هل انت أمّي المقام؟؟؟؟

الأمّي عند القوم من كان له حظ في الأمّية النبوية ،ولو كان عالما بسائر العلوم .الا ترى ان بعض العلماء قبل دخولهم في الطريق كانت لهم صولة وعناية عند الخلق وذلك كالشان والرفعة والرئاسة وحب الدنيا والمحمدة والافتخار بالعلم ،ولما تمسكوا بالطريق تبدلت احوالهم في اغلب الامور ؟
ويصير لهم حظ من الامية النبوية وتكون سيرتهم وسائر اوصافهم موافقة لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يكون امي المقام ،متذللا في عزه ،منخفضا في رفعته ،ضعيفا في قومه فقيرا في غنائه يفهم الدقائق الخفية ويستخرج المعاني السنية من الالفاظ وان كانت دنية .واما من لا يشم رائحة هذا المقام ،بما اصابه من ريح الزكام ،فلا يطمع ان يفهم دقائق العلوم ما دام بلجام القطيعة ملجوم ،ومن ملقاة اهل الله محروم .لانهم رضي الله عنهم قالوا:لا يفهم كلامنا الا من كان مثلنا هذه خلاصة تدل على ان علم القوم لا يتوقف على قرائة او اقتباس علوم ،وانما هو موهبة ربانية قال عز من قائل ((ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورانهدي به من نشاء))هذا قوله الامي

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
، ، ،
شكرا لك سيّدي نوري على التّطرّق إلى هذا الموضوع الحسّاس الّذي يتطلّب تدقيق النّظر وإصلاح بعض المفاهيم لتقويم المسيرة ..
وإنّي أنتهز الفرصة للإدلاء ببعض الآراء الّتي أرجو أن تلاقي منكم استحسانا ..
، ، ،
فقد بيّن الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم معنى الأمّيّة في حديثه عن عدّة رمضان حيث قال : " نحن أمّة أمّيّة لا تقرأ ولا تكتب .. والشّهر يكون هكذا وهكذا" وأشار بأصابعه إلى عدد 30 يوما و29 يوما..
، ، ،
وحيث أنّ المتصوّفة متّهمون بقلّة العلم وبالاعراض عنه وجب التّنويه بأنّ أقطاب التّصوّف حقّقوا الكمال في اكتساب العلوم الظّاهرة خاصّة منها العلوم الشّرعيّة وهو ما يدفع ويبطل تلك التّهمّ .. ومن علماء الصّوفيّة الأفذاذ الشّيخ الأكبر ابن عربي الحاتميّ وأحمد زرّوق وابن عجيبة والبوزيدي وأحمد العلوي .. وغيرهم كثير .. كلّهم تركوا آثارا تدلّ على سعة تحصيلهم العلميّ والشّرعيّ ...
، ، ،
فلا ينبغي لنا اليوم أن نتكلّم بما يوهم أنّ المتصوّفة يمجّدون الأمّيّة ويزهدون في العلم ويحتقرون أهله ... بل إنّ أكابر الصّوفيّة كانوا أساسا علماء .. ثمّ إنّهم لمّا اعتنقوا التّصوّف وسلكوا طريق الإحسان وفق تعاليمه وتوجيهاته منّ الله عليهم بـالمعرفة فصاروا من أهل الذّوق وآتاهم الله نور الكشف .. فمثلهم ، في حال اكتسابهم للعلوم الظّاهرة ، كمثل من بنى بيتا وجهّزه بالخيوط والفوانيس الكهربائيّة .. ثمّ بعد أن منّ الله عليهم بالمعرفة عن طريق سلوك التّصوّف ، صاروا كصاحب ذلك البيت المجهّز إذ يربط بيته بشبكة الكهرباء فاستنار بيته واشتغلت كلّ آلاته الكهربائيّة بما يجري في الخيوط من طاقة ..
، ، ،
وعليه فليست العبرة بالأمّيّة ، فإنّها ليست محمدة .. ولا كان للأمّيّة عند القوم من شأن .. فقد جعل الله نبيّه محمّدا صلّى الله عليه وسلّم أمّيّا وأقام برسالته الحجّة على أهل الكتاب لكي لا يتّهمونه بدراسة كتبهم وإعادة عرض علومهم ، وهو القائل" وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درستَ ونبيّنه لقوم يعلمون" ..
أمّا بالنّسبة للقوم ، فإنّ أكثرهم جمعا للعلوم الظّاهرة وأكثرهم تمكّنا في التّصوّف يكون ، بفضل الله وتوفيقه ، أكملهم تحقّقا وتمكّنا وأوسعهم معرفة .. وفي مثله قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : "العالم أمين الله في الأرض" وقال : "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ...
، ، ،
من هنا ، وجب على معشر الصّوفيّة ، أكثر من غيرهم ، أن يثنوا كلّ الثّناء على العلماء بما أثنى عليهم الله ورسوله .. ولا بدّ من تعظيم العلم مقابل الأمّيّة .. هذا ، على الرّغم من أنّنا نقرّ بأنّ مجرّد اكتساب العلم أمر ضروريّ ولكنّه ، عند القوم ، غير كاف .. ذلك أنّ مدار التّصوّف أبعد من أن يتوقّف على كمّ من العلوم المكتسبة أو على أمّيّة قانعة زاهدة ...
، ، ،
والله أعلم وأكرم ...

جزاكما الله خيرا ساداتنا نوري وسرّي خمّاري على هذه الإفادات

السلام عليكم
ما عبر عنه أخي نوري لا أظنه يتعارض عما كتبه أخي سري فهو لم ينف العلم أو طلبه
فها هو استفتح ب: (القوم من كان له حظ في الأمّية النبوية ،ولو كان عالما بسائر العلوم...)
فهو بالتالي يقصد أمّية أعظم وأعمق وإلاّ ما اتّصف بها الرسول عليه صلاة الله وسلامه وكانت له تشريفا ، وما كان له تشريفا يكون بالتبعية لكل من اتصف بها من أمته...
هذا ما فهمه العبد الضعيف والله أعلم.

قيل أن النبي الأمي مشتق من الأمة كقوله تعالى "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً"
و من كان له نصيب من محبة و متابعة النبي صلى الله عليه و سلم إلا و أصابه حظ من هذه الأمية

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
، ، ،
إنّ إثبات الأمّيّة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا ينبغي أن يقع تأويله بالنّظر إلى الأُمَّة كما ذهب إلى ذلك أخونا أبو مهدي لأنّ علمانيّين معاصرين زعموا هذا الزّعم ليشكّكوا في الوحي رغم أنّ الله تعالى ينفي صراحة عن نبيّه معرفة القراءة والكتابة حيث يقول : <<وكذلك نصرّف الآيات وليقولوا درستَ ولنبيّنه لقوم يعلمون>>(الانعام 105).
ونحن ، معشر المؤمنين ، علينا أن ننزّه الرّسول الكريم عن هذه الشّبهات .. فليست الأمّيّة محمدة إلاّ لرسول الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم من حيث هي إثبات لإلهيّة القرآن .. أمّا غير رسول الله ، فإن كان أمّيّا فلا يعتدّ برأيه ولا بقوله .. ولو اعتقد النّاس فيه أنّه مجذوب مكاشف بأسرار الحضرة العليّة لأنّ السّير الصّوفيّ وأحوال العارفين لا يتمّ تقييمها على ضوء الأمّيّة .. ثمّ إنّ من كان يقدر على القراءة والكتابة ، ولو في أبسط وأدنى الدّرجات ، لا يصحّ نعته بالأمّيّة ..
، ، ،
هذا ، حرصا منّا على حفظ الطّريق وأهله من شبهات الجهل والتّقوّل على الله ورسوله .. وإنّ الطّريق قد بني على أساس الكتاب والسّنّة لا على مزاعم أو كشوفات مناميّة يفترض أنّها صادقة .. فقد روي لنا أنّ شيخنا إسماعيل رضي الله عنه قال : "إنّ السّير في الطّريق ليس بالمنام" .. وبالتّالي ، فأحرى أن نقول أيضا: "إنّ السّير في طريق الله ليس بالأمّيّة" .. فمن هذا المنطلق حرصت على نفي الأمّيّة عن أهل الطّريق ..
، ، ،
وإذا ثبتت هذه الأمّيّة لأحد من أهل الطّريق على أيّ صورة كانت ، فهي تبقى من الأشياء الّتي تحفظ ولا يقاس عليها ولا ينبغي إشاعة الكلام فيها ، لأنّ الكلام فيها يورّث الإدّعاءات الّتي لا تقبل حجّة ، وما أكثر المدّعين .. ومن هنا ، كان ترك الحديث عنها أولى ...
، ، ،
فتح الله لنا ولكم فتوحات العارفين .. بمنّه وفضله .. إنّه هو ذو الفضل العظيم ..
، ، ،