بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
مارس 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
31 |
إلى والدي الحبيب رحمه الله تعالى
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
إلى والدي الحبيب رحمه الله تعالى
إلى والدي الحبيب رحمه الله :
أمّا بعد :
لي نسبة منك طاهرةوهي عندي وعندك ظاهرة لا تخفى على كلينا هناك حيث رحلت تاه في رثاك اشتياق روحي وحنان قلبي بعد أن كتمت حرّ وجدي ونيران أشواقي إليك يوم رحيلك وانتقالك من هذه الدنيا التي لم تأل جهدا في الزهد فيها فكنت نعم الرجل التقيّ الزاهد وإنّي أشهد أنكم كنتم آية من آيات الله في الطهر والعفاف وغاية الصبر الطويل مع التسليم والرضا حيث لم يكتب لي بكم اللقاء في هذه الحياة قبل سفركم الأبدي من هذه الدار وأنت في نظري كنتم ولازلتم سماء تقلّب وجه قلبي وروحي ..
رحلتم على حين غفلة منّي فلا تلومون تقصيري وعجزي فلا عذر لي في ساحة حقوقكم عليّ فسامحوني من باب كرم قلبكم وطيبة عفو روحكم .. يشهد الله أنّكم كنتم في وقت اشتداد ألم رفع الدرجات عليكم في أعماق روحي وسويداء قلبي فلا تسأل بعد ذلك عن حزني الذي كتمته بعد أن سكن بين الأحشاء والأضلع ..
والدي الحبيب :
غدا أرجو أن نلتقي هناك حيث العيش والطيش والهيام والغرام هناك موعدنا عند الكثيب حيث الغصن الرطيب وأنس كلّ حبيب أو ليس أنت من دعوت لي في كلّ وقت وحين بكلّ خير تقرّ به العين بعد أن بشرتني بنبأ رضاك عنّي وكم أعلمتني من مرّة وأخبرتني أنّك سامحتني في كلّ شيء لوجه الله تعالى فنعم القلب الطاهر أنت ولا أنسى ما صدر منك حيث أخذ بلبّ قلبي وطاش به عقلي من كريم تواضعك حيث كنت تطلب من أبنائك الرضا والسماح وأنت الوالد الودود السهل القريب فسامحني يا والدي إن كنا أحوجنا مشاعرك لأي شعور بتقصير أو احساس بذنب بل كنت نعم الأب والأخ والصديق والشيخ المربي والمعلم والأستاذ ..
والدي الحبيب :
لا جرم أنّك تعلم أنّ علاقتنا في الدنيا كانت علاقة قلوب وأرواح أكثر منها علاقة أجساد وأشباح فكان مخاطباتنا قلبية في مدينة الشعور والإحساس هناك حيث حضرة الإيناس ..
قبل انتقالك عنّا طلبت منك أن تسمعني بعض ما تيسّر من آيات الذكر الحكيم فتلوت على مسامعي فواتح سورة البقرة وآخر سورة الأعراف فكانت آخر عهد فيما بيننا وقد أخبرنا ممرضك في المشفى أنه لما دخل الى غرفة انعاشك في أيام استعدادك للرحيل عن هذه الدار أنه سمعك تتلو سورة الإخلاص فكنت يا والدي من أهل القرآن فما حببني في القرآن الكريم أحد مثلك فمازلت أذكر حين طفولتي وصباي كيفية أخذي عنك حفظ القرآن العظيم وكذلك اخوتي فجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير ..
إنك تجدني اليوم مكلوما ومهموما ومحزونا واشفقتي عليك عند معالجتك لسكرات الموت فوا كبدي عليك يا حناني ويا عطفي وكلنا صائر إلى ذلك ..
والدي الحبيب :
هل أخفيك ؟ أم أبديك ؟ فأحكي للطيور عن محاسن قصص مناقبك وأتلو نظم الشعور على الزهور مترنّما بصفاء فضائلك فسيرة حياتك ومسيرة صفاتك أعجوبة من أعاجيب هذا الزمان فما رمقت عيناي في عالم الولاية زاهدا بلغ تمام زهدك ولا صابرا استوفى مقام صبرك .. هل تذكر يا أبت كلّ شيء عن مسيرتك معنا ؟ فأنا أذكر من ذلك الكثير والكثير فكنت نعم الأب الصادق الوفي فجزاك الله عنك وعنا وعن المسلمين خيرا ..
لكأنّ حياتي عجّزت برحيلك فانقض جدار من معناها حيث كانت الأشائر تتوالى وكنت أرقبها بقلبي فحنانيك رفقا بقلبي ..
مازلت أذكر وصيتك الدائمة لي بإخوتي خيرا فجزاك الله عنهم خيرا كثيرا وإن تهت في عوالم الصفاء فما حدجت عيني في هذا الزمان أصفى قلبا منك ولا أكثر وجدا ورفقا بأمة خليلك سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ..
والدي الحبيب :
شاءت الأقدار أن تنتهي مسيرة رحلتنا في هذه الدارعلى هذا النحو وهذا الوجه في ذلك المكان وذاك الزمان وأرجو من الله تعالى الكريم مواصلة دوامها في دار القرار وإني اليوم لا أملك لك ثمّ لنفسي غير الدعاء فأرجو من الله تعالى أن يستجيب لكلينا ..
إنّ كتاب ذكرياتنا الجميل حافل بالأحداث بين حلو ومرّ وفرح وحزن ويسر وعسر وفقد ووجد فتلوّن كتابنا بألوان شتى خلال أيام دهرنا وإن كثيرا من أحوالك ما فهمتها إلا بعد أن طال بي العهد في الطريقة ووقفت على مقاصد أهل الحقيقة فأصبحت أردّ أعمالك إلى مقياس الطريق ودواعي من أحوالك إلى ميزان التحقيق فكانت مسيرتنا ذكرى خالدة جميلة قلّما يجود الزمان بمثلها فهي من القصص الحسن فجزاكم الله عني واخوتي وعن المسلمين خيرا ..
رحلت وتركتني حتى قتلني الحزن فقد كنت الحمى الذي به كنت أحتمي والسند الذي أستند إليه في محنتي فنم يا والدي فالمخاوف كلهنّ أمان ..
وإنّي أشهد أنك علمتنا القرآن ودللتنا على الإحسان وزهّدتنا في الدنيا بنور الصدق والإخلاص وما آليت جهدا في تمني السعادة لنا فشكرا لك على عواطفك النبيلة نحونا ..
إنّ ما يميّزك عن أبناء زمانك هو ربانيتك التي اجتباك الله تعالى فجزاك الله عني خيرا وعن اخوتي وكل المسلمين ..
أسأل الله تعالى لك يا أبت تمام الرضا والرضوان وأن يسكنكم الله تعالى الفردوس الأعلى من الجنّة وأن يلحقنا بكم غير خزايا ولا نادمين ولا فاتنين ولا مفتونين ولا مبدلين ولا مغيرين وأن يحشرنا جميعا مع سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين ..
.
أمّا بعد :
لي نسبة منك طاهرةوهي عندي وعندك ظاهرة لا تخفى على كلينا هناك حيث رحلت تاه في رثاك اشتياق روحي وحنان قلبي بعد أن كتمت حرّ وجدي ونيران أشواقي إليك يوم رحيلك وانتقالك من هذه الدنيا التي لم تأل جهدا في الزهد فيها فكنت نعم الرجل التقيّ الزاهد وإنّي أشهد أنكم كنتم آية من آيات الله في الطهر والعفاف وغاية الصبر الطويل مع التسليم والرضا حيث لم يكتب لي بكم اللقاء في هذه الحياة قبل سفركم الأبدي من هذه الدار وأنت في نظري كنتم ولازلتم سماء تقلّب وجه قلبي وروحي ..
رحلتم على حين غفلة منّي فلا تلومون تقصيري وعجزي فلا عذر لي في ساحة حقوقكم عليّ فسامحوني من باب كرم قلبكم وطيبة عفو روحكم .. يشهد الله أنّكم كنتم في وقت اشتداد ألم رفع الدرجات عليكم في أعماق روحي وسويداء قلبي فلا تسأل بعد ذلك عن حزني الذي كتمته بعد أن سكن بين الأحشاء والأضلع ..
والدي الحبيب :
غدا أرجو أن نلتقي هناك حيث العيش والطيش والهيام والغرام هناك موعدنا عند الكثيب حيث الغصن الرطيب وأنس كلّ حبيب أو ليس أنت من دعوت لي في كلّ وقت وحين بكلّ خير تقرّ به العين بعد أن بشرتني بنبأ رضاك عنّي وكم أعلمتني من مرّة وأخبرتني أنّك سامحتني في كلّ شيء لوجه الله تعالى فنعم القلب الطاهر أنت ولا أنسى ما صدر منك حيث أخذ بلبّ قلبي وطاش به عقلي من كريم تواضعك حيث كنت تطلب من أبنائك الرضا والسماح وأنت الوالد الودود السهل القريب فسامحني يا والدي إن كنا أحوجنا مشاعرك لأي شعور بتقصير أو احساس بذنب بل كنت نعم الأب والأخ والصديق والشيخ المربي والمعلم والأستاذ ..
والدي الحبيب :
لا جرم أنّك تعلم أنّ علاقتنا في الدنيا كانت علاقة قلوب وأرواح أكثر منها علاقة أجساد وأشباح فكان مخاطباتنا قلبية في مدينة الشعور والإحساس هناك حيث حضرة الإيناس ..
قبل انتقالك عنّا طلبت منك أن تسمعني بعض ما تيسّر من آيات الذكر الحكيم فتلوت على مسامعي فواتح سورة البقرة وآخر سورة الأعراف فكانت آخر عهد فيما بيننا وقد أخبرنا ممرضك في المشفى أنه لما دخل الى غرفة انعاشك في أيام استعدادك للرحيل عن هذه الدار أنه سمعك تتلو سورة الإخلاص فكنت يا والدي من أهل القرآن فما حببني في القرآن الكريم أحد مثلك فمازلت أذكر حين طفولتي وصباي كيفية أخذي عنك حفظ القرآن العظيم وكذلك اخوتي فجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير ..
إنك تجدني اليوم مكلوما ومهموما ومحزونا واشفقتي عليك عند معالجتك لسكرات الموت فوا كبدي عليك يا حناني ويا عطفي وكلنا صائر إلى ذلك ..
والدي الحبيب :
هل أخفيك ؟ أم أبديك ؟ فأحكي للطيور عن محاسن قصص مناقبك وأتلو نظم الشعور على الزهور مترنّما بصفاء فضائلك فسيرة حياتك ومسيرة صفاتك أعجوبة من أعاجيب هذا الزمان فما رمقت عيناي في عالم الولاية زاهدا بلغ تمام زهدك ولا صابرا استوفى مقام صبرك .. هل تذكر يا أبت كلّ شيء عن مسيرتك معنا ؟ فأنا أذكر من ذلك الكثير والكثير فكنت نعم الأب الصادق الوفي فجزاك الله عنك وعنا وعن المسلمين خيرا ..
لكأنّ حياتي عجّزت برحيلك فانقض جدار من معناها حيث كانت الأشائر تتوالى وكنت أرقبها بقلبي فحنانيك رفقا بقلبي ..
مازلت أذكر وصيتك الدائمة لي بإخوتي خيرا فجزاك الله عنهم خيرا كثيرا وإن تهت في عوالم الصفاء فما حدجت عيني في هذا الزمان أصفى قلبا منك ولا أكثر وجدا ورفقا بأمة خليلك سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ..
والدي الحبيب :
شاءت الأقدار أن تنتهي مسيرة رحلتنا في هذه الدارعلى هذا النحو وهذا الوجه في ذلك المكان وذاك الزمان وأرجو من الله تعالى الكريم مواصلة دوامها في دار القرار وإني اليوم لا أملك لك ثمّ لنفسي غير الدعاء فأرجو من الله تعالى أن يستجيب لكلينا ..
إنّ كتاب ذكرياتنا الجميل حافل بالأحداث بين حلو ومرّ وفرح وحزن ويسر وعسر وفقد ووجد فتلوّن كتابنا بألوان شتى خلال أيام دهرنا وإن كثيرا من أحوالك ما فهمتها إلا بعد أن طال بي العهد في الطريقة ووقفت على مقاصد أهل الحقيقة فأصبحت أردّ أعمالك إلى مقياس الطريق ودواعي من أحوالك إلى ميزان التحقيق فكانت مسيرتنا ذكرى خالدة جميلة قلّما يجود الزمان بمثلها فهي من القصص الحسن فجزاكم الله عني واخوتي وعن المسلمين خيرا ..
رحلت وتركتني حتى قتلني الحزن فقد كنت الحمى الذي به كنت أحتمي والسند الذي أستند إليه في محنتي فنم يا والدي فالمخاوف كلهنّ أمان ..
وإنّي أشهد أنك علمتنا القرآن ودللتنا على الإحسان وزهّدتنا في الدنيا بنور الصدق والإخلاص وما آليت جهدا في تمني السعادة لنا فشكرا لك على عواطفك النبيلة نحونا ..
إنّ ما يميّزك عن أبناء زمانك هو ربانيتك التي اجتباك الله تعالى فجزاك الله عني خيرا وعن اخوتي وكل المسلمين ..
أسأل الله تعالى لك يا أبت تمام الرضا والرضوان وأن يسكنكم الله تعالى الفردوس الأعلى من الجنّة وأن يلحقنا بكم غير خزايا ولا نادمين ولا فاتنين ولا مفتونين ولا مبدلين ولا مغيرين وأن يحشرنا جميعا مع سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين ..
.
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: إلى والدي الحبيب رحمه الله تعالى
رحمه الله ورفعه في أعلا عليين وجعلك وإيانا من جلساء الأحبة في هذه الدار وتلك الدار.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1545
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: إلى والدي الحبيب رحمه الله تعالى
اللهم آمين
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي الحبيب
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم سيدي الحبيب
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
مواضيع مماثلة
» نسأل الله تعالى
» والدي في ذمة الله
» حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل...
» ذكر الله تعالى
» التصوف في رأي ابن تيمية رحمه الله
» والدي في ذمة الله
» حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل...
» ذكر الله تعالى
» التصوف في رأي ابن تيمية رحمه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس
» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
السبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 5 مارس 2024 - 14:12 من طرف الطالب
» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
الثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس
» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
الإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان
» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس
» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الجمعة 23 فبراير 2024 - 15:20 من طرف أبو أويس
» ما بال أقوام يزعمون أن رحمي لا تنفع.
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:26 من طرف أبو أويس
» ما هى أسباب عدم الفتح على كثير من السالكين فى هذا الزمان ؟
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:19 من طرف أبو أويس
» من وصايا الشّيخ أحمد العلاوي للشّيخ محمّد المدني رضي الله عنها
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:16 من طرف أبو أويس
» لماذا وقع الإمام الجنيد مغشيا عليه
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:14 من طرف أبو أويس
» من كرامات الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه وقدس سره
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:11 من طرف أبو أويس
» إن اعتقاد الأشعري مسدد
الثلاثاء 13 فبراير 2024 - 20:08 من طرف أبو أويس
» اهيم وحدي
الجمعة 9 فبراير 2024 - 14:27 من طرف صالح الفطناسي
» السيد الرواس يصف الوهابية
الجمعة 26 يناير 2024 - 22:48 من طرف خادم السيد الرواس