شهادتي على نفسي

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

الكثير من إخواني الفقراء في الكثير من البلدان يكاتبني ويسألني عن أمور متعلّقة بحياتهم الشخصية أو الدينية وخصوصا في الطريقة ظنّا منهم ( لحسن ظنّهم في العبد الفقير ) أنّي العبد الضعيف من كمّل العارفين ومن أهل الحقائق أجمعين ... لما يرونه ويقرؤونه في مشاركاتي معتقدين أنّ من يكتب مثل تلك الكتابات هو من العارفين رغم أنّ هذا غير صحيح بالمرّة بل قد يكتب المحجوب متى كان مأذونا ما لا يكتبه كبار العارفين رغم أنّه لا قياس أصلا بينهما بمعنى أنّ العارف عارف والمحجوب محجوب فلا ترقى خصوصية المحجوب إلى معرفة هذا العارف أو ذاك ...

وكذلك لما يرونه منّي من حكاية حالي في العديد من المرّات أو تجربتي في الطريقة ومع مشائخي حتّى أنّي رأيت الكثير من ساداتنا ينعتني بالعارف والواصل لحسن ظنّهم الجميل جزاهم الله خيرا على حسن ظنّهم ولكن الحقيقة هي الحقيقة والواقع هو الواقع لا يغيّره حسن ظنّ رغم أنّ صاحب حسن الظنّ مجازى على حسن ظنّه

فالذي أردت أن أخبر به إخواننا في الله تعالى أنّ العبد الضعيف لست بعارف بالله تعالى ( المعرفة التي يحكيها القوم من أهل الله تعالى ) بل بعيد عنها كثير وهذه الحقيقة التي يجب أن يعلمها كلّ واحد منهم ...

الأمر الثاني : قد يسأل سائل : إذن من أين تأتي وتكتب كلّ تلك الدقائق والمعاني : فالجواب : يا أخي هي من عند الله هكذا أجدها في قلبي فأكتبها رغم علمي بعدم معرفتي ... قد يقول قائل : بل هي كتابات حالية ذوقية لا يختلف على ذلك من فتح الله تعالى بصيرته ؟ فالجواب : نعم العبد الضعيف أراها أيضا كذلك ( من باب لأ أجحد فضل الله تعالى ) فربّما تقول : كيف لغير عارف أن يكتب مثل هذا ؟ فالجواب : نعم وهذا كثير موجود ... هناك من يرث وهناك من يجود الله تعالى به عليه ... فكم من محجوب يأتي بغرائب اللطائف والمعاني والسرّ في كلّ ذلك هو الكتابة بصدق حال بمعنى أنّك متى كتبت فأنت في نيّتك أنّك تكتب شيئا مفيدا تريد به وجه الله تعالى ثمّ نفع من يقف عليه من المسلمين فلا تكتب بنيّة مغشوشة وفاسدة كأن تكتب لتردّ على غيرك أو كي تظهر علمك أو لتنافس العلماء وتضحك على الجهلاء كما نراه كثيرا في الكثير ممّن ينتسبون إلى العلم حتّى أنّ الإمام أبا حامد الغزالي رضي الله عنه قال ( طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلاّ له ) فكم من طالب لعلم ديني لغير الله تعالى لهذا فسدت نوايا الكثير من طلبة العلم فتنافسوا الدنيا وحبّ الظهور ...

قد يسأل سائل : لك سنوات وأنت تكتب فلمن تكتب ؟ الجواب : العبد الفقير يكتب لله تعالى أي لوجه الله فإذا شاء الله تعالى أن ينفع بما أكتب أحدا من خلقه نفعه متى كان ما أكتب ينفع حقيقة وإذا لم يشأ فهو على ما يشاء قدير

فإذا قلت : إذن إذا كنت غير عارف ولا سالك فما سبب هذه الوصلة بأهل الله تعالى ؟ الجواب : قد لا تصدّقني ولكنّها الحقيقة : إنّها محبّة أهل الله يا سيدي كنت أحبّ هؤلاء القوم منذ كنت صغيرا وإلى اليوم ما انزاحت محبّتهم من قلبي قيد أنملة فالحمد لله والعبد الفقير طالب المزيد منها ..

فإذا سألت : وهل ما تكتبه في السرّ أو العلن يقوم مقام العبادة ؟ الجواب : لا أبدا فالعبادة شيء والمعاملة شيء آخر أمّا إذا جعلت المعاملة عبادة فلك ذلك ... ففي دين الله تعالى لا تقوم عبادة مكان عبادة ... وتذكّر معي قول الجنيد رحمه الله تعالى لمّا رأوه في المنام بعد موته : لقد طاحت تلك الإشارات وذهبت تلك العبارات وما نفعنا غير ركيعات كنّا نصلّيها في جوف الليل .

الأسئلة كثيرة والأجوبة أكثر ولكن المفيد والخلاصة : توجّه إلى الله تعالى يعلّمك من علمه فهو باسط يديه بالليل والنهار .. وحذار من أن تتّخذ من يصدّك عن سبيل الله تعالى باثبات نفسه لك فيكون حجابا فيما بينك وبين ربّك ...

هذه شهادة على نفسي أكتبها وهي الحقيقة ...

والسلام

اخي علي السلام عليك و رحمة الله و بركاته

شهادة جميلة خرجت من اعماق القلب. و هذه الشهادة تشهد لك اخي الكريم بالشجاعة و الصدق. و الله ان امثالكم مفقودون في هذا العصر. الكثير من الناس يدعون في هذا العصر مقامات وعلوم ليست لهم وانت اخي الكريم تتبرأ منها. والله اني احببتك كثيرا على هذا الكلام الجميل الذي لم اراه قط في المنتديات. ولكن عندي سؤال اخي الكريم: لماذا رضيت لهذا الحال ورضيت ان تبقي فيه وانت مؤهل بل اكثر من مؤهل لمعرفة الله في اعلى المقامات. هل غلب عليك الوهم ان الله بعيد منك, هل فقدت الامل من الله الذي ينزل كل ليلة الى سماء الدنيا ليسمع دعاءك. هل فقدت الامل من اهل الله الذين يقدرون على توصيلك الى الله. هل غلبت عليك فكرة الكثير الذين يظنون ان اهل الله كانوا في الماضي وانعدموا في زمامنا. و الله لقد حيرتني شهادتك الخالصة هذه وكيف رضيت بها. واني أظن انك اشد حيرة مني بحالك. قم يا اخي واتكل على الله وابحث على شيخ مربي واقسم بالله ان احسنت ظنك بالله ستجد في اسرع وقت من يدلك على الله وستكون من اكبر العارفين بالله. توكل على الله ودعك من الكلام الفارغ. سيدي علي نحن في انتظارك على جبل قاف. واعلم ان هذا القول مأذون وفيه امر رباني. ولهاذا ارجو منك ان ترد علي بالخاص

و السلام عليك و رحمة الله و بركاته

قم يا اخي واتكل على الله وابحث على شيخ مربي

جزاكم الله خيرا سيدي محمد الشريف على محبتك الخير لإخوانك من الفقراء

بالنسبة للعبد الضعيف سيدي فإنّي منتسب لشيخ توسّمت فيه الإذن بالإرشاد من فقراء شيخنا سيدي إسماعيل رضي الله عنه وعلى يديه أخذت عهد الطريقة فالحمد لله تعالى رغم أنّي أيضا أخذت الطريقة على يد شيخنا القطب الرباني سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه تلميذ الإمام القطب سيدي محمد المداني رضي الله عنه وعلى يد سيدي الشيخ إسماعيل رضي الله عنه تلقنت الذكر بالإسم المفرد رضي الله عنه ورحمه وهو الذي علّمني الهوى ما كنت أعلمه لهذا أهديت له قصيدتي سميتها ( مباكي الأحداق بنوح الأشواق )

ثمّ سيدي إنّ الذي أعتقده أنّ معرفة الله تعالى هي أمر وهبي عن طريق الشيخ من عند الله تعالى فمن كتب الله تعالى له المعرفة فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء

وفي هذه حكاية حكاها إمام الشاذلية سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه وهو أنّه كان يتعبّد مع أخ له في جبل زغوان فكانا يقولان لبعضهما كلّ يوم اليوم يفتح الله علينا غدا يفتح الله علينا إلى أن وقف عليهم رجل على باب المغارة خاطبهم بصوت جهوري ( تقولون اليوم يفتح الله علينا غدا يفتح الله علينا فهلّا ذكرنا الله حقّ ذكره ) ثمّ انصرف الرجل , قال سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : فعرفنا من أين أخذنا فتوجّهنا إلى ذكر الله تعالى من غير علل ففتح الله تعالى علينا

وعليه فإنّ الفقير متى توجّه إلى ربّه سائلا حظّه من محبّته متوجّه إليه بكليته وجميع لبّه فحتما أنّ الله تعالى يأخذ بيده ويدلّه عليه فربّما كما قال سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه يأخذ الله بيده فيفتح له أو دلّه على شيخ يؤدّبه أو يأخذ بيده رسول الله عليه الصلاة والسلام

وإنّي بحمد الله تعالى أنتسب لشيخنا سيدي إسماعيل رضي الله عنه وسيدي محمد المداني رضي الله عنه عن طريق الأولياء الذين ورثوهما بعد أن قال سيدي إسماعيل رضي الله عنه أنّ طريق إذنه باق في تونس إلى أمد بعيد وإنّ إعتقادنا أنّ الأقطاب يوجدون في تونس وفي غيرها من بلاد الله تعالى فلا نحجّر واسعا

إنّما كتبت تلك الشهادة على نفسي بسبب كثرة الفقراء الذين يتواصلون معي عبر الرسائل الخاصة لحسن ظنّهم في العبد الضعيف فيظنّوني شيخا فمنهم من طلب مني تلقينه الأذكار ومنهم من يريد أن يتخذني شيخا ... بل ومنهم من زارني من بلاد بعيدة ومنهم ومنهم .. فأعلمتهم أني فقير عند شيخي لم أصل إلى درجة المشيخة ولا أظنّني سأصلها فلا هي تبحث عني ولا أنا أبحث عنها فلها أهلها ونحن خدامهم ...

أمّا سيدي لو أطلقت للقلم العنان في ذكر صفات شيخي ومحاسنه لسكب القلم ماء عينه متى علمت شأن الهيام وغرامه وقوانينه ونظامه

سألت مرّة شيخنا رضي الله عنه عن الشيخ فقال : نحن معاشر الشاذلية شيخك قبل كل شيء هو صدقك

فإنّ الذين يصاحبون الأشياخ كثيرون ولكن الذين يصلون قليلون لهذا أقام الله تعالى الدين بين أنصار ومهاجرين فاتخذ أيضا سبحانه النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين

كان للإمام الشافعي رضي الله عنه زمرة كبيرة من التلاميذ منهم رجل بلغ من العلم أفاقا فلمّا دنت وفاته أذن من بينهم لرجل يقوم على حلقته من بعده لا كبير ذكر له في بين أقرانه فقيل له في ذلك فقال : تفرّست فيه صدق وإخلاص لا يوجدان عند غيره لهذا جعلته قائما على حلقتي ...

فجزاكم الله خيرا سيدي واعلم أنّ خير الله تعالى كثير وقد أخذني صدق محبتك وشفقتك على العبد الضعيف فبارك الله فيك على رفع همّتي ونصحي جعل الله تعالى ذلك في ميزان حسناتك ...آمـــــين

شهادتي هذه على نفسي هي الحقيقة التي يجب أن أذكّر بها نفسي وإخواني
قيل : عاش من عرف قدره ...

لو يعلم الناس بذنوبي لرجموني بالحجارة غير نادمين بل مثابين إن شاء الله تعالى

ربنا لا تآخذنا إن نسينا أو أخطأنا واغفر لنا وارحمنا

تكلم مثلي في دين الله تعالى بغير تقوى من علامات فساد نقسي وفسادي وهذه من علامات آخر الزمان ...

هناك علمان : علم مكسوب وهو لتصحيح العبادات والمعاملات ( وهو بداية طريق الهداية والتقوى )
وعلم موهوب وهو نتيجة لتلك التقوى والهداية من باب ( اتقوا الله ويعلمكم الله )

شاهد العلم الأول وجود التعلق بالأوامر والنواهي الإلهية والحرص على متابعة الكتاب والسنة يقدر الاستطاعة
وشاهد العلم الثاني كثرة التقوى وشدة المراقبة فلا يقبل علم الوهب والمعرفة الا من تقي كامل التقوى يزن الخاطر يالقسطاس ويرافب الله تعالى في الأنفاس

ويشهد الله تعالى عظيم الشأن سبحانه أن العبد الضعيف كثير الذنوب واضح العيوب دخلت البيوت من غير أبوابها فإنّ باب دين الله تعالى هو العمل الصالح من تقوى وعبادة ومعاملة وليس كتابة خواطر أو دعوى معارف وفهم وإني لا زلت متعجبا من جرأتي فيما كتبته أرجو الله تعالى أن يغفره لي بجاه النبي العدنان صلى الله عليه وسلم

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

شهادتي على نفسي

شهادتي على نفسي

رد: شهادتي على نفسي

رد: شهادتي على نفسي

رد: شهادتي على نفسي