بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أبريل 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 |
أيها الولد المحب
صفحة 1 من اصل 1
أيها الولد المحب
بسم الله والصلاة والسلام على سيدى رسول الله
الحمدلله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله أجمعين.
اعلم أن واحدًا من الطلبة المتقدمين لازَمَ خدمة الشيخ الإمام زين الدين حجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي قدس الله روحه، واشتغل بالتحصيل وقراءة العلم عليه حتى جمع من دقائق العلوم، واستكمل من فضائل النفس، ثم إنه فكَّر يوما في حال نفسه وخطر على باله فقال: إني قرأت أنواعًا من العلوم، وصرفت رَيْعَانَ عمري على تعلمها وجمعها، فالآن ينبغي أن أعلم أي نوعها ينفعني غدًا ويؤانسني في قبري، وأيها لا ينفعني حتى أتركه؛ قال رسول الله >: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ».
فاستمرت له هذه الفكرة حتى كتب إلى حضرة الشيخ حجة الإسلام محمد الغزالي رحمة الله تعالى عليه استفتاء، وسأل عنه مسائل، والتمس منه نصيحةً ودعاء، وقال: وإن كان مصنفات الشيخ كـ«الإحياء» وغيره يشتمل على جواب مسائلي؛ لكن مقصودي أن يكتب الشيخ حاجتي في ورقات تكون معي مُدَّةَ حياتي وأعمل بما فيها مُدَّةَ عمري إن شاء الله تعالى.
فكتب الشيخ هذه الرسالة إليه في جوابه:
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 1 ] اعلم أيها الولد المحب العزيز أطال الله بقاءك بطاعته، وسلك بك سبيل أحبائه، أن منشور النصيحة يُكْتَبُ من مَعْدِنِ الرسالة عليه السلام، إن كان قد بلغك منه نصيحةٌ فأي حاجة لك في نصيحتي؟ وإن لم ببلغك فقل لي: ماذا حصَّلْتَ في هذه السنين الماضية؟!
[ 2 ] أيها الولد، من جملة ما نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته قوله: «عَلَامَةُ إِعْرَاضِ اللهِ عَنِ الْعَبْدِ اشْتِغَالُهُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وَإِنَّ امْرَأً ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ عُمُرِهِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ لَجَدِيرٌ أَنْ تَطُولَ عَلَيْهِ حَسْرَتُهُ، وَمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّارِ». وفي هذه النصيحة كفاية لأهل العلم.
[ 3 ] أيها الولد، النصيحة سهلة، والمُشْكِلُ قبولها؛ لأنها في مذاق مُتَّبِع الهوى مُرَّةٌ؛ إذ المَنَاهي محبوبة في قلوبهم، على الخصوص لمن كان طالبَ عِلمٍ مشتغلا في فضل النفس ومناقب الدنيا؛ فإنه يحسب أن العلم المجرَّد له سيكون نجاتُهُ وخَلاصُهُ فيه، وأنه مُستغنٍ عن العمل، وهذا اعتقاد الفلاسفة، سبحان الله العظيم! لا يعلم هذا القدر أنه حين حَصَّلَ العلمَ إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكَدَ، كما قال رسول الله >: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَا يَنْفَعُهُ اللهُ بِعِلْمِهِ».
وروي أن الجُنَيْدَ قدس الله سره رُئِيَ في المنام بعد موته، فقيل له: ما الخبر يا أبا القاسم؟ قال: طاحت تلك العبارات، وفنيت تلك الإشارات، وما نفعنا إلا رُكَيْعَاتٌ ركعناها في جوف الليل.
[ 4 ] أيها الولد، لا تكن من الأعمال مُفْلِسًا، ولا من الأحوال خاليًا، وتيقن أن العلم المجرَّد لا يأخُذُ اليَدَ، مثالُهُ: لو كان على رجل في بَرِّيَّةٍ عشرةُ أسيافٍ هندية مع أسلحة أخرى، وكان الرجل شجاعا وأهلَ حَرْبٍ، فَحَمَلَ عليه أسد عظيم مَهِيبٌ، فما ظنك؟ هل تدفع الأسلحة شره عنه بلا استعمالها وضَرْبِها؟ ومن المعلوم أنها لا تَدْفَعُ إلا بالتحريك والضرب، فكذا لو قرأ رجل مائةَ ألفِ مسألة علميةٍ وتعلَّمها ولم يعمل بها، لا تفيده إلا بالعمل.
ومثله أيضًا: لو كان لرجل حرارة ومرض صفراوي يكون علاجه بالسَّكَنْجَبِينِ والكَشْكَابِ فلا يَحْصُلُ البُرْءُ إلا باستعمالهما.
لو كِلْتَ أَلْفَيْ رَطْلِ خَمْرٍ لم تكن * لِتَصِيرَ نَشْوَانًا إذا لم تَشْرَبِ
ولو قرأتَ العلم مائة سنة، وجمعتَ ألف كتاب؛ لا تكون مُسْتَعِدًّا لرحمة الله تعالى إلا بالعمل ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾[النَّجم: 39]،﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾[الكهف: 110]، ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[التوبة: 82]،﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾[الكهف: 107-108]،﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾[مريم: 60].
وما تقول في هذا الحديث: «بُنِيَ الْإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»؟
والإيمانُ قولٌ باللسان، وتصديقٌ بالجَنَان، وعملٌ بالأركان.
ودليل الأعمال أكثر من أن يُحْصَى، وإن كان العبد يبلغ الجنة بفضل الله تعالى وكرمه؛ لكن بعد أن يَسْتَعِدَّ بطاعته وعبادته؛ لأن رحمة الله قريب من المحسنين. ولو قيل أيضًا: يبلغ بمجرد الإيمان. قلنا: نعم، لكن متى يبلغ؟ وكم من عقبة كئود ينتقلها إلى أن يصل؟ أول تلك العقبات عقبة الإيمان، وأنه هل يَسْلَمُ مِنْ سَلْبِ الإيمان أم لا؟ وإذا وصل يكون خائبا مُفْلِسًا.
وقال الحسن البصري: يقول الله تعالى لعباده يوم القيامة: ادخلوا يا عبادي الجنة برحمتي، واقتسموها بأعمالكم.
[ 5 ] أيها الولد، ما لم تعمل لم تجد الأجر، حُكِيَ أن رجلا من بني إسرائيل عَبَدَ اللهَ تعالى سبعين سنة، فأراد الله تعالى أن يجلوه على الملائكة، فأرسل الله إليه مَلَكًا يخبره أنه مع تلك العبادة لا يليق به دخول الجنة، فلما بلغه قال العابد: نحن خُلِقْنَا للعبادة، فينبغي لنا أن نعبده. فلما رجع الملك قال: إلهي، أنت أعلم بما قال. فقال الله تعالى: إذا هو لم يُعْرِضْ عن عبادتنا فنحن -مع الكرم- لا نعرض عنه، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا». وقال علي }: من ظن أنه بدون الجهد يَصِلُ فهو مستغن. وقال الحسن رحمه الله تعالى: طَلَبُ الجنة بلا عملٍ ذنبٌ من الذنوب. وقال: عَلَامَةُ الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْأَحْمَقُ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الْأَمَانِيَّ».
[ 6 ] أيها الولد، كم من ليلة أحييتَها بتَكْرار العلم ومطالعة الكتب وحرَّمْتَ على نفسك النوم، لا أعلم ما كان الباعثَ فيه؟ إن كان نَيْلَ عَرَضِ الدنيا وجَذْبَ حُطَامِهَا وتحصيل مناصبها، والمباهاةَ على الأقران والأمثال؛ فويل لك ثم ويل لك، وإن كان قصدُك فيه إحياءَ شريعة النبي صلى الله عليه وسلم،وتهذيبَ أخلاقك، وكَسْرَ النفسِ الأمارةِ بالسوء؛ فطوبى لك ثم طوبى لك. ولقد صدق من قال شعرًا: سَهَرُ العيون لغير وجهك ضائع * وبكاؤهن لغير فقدك باطلُ
[ 7 ] أيها الولد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مَجْزِيٌّ به.
ابو ضياء- عدد الرسائل : 205
العمر : 64
الموقع : لى بالحمى قوم عرفت بحبهم
العمل/الترفيه : انا الفقيراليكم والغنى بكم ** فليس لى بعدكم حرص على احد
المزاج : فى سليمى وهواها كم وكم ذابت قلوب
تاريخ التسجيل : 01/09/2012
مواضيع مماثلة
» المحبة بين الخالق والمخلوق
» أيها المدعي عشقنا ....
» هديتي موقع أيها المريد للشيخ الجفري
» "أيها السالك احذر من الدنيا وإلا فاتركنا!"
» "وأنت أيها الغافل تطلب الوصول إلى الله في ثياب حريرية"
» أيها المدعي عشقنا ....
» هديتي موقع أيها المريد للشيخ الجفري
» "أيها السالك احذر من الدنيا وإلا فاتركنا!"
» "وأنت أيها الغافل تطلب الوصول إلى الله في ثياب حريرية"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 22 أبريل 2024 - 13:50 من طرف شركة الخبرا
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب
» هدية اليوم
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس
» حكمة شاذلية
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس
» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
الإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس
» لم طال زمن المعركة هذه المرة
السبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس
» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
الجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس
» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
الإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس
» المدد
الأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس
» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس
» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
السبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس
» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
السبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي
» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
الثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس
» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
الإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان
» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس