خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

لا ريب أنّ الهجمة الوهابية الكاسحة التي نشهدها اليوم في بلادنا لها أسباب ونتائج فمن أسبابها الفراغ الديني الذي كاد أن يكون شبه كامل في مختلف أجهزة الدولة وإداراتها إبّان زمن المخلوع الذي مهّد له بورقيبة طريق الحكم لأنّ الرئيس الراحل بورقيبة كان وقتها لا يعيّن في مؤسسات الدولة إلاّ من توفّرت فيه شروط العلمانية التامّة لهذا قال غير واحد من الصوفية وممّا نعدّهم من العارفين أنّ الرئيس المخلوع بن علي وطائفته من متعصّبي العلمانية من بعد زمن بورقيبة تعدّوا تحت ذريعة محاربة الإرهاب إلى محاربة الإسلام نفسه فجفّف المنابع بعد أن تمّ غلق المنارة الإسلامية التونسية في عهد الراحل بورقيبة ( جامع الزيتونة ) التي تخرّج منها علماء أفذاذ ومشائخ إسلام كبار عبر التاريخ الإسلامي فكانوا صدّا منيعا في القرنين الأخيرين أمام المدّ الوهابي الذي حاول منذ زمن ابن عبد الوهاب النجدي اكتساح تونس ومنها إلى بقية دول المغرب العربي ...

فبعد ذلك الفراغ الديني حتى كاد أن يكون الشعب التونسي في مجمله جاهلا بشيء إسمه الدين فضلا عن العلم الديني أو مذهب المالكية ( مذهب البلاد ) أو عقائد الأشاعرة ( عقيدة أهل السنّة ) أو حتّى التصوّف الحقيقي السليم من الخرافات والزندقة والأوهام بعد أن تصارع غالبية من ينتسبون للتصوّف في ظلّ ذلك الفراغ فتنازعوا الدنيا فيما بينهم وتشاركوا مع العلمانيين فيها فتنافسوها معهم بحجّة مسايرة أهل الباطل في باطلهم حتى أضحى الطريق في أغلب الطرق الصوفية ما هو غير مظاهر ودنيا ( طبعا يوجد أهل الصدق والزهد والفهم والدراية ولكنّهم قلّة ) لهذا قلّ تعليم الدين في الزوايا وتعليم شرع الله تعالى والقرآن الكريم ..
فكان الإلتجاء من أهل البلد في حقبة الفراغ الديني وتجفيف منابع العلم الديني الزيتوني إلى القنوات الفضائية الوهابية لأنّها الغالبة في هذا الزمان لما يملكه أصحابها من مال وجاه وقوّة فطبعوا الكتب وتفنّنوا في إيصالها للناس وكذلك الاشرطة التي توزّع مجانا لأجل نشر الفكر الوهابي على أوسع نطاق فكان لهم ذلك ...

اليوم نرى تخبط العلمانيين فخرجوا علينا بعد أن جفّفوا المنابع إبّان حكمهم البلاد لأكثر من ستين سنة يتباكون ( ينافقون كعادتهم ) على هذا الإكتساح الوهابي لأرض تونس يشتكون هذا الفكر لابسين ثياب الحمل الوديع متناسين جرائمهم في حقّ الإسلام فماذا فعلوا :

اليوم نراهم ونسمعهم في أعلى درجات نفاقهم فجاؤوا يتكلمون علينا بإسم الاشاعرة والصوفية وأنّ المنهج الديني الدائم والسائر به في تونس هو منهج الوسطية والإعتدال فالتجأوا إلى الصوفية ( طبعا كعادتهم ) كي يتخفّوا في زيّهم رغم أنّهم في الحقيقة لم يألوا جهدا في محاربة الإسلام ( قرآنا وسنّة ) منذ عقود بعد أن كانت وزارات التربية والتعليم والثقافة والشؤون الدينية بحوزتهم طيلة عقود عديدة ..

فنقول لهم : المدّ الوهابي إذا كان هناك أحد مسؤولا عنه هو أنتم يا ( علمانيين ) فأفسدتم الحرث والنسل بعد أن سرقتم ونهبتم فما أنتم غير فرع من فروع عصابة عالمية تحارب الإسلام حيثما حلّ .. فلا ينطلي نفاقكم على المسلمين مهما فعلتم فألاعيبكم أضحت الواضحة اليوم ومراوغاتكم لا تخفى اليوم على الصبيان فإذا ما سألوكم عن ذلك في كواليسكم واجتماعاتكم السرية كنتم تجيبون بأنّها لعبة ( السياسة )

ثمّ تأتي مسؤولية من يدّعون أنّهم صوفيون من الذين ركبوا في ركب السلطان فوافقوه على كل شيء وأفتوه بحسب هواه ومطالبه في كلّ شيء فلم ينتفعوا منه بشيء فما سايروه مسايرة من يريد خدمة الإسلام بتلطّف بل سايروه مسايرة من يريد الدنيا وجمع حطامها ..

فعاقبهم الله تعالى بهذا المدّ الوهابي كما عاقب العلمانيين جراء حربهم الشعواء على الإسلام التي قادها بورقيبة الفتى المدلّل لفرنسا ورجلها في تونس وإفريقيا
إذن فلا نسأل كثيرا عن تلك الاسباب فهي واضحة وضوح الشمس فما جنى أحد منّا إلاّ بحسب ما اقترفته يداه

اليوم أرادت أمريكا ومعها الغرب العلماني تغيير المعادلة فلمّا قامت الثورات في بلدانها مكرت كثعلب ليل ( تلك عادتهم في كل مكان وزمان ) فوافقت ظاهرا واعترفت بنتائج الإنتخاب ( زعما للديمقراطية ) فأقرّت حكم الإخوان ووافقت على التعامل معهم ولكنّها في الخفاء لها أيادي تعمل ليلا نهارا لبتر ذلك المشروع وإفساده مهما كلّفها ذلك الأمر ولو صارت حروبا أهلية في كلّ بلاد العرب والإسلام فلا يهمّها ذلك كثيرا فإنّ الدم العربي والإسلامي رخيص عندهم لا يؤبه له وهذا أمر لا نستغربه منهم فالعراق أكبر دليل وشاهد بعد أن تحالفوا هناك مع الشيعة فها هم اليوم يتحالفون مع الإخوان في الظاهر طبعا أمّا الباطن فهم لا يتحالفون إلاّ مع أجناسهم وهم ( العلمانيون ) فإن أهل الساسة في العالم الغربي يحذقون جدّا المكر والدهاء إلى الغاية فليست لهم عواطف حينما يتعلّق الأمر بمصالحهم فهم لا يساومون على ذلك البتّة ... فهم أستراتيجيون ( أعني يحذقون العمل على المدى البعيد )

نحن جميعا نعلم أنّ الإسلام مهما كانت سماحته وروحه وجماله فهو لا يعنيهم في شيء لأنّ هذا ليس مطلوبهم ولا مرغوبهم – فاين ومتى وجدت أن إبليس لعنه الله تعالى أحبّ الله تعالى أو أحبّ أهله - ؟ ولكنّهم اليوم يلعبون لعبتهم القذرة وهي لعبة خلط الأوراق في كلّ اتجاه ..

أقول للصوفية : لا تقعوا اليوم في نفس أخطاء الأمس فلا تضعوا أيديكم في أيدي العلمانيين لاجتثاث المدّ الوهابي من أرض تونس بل أنشروا مدارسكم وعلمكم ( في عقد الأشعري وفقه مالك – وفي طريقة الجنيد السالك ) على أوسع نطاق ولتكن منكم نخبة قادرة فصيحة وبليغة يكونون نظراء لخطباء الوهابية ومنظّريهم يبادلونهم الحجّة بالحجّة والدليل بالدليل والبرهان بالبرهان من غير الإعتماد على فضل العلمانيين فإنّ العلمانيين متى خفّ المدّ الوهابي فإنّهم سيرجعون إلى حالتهم الأولى فذاك منهجهم وتلك أديولوجيتهم فهم في حقيقتهم لا يفرقون بين مسلم صوفي أو مسلم وهابي بل مشكلتهم الحقيقية مع الإسلام ..

إنّه ليحزنني أن نرى في تونس خطباء وهابيين وعلماء وهابيين يحذقون القرآن والحديث أكثر بكثير من كثير من المتصوفة ويحفظون المتون والعربية ..

لا بدّ اليوم من إستفاقة لأهل الحقّ كما كانوا عليه في زمنهم السالف ...

الحديث طبعا كثير في هذا الباب .. وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ..

بارك الله فيكم على هذا التشخيص للوضع الراهن، وكأنك معنا حيث كنا نتدارس هذا الشأن بين إخواننا وحيث تنشط جمعيتنا التي تكونت مؤخرا لهذا السبب وغيره...

اليوم نراهم ونسمعهم في أعلى درجات نفاقهم فجاؤوا يتكلمون علينا بإسم الاشاعرة والصوفية وأنّ المنهج الديني الدائم والسائر به في تونس هو منهج الوسطية والإعتدال فالتجأوا إلى الصوفية

متفق مع تحليلكم بصفة عامة و لكني لا أتفق على شيطنة العلمانيين مطلقا و كونهم ينادون بتقوية هوية البلاد الدينية الصوفية الأشعرية الزيتونية فذلك يعتبر رجوع للحق و الإعتراف بالحق فضيلة تذكر فتشكر و ليس العكس. فغيرهم نادوا بتصفية مكونات هذه الهوية و القضاء عليها و اجتثاثها من البلاد. فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه.

و الله أعلم

الفقير يتكلّم على من حكموا البلاد طيلة خمسين أو ستين سنة فاجتثّوا الدين من أصوله ... أعني تحديدا أيتام فرنسا ...

علي كتب:

الفقير يتكلّم على من حكموا البلاد طيلة خمسين أو ستين سنة فاجتثّوا الدين من أصوله ... أعني تحديدا أيتام فرنسا ...

متفق معكم سيدي علي و خاصة في غلق جامع الزيتونة و قد كان البورقيبيون إقصائيون و حاولوا حتى اغتيال الشيخ الزيتوني عبد العزيز الثعالبي زعيم الحزب الحر الدستوري و هو أول محاولة اغتيال سياسي في تونس حسب ما صرح به بعض العلمانيين البارحة في التلفزة. لكنهم فيما بعد ابتلاهم الله بما هو أشد و أجهل من الزيتونيين و هم الإسلاميون السلفيون التكفيريون..و عندما نكلوا بالإسلاميين ابتلاهم الله بما هو أشد منهم و هم الوهابية الجهادية التكفيرية التفجيرية. و هذا كله من نتائج غلق جامع الزيتونة المعمور و غياب رجاله و علمائه عن الساحة.

أقول للصوفية : لا تقعوا اليوم في نفس أخطاء الأمس فلا تضعوا أيديكم في أيدي العلمانيين لاجتثاث المدّ الوهابي من أرض تونس بل أنشروا مدارسكم وعلمكم ( في عقد الأشعري وفقه مالك – وفي طريقة الجنيد السالك ) على أوسع نطاق ولتكن منكم نخبة قادرة فصيحة وبليغة يكونون نظراء لخطباء الوهابية ومنظّريهم يبادلونهم الحجّة بالحجّة والدليل بالدليل والبرهان بالبرهان من غير الإعتماد على فضل العلمانيين فإنّ العلمانيين متى خفّ المدّ الوهابي فإنّهم سيرجعون إلى حالتهم الأولى فذاك منهجهم وتلك أديولوجيتهم فهم في حقيقتهم لا يفرقون بين مسلم صوفي أو مسلم وهابي بل مشكلتهم الحقيقية مع الإسلام ..

اقتباس :
(بعد أن تصارع غالبية من ينتسبون للتصوّف في ظلّ ذلك الفراغ
فتنازعوا الدنيا فيما بينهم وتشاركوا مع العلمانيين فيها فتنافسوها معهم
بحجّة مسايرة أهل الباطل في باطلهم حتى أضحى الطريق في أغلب الطرق الصوفية
ما هو غير مظاهر ودنيا)
اللهم انصر عشاق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم

عبر الزمان كان العلماء الزيتونيين يطردون الصوفية و العلماء فابتلاهم الله بالعلمانيين يطردونهم من الجامع اللأعظم ....فمثلا لذلك سيدي بلحسن الشاذلي و ابن خلدون و سيدي الخضري حسين وهؤلاء الثلاثة استقبلوا بحفاوة في مصر و توفيوا فيها منتصرين لله ...لذلك تجد الازهر شامخ و الزيتونة لاحياة لمن تنادي .

عبر الزمان كان العلماء الزيتونيين يطردون الصوفية و العلماء فابتلاهم الله
بالعلمانيين يطردونهم من الجامع اللأعظم

لا أوافقك على هذا الرأي على إطلاقه بل نعم وُجد من علماء الزيتونة من كان أنكر على بعض أهل التصوّف أحوالهم في بعض الأحيان كالعِمارة وغيرها ولكنهم يؤمنون بمقام الإحسان والتصوّف ويعترفون بوجود الأولياء والعارفين بالله تعالى لأنّه من الدين فكيف لا يؤمنون وهم يدرّسون في الزيتونة متن ابن عاشر الذي يقول ( في عقد الأشعري وفقه مالك --- وفي طريقة الجنيد السالك ) وهاهي كتبهم في الفقه في شرح المرشد المعين وغيره حافلة بذكر التصوّف ... أمّا إخراج سيدي أبا الحسن الشاذلي من تونس فصدر من بعض العلماء الذين أخذهم الحسد فضاقت أنفسهم أن يشهدوا الولاية في غيرهم مع ما هم عليه من علم ( كإبن البراء ) الذي دعا عليه الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه

ثمّ إنّ أكثر الصوفية درسوا في جامع الزيتونة منهم سيدي محمد المداني رضي الله عنه الذي كان يتعاهد بالزيارة جامع الزيتونة وقد حكى شيخنا سيدي إسماعيل رضي الله عنه من ذلك طرفا في ذكره لسيرته الذاتية بل هذا سيدي عدّة ابن تونس رحمه الله تعالى ورضي عنه فقير سيدي أحمد العلاوي وخليفته على زاوية مستغانم درس في جامع الزيتونة وهناك الكثير الكثير من علماء الزيتونة ومدرسيه هم صوفية فذكر قائمتهم يطول بما فيهم مشائخ الإسلام .... ومن قرأ التاريخ وقف على ذلك

فالقول أنّ علماء الزيتونة كانوا يطردون أهل التصوّف غير صحيح ولكن الصحيح أنّ بعض علماء الزيتونة من الفقهاء أنكروا على أحوال الصوفية كما أنكروا على أحوال سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وفي العصر الحديث كان الشيخ عبد الرحمان خليّف رحمه الله تعالى ينكر على الشيخ إسماعيل رضي الله عنه ...

ولكن هذا أمر لأنّ هؤلاء العلماء وإن أنكروا فهم من أهل السنّة من أتباع المذاهب الأربعة ... ولكن لمّا صدر منهم الضعف في عهد الإستعمار وتعاون بورقيبة مع فرنسا في تجفيف التعليم الزيتوني في تونس صار ما صار

نعم سيدي الكريم أكثر الصوفية درسوا بالجامع الأعظم و أغلب العلماء الزيتونيين على عهد طريقة الجنيد السالك ولكن الحقيقة ان ابن البراء كان سبب في خروج سيدي بلحسن و الخضري بن حسين كيف كان خروجه من تونس في العشرينيات من هذا القرن ...هذا كافي لجعل جامع الزيتونة في حالة ضعف في هذه الايام ....ان الله يغير على اوليائه و يضعف اعداءهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على ما كتبه الاخوة في شأن المد الوهابي فأردت أن أساهم فأقول
المهم اليوم وقد تأكدنا من انتشار هذا الفكر المتطرف والذي أراد مؤسسوه إفساد الدين عندما ألهى الأمة بقضايا تافهة لا ترتقي لتكون موضوع جدل أو مسائل محل اختلاف. لهذا السبب وغيره نقول السؤال المطروح اليوم هو ماذا نحن صانعون؟
الدعوة ملحة إذا لملء الفراغ الذي تكلمتم عنه دروس مكثفة في المساجد التي نحن الصوفية من تخلينا عنها وملأنا الزوايا منعزلين عن المجتمع ولا أتحدث عن أي مجتمع ولكن عن أهلينا وأبنائنا مثلا الذين صدقوا الفكر الوهابي في كثير من المسائل.
الصوفية كان بإمكانهم العمل أكثر في مجال الدعوة إلى الله والتعريف بالتصوف الذي أرى فيه الحل الأنجع لكل المشكلات المعاصرة.
الإخوة الصوفية يجب أن يستثمروا المعارف وما حققوه في مجال تزكية النفس وكسب الفضائل في التحكم في مسارالتقلبات التي تشهدها البلاد.
.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

رد: خواطر حول المدّ الوهابي في تونس

المد الوهابي في تونس خاصة