ليس بعد الشوق غير وصال الذوق

من طرف **علي** السبت 6 يوليو 2019 - 23:47

قال قيس بن الملوح الشاعر المغرم الذائق الصادق رحمه الله تعالى :

أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى *** أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدار
وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي *** وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

وقال شاعر القوم الذائق من أنواع مشاريب المحاب حيث الرضاب :

متى يا كـرام الحيّ عيني تراكـم *** واسـمع من تلك الديار نداكـم
أمـر على الأبواب من غير حاجة *** لعلي أراكـم أو أرى من يراكـم

قال سيدي العارف شعيب أبو مدين الغوث الهائم الذائق الشارب من مشاريب المحبة الصادقة وقواديس الصفاء :

ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا ***هم السلاطين و السادات والأمرا

وقال في التنبيه عند التعريف بآداب صحبة سادات أهل الطريقة ومنابع أهل الحقيقة :

(  واستغنم الوقت واحضر دائما معهم *** واعلم بأن الرضا يختص من حضرا )
الشاهد قوله (  واعلم بأن الرضا يختص من حضرا )

وقال :
( متى أراهم وأنى لي برؤيتهم *** أو تسمع الأذن مني عنهم خبرا  )
يستبعد حصول ذلك له لعزّة أهل الطريقة

قال مجنون بني عامر وحق له في محبته الذوقية الصادقة الجنون :

( إن قطعوا رجلي جئت على الأخرى *** وإن قطعوا الأخرى حبوت وجئت )

قال العارفون : من ذاق عرف
...

واعلم بأن الرضا يختص من حضرا

هل تكرمونا سيدي ببعض مايجود به قلبكم عن معاني الحضور مع اهل الله وانواعه ؟ وهل هو جسدي وروحي أم يكفي الروحي عند تعذر الحضور الجسدي ؟
بارك الله بكم

من طرف **علي** الأحد 7 يوليو 2019 - 1:47

الشاذلي الحموي كتب:واعلم بأن الرضا يختص من حضرا
هل تكرمونا سيدي ببعض مايجود به قلبكم عن معاني الحضور مع اهل الله وانواعه ؟ وهل هو جسدي وروحي أم يكفي الروحي عند تعذر الحضور الجسدي ؟
بارك الله بكم

الحضور مع أهل الله هو فرع عن الحضور مع الله تعالى لأنّ اجتماع الإخوان على ذكر الله تعالى ومحبته وطلب رضاه هو عين الوصلة بالله تعالى
لذلك قال ( واعلم بأن الرضا يختص من حضرا ) فذكر رضا الله عن العبد يكون خاصة لأهل الإجتماع على ذكر الله تعالى كما ورد في الحديث القدسي ( وَجَبَتْ مَحبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فيَّ والمُتَجالِسِينَ فيَّ وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ وَالمُتَباذِلِينَ فيَّ )
بينما الذي لا يحضر لا يختص بالرضا الرباني كما يختص به أهل الحضور

الحضور نوعان : بدني وقلبي والمعتبر الحضور القلبي لا مجرد الحضور البدني بينما الكمال في الجمع بينهما لأنهما يمثلان الشريعة والحقيقة متى علمت أن الله تعالى خلق جسد العبد وبدنه لجريان أحكام الشريعة بينما خلق قلبه لسريان أنوار الطريقة وخلق الروح فيه لمعرفة أسرار الحقيقة
فهناك الحضور البدني الذي لا عبرة به متى كان منفصلا عن الحضور القلبي كأن يكون الجسم في واد بينما القلب في واد آخر غافلا تماما

كنت مرة في زاوية التيجانية بمدينة القاهرة حضرت معهم ذكر الوظيفة من أورادهم ثمّ بعد ذلك سمعت مقدمهم يقول لأحد عارفيهم رضوان الله عليهم جميعا مشيرا للعبد الفقير " لقد حضر معنا الوظيفة " ففهمت مراده آنذاك ومقصوده من معنى الحضور رغم كوني لا أحفظ وظيفة وردهم وإنما كنت أشاركهم نفس المجلس لا غير لكني كنت بقلبي معهم محبّا مصدقا راغبا

لذلك قال الناظم ( واستغنم الوقت واحضر دائما معهم ) أي استغنم جميع الأوقات بالحضور قلبيا معهم لأن أفراد عائلة المؤمنين لا ينفصلون عن بعضهم البعض كالجسد الواحد تجد أعضاءه في حضور دائم بين بعضها البعض ( إذا اشتكى منه عضو تداعى كامل الجسد للسهر والحمى )

الحضور في العموم مقام ضد الغفلة وهو في بدايته يكون مقام يقظة وانتباه بينما نهايته تكون نورا فلا يطلق حقيقة وصف الذكر إلا على الحاضر فكل حاضر ذاكر ولو كان ساكت اللسان لأن الحضور ذكر بل شرّع الذكر للوصول إلى حال الحضور فإذا حصل الحضور دام الذكر فلا ينقطع لأن شمس القلوب ليست تغيب وقد ورد تنام عيناي ولا ينام قلبي في الحديث الشريف لأن القلب متى شرع في ذكر الله تعالى وهو المعبر عنه باليقظة ثمّ الحضور يصبح لا يفتر عن الذكر دائما أبدا ولا ينقطع عنه أصلا بل لا حياة للقلوب إلا بذلك الذكر الذي هو الحضور مع المذكور

لذا نبه الناظم على ضرورة اغتنام سائر الأوقات على قدر الوسع للحضور معهم على وجه الدوام لأن الحضور مقام قلبي مناطه الدوام الذي لا انقطاع فيه وإنما يكون البدن بعد ذلك تابعا لا متبوعا ( أمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى *** أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدار )

لكن كما قيل " من لم يجد فليتواجد " من باب قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا قرأتم القرآن فابكوا فإذا لم تبكوا فتباكوا )

قال سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه في قصيد له ( أيها الحاضر اذكر وذاكر ) لأن صاحب الحضور يكون ذاكرا ضرورة ومن ثم يكون مذكرا كونه صاحب مدد وغيث القلوب ينهمل على قلبه وروحه في كل وقت وحين

الأصل في الحضور القلب فهذا بابه ولكن إذا لم يكن للعبد والمريد حظ من ذاك النوال فلا يترك على الأقل باب الإقبال ولو بتلثم الأعتاب والبحث عن أولائك الأحباب

والله أعلم وأحكم

الله الله بارك الله بكم سيدي

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30
31

ليس بعد الشوق غير وصال الذوق

ليس بعد الشوق غير وصال الذوق

رد: ليس بعد الشوق غير وصال الذوق

رد: ليس بعد الشوق غير وصال الذوق

رد: ليس بعد الشوق غير وصال الذوق