بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أبريل 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 |
" حقيقة التصوف " من مذاكرات سيدي فتحي السلامي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
" حقيقة التصوف " من مذاكرات سيدي فتحي السلامي
بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين وآله وصحبه
أمّا بعد :
من مذاكرات سيدي فتحي السلامي ما خلاصته فيما معناه
المحسوبون على التصوف خلق كثير من المنتسبين وغير المنتسبين كل يرى التصوف بحسب ادراك فهمه وبلوغ علمه
لا جرم أن المخطئين في فهم التصوف طوائف كثيرة محسوبون عليه منهم عوام ومنهم طلبة علم ومنهم علماء لذا كانت أصناف المتصوفين عديدة فتجد تصوف العوام وتصوف العلماء وتصوف العارفين
فالمقصود بكلمة " تصوف " بعد الإصطلاح عليها سلفا وخلفا حقيقة هم أهل السير والسلوك دون غيرهم من الخلق سواء أكان هذا الغير عواما أم علماء أم طلبة علم لا فرق فالمتصوف هو السالك السائر المترقي أما الصوفي فهو العارف الواصل فالمريد يعتبر " متصوّف " والواصل العارف يعتبر " صوفيّ " بينما التصوف هو " معرفة الله ذوقا على نعت الشهود والعيان " وقد قررالشيخ سيدي أحمد زروق الفاسي رضي الله عنه أنّ التصوف حد ورسم بوجوه تبلغ نحو الألفين ترجع كلها إلى صدق التوجه إلى الله .
فعلى قدر حصول معرفتك بالله تعالى يكون حظك من التصوف ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) أي إشارة إلا الذين صبروا من المريدين ثمّ إلاّ ذو حظّ عظيم من العارفين
خرج بعد هذا التعريف تصوف العوام لكونه تصوف المتبركين لا تصوف السالكين السائرين الذين كانت وجهتهم ومقصودهم معرفة ربهم وكذلك تصوف علماء الشريعة لكونه تصوف أهل الظاهر من أهل العلوم والرسوم فهو تصوف علم وفكر ومباحث وشقشقة كلام وتنظير ليس إلا لكونهم لم تسر فيهم أحوال الطريق ذوقا ولم يترقوا في مراقي السير المقول فيها ( ... إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فهذه درجات ثلاث
وعليه فلا يحسن أحد فهم كلام العارفين فضلا عن تفسيره سواء أكان نثرا أم شعرا أم حكما أم موشحات وفهم مدلولاته إلا من كان على مثل شاكلتهم أخذ من حيث أخذوا وشرب من حيث شربوا وانتهى إلى حيث انتهوا لذا فلا عبرة مثلا أن يشرح أحد من العلماء الحكم العطائية وهو ليس بعارف ولا سائر ولا مترقي متى علمت أن تلك الحكم العطائية ما هي غير رسائل للمريدين المترقين السائرين ورسائل للعارفين الواصلين فهي مجعولة للسير والسلوك إلى معرفة ملك الملوك وليست موضوعة للتحاليل العلمية كما فعل البوطي رحمه الله تعالى في شرحه عليها حيث سلك فيها مسلك علماء الرسوم لا مسلك العارفين أصحاب الذوق والفهوم
إذ كيف تدرك محطات تلك الحكم لغير السالكين أم كيف يقف على حقيقة مراميها وعمقها غير العارفين الواصلين أو شرح الأستاذ سعيد حوى رحمه الله عليها أو تناولها من طرف مبحث حسن الصناعة الأدبية فستجد عند استقراء شروح الشارحين البون الشاسع بين تلك الشروح فأعلاها وأرقاها شروح العارفين من الذين عبروا عما وجدوه في نفوسهم وأحسوه بقلوبهم فما شرحوا حقيقة إلا أحوالهم وما ترجموا إلا وارداتهم كما فعل سيدي ابن عجيبة الحسني في كتابه " ايقاظ الهمم " حيث كان الكتاب فيضا رحمانيا خالصا وواردات قدسية صريحة تأخذ بالقلب إلى معارج القدس وحضرة الأنس ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) فعاش من عرف قدره وعرّف الناس حقيقة مستوى قيمته وشأنه
فهؤلاء الذين جنحوا بالتصوف إلى غير سبيله وردوه إلى غير أهله الحقيقيين مستدرجون من حيث لا يشعرون فليس الخطر فقط أن تكون مستدرجا وإنما الخطر العظيم أن لا تشعر ولا تعلم بهذا الإستدراج فتتمادى فيه من باب قوله تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ )
قال سيدي فتحي السلامي فيما معناه " كثير من المسلمين من محبي التصوف من العوام والمنتسبين والعلماء دخلوا في جدال عقيم حول المشيخة وشروطها فظنوا أمر الشيخ يُعرف بمجرد الأذون الشفوية أو الإجازات الكتابية حتى غرق في ذلك خلق كثير بحثوا عن الإجازات والأذون من المشايخ المدعين وغير المدعين رغم أنّ الأمر الهام الذي أغفلوه بداية هو معرفة الشيخ بما يلتمسون فيه من دلالة على الله في حاله ومقاله حيث لا يدلك إلاّ على الفناء في الله والبقاء به وكون أعظم باب لمعرفة الشيخ المربي الحقيقي من الشيخ الدعي هو هذا الباب وهو باب الدلالة على الله في جميع أحيانه حيث يسري فيك حال من مدد ونور العارف الرباني بينما يسري فيك حال من ظلمة عند الشيخ النفساني
قلت :
نعم هذا صحيح عايناه بأنفسنا والعبد الفقير عاينته بنفسي حتى بخصوص الفوارق التي أجدها بين المريدين أنفسهم حيث عندما كان يذاكرنا مقدمنا المرحوم سيدي علي الراقوبي تكون قلوبنا كلها مشوره نحو الله تعالى فكأننا كنا نشرب بكأس لفظ كلماته شرابا طهورا نقيا أما إذا طلب من أحد الفقراء من الحاضرين التذكير عوضا عنه لسبب من الأسباب فكنا نحس ونشعر بالفرق الكبير بينهما فشتان بين من يسقيك رحيقا مختوما وبين من يهبط بك إلى نبات الأرض من البقل والعدس والفوم والبصل
كان الأنبياء والمرسلون ربانيين خلص لا يدلون إلا على الله تعالى من كل وجه ليس لهم عن أنفسهم أخبار ولا مع غير الله قرار تلحظ هذا في سيرهم وقصصهم وأحوالهم الظاهرة والباطنة لذا قال تعالى ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) فهو طريق توحيدي بحت فذلك مشربهم جميعا ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) أي لا تشركوا به شيئا في المستويات الثلاثة : الأفعال والصفات والذات
من هنا تدرك حقيقة الداعي الحق من المدعي الكاذب كما بيّن لك ذلك في قوله تعالى ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فالشاهد في قوله ( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) أي ظاهرا وباطنا سرا وعلنا فتلك علامة صاحب السرّ وليس علامته فقط إذن شفوي أو إجازة كتابية
من هنا عُرف أهل الله تعالى من حيث دلالتهم على الله تعالى كما قال سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه " يأتينا الإعرابي يبول على ساقيه فما يخرج من عندنا إلأ وهو عارف بالله تعالى " لتدرك ماهية الوارث المحمدي صاحب الترقية والتربية النبوية لكونه من المقول فيهم ( وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) لوفور نور بصائرهم وتوحيدهم الخالص من حيث الفناء في الله والبقاء به
لذلك فلا عبرة بمن يأخذ التصوف من مجرد الكتب ولا عبرة أيضا بمن حفظ أقوال الأولين والآخرين من غير سير ولا سلوك ولا ذوق ونعني بالسير والسلوك " ذكر الله تعالى بالإذن الخاص " والمواضبة عليه دون سواه إذ أن طرائق السلوك الحقيقية جميعها لا مجال فيها لغير ذكر الله تعالى على نعت التجرد والقصد نحو إرادة وجه الله تعالى من باب قوله تعالى ذاكرا شأن المقبلين من المريدين ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )
لهذا على المسلمين اليوم التفريق بين صوفية المتبركين وبين صوفية السالكين وبين الربانيين الحقيقيين وبين غيرهم من النفسانيين لئلا يقع المسلم في حبائل المدعين ويقضي حياته ويصرف أوقاته ويبذل طاقاته في صحبة المحجوبين المغرورين
طريق التصوف هو طريق تقوى بالأساس ثمّ ذكر وتوجه نحو إرادة وجه الله تعالى كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) لئلا تحتج أمام الله تعالى كونك خدعت من قبل الكاذبين لأنه أمرك أن تكون مع الصادقين ولن تحسن أن تكون معهم أو أن تجدهم إلا بعد أن تكون من المتقين فمن اتقى الله حقيقة لا يمكن أن يدله الله تعالى إلا على الصادقين لذا قيل " لا نخشى عليك كثرة الطرق ولكن نخشى عليك قلة الصدق " فما وقع من وقع في حبائل الكذابين وتعلق بهم وقضى حياته معهم إلا بسبب كونه لم يرد وجه الله ولم يتقه في قرارة نفسه أما الصادق فمهما خدعه الماكرون الخادعون لا بدّ أن يدله الله تعالى على الصادقين من عباده آجلا أو عاجلا ..
المذاكرة طويلة أكثر من هذا تخللتها أسئلة وحقيقة أقول هناك فرق بين كلام العارف الواصل فضلا عن الشيخ المربي وبين كلام غيره من المحجوبين الذين منهم العبد الفقير والسلام
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين وآله وصحبه
أمّا بعد :
من مذاكرات سيدي فتحي السلامي ما خلاصته فيما معناه
المحسوبون على التصوف خلق كثير من المنتسبين وغير المنتسبين كل يرى التصوف بحسب ادراك فهمه وبلوغ علمه
لا جرم أن المخطئين في فهم التصوف طوائف كثيرة محسوبون عليه منهم عوام ومنهم طلبة علم ومنهم علماء لذا كانت أصناف المتصوفين عديدة فتجد تصوف العوام وتصوف العلماء وتصوف العارفين
فالمقصود بكلمة " تصوف " بعد الإصطلاح عليها سلفا وخلفا حقيقة هم أهل السير والسلوك دون غيرهم من الخلق سواء أكان هذا الغير عواما أم علماء أم طلبة علم لا فرق فالمتصوف هو السالك السائر المترقي أما الصوفي فهو العارف الواصل فالمريد يعتبر " متصوّف " والواصل العارف يعتبر " صوفيّ " بينما التصوف هو " معرفة الله ذوقا على نعت الشهود والعيان " وقد قررالشيخ سيدي أحمد زروق الفاسي رضي الله عنه أنّ التصوف حد ورسم بوجوه تبلغ نحو الألفين ترجع كلها إلى صدق التوجه إلى الله .
فعلى قدر حصول معرفتك بالله تعالى يكون حظك من التصوف ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) أي إشارة إلا الذين صبروا من المريدين ثمّ إلاّ ذو حظّ عظيم من العارفين
خرج بعد هذا التعريف تصوف العوام لكونه تصوف المتبركين لا تصوف السالكين السائرين الذين كانت وجهتهم ومقصودهم معرفة ربهم وكذلك تصوف علماء الشريعة لكونه تصوف أهل الظاهر من أهل العلوم والرسوم فهو تصوف علم وفكر ومباحث وشقشقة كلام وتنظير ليس إلا لكونهم لم تسر فيهم أحوال الطريق ذوقا ولم يترقوا في مراقي السير المقول فيها ( ... إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) فهذه درجات ثلاث
وعليه فلا يحسن أحد فهم كلام العارفين فضلا عن تفسيره سواء أكان نثرا أم شعرا أم حكما أم موشحات وفهم مدلولاته إلا من كان على مثل شاكلتهم أخذ من حيث أخذوا وشرب من حيث شربوا وانتهى إلى حيث انتهوا لذا فلا عبرة مثلا أن يشرح أحد من العلماء الحكم العطائية وهو ليس بعارف ولا سائر ولا مترقي متى علمت أن تلك الحكم العطائية ما هي غير رسائل للمريدين المترقين السائرين ورسائل للعارفين الواصلين فهي مجعولة للسير والسلوك إلى معرفة ملك الملوك وليست موضوعة للتحاليل العلمية كما فعل البوطي رحمه الله تعالى في شرحه عليها حيث سلك فيها مسلك علماء الرسوم لا مسلك العارفين أصحاب الذوق والفهوم
إذ كيف تدرك محطات تلك الحكم لغير السالكين أم كيف يقف على حقيقة مراميها وعمقها غير العارفين الواصلين أو شرح الأستاذ سعيد حوى رحمه الله عليها أو تناولها من طرف مبحث حسن الصناعة الأدبية فستجد عند استقراء شروح الشارحين البون الشاسع بين تلك الشروح فأعلاها وأرقاها شروح العارفين من الذين عبروا عما وجدوه في نفوسهم وأحسوه بقلوبهم فما شرحوا حقيقة إلا أحوالهم وما ترجموا إلا وارداتهم كما فعل سيدي ابن عجيبة الحسني في كتابه " ايقاظ الهمم " حيث كان الكتاب فيضا رحمانيا خالصا وواردات قدسية صريحة تأخذ بالقلب إلى معارج القدس وحضرة الأنس ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) فعاش من عرف قدره وعرّف الناس حقيقة مستوى قيمته وشأنه
فهؤلاء الذين جنحوا بالتصوف إلى غير سبيله وردوه إلى غير أهله الحقيقيين مستدرجون من حيث لا يشعرون فليس الخطر فقط أن تكون مستدرجا وإنما الخطر العظيم أن لا تشعر ولا تعلم بهذا الإستدراج فتتمادى فيه من باب قوله تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ )
قال سيدي فتحي السلامي فيما معناه " كثير من المسلمين من محبي التصوف من العوام والمنتسبين والعلماء دخلوا في جدال عقيم حول المشيخة وشروطها فظنوا أمر الشيخ يُعرف بمجرد الأذون الشفوية أو الإجازات الكتابية حتى غرق في ذلك خلق كثير بحثوا عن الإجازات والأذون من المشايخ المدعين وغير المدعين رغم أنّ الأمر الهام الذي أغفلوه بداية هو معرفة الشيخ بما يلتمسون فيه من دلالة على الله في حاله ومقاله حيث لا يدلك إلاّ على الفناء في الله والبقاء به وكون أعظم باب لمعرفة الشيخ المربي الحقيقي من الشيخ الدعي هو هذا الباب وهو باب الدلالة على الله في جميع أحيانه حيث يسري فيك حال من مدد ونور العارف الرباني بينما يسري فيك حال من ظلمة عند الشيخ النفساني
قلت :
نعم هذا صحيح عايناه بأنفسنا والعبد الفقير عاينته بنفسي حتى بخصوص الفوارق التي أجدها بين المريدين أنفسهم حيث عندما كان يذاكرنا مقدمنا المرحوم سيدي علي الراقوبي تكون قلوبنا كلها مشوره نحو الله تعالى فكأننا كنا نشرب بكأس لفظ كلماته شرابا طهورا نقيا أما إذا طلب من أحد الفقراء من الحاضرين التذكير عوضا عنه لسبب من الأسباب فكنا نحس ونشعر بالفرق الكبير بينهما فشتان بين من يسقيك رحيقا مختوما وبين من يهبط بك إلى نبات الأرض من البقل والعدس والفوم والبصل
كان الأنبياء والمرسلون ربانيين خلص لا يدلون إلا على الله تعالى من كل وجه ليس لهم عن أنفسهم أخبار ولا مع غير الله قرار تلحظ هذا في سيرهم وقصصهم وأحوالهم الظاهرة والباطنة لذا قال تعالى ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) فهو طريق توحيدي بحت فذلك مشربهم جميعا ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) أي لا تشركوا به شيئا في المستويات الثلاثة : الأفعال والصفات والذات
من هنا تدرك حقيقة الداعي الحق من المدعي الكاذب كما بيّن لك ذلك في قوله تعالى ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فالشاهد في قوله ( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) أي ظاهرا وباطنا سرا وعلنا فتلك علامة صاحب السرّ وليس علامته فقط إذن شفوي أو إجازة كتابية
من هنا عُرف أهل الله تعالى من حيث دلالتهم على الله تعالى كما قال سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه " يأتينا الإعرابي يبول على ساقيه فما يخرج من عندنا إلأ وهو عارف بالله تعالى " لتدرك ماهية الوارث المحمدي صاحب الترقية والتربية النبوية لكونه من المقول فيهم ( وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) لوفور نور بصائرهم وتوحيدهم الخالص من حيث الفناء في الله والبقاء به
لذلك فلا عبرة بمن يأخذ التصوف من مجرد الكتب ولا عبرة أيضا بمن حفظ أقوال الأولين والآخرين من غير سير ولا سلوك ولا ذوق ونعني بالسير والسلوك " ذكر الله تعالى بالإذن الخاص " والمواضبة عليه دون سواه إذ أن طرائق السلوك الحقيقية جميعها لا مجال فيها لغير ذكر الله تعالى على نعت التجرد والقصد نحو إرادة وجه الله تعالى من باب قوله تعالى ذاكرا شأن المقبلين من المريدين ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )
لهذا على المسلمين اليوم التفريق بين صوفية المتبركين وبين صوفية السالكين وبين الربانيين الحقيقيين وبين غيرهم من النفسانيين لئلا يقع المسلم في حبائل المدعين ويقضي حياته ويصرف أوقاته ويبذل طاقاته في صحبة المحجوبين المغرورين
طريق التصوف هو طريق تقوى بالأساس ثمّ ذكر وتوجه نحو إرادة وجه الله تعالى كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) لئلا تحتج أمام الله تعالى كونك خدعت من قبل الكاذبين لأنه أمرك أن تكون مع الصادقين ولن تحسن أن تكون معهم أو أن تجدهم إلا بعد أن تكون من المتقين فمن اتقى الله حقيقة لا يمكن أن يدله الله تعالى إلا على الصادقين لذا قيل " لا نخشى عليك كثرة الطرق ولكن نخشى عليك قلة الصدق " فما وقع من وقع في حبائل الكذابين وتعلق بهم وقضى حياته معهم إلا بسبب كونه لم يرد وجه الله ولم يتقه في قرارة نفسه أما الصادق فمهما خدعه الماكرون الخادعون لا بدّ أن يدله الله تعالى على الصادقين من عباده آجلا أو عاجلا ..
المذاكرة طويلة أكثر من هذا تخللتها أسئلة وحقيقة أقول هناك فرق بين كلام العارف الواصل فضلا عن الشيخ المربي وبين كلام غيره من المحجوبين الذين منهم العبد الفقير والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: " حقيقة التصوف " من مذاكرات سيدي فتحي السلامي
زيدونا سيدي من أمثال هذه المذاكرات....فنعم الكلام الرباني هو
تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it
تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it
Dalia Slah- عدد الرسائل : 59
العمر : 51
تاريخ التسجيل : 10/09/2018
رد: " حقيقة التصوف " من مذاكرات سيدي فتحي السلامي
الله الله
لو تثبت هذه المذاكرات يكون أفضل
( اللهم تبثها في قلوبنا قبلا)
لو تثبت هذه المذاكرات يكون أفضل
( اللهم تبثها في قلوبنا قبلا)
بلقيس- عدد الرسائل : 30
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 16/09/2018
مواضيع مماثلة
» ( إتحاف المريدين بشروط الورد والتلقين ) لسيدي فتحي السلامي
» مبحث الوارث المحمدي الكامل - من رسائل سيدي فتحي السلامي-
» " فدية الأحياء والأموات " لسيدي فتحي السلامي
» مذاكرة المشيخة ونص الإذن لسيدي فتحي السلامي
» رسالة " تحذير الإخوان من نسيان ذكر الرحمان " لسيدي فتحي السلامي
» مبحث الوارث المحمدي الكامل - من رسائل سيدي فتحي السلامي-
» " فدية الأحياء والأموات " لسيدي فتحي السلامي
» مذاكرة المشيخة ونص الإذن لسيدي فتحي السلامي
» رسالة " تحذير الإخوان من نسيان ذكر الرحمان " لسيدي فتحي السلامي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 22 أبريل 2024 - 13:50 من طرف شركة الخبرا
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب
» هدية اليوم
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس
» حكمة شاذلية
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس
» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
الإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس
» لم طال زمن المعركة هذه المرة
السبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس
» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
الجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس
» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
الإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس
» المدد
الأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس
» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس
» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
السبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس
» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
السبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي
» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
الثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس
» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
الإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان
» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس