مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا
مواهب المنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس

» المدد
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس

» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس

» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالسبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس

» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالسبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي

» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 5 مارس 2024 - 14:12 من طرف الطالب

» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس

» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:20 من طرف أبو أويس

»  ما بال أقوام يزعمون أن رحمي لا تنفع.
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:26 من طرف أبو أويس

» ما هى أسباب عدم الفتح على كثير من السالكين فى هذا الزمان ؟
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:19 من طرف أبو أويس

» من وصايا الشّيخ أحمد العلاوي للشّيخ محمّد المدني رضي الله عنها
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:16 من طرف أبو أويس

» لماذا وقع الإمام الجنيد مغشيا عليه
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:14 من طرف أبو أويس

» من كرامات الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه وقدس سره
الآل والصحابة رضي الله عنهم Icon_minitimeالثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:11 من طرف أبو أويس

منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
مارس 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
     12
3456789
10111213141516
17181920212223
24252627282930
31      

اليومية اليومية


الآل والصحابة رضي الله عنهم

+3
محب الآل والصحابة
nourou
omarel hassani
7 مشترك

اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 9:55

الآل والصحابة رضي الله عنهم
بسم الله الرحمن الرحيم. )وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ( . أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما أخاف وأحذر.
عقبات النفس والشيطان والدنيا والعقل، وفطم النفس عن الشهوات، واقتحام العقبات، هل كان للصحابة رضي الله عنهم علم بكل هذا؟ أم هل كانت مهماتهم الجهادية وبساطتهم وقربهم من الفطرة تسمح بالتفريع العلمي والتفصيل؟ أم كل هذا بدعة وحرام وكفر؟
قال أحد أكابر الأمة وفرسانها المبرزين شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض حديثه عن التقليد وفيما يجوز: "لا ريب أن كثيرا من الناس يحتاج إلى تقليد العلماء في الأمور العارضة التي لا يستقل هو بمعرفتها. ومن سالكي طريق الإرادة والعبادة والتصوف من يجعل شيخهُ كذلك. بل قد يجعله كالمعصوم، ولا يتلقى سلوكه إلا عنه. ولا يتلقى عن الرسول سلوكه، مع أن تلقي السلوك عن الرسول أسهل من تلقي الفروع المتنازع عليها. فإن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق. وهذا كله مبين في الكتاب والسنة. فإن هذا بمنزلة الغذاء الذي لابد للمؤمن منه".
قال: "ولهذا كان جميع الصحابة يعلمون السلوك بدلالة الكتاب والسنة والتبليغ عن الرسول. لا يحتاجون في ذلك إلى فقهاء الصحابة. ولم يحصل بين الصحابة نزاع في ذلك كما تنازعوا في بعض مسائل الفقه.(...) كثير من أهل العبادة أعرض عن طلب العلم النبوي الذي يعرف به طريق الله ورسوله، فاحتاج لذلك إلى تقليد شيخ. وفي السلوك مسائل تنازع فيها الشيوخ، لكن يوجد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على الصواب في ذلك ما يفهمه غالب السالكين، فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد، كلها منصوصة في الكتاب والسنة. وإنما اختلف أهل الكلام لما أعرضوا عن الكتاب والسنة. فلما دخلوا في البدع وقع الاختلاف. وهكذا طريق العبادة، عامة ما يقع فيه من الاختلاف إنما هو بسبب الإعراض عن الطريق المشروع.(...) والصحابة(...) لم يتنازعوا في العقائد ولا في الطريق إلى الله التي يعبر بها الرجل من أولياء الله الأبرار المقربين"[1].
حصل من كلام شيخ الإسلام أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعرفون السلوك إلى الله في الطريق التي يصير بها الرجل وليا من أولياء الله الأبرار المقربين، وأنهم ما تنازعوا في ذلك، وأنهم تلقوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاغا قرآنيا وبيانا سنيا. ولم يتعرض شيخ الإسلام رحمه الله إلى عقدة الأمر كله في السلوك، ألا وهو الرابطة القلبية، رابطة المحبة والتفاني في الولاء لشخص الرسول الكريم على الله. لنا إن شاء الله رجوع لموضوع المحبة، وما سموا صحابة إلا لصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما فضلوا الأمة إلا بها، ولا نالوا الدرجات العلى. وليست الصحبة تطبيقا مجردا للنصوص وامتثالا جافا عسكريا للأوامر، إنما هي محبة تثبت وترسخ وتنمو وتتجذر في القلوب بالملازمة والمخالطة والمعايشة والتلمذة حتى يملك حب المصحوب على الصاحب كيانه كله.
وحصل من كلام شيخ الإسلام أن تقليد المشايخ في الإرادة والسلوك ذلك التقليدَ الغاليَ يحجب عن السالك بيان الكتاب والسنة، ويحول بينه وبين النبوة. هنا تكمن قوة ابن تيمية رحمه الله. تكمن في دفاعه عن النبوة وإبراز خصائص عصره المتأخر الذي ساد فيه التقليد كل فروع العلم، حيث تجمد الفقهاء، وتخبط المتكلمون، وابتدع المتصوفة. فكر ابن تيمية في عصره لم يلق ولا معشارَ ما يلقاه في عصرنا من إقبَال. في عصره الغارق في التقليد كان صوتاً غريبا، أما في عصرنا، ومنذ قرنين ونيف، فمذهبه في التعلق المباشر بالنصوص، لا يقبل أن يحجب الناس عنها حاجب، يجد صدًى متزايدا.
شهد معاصرو ابن تيمية أنه لم يكن له شيخ في السلوك، ونسبوا صلابته وخشونته في الخصام إلى أنه لم يتأدب بشيخ عارف. وفي النص الذي أمامنا ما يؤيد هذه الشهادة، فالسلوك عنده تلق للبلاغ والبيان، ولا شيء غير هذا. ومن صحبوا المشايخ العارفين بالله أئمة التربية يعلمون بالممارسة أن الشيخ المربي حقا هو قبل كل شيء "من ينهض بك حاله"، أي الذي ترفعك محبته وصحبته رفعا قلبيا، تَسْتَفُّ روحانيته روحانيتك ولو لم يتكلم، وتحتضنها، وترقيها، وتهذبها، وتبث فيها حب الله وحب رسوله، ذلك الحب الذي يسود القلوب المنورة، قلوب العلماء بالله الغارقين في حضرة الله.
صحبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم رفعتهم، حاله استَفَّهُم ونورهم قبل مقاله.
فإذا نزلت القضية إلى رُسوم وطقوس وتَعاليم قولية أصبح التصوف تَقليدا باردا، والتقليد حاجزا سميكا، والحجز بدعة وضلالة. وكل ذلك انتقده ابن تيمية انتقادا شديدا.
امتاز الصحابة رضي الله عنهم بتعلقهم الشديد بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم. لم يكن عندهم ولا عند كل تقي أوّاهٍ من هذه الأمة مجرد مبلغ أدى رسالته ومضى، بل كان رسول الله. كان الشخص الذي اصطفاه الله. القرآن رسالته والبيان بيانه. تسمو بهم المحبة العميقة للشخص المكرم عند الله، ويسمو بهم القرآن، ويرفعهم البيان إلى ذُرى الإحسان. السلوك القلبي منجذب بمغناطيسية الروح الشريفة، والعقل يتغذى بالآيات البينات، والجوارح تنضبط بأوامر الشارع الحاضر بين ظهراني البشر. عزفوا عن الدنيا ومغرياتها الدنيئة لما اتصلت هممهم الطالبة الراغبة بتلك الهمة السماوية، وأحبوا ذلك الجناب العالي فارتقوا عن السفساف، وحنّوا إلى الله، واشتاقوا للقاه، واتّقدت في قلوبهم محبة الله. حرصهم على مرضاة من أرسل الرسول هو الذي حل عَقد نفوسهم حتى ترَوضوا علـى الطاعة، وزكت منهم الأخلاق، واسترخصوا نفوسهم وأموالهم في جنب الله. حبهم للرسول الكريم الذي أسمع فطرتهم وأيقظ إرادتهم هو المحرك لا مجرد الاتباع لزعيم آمِرٍ ناه. في أحضان النبوة تربوا، ومنها رشفوا واسْتَقَوا حتى تفجرت في قلوبهم ينابيع الإيمان وكانوا أبر الناس قلوبا وأعمقهم علما. بالحب تربى الصحابة لا بالخضوع لسلطة حاكمة.
رَفَعوا خُبَيْباً رضي الله عنه على الخَشبة في مكة ليقتلوه، فسألوه: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: "لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه".
وتَرَّس عليه صلى الله عليه وسلم أبو طلحة يوم أحد بظهره، يعرض ظهره للنبال كي لا تنال الشخص الكريم. وامتص مالك الخدري رضي الله عنه جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لينقيه. ورفض أن يَمُجَّهُ، بل ابتلعه محبة وتفَانيا. كانوا يتقاتلون على بصاقه من منهم يتبرك به. كانت مهابته في قلوبهم قاضية، مهابة الحب والإجلال لا مهابة الخوف، يجلسون إليه كأنما على رؤوسهم الطير.
قال عروة بن مسعود لقومه ثقيف لما رجع من الحديبية ورأى الصحابة حول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى وقيصر والنجاشي. والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا. والله إنْ تنخم نُخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فَدلك بها وجهه وجلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدّون إليه النظر تعظيما له".
جاء الأمر القرآني بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وتعزيره، والأدب البالغ في حضرته. وأُمر الصحابة أن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي، وأن لا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وأن لا ينادوه نداء بعضهم لبعض. وأعلمهم القرآن أن الذين يبايعون رسول الله إنما يبايعون الله، وأن يد الله فوق أيدي المبايعين. فاجتمعت للصحابة عوامل التبجيل والإجلال والمحبة أمراً مُوحى به من السماء، وانبعاثا متوثبا من القلوب. لولا هذا الانبعاث لما تُلُقّيَ الأمر السماوي ولا البيان النبوي بالتقديس.
التقليد البارد للمشايخ أصحاب المقال قد يكون له مبرر إن كان المقلد جاهلا عاجزا عن فهم النصوص، وكان الشيخ عالما قادرا على الاجتهاد في مرتبة ما من مراتب الاجتهاد،وكان موضوع التقليد فروع الشريعة. أما تقليد القوالين في السلوك، أولئك الذين تنحصر بضاعتهم في عبارات محفوظة وتقاليد ورسوم فمَتْلَفَة ومَهْلَكة.
وهنالك الاقتداء بالأكابر، والسماع من الأكابر، والأخذ عن الأكابر. الأكابر قنوات موصلة يجذبك مغناطيسهم إلى حب الله ورسوله ولا يحجبك. وإن كنا نلح كثيرا في هذا الكتاب وغيره على الجلوس في تربيتنا وسلوكنا وجهادنا وفقهنا إزاء القرآن، عند أقدام المنبر النبوي، فإننا نقصد تربية واجتهادا وجهادا مقدمته اللازمة أن نَخرِق كل سقف يحول بيننا وبين النبوة. ويكون الخرق للسقوف تطفلا وافتياتا وبهتانا إن لم نستمد من القنوات القلبية والعلمية الموصلة، ونَنفُذْ منها، ونصعَد على طريقها إلى ذلك الجوار القدسي. وليس إلى ذلك سبيل إلا بالاقتداء السليم.
وبالاقتداء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأجيال من أمته. روى الترمذي وابن عدي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر. واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد". وابن أم عبد هو ابن مسعود الذي قرأنا نصيحته في فقرة سابقة يوصينا بالأخذ عن الأكابر لا عن الأصاغر. وكل قوّال لا ينهض بك حاله ولا يدلك على الله مقاله صغير.
قال أحد أكابر الأمة الشيخ الجليل أحمد الرفاعي في تفسير حديث الاقتداء: "أمر عليه الصلاة والسلام بتصحيح القدوة بالشيخين العظيمين، سيدنا أبي بكر الصديق، وسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما، وبالتحقق بالاهتداء بهدي عمار رضي الله عنه، فإنه مات على حب الصهر العظيم، الصنو الكريم، سيدنا على رضي الله عنه. وأكد لزوم التمسك بالعهد، كما كان محافظا عليه ابن أم عبد رضي الله عنه. وفي هذه حكمة الجمع بَيْن حب الصحب والآل، سر يدركه العارفون الموفقون. وقد جعل صحة المتابعة له باتباع الشيخين رضي الله عنهما. وجمع بين النكتتين بلزوم التمسك بالعهد. ومتى اقتدى العبد اهتدى، ومتى اهتدى تمسك بعهد الله، وهناك وقد عرف. وهل المعرفة بالله إلا هذا؟ فإن من اهتدى بهدي محمد صلى الله عليه وسلم، واقتدى به، وتمسك بعهده، أقبل على الله، وأعرض عن غيره"[2].
وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الرؤوف الرحيم بنا الأمين على رسالة الله أن يدلنا على الاقتداء والاهتداء والعهد لو كان في التمسك بذلك ما يحجبنا عن الله ورسوله. ونرى إن شاء الله في الفصل المقبل كيف تسلسل الاقتداء والاهتداء والعهد من الصحابة جيلا بعد جيل.
نقرأ في كلمة الشيخ الرفاعي رحمه الله نكتة بالغة الأهمية، وهي اقتران الوصية بالصحابة مع الوصية بالآل. وهي نكتة ينتبه إليها الموفقون كما قال. إن الصدام التاريخيّ فرّق بين شقي الأمة: سنة وجماعة في جهة، وهم جسم الأمة وكلها، وشيعة وهم عضو منها، يحاول بعض أهل الغِرّة تكفيرهم ونبذهم وكأنهم دخيل على الأمة.
عند الشيعة ميراث بخسٌ لئيم من الاستهانة بالصحابة رضي الله عنهم. وهذا بؤس وحرمان والعياذ بالله. والقائل بذلك يكذب الله الذي شهد للصحابة في قرآنه الكريم بالأفضلية والسابقية، ويكذب رسوله صلى الله عليه وسلم الذي بلغ وربى وأوصى بالاقتداء والاهتداء والعهد.
غالى الشيعة، بعضهم وفيهم العقلاء، في حب آل البيت وتعظيمهم حتى تجاوزوا القدر الذي يكون به الاهتداء. ويسكت طوائف من أهل السنة سكوتا مريبا عن مكانة آل البيت وعن الوصية النبوية بهم. وبذلك تعظم الفجوة بين شقي الأمة، وتبتعد الشقة، وتنشأ القطيعة. وإلى هذه النكتة نبه الشيخ الجليل رفع الله مقامه.
روى الإمامان أحمد ومسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثَقَلين. أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، من استمسك وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل. فخذوا بكتاب الله تعالى، واستمسكوا به. وأهل بيتِي! أذكركم الله في أهل بيتي! أذكركم الله في أهل بيتي".
إذا كانت نِسْبة أحد من هذه الأمة إلى أحد تشرف، فهي نسبة المسلمين جميعا إلى الله ورسوله. زاد أهل البيت بالنسب الطيني لنزولهم من سلالته الطاهرة صلى الله عليه وسلم التي تأذن الله عز وجل في كتابه العزيز أنه يريد أن يذهب عنهم الرجسَ ويطهرهم تطهيرا. وأمرُ الله لا يرد، وإرادته المعلنة لا تتعطل. وأهل البيت أمان للأمة، تشرف الأمة إن عظمتهم وذكرت الله فيهم كما ذُكِّرَتْ.
اِدّعاءُ العصمة لأحد دون النبوة تجاوز لكل الحدود، وفتح لترعة لا تسد، يدخل منها على الدين كل باطل.
وما دون العصمة مكانة يحتلها رجال جامعون بين النسب الطيني إلى ذلك الجناب المطهر وبين النسب الديني. أولئك هم كمل العارفين، غالبا ما تجد أئمة التربية من آل البيت.
مجموع الآل والصحب هم أولياء الله حقا. قال واحد من أكابر الأمة، من أفذاذ علمائها في هذه القرون المتأخرة، الإمام الشوكاني: "اعلم أن الصحابة، لاسيما أكابرهم الجامعين بين الجهاد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعلم بما جاء به، وأسعدهم الله سبحانه من مشاهدة النبوة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السراء والضراء، وبذلهم أنفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله سبحانه، حتى صاروا خير القرون بالأحاديث الصحيحة. فهم خيرة الخيرة(...) فتقَرّر من هذا أن الصحابة رضي الله عنهم خير العالم بأسره، من أوله إلى آخره، لا يفضلهم أحد إلا الأنبياء والملائكة(...). فإذا لم يكونوا رَأْسَ الأولياء، وصفوة الأتقياء، فليس لله أولياء، ولا أتقياء، ولا بررة، ولا أصفياء"[3].
وذهب الشوكاني رضي الله عنه يقمع الروافض المستخفين بالصحابة الهدامين للدين، يصف حماقتهم، وطعنهم القميء الخبيث لمقام القدوة والاهتداء والعهد والأسوة، ويصف شيطنتهم. لكنه لا يكفر. منعه من تكفير هؤلاء المرتكبين لأشنع الجرائم في حق صفوة الله من خلقِه بعد الأنبياء، الوالغين في أعراض خير البرايا بعد الأنبياء، ما قرأناه من تَصونه وحذره في الفصل الأول من هذا الكتاب. وهو غفر الله له كان في صباه وشبابه من "المكفراتية" كما شهد على نفسه وتاب.
نضع أصبعنا في نص الشوكاني على ميزة الصحابة عن سائر الأجيال، ميزة الجهاد بالمال والنفس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإسلام في بدايته، والإسلام يواجه الجاهلية. أما من جاء بعد الصحابة ووجد الأمر ممهدا، والإسلام ضاربا أطنابه في الأرض، فقد فاتته فرصة الجهاد، كما فاتته صحبة الرسول، إلا أن يُجدد في غربة الدين الثانية جهادا واجتهادا.
أما في زماننا هذا وما بعده فالاقتداء بالمشايخ العارفين بالله ينبغي أن يتجاوز بنا همؤمنا الفردية لنحمل هموم الأمة، وهموم الإنسانية، حاملين الرسالة، مجاهدين في وجه الفتنة الداخلية والجاهلية المحيطة، كما جاهد الأولون. هم الأصحاب ونحن الإخوان. جسومنا هنا الآن، وقلوبنا وعقولنا يجب أن ترتفع إلى هناك، بإزاء القرآن، وعند قدم المنبر الشريف، وتأسياً مباشرا بأهل الاقتداء والاهتداء والعهد.
قال الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
أتـانـا رسول الله يتلـو كتـابـه كما لاح مشهودٌ من الفجر طالـع
أتى بالهدى بعد العمى فقـلوبنا به موقنـات أن ما قــال واقــع
يبيت يجافي جنبه عـن فـراشـه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

وقلت رحمني الله كما رحمهم:
سمعنــا نـداء الحـق والحــق ذائــع فأيقظنا قول: استقـيمــوا وسـارعــوا
أتانا رسـول الله بالأمــر صــادعـاً أن اقتحموا حِصن العدو وصارعــوا
فمـا بلــغ الغــايــاتِ إلا مـجــاهـد إلى قمة الإحســان بالعــزم طـالــعُ




[1] الفتاوي ج 19 ص 272 - 274.
[2] حالة أهل الحقيقة مع الله ص 102.
[3] كتاب "ولاية الله" ص 276.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف nourou الجمعة 14 أكتوبر 2011 - 11:30

بسم الله
قرأت يعض ما كتبت سيد عمر فتغاضيت عما كتبت ضنا مني أنك على حسن نية ونية المؤمن تسبق عمله. أما بعد كتابك 
قال أحد أكابر الأمة وفرسانها المبرزين شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض حديثه عن التقليد وفيما يجوز: "لا ريب أن كثيرا من الناس يحتاج إلى تقليد العلماء في الأمور العارضة التي لا يستقل هو بمعرفتها. ومن سالكي طريق الإرادة والعبادة والتصوف من يجعل شيخهُ كذلك. بل قد يجعله كالمعصوم، ولا يتلقى سلوكه إلا عنه. ولا يتلقى عن الرسول سلوكه، مع أن تلقي السلوك عن الرسول أسهل من تلقي الفروع المتنازع عليها. فإن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق. وهذا كله مبين في الكتاب والسنة. فإن هذا بمنزلة الغذاء الذي  لا بد للمؤمن منه " فإنه تبين لي أنك كثير التأثر بابن تيمية موقظ الفتن خاصة وبالوهابية عامة
ثم ما يقوله الحراني لا يقوله عاقل قط لأنه مخالف للحكمة ولما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يأمرنا باتباع العلماء في الكتاب والسنة فالعلماء ورثة الأنبياء واتباعهم واجب لايختلف فيه اثنين من الأمة المحمدية إلا من يقولون نحن رجال وهم رجال ومنهم ابن تيمية الذي ضل وأضل غفر الله له
أما شيوخ الصوفية فهم نائبوه صلى الله عليه وسلم وحسن الضن بهم واجب على كل مريد بل اعتقاد العصمة للمبتدئين أمر محتم على المريد حتى يحسن الإتباع
أما ما كتبته فيما يخص الطريق فإنه لم يخف على المربين رضي الله عنهم فلم يشتغلوا بالسراب واشتغلوا بالواقع فكانوا منارات على مر الزمان ولكل زمان شيوخه ولكل زمان سيره
نصيحتي أن تشتغل بعيوبك فتصلحها لا بعيوب غيرك وأنت لست بقادر على اصلاحها "ولو شاء ربك ما فعلوه..." هداني الله وإياك وجميع المسلمين إنه سميع مجيب
والسلام
 
nourou
nourou

ذكر عدد الرسائل : 36
العمر : 69
تاريخ التسجيل : 29/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani السبت 15 أكتوبر 2011 - 21:52

بارك الله فيك نصحت و أحسنت النصيحة.
لست قادرا على أي شيء سيدي
و اعذرني
لا طاقة لي في الرد عليك و لا طاقة لي في ما قلت لقد حملتني ما لا أطيق
والسلام
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف محب الآل والصحابة السبت 15 أكتوبر 2011 - 22:14

حتى العبد الضعيف لم يرقني استشهاده بكلام ابن تيمية الحراني ..ف(العلماء ورثة الأنبياء) كما هو معروف في الحديث و في حديث آخر (أولياء-أو علماء- أمتي كأنبياء بني إسرائيل).

لكني أظن أن سيدي عمر الحسني له تأويل منطقي في ذلك و يجب علينا حسن الظن به و استفهامه عنه ففهوم ساداتنا الأولياء لا تحد و لا تستقصى و لا تؤخذ من ظواهر كلامهم.

و الله أعلم
محب الآل والصحابة
محب الآل والصحابة

ذكر عدد الرسائل : 230
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 20/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف علي السبت 15 أكتوبر 2011 - 22:23






سيدي عمر أستاذ باحث أكاديمي له منحاه في بحوثه ونحن استفدنا كثيرا منها جزاه الله خيرا ونحن من المعجبين بكتاباته ونعرفه منذ سنوات وليس في كلامه ما يدعو إلى هذا الجفاء ... فمرحبا بك سيدي عمر الحسيني بين أهلك وإخواك جزاكم الله خيرا ..



علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani السبت 15 أكتوبر 2011 - 23:18

هذا هو منهج أهل الإنصاف و الحكمة ، اسمعوا و اقرءوا جيدا ، هذا ابن القيم تلميد ابن تيمية رحمه الله يقول في أهل الله تعالى: "وهذه الشطحات (شطحات بعض الصوفية أي كلامهم السُّكْري) أوجَبَتْ فتنة على طائفتين من الناس. إحداهما حُجِبت بها محاسنُ هذه الطائفة (الصوفية)، ولُطْفُ نفوسهم، وصدق معاملاتهم. فأهْدروها لأجل هذه الشطحات، وأنكروها غاية الإنكار، وأساءوا الظن بها مطلقا. وهذا عدوان وإسراف، فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرِكَ جملةً، وأهْدِرت محاسِنُه، لفسدت العلوم والصناعات والحِكَمُ، وتعطلت معالمها.
"والطائفة الثانية حُجِبوا بما رأوه من محاسن القوم، ولكفاء قلوبهم، وصحَّة عزائمهم، وحسن معاملاتهم، عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها. فسحبوا عليها ذَيْلَ المحاسن، وأجْرَوْا عليها حكم القبول والانتصار لها. واستظهروا بها في سلوكهم.
"وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون.
"والطائفة الثالثة -وهم أهل العدل والإنصاف- الذين أعْطَوْا كل ذي حق حقه، وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته، فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول، ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح. بل قَبِلوا ما يُقْبَل، وردوا ما يرد"[2]. قلت: ونعم ما فعلوا إن كانت معهم صنوجُ الميزان كاملةً!

كتاب مدارج السالكين.
ابن تيمية كما هو معروف كانت له خلوة في القلعة كما روي في مناقبه بعد ان سجن
وقال لتلامذته ، انه أثناء ذكره نال مقاعدا ما لم يكن بالحسبان وما تجاوزه الخيال.
وقال كلاما عن كشفه بالأيجاز
قرأت النص و شهادته و الآن كنت أبحث بين كتبي عنه ، كنت قرأت النص الذي يوصي فيه تلامذته ان يتجهوا لكلام أهل الله ، وقال أنه ينقصهم الوجد.
مشكلتنا لسنا من أهل الأنصاف ، و أحيانا حبنا للطائفة العلية ، يلغي أحيانا الحكمة العقلية.
والأمر الثاني
سلامة الصدر اين هي سلامة الصدر ، ما يمنعني و يمنع أخوتي من أهل الله أن يكونوا أحلو و أسلم صدورا يقرأوا للجميع ابن تيمية ابن القيم.
اترككم مع فقرتين
عنونها المرشد عبد السلام ياسين بالعلماء العالمون و أخرى العارفون الواصلون من كتاب الإحسان:
العارفون الواصلون
بسم الله الرحمن الرحيم. )توفني مسلما وألحقني بالصالحين(. اللهم إن كنت كتبتني في السعادة فأثبتني فيها. وإن كنت كتبتني في الشقاوة فامحني منها وأثبتني في السعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب.
كلمتا "عرف" و "علم" وردتا في القرآن. ولم يستعمل الأولياء في الصدر الأول من الإسـلام إلا كلمة "عالم". ثم احتاج السالكـون الواصلون إلى الله عز وجل إلى كلمة تميز العالم بالله عن العالم بالأحكام والنصوص فاستعملوا كلمة "عارف". "علم" تدل على الاطلاع على أحوال الشيء المعلوم وصفاتِه كما تدل كلمة سمع على فعل خاص وهو إدراك الأصوات، وكما تدل كلمة رأى على إدراك المظهر الخارجي للشيء المرئي. كلمة "عرف" تتعلق بذات الشيء لا بأحواله وأوصافه وأفعاله ومظهره فقط، فهي تستغرق كل ذلك. عرفت زيدا أشمل من علمت أن زيدا كذا وفعل كذا، ومن رأيت زيداً وسمعت زيدا. على أن هذه المعرفة لزيد على شمولها وذاتيتهـا لا تعدو أن تكون عملية عقلية تعتمد الحس آخرَ المطاف.
معرفة الله عز وجل والوصول إليه عطاءٌ منه سبحانه مَحْضٌ لمن تقرب إليه جلت نِعَمُه حتى أحبَّه فكان سمعه وبصره ويده ورجله. عطاء يتنزل على القلب. عطاء لا يُكيَّف ومعرفة لا تُكيف. فالعقل السجين في عالم الكم والكيف والعلة والمعلول والفوق والتحت والزمان والمكان آلة فاشلة كل الفشل في هذا المضمار. وإن أطلَّ العقل من خلف سُجُفِ الغيب على ما ينعم به القلب من قرب مولاه عز وجل، ومشاهدته، والأنس به، والمعية معه، فاللسان الذي ينطق به ليعبر عن إطلالته ينطق خطأً. تعبير اللسان عن لمحات العقل المختلَسَة خطأ وعرضة للخطإ، حاشا قولَ المعصوم صلى الله عليه وسلم ونطقَه حين بلغ عن ربه "كنت سمعه وبصره ويده ورجله".
وقد تُسْعِف لغة المجاز والكناية والاستعارة اللسان ليعبر عن وجدان القلب ومعرفته لربه عز وجل.
علوم الأولياء المتعلقة بالأكوان وعالم الملكوت وكلِّ ما هو مخلوق يجوز للعقل أن يتكلم فيها باللسان العام ليقرب لأذهان السامعين والقارئين علم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. القنواتُ بين العقل والقلب في عالم الخلق مفتوحة. أما معرفة الحق جل وعلا فالفتح القلبي فرحةٌ للقلب ودهشة للعقل لا تنتهي.
نتقدم بشهادات لرجال الحديث المشاركين في علم السلوك والمعرفة قبل أن نحضُر مجالس أهل الفن أئمةِ العرفان رضي الله عنهم ورضوا عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "لفظ "الوصول" لفظ مُجْمَل، فإنه ما من سالك إلا وله غاية يصل إليها. وإذا قيل : وصل إلى الله، أو إلى توحيده، أو إلى معرفته، أو نحو ذلك، ففي ذلك من الأنواع المتنوعة والدرجات المتباينة ما لا يحصيه إلا الله تعالى"[1].
وقال شيخ الإسلام ابن القيم: "ومراد القوم بالاتصال والوصول اتصال العبد بربه ووصوله إليه. لا بمعنى اتصال ذات العبد بذات الرب كما تتصل الذاتانِ إحداهما بالأخرى، ولا بمعنى انضمام إحدى الذاتين إلى الأخرى والتصاقها بها. وإنما مرادهم بالوصول إزالة النفس والخَلْقِ من طريق السير إلى الله تعالى. ولا تتوهَّمْ سوى ذلك، فإنه عينُ المحال"[2].
وقال: "إن الوصول إلى البيت هو غاية الطريق، فإذا وصل فقد انقطعت طريقه، وانتهى سفره. وليس كذلك الوصول إلى الله. فإن العبد إذا وصل إلى الله جذَبه سيرُه، وقوي سفرُه. فعلامة الوصول إلى الله الجد في السير والاجتهاد في السفر.(...). بداية الأمر الطلب، وتوسطه السلوك، ونهايتُه الوصول"[3].
وذكر ابن تيمية رحمه الله مقامات العارفين فقال: "للمومنين العارفين بالله، المحبين له من مقامات القرب ومنازل اليقين ما لا تكاد تحيط به العبارة، ولا يعرفه حقَّ المعرفة إلا من أدركه وناله. والرب رب، والعبد عبد. ليس في ذاته شيء من مخلوقاته وليس في مخلوقاته شيء من ذاته"[4].
وعرّف ابن القيم أعلى الله مقامه العارف فقال: "العارف عندهم من عرف الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، ثم صدقَ الله في معاملته، ثم أخلص له في قصوده ونياته، ثم انسلخ من أخلاقه الرديئة وآفاته، ثم تطهَّر من أوساخه وأدرانه ومخالفاته، ثم صبر على أحكام الله في نعمِه وبليّاتِه، ثم دعا إليه على بصيرة بدينه وآياته"[5].
وهذه مقالة له رحمه الله أكتبها عنه مرة بعد مرة يُبْرز فيها مرتبة العارف حتى لا يظن العاميُّ أن العارف عالم من العلماء الورّاقين. قال: "إن العارف صاحب ضياء الكشف أوسعُ بطانا وقلبا وأعظم إطلاقا بلا شك من صاحب العلم. ونسبته إليه كنسبة العالم إلى الجاهل"[6].
العارفون بالله صنف من الأولياء، أعلاهم مرتبة وأقربهم قربا وأضْوَأُهم قلبا. هم رحمة في العالمين يُشعون على الخلق من نور النبوة الذي ورثوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رب العالمين رحمة للعالمين. قال ابن القيم: "جعل الله انبساطهم مع الخلق رحمة لهم، كما قال تعالى: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ( (سورة آل عمران، الآية: 159). فالرب سبحانه بسط هؤلاء مع خلقه، ليقتدِيَ بهم السالك، ويهتديَ بهم الحيران، ويُشفى بهم العليل، ويُستَضاءَ بنور هدايتهم ونصحهم ومعرفتهم في ظلمات دياجي الطبع والهوى. فالسالكون يقتدون بهم إذا سكتوا، وينتفعون بهم إذا نطقوا. فإن حركاتِهم وسكونَهم لمّا كانت بالله ولله وعلى أمر الله جذبت قلوب الصادقين إليهم"[7].
العارفون الكمّل الوارثون الخلفاء هم بقية الله في الأرض، صحبتهم هي مفتاح السلوك، وباب السير، وزاد السفر. "هم الصفوة من عباده (ألبسهم) ملابس العرفان، خصهم من بين عباده بخصائص الإحسان، فصارت ضمائرهم من مواهب الأنس مملوءة، ومرائي قلوبهم بنور القدس مجلوَّة. فتهيأت لقَبول الأمْداد القُدسيَّة، واستعدت لورود الأنوار العُلْوِيَّة، واتخذت من الأنفاس العطريَّة بالذكر جُلاّسا، وأقامت على الظاهر والباطن من التقوى حرّاسا، وأشعلت في ظُلَمِ البشريّة من اليقين نبْراساً، واستحقرت فوائد الدنيا ولذاتها، وأنكرت مصائد الهوى وتبعاتها، وامتطت غوارب الرَّغَبُوتِ والرَّهَبُوتِ، واستفرشت بعلو همتها بساط الملكوت، وامتدت إلى المعالي أعناقُها، وطَمَحَتْ إلى اللامع العلويِّ أحداقُها. واتخذت من الملإ الأعلى مُسامراً ومحاوراً، ومن النور الأعز الأقصى مزاورا ومُجاورا.
"أجساد أرضية بقلوب سماوية، وأشباح قد شبهت بأرواح عرشية. نفوسهم في منازل الخدمة سيارة، وأرواحهم في فضاء القرب طيارة. مذاهبهم في العبودية مشهورة، وأعلامهم في أقطار الأرض منشورة"[8].
العارفون بالله قرة عين الوجود، أحبهم الله عز وجل فعشقتهم الأكوان. قال الإمام الغزالي: "اعلم أن لكل ذرة في السماوات والأرض مع أرباب القلوب مناجاةً في السرِّ.وذلك مما لا ينحصر ولا يتناهى. فإنها كلمات تَسْتَمِدُّ من بحر كلام الله تعالى الذي لا نهاية له.(...). ثم إنها تتناجى بأسرار المُلْك والمَلَكوت، وإفشاء السرِّ لُؤْمٌ، بل صدور الأحرار قبور الأسرار"[9].
المعرفة شجرة نورانية لا شرقية ولا غربية. قال الإمام الرفاعي قدس الله سره العزيز: "عندي أن المعرفة كشجرة يغرسها ملِكٌ في بستانه، ثمينة جواهرُها، مثمرةٌ أغصانها، حُلوة ثمارها، طريفة أوراقها، رفيعة فروعها، نقية أرضها، عذب ماؤها، طيب أريجُها. صاحبها مشفق عليها لعزتها، مسرور بحسن زَهرتها. يدفع عنها الآفاتِ، ويمنع عنها البلياتِ. وكذلك شجرة المعرفة التي يغرسها الله تعالى في بستان قلب عبده المومن، فإنه يتعهدها بكرمه، ويرسل إليها كلّ ساعة سحائبَ المنة من خزائن الرحمة، فيُمطر عليها قطرات الكرامة، برَعْد القدرة، وبرق المشيئة، ليطهرها من غُبار رؤية العبوديّة. ثم يرسل عليها نسيم لَطائِفِ الرأفة من حُجُبِ العناية ليُتمَّ لها شرف الولاية بالصيانة والوقاية.
"فالعارف أبدا يطوف بسره تحت ظلالها، ويشم من رياحينها، ويقطع منها بمِنْجل الأدب ما فسد من ثمارها وحل فيها من الخبث والآفة. فإذا طال مُقام سرِّ العارف تحتها، ودام جَوَلانُه حولها، هاجَ أن يتلذذ بثمارها. فيمُد إليها يد الصفاء، ويجتني ثمارها بأنامل الحُرْمَة، ثم يأكلها بفم الاشتياق، حتى تغلبَه نار الاستغراق. فيضربُ يد الانبساط إلى بحر الوِداد، فيشرب منه شَربة يَسْكَر بها عن كل ما سوى الحقِّ سكرة لا يفيق منها إلا عند المعاينة. ثم يطير بجناح الهمة إلى ما لا تدركه أوهام الخلائق"[10].
ومثل الرفاعي رحمه الله المعرفة بشجرة لها أغصان ليخاطب فينا بلطائف التشبيه حسَّنا الخامد وطموحنا الراكد. قال: "مثل المعرفة كشجرة لها ستة أغصان. أصلها ثابت في أرض اليقين والتصديق، وفرعها قائم بالإيمان والتوحيد. فأول أغصانها الخوف والرجاء مقرونا بغصن الفكرة. والثاني الصدق والوفاء مقرونا بغصن الإخلاص. والثالث الخشية والبكاء مقرونا بغصن التقوى. والرابع القناعة والرضى مقرونا بغصن التوكل. والخامس التعظيم والحياء مقرونا بغصن السكينة. والسادس الاستقامة والوفاء مقرونا بغصن الود والمحبة.(...). ومن لم يكن له نور من سراج التوفيق، ولو جمع الكتب والأخبار والأحاديث كلها، لا يزداد إلا نفورا. كمثل الحمار يحمل أسفارا"[11]. قلت: التوفيق صُحبة الموفقين والسابقة عند رب العالمين.
وعن علم المعرفة يقول الولي الكامل الرفاعي: "أي سادة! علم المعرفة هو العلم بالله تعالى. وهو نور من أنوار ذي الجلال، وخصلة من أشرف الخصال. أكرم الله قلوب العقلاء، فزيّنها بحسن جماله، وعظيم شأنه، وخص به أهل ولايته ومحبته، وفضله على سائر العلوم. وأكثرُ الناس عن شرفه غافلون، وبلطائفه جاهلون، وعن عظيم خطره ساهون، وعن غوامض معانيه لاهون. فلا يدركه إلا أرباب القلوب الموفقون"[12].
للعارف أجنحة يطير بها في فضاء المعاملة والمعرفة. قال الإمام الرفاعي: "أي سادة ! للعارف أربعة أجنحة: الخوف والرجاء والمحبة والشوق. فلا هو بجناح الخوف يستريح من الهرب، ولا بجناح الرجاء يستريح من الطلب، ولا بجناح المحبة يستريح من الطرب، ولا بجناح الشوق يستريح من الشغَب.(...). عمَلُ العارف خالص للمولى، وقولُه مُستأنِس بالذكرى، وفكره بالأفق الأعلى. فمَّرةً يتفكر في نعم ربه، ومرة يجول حول سُرادِقات قدسه. فحينئذ يصير حرّا عبدا، عبدا حرّا، وغنيا فقيرا وفقيرا غنيا"[13].
العارف في غمرة الفرح والطرب بربه، جاءته التُّحَف والألطاف تَسْلِيةً له من وَعْثاء السفر، وطول الشقة، ومعاناة الأهوال. لاح لقلبه نور الله فهامت روحه حبا. قال الرفاعي: "يا هذا! لو أن العالم فريقان، فريق يروِّحني بمراوحَ من نَدٍّ، وفريق يقرض جسمي بمقارضَ من نار، لما ازداد هؤلاء عندي ولا نقص هؤلاء. أي بُنَيَّ! اعلم أن من عرف الله حق معرفته تلاشت همته تحت سرور وحدانيته. ولا شيء من العرش إلى الثرى أعظمُ من سرور العارف بربه. والجنة بكل ما فيها في جنب سروره بربه أصغرُ من خردلة لما علم أنه أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم.
"فمن وجده فأي شيء لا يجد! وبأي شيء يشتغل بعده! وهل رؤية غيره إلا من خساسة النفس، ودناءة الهمة، وقلة المعرفة به! وهل يكون لباس أجمل من لباس الإسلام، أو تاج أجلَّ من تاج المعرفة، أو بساط أشرف من بسـاط الطاعة؟"[14].
قلت: جاءتك أخبار الرحلة المجيدة، والكرامة الفريدة، على لسان أولياء الله. كابدوا أهوال الخوف من تصرّم العمر دون الحصول على ما حصل عليه الرجال، وتنسموا نسائم الرجاء في لحظات المناجاة، واستغرقوا في ذكر الله، يبكون على الله، حتى امتدت إليهم يد التوفيق فصحبوا الموفق ووُلِدُوا الميلاد القلبي. لا تجيء المعرفة بالتمني والتغني يا غلام!
قال متنسم لشذى التجليات الإلهية:
يحدثنـي النسيم عن الخُـزامَى ويقـرئنـي عن الشِّيـحِ السـلامـا
فهِمْتُ بما فَهِمْتُ وطبتُ وَجدا فمـا أحـلاه لي لـو كـان دامـا!
ويسـري تحت جُنح الليل سرا فيوقـظـني وقد هجـع النَّـدامَى
وأسكـرني شـذاها حـين هبـت كـأنّـي قـد تـرشَّـفْـتُ المُـدامـا
يعـارضـني بأنـفـاسٍ مـراض كأنفـاسي وقـد ملِـئـت غـرامـا
وقد عُـرِفَتْ بطـيب العَـرْف لما كسـاها اللُّطـفُ أخـلاقـا كِرامـا
أهـيـم بنشـرها طـربا ووجـدا فيبْدي البرقُ عن طربي ابتساما
تمر على الريـاض بأرض نَجـد فتنعطف الغصون لها احتشامـا
يقـلِّقُـنـي حمـام الأيـكِ نَـوْحـاً ويُـذْكـرنـي المنـازلَ والخيـامـا
خيـامٌ تجمـع الأحـبـابَ فيها وفيهـا يـبـلـغ القـلـب المَـرامـا
تجـلّـى وجـه مـن أهـواه فيها بـومـضَـة نـوره يجلو الظـلامـا

وقلت:
رَبَّـاهُ مَنَحْتَ القَـوْمَ هُـدًى وَسَنَـاءً وَتُقـىً في الصَّـدْرِ
وَتَوَلَّـيْتَ رِجــالاً وَصَلُــوا عَتَبَـاتِ القُــرْبِ والنَّـصْــرِ
رَبَّــاهُ فَــأَلحِـقْـنِــي بِـهِــم لِمَقَـامٍ يَتَضَــوَّعُ بِالعِـطْــرِ




[1] الفتاوي ج 11 ص 389.
[2] مدارج السالكين ج 3 ص 150.
[3] المصدر السابق ص 316.
[4] الفتاوي ج 11 ص 74.
[5] مدارج السالكين ج 3 ص 337.
[6] المصدر السابق ج 2 ص 420.
[7] المصدر السابق ج 3 ص 301.
[8] السهر وردي في "عوارف المعارف" ج1 ص 184.
[9] الإحياء ج4 ص214.
[10] حالة أهل الحقيقة مع الله ص 26.
[11] المصدر السابق ص 72-73.
[12] المصدر السابق ص 68.
[13] المصدر السابق ص 39.

omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani السبت 15 أكتوبر 2011 - 23:28

وجدت رسالة ابن تيمية رحمه الله حول كشفه : ( ..قال رحمه الله في رسالة لأصحابه من السجن: "وأما بنعمة ربك فحدث. والذي أعرِّفُ به الجماعة أحسن الله إليهم في الدنيا والآخرة وأتم عليهم نعمته الظاهرة والباطنة: فإني، والله العظيم الذي لا إله إلا هو، في نعم من الله ما رأيت مثلها في عُمْري كله. وقد فتح الله سبحانه وتعالى من أبواب فضله ونعمته وخزائن جوده ورحمته ما لم يكن بالبال، ولا يدور في الخيال، وما يصل الطَّرْف إليها. ييسرها الله تعالى حتى صارت مقاعدَ (قلت الصوفية يقولون: مقامات). وهذا يعرف بعضها بالذوق من له نصيب من معرفة الله وتوحيده وحقائق الإيمان وما هو مطلوب الأولين والآخرين مع العلم والإيمان.
"فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبيرُ عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيدِه والإيمان به، وانفتاح المعارف الإيمانية والحقائق القرآنية. كما قال بعض الشيوخ (الصوفية): لقد كنت في حال أقول فيها: إن كان أهل الجنة في هذه الحال إنهم لفي عيش طيب! وقال آخر: تمر على القلب أوقات يرقُص فيها طرباً، وليس في الدنيا نعيم يُشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان والمعرفة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أرِحنا بالصلاة يا بلال". ولا يقول أرحنا منها"[2].
قلت ويحك! الرجل تغمَّده الله برضوانه، وفتح له في رحمته في آخر أيام حياته حتى أدرك بفضله سبحانه ما تدركه الشيوخ، وحتى ذاق ما لا تفهمه ولا تطلبه كما يطلبه الأولون والآخرون، وأنت قاعد مع فتوى جدلية تتهجاها! ما اسمك يا صاحِ في الملكوت! .
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف nourou الثلاثاء 18 أكتوبر 2011 - 12:03

بسم الله
علي كتب: سيدي عمر أستاذ باحث أكاديمي له منحاه في بحوثه ونحن استفدنا كثيرا منها جزاه الله خيرا ونحن من المعجبين بكتاباته ونعرفه منذ سنوات وليس في كلامه ما يدعو إلى هذا الجفاء ... فمرحبا بك سيدي عمر الحسيني بين أهلك وإخواك جزاكم الله خيرا ..
أين الجفاء في ردي ؟ ألا تعلم أن علاقتي بالمنتدى بما يكتب لا بالشخص عينه، إنه لا يهمني من يكون كاتب المقال عالما كان أوجاهلا شيخا كان أو مريدا بقدر ما حواه المقال. فإن أردت المشاركة فراجعني فيما أكتب لا في الأوهام
عمر كتب: سلامة الصدر اين هي سلامة الصدر ، ما يمنعني و يمنع أخوتي من أهل الله أن يكونوا أحلو و أسلم صدورا يقرأوا للجميع ابن تيمية ابن القيم.
لو اشتغلت بقراءة السنة النبوية كما نصحك بها ابن تيمية لعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهر أحد الصحابة عن فراءة الإنجيل وأن في القرآن ما يكفيه، علمت أن القاري وجب عليه قراءة الكتب التي ليس لأصحابها طعون وفتن
عمر كتب: قلت ويحك! الرجل تغمَّده الله برضوانه، وفتح له في رحمته في آخر أيام حياته حتى أدرك بفضله سبحانه ما تدركه الشيوخ، وحتى ذاق ما لا تفهمه ولا تطلبه كما يطلبه الأولون والآخرون، وأنت قاعد مع فتوى جدلية تتهجاها! ما اسمك يا صاحِ في الملكوت! 
يقول الحق عز وجل: (ولا تزكوا أنفسكم إن الله يزكي من يشاء)  فكيف قطعت لصاحبك صك الرضوان ؟ أم كيف علمت أن أن ما فتح عليه هي كرامة وليست استدراج
وهل وجدتني على باب الجنة أدخل وأمنع فابن تيمية عبده ان شاء غفر له وإن شاء عذبه
كما لا يهمني من صاحبك إلا ما كتب وتوبته إن تاب حقا لا تمحوا كتاباته المضلة
فتنة ابن تيمية ومن بعده الوهابية عمت الآفاق وهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل  الأوثان
أفق من غفلتك، فلو كنت من أهل الملكوت لما سألت عن إسمي
والسلام 
nourou
nourou

ذكر عدد الرسائل : 36
العمر : 69
تاريخ التسجيل : 29/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف عياض الثلاثاء 18 أكتوبر 2011 - 18:52

nourou كتب:
بسم الله

[right]يقول الحق عز وجل: (ولا تزكوا أنفسكم إن الله يزكي من يشاء) ويدعون أهل  الأوثان
أفق من غفلتك، فلو كنت من أهل الملكوت لما سألت عن إسمي
والسلام 


ديما يطلع كلام كبير من عباد صغار دخّل فيها ملكوت وغفلة واسمو وما تعرفش آش عرف كل شيء وزار المقامات الكل وما عرفش يكتب آية صحيحة يا رجل البساطة راهي باهية والتواضع شيمة الصالحين والرفق في الخطاب زينة المتكلمين والتثبت من صحة الآيات فرض عليك وعلى المسلمين والمومنين جعلك الله منهم ولتعلم صديقي أنك نسبت لله ما لم يقل سبحانه وتعالى وكان الأولى بك تحرّي ذلك والإنكباب على تعلّم القرآن والإبتعاد عن السفسطة وتقزيم الناس لتظهر بمظهر المظفّر ها الطريحة اللي اعطيتهالك أظنها تبقى راسخة في ذهنك لتنقل في القابل الا الصحيح عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعن عباده أيضا لان ذلك من الأمانة إذا كانت لأناس عاديين أما أن تكون لله فأقل درجة تنعت بها إن لم تكفّر هي الفسق حفظك الله من ذلك أنت وكل من تسول له نفسه التهاون في عدم التثبت من القرآن العظيم والسنة الشريفة
عياض
عياض

ذكر عدد الرسائل : 37
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 17/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف ليال بن عمر الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 11:04

بسم الله الرحمن الرحيم

والإبتعاد عن السفسطة وتقزيم الناس لتظهر بمظهر المظفّر ها الطريحة اللي اعطيتهالك أظنها تبقى راسخة في ذهنك

ما عساني ان اقول لك يا عياض هذا الكلام و قد سبق انك قلت بانك فقير و الفقير هو الصوفي و الصوفي مراة اخيه

استر اخيك ان كان في حرج لا تتفوه بالذي قلت اي فقر تتكلم فيه حتى ترى الذي خالفك او لم يكن كسب منهجك اقل منك

اي طريحه......صدقني لن تعدو قدرك و حتى تطلب من اخيك السماح...هذا الذي من شم رائحة الفقر

ترقد ثم تستيقظ ناقدا

يسر و لا تعسر الحمد لله لم تكن اماما و الا الدنيا السلام.......
ليال بن عمر
ليال بن عمر

انثى عدد الرسائل : 17
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 14/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف عياض الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 13:34

آش من منهج تتحدث عليه
أقول أن الرجل استهان بالقرآن العظيم ولم يوليه ما يستحق من الإهتمام والمراجعة والتثبت وتحدثني عن المناهج ثم قل لي يرحمك الله لماذا لم تكلف نفسك عناء التعليق بالتحدث عن موضوع التعقيب وهو نقل الآيات خاطئة أكل ما ساءك من الموضوع عدم مراعاة شعور المسمى نورو إسمعني جيّدا وانتبه لما أقول أنا لا يهمني الأشخاص ولا التلويح بالمقامات ولا الرقص على الكلمات ولا الإهتمام بزينة المرادفات ولا استعراض العضلات وإنما أهتم لكلمة صادقة تنبع من قلب متنور في جسم مطيع لصاحب همّة عالية تحببني في الله وتحثني على الطاعة وتنبهني لشر لنفسي
وتعلمني الأدب مع الله ومع عباده (ليس الإستكانة والسلبية والمجاملة والإنجرار والتأثر برأي الأغلبية لانها أغلبية ) وبارك الله في من عرف قدره وجلس دونه
عياض
عياض

ذكر عدد الرسائل : 37
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 17/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف عياض الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 14:47

بارك الله فيك سيدي عمر الحساني قرأت لك المساهمة الأولى على هذه الصفحة وشدني اليها أسلوبك الجميل ووقفت على نقطتين مهمتين الأولى
تطرقك لموضوع طالما أرّق الكثير ممن يتوقون لتحسين وضع الفقراء قولك (فإذا نزلت القضية إلى رُسوم وطقوس وتَعاليم قولية أصبح التصوف تَقليدا باردا، والتقليد حاجزا سميكا، والحجز بدعة وضلالة. وكل ذلك انتقده ابن تيمية انتقادا شديدا).سواء انتقده ابن تيمية أم لم ينتقده فهو انحراف عن مسار التصوف السليم .
ثم ما أعجبني زيادة عن كل الموضوع هو مسألة تغافل أهل السنة والجماعة عن الدعوة الى محبة أهل البيت عليهم السلام وذكر مكانتهم وسمّيتها بارك الله فيك بالسكوت المريب .
حتى أننا لا نكاد نسمع خطيبا أو داعية أو تأليفا معاصرا يهتمّ بآل البيت عليهم السلام كأن الأمر أصبح نكاية في الشيعة لانهم جعلوه ديدنهم .
ولكن ما لم أتفق معك عليه أنك أسهبت في ذكر حب الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله ولم تجز ذلك للفقراء مع شيخهم ولعلّك نظرت بعين ابن تيمية الذي ينقد المسائل من وجهة علمية سطحية يوجهّها عقل يرفض التصوف فلا تتعدّى نظرته ذلك الى ما يعتري الفقير الصادق من أحوال نابعة من بحر هذه المحبة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي نورانية بحته المحبة في الله ومثلك لا يعرّف فالنصوص التي تحث على المحبة كثيرة ولكل محبة مشربها وكلما كانت أقرب لله كلما زاد صفاؤها ونقاؤها ومشابهتها لمحبة الصحابة للنبيء طبعا مع الفارق في المحبّ والمحبوب ولكنها من مشكاة واحدة .
بارك الله فيك


عدل سابقا من قبل عياض في الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 17:30 عدل 1 مرات
عياض
عياض

ذكر عدد الرسائل : 37
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 17/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف ليال بن عمر الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 15:31

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عياض أسلوبك غريب يعني أنك ذو ذوق رفيع ألا أنك مبالغ من نبراتك في اللوم و الا لوم أي لا تجامل و لا تعادي
يا أخي كن في انتقادك علم و تجربة لا فلم و تجرحة..الكل في المنتدى إخوة...بيسط الكلام و نعلم ما نجهل..خير أن نجر أنفسنا
في وادي المناضرة التي تضع من صاحبها ..كلامك شيق و أسلوبك جريء...لو تتفضل علينا مزيد المعرفة في شخصك حتي

نعلم فيمن نخاطب...و كما قيل مع من تكون حالك يكون..ثم لا بأس أن تطلب من أخيك السماح و المسامح كريم و بارك الله فيك
ليال بن عمر
ليال بن عمر

انثى عدد الرسائل : 17
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 14/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف عياض الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 17:23

إذا كان الغضب لله فهو محمود وإذا كان للنفس فهو مذموم فانظر أيهما كان سبب اللوم وبارك الله فيك وسامح الله الجميع
عياض
عياض

ذكر عدد الرسائل : 37
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 17/05/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف محب الآل والصحابة الخميس 20 أكتوبر 2011 - 8:19

فتنة ابن تيمية ومن بعده الوهابية عمت الآفاق وهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان

هذا هو الواقع مع الأسف و لئن كانت لابن تيمية تجارب روحية وأذواق صوفية فيما بعد فمرضى النفوس من علماء الضلالة و أتباعهم لم يأخذوا بكل ذلك و نسوه و لم يأخذوا من ابن تيمية سوى ضلالاته التي خلفت فتنة لم ير أشد منها فتكا بالمسلمين فيما بينهم.


ثم ما أعجبني زيادة عن كل الموضوع هو مسألة تغافل أهل السنة والجماعة عن الدعوة الى محبة أهل البيت عليهم السلام وذكر مكانتهم وسمّيتها بارك الله فيك بالسكوت المريب .
حتى أننا لا نكاد نسمع خطيبا أو داعية أو تأليفا معاصرا يهتمّ بآل البيت عليهم السلام كأن الأمر أصبح نكاية في الشيعة لانهم جعلوه ديدنهم .

بالضبط أحسنتم في هذه و هي صارت واقع مع الأسف! حتى وصل الأمر بأحد العارفين أن يقسم أن لا يذكر أي حديث فيه ذكر سيدنا علي كرم الله وجهه من شدة تعصبه على الشيعة.

ولكن ما لم أتفق معك عليه أنك أسهبت في ذكر حب الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله ولم تجز ذلك للفقراء مع شيخهم ولعلّك نظرت بعين ابن تيمية الذي ينقد المسائل من وجهة علمية سطحية يوجهّها عقل يرفض التصوف فلا تتعدّى نظرته ذلك الى ما يعتري الفقير الصادق من أحوال نابعة من بحر هذه المحبة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي نورانية بحته المحبة في الله ومثلك لا يعرّف فالنصوص التي تحث على المحبة كثيرة ولكل محبة مشربها وكلما كانت أقرب لله كلما زاد صفاؤها ونقاؤها ومشابهتها لمحبة الصحابة للنبيء طبعا مع الفارق في المحبّ والمحبوب ولكنها من مشكاة واحدة .

أحسنتم في هذه أيضا سيدي عياض فهي تعالج وهما مستحكما في كثير من المحجوبين بعلم النقول و سيرة الصحابة عن ملاحظة صورة الصحابة في كل فقراء الشيخ سواءا الصادق منهم أو المنافق. فإذا كان الشيخ خليفة النبي فمن سنة الله في أنبيائه و أوليائه أن يصير عليهم مثل ما صار للأنبياء في سيرتهم و مسيرتهم النورانية.

أما بعد فيقول سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم: (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام)

كما يقول محاسب الأولياء سيدنا أحمد زروق قدس الله روحه و سره: (ما زالت الصوفية بخير ما اختلفوا لأنهم إذا اصطلحوا كان ذلك على إغضاء من العيوب الخ..) أو في معنى هذا الكلام.

و الحمد لله رب العالمين.

اللهم صل على سيدنا محمد و على آله الطاهرين و صحبه المهتدين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
محب الآل والصحابة
محب الآل والصحابة

ذكر عدد الرسائل : 230
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 20/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف nourou الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 11:14

بسم الله
أولا أعوذ بالله أن أكون من المتهاونين بكلام الله جل جلاله وأعوذ به من خطئي وصوابي وجدي وهزلي وكل ذالك عندي.
 قال سبحانه وتعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }
وقال عز من قائل: { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }

كل بني آدم خطاءون إلا المعصوم. إلا أني ألومك أنك لم تكن عادلا في كلامك فلو أصلحت الآية وراجعتني في ردي لكنت مقسطا، ولو لمت السيد عمر على قوله قبلي لكنت مقسطا أكثر، ولكني أجدك محقرا لغيرك من الفقراء ولا ترى الكمال إلا فيك وهذا ينافي قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من قال علمت فقد جهل" كما إني أنصحك بنصيحة شيخنا رضي الله عنه في الحكمة: 'من نظر للأشياء بعين التعظيم استمد منها وكان عند الله عظيما ومن نظر للأشياء بعين التحقير استمدت منه وكان عند الله حقيرا' الفقير يستمد من الأشياء بعين التعظيم فما بالك باستمداده من أخيه إن نظر إليه بعين الصفاء... غفر الله للجميع.
يا إخوان حسن الظن بالله وحسن الظن بخلق الله من أعظم ما يمن به الله على عباده.
إني لم أكتب يوما لأحقر أحدا أو لأظهر بالمظفر كما يظن البعض وليس لي في المنتدى إلا ردودا على ما قيل من بعض الإخوان التي تمس بالطريق أو بأهل الله فالعبد الحقير لا أرد على أي قول لأحقر الكاتب أو للظهور إنما أريد انتصارا للحق فإن لم تعجبكم ردودي فراجعوني في الموضوع لا في الأشياء الإجابية بارك الله فيكم.

شكرا لأخي ليال بن عمر على حسن ظنه بخلق الله.

أما قول أخينا المحب بارك الله فيه: (ما زالت الصوفية بخير ما اختلفوا......) نعم نختلف في الرأي ويصحح بعضنا البعض ويشتد الاختلاف ويشتد... ولكن إذا وصل إلى الشتم واللمز خرج عن شكله.

أما من يريد أن يعرف ما قاله ابن تيميه في أهل البيت وتحقيره لهم عليك بكتاب:
 أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله وأهل بيته
الرابط: http://www.alrokn-walmaqam.com/books/downloadbook.php?id=1
أو الرابط: http://www.msobieh.com/akhtaabook.html

ماذا يكون ردك سيدي عمر بعد قراءة الكتاب وأنت تدعو إلى إحياء محبة أهل البيت عليهم السلام عند المسلمين.

والسلام
nourou
nourou

ذكر عدد الرسائل : 36
العمر : 69
تاريخ التسجيل : 29/03/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 16:15

السلام عليكم
هنا بعض النقاط سوف أكتب فيها ، بل سأنقل من كتاب الإحسان للشيخ عبد السلام ياسين ، حتى لا يفهم كلامي على عواهنه :
1.في محبة المريد للشيخ ، واجب ، بل تعظيمه و توقيره قربة إلى الله :
المحبة والأدب عماد الطريق وسمة الطائفة
بسم الله الرحمن الرحيم. )رب انصرني بما كذبون(. اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي.
كثيرا ما تسمع مسلما جديدا أتى إلى الإسلام من الكفر أو الإلحاد يقول: هذا ميلاد جديد لي! ويقول التائب من الذنب: هذا ميلادي، ويقول الداخل مع المؤمنين في جماعة: هذا ميلادي. وما منهم إلا صادق يعبِّر عن فرحه وتحوله الحقيقيين. وبهذا الاعتبار فالمربي والمعلم والمؤدب والواعظ والداعية المرشد آباء بمعنى ما. لكن الميلاد القلبي الروحي حقيقة أخرى لا مقارنة بينها وبين غيرها. من السالكين من يخبره الشيخ، إن رأى في ذلك حكمة، بهذه الأمور، أو يبشره بميلاده وخطواته نحو الرجولة. ومنهم من يمثّل الله تعالى له ذلك في رؤيا المنام أو اليقظة. ومنهم من لم يقرأ ولم يسمع عن شيء من ذلك حتى فاجأه الفتح وجاءه النصر، وارتفعت على رأسه أعلام الولاية وهو يرى نفسه أحقر من أن يتطلع لأفق أعلى من مغفرة ذنبه.
من السالكين من تُطَوِّرُه العناية الإلهية في أطوار السلوك إلى الوجود الثاني والنشأة الآخرة وهو فاتح عينيْه على المشاهد والمقامات والأحوال، مشغول بالفرجة على تلك المغاني السَّنيَّة. وأعلى السلوك وأكملُه وأقربُه وأحبّهُ وأطيبه سلوك كبار الصحابة رضي الله عنهم الذين نشأوا ورشدوا في حجر خير البرية صلى الله عليه وسلم، إمام الأنبياء، وأب الأولياء. كبار الصحابة هم سادة الأولياء وأئمتهم. فضلوا الكل بالصحبة المباشرة لأكرم مخلوق على الله. وفضلوهم بالجهاد، شغلتهم نُصرة الله ورسوله عن تَملِّي بَهاء الأنوار الكونية، وعن تذوق التجليات الربانية. شغلتهم الاستماتة في سبيل الله في ميادين الجلاد عن ما يحدثه الله عز وجل في قلوبهم وأسرارهم من إنشاء معنوي روحي. شغلتهم الدعوة والهجرة والنصرة وتدبير أمر الأمة عن الاهتمام بالتحولات الباطنية فيهم، زواها الله عنهم، ودبَّرها لهم تدبير الوكيل. كانوا لله فكان الله لهم. ولا تظنَّنَّ أن سكوتهم عما لَهَجَ به من بعدَهم قصورٌ، بل هم في القمة، نالوا ما ناله القوم رضي الله عنهم، وزادوا، وزادوا.
العُمدة ليست في اطّلاعك على ما يفعله الله بك عز وجل، العمدة في اشتغالك بما أمرك. فمما أمرك به الجهاد. كان القوم أحلاس بيوتهم فما وجدوا من جهاد إلاّ جهاد أنفسهم، وأنت يا من تقرأ كتابي أحياك الله في أزمنةٍ أصبح فيها الجهاد لإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة فرضا. فاشتغل بالعمل الصالح، لكن لا يفتك الله، واطلب من بين المجاهدين من يحضُنك ويطيبك ويبخِّرُك، ويزجُّ بك في حضرة الأحياء بالله في نفس الوقت الذي يحرِّضُك فيه على الجهاد في سبيل الله. إن فاتك طلب الله مع الطالبين، والشوقُ إليه مع المشتاقين، والسير مع السائرين، والولادة في الروح والمعنى مع الوالدين والمولودين، فقد تنال الشهادة الصغرى بالموت الطبيعي، تصيبك رصاصة في سبيل الله. لكن الشهادة الكبرى لا ينالها من انحصرت همته في طلب جنات النعيم ومفاكهة الحور العين. لا ينالها إلا من قتله سيف الحب لله، والحب في الله، والأدب مع الله ومع أولياء الله.
من ظفر بالكنز العزيز، الشيخ الكامل المكمِّل، وحظي عنده بالقبول، فذاك عنوان سعادته. فليحرص على مُخَالَلَتِه، إذ الرجل على دين خليله. وذلك بالتوجه القلبي إليه، وبتعظيمه وتوقيره وتعزيره حتى تتشرب روحُه من روحه، ويستقي غصنه من جذوره. قال الأستاذ القشيري: "وقبول قلوب المشايخ للمريد أصدق شاهد لسعادته. ومن ردّه قلب شيخ من الشيوخ فلا محالة يرى غبَّ ذلك ولو بعد حين. ومن خُذِل بترك حرمة الشيوخ فقد أظهر رَقْم شقاوته، وذلك لا يُخطئ"[1].
يؤكد القوم النصيحة باحترام المشايخ وطاعتهم. وقد يقول قائلهم: "يكون بين يديه كالميت بين يدي غاسله". وهي مقالة خطيرة، لأنّ المريد لا يستطيع تمييز الشيخ الرباني من النصّاب الكذاب، فيسقط في يد نفس طاغية تلعب به كما تلعب بصاحبها. لذلك يفصل الإمام الغزالي شروط الشيخ الذي تتعين حُرمته، ويشير إلى المعاملة اللازمة معه إن أخطأ. فكل ابن آدم خطّاء، حتى كُمَّلُ الأولياء، حاشا المعصومين أنبياء الله. قال رحمه الله: "شرط الشيخ الذي يصلح أن يكون نائبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون عالما. ولكن لا كلّ عالمٍ يصلح للخلافة. وإني أبين لك بعض علامته على الإجمال، حتى لا يدعي كل أحد أنه مرشد: من يعرض عن حبِّ الدنيا وحب الجاه، وكان قد تابع لشخص بصير تتسلسل متابعته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وكان محسنا رياضةَ نفسه من قلَّة الأكل والقول والنوم وكثرة الصلوات والصدقة والصوم. وكان بمتابعة الشيخ البصير جاعلا محاسن الأخلاق له سيرة، كالصبر والصلاة والشكر والتوكل واليقين والقناعة وطمأنينة النفس والحِلم والتواضع والعلم والصدق والحياء والوفاء والوقار والسكون والتأنّي وأمثالها. فهو إذا نور من أنوار النبي صلى الله عليه وسلم، يصلح للاقتداء به. ولكن وجود مثله نادر أعز من الكبريت الأحمر. ومن ساعدته السعادة فوجد شيخا كما ذكرنا، وقبله الشيخ، ينبغي أن يحترمه ظاهرا وباطنا، أما احترام الظاهر فهو أن لا يُجَادله، ولا يشتغل بالاحتجاج معه في كل مسألة وإن علم خطأه. ولا يلقي بين يديه سجّادته إلا وقت أداء الصلاة، فإذا فرغ يرفعها. ولا يكثر نوافل الصلاة بحضرته، ويعمل ما يأمره به الشيخ من العمل بقدر وُسعه وطاقته. وأما احترام الباطن فهو أن كلَّ ما يسمع ويقبَلُ منه في الظاهر لا ينكره في الباطن لا فعلا ولا قولا لئلا يتسم بالنفاق. وإن لم يستطع يترك صحبته إلى أن يوافق باطنه ظاهره"[2].
ظواهر العبادة والأخلاق قد يتحلى بها عابدٌ زاهد فاضل عالم ليس من "فن" السلوك في شيء فيا ربِّ من أصحب! من الدليل! ونلاحظ إلحاح الغزالي على تسلسل المتابعة. وهي نقطة أساسية، فمن لا أب له في طريق القوم لقيط دخيل، إلا أن يكون مجذوباً من أطفال الحضرة، وذاك لا يقتدى به ولا يَلِدُ ولا يربِّي. وكان الغزالي رحمه الله من أكثر الناس انقيادا للمشايخ، وبذلك فاز.
ويقول الشيخ عبد القادر رحمه الله: "يا قوم! متى تعقلون! متى تدركون الذي أشير إليه! طوفوا على من يدلكم على الحق عز وجل. فإذا وقعتم بهم فاخدموهم بأموالكم وأنفسكم. المشايخ الصادقون لهم روائحُ، لهم علامات ظاهرة نيِّرة على وجوههم. ولكن الآفة فيكم وفي بصائركم وفي أفواهكم السقيمة. ما تفرقون بين الصّدّيق والزنديق"[3]. لهم روائح لكن أين لك بالشم الذي به تتخالل الأرواح! قال الإمام السهروردي: "فإذا صادف (المريد) شيخا انبعث من باطن الشيخ صدقُ المحبة بتأليف القلوب وتشامِّ الأرواح وظهور سر السابقة فيهما باجتماعهما لله وفي الله وبالله"[4].
بأدبك مع المخلوق وشمِّك من روحه تتعلم الأدب مع الخالق سبحانه. وبصبرك في صحبته تتماثل للبروز إلى وجودك الروحي الكاملي. قال الشيخ عبد القادر قدس الله سره: "ما تأدبت مع المخلوق وتدعي الأدب مع الخالق! المعلم ما رضي عنك! ولا تأدبت معه، ولا قبلت أوامره. تقعد في الدست وتتصدر! لا كلام حتى يقوم توحيدك على رجلِه ويثبت بين يدي الحق عز وجل، وتخرج من بيضة وُجودك، وتقعد في حِجْر اللطف، وتكونَ تحت جناح الأنس به، وتلقُطَ حَبَّ الإخلاص، وتشرب ماء المشاهدة. ثم تبقى على ذلك إلى أن تصير ديكا". وا أسفا على من يظن أن هذا الكلام تزويق وتنميق! لكن ما الحيلة معك إن كنت قفصا بلا طائر! ما الحيلة إن كانت أنانيتك وكبرياؤك أحبَّ إليك من الله ورسوله!
وقال رحمه الله: "من أراد الفلاح فليصر أرضاً تحت أقدام المشايخ. ما صفة هؤلاء الشيوخ؟ هم التاركون للدنيا والخَلْق، المودِّعون لما تحت العرش إلى الثّرى، الذين تركوا الأشياء وودَّعوها وداع من لا يعود إليها قطُّ. ودّعوا الخلق كلّهم، ونفوسهم من جملتهم، ووجدوا وجودهم مع ربهم عز وجل في جميع أحوالهم. كل من يطلب محبة الحق عز وجل مع وجود نفسه فهو في هوَس وهذيان"[5].
وجودُ النفس، هوسُ النفس، أنانيتُها، ذبحُها. اخرج من بيضة وجودك الدنِي، واجلس في "حجر اللطف". عناية الله عز وجل وحدها وسابق علمه فيك كفيلة بذلك. قال الشيخ عبد القادر رحمه الله: "فيا خيبة من لم يعرف الله عز وجل ولم يتعلق بأذيال رحمته! يا خيبة من لم يعاملْه، وينقطع إليه بقلبه، ويتعلق بسرِّه، ويتمسك بلطفه ومِنَنه! يا قوم! الحق عز وجل يتولى تربية قلوب الصديقين من حال صغرهم إلى كبرهم"[6]. هذا حظ السابقة. وواجبك أنت في "المعاملة" و"الانقطاع" و"التعلق" و"التمسك" يبينه لك عبد القادر مضيفا: "يا غلام! كن غلام القوم وأرضاً لهم وخادما بين أيديهم. فإذا دمت على ذلك صرت سيدا. من تواضع لله عز وجل ولعباده الصالحين رفعه الله في الدنيا والآخرة. إذا احتملت القوم وخدمتهم رفعك الله إليهم وجعلك رئيسهم. فكيف إذا خدمت خواصَّه من خلقه!". ويقول رحمه الله: "يا من أراد السلوك! استدلَّ بمن قد سلك، وعرف المواضِعَ المَخوفَةَ منها، وهم المشايخ العمّال بالعلم، المخلصون في أعمالهم. يا غلام! كن غلام الدليل! اتبعه! اترك رَحْلَك بين يديه وسر معه، تارة عن يمينه، وتارة عن شماله، وتارة وراءه، وتارة أمامه. لا تخرج عن رأيه، ولا تخالف قوله. فإنك تصل إلى مقصودك ولا تضِل عن جادتك"[7].
يقول الغزالي إن الشيخ الكامل نور من أنوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا يقول الشيخ أحمد الرفاعي قدس الله سره. وبالمواجهة، قلبا لقلب، مع العارف الكامل يحصل الاستمداد من الحضرة النبوية، وبالتعظيم لجناب الشيخ ورعاية خاطره تُستدام النفحات. قال الرفاعي: "وجِّه قلبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واجعل الاستمداد من بابه العالي بواسطة شيخك المرشد. وقم بخدمة شيخك بالإخلاص من غير طلب ولا أرَب (من غير طلب مكافأة دنيوية). واذهب معه بمسلك الأدب. واحفظ غيبته. وتقيَّد بخدمته. وأكثر الخدمة في منزله. وأقلل الكلام في حضرته. وانظر إليه بنظر التعظيم والوقار لا نظر التصغير والاحتقار"[8].
من المتصدرين للإرشاد قبل الفطام، بل بدون أن يكونوا خَطَوْا خَطْوَةً واحدة على طريق الاستقامة، من يطيب له أن يخدمه الخلق، ويتزلفوا إليه، ويكثروا الخدمة في منزله، ويضعوا أموالهم تحت قدميه. وهكذا يَهْوِي التابع والمتبوع في دركات الخزي، يستعبد "الشيخ" الأتباع، وترتع نفسه المخبَّثَةُ في هواها، وتتخبَّثُ نفوسُهم، وتنشأ دويلات استغلاليَّةٌ جاهلية كانت في تاريخنا ولا تزال محطّات للتعفُّن الاجتماعي. إن سَلَّمْتَ نفسك لنفس لاصقة بالدنيا فلا تنتظر إلا المصيرَ الرديء في الدنيا والآخرة. فيا ربّ من أصحب! وكيف أصحب! وأين أولياؤك الذين طلقوا الرئاسات لمّا هاموا في حبك وحب أحبابك!
في كل عصر تسمع من الصالحين أن زمان الصلاح أدبر وولّى، ولم يبق من يصلح للصحبة. وعلى لسان المشايخ المعتَبرين تسمع أن المطلوب للصحبة نادر ندرة الكبريت الأحمر. وهو كذلك دائما وسيبقى. لكن الطالب الصادق الذي أيقظَ الله عز وجل فيه باعث الإرادة العليَّة والهمة المتقدة من حقه أن يستبشر، فإن الله جلت عظمته أكرمُ من أن يبعثه ويوقفه على الباب ثم يرده خائبا وإن "من كانت له بدايةٌ محرقة كانت له نهاية مشرقة" كما يعبر القوم رضي الله عنهم.
قال العاشق الوامق الطالب الراغب:
محا بعدَكم تلك العيونَ بُكَاؤُها وغال بكم تلك الأضـالعَ غُولُهـا
فـمن ناظر لم تبـق إلا دمـوعه ومن مهجـة لم يبق إلا غليلُهـا
دعـوا ليَ قلبـا بالغـرام أذيبـه عليكم وعينا في الطلول أُجيلُهـا

وقال الملتاع في هواهم الظامِئ لوِرْدِهم:
تزود من المـاء القــراحِ فلن تـرى بوادي الغَضَـا ماء قراحـا ولا وِردا
ونل من نسيم البان والرَّنْدِ نفحـةً فهيهـات واد يُنْبِتُ الورد والرنـدا
وكــرَّ إلى نجــدٍ بطــرْفِـك إنـه متى تغْدُ لا تنظر عقيقـا ولا نجـدا
تلفَّتُّ دون الرَّكْـب والعـين غُـمْـرَةٌ وقـد مـدّها سيـل الدمـوع بها مـدا
لعلـي أرى داراً بـأسنمـة النَّـقــا فأطْـرَبُنـا للـدار أقـربنــا عهــدا
تـلاعـَبُ بـي بـين المعـالم لوعـةٌ فتذهب بي يأسا وترجع بي وَجدا

وقلت:
وَفي كَبدي مِن فرط وَجديَ لوعةٌ تَأَجَّجُ في الأحشـاءِ ناراً، تَحــرَّقُ
تَنامُ العُيــون السَّالِيــاتُ ومُقلَتـي هَتــونٌ بدمعـي، إنَّ شمـلي مفـرَّقُ
إليكَ إلهي الشـوقُ فامنُــن بِرحمـةٍ يُسـدِّد خطــواتي خليــلٌ مـوفَّـقُ




[1] الرسالة القشيرية ص 184.
[2] أيها الولد ص 63.
[3] الفتح الرباني ص 96.
[4] عوارف المعارف ج 2 ص 47.
[5] الفتح الرباني ص 263.
[6] نفس المصدر ص236.
[7] نفس المصدر ص 298.
[8] البرهان المؤيد ص 96.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 16:17

2.شفاء السائل ، حول التربية من الكتب أو صحبة الولي المربي:
شفاء السائل
بسم الله الرحمن الرحيم. )رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين(. اللهم أحسنت خَلْقي فأحسن خُلُقي.
للمؤرخ الكبير أحد حكماء المسلمين،أبي زيد عبد الرحمان بن خلدون "قدر مشترك" مع الصوفية. ليس مذكورا من أهل الفن، لكنَّ له مشاركةً واطلاعا ورأياً يبدو منه الاهتمام الكبير. له رسالة سماها: "شِفاء السائل لتهذيب المسائل" وسع فيها الفصل الذي خصصه في المقدمة الشهيرة للتصوف.
وكانت المسألة التي وَرد بها الكتاب من علماء الأندلس قد أثارت بين فقهاء تلك العدوة خلافات ومناظرات منذ القرن الثامن فما بعده. شارك في السؤال والمناظرة والمراسلة إمام الأصوليين في ذلك العصر وهذا أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله. وناهيك به سائلا ومناظرا ومراسلا!
تدورُ هذه الرسالة حول سؤال ورد على الفقيه المؤرخ المقرَّب في بلاط فاس في موضوع كان ولا يزال مَثاراً للخلاف. قال: "وقَّفني بعض الإخوان أبقاهم الله على تقييد (أي كتاب) وصل من عَدْوة الأندلس وطن الرباط والجهاد، ومأوى الصالحين والزُّهاد، والفقهاء والعُبَّاد، يخاطب بعض الأَعلام من أهل مدينة فاس، حيث الملُكُ يَزْأرُ، وبِحار العلم والدين تزْخَر، وثواب الله يُعَدُّ لأنصار دين الله ويُذْخَرُ. طالبا كشف الغِطا في طريق الصوفية، أهلِ التحقيق في التوحيد الذوقيّ والمعرفة الوِجْدانيَّة، هل يصح سلوكه والوصول به إلى المعرفة الذوقية، ورفع الحجاب عن العالم الروحاني تعلُّماً من الكتب الموضوعة لأهله، واقتداءً بأقوالهم الشارحة الوافية بشروط البِداية والنهـاية، كالإحياء (للغزالي) والرِّعاية (كتاب للحارث المحاسبي) أم لابد من شيخ يتبين دلائِلَهُ، ويَحذرُ غَوائِلَهُ، ويُميِّز للمريد عند اشْتِباه الواردات والأحوال مسائلَه، فيتنزل منزلةَ الطبيب للمرضى، والإمام العادل للأمة الفوضى"[1].
هذا هو السؤال: ما موقع الكتب وفائدتها ومردوديتها في السلوك القلبي؟ وهل لابد من شيخ يُسلِّمه المريد زِمامَه كما تستسلم "الأمة الفوضى" للإمام العادل، وكما يستسلم المريض للطبيب؟
ويبدأ فقيهنا الحكيم العبقري الجواب بالإشارة إلى تميّز الطائفة عن سائر علماء الإسلام بعد عهد أتباع التابعين قائلا: "ثم اختلف الناس، وتباينت المراتب، وفشا الميل عن الجادَّة، والخروجُ عن الاستقامة، ونسي الناس أعمال القلوب وأغفلوها وأقبل الجَمُّ الغَفيرُ على صلاح الأعمال البدنيَّة والعناية بالمراسم الدينية من غير التفات إلى الباطن ولا اهتمام بصلاحه. وشُغِل الفقهاء بما تعم به البلوى من أحكام المعاملات والعبادات الظاهرة حسبما طالبهم بذلك منصبُ الفُتْيَا وهدايةِ الجمهور. فاختص أرباب القلوب باسم الزهاد والعُبّاد وطُلاب الآخرة، منقطعين إلى الله، قابضين على دينهم كالقابض على الجمر حسبما ورد (في الحديث). ثم طرقت آفة البِدَع في المعتقدات، وتداعى العُبّاد إلى مذاهبَ شتى، هذا معتزلي ورافضي وخارجي، لا ينفعهم شيء من أعمالهم الظاهرة والباطنة مع فساد المُعْتَقَد الذي هو رأسُ الأمر. فانفرد خواص السنة المحافظون على أعمال القلوب، المقتدون بالسلف الصالح في أعمالهم الباطنة والظاهرة، وسُموا بالصوفية"[2].
ويَخلُص عالمنا الفحل إلى صُلْب الموضوع فيحدد أهداف التصوف في ثلاث مجاهدات: "مجاهدة التقوى وهي رعاية الأدب مع الله في الظاهر والباطن بالوقوف عند حدوده مراقباً أحوالَ الباطن، طالبا النجاة، وإنه التصوفُ عند الصدر الأول منهم. ثم مجاهدة الاستقامة وهي تقويم النفس وحملُها على الصراط المستقيم حتى تصير لها آداب القرآن والنبوءة، بالرياضة والتهذيب، خُلُقاً جِبِلِيَّةً، طالبا مراتب الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين. ثم مجاهدة الكشف والاطلاع، وهي إخماد القُوى البشرية كلِّها حتى الأفكارَ، متوجهاً بكلية تعقله إلى مطالعة الحضرة الربانية،طالبا رفع الحجاب، ومشاهدة أنوار الربوبية في حياته الدنيا، ليكون ذلك وسيلة إلى الفوز بالنظر إلى وجه الله في حياته الأخرى التي هي غاية مراتب السعداء"[3].
وبعد أن يبين أن المجاهدة الثّالثة، مجاهدة الكشف، تنطوي على المجاهدتين الأوليَيْن وتَنْبَنِي عليهما يُبَيّن أن همة المريد تقفُ به عند حدود مطلَبه، وأن طالب التقوى والنجاة قد لا يكون له باعث أعلى ليطلب مراتب الاستقامة، وأن طالب الاستقامة المجتهدَ لنيلها قد لا تسمو إرادته إلى أعلى ليطلب وجه الله و"مشاهدة أنوار الربوبية في حياته الدنيا".
ويخلص إلى محور السؤال والخلاف وهو ضرورة الشيخ فيقول: "ثم اعلم أن افتقار هذه المجاهدات إلى الشيخ المُعلِّم، والمربي الناصح، ليس على سبيل واحدة. بل هو في بعضها أكمل وأولى، وفي بعضها أحق وآكدُ، وفي بعضها أوْجبُ، حتى إنه لا يمكن بدونه(...). أما مجاهدة التقوى التي هي بالورع فلا يضطر فيها إلى الشيخ، إنما يكفي فيها معرفةُ أحكام الله وحدودِه، أخِذَتْ من كتاب أو لُقّنَتْ من مُعلم أو تُدُورِسَت من أستاذ(...). وأما مجاهدة الاستقامة التي هي التخلق بالقرآن وبخلق الأنبياء فمحتاجة بعض الشيء إلى الشيخ المعلم لعُسر الاطلاع على خُلُق النفس، وخفاءِ تلوُّناتِ القلب، وصعوبةِ علاجها ومُعانَاتها(...)، فإذن يتأكد طلب الشيخ في حق صاحب هذه المجاهدة، والاقتداء فيها بسالكها المطلع على عللها(...).
قال: "وأما مجاهدة الكشف والمشاهدة التي مطلوبُها رفع الحجاب والاطلاعُ على العالَم الروحاني وملكوتِ السماوات والأرض، فإنها مفتقرة إلى المعلم المربي، وهو الذي يُعبَّر عنه بالشيخ، افتقار وجوبٍ واضطرارٍ، لا يسع غيره، ولا يمكن في الغالب حصولُها بدونه"[4].
رحمك الله أبا زيد! كنت تحدثنا عن المريد الطالب رفع الحجاب ليشاهد أنوار الربوبية، فإذا بك بعد حين تشتغل مع مريدك بالأكوان و"الاطلاع على العالم الروحاني وملكوت السماوات والأرض"! وأين الأكوان من المُكَوِّن ما شاء الله كشف لك من عوالمه وملكوته، وما زوى عنك فأنت عبد للأكوان إن تعلقَتْ همتُك بالأكوان ومطالعة ما دون الله، مُتَهاوِياً عن المطلَبِ الأوحد، مطلبِ الرجال، وجهِ الله.
ثم يتحدث صاحبُنا الذي صرف عمرا طويلا في مراقبة تاريخ الأمم فخرج باستنتاجه العبقري ناقلا بأمانة أقوال الرجال أصحاب الفن، ويقول: "إذا كان السالك نُصْبَ عين الشيخ وبِمرأىً منه وتمحيصٍ لأعماله وسلوكه، والشيخ قد سلك، وعلم فاسدَ الأحوال من صالحها، وعما ينشأ صالحُها وفاسدُها، وكيف ينشأ، وما يكون منها واصِلاً، وما يكون قاطعاً، وكيف تترتَّب الأحوال المقدورة على الأعمال المقدورة، ومقدارُ الزكاء في الأعمال الذي يكون عنه الصفاءُ في الأحوال، وقد خبر ذلك كلَّه بالابتلاء والتجربة والمِرَانِ، ولم يُقلِّدْ فيه الكُتُبَ والأخبار. (إذا فعل السالك ذلك) استقام السلوك، وأُمِنَتْ المخاوف، وذهب الغرور".
ويحاور عالمنا الجليلُ الحكيمُ طائفة الأخباريِّين العاكفين على الكتب، قال: "فقال لهم (المدافع عن ضرورة الشيخ): لِمَ اعتمدتم على الكتب وتركتم الاعتماد على شيوخ الطريقة، والقوم إنما اعتمدوا على الشيوخ وتركوا الكتب؟ فقالوا: أصل السلوك إنما هو بالكتاب والسنة وما نشأ عنهما. وها هي بأيدينا مسطورة، وناقلوها منتصبون لتعليمها. وشيوخُ هذه الطريقة من جُملتهم. فما الذي يمنع من السلوك دونَهم؟ فقال لهم: إن كان مجرُد النّقْل كافياً في حصول هذا المقصود أو غيرِه فليسْتَوِ في جميع أنواع العلوم والصنائع من حَفِظَ وصفَها ولم يُعانِهَا مع مَن عاناها بالفعل، ودخل فيها حالاً واتِّصافا"[5].
قال مستخْلصاً: "والحق أنه لابد للسالك من الشيخ، ولا يُفضي به النقل وحده إلى مطلوبه، لا مِنْ أجل التفاوت في التحصيلين (أي في كون الشيخ أوسع اطلاعا على الكتب وأحفظَ للنّصوص)، بل من أجل أنّ مدارك هذه الطريقة ليست من قبيل المُتعارَف من العلوم الكسبيَّة والصنائع، وإنما هي مداركُ وجدانيَّةٌ إلهاميّة خارجةٌ عن الاختيار في الغالب، ناشئةٌ عن الأعمال، على هيئات مخصوصة. فلا يدركُ تمييزُها بالمعارف الكسبية، بل يحتاج إلى الشيخ الذي يميزُها بالعِيان والشِّفاه (أي المشافهة)، ويعلم هيآت الأعمال التي تنشأ عنها وخصوصياتِ أحوالِها"[6].
لا يزال إلى جانب صنف المستهزئين بالصوفية والتصوف الذين يُصْدِرون الأحكام الجِزافَ على غير علم، صنفُ الذين يعْترفون بما عند الصوفية من حق، لكنهم في حيرتهم وزَحمة الدنيا عليهم، وربما أساسا لغياب المسألة الإحسانية الكامل عن أفُقهم، يُصِرّون على أن التصوُّف السنيَّ الذي تحتاج إليه الأمة في عصرنا هو تصوف ينحصر في ترقيق القلوب بقراءة كتب الغزالي ومُدارسة الإحياء وما أشبهه. كيف تُفهم هؤلاء الفضلاء أن الله عز وجل موجودٌ، وأنه يُحِب ويُحَب، وأن مناديَه في السماء والأرض ينادي : إن الله يحب فلانا من عباده فأحبوه، وأن العبد المتقرب إلى الله بالفرض والنفل يأتي وقت يحبُّه الله فيفعلُ به جل وعلا ما قرأناه في الحديث العظيم الذي توقف فيه الذهبي حيرةً وتردداً، وأن علماء فطاحل من هذه الأمة جَثَوْا على الرُّكب طيلةَ هذه القرون أمام الأولياء مشايخ الطريق يلتمسون بركتهم وتوجيههم وتسليكهم وتوصيلهم إلى الله عز وجل ؟ من يُفهم هؤلاء الفضلاء أنَّ وأنّ وأنّ؟
رُبَما يزعم زاعم من النُّفاة المكفرين الجاهلين، أو يجادل فاضل من المشتغلين عن طلب الله، أن ما تُسمونه سلوكا وطريقة وشيخا وتصوّفا أمور لم يأذن بها الله ولا أوجبها بمقتضى الشرع. لمثل هؤلاء يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئا يُسمّى مصحفا، ولا كتباً، ولا فقها، ولا أصولا، ولا دواوين للحديث، ولا مدرسة، ولا نحوا، ولا صرفا، ولا علوما تخصصية، ولا، ولا، ولا.
ويتقابل نفي مع نفي، ورفض مع رفض. وما أنت بمُسمع من في القبور.
وتعال قف بالباب مع الأحباب الذين نصحوك، قف بباب روح المصطفى صلى الله عليه وسلم عسى نفحةُ رضىً تهب على قلبك. قال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر ما رواه البخاري من اهتزاز عرش الرحمان لموت سعد بن معاذ: "إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض أتباعه (صلى الله عليه وسلم) فرحا واستبشارا بقدوم روحه، فكيف بقدوم روح سيد الخلائق! فيا منتسباً إلى غير هذا الجناب، ويا واقفا بغير هذا الباب، ستعلم يوم الحشر أيَّ سريرة تكون عليها يوم تبلى السرائر"[7].
قال سيدنا بلال يحن إلى مكة حيث عرف الله بتعريف حبيبه رسول الله:
ألا ليت شعري هل أبيتَنَّ ليلة بوادٍ وحـولي إذْخِـر وجَليـل؟
وهـل أرِدَنْ يومـا ميـاهَ مَجَنّـة وهل يَبدُوَنْ لي شامَة وطَفيـل؟

وقال أبو العباس بن العريف يصون وُدّ الأحباب:
ما زلـت مذ سكنـوا قلبي أصـون لهـم لَحظي وسمعي ونُطقـي إذ هم أُنُسـي
حلـوا الفـؤاد فما أنـدى ولو قطَـنـوا صخـرا لجـاد بماء منـه مُـنـبـجـس
وفي الحَشـا نزلـوا والوهـج يجرحـهـم فكيـف قَـرّوا على أذكى من القبس!
لأنـهـضـنَّ إلى حـشـري بـحـبـهـم لا بـارك الله فيمـن خـانهم فـنَسِـي

وقال غيره:
جسمي معي غير أن الروح عنـدهم فالجسـم في غربة والروح في وطن
فليعجب الناس مـني أنَّ لـي بَدَنا لا روح فيـه ولي روح بـلا بـدن

وقال محب رحلوا عنه:
راحوا فباتَت راحتي من راحتي صِفراً وأضحى حبهـم لي راحـا
فتحوا على قلبي الهمـومَ وأغلقوا باب السـرور وضيعوا المفتـاحـا

وقلت:
ما خُنْـتُ عهــدا للوداد أحبَّتي! وَتَلَقَّفَتْنِـي بعْدَكُــمْ أتْرَاحِـــي
زلَّت بِيَ الأقدامُ مُذ فارقتُكــمْ والنَّفسُ منِّـي مُزِّقــتْ بجــراحِ
لِلـّه أيــامُ الصـفــاء تـبــدَّدَتْ فمَتى تعُود بِطِيبَـتي أفراحِــي؟




[1]شفاء السائل ص 21.
[2] شفاء السائل ص 26.
[3] نفس المصدر ص 43.
[4] نفس المصدر ص 58-59.
[5] شفاء السائل ص 63.
[6] نفس المصدر ص 65.
[7] الفوائد ص 63.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 16:18

3.الشيخ كإمام للصلاة :
الشيخ كإمام للصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم. )رب احكم بالحق وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون(. رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم.
ولي الله الذي نحسن به الظن ابتداء، أو نذهبُ إليه مع الناس لما ظهر من فضله وتقواه وبركته واشتهر، هل هو رجل نلتمس منه دعاء لتستقيم أحوالُنا، أم هو مرشد نعرض عليه مشاكلنا، أم طبيب يعرف ما نعرض عليه من أمراض قلوبنا فيصف الدواء المناسب؟
تختلف بواعث القاصدين ومراتب المقصودين. فالعامة يغترّون بسُمعة أهل الصِّيت، خاصة إذا كانوا من أصحاب الكرامات والخوارق، وقد يكون الشخص دجالا من أولياء الشيطان. لا يُمَيِّزُ العامة بين الرّباني والشيطاني، بل من عامة القراء في زماننا من صام عن العلم زمانا، ليس معه من وسائله وطرائقه وفقه طلبه متاع، فيفطر ذات صباح بكتاب يحذِّر من أولياء الشيطان فيصور له اغترابه عن العلم أن كل من وُسِمَ بالصلاح والولاية نوع من الدجالين. عامَّةٌ كالذباب يتساقطون في أحضان العرّافين ضَحِيَّةً بين براثين الشيطان، وعامة من القرّاء الصائمين المفطرين عندهم كلُّ من خَلَقَ الله من مقصود يفِدُ عليه الناس مظِنّة للكذب،مُتَّهَم مشكوك في عقيدته. )وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ( (سورة الحج، الآية: Cool.
ودعنا هنا من ذكر إخوان الشياطين ؛ إلى حين إن شاء الله.
العامة العامة يقصدون الشيخ للتبرك به، يسألونه الدعاء في حاجة مريض أو غائب أو رزق. وقد يصادف أن تقضى تلك الحاجات والمزورُ كذّاب دجّال استدراجا من الله عز وجل وخذلانا. وقد يكون المقصودُ ممن قال الله فيهم: "ولئن سألني لأعطينّه"[1]. فيكون الزائر مغبونا أشد الغبن إذا أوقفه الله على باب من أبوابه فلم يسأل إلا عافية الأولاد وسراح السجين وإدرار الرزق.
من المشايخ من له حظ من الولاية لا يؤهله لأكثر من إشمام جلسائه وأصحابه رائحة الرائحة، فمهما كان باعث المريد القاصد عاليا فالغنيمة لا تعدو قبضة من الخير في درجة التقوى والاستقامة. ومن المشايخ بحارٌ زخارةٌ بالأنوار، مفتوح لهم الباب، يجذبون القاصد ويرفعونه ويرقونه ولو جاء بباعث دونٍ. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
كما أن هنالك درجات في سمو باعث المريد ودُنوهِّ، فهنالك أيضا درجات في أهلية الشيخ. والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف كما قرأنا في الحديث. وحظوظ العباد من الله تعالى ومما يؤدي إلى معرفته جل وعلا من لقاء الرجال الواصلين الموصلين قدَر مقدور وكتاب مكتوب. اللهم مُنَّ علينا بمعرفتك ومعرفة أحبابك.
يشترك العامة المتبرِّكون والمريدون الصّادقون في ميلهم إلى الغلوِّ في الشيخ، خاصَّة إن كان من أصحاب الكرامات الظاهرة والبراهين الساطعة والهداية والتيسير. وينبري علماء الشريعة رضي الله عنهم، حراسُ الحدود، ليدفعـوا بلاء الغلوِّ غيرةً منهم على مقام النبوة والإلهية أن يزاحما، وخوفا منهم أن يؤديَ الغلوّ إلى الشرك والعياذ بالله. لذا نجد الفطاحل من أمثال ابن تيمية يعترف بمقام المشيخة، لكن يهون من شأنه إلى حد ما. فالشيخ المربي عنده بمثابة إمام الصلاة يَجوز الاستغناء عنه إن صمم المصلّي أن يضيع أجر الخمس وعشرين ضعفا الموعودة لصلاة الجماعة خلف الإمام. فاعتراف ابن تيمية رحمه الله بالمشايخ وإعطاؤه إياهم مرتبة إمام الصلاة شيء لا يُستهان به. وهو حكم شبيه بفتوى ابن خلدون في الحالات التي يُطلب فيها ابتغاء الشيخ دون أن يكون ابتغاؤه شرطا ضروريا، حسب الباعث والمراد.
قال شيخ الإسلام: "والشيوخ الذين يُقتدى بهم يدلون عليه (أي على الله جل جلاله)، ويرشدون إليه، بمنزلة الأئمة في الصلاة(...)، وبمنزلة الدليل الذي للحاج، يدلهم على البيت وهو وَهُمْ جميعا يحجون إلى البيت، ليس لهم من الإلهية نصيب، بل من جعل لهم شيئا من ذلك فهو من جنس اليهود والنصارى الذين قال الله في حقهم: )اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ( (سورة التوبة، الآية: 31)"[2].
ويسرد جزاه الله خيرا، صيغ الاسثغاثة بالأحياء والأموات الفاشية في العامة ليشدد النكير عليها. وهذه ذريعة خليقٌ بكل صادق أن يتجند لسدِّها.
نستمع الآن إلى أهل الفن ماذا يقولون في المشيخة. واحد من أحبائهم، اللاحقين بهم إن شاء الله، هو عز الدين بن عبد السلام. له معهم "قدر مشترك" أوفى من قدر شيخ الإسلام الذي عاب عليه معاصروه أنه "لم يتأدب بشيخ". فمعرفة سلطان العلماء الشافعي المنفتح بالمشيخة وأنوارِها أدقّ من معرفة الفاضل الحنبلي الفارس المتصدي للبدع. وكلاهما مفخرة للمسلمين.
قال ابن عبد السلام: "اعلم أن الخلق كلهم أطفال في حجر تربية الحق سبحانه يُغذِّي كل واحد من خلقه على قدر احتمال معرفته. فغذاء الرجال لا يصلح للأطفال، ومراكب الأبطال لا تصلح للبطّال. ألا ترى أن الطفل لمّا لم يُطِق تناول الخبز واللحم، أطعمته حاضنته فوصل إليه (الغذاء الذي يتضمنه الخبز واللحم) بواسطة اللبن ولو أطعم ذلك مجردا لمات. ومن هنا يقال: من لا شيخ له لا قبلة له، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه"[3].
الشيخ إذن أكثر من إمام الصلاة، بل هو قبلة وحاضنة مُغذية.
فإذا جئنا إلى أساتذة الفن وجهابذته وجدنا المعرفة الأكمل بما هو الشيخ، لأن من يتكلم عن حال واتصاف ليس كمن يراقب من خارج الأسوار عن بعد أو قرب ويصف ما لحظته عيناه من ظواهر الأمور. ولئن كان سلطان العلماء طفلا أرضعته أثداء المشايخ السخيّة لمّا جاء طالبا راغبا، فإن أمثال الشيخ عبد القادر والشيخ الرفاعي قدس الله سرهما هم المغذون والأئمة والقبلة، قبلة القلوب والحب، لا قبلة العبادة والصلاة.
قال الشيخ أحمد الرفاعي: "عليكم أي سادة بذكر الله! فإن الذكر مغناطيس الوصل، وحبلُ القُرب. من ذكر الله طاب بالله. ومن طاب بالله وصل إلى الله. ذكر الله يَثْبُتُ في القلب ببركة الصحبة. المرء على دين خليله. عليكم بنا ! صُحْبَتُنَا تَرياقٌ مجرّب، والبعد عنّا سم قاتل. أيْ محجوب! تزعم أنك اكتفيت عنا بعلمك! ما الفائدة من علم بلا عمل؟ ما الفائدة من عمل بلا إخلاص؟(...) من ينهض بك إلى العمل؟ من يُداويك من سم الرياء؟ من يدلك على الطريق القويم بعد الإخلاص؟ ) فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ( (سورة النحل، الآية: 43).. هكذا أنبأنا العليم الخبير"[4].
إنك يا غافل لا تقرأ إشهار رجل يدعو الناس إلى نفسه، إنما تقرأ نصيحة عالم عَدْلٍ يمحض جلساءه الوصية، ويوصي مَن بَعْدَ زمانه من الصادقين بأن الدواء والترياق هو الصحبة والذكر. الذكر والصحبة. "والبعد عنا سم قاتل". نعم والله ولو حَيِيتَ حياة العافية في بدنك وظاهر إسلامك! هل طبت بالله كما طابوا؟ هل وصلت كما وصلوا؟ اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
من وراء الخبرة و"المعاناة" التي وصفها ابن خلدون أمْرٌ زائد، رحمة خاصة يجعلها الله في قلوب أصفيائه، ويجعل طريق امتصاصها إقبال المريد بصدق، وتعلقه بشيخه كما يتعلق الرضيع بأمه، بمحبة وجوعة وشوق.
كان سلوك القرون الأولى سلوك مجاهدة ورياضة لها قواعدها ورجالها كما وصف كلَّ ذلك القشيري في رسالته والغزالي في إحيائه. والشيخ في سلوك المجاهدة مُرشد وصاحب في الطريق وخبير بالعلل وبركة وقدوة. بعد أن أظهر الله كبار المشايخ مثل الجيلاني والرفاعي والشاذلي من بعدهم أصبح السلوك شيئا فشيئا عن طريق الشكر. المجاهدة مُكَابَدَةٌ وصبر وصمت وعزلة وصوم وذكر وهم في الخلوات، حتى كان من المشايخ من يمنع مريده من مخالطة أحدٍ عدا شيخه. وطريق الشكر أيسر وأقرب، للشيخ و"مغناطيسيته" وبركته فيها الغناء الأول.
ونرجو من كرم من له الفضل والمنة والرحمة سبحانه أن يتصل مدد السالكين فيما يستقبلنا من زمان بحضرة النبوة فيكون السلوك جهاديا عفويا جامعا مانعا رائعا كما كان في عهد الصحابة وهم في حضن خير البرية صلى الله عليه وسلم.
أنت يا من يعتز بعلمه، ولا عمل، فإن كان عمل فلا إخلاص، أيُّ شيء بيدك تريد أن تخرِق به سدود ما بينك وبين ربك مما صنعته غفلتك ورياؤك؟ معك إبرةٌ! اسمع الجيلاني ناصِحَكَ: "يا هَوَس! تغفل! ائتوا البيوت من أبوابها، من أبواب شيوخ الفناء الذين فنوا في طاعة الله عز وجل. صاروا معانيَ، صاروا جليسي بيت القرب. صاروا أضياف الملك يُغْدى عليهم بطَبَقٍ ويراح عليهم بآخر. وتُغَيَّر أنواع الخِلَع (الأوسمة بلسان العصر)، ويَطوف بهم مملكتَه، أراضيَه وسماواتِه، أسراره ومعرفتَه. أنت من وراء حائط عرضه فرسَخٌ، ومعك إبرة. كيف لك أن تثقُبَ! القوم إذا وصلوا إلى ذلك الحائط فتح لهم ألف باب، كل باب منها يدعوهم للدخول إليه"[5].
واسمعه يقول: "هذه الطريق لا تُسْلَكُ مع النفس والهوى(...)، هذا شيء لا يجيء بِعَجَلَتِكَ. يحتاج إلى حبال ورجال وصبر ومعاناة ومجاهدة. وأن تصحب بعض ملوك المعرفة حتى يدلك ويعرِّفك ويحمل عنك ثِقلك. تمشي في ركابه، فإذا تَعِبتَ أمر بحملك، أو أردفك خلفَه، إن كنت محبا أردفك خلفه، وإن كنت محبوبا أركبك في سَرْجه وركب هو خلفك. من ذاق هذا فقد عرفه. القعود مع أهل الأهليّة نعمة ومع الأغيار المكذبين نقمة"[6].
اللهم من علينا برحمتك العظمى، واحمل عنا الأثقال، ويسر لهذه الأمة من الرّجال من يفتح للجهاد ألف باب لا كَإِبَرِ المكذبين.
قال محب حضرتهم:
لِيَكْفِكُمُ ما فيكمُ من جـوىً ألقى فمهـلا بنا مهـلا ورِفقـا بنا رِفقـا
وحُـرمةِ وُدّي لا سئمـت هـواكـم ولا رُمتُ لي منه فَكاكـا ولا عتقـا
سأزجـر قلبا رام في الـحب سَلوة وأهجره إن لم يـمت فيكمُ عشقـا

وقال متيم في هواهم:
ما نـاح في أعلـى الغصـون هـزار إلا تشــوقـت لتــلك الديــارْ
ولا سـرى مـن نحـوكم بــارقٌ إلا وأجـريت الدمــوع الغــزارْ
وا أسفــي أيـن زمـان الحِـمـى وأين هـاتيـك الليـالي القصــارْ؟
وا حرّ قلبي فمتى نلتقي؟ وتنطفي مـن داخــل القـلـب نــارْ؟
وأنظــرُ الأحـبـاب قـد واصـلـوا ويأخـذ الوصل من الهجـر ثــارْ
أقـول للنفـس أبـشــري باللقــا قد واصـل الحِـبُّ وقـرّ القــرارْ

وقلت زادني الله قربا لجنابه ورزقني محبته ومحبة أحبابه:
وا أسفي على زمـن مضــى حَسرتَا فرَّطتُ! والعُمرُ طارْ
بالَّله ضُمُّــوني لجَـمْـعِــكُــمُ أهلَ الصَّفـا فما لنا منْ قــرارْ
تُبــتُ لِـرَبّي فــأنــا ضــارِعٌ إليه يرحـمُ دمــوعي الغــزَارْ




[1] كما جاء في الحديث القدسي المذكور آنفا.
[2] الفتاوي ج 11 ص 499.
[3] بين الشريعة والحقيقة ص 29.
[4] البرهان المؤيد ص 43.
[5] الفتح الرباني ص 37.
[6] نفس المصدر ص 24.
[7] أي يكفي ما ألقَى من عذاب الشوق إليكم.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 16:19

4.من أصحب يارب :
الشيخ كإمام للصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم. )رب احكم بالحق وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون(. رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم.
ولي الله الذي نحسن به الظن ابتداء، أو نذهبُ إليه مع الناس لما ظهر من فضله وتقواه وبركته واشتهر، هل هو رجل نلتمس منه دعاء لتستقيم أحوالُنا، أم هو مرشد نعرض عليه مشاكلنا، أم طبيب يعرف ما نعرض عليه من أمراض قلوبنا فيصف الدواء المناسب؟
تختلف بواعث القاصدين ومراتب المقصودين. فالعامة يغترّون بسُمعة أهل الصِّيت، خاصة إذا كانوا من أصحاب الكرامات والخوارق، وقد يكون الشخص دجالا من أولياء الشيطان. لا يُمَيِّزُ العامة بين الرّباني والشيطاني، بل من عامة القراء في زماننا من صام عن العلم زمانا، ليس معه من وسائله وطرائقه وفقه طلبه متاع، فيفطر ذات صباح بكتاب يحذِّر من أولياء الشيطان فيصور له اغترابه عن العلم أن كل من وُسِمَ بالصلاح والولاية نوع من الدجالين. عامَّةٌ كالذباب يتساقطون في أحضان العرّافين ضَحِيَّةً بين براثين الشيطان، وعامة من القرّاء الصائمين المفطرين عندهم كلُّ من خَلَقَ الله من مقصود يفِدُ عليه الناس مظِنّة للكذب،مُتَّهَم مشكوك في عقيدته. )وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ( (سورة الحج، الآية: Cool.
ودعنا هنا من ذكر إخوان الشياطين ؛ إلى حين إن شاء الله.
العامة العامة يقصدون الشيخ للتبرك به، يسألونه الدعاء في حاجة مريض أو غائب أو رزق. وقد يصادف أن تقضى تلك الحاجات والمزورُ كذّاب دجّال استدراجا من الله عز وجل وخذلانا. وقد يكون المقصودُ ممن قال الله فيهم: "ولئن سألني لأعطينّه"[1]. فيكون الزائر مغبونا أشد الغبن إذا أوقفه الله على باب من أبوابه فلم يسأل إلا عافية الأولاد وسراح السجين وإدرار الرزق.
من المشايخ من له حظ من الولاية لا يؤهله لأكثر من إشمام جلسائه وأصحابه رائحة الرائحة، فمهما كان باعث المريد القاصد عاليا فالغنيمة لا تعدو قبضة من الخير في درجة التقوى والاستقامة. ومن المشايخ بحارٌ زخارةٌ بالأنوار، مفتوح لهم الباب، يجذبون القاصد ويرفعونه ويرقونه ولو جاء بباعث دونٍ. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
كما أن هنالك درجات في سمو باعث المريد ودُنوهِّ، فهنالك أيضا درجات في أهلية الشيخ. والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف كما قرأنا في الحديث. وحظوظ العباد من الله تعالى ومما يؤدي إلى معرفته جل وعلا من لقاء الرجال الواصلين الموصلين قدَر مقدور وكتاب مكتوب. اللهم مُنَّ علينا بمعرفتك ومعرفة أحبابك.
يشترك العامة المتبرِّكون والمريدون الصّادقون في ميلهم إلى الغلوِّ في الشيخ، خاصَّة إن كان من أصحاب الكرامات الظاهرة والبراهين الساطعة والهداية والتيسير. وينبري علماء الشريعة رضي الله عنهم، حراسُ الحدود، ليدفعـوا بلاء الغلوِّ غيرةً منهم على مقام النبوة والإلهية أن يزاحما، وخوفا منهم أن يؤديَ الغلوّ إلى الشرك والعياذ بالله. لذا نجد الفطاحل من أمثال ابن تيمية يعترف بمقام المشيخة، لكن يهون من شأنه إلى حد ما. فالشيخ المربي عنده بمثابة إمام الصلاة يَجوز الاستغناء عنه إن صمم المصلّي أن يضيع أجر الخمس وعشرين ضعفا الموعودة لصلاة الجماعة خلف الإمام. فاعتراف ابن تيمية رحمه الله بالمشايخ وإعطاؤه إياهم مرتبة إمام الصلاة شيء لا يُستهان به. وهو حكم شبيه بفتوى ابن خلدون في الحالات التي يُطلب فيها ابتغاء الشيخ دون أن يكون ابتغاؤه شرطا ضروريا، حسب الباعث والمراد.
قال شيخ الإسلام: "والشيوخ الذين يُقتدى بهم يدلون عليه (أي على الله جل جلاله)، ويرشدون إليه، بمنزلة الأئمة في الصلاة(...)، وبمنزلة الدليل الذي للحاج، يدلهم على البيت وهو وَهُمْ جميعا يحجون إلى البيت، ليس لهم من الإلهية نصيب، بل من جعل لهم شيئا من ذلك فهو من جنس اليهود والنصارى الذين قال الله في حقهم: )اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ( (سورة التوبة، الآية: 31)"[2].
ويسرد جزاه الله خيرا، صيغ الاسثغاثة بالأحياء والأموات الفاشية في العامة ليشدد النكير عليها. وهذه ذريعة خليقٌ بكل صادق أن يتجند لسدِّها.
نستمع الآن إلى أهل الفن ماذا يقولون في المشيخة. واحد من أحبائهم، اللاحقين بهم إن شاء الله، هو عز الدين بن عبد السلام. له معهم "قدر مشترك" أوفى من قدر شيخ الإسلام الذي عاب عليه معاصروه أنه "لم يتأدب بشيخ". فمعرفة سلطان العلماء الشافعي المنفتح بالمشيخة وأنوارِها أدقّ من معرفة الفاضل الحنبلي الفارس المتصدي للبدع. وكلاهما مفخرة للمسلمين.
قال ابن عبد السلام: "اعلم أن الخلق كلهم أطفال في حجر تربية الحق سبحانه يُغذِّي كل واحد من خلقه على قدر احتمال معرفته. فغذاء الرجال لا يصلح للأطفال، ومراكب الأبطال لا تصلح للبطّال. ألا ترى أن الطفل لمّا لم يُطِق تناول الخبز واللحم، أطعمته حاضنته فوصل إليه (الغذاء الذي يتضمنه الخبز واللحم) بواسطة اللبن ولو أطعم ذلك مجردا لمات. ومن هنا يقال: من لا شيخ له لا قبلة له، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه"[3].
الشيخ إذن أكثر من إمام الصلاة، بل هو قبلة وحاضنة مُغذية.
فإذا جئنا إلى أساتذة الفن وجهابذته وجدنا المعرفة الأكمل بما هو الشيخ، لأن من يتكلم عن حال واتصاف ليس كمن يراقب من خارج الأسوار عن بعد أو قرب ويصف ما لحظته عيناه من ظواهر الأمور. ولئن كان سلطان العلماء طفلا أرضعته أثداء المشايخ السخيّة لمّا جاء طالبا راغبا، فإن أمثال الشيخ عبد القادر والشيخ الرفاعي قدس الله سرهما هم المغذون والأئمة والقبلة، قبلة القلوب والحب، لا قبلة العبادة والصلاة.
قال الشيخ أحمد الرفاعي: "عليكم أي سادة بذكر الله! فإن الذكر مغناطيس الوصل، وحبلُ القُرب. من ذكر الله طاب بالله. ومن طاب بالله وصل إلى الله. ذكر الله يَثْبُتُ في القلب ببركة الصحبة. المرء على دين خليله. عليكم بنا ! صُحْبَتُنَا تَرياقٌ مجرّب، والبعد عنّا سم قاتل. أيْ محجوب! تزعم أنك اكتفيت عنا بعلمك! ما الفائدة من علم بلا عمل؟ ما الفائدة من عمل بلا إخلاص؟(...) من ينهض بك إلى العمل؟ من يُداويك من سم الرياء؟ من يدلك على الطريق القويم بعد الإخلاص؟ ) فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ( (سورة النحل، الآية: 43).. هكذا أنبأنا العليم الخبير"[4].
إنك يا غافل لا تقرأ إشهار رجل يدعو الناس إلى نفسه، إنما تقرأ نصيحة عالم عَدْلٍ يمحض جلساءه الوصية، ويوصي مَن بَعْدَ زمانه من الصادقين بأن الدواء والترياق هو الصحبة والذكر. الذكر والصحبة. "والبعد عنا سم قاتل". نعم والله ولو حَيِيتَ حياة العافية في بدنك وظاهر إسلامك! هل طبت بالله كما طابوا؟ هل وصلت كما وصلوا؟ اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
من وراء الخبرة و"المعاناة" التي وصفها ابن خلدون أمْرٌ زائد، رحمة خاصة يجعلها الله في قلوب أصفيائه، ويجعل طريق امتصاصها إقبال المريد بصدق، وتعلقه بشيخه كما يتعلق الرضيع بأمه، بمحبة وجوعة وشوق.
كان سلوك القرون الأولى سلوك مجاهدة ورياضة لها قواعدها ورجالها كما وصف كلَّ ذلك القشيري في رسالته والغزالي في إحيائه. والشيخ في سلوك المجاهدة مُرشد وصاحب في الطريق وخبير بالعلل وبركة وقدوة. بعد أن أظهر الله كبار المشايخ مثل الجيلاني والرفاعي والشاذلي من بعدهم أصبح السلوك شيئا فشيئا عن طريق الشكر. المجاهدة مُكَابَدَةٌ وصبر وصمت وعزلة وصوم وذكر وهم في الخلوات، حتى كان من المشايخ من يمنع مريده من مخالطة أحدٍ عدا شيخه. وطريق الشكر أيسر وأقرب، للشيخ و"مغناطيسيته" وبركته فيها الغناء الأول.
ونرجو من كرم من له الفضل والمنة والرحمة سبحانه أن يتصل مدد السالكين فيما يستقبلنا من زمان بحضرة النبوة فيكون السلوك جهاديا عفويا جامعا مانعا رائعا كما كان في عهد الصحابة وهم في حضن خير البرية صلى الله عليه وسلم.
أنت يا من يعتز بعلمه، ولا عمل، فإن كان عمل فلا إخلاص، أيُّ شيء بيدك تريد أن تخرِق به سدود ما بينك وبين ربك مما صنعته غفلتك ورياؤك؟ معك إبرةٌ! اسمع الجيلاني ناصِحَكَ: "يا هَوَس! تغفل! ائتوا البيوت من أبوابها، من أبواب شيوخ الفناء الذين فنوا في طاعة الله عز وجل. صاروا معانيَ، صاروا جليسي بيت القرب. صاروا أضياف الملك يُغْدى عليهم بطَبَقٍ ويراح عليهم بآخر. وتُغَيَّر أنواع الخِلَع (الأوسمة بلسان العصر)، ويَطوف بهم مملكتَه، أراضيَه وسماواتِه، أسراره ومعرفتَه. أنت من وراء حائط عرضه فرسَخٌ، ومعك إبرة. كيف لك أن تثقُبَ! القوم إذا وصلوا إلى ذلك الحائط فتح لهم ألف باب، كل باب منها يدعوهم للدخول إليه"[5].
واسمعه يقول: "هذه الطريق لا تُسْلَكُ مع النفس والهوى(...)، هذا شيء لا يجيء بِعَجَلَتِكَ. يحتاج إلى حبال ورجال وصبر ومعاناة ومجاهدة. وأن تصحب بعض ملوك المعرفة حتى يدلك ويعرِّفك ويحمل عنك ثِقلك. تمشي في ركابه، فإذا تَعِبتَ أمر بحملك، أو أردفك خلفَه، إن كنت محبا أردفك خلفه، وإن كنت محبوبا أركبك في سَرْجه وركب هو خلفك. من ذاق هذا فقد عرفه. القعود مع أهل الأهليّة نعمة ومع الأغيار المكذبين نقمة"[6].
اللهم من علينا برحمتك العظمى، واحمل عنا الأثقال، ويسر لهذه الأمة من الرّجال من يفتح للجهاد ألف باب لا كَإِبَرِ المكذبين.
قال محب حضرتهم:
لِيَكْفِكُمُ ما فيكمُ من جـوىً ألقى فمهـلا بنا مهـلا ورِفقـا بنا رِفقـا
وحُـرمةِ وُدّي لا سئمـت هـواكـم ولا رُمتُ لي منه فَكاكـا ولا عتقـا
سأزجـر قلبا رام في الـحب سَلوة وأهجره إن لم يـمت فيكمُ عشقـا

وقال متيم في هواهم:
ما نـاح في أعلـى الغصـون هـزار إلا تشــوقـت لتــلك الديــارْ
ولا سـرى مـن نحـوكم بــارقٌ إلا وأجـريت الدمــوع الغــزارْ
وا أسفــي أيـن زمـان الحِـمـى وأين هـاتيـك الليـالي القصــارْ؟
وا حرّ قلبي فمتى نلتقي؟ وتنطفي مـن داخــل القـلـب نــارْ؟
وأنظــرُ الأحـبـاب قـد واصـلـوا ويأخـذ الوصل من الهجـر ثــارْ
أقـول للنفـس أبـشــري باللقــا قد واصـل الحِـبُّ وقـرّ القــرارْ

وقلت زادني الله قربا لجنابه ورزقني محبته ومحبة أحبابه:
وا أسفي على زمـن مضــى حَسرتَا فرَّطتُ! والعُمرُ طارْ
بالَّله ضُمُّــوني لجَـمْـعِــكُــمُ أهلَ الصَّفـا فما لنا منْ قــرارْ
تُبــتُ لِـرَبّي فــأنــا ضــارِعٌ إليه يرحـمُ دمــوعي الغــزَارْ




[1] كما جاء في الحديث القدسي المذكور آنفا.
[2] الفتاوي ج 11 ص 499.
[3] بين الشريعة والحقيقة ص 29.
[4] البرهان المؤيد ص 43.
[5] الفتح الرباني ص 37.
[6] نفس المصدر ص 24.
[7] أي يكفي ما ألقَى من عذاب الشوق إليكم.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف omarel hassani الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 16:20

5.قضية الشيخ و البيعة :*
قضية الشيخ والبيعة
بسم الله الرحمن الرحيم. )رب إما تُرِيَنِّي ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين(. اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب علي. وإن أردت بعبادك فتنة أن تَقْبِضني غير مفتون.
تحت هذا العنوان كتب الشيخ سعيد حوى في كتابه "تربيتنا الروحية" يذكر أهمية الشيخ ووظيفته الأساسية في قضية التربية. كان كتابه هذا فاتحة مؤلفات له خصصها للحديث عن التربية الروحية، يزداد فيها حَثُّه على الرجوع إلى "تصوف محرر" كتابا بعد كتاب. أعلن في كتابه الأول أنه تتلمذ للصوفية، فهو يكتب في الموضوع عن تجربة. وأوضح حرصه الكبير على "أن يوجد نوع من التصوف السلفي له شيوخه وحلقاته"، وأن الحركة الإسلامية المعاصرة بحاجة إلى هذه التربية المعمَّقة لمواجهة عصر الشهوات، وأن التعاون بين هذه الحركة وبين المشايخ الصوفية أمر ضروري "لتزداد الصلات الطيبة بين الناس. ولتكثر حلقات الخير والعاملون لها، ولكن على أن يكون ذلك كله مستقيما على أصول الشريعة وفروعها، وألا يكون على حساب واجبات أخرى".
في الكتب اللاحقة عرض الشيخ سعيد غفر الله لنا وله ورحمه المشكل في تفاصيله، وهو كيف يستعيد "الإخوان المسلمون" وسائر العاملين في الدعوة روحانية الجماعة التي كانت أساس عمل الإمام البنا رحمه الله دون أن يكون ذلك على حساب واجبات أخرى.
هذه "الواجبات الأخرى" واجبات التحرك السياسي، والتكوين الفكري، والتفرغ التنظيمي ردت التربية الروحية ردا، وهدتها هدّا. فهل من سبيل للجمع بين الجهاد العملي اليومي المتشعب القضايا وبين التطلع الدائم للملإ الأعلى والتخلق السامي بأخلاق أهل الله؟
اقترح الشيخ سعيد في أحد مؤلفاته اللاحقة تكوين جمعية تضم الربانيين في تنظيم خاص، ووضع لهذه الجمعية قانونا من بضع وثلاثين بندا، ووضع لوائح تنظيمية لها، وبرامج تعليمية، لتكون هذه الجمعية جامعة يفيء إليها الدعـاة جميعا ويصدرون عنها وتلفُّهم ويلتفون حولها، من سلفيين وإخوانيين وغيرهم من فئات العاملين.
المشكل صعب عويص. المشكل تربوي نُوراني نوعي قلبي، لا تفيد اللوائح الكمية التنظيمية الفكرية فيه. المشكل أساسا هو كيف تجتمع في القيادة، في شخص واحد أو أشخاص،الربانية والكفاءة الجهادية الحركية كما كانت مجتمعة في البنا رحمه الله.
ويسيطر ظل البنا على الشيخ سعيد سيطرة تامة. فالبنا نقطة البداية. قال: "إننا نملك بفضل الله نقطة البداية الصحيحة. وهي الانطلاق من اجْتهاد إنسان مجدد لا يشك عارفوه أنه من أولياء الله عز وجل، وهو الأستاذ البنا رحمه الله"[1].
من مفهوم التجديد والمجدد ينطلـق مؤلفنا ليتساءل عن "مهمة الشيخ في عصرنا؟"، و"ما هي مهمة الشيخ في عصر لم يعد فيه للمسلمين دولة؟"، و"كيف تكون الصلة بينه وبين غيره؟". ويشرح تصوره لهذا الموضوع بأن "رحلة الأمة المريضة إلى الصحة تبدأ بوجود المجدد ونوابه". هذا المجدد هو "نموذج الصحة الأول المتمثل في كل عصر أو قرن أو جيل بالمجدد ثم بالوُرّاثِ الكاملين". ولا يفتأ المؤلف يؤكد أن البنا هو المجدد، إشارة إلى أن "الوُرَّاث" المستحقين للقيادة المؤهلين للتجديد لا بد أن ينبثقوا من الشخص المجدد.
هذا التصور المُغْلَق لدائرة التربية هو بالضبط ما يُسَمَّى في اصطلاح القوم بالتبرُّك. والتبرُّك غير السلوك. التبرك سجّادة ومجلس كان يتصدره الشيخ المؤسس، فلما توفاه الله جلس مجلسه على سجادته "وارث" من أبنائه الدينيين أو الطينيين، واستمر في تقليد الأب الروحي للجماعة، وحافظ على التقاليد، واجتهد داخل المذهب التربوي، واتخذ لنفسه ولمن معه سقفا بشريا بينه وبين الله ورسوله، وحرص ألا يُزاد حرف على "وظيفة" الشيخ الراحل وأذكاره. وهكذا تكونت مدارس وطرق، في طيها العارفون بالله أحيانا، وفي طيها المريدون، وفي طيها أصحاب الأحوال والكرامات، وفي طيها كل شيء إلا التجديد الذي مات مع الشيخ رحمه الله.
إن الله عز وجل وحده يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها كما جاء في الصحيح. يبعثه حيث شاء، ولكل فئة من فئات حزب الله أن تزعُم أنها الوارثة لمجدِّدها، تُغمض عينها قرونا عما يُحدثه الله عز وجل الباعثُ الوارثُ خارجَ أسوارها ليبقى لها تماسُكُها ووحدتُها. الله سبحانه وحده قادر على أن يعيد ما تفرق من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم لتتجمع الأمة كلها خلف قيادة، في شخص أو أشخاص، في زمن أو أزمان، جامعةٍ للوراثة المحمدية الروحية والجهادية، لاَمَّةٍ لِشَعَثِ ما تَفَرق، مُحْيِيَةٍ لقلوب ماتت، باعثةٍ لهمم هَمَدت وخَمدت، منوِّرة لعقول أخذها الجُهد لتصور "البدائل الإسلامية"، وتحليل الواقع، ووضع الخطط، وإحكام التنظيم، ومواجهة العدو الداخلي والخارجي، عن ذكر الله وعن الصلاة.
نسأله عزت قدرته أن يُلهم من بَعْدَنَا من أحبابه العارفين به وسيلة الجمع، وأن يعطيهم القدرة على سلوك الطريق إليه بهذه الأجيال على منهاج النبوة دعوةً ودولةً.
ولا معنى للتجديد ولا مكان له، ولو برز بين المسلمين زعماء عظامٌ، ما لم يتجدد في الأمة الإيمان بصحبة المجددين. وكذلك كان حال الأستاذ البنا رحمه الله. كان مغناطيسا ومركز إشعاع. وبحاله نهض الإخوان المسلمون، وعلى مقاله لا يزال يعيش كثير من حَمَلَةِ الأقلام وقراء الأدبيات الإسلامية رحمه الله رحمة واسعة.
كان فكر البنا مغناطيسا ملائما لزمانه، كما كانت روحانيته، وهو حي يرزق، آية من آيات الله. وكان حريصا على أن يخرج بجماعته من سلبيات الطريقة الحصافيّة التبركيّة التي تربى طفلا ويافعا بين أحضانها. لكنه احتفظ بالبيعة الصوفية وطوَّرها لتتسع للجهاد الذي ضاقت عنه الصيغة الموروثة عن المشايخ للبيعة.كانت بيعتُه لأصحابه بيعة مزدوجة، بين السيف والمصحف. بيعة تأخذ من التقليد الصوفي جانبا ومن التنظيم العصري جانبا. ومن بعد البنا رحمه الله تردت هذه البيعة الموروثة عنه بوسائط أو بدون وسائط إلى رباط يمسك بتلابيب الملتحق بهذه الجماعة أو تلك لتضمن الجماعة ولاء عضوها الدائم. وإنها لعرقلة أخرى في سبيل التوحيد المنشود أن تتعدد البيعات وتتضخم. بلوى بلا جَدْوى. بل آفة وطامَّة.
لو اقتصر العاملون للإسلام على الاعتراف بالأمر الواقع لهان الخطب. والواقع أن هذه الجماعات تكونت بعضُها إلى جنب بعض، وبعضها قبل بعض، وبعضها اختلافاً مع بعض، وبعضها انشقاقا عن بعض، لأسباب ترجع إلى التمزق السياسي القطري، وإلى الأصل التربوي والثقافي للمؤسسين، وإلى المرجعية العقدية والمذهبية، وإلى حب الرئاسات ورُعونات النفوس، وإلى الاجتهاد الديني والموقف السياسي، وإلى تاريخ القيادات والجماعات.
لم يعترف العاملون بالواقع كما هو. ومعرفة أسباب المشكل نصفٌ كبير من الحل، بل برَّرَ كل فريق موقفه، وحفر خنادقه، وحصن حصونه. فلعل الربانية التي نبحث عنها تتجاوز بالجميع، إن شاء الله، خطوط التَّماسِّ، ليخمُدَ اتّقاد الوسواس، وتطيب بذكر الله الأنفاس.
لن يتجاوز بالأمة هذه الحدودَ الانغلاقُ التبركيُّ. لن يتجاوزها إلا البناءُ على الأساس المحمدية. وإلا فهو الجمود العقلي، والانحسار التربوي، والتصلب التنظيمي. وتبقى مسألة المشيخة الإحسانية، نكل تدبيرها إلى الله جلت عظمته، ونبث في هذه الأوراق نداءنا إلى العارفين بالله أن يجمعوا الشمل ويقودوا الركب. فكفانا تمزقا.
مهَّد الأستاذ البنا رحمه الله لشروط بيعته في "رسالة التعاليم" بشرح المفاهيم الأساسية لفكره وعمله. فبين ما يقصده بكلمة "فهم"، وهو فهم أصوله العشرين في العقيدة والشريعة والفقه وتمييز ما بين البِدعة والسنة. وبين ما يَعنيه بكلمة "إخلاص"، وكلمة "عمل"، وكلمة "جهاد"، وكلمة "تضحية"، وكلمة "تجرد"، وكلمة "أخوة". وختم بشرح مفاهيمه بمفهوم "الثقة" وقال: "للقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة".
كان أفقه رحمه الله فسيحا جامعا لأطراف ما توزع من معان ومطالب. وكان شخصه الكريم فسيحا جامعا. فصحت قيادته وأثمرت أفضل الثمار. وبقيت البيعة بعده تُراثا ثقيلا. اشترط رحمه الله على الملتحق بالجماعة المؤدي للبيعة ما لا يقل عن ثلاثة وثلاثين شرطا، من بينها الوفاء بتعهدات شخصية مثل اجتناب الإسراف في شرب القهوة والشاي والاعتناء بالنظافة، ومن بينها التعبدية الإيمانية كإتقان الطهارة والصلاة وسائر الفرائض، ومنها الإحسانية كالمحافظة على الأوراد وحفظ القرآن، ومنها الأخلاقية كالحياء ورحمة الخلائق ومساعدة الضعيف، ومنها الحركية كالنشاط الدائم والتدرب على الخدمات العامة، ومنها السياسية كمقاطعة المحاكم الأهلية وعدم الحرص على الوظائف الحكومية، ومنها الاقتصادية كمقاطعة المعاملات الربوية والادخار للطوارئ.
كل هذا جيد، ويصلح نموذجا لإطار تربوي عام. لكن أين النورانية التي تسري من قلب إلى قلب في أسلاك المحبة في الله، وتطير بإرادة مع إرادة على أجنحة الشوق إلى الله، وتنهض بالجماعة في مِحَفَّةِ الصحبة في الله؟ هذا ما يبحث عنه الشيخ سعيد بحث الثكلان.
الشرط السادس والعشرون من شروط بيعة الأستاذ البنا رحمه الله يقول: "أن تديم مراقبة الله تبارك وتعالى، وتذكر الآخرة، وتستعد لها، وتقطع مراحل السلوك إلى رضوان الله بهمة وعزيمة، وتتقرب إليه سبحانه بنوافل العبادة. ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل، والإكثار من الذكر القلبي واللساني، وتحري الدعاء المذكور على كل الأحوال".
وهي شروط عالية، من يَفِ بها لا شك يكن من المتقين. من بينها مسألة واحدة لا يفيد فيها إسرار ولا "إعلان" ولا يخبر عنها بَوْحٌ ولا كتمان، ولا هي من شأن دون شأن، ألا وهي مسألة "قطع مراحل السلوك إلى رضوان الله" هذا لا يجيء إلا بصحبة. والمصحوب رجل حي سلك المراحل إلى الله وتقرب حتى أحبه الله وجعل قلبه مشكاة ونبراسا وسراجا وَهّاجا. ما يحصل ذلك بإجازة تبركية، ولا بالانضواء تحت جناح عظيم من عظماء الأمة، عدا المعصوم صلى الله عليه وسلم، قبلةِ القلوب، رحمة العالمين، محبوبِ الرب جل وعلا.
حملت نسائم الحب هذه الرسالة إلى حضرة محبوب رباني:
هذا كتـابي إليكـم فيـه معـذرتي ينبيكمُ اليوم عن شأني وعن سَقَمي
أجللت ذكـركـم عن أن يُغَيـِّـرَهُ لون المـداد فـقد حبَّــرتُـه بـدمـي
ولو قـدرت على جلـدي لأجعـله رَقّاً وأبـري عظـامي مـوضعَ القَلَـمِ
لكـان ذاك قليـلا فـي مـودَّتـكـم ومـا وجـدت لـه واللـهِ مـن ألَـمِ

وقال محب رحل عنه شيخه:
يا صاحِبَيَّ سلا الأوطـان والدِّمَنـا متى يعـود إلى عُسفـانَ من ظَعنَـا
إن الليـالي التي كنّـا نُسَـرُّ بهـا أبدى تذكُّـرها في مهجـتي حَـزَنـا
أستـودع الله قـوما مـا ذكـرتـهمُ إلا تحـدر من عـينَـيَّ مـا خُـزنـا
كان الزمـان بنـا غِـرّاً فما بَـرِحت أيـدي الحـوادِث حتى فطَّنَتْـهُ بنـا

وقلت غفر الله لي وتاب علي:
هذي يدي فاقبلُـوني في رياضكُــم لعل ذكــرَ إلهي مُـذْهِــبٌ سَقَمــي
علِّي أُروِّي غَليلي مِن حِيـاضِكُــمُ وأقْبِسُ النُّور كيْ تُجْلَـى به ظُلَمِــي
عسى نسائمُ طُـهْرٍ مِـن جنــابكُــمُ تُحيــي فــؤاداً مَـواتاً عُدَّ في الرِّمـمِ




[1] تربيتنا الروحية ص 245-246.
omarel hassani
omarel hassani

ذكر عدد الرسائل : 43
العمر : 52
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف محب الآل والصحابة السبت 22 أكتوبر 2011 - 9:00

دكتور سني يذكر حقائق مرة عن بغض آل البيت رضي الله عنهم عبر العصور.

محب الآل والصحابة
محب الآل والصحابة

ذكر عدد الرسائل : 230
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 20/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف صالح الفطناسي الخميس 3 نوفمبر 2011 - 11:50

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد عبدك و رسولك النبي الامي و على آله و صحبه و سلم

nourou كتب:

بسم الله
، وأنت قاعد مع فتوى جدلية تتهجاها! ما اسمك يا صاحِ في الملكوت!
فلو كنت من أهل الملكوت لما سألت عن إسمي
والسلام

اشارة و للحديث بقية ان شاء الله تعالى
صالح الفطناسي
صالح الفطناسي

ذكر عدد الرسائل : 398
العمر : 53
الموقع : ahlensali@yahoo.fr
العمل/الترفيه : ..و يعفو عن كثير .إذا تــذكــرتَ " عــمــارا " وســيـرتـه فـافـخـر بــنـا إنـنـا أحـفـاد " عـمـار"
المزاج : قلق ذو شجن....
تاريخ التسجيل : 04/11/2010

http://ahlensali@yahoo.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الآل والصحابة رضي الله عنهم Empty رد: الآل والصحابة رضي الله عنهم

مُساهمة من طرف صالح الفطناسي الجمعة 4 نوفمبر 2011 - 13:30

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد عبدك
و رسولك النبي الامي و على آله و صحبه و سلم
للحديث معان و للحديث كلام و لحظة مع الغني تغني ما ذا لو قال لك شيخك
اقرأ أية الكرسي نصف مرة و بعدها مرحبا بك.
ما ذا يكون الجواب من المريد بيت القصد و القصيد و المقصد اترك الجواب من يتكرم به و من خلال الجواب لماذا صحبنا الشيخ
اما بخصوص الاسم و المسمى نظرة متروكة للعبد الضعيف و مجرد ملاحظة و انما
تفاريق شيب في السواد لوامع و لا خير في ليل ليس فيه نجوم

ما هو الاسم السري للمريد ؟ كما يعلم الجميع؛ لكل واحد منا اسما علما سمي به حين ولد حتى يعرف بين الناس وتحدد ماهيته بكل وضوح، فلو لم يكن لكل واحد منا اسما خاصا لاختلط علينا الامر و لما استطعنا أن نفرق بين الناس
، فالاسم رمزا يدل على شخص معين، و الهدف من الاسم التمييز بين الناس و لو تشابهت أسمائهم.
نفس المقياس مطبق هنا لكن بميزان روحاني ملكوتي، فالاسم السري للمريد ليس الاسم العلم المعروف به بين الناس
، بل هو نوع من شفرة التمييز بين للملإ الاعلى للشخص ذاته ، و حتى أوضح أكثر من هذا سأضرب لكم مثلا بسيطا؛ لقد أثبتت البحوث العلمية أن الحيوانات لا تميز بين الناس بملامح الوجه، بل تميز بين الناس بالرائحة المنبعثة من كل شخص، فالكلب على سبيل المثال لا يعرف صاحبه بملامح وجهه، بل يعرفه برائحته لأن لكل إنسان رائحة خاصة به مختلفة تماما عن باقي البشر ولو كانوا ألوفا فلكل واحد منهم رائحته الخاصة،
و هذه آية من آيات الله سبحانه في خلقه. من هنا أقول أن المدد الملكوتي لا يعرف البشر بأسمائهم العلم المعروفين بها في عالمنا المادي، و خير دليل على ذلك الرسول الكريم فاسمه في الأرض محمد و بين أهل السماء أحمد،
و قد قالها الله عز و جل في القرآن الكريم. من هنا نكتشف شيء جديد هو أن لكل إنسان اسمان اسم علم يعرفه به عامة الناس في عالمنا الحسي، و اسم سري يعرفه به سكان السماء
. فأول خطوة لربط المبتدأ الجديد تبدأ بمعرفة اسمه السري في الملكوت . هذا الاسم السري يعتبر أحد المفاتيح الأساسية في العلوم الربانية ، و معرفة هذا الاسم شرطا أساسيا و مرحلة أولى للارتباط بالعالم الاعلى أكرر؛ و ان الاسم السري الرباني هو الاسم الخفي للمريد التي من خلاله تتعرف عليه اهل الملكوت و على كل شخص يريد دخول عالمها، فهي لا تعرف الناس بأسمائهم التي كنوا بها حين ولدوا إنما تعرفهم بأسماء سماهم الله سبحانه بها في الملكوت قبل خلقهم و ليس كل شخص يريد الدخول للحضرة الا بتاييد رباني سابق له في الازل و كم مرة ياتي مريد لياخد العهد و لم يوفق و كم ياتوا اثنين و يختار احدهما و كم من جلة من المريدين فيهم واحد ليس بالكثرة و انما هو اصطفاء ازلي في الوقت الذي يريد الله و كل شئء عنده بمقدار.
و العالم محكم دقيق من لدن حكيم عليم روشكة تحرك في روشكة كالساعة للزمن

و لو لم يكن لهذه الأسماء سرا لا يعلم شانها إلا الله لما اختار الله تبارك و تعالى لنبيه اسم أحمد في السماء، و الدليل موجود في القرآن لمن أراد أن يتأكد من صحة هذه المعلومة التي غفل عنها الكثير منا، بالرغم من وجودها في القرآن العظيم الحامل لكل المعجزات .
في بعض الأحيان و ضمن نفس الجماعة تتشابه الأسماء السرية للمريدين و مع ذلك لا يشكل هذا التشابه أي إشكال أو عائق، لأن
مدده العلوي خاص و الخصوصيه منحازة الا ترى البصمات كيف تركيبها و نمط استغلالها في عالمنا المادي
فمتى حدد المريد لخرجه اذن رباني بالتقائه بالشيخ و جئت على قدر يا موسى ننظر كيف و الحمد لله كان دخولنا للطريق كل له سبب و كل الاسباب مختلفة و ان صمنت بعض التشابه و لكن بطاقة تعريفك ايها المريد حان اوان خروجها لتعرف و يعلم اسمك في العالم الملكوتي انك الخليفة و انك ممن احب الله و انك و الحمد لله من الخاصة فابشر ما دمت منتسب و المنسوب محسوب و ستعلم اسمك الملكوتي و لو بعد حين فاسمه السري، لم يبقى أمامه سوى الانتقال إلى المرحلة التالية من العمل ألا و هي الارتباط بالشيخ اذن المنتسب جاء اسمه فتش ما هو اسمك سوى اسم المنادات او في رؤية سميت او اسم ناداك به الشيخ وكم مولود سمي بالاسم و لكن سموه باسم اخر تتربى روحانية الاسم معه في سائر حركاته الى ا ن ياتي وقت فطامه من يد شيخه .
و كم من شخص ينعت بالاسم غير الذي حامله فالاسم مفتاح الشخص وفي المجال كبير ان يعلم ناهيك ان الحبيب ياما غير الاسماء ثم نكتة لطيفة مولانا الامام قدس الله سره الشريف كيف ناداه شيخه سيدنا محمد المداني
قبل دخوله في الطريق ب سيدي الشيخ إسماعيل نظرة ثاقبة من سيدي محمد المداني قدس الله سره العزيز و كان لسا ن الحال يقول و ما فعلته من امري بل ان مولانا الامام في مرآة الذاكرين قال .... سيدنا محمد المداني لم يقل سيدنا الشيخ محمد المداني عند الدعاء بالادا ب المرضيه الى الله تكون الواسطة بمولانا الامام ...بجاه سيدي الشيخ إسماعيل و مكانته عندك الواسطة المتروكة لدى الكثير عند الدعاء يسمع االملا الاعلى النداء يعلمون جيدا سيدي الشيخ إسماعيل و قد حصل القبول
ثم ان الحبيب اشار اشارة فقال
قارئ التكاثر يسمى مؤدي الشكر في الملكوت من ادمن قراءة سورة التكاثر يسمى عند اهل الملكوت ب مؤدي الشكر

و سيبأتي زمان يدعون فيه يا مؤمن يا كافر و الامر عادي جدا سلبت بركة الاسماء و لا حول و لا قوة الا بالله

جملة من الملاحظات ابديتها و الله اعلم بالصواب

سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العلمين

صالح الفطناسي
صالح الفطناسي

ذكر عدد الرسائل : 398
العمر : 53
الموقع : ahlensali@yahoo.fr
العمل/الترفيه : ..و يعفو عن كثير .إذا تــذكــرتَ " عــمــارا " وســيـرتـه فـافـخـر بــنـا إنـنـا أحـفـاد " عـمـار"
المزاج : قلق ذو شجن....
تاريخ التسجيل : 04/11/2010

http://ahlensali@yahoo.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى