خاطرة حول الدكتاتورية

بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله تعالى على سيّد المرسلين وآله أجمعين

ذهب بن علي وترك وراءه إرثا دكتاتوريا هائلا في مختلف أجهزة ومؤسّسات الدولة والفساد المتفشّي في كلّ مجال وخاصّة المجالات الحيوية التي تعتبر رئة الدولة ومتنفّسها الرئيسي , هذا الإرث لا يمكن إجتثاثه بين يوم وليلة عن طريق نزعة إديولوجية وهمية مصدرها فكر علماني متعصّب أو ديني راديكالي أو تقرير خيال حريات مدمغجة علميا وسقيمة فطريا بل إنّ فهم الدكتاتورية أسبابا في مقدّماتها ونتائجها له تعلق عميق بفهم أطروحات معرفة النفس البشرية في نزعاتها وأمراضها فإنّ فهم تلك النفس عليه مدار الأمر كلّه , فيعطي ملاحظة الأسباب والنتائج وهي مشاهدة على أرض الواقع , وكيفية علاجها ظاهرا وباطنا

أقول :

الدكتاتورية : هي مذهب شيطاني إبليسي أوّل من قرّرها وأسّس دعائمها إبليس لعنه الله في قوله ( أنا ) نزعة نارية فيها خفّة عقل وسرعة حكم وقلّة علم وأدب وخلق , فكأنّه يقول أنا الخليفة , أنا الأفضل , أنا الأرقى , أنا الأعلى , أنا الأجمل , أنا الأولى , أنا الأحقّ , أنا الأغنى , أنا صاحب الرأي السديد , أنا أنا أنا , أنا الرشاد القويم ( ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد ) فهي مزاحمة للربوبية في كلّ وجه وبكلّ وجه فهي نظرة صنمية وتوجّه شركي بالله تعالى جاء الإسلام لتحطيمه واجتثاث بذوره وجذوره لذا ترى في الشوارع العربية تماثيل الشرك للزعماء والملوك منتصبة في كلّ مكان وهم فرحون بذلك غاية الفرح بل ويأمرون به ويقرّونه بحجج وهمية ومهما انتقلت في البلاد العربية كنت أنكر ذلك بقلبي أشدّ النكير فلو كان لي فأس وحماية لكسّرت كلّ صنم فترى صورهم في كلّ بيت وفي كلّ شارع ومدينة تقريرا للصنمية والشرك الذي نبذه الله تعالى وأخبر أنّه لا يغفره

من هنا نفهم أنّ هذه الصنمية لها توجّهان : توجّه إلى الظاهر من حيث المادّة الدنيوية المتمثّلة في الدكتاتوريات الظاهرة كالملوك والزعماء عبر تاريخ البشرية , وفي الباطن من حيث المعنى كعبادة الأصنام باعتبار أنّها إله يعبد من دون الله أو عبادة الأشخاص كعبادة عيسى أو كقوم نوح وعبادة عزير وكلّ من سار على هذا المنهج كمن ألّه علي بن أبي طالب أو أحدا غيره من الأولياء وهذا وللأسف واقع كثير في الأمّة فمن جنح إلى عبادة غير الله تعالى ولو في مثاقيل الذرّ فقد خرج من الحريّة إلى الدكتاتورية بقدر جنوحه إلى عبادة غير الله تعالى فإنّه لا شيء يعطيك الخروج عن هذا غير عبادة الله تعالى غاية ما تكون العبادة فتفنى حتّى عن عبادة نفسك فضلا عن غيرها لذا هناك مقاما في السلوك يسمّيه الأولياء بمقام الحريّة , فهذا المعنى الحقيقي لمفهوم الحريّة الحقيقية التي أكرمنا الله تعالى بها , فهناك نصوص قاطعة في القرآن الكريم تفسّر مفهوم الدكتاتورية وأسبابها مع الهداية إلى علاجها

قال تعالى ( إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من تبعك من الغاوين )

فيقرّر هنا أنّ توجّه إبليس إلى تقرير مفهوم الدكتاتورية واضح لأنّه يريد السلطنة على العباد وذلك بالإغواء فإنّ الملوكية والزعامة والسلطنة لا يمكنها أن تعطيك غير مفهوم الإغواء وتقريره , من هنا جاء في وصف أهل الحريّة بالنبوّة والرسالة وورّاثهم بالمشيخة والإمارة الدينية والدنوية كقولنا ( رسول الله ) فهو يعطي مفهوم العبدية والتواضع لله والمواصلة , وكذلك في أقواله ( إنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد ) ( إنّما أنا بن إمرأة كانت تأكل القديد ) رغم أنّه سيّد العالمين لذا تعجّب الكفّار فقالوا ( قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ) نزعة إبليسية طغيانية لذا شيّد أهل الدكتاتوريات القصور والدور المزخرفة لتعلم معنى الماسونية في أخصّ أوصافها من البناء ( ( le front maçon )

لذا يسمّي الغرب المسيخ الدجّال بالمهندس الأعظم أي مهندس الكون فتعلم هنا حقيقة تلك الثورة البنائية في الغرب وقد دلّت عليها البصيرة المحمّدية لمّا قال ( ... وترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) فلو تلاحظ هذا القول النبوي ( يتطاولون في البنيان ) تعلم يقينا أنّه يريد أشباه الماسونية فبلاد دبيّ أكبر شاهد حاضر فهي من علامات الساعة حتّى أنّ بعضهم حسبب أعداد حروف قوله تعالى ( لا تأتيكم إلا بغتة ) فقال لعلّ الساعة تقوم سنة 1702 هجري ومن جملة من حكى هذا القول عنهم سيدنا الشيخ إسماعيل رحمه الله تعالى
فمن أدرك فهم القرآن العظيم والأحاديث النبويّة فهم كلّ شيء ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وقد نبّه إلى هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله ( ما من شيء يقرّبكم إلى الله إلاّ ودللتكم عليه وما من شيء يبعدكم عنه إلاّ وحذّرتكم منه ) فمتى تمعّنت وتدبّرت في الأكوان فلا ترى بعد الله تعالى أعلم من سيّدنا محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم شهودا ويقينا وليس فقط مجرّد علم فما من شيء يكون أو كان إلاّ أخبر عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ولكن القوم غافلون فقال ( في القرآن خبركم وخبر من كان قبلكم وخبر من يأتي بعدكم ) فهل هناك أوضح من هذا التصريح الذي ليس بعده تلميح

فمن الناس من أقرّ الدكاتورية وأحبّها وعمل على ترسيخها بكلّ جهد وعزيمة وبكلّ ممكن عنوان الإرهاب الفكري والمادي وقد أخبرت البصيرة المحمّدية عن هذه الدكتاتورية التي ستحدث في الأمّة ووصفت أسبابها وحذّرت من نتائجها غاية التحذير في قوله عليه الصلاة والسلام ( الخلافة من بعدي ثلاثون سنة ثمّ تكون ملكا عضودا ) وفي الخبر ( تنتقل إلى حكم جبري ...) فهذه الأمور تغاضى علماء السوء من أتباع الدكتاتوريات الذين سيقتلهم المهدي في آخر الزمان أشرّ قتلة عنها وعن الأحاديث الواردة فيها فصاحبوا السلطان واعتبروه ظلّ الله في الأرض وهم يعلمون أنّهم كاذبون وأنّه إبليس في الأرض واحتجّوا له بعلم القدر والقدر منهم بريء رغم أنّ القدر وجميع علوم الحقائق لا حجّة فيها ولا يحتجّ بها أصلا وقطعا فإنّ الإحتجاج بالحقائق في عالم الدنيا لا قائل به فهو وضع الشيء في غير موضعه

الدكتاتورية موجودة فينا و بنسب متفاوتة و التفرد بالرأي فساد مطلق و لا خاب من استشار فلا يمكن ان يدعي شخص ما الكمال المطلق و قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر و هذه الدكتاتورية التي يجب ان نتخلص منها فلا نظن انها عند المسؤولين و الرؤساء فقط

الدكتاتورية موجودة فينا و بنسب متفاوتة و التفرد بالرأي فساد مطلق و لا خاب من استشار فلا يمكن ان يدعي شخص ما الكمال المطلق و قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر و هذه الدكتاتورية التي يجب ان نتخلص منها فلا نظن انها عند المسؤولين و الرؤساء فقط

بارك الله فيكم سيدي علي على هذا الموضوع المفيد..

و تعليق سيدي أبو مهدي هو في الصميم و يمس الجانب التربوي في التصوف..

كنت أتسائل عن سر تمسك الدكتاتور بسلطته و تشبثه بها و لو أزهق في ذلك أرواح الناس و ضحى بالعشرات منهم.. إلى أن قرأت كلاما لأحد الدكتاتوريين يصف هذه الحالة قائلا بما معناه (إن للحكم لذة تفوق لذة الجماع و الجنس)..

و شهد شاهد من أهلهم...

اخر ما يخرج من قلوب الصدقين هو حب الرئاسة
حب الرئاسة متجذر في النفس البشرية

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

خاطرة حول الدكتاتورية

خاطرة حول الدكتاتورية

رد: خاطرة حول الدكتاتورية

رد: خاطرة حول الدكتاتورية

رد: خاطرة حول الدكتاتورية