم الأخير: ذكرتم التوحيد والشهود.. وفرّقتم بينهما في هذا المقام أو في سياق المناجاة. 
لكن ما الفرق بينهما؟ فتوحيد الله سبحانه حقا لا يكون إلاّ بشهوده، فمن وحّد شهد، ومن شهد وحّد. إلاّ إذا كان التوحيد -المتعلق بالقلب- سُلّما أو طريقا أو هو الذي يعطي ثمرة الشهود المتعلق بالروح. 
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 31 أكتوبر 2019 - 21:34

قيل للشبلي رحمه الله: يا أبا بكر أخبرنا عن (حقيقة) التوحيد فقال: للسائل: "ويحك! من أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو ملحد، ومن أشار إليه فهو وثني، ومن سكت عنه فهو جاهل، ومن هم أنه واصل فليس له حاصل، ومن أومأ إليه فهو عابد وثن، ومن نطق فيه فهو غافل ومن ظن أنه قريب فهو بعيد ومن تواجد فهو فاقد، وكلما ميزتموه بأوهامكم وأدركتموه بعقولكم في أتم معانيكم فهو مصروف مردود إليكم محدث مصنوع مثلكم"
وقيل في الشهود أنه مطالعة الذات الإلهية وبالتالي هو رؤية الذات اللطيفة في مظاهر تجلياتها الكثيفة. وهناك رتبة فوق الشهود وهي المعاينة وهي أتم وأدق حيث تحصل إذا ترقق الوداد ورجعت الأنوار الكثيفة لطيفة، لذا قيل حال العارف الصمت وهنا إذا كان ذاكراً فهو غافل.
ومما سبق نجد أن الكشف غالباً يأتي أولاً ثم يتبعه الشهود وذلك إن دام فضل الله تعالى على السالك ودامت ترقيته وتزكيته، ومنهم من يعتبر أن الشهود والعيان وفَقْدِ الأعيان مقامٌ واحد كما قال الشاعر:
فالفتى من سـلبته جملةً  لا الذي تسلبه شيئاً فشيء
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الجمعة 1 نوفمبر 2019 - 22:10

أبو أويس كتب:قيل للشبلي رحمه الله: يا أبا بكر أخبرنا عن (حقيقة) التوحيد فقال: للسائل: "ويحك! من أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو ملحد، ومن أشار إليه فهو وثني، ومن سكت عنه فهو جاهل، ومن هم أنه واصل فليس له حاصل، ومن أومأ إليه فهو عابد وثن، ومن نطق فيه فهو غافل ومن ظن أنه قريب فهو بعيد ومن تواجد فهو فاقد، وكلما ميزتموه بأوهامكم وأدركتموه بعقولكم في أتم معانيكم فهو مصروف مردود إليكم محدث مصنوع مثلكم"
وقيل في الشهود أنه مطالعة الذات الإلهية وبالتالي هو رؤية الذات اللطيفة في مظاهر تجلياتها الكثيفة. وهناك رتبة فوق الشهود وهي المعاينة وهي أتم وأدق حيث تحصل إذا ترقق الوداد ورجعت الأنوار الكثيفة لطيفة، لذا قيل حال العارف الصمت وهنا إذا كان ذاكراً فهو غافل.
ومما سبق نجد أن الكشف غالباً يأتي أولاً ثم يتبعه الشهود وذلك إن دام فضل الله تعالى على السالك ودامت ترقيته وتزكيته، ومنهم من يعتبر أن الشهود والعيان وفَقْدِ الأعيان مقامٌ واحد كما قال الشاعر:
فالفتى من سـلبته جملةً  لا الذي تسلبه شيئاً فشيء
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي محسن 

ليس بعد تحقيق العارفين كلام نعم الجواب على تساؤل الأستاذ إلياس 


عدل سابقا من قبل علي الصوفي في السبت 2 نوفمبر 2019 - 9:26 عدل 1 مرات
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا السبت 2 نوفمبر 2019 - 0:52

بارك الله فيكم سيدي أبي أويس على جوابكم الطيب الذي لا يترك للمتكلم كلاما، إذ هو الحق. وهل بعد الحق إلاّ الضلال.
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس السبت 2 نوفمبر 2019 - 23:01

بارك الله فيكم وأنالكم فوق ما تاملون من الفتوحات والمعارف وأنتم أهل لذلك.
ما كتبته ليس إلا نقلا عن ساداتنا الكمل رضي الله عنهم ومن تشبه بقوم حشر معهم...
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأحد 3 نوفمبر 2019 - 2:10

وَأَخْرِجْنِي يَا ظَاهِر بِكَ لعَوالِمِ المَظَاهِِر التِّي حَجَبْتَ عَنْهَا مَنْ قَامَ فيهَا بِنَفْسِهِ وَأوْضَحْتَ مَعَالِمَهَا لِمَنْ كَانَ أكْبَرَ هَمِّهِ مَعْرفَةُ نَفْسِه وَالتَّمَتّعُ بلَذَّةِ أُنْسِهِ
بعد أن سأل المؤلف رضي الله عنه بقوله فيما سبق ( فَأغْرَِقْنِي يَا بَاطِن فِي بطونِ بحَارِ أحدِيَّة ذَاتِكَ ) لأن هذا السؤال يعطي مطلب ادامة الرجوع إلى حضرة الذات العلية على الدوام أكثر مما يعطيه معنى الدخول لأن الرجوع يكون لأصحاب الأنوار غالبا كما يكون للمستشرفين من العارفين فهو مراتب كما قال تعالى { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ } فرغم اطمئنانها بذكر الله أمرها بالرجوع وهو القصد نحو عالم الفناء وهو الإطمئنان بالله تعالى

فهو معنى عروجي عرفاني له تعلق بالتوحيد الصرف كونه من مشاهد الحقائق لأن المحقق هو الموحّد فكل تحقيق لا يدلك على التوحيد ليس بتحقيق وكل توحيد لا يأخذ بيدك إلى التحقيق فهو توحيد ناقص كون السلوك والسير والعروج والترقي كلما معان تدل على الرجوع إلى الله تعالى

سأل الخروج أي بعد ذلك الغرق في بحار بطون الذات من حيث توجهه بسؤاله إلى حضرة اسمه " الباطن " كذلك سأل الخروج متوجها إلى حضرة اسمه الظاهر لأنه سبحانه وتعالى من أسمائه الحسنى الباطن والظاهر فهو الباطن الذي يغرق عبده في بحار بطون ذاته كما أنه الظاهر الذي يخرجه إلى عوالم المظاهر

سائلا أن يكون هذا الخروج خروجا ربانيا أي به سبحانه وتعالى لا خروجا نفسيا أي بالنفس وهو ما أشار إليه بقوله ( التِّي حَجَبْتَ عَنْهَا مَنْ قَامَ فيهَا بِنَفْسِهِ ) لأن العبد إما أن يكون قائما بالله وإما قائما بنفسه فالقائم بالله يخشى من القيام بنفسه ولو طرفة عين أو أقل من ذلك كما ورد من دعائه عليه الصلاة والسلام ( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك )


لأن من أوكله الله تعالى إلى نفسه يكون على خطر عظيم متى علمنا أن النفس حيّة تسعى ليّن مسها قاتل سمها كما قتلت ابليس لعنه الله من قبل حيث أوكلته الحضرة العلية لنفسه فصار من شأنه ما صار من الكفر والشرك والفساد والإفساد والضلال والإضلال لأن بيت القصيد أن تكون مع ربك ضد نفسك ولا تكون مع نفسك ضد ربك أبدا ..



 لذلك قال سيدنا عيسى عليه السلام في معرض جوابه { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ }  ما قال " لم أقله " أي لم يدافع عن نفسه ولو بحق أمام الحضرة العلية لعلمه بما قاله من التحقيق { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } 

لذا قال الأستاذ قدس الحق سره ( وَأوْضَحْتَ مَعَالِمَهَا لِمَنْ كَانَ أكْبَرَ هَمِّهِ مَعْرفَةُ نَفْسِه .. ) أي أوضحت معالم عوالم تلك المظاهر لمن عرف نفسه وعمل لأجل ما قاله ( وَالتَّمَتّعُ بلَذَّةِ أُنْسِهِ ) أما الذي لم يكن أكبر همه معرفة نفسه فلا ينتظر أن يتمتع بلذة أنسه

بيد أن المناجي رحمه الله تعالى أشار هنا إلى مشهدين من مطالبه الأول الشرب من حياض معالم عوالم بحر النور الأعظم وكنز السر المطلسم وهو قوله ( اسْقِنِي مِنْ حيَاضِ مَعَالمِ عَوالمِ بَحْرِ نورِكَ الأعْظمِ وَكَنْزِ سِرِّكَ المُطلْسمِ حَتَّى لا يَبْقَى للسِّوى )


والثاني توضيح معالم عوالم المظاهر متى علمت أن التوضيح من الوضوح وهو من معاني الضحى وهو أعلى من مجرد البيان على اعتبار أن البيان كشف والتوضيح شهود ورؤية لذا ورد المتن هنا بصيغة المخبر عن حصول ذلك التوضيح بالنسبة للمؤلف رضي الله عنه ( وَأوْضَحْتَ مَعَالِمَهَا لِمَنْ كَانَ أكْبَرَ هَمِّهِ مَعْرفَةُ نَفْسِه وَالتَّمَتّعُ بلَذَّةِ أُنْسِهِ ) مشيرا لنفسه في معرض  التوجيه والنصيحة لغيره وهذا الإجمال من جوامع الكلم والمناجاة حافلة بذلك 


لذا كان المطلبان متلازمين لأن العارف الكامل من يكون ظاهره شريعة وباطنه حقيقة بخلاف العارف الناقص كالمجذوب أو من تستهلكه الأحوال فيصير تحت حكمها فهو وإن كان معذورا عند أهل الحقيقة يكون معاتبا عند أهل الشريعة لا يقتدى به في مقام الطريقة لأنه لم يحفظ كتاب الله من الزيغ والطغيان ولم يكتب حديث رسول الله باتباعه لسيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم

بقيت مسائل من مفاهيم المتن كالفروق بين معاني الرجوع والدخول والخروج وأنواع الخروج ومنها الخروج المذموم من حضرة التوحيد والأدب كخروج ابليس لعنه الله تعالى المقول فيه { فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } بيد أن الإكراه على الخروج هو اخراج وليس خروجا صادقا وهذا ما سيأتي عليه المؤلف رضي الله عنه عند قوله ( رَبِّ أدْخِلْنِي مُدْخَل صِدْقٍ وأخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) وسنأتي عليه إن شاء الله تعالى ..



..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا الأربعاء 6 نوفمبر 2019 - 20:38

سؤال:
هذه الجملة : (لِمَنْ كَانَ أكْبَرَ هَمِّهِ مَعْرفَةُ نَفْسِه.)

هل المقصود منها المعنى نفسه لمقولة: من عرف نفسه عرف ربّه؟ 
وقد جاء ذكر النفس في الجملة مرتين: الأولى في سياق الذم وهو القيام بالنفس لا بالله، والثاني في سياق المدح أو الإرشاد وهو وجوب معرفة النفس. 
وهل ذكر النفس هنا في الحديث عن الخروج باسمه الظاهر إشارة إلى أن ظهور النفس هو أكبر حجاب للإنسان؟
جزاكم الله خيرا.
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأحد 10 نوفمبر 2019 - 13:14

إلياس بلكا كتب:سؤال:
هذه الجملة : (لِمَنْ كَانَ أكْبَرَ هَمِّهِ مَعْرفَةُ نَفْسِه.)
هل المقصود منها المعنى نفسه لمقولة: من عرف نفسه عرف ربّه؟ 

مقولة " من عرف نفسه عرف ربه " شرحها وفسر معناها المراد غير واحد من ساداتنا العارفين الجامعين بين الشريعة والحقيقة من أصحاب الطريقة وما ذكره المؤلف رضي الله عنه وجزاه عن أتباعه والمسلمين خيرا في قوله " لمن كان أكبر همه معرفة نفسه " يدخل في معنى تلك المقولة لأن المحصلة واحدة بالنهاية
وقد جاء ذكر النفس في الجملة مرتين: الأولى في سياق الذم وهو القيام بالنفس لا بالله، والثاني في سياق المدح أو الإرشاد وهو وجوب معرفة النفس. 
وهل ذكر النفس هنا في الحديث عن الخروج باسمه الظاهر إشارة إلى أن ظهور النفس هو أكبر حجاب للإنسان؟

ليس متعلق المعنى المراد هنا بذم أو مدح لأن هذا معلوم للخاص والعام وهو من تحصيل الحاصل فجاز استنباط ذلك من المتن من حيث ذم النفس عادة في كل حال لا من حيث مدحها لأن النفس لا تمدح ولا يجوز الثناء عليها مطلقا بيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ في كل خطبة من خطبه الشريفة من شرّ النفس وسيء العمل فيقول ( نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ) وهو صاحب المقام المحمود فضلا عن غيره من سائر الوجود 

لكن لما كان المناجي رضي الله عنه في حالة التوجه إلى ربه راجيا الثبات على دوام توحيده وشهوده سأله أن لا يحجبه عن مشاهدة نور توحيده عند خروجه إلى عوالم الفرق حيث مظاهر الكائنات وأفراد آثار الأسماء والصفات حيث تمكينه في مشهد { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه } لذا قال (وَأَخْرِجْنِي يَا ظَاهِر بِكَ لعَوالِمِ المَظَاهِِر التِّي حَجَبْتَ عَنْهَا مَنْ قَامَ فيهَا بِنَفْسِهِ ) فقوله ( التِّي حَجَبْتَ عَنْهَا مَنْ قَامَ فيهَا بِنَفْسِهِ ) كأنه يقول ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك )

وهذا نظير قول القاصدين من أهل السلوك وهم في مقام السير إلى حضرة ملك الملوك من قطع مراحل التعريف ومنازل البيان في عالم الإيقان كما في الآية الكريمة { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } الشاهد قولهم {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } لأن هذا الإخبار منهم عن أحوال أهل النار من الخزي والبوار دخل في سياق الدعاء بسبب يقينهم أن النار دار حجاب عن رب الأرباب وهم لا يحبون هذا النوع من العذاب الذين يرونه خزيا ما بعده خزي لذلك أعادوا الإستعاذة من الخزي بسؤال ربهم أن يقيهم منه { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } 

الشيء بالشيء يذكر فكان ذكر الأستاذ رضي الله عنه لأحوال النفس وهو في معرض التوجه بالدعاء في حضرة الصفاء بعد أن كشف له ربه عن خزائن رحمته وفتح له باب فضله وعطائه قصد طلب الحماية الربانية وذلك بالوقاية من شرور تلك النفس كأن يكله إليها طرفة عين أو أقل من ذلك لأن من أحكام عالم الفرق الخشية من الظهور بالنفس فينحجب العبد عن ربه ثم ينحجب ضرورة عن معرفة حدود نفسه من كونه عدما محضا وفناء ليس له وجودا مستقلا عن ربه إذ لا قيام للعبد في وجوده وللوجود إلا بالله { اللهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } وقد ورد من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ) 

فلا يتعلق الأمر كما قدمنا بمدح أو ذم لأن هذا من تحصيل الحاصل إنما في معرض المناجاة والدعاء بصيغ يمليها الوارد الرباني يجوز استنباط معان غزيرة يستفيد منها المبتدي والمتوسط والمنتهي سقنا بعضها في الأعلى لأن الأمن من مكر النفوس لا يضمنه لنفسه بعد الأنبياء والمرسلين من أهل العصمة عليهم السلام أحد { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } بل يبقى الحفظ الرباني الذي يحل محل العصمة ولله الحمد والمنة في كل منزلة ومقام لقوله تعالى { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } 

بيد أن معرفة النفس تتمثل في مراتب ثلاث : 
- معرفتها من حيث الوجود والعدم أي من حيث وجود ذاتيها قال تعالى { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ويبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ } 
- معرفتها من حيث وجود صفاتها كالعجز والفقر والذل الخ ... أوصافها التي لا تنفصل عنها بحال قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } 
- معرفتها من حيث أعمالها الصالحة وهذا أمر مرغوب حسن { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } أو أفعالها الطالحة بسبب وجود أمراضها كالرياء والكبر والحسد والحقد والشح والبخل والنفاق .. وهذا يتطلب تزكيتها وتربيتها وتأديبها قال تعالى { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } وقال جل شأنه { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } 

والله تعالى أعلم وأحكم 
..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا الأحد 17 نوفمبر 2019 - 1:24

شكرا كثيرا على جوابكم. نفعنا الله به وبكم.
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 18 يناير 2020 - 5:45

قال المؤلف رحمه الله تعالى 
وَحَقِّقنِي يَا حَقُّ بحَقِيقَةِ أسْمَائِكَ وَصِفَاتكَ حَتَّى أكُونَ لابِسًا خِلعَة الحُضُورِ مَعَكَ فِي سَائِرِ تَجَليَّاتِكَ
ذكر من أسمائه الحسنى في هذا المحل اسمه تعالى ( الحقّ ) الذي لا يحتويه من الباطل شيء ليحققه بحقيقة الأسماء والصفات الإلهية لأنها باب الدخول إلى الحضور مع المذكور في سائر تجلياته الجمالية والجلالية في عالم الظهور والبطون 

لذلك بعد أن سأل المؤلف رضي الله عنه السقي من بحر نور الله الأعظم حتى لا يبقى للسوى على قلبه سبيلا ثم السقي من رحيق ختم الشهود حيث النظر إلى جمال المعبود ثم الخروج به إلى عوالم المظاهر التي حجب عنها من قام فيها بنفسه استعان به في ذلك الخروج إلى دوام التحقق بحقيقة الأسماء والصفات بمدد نور الذات 

حتى لا تأفل شمس الحضور مع سائر تجليات المذكور مقدار طرفة عين أو أقلّ من ذلك ليكون عبدا محضا وشاكرا صرفا لأن حقيقة عمل الشكر هو القيام بآداب الحضور مع المعبود على نعت الشهود في سائر تجليات الأسماء والصفات في أبوابها المتفرعة منها باب { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } والد الظهور ووالد البطون مجلى التجلي في عالم الملك والملكوت ..

قال رضي الله عنه مستشهدا بالآية الكريمة في محل توافق الحال مع المقال بحسب أنوار المنازل 
 رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا
أدخلني مدخل صدق بالفناء عن نفسي والكائنات في حالة رجوعي إلى بحر نور الذات ثمّ اخرجني مخرج صدق إلى عالم البقاء بأنوار الأسماء والصفات من مدد بحر نور الذات عند الخروج إلى مظاهر الكائنات { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } تاليا بلسان حاله قبل مقاله { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا } 

قوله تعالى { وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا } أي سلطانا من لدنك لا من لدنا ينصرني على نفسي وينصرني على سائر نفوس من يصدني عنك ويقطع طريق الدلالة عليك والأخذ بيد العبيد إليك في الظاهر والباطن ..

فهذا من دعاء العارفين عامة وأهل الوظائف خاصة ممن يكون ظهورهم في الأرض متحتما لحمل أمانة هداية العبيد إلى حضرة التوحيد واقامة العدل لتعمر أوطان القلوب بأنوار الغيوب ..

...


علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس السبت 18 يناير 2020 - 6:59

اللهم اجْعَل لسيدي علي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا
بورك فيك وزادك عزا وتمكينا
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 21 يناير 2020 - 2:15

أبو أويس كتب:اللهم اجْعَل لسيدي علي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا
بورك فيك وزادك عزا وتمكينا
اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي محسن 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 21 يناير 2020 - 2:23

قال المؤلف رضي الله عنه 
إلاهـــي إنَّ كَمَال العَارِف بِدَايَةُ الكَمَالِ وَالوصُولَ إلى نهَايَةِ نَوالكمْ دَرَجَةٌ لا تُنَالُ
قيل السير إلى الله تعالى ينتهي بالوصول إليه لقوله تعالى { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ } أما السير في الله تعالى لا ينتهي قال تعالى { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا } أي زدني عرفانا بك كون السير في معرفة الذات الإلهية لا ينتهي

لذا كان لسان حال المؤلف رضي الله عنه لاعجا ببيان تلك الحقيقة في معرض سؤال المزيد وطلب غايات التفريد مشيرا إلى وصوله إلى كمال العرفان متحدثا بالنعمة شاكرا المنة

ذاكرا في هذا الباب لواعج المحاب مشيرا بصريح الخطاب إلى مقامه في العبودية السامي الشريف من حيث كمال التعريف وتلك غاية المنى ولباب التقى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

إذ بعد تمام السير والسلوك ثم كمال العرفان ورسوخ القدم في حضرة القدم بوفور التقوى وتمكّن الهدى لا بد من عرض موائد الإنعام في عالم الإيقان حيث أنوار الكرامة ثمرة الإستقامة قال رضي الله عنه


وَأنَا أعْجَزُ مِنْ أنْ أعْرِفَ مَا فِيهِ نفْعِي وَضُرِّي مِنْ مَطَاعِمِ مَوائِدِ الإنْعَام تَعلَم مَا فِي نَفْسِي ولا أعْلَم مَا فِي نَفْسِكَ إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبْ
قال العارفون لا يكمل العارف حتى تصير جميع حظوظه حقوقا لله تعالى ومن هنا كانت أدعية أهل العرفان من ساداتنا الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ثم ممن كان دونهم في المقام من سائر العارفين رضوان الله عليهم يسألون ربهم في كافة خصوصياتهم من حيث كونها حقوقا لا من حيث كونها حظوظا لهم إليها تشوف نفسي أو ميل طبعي بل من حيث حمل أعباء دعوة الهداية ونشر النور الإلهي في الخليقة

كدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام القائل { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ } وكذلك الذين قالوا { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }

ومن هذا الباب نادى سيدنا زكريا عليه السلام مصرحا بما نواه { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا }

إذ لا انفكاك لهم عن هذا بعدما أصبحت سائر الحظوظ في نظرهم حقوقا سؤاء بتقدم سؤال منهم أو من غير تقدم سؤال كما كان الحال في حق السيدة مريم العذراء عليها السلام { إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }

لكن من آداب العارفين أنهم لا يأخذون شيئا من موائد الإنعام إلا ما يختاره الله تعالى لهم فكأنه رضي الله عنه يسأل ربه بأن يختار له وذلك بأن يلهمه محاسن الطلب 


وَأنَا أعْجَزُ مِنْ أنْ أعْرِفَ مَا فِيهِ نفْعِي وَضُرِّي مِنْ مَطَاعِمِ مَوائِدِ الإنْعَام
لأن دأبهم الأخذ بالله والترك بالله لا يختارون إلا ما يختاره الله لهم لفنائهم عن أنفسهم وبقائهم بربهم فطوبى لهم نفعنا الله تعالى بهم 


 يتبع إن شاء الله تعالى ...
..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 28 يناير 2020 - 10:56

وَأنَا أعْجَزُ مِنْ أنْ أعْرِفَ مَا فِيهِ نفْعِي وَضُرِّي مِنْ مَطَاعِمِ مَوائِدِ الإنْعَام. تَعلَم مَا فِي نَفْسِي ولا أعْلَم مَا فِي نَفْسِكَ إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيوب
الأخذ والترك على مطاعم موائد الإنعام من غير إذن ثمّ اختيار إلهي للعارف لا تؤمن عواقبه لأن قاعدة الإذن تقول المأذون مأمون مع العلم أن الإذن للعارف بفعل الشيء أو تركه كالأخذ والعطاء مرتبة نازلة عن مرتبة الإختيار الإلهي رغم جلالة الإذن ومنزلته ورغم أن كل حالة ومرتبة في بابها فلا تختلط بأخرى

لأن الإذن في خلاصته اجازة للفعل بمشيئة الله وحوله وقوته بينما الإختيار الإلهي للعبد يدخله بحر التسليم لله في كل شيء والرضا عنه فلا يختار العارف إلا ما يختاره الله له لذلك ورد عن إمام الشاذلية الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه قوله ( اختر أن لا تختار وفر من ذلك المختار ومن كل شئ إلي الله { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}  ) 

لذا شكى المؤلف رضي الله عنه عجزه في هذا المقام الذي هو نهاية التسليم للواسع العليم في كل ما يختاره له إذ كيف يعقل أن يتلو نشيد عرفانه بربه ومحبته وتوحيده ثم لا يكون عاجزا أمام علم معروفه عن معرفة سائر ما ينفعه أو يضره من تلك المطاعم ؟ لذلك استشهد بقول سيدنا عيسى عليه السلام كما جاء في قوله تعالى { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } 

أي { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي } مما قد تميل نفسي إليه منها سواء بشعور مني أو من غير ذلك الشعور عند الهامات فجورها وخاطر شرورها { وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } مما قضيته لي أو عليّ فيها ثم مما تريده وتختاره لي منها لأن في اختيارك لي سعادة السعادة وكرامة المكرمة فأنال الفضلين وأنعم بالثوابين ثواب الدنيا وثواب الآخرة { إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } أي إنك علام بخواطر النفوس إلى أبد الآباد مهما كانت تلك النفوس مطمئنة بذكر ربها فانية في توحيده إذ لا حفظ إلا بحفظ الله ولا سلامة إلا بتسليم الله لأنك سبحانك القائل { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } 

قلت : 
عندما تصرف السامري من غير إذن إلهي فيما سولت له نفسه به مما أبصره الله به ضلّ وأضلّ وزاغ وطغى فنسب بداية الكشف إلى نفسه وهو فعل الإبصار ورأى نفسه بذلك على غيره من قوم موسى عليه السلام { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي }

من هناك بدأت نفسه تحدثه باظهار تلك الخصائص التي زعمتها نفسه فبصر بها دونهم  لكن : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } فظهر في حلية الخيلاء منازعا الربوبية مظهرا الكفر والإلحاد فصنع لهم العجل فعبدوه 

هذا لتعلم دقة استشهاد المؤلف رضي الله عنه بقول سيدنا عيسى عليه السلام عندما توجه إليه السؤال في قوله تعالى { أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ } أي هل ما اختصصتك به من معجزات وأمك من كرامات يا عيسى كان سببا في دعوة الناس إلى عبادتك ؟ فأجاب بقوله كما قال تعالى { قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } ثمّ قال وهو محل الشاهد { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } 

لكن ومع هذا لم يترك المؤلف رضي الله عنه بعد ذلك السؤال والطلب فيما يرضي ربه بما أنه كان في مشهد الكرامة عند عرض مطاعم موائد الإنعام عليه فلا يجوز التخلف عن توفية حقوق الأدب وذلك بالفرح بالنعمة من حيث صدورها عن المنعم والسرور بالمكرمة من حيث وصلتها بالمكرم الكريم لئلا يكون زاهدا في اتمام نعمته عليه بقوله : 
فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة مِنَ المتَقدِّمِينَ مِنْ بَحْرِ نَوالِكَ الأعْظَمِ
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف الشاذلي الحموي الأحد 9 فبراير 2020 - 0:26

لله دركم سيدي علي
كم لسقياكم من عذوبة وارواء
الشاذلي الحموي
الشاذلي الحموي

ذكر عدد الرسائل : 35
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 03/10/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الإثنين 10 فبراير 2020 - 22:46

الشاذلي الحموي كتب:لله دركم سيدي علي
كم لسقياكم من عذوبة وارواء


السقيا سقيا شيخنا صاحب المناجاة رضي الله عنه فمنها نستمد فشتان بين من يستروح في معاني ما جادت به قلوب العارفين وبين أولائك العارفين أصحاب القواديس 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفعنا الله وإياكم بأهل الله العارفين رضوان الله عليهم لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 11 فبراير 2020 - 0:02

فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة مِنَ المتَقدِّمِينَ مِنْ بَحْرِ نَوالِكَ الأعْظَمِ 
حضرة الوهب الإلهي لا يتعاظم أمامها أي مطلب سني ونفح من السؤال قدسي مهما تعاظمت المطالب وتكاثرت المسائل إذ بين يديها تنيخ رواحل أرواح الطالبين وتهفو إلى معينها قلوب السائلين بعد أن أصبحت حظوظهم حقوقا ليس لنفوسهم في مسائلهم مطمعا أو ملمحا لفنائهم بمعبودهم عما سواه فلا يرون في الكون إلا اياه له يتوجهون ومنه يسألون وعنه يأخذون وإليه يرجعون لقوله تعالى { وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ } 

من هنا توجه المؤلف رضي الله عنه إلى ربه يسأله ويدعوه من حيث اسمه الوهاب لتعرف مدى تحققه بمعرفة مناطات الخطاب في محاسن الآداب إذ لكل اسم من أسمائه تعالى حضرة ولكل حضرة باب هو اسمها لقوله تعالى { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } متى علمت أن أول البيوت بيته تعالى الكعبة المشرفة فكانت أركان الإسلام خاتمتها ركن الحج المتعلق بزيارة البيت العتيق الذي تتفرع عنه سائر البيوت الأخرى لتعلم في الشاهد علاقة حضرات التوحيد بالأبواب التي توصل إليها لذا قيل في حقه عليه الصلاة والسلام من كونه مفتاح الشهود والمفتاح الذي يفتح به قفل القلب الذي هو بيت الرب في العبد 

لهذا توجه المؤلف رضوان الله عليه إلى حضرة اسمه الوهاب في هذا الباب دون غيره من الأبواب لما يعطيه اسمه الوهاب من وهب خاص دون سائر الناس إذ لا تكرار في الشكل والمضمون -لتخصيص كل وهب بصاحبه مهما تماثلت المواهب فيما يبدو للناظر- في كل ما يصدر عن حضرة الوهب الإلهي لذا لا تستغرب تعاظم المطالب على أبواب هذه الحضرة الوهبية حسا ومعنى لأن حضرة الوهب تخرق حتى الأسباب وأستار الحكمة لتعلقها بحضرة الفضل الواسعة التي لا حد لها ولا عدّ 

لذلك لا يعرف شأن هذه الحضرة إلا العارفون فعلى أبوابها في مطالبهم يصطفون دون سائر الخليقة قال الخليل ابراهيم عليه السلام { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } وقال زكرياء عليه السلام { قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } وقال سليمان عليه السلام { وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ } وقال العارفون { رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } 

من هذه الحضرة قال تعالى في حق ابراهيم الخليل عليه السلام { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } وفي حق موسى عليه السلام { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا } أنظر من عجائب هذه الحضرة كيف وهبت هارون لموسى نبيا , وفي حق داوود عليه السلام { وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ } الخ .. آيات الوهب الإلهي لأنبيائه عليهم السلام فماذا بعد هذا تراه واهبا لنبيه سيد الوجود ومفتاح الشهود ظاهرا وباطنا في حياته وبعد وفاته في قرابته وصحابته وسائر أمته إلى يوم القيامة عليه الصلاة والسلام ؟ 

بما أن مشرب الأستاذ رضي الله عنه في هذه المناجاة مشرب توحيدي بحت لا يسع أحد انكاره ما سأل على أبواب حضرة الوهب الإلهي غير مقامات النور ومذاقات الشعور فقال : 
فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة 
لم يختص نفسه بطلب حلة ينفرد بها عن سائر أهل النسبة بل سأل أعظم حلة كساها محبوبه لخلاصة أهل محبته الخالصة من شوائب العلل وهو معنى طهوريتها إذ كمال الطهورية أي مما سوى الله تعالى ومنه كان من شروط ماء الطهارة طهوريته المنعوت وصفها بالماء المطلق الذي لا لون له ولا رائحة أو طعم لأن من وهبه الله تلك الحلّة العظيمة فقد أتم عليه نعمته وأسبغها عليه ظاهرا وباطنا ومما يدلك على مشربه التوحيدي رضي الله عنه قوله بعد ذلك :
مِنَ المتَقدِّمِينَ مِنْ بَحْرِ نَوالِكَ الأعْظَمِ 
بحر النوال الأعظم يكون في التوحيد والعرفان لأن سباق المقربين يكون في هذا الباب من حيث زيادة النوال الأعظم في بحر نور الذات ومعرفتها في كل لمحة ونفس بلا نهاية لأن السير في معرفة الله تعالى لا ينتهي 
هذا الدعاء يمليه لسان الحال من غير كلفة ولا حول ولا قوة من السائل وهذا ما نبه عليه اشارة بعد ذلك في قوله :
وكُنِ اللَّهُمَّ سَمْعِي وَبَصَرِي وَيدِي وَرِجْلِي تلَبِّي قَوْلِي وَتجِيبُ سُؤْلِي إنَّكَ عَلى كلِّ شَيء قَدِير
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 11 فبراير 2020 - 15:28

السلام عليكم
حادثة رواها شيخنا صاحب المناجات رضي الله عنه في قوله:
(فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة.)
قال لما قرأت هاته المناجات في حضرة شيخي سيدي محمد المداني قدس الله سره كان حاضرا معنا أحد الفقراء من صفاقس وحين قرأت هذا المقطع سألني هذا الفقير مستنكرا: وماذا تقصد بقولك أعظم حلة كسوتها لأهل النسبة الإلاهية؟ ورأى أني طلبت ما لا أستحق واستكثر في حقي هذا المقام ملمحا لمقام المشيخة ...
فقال شيخنا رضي الله: إني أقول فيها كما قال العز ابن عبدالسلام هذا كلام قريب العهد من رب العالمين. هذا وارد رحماني إلا على من طمس الله بصيرته.
حفظنا الله من كل طمس وسلب.
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 10 مارس 2020 - 2:14

أبو أويس كتب:السلام عليكم
حادثة رواها شيخنا صاحب المناجات رضي الله عنه في قوله:
(فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة.)
قال لما قرأت هاته المناجات في حضرة شيخي سيدي محمد المداني قدس الله سره كان حاضرا معنا أحد الفقراء من صفاقس وحين قرأت هذا المقطع سألني هذا الفقير مستنكرا: وماذا تقصد بقولك أعظم حلة كسوتها لأهل النسبة الإلاهية؟ ورأى أني طلبت ما لا أستحق واستكثر في حقي هذا المقام ملمحا لمقام المشيخة ...
فقال شيخنا رضي الله: إني أقول فيها كما قال العز ابن عبدالسلام هذا كلام قريب العهد من رب العالمين. هذا وارد رحماني إلا على من طمس الله بصيرته.
حفظنا الله من كل طمس وسلب.


نعم سيدي محسن جزاكم الله خيرا 
سمعت بقصة هذه الحادثة عن طريق بعض تسجيلات شيخنا رحمه الله تعالى من سنين عديدة ومن بعض مريدي شيخنا أيضا سمعوها من الأستاذ مباشرة رضي الله عنه وعنهم ومنكم الآن أيضا 
كنت مستحضرا للحادثة مشيرا إليها في الشرح عند كتابة هذا السطر تحديدا ( لم يختص نفسه بطلب حلة ينفرد بها عن سائر أهل النسبة ... الخ .. )
شكرا لكم سيدي الحبيب 
...
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 10 مارس 2020 - 3:46

وكُنِ اللَّهُمَّ سَمْعِي وَبَصَرِي وَيدِي وَرِجْلِي تلَبِّي قَوْلِي وَتجِيبُ سُؤْلِي إنَّكَ عَلى كلِّ شَيء قَدِير
هذا الدعاء متعلقه الربانيين من أهل نسبة الله فلا تراه متحققا في غيرهم مثلما تجده متحققا فيهم بل قل لا تلحظه وتستشعره إلا فيهم حقيقة وهو مستوحى من الحديث القدسي  : 

قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقْد آذَنْتهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ "

قوله ( وكُنِ اللَّهُمَّ سَمْعِي ) أي حتى لا أسمع إلا بك لأنه متى سمعت بك سمعت منك وفهمت عنك لأن من كان الله سمعه سمع به وفهم عنه سمعت أحد الشيوخ العارفين رضي الله عنهم يقول : قدم عليّ شخص وكنت في الزاوية فلما انصرف سمعت باب الزاوية يغلق غلقا شديدا حتى انخلع قلبي من قوة صوت الباب فخرجت مسرعا إلى باب الزاوية وفي نيتي معاتبة ذلك الرجل على حماقة فعله لكن ويا للعجب وجدت الباب مفتوحا مشدودا إلى الحائط كما كان ففهمت أنها اشارة من الله " هذا شخص غير مرغوب فيه فلا تحزن عليه " 

تدخل هذه الحادثة أيضا في جملة باب السمع بالله قال تعالى { وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا } أي لا يسمعون بي ولا مني ولا يفهمون عني لذا قال المؤلف رضي الله عنه ليكون عبدا ربانيا خالصا ( وكن اللهم سمعي ) أي حتى أسمع بك منك عنك كما قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه في حزبه ( وارزقنا مشاهدة تصحبها مكالمة ) لأن النظر والسمع أصلان في ولوج مقام الإحسان بعد التحقق بالإيمان والتحلي بالإيقان فلا ينفصل سمع عن نظر لهذا أردف بالبصر قال رضي الله عنه : 

وَبَصَرِي ) أي كن بصري بعد أن تكون سمعي حتى أبصر بك لأن من أبصر ببصر الله لا يرى في الوجود سواه في كافة المراتب والحقائق لقوله تعالىفَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه } قال هنا { فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه } وما قال ( فثم الله ) وبين هذا وذاك فرق اعتباري رغم أن الصفة لا تفارق الموصوف لئلا تقع في أوحال التوحيد كشبهات القول بالحلول والإتحاد منبع الإلحاد ..

مع العلم أن السمع والإبصار بالله له مراتب أخرى أنزل من هذه المراتب الربانية العالية الخالصة منها رتبة الفراسة وأن العبد يصبح ينظر بنور الله كما قال تعالى { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ } ويصبح يسمع بنور الله قال تعالى { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } لكن بما أن المؤلف رضي الله عنه نحا منحى توحيديا في مناجاته فهو لا يسأل من الحاجات إلا ما يقربه إلى ربه ويدخله حضرة أنسه فلا يرى في الوجود إلا اياه كما قال رضي الله عنه في قصيد له : 

ابغي ثباتي في شهودي بحر الذات *** نغنم أوقاتي في رؤيا الذات العلية 
وَيدِي وَرِجْلِي
لأن العارف متى كان بصره بالله وسمعه بالله كذلك ستكون بقية جوارح قواه لأن مشهد شعوره واحساسه ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فسأل ربه أن يكون يده التي يبطش بها كما في الحديث القدسي ومعنى البطش التصريف أي يتصرف بها ويقضي بها سائر حاجاته وأغراضه فتكف يده عن المعاصي واقتراف الذنوب وتتنزه عن سائر العيوب فتضحى بالله لله نائبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب بيعة الإرادة لأهل النسبة الربانية

قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } مع ما يظهر على تلك الأيادي من كرامات كما ظهرت من قبل من معجزات حتى ذكر أن سيدنا عيسى عليه السلام بمجرد أن يمسح بيده على رأس أكمه أو مبتلى بمرض البرص يشفى في حينه ومن هذا ما بلغنا في السيرة عنه صلى الله عليه وسلم وكيف رد عين ذلك الصحابي التي سقطت في احدى الغزوات وهلم جرا ومعجزاته اليدوية أكثر من أن تحصى عليه الصلاة والسلام ومن قبله قال تعالى في حق سيدنا موسى عليه السلام { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } 

كذلك رجله فيطوى له المكان فيقطع صاحب الكرامة في لحظة ما لا تقطعه السفن الفضائية في آلاف السنين قال تعالى في حق صاحب سيدنا سليمان عليه السلام  { أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } فتحققت له الكرامتان كرامة الذهاب وطي المكان " الرجل التي بها يمشي " وكرامة اليد التي بها حمل عرش بلقيس فكان يمشي بالله وبه يتصرف لأن هذه الكرامات والمعجزات لا يقدر عليها إلا الله تعالى لكن يجب الحذر من التلبيس في هذا الباب حيث أن في عوالم الروحانية أي عوالم الجن والشياطين ما يقع التلبيس به في هذا الجانب كذبا وزورا من باب السحر والتصريف الروحاني وهذا لا علاقة له بما نحن بصدده من الحديث عن الكرامات الربانية التي مشهدها ( وكنت يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ) فشتان بين الأمرين 
تلَبِّي قَوْلِي وَتجِيبُ سُؤْلِي إنَّكَ عَلى كلِّ شَيء قَدِير
تلبي قولي أي تستجيب لدعائي من باب ما ورد في الحديث القدسي يقول الله لملائكته في حق بعض العصاة المذنبين التائبين ( إلى متى تحجبون صوت عبدي عني لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي )

ختم بقوله 
 إنَّكَ عَلى كلِّ شَيء قَدِير 
لتعلم أنه سأل ربا قادرا غير عاجز لذلك عظّم المسائل كونها في مقابلة قدرة ربه كأيسر ما يكون تحقيقها    

المعاني كثيرة أكثر من أن تحصى كون المناجاة فيضا ربانيا تنساب معها المعاني ..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف بلقيس الأربعاء 11 مارس 2020 - 1:13

فيض رباني في المناجاة وفي شرح المناجاة ، سبحان من أفاض عليكم
نفعنا الله بكم
بلقيس
بلقيس

انثى عدد الرسائل : 30
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 16/09/2018

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 14 مارس 2020 - 6:37

بلقيس كتب:فيض رباني في المناجاة وفي شرح المناجاة ، سبحان من أفاض عليكم
نفعنا الله بكم
بارك الله فيكم أختنا الفاضلة بلقيس

بالنسبة لمناجاة شيخنا رضوان الله عليه فهي كما شهد له شيخه رضي الله عنه كونها "واردا رحمانيا" 
أما بالنسبة لشرح الفقير عليها لا أعتقد أنه فيض رباني ولم يشهد لي بذلك عارف لذا لا يجوز مجاوزة حدودي وعاش من عرف قدره 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 14 مارس 2020 - 7:06

إلاهـــي إنَّ بِدَايَة الخِذْلانِ الغَفْلَةُ وَمَعْصِيَّتُكَ هِي بَذْرَةُ العِلَّة
قال في الحكمة العطائية ( الغـافـل إذا أصبح يـنـظـر مـاذا يـفـعـل والـعـاقـل يـنـظـر مـاذا يـفـعـل الله به )
الغفلة ضد اليقظة والمعصية ضد الطاعة فالغفلة ذنب القلوب بينما المعصية ذنب الجوارح

الغفلة أنواع بعضها أدنى من بعض منها غفلة عن الله قال تعالى { لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
وغفلة عن عوالم الله قال تعالى { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }

لذلك شرّع ذكر الله لطرد الغفلة عن القلوب حتى تستيقظ لأن الغفلة هي عمى القلوب عن مشاهدة أنوار المحبوب

قال في الحكمة مبينا مراتب الترقي عند الذاكرين :
( لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك فى وجود ذكره.فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة, و من ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور و من ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور و ما ذلك على الله بعزيز )

أصناف الغافلين ثلاثة :

- غفلة العوام بالعمى عن النور واليقين { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ }

- غفلة المريدين بفقدان الحضور
قال حنظلة ( .. يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم )

- غفلة العارفين عما سوى المذكور وذلك بالإلتفات إلى السوى { وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }
إنَّ بِدَايَة الخِذْلانِ الغَفْلَةُ
أي ان بداية الخذلان الذي يصيب العارف هوالغفلة عن المولى و الإلتفات إلى السوى والخذلان هو الخيبة والفشل والإنقطاع وعدم نصرة ربه في نفسه فالغفلة بالنسبة للعارف هي نار الأنيار الكبرى لأنها سبب الحجاب قال في الحكمة ( ... والعذاب وإن تنوّعت مظاهره إنما هو بوجود حجابه فسبب العذاب وجود الحجاب )
لذلك أمر الله تعالى عباده بطاعته بداية ثم بالحضور معه توسطا ثم بالفناء فيه نهاية فالطاعة مقدمة والذكر جوهر والشكر خاتمة { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }
في بحر ظلمة النفس الطاعة مركب والذكر ربان والشكر نجاة
وَمَعْصِيَّتُكَ هِي بَذْرَةُ العِلَّة
التي تتفرع عنها سائر العلل الظاهرة والباطنة لذا كانت المعاصي بريد الكفر لأنها أقرب طريق إليه أما سبيل الطاعة فهي أقرب وسيلة إلى اليقظة والحضور مع المذكور
العارف يحاسب على الخاطر كما يحاسب المحجوب على الذنوب والمعاصي الظاهرة { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } والظن مجرد خاطر
{ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ }
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأحد 22 مارس 2020 - 12:01

فَأعِذْنِي مِنْ كلِّ مَا يُشْغِلُنِي عَنْكَ وَيُبْعِدنِي مِنْكَ
دأب المريد الصادق والعارف الواصل دوام الحضور مع المذكور في كل لمحة وحين لا يشغله عنه شاغل ولا يبعده منه مانع لذلك ذكر المؤلف رضي الله عنه هنا مسألتين الأولى تتعلق بالإشتغال عن الله بما سواه والثانية البعد عن قربه ورضاه

الإستعاذة من كل ما يشغله عنه أي من السوى مهما كان هذا السوى علويا أو دنيويا لأن السوى شيطان المريد القاطع وهو فتنته الكبرى الذي يشغله عن ربه مناط الغفلة قال سيدنا موسى عليه السلام لما استعجل القدوم على ربه لمكالمته { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } فذكر سبب الإستعجال بغية نوال الرضا 

قال في الحكمة العطائية ( ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة : الذي تطلب أمامك ولا تبرجت له ظواهر المكونات إلا ونادته حقائقها : { إنما نحن فتنة فلا تكفر } ) 

أما الإستعاذة من كل ما يبعده عنه أي ما يبعده عنه من المعاصي الظاهرة والباطنة كونها طريق البعد كما ورد في صفة البخيل ( ... والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ) لأن صفة البخل على سبيل المثال تبعد العبد وتطيل عليه طريق القصد والقدوم نحو حضرة ربه 

يمكن القول أن الإشتغال عن الله بما سواه سببه القواطع بينما البعد عنه سببه الموانع لأن طريق الإرادة فيه قواطع وموانع والقاطع هو الذي يقطع عن المريد سيره وحضوره مع ربه { رجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ }
ومن جنس هذا ما ورد في قصة سيدنا سليمان عليه السلام كما قال تعالى { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ } 

أما المانع هو الذي يمنعه من التوجه إلى حضرة ربه من الأمور اللاهية الدنيوية قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } فتجد هموم كثير من العباد في هذا الزمان الزوجة والأولاد والمال وتحصيل الدنيا والجاه وليس له عن دين الله وطريقه خبر لا علما ولا عملا ..

..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأربعاء 25 مارس 2020 - 21:24

وَسَيِّرنِي فِي منْهَاجِ شَرِيعَتكَ الأقْوَمِ 
بعد أن عبّر المؤلف رضي الله عنه عن أحواله الإيمانية ومشاهداته الربانية  فيما سبق من المناجاة من مشارب الحقيقة رجع في هذه الفقرة إلى سؤال تثبيته على آداب وحقوق الشريعة إذ كل حقيقة لا تشهد لها شريعة فهي باطلة لا اعتداد بها 

قال الجنيد إمام الطائفة رحمه الله تعالى ( من لم يحفظ كتاب الله ويكتب حديث رسول الله لا يقتدى به في طريق القوم ) أي من لم يكن واقفا عند حدود الشريعة متأدبا بآدابها لا يقتدى به في طريق السالكين مهما ادعى الوصول أو لبس لباس القوم لأن المعوّل عليه عند الطائفة أن الإمام القدوة يكون جامعا بين الشريعة والحقيقة ظاهره شريعة وباطنه حقيقة { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ } 

لذلك دعا المؤلف رضي الله عنه ربه بأن يسيّره في منهاج شريعته الأقوم 

قوله الأقوم يحتمل معنيين : 
-الأول أن شريعة الله تعالى التي ارتضى لعباده في الأرض هي المنهاج القويم  فلا منهاج من الأحكام الوضعية الأخرى يمكن أن يكون أقوم منها في باب العبادات والمعاملات والحدود في كل زمان ومكان 

- الثاني : الأقوم : أي أقوم المناهج الشرعية متى علمت وسع الفقه الإسلامي وتنوّع مذاهبه فسأل أقوم الأحكام وروح المقاصد من باب { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } 
من دعائه عليه الصلاة السلام ( واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ) فكان خلقه القرآن استجابة لدعائه صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } أي شريعة وحقيقة 

وقوله رضي الله عنه ( سيّرني ) من التسيير وهو السير على النهج القويم مصدره السيرة أي اجعل سيرتي على نهج سيرته عليه الصلاة والسلام قال الأستاذ رضي الله عنه في بعض مذاكراته  " اللهم كما علمتنا السيرة فعلمنا المسيرة " يريد بذلك أنه كما علمتنا علوم سيرته المحمدية الظاهرية في باب العبادات والمعاملات علمنا مسيرته القلبية في باب المعارج والمشاهدات 

( سيّرني ) طلب التسيير لئلا يدعي أنه قادر على تسيير نفسه بنفسه على منهاج الشريعة الأقوم من غير هداية ربه وتوفيقه له لأنه كألة الله محركها دليل الفناء في ربه والغيبة عما سواه فلا ينسب إليها حولا ولا قوة ولا غنى علامة الصدق في توحيد المولى وذلك غاية المنى ..


..
..
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف ابو اسامة الثلاثاء 31 مارس 2020 - 21:56

السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته،
عمتم مساءً وطابت أوقاتكم بالخير والسعادة والهناء
بارك الله فيكم وزادكم نورا ويقينا وعرفان،  ممتاز وأكثر من روعة وهذا هو المطلوب منا معشر المريدين الصادقين   ،( رأيت القوم قد شدوا رحالهم *** إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي ) رأيت برئيتي البسيطة والمتواضعة أن أنتشق من ريحان وارداتكم فأقول من الله أستمد الحول والطول، ، إلاهي بعد كثرة الذكر والتوكل على الله والإنقطاع إليه يستسيغ الذاكر حلاوة الذكر ويتبين له أفاق الأنس أثناء الذكر يقول الإمام العلاوي رضي الله عنه ( وبتشخيص الإسم ترتحل الغفلة،  ). وبداية خذلان النفس الغفلة عن كبح حظوظها وشهواتها
ابو اسامة
ابو اسامة

ذكر عدد الرسائل : 523
العمر : 74
الموقع : الرّديف
العمل/الترفيه : متقاعد cpg
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 21/02/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 4 أبريل 2020 - 20:15

ابو اسامة كتب:السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته،
عمتم مساءً وطابت أوقاتكم بالخير والسعادة والهناء
بارك الله فيكم وزادكم نورا ويقينا وعرفان،  ممتاز وأكثر من روعة وهذا هو المطلوب منا معشر المريدين الصادقين   ،( رأيت القوم قد شدوا رحالهم *** إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي ) رأيت برئيتي البسيطة والمتواضعة أن أنتشق من ريحان وارداتكم فأقول من الله أستمد الحول والطول، ، إلاهي بعد كثرة الذكر والتوكل على الله والإنقطاع إليه يستسيغ الذاكر حلاوة الذكر ويتبين له أفاق الأنس أثناء الذكر يقول الإمام العلاوي رضي الله عنه ( وبتشخيص الإسم ترتحل الغفلة،  ). وبداية خذلان النفس الغفلة عن كبح حظوظها وشهواتها

أسعدني مروركم سيدي الكريم جزاكم الله خيرا وبارك فيكم عل حسن ظنكم ونفعنا بكم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 4 أبريل 2020 - 21:02

وَألبسْنِي أعْظَم حلَّةٍ مِنْ نورِكَ الأعزِّ الأعْظَمِ 
اللباس ما يلبس في العادة من الثياب 
وهو هنا ما يكون من الهيبة والنور والحال الرباني للظاهر المرئي أكثر منه للباطن المخفي قال تعالى { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } قيل هو العمل الصالح وقيل هو الإيمان..
 لأن العبد متى أصلح الله له باطنه وزينّه ألبسه بعد ذلك حلة النور في ظاهره كما ورد في الأثر ( جالسوا من تذكركم بالله رؤيته ) لأن العبد الرباني من تذكرك بالله مجرد رؤيته 
لذلك قال الشاعر ( متى أراهم وأنى لي برؤيتهم *** أو تسمع الأذن مني عنهم خبرا ) وقال غيره ( متى يا كرام الحي عيني تراكم *** وأسمع من تلك الديار نداكم )
لذلك يعتني أهل الله بداية باصلاح بواطنهم وعمارة قلوبهم حتى يخرج ذلك على ظواهرهم فتذكرنا بالله رؤيتهم لذا عبّر المؤلف رضي الله عنه هنا بقوله ( وَألبسْنِي ) دون ( أوهبني ) أو ( اكسني ) كما جاء في الجزء الرابع من المناجاة وهو قوله رضي الله عنه ( فَأوْهبْني يَا وَهَّابُ أعْظَمَ حلَّة كَسَوتَهَا لأهْلِ النِّسْبَةِ الإلاهِيَّةِ الطَّاهِرَة ) لأن اللباس يعطي معنى ظهور النور على العارف المبرور بخلاف الوهب أو الكساء قد يكون ظهوره خاصا بين قوم مخصوصين ..


لأنه بعد أن سأل السير على منهاج الشريعة الأقوم دعا بما يتناسب مع تلك المرتبة في عالم الظهور في وصف الدعوة والإمامة لذلك سأل أعظم حلة من النور الإلهي الأعز الأعظم وهي حلة الدلالة على الله ظاهرا وباطنا 
قال تعالى في حق سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا }
 سراجا منيرا ينير على كافة الخلق برهم وفاجرهم كونه الهادي إلى صراط الله المستقيم إذ لا يخلو الداعي الرباني من حلة يلبسها الله تعالى اياه يظهر فيها
 كون العارف الكامل لا يخرج إلا في عالم البقاء بعد سحقه ومحقه ومحوه في عالم الفناء فيخرج نورا من جملة أنوار الله في الوجود يكون دالا عليه موصلا المقبلين الطالبين إليه
قال سيدي بن عطاء رحمه الله في حكمه ( سُبْحانَ مَنْ لَمْ يَجْعلِ الدَّليلَ على أولياؤِه إلا مِنْ حَيثُ الدَّليلِ عَلَيهِ وَلمْ يوصِلْ إليهمْ إلا مَنْ أراد أَنْ يوصِلَهُ إليهِ ) 
لكن لما علم ما يستوجبه هذا المقام الفخيم من ضرورة التمكين سأل سؤال المضطرين : 
ومَكِّنِّي فِي تَلَوينِ تَجَلِّيَّات الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ حَتَّى لا تَقَعَ عَيْنِي إلا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ وَغَيِّبْنِي فِيهَا بِكَ عَنْهَا
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف إلياس بلكا السبت 11 أبريل 2020 - 14:20

الحمد لله على استئناف أخينا علي الصوفي شرح هذه المناجاة العظيمة. ونسأل الله تعالى المزيد من فضله.
إلياس بلكا
إلياس بلكا

ذكر عدد الرسائل : 48
العمر : 55
تاريخ التسجيل : 15/05/2015

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي السبت 6 مايو 2023 - 5:32

ومَكِّنِّي فِي تَلَوينِ تَجَلِّيَّات الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ حَتَّى لا تَقَعَ عَيْنِي إلا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ وَغَيِّبْنِي فِيهَا بِكَ عَنْهَا


سأل المؤلف رضي الله عنه هنا تمكينه عند شهود تلوين تجليات الأسماء والصفات الإلهية حتى يبقى ثابت القدم في حضرة القدم فلا تزل قدم بعد ثبوتها لأن كمال معرفة العارف {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} أصلها ثابت في أرض العبودية بينما فرعها في سماء الخصوصية فالتلوين في الشاهد كَلَوْحَيْ محو واثبات لتغيرهما وعدم ثبوتهما على نسق واحد ولا مشهد واحد لقوله تعالى {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ 


لذلك تجد العارف ينتظر ما تتجلى به الحضرة الإلهية عليه وعلى العالم في كل يوم وساعة وثانية فيستقبل ذلك بالرضا والقبول مع ما يستوجه كل تجل من أدب في وقته لأن لكل تجلّ أدب مخصوص فإن أصابت المؤمن سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فهو دائم الحضور مع المذكور لا يغفل عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك وهذا مقام التمكين في المراقبة الذي هو شطر الإحسان متى علمت أن مقام الإحسان أو قل العرفان نصفه مشاهدة ونصفه الثاني مراقبة فالمشاهدة لرؤية نور الجمال بينما المراقبة للأدب مع حضرةالجلال

في هذا المنعرج سقط إبليس لعنه الله تعالى حيث قابل الجلال الإلهي بجلال نفسي لغفلته عن مقام المراقبة وما يستوجبه من أدب { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }  بينما قابل آدم وزوجه حواء عليهما السلام الجلال بالجمال { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 


لأن غاية العارف أن لا يجهل ربه في شيء فيراه قبل كل شيء وعند كل شيء وبعد كل شيء فلا ينازع مولاه في صورة تجلى بها إلا بما شرّعه وأمر به لأن شريعته لا تخالف الحقيقة بل تحفظها وتصونها

لذا كان التلوين مقام السائرين من المريدين غالبا فقلما يتمكن السالك إلا بعد كماله بينماالتمكين مقام الواصلين فمهما تلونت تجليات الأسماء والصفات فهو متمكن في شهود ذات المتجلي بها لذا قال ( 
حَتَّى لا تَقَعَ عَيْنِي إلا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ ) لكون أهل التمكين يشهدون كل شيء من الله وإليه فهم في شهود بحر الذات  

قال إمام أهل التمكين عليه الصلاة والسلام ( 
اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمُعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أُحصي ثناءً عليك أنت كماأثنيتَ على نفسك ) فقوله ( وأعوذ بك منك ) واضح في بابه 


لأن الأسماء والصفات الإلهية منها صفات جمالية وأخرى جلالية فالجمالية للتخلق والجلالية للتعلق فلا ينحجب المتمكن بصفة عن أخرى ولا بمشهد عن آخر {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ } خشية أن { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا

ثم دعا ( وَغَيِّبْنِي فِيهَا بِكَ عَنْهَا ) يحتمل هذا الدعاء أكثر من مراد هل يعود على الذات أو على تجليات الأسماء والصفات لكن الظاهر أنه يريد الغيبة عن تلوين تجليات الأسماء والصفات بشهود بحر الذات لقوله قبل هذا( حَتَّى لا تَقَعَ عَيْنِي إلا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ ) 

باعتبار أن الصفات عند العارفين من أهل الشهود واليقين لا تفارق موصوفها بحال فهي عينها في الحقيقة فمن هذا الوجه يمكن اطلاق كونها حجاب الذات الأعظم فهي كذات من هذا الوجه لأن الصفة لا تفارق الموصوف أبدا فحيثما ثم الذات كانت معها الصفات لذا ذكر الغاية ( حَتَّى لا تَقَعَ عَيْنِي إلا عَنْ ذَاتِ الذَّاتِ ) أي بحر شهود الذات وهذا ما دعاه لطلب ( وَغَيِّبْنِي فِيهَا بِكَ عَنْهَا ) أي برجوع تلك الأسماء والصفات إلى بحر الذات باعتبار العارف عند فنائه يفنى بداية عن الأكوان التي هو من جملتها ثم يفنى عن نفسه في ذات الرحمان 


قلت : 
صار مبحث بين الإخوان في هذا السطر من المناجاة فليراجع
لكن خلاصة القول أنه سأل التمكين في بحر شهود الذات في كل تلوين من تلوينات الأسماء والصفات وهو المعبر عنه بالتمكين في التلوين لأن العبرة من الألفاظ بمقاصد معانيها فمتى أوتيت المعنى كان اللفظ لك فحجتك معك 

لأن الغاية بالنهاية هو ما عبر عنه في دعائه وسأله من مولاه وسنأتي عليه : 


   وَتَولَّنِي منك بالحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّأييدِ وَالتَّمْكِينِ وَأنْتَ تَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ يَا رَبَّ العَالَِمِين. 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

محمد, بلقيس و ابن الطريقة يعجبهم هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس السبت 6 مايو 2023 - 18:22

في استئنافك للموضوع أفرحتنا وأنعشت المنتدى بمذاقاتك اللطيفة فكانك لم تغادره ولم تغب عما بدأته.
وهذا من التمكن في التجليات
أحسن الله إليك حاضرا وغائبا
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

محمد يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأحد 7 مايو 2023 - 1:29

أبو أويس كتب:في استئنافك للموضوع أفرحتنا وأنعشت المنتدى بمذاقاتك اللطيفة فكانك لم تغادره ولم تغب عما بدأته.
وهذا من التمكن في التجليات
أحسن الله إليك حاضرا وغائبا

ربنا يبارك فيكم سيدي الفاضل
 دائما تشجعون فقراء شيخنا اسماعيل رحمه الله تعالى والصوفية عامة على التواصل والتآلف والبذل والعطاء من باب ما لا يدرك كله لا يترك جله جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف علي الأحد 7 مايو 2023 - 3:35

وَتَولَّنِي منك بالحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّأييدِ وَالتَّمْكِينِ وَأنْتَ تَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ يَا رَبَّ العَالَِمِين.

سأل المؤلف ربه أن يتولاه اذ لا يطلب التولي من غيره لأن ربه يتولى الصالحين فهو مولاه الذي يتولى أحبابه ظاهرا وباطنا في الدنيا والآخرة سواء من سائر رسله وأنبيائه أو كافة أوليائه العارفين والمؤمنين الصادقين لقوله تعالى {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}

لأن الله تعالى متى تولى عبدا من عبيده كفاه شر نفسه بداية فحفظه من شرورها فيحفظ له صدق ايمانه ونور ايقانه ومشاهدات احسانه لأن حقيقة الحفظ هو الحفظ من السلب بعد العطاء لكون العصمة للأنبياء بينما الحفظ للأولياء فالحفظ لدى أولياء الله كالعصمة عند الأنبياء عليهم جميعا السلام 

لذا كان حريا بالمؤلف أن يسأل ربه الحفظ بداية ونهاية ظاهرا وباطنا لأنه منطلق كل خير فمن لا حفظ له لا رعاية له ولا تأييد ولا تمكين قال تعالى في حق خدم سيدنا سليمان من الإنس والجن وحتى الشياطين { وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } فالحفظ مقدم على التمكين فلا تمكين من دون حفظ  

الحفظ بداية من الوقوع في المعاصي الظاهرة حتى يحافظ المؤمن الصادق على جناب الشريعة المحمدية المقدسة فلا يتأول المحرمات ليجد لها فتوى إلى المباحات لأن الحلال بيّن والحرام بيّن ثم الحفظ توسطا من المعاصي الباطنة التي هي من عظائم المهلكات كالحسد والحقد والدعوى والشطح النفسي فما سقط من سقط إلا من باب المعاصي الباطنة على وجه الخصوص وهذا من معنى السقوط والإرتداد والخلود إلى الأرض 

لأن العبد قد لا يتلبس بالمعاصي الظاهرة خشية سقوط حرمته في أعين الناس بينما قد تجده متلبسا بالآثام الباطنة لكون الخلق لا يطلعون عليها غالبا فهي في الشاهد معاصي فيما بينه وبين ربه أي لا يراها غير ربه فيه أو ممن كاشفه الله تعالى بها من المشايخ المربين قصد تزكية المتلبس بها وتطهيره منها لا بقصد الفضيحة وهتك أسرار العباد

لذا قال في القصيدة ( عيبا بدا لكنه استترا ) أي مهما كان باديا عند أهل التربية من العارفين فهو مستور بستر رب العالمين لا يجوز كشفه بحال للناس فأهل التربية أمناء على أسرار الخلق لقوله عليه الصلاة والسلام ( من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة )

لذلك قالوا أن العارف لا يكون عارفا حتى يتخلق بإسمه تعالى الستّير وهو المبالغة في الستر أي ستر عيوب الناس ومعاصيهم وذنوبهم وكل المذام منهم ما لم يجاهروا بها لأن المجاهر ينسحب عليه حكم الفسق فهو فاسق بخلاف ساتر نفسه الذي يرجو من ربه أن يستره ولا يفضحه قال في الحكمة العطائية ( من أكرمك إنما أكرم فيك جميل ستره فالحمد لمن سترك ليس الحمد لمن أكرمك وشكرك )


ثم الحفظ نهاية من شهود السوى والرجوع إلى الخواطر لأن حضور الواصلين هو الإستغراق في شهود بحر الذات فلا حفظ أعلى من حفظ الأوقات على العارف   

فالحفظ بداية هو حفظ الإيمان ولوازمه ثم ستر العبد من الفضيحة لأنه يدخل في معنى الحفظ لذا قال قائل القوم " لو علم الناس بذنوبي لرجموني بالحجارة " فكل الخلق يشملهم هذا الستر بعد معافسة الذنوب عدا الأنبياء والمرسلين كونهم معصومين عليهم السلام كالملائكة الكرام لقوله عليه الصلاة والسلام ( كلُّ بني آدم خَطَّاءٌوخيرُ الخَطَّائِينَ التوابون )

فكل ابن آدم خطاء مهما كان محفوظا لنزول الحفظ عن درجة العصمة فالحفظ وإن كان يقتبس من نور العصمة إلا أنه لا يصل إلى مستواها فالفرق بين العصمة والحفظ ( في باب اقتراف الآثام والأخطاء ) كالفرق بين النبي والولي 

ثم حفظ الأبدان والأموال والأولاد وكل من يلوذ بالمحفوظ وهو حفظ مصالحه في معاشه بعد حفظ الدين لأن المنتسبين للمحفوظ يشملهم فعل الحفظ الإلهي لهم فإذا حفظ الله شيخا عارفا مربيا فهو يحفظ مريديه الصادقين في حياته وبعد وفاته أما الكاذبين فلا عهد لحفظهم وهو ما نبهت الحضرة الإلهية عليه سيدنا الخليل ابراهيم عليه السلام { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }


لأنه لا أنساب بين الله تعالى وبين خلقه إلا نسبة التقوى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } 
لذا لا تعجب من سائل يلح في سؤال الحفظ له ولمن يلوذ بحماه لما للحفظ من عماد تبنى عليه أركان ما سأله المؤلف بعد ذلك من : 
الرعاية والتأييد والتمكين
لأن المحفوظ الذي تولاه ربه يكون دائما في رعاية دائبة ومعنى الرعاية أي عين الله التي لا تنام تلحظه بالنماء والترقي المستمر في كل وقت وحين ومن هنا ورد أنه ما من نبي إلا ورعى الأغنام لما في معنى الرعاية من تعاهد حتى لا تشط أو تضل أو تنحدر فلا يمكن لعين أن ترعاك مثل عين مولاك الذي تولاك لأن الرعاية الربانية إذا شملتك تهديك للأقوم ظاهرا وباطنا حسا ومعنى حتى تتخلق بمدد تلك الصفة الإلهية { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 

لكن مهما كان الحفظ الإلهي والرعاية الربانية كفيلين بفلاح العبد وصلاحه ونجاحه إلا أنه في مجال الوظائف الدينية والكونية على حد سواء يحتاج العبد فيه إلى تأييد الهي خاص لأن العبد في كثير من أحيانه يحتار أو يعجز أو يحزن أو يضعف فيأتيه مدد التأييد في كل وقت وحين حتى لا يفشل أو ينهزم 

لذا تشهد وقائع من التأييدات تحدث عنها القرآن الكريم منها قوله تعالى في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا }

وفي حق سيدنا عيسى عليه السلام {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ }


وفي تأييد أهل الإيمان { فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } فالتأييد في اللغة هو المساعدة والدعم للتثبيت والتقوية 

بيد أن هذه الثلاثة الحفظ والرعاية والتأييد سبيل مستقيم إلى التمكين والتمكين هنا ليس ما ذكر أعلاه من التمكين في شهود بحر نور الذات لئلا يحجب العبد بأنوار التجليات عن شهود ذات الذات فحسب إنما هو التمكين في عالم البقاء وذلك بالدلالة على المولى في عالم الخلافة الربانية والمتمكنون أصنافهم ثلاثة في مجال الدين : 

- تمكين علماء الشريعة

- تمكين شيوخ التربية   
- تمكين شيوخ التصريف 

تجمعهم آية قوله تعالى :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } 

وباعتبار أن المؤلف رضي الله عنه كان من شيوخ العلم الأفذاذ وشيوخ التربية الكبار سأل ربه بعد أن أوصله إليه وعرفه به وأدناه منه وقربه أن يتولاه بحفظه في دينه ودنياه ورعايته في حله وترحاله وتأييده بسطوع برهانه وجنود احسانه ثم تمكينه في أرض الخلافة ليكون دالا عليه قالا وحالا ظاهرا وباطنا لسان حاله يتلو :

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } 

لذا ختم بقوله:   
وَأنْتَ تَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ يَا رَبَّ العَالَِمِين.
لأن استدعاء معنى الصلاح له منحى قلبي بحت بالأساس لما ورد في الحديث النبوي ( ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةًإذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا وهي القَلْبُ ) 
لذا انتقل عند سؤاله وطلبه من مولاه الذي تولاه بيان علاقة القلوب بربها من حيث تصريفه فيها كما يشاء فقال في استفتاج بيان علاقة القلوب بربها :   

  إلاهـــي أنْتَ الآخِذُ بِنَواصِي القُلوبِ إليْكَ أمْرهَا وَبيَدِكَ أزِمَّتهَا 
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

بلقيس و نور على نور يعجبهم هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مذاقات من بحر وحي المناجاة - صفحة 2 Empty رد: مذاقات من بحر وحي المناجاة

مُساهمة من طرف أبو أويس الأحد 7 مايو 2023 - 22:23

الله الله
ودندن لنا باسم الحبيب وروحنا
فقد أوتيت ما لم ينله الكثير منا...
رعاك الله سيدي
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

محمد و بلقيس يعجبهم هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 3 الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى