كلام فى الإيمان

بسم الله الرحمان الرّحيم

اللهمّ صلّ على صاحب الخلق العظيم والفضل العميم و على آله وصحبه و سلّم.

إنّ الإيمان هو ثاني أركان ديننا الإسلامي، ومحلّ تجلّي هذا الرّكن هو القلب. و قد عرّف المولى جلّ جلاله الإيمانفقال:( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَالْمَصِيرُ.).البقرة.285. وسئل النبي صلّ الله عليه وسلّم عن معنى الإيمان فقال:[أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره.] رواه مسلم والبخاري. وأوّل ملاحظة تبرز جليّة ، أنّ كلّ ركائز الإيمان مبنيّة على علاقة العبد بالمولى جلّ جلاله[ الله ، ملائكته ، كتبه ، رسله ، اليوم الآخر ، القدر.]فكلّ هذه الكلمات و معانيها تتطلّب من العبد أن يكون متخلّصا من حظوظه و دنياه ، متعلّقا بربّه و أخراه. ولا يتمّ هذا إلّا بإعانته سبحانه وتعالى.(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) الفتح .28. (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.)التغابن.11. فإن أظهر العبد الاستعداد تولّاه المولى بالإمداد. والاستعداد هو رسوخ القدم في أرض الطّاعات بالإخلاص فيها. و ذلك لأنّ الأمداد تمرّ عبر منافذ السّماء الأولى سماء الإسلام. فمن ضعفت طاعته زادت غفلته، وأبدلت أمداد أنوار الرّحمان بأهواء النّفس و ظلمة الأكوان. قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.) الحجرات.15.

و قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:[ آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة ألا إله إلا الله، و إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا من الغنائم الخمس]متفق عليه. وعلى هذا الأساس، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:"كان الإجماع من الصحابة ، والتابعين من بعدهم ممّن أدركنا : أن الإيمان قول وعمل ونيّة لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر."فهذا حدّ الاستعداد حتّى ننطلق في سماء الأنوار القلبيّة وما تقتضيه من أعمال خاصّة بهذه السّماء. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىرَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الأنفال.2. فوجل القلوب والتّوكل على الله هو عنوان الحضور مع المذكور جلّ وعلا . والحضور مع المذكور هو أهمّ الأعمال القلبيّة و أعظمها إذ به يزداد القلب اتّساعا فتزداد أنواره إشراقا ، ويعظم الشّوق فتفتح أبواب المحبّة الحقيقيّة. هنا قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.) متفق عليه. ولا يزال العبد يتدرّج في محبّة الله و رسوله، حتّى تصبح محبّته عشقا لا يبقي من عالم الفناء معه شيئا. و يفتح أفق السّماء الثّالثة ركن الإحسان. فيعود إلى البدايات بالله تدقيقا و توفيقا ، تخلّقا وتحقيقا.

أه

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31