بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الدواء الشافي للغرور لفقراء مولانا الشيخ اسماعيل الهادفي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الدواء الشافي للغرور لفقراء مولانا الشيخ اسماعيل الهادفي
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الشافي من العلل و مفرج الكروب و على آله و صحبه
قال سيدي سلطان حفظه الله في رد له مقتبس في 8 أبريل 2009 ردا على متسائل يقول :" ماهو علاج الغرور ؟"
بسم الله والحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله سيد المتواضعين ومخجل قلوب العارفين الذي
تتضاءل أمام أعماله أعمال العاملين، وعلى أتباعه المخلصين الذين ورثوا عنه
صلى الله عليه وسلم دوام شهود فضل المولى الكريم جعلنا الله منهم وإياكم
أجمعين.
أما بعد، فاستجابة لطلبكم النصح بشأن ما وصفتم من حالكم فإن
العبد الضعيف وإن كان لا يخلو مما ذكرتم بل أكثر بكثير، فإنه سيدلى بدلوه
اسداء للنصح عسى أن يكون ذلك سببا في نظر الله إليه نظر التحنن فينقذه مما
هو فيه مستفيدا مما من الله به عليه على لسان سادتنا المربين.
فأقول
أولا إن شكايتك من حالك دليل حرصك على مراقبة نفسك وخوفك من الغرور هو مظهر
الإخلاص فيك وهو بوابة العلاج إذ الوعي بالمرض أول خطوات العلاج .
ولما
كان الغرور أو العجب ناتجا عن شهود المرء لنفسه ونسبة الأعمال إليها،
وغفلته عن ربه صاحب الفضل والمنة فإن العلاج يكون بمعاملة النفس بنقيض ذلك
وهو استحضار نعمة الله على العبد بتوفيقه لتلك الأعمال فيطرد وهم نسبتها
إليها، ومما يعينه على ذلك النظر في أحوال وأعمال من هم أكثر منه عملا
واجتهادا ويتذكر تقصيره في جنب مولاه فإنه مهما أتقن وأخلص لن يبلغ حق
مولاه فيستحي من الإغترار بعمل تعتريه العيوب والنقائص، وانظر إلى الحبيب
صلى الله عليه وسلم حين سئل عن كثرة طاعاته مع أنه قد غفر له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، يقول أفلا أكون عبدا شكورا، ثم يعلمنا أن نختم الطاعات
بالإستغفار فإنه كان إذا انصرف من الصلاة استغفر الله ثلاثا، وانظر إلى
اعترافه صلى الله عليه وسلم لمولاه بالعجز عن توفية حقه فيقول: لا أحصي
ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فإذا هو عليه الصلاة والسلام بين اجتهاد
في أداء واجب الشكر وشهود للعجز عن أداء حق مولاه اللائق بجلاله واحسانه.
ثم
يلتفت إلى من لم يوفقوا إلى ما وفق إليه هو من الأعمال فيعلم أن الذي وفقه
دون غيره قادر على سلبه ورده على عقبه والعياذ بالله تعالى.
وبالجملة،
فالأمر بين اتهام النفس بالتقصير وشهود فضل الله على المرء. وإلا فالموضوع
مترامي الأطراف بعيد الغور، ومن أهم ما يقوي المرء على ذلك الإدمان على ذكر
الله فإنه يملأ القلب من جلال الله ويعرف النفس حقيقة قدرها.
والله أعلم.
رزقنا الله كمال الإخلاص وكمال الصدق في الحياء منه وحفظنا من السلب بعد العطاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال سيدي سلطان حفظه الله في رد له مقتبس في 8 أبريل 2009 ردا على متسائل يقول :" ماهو علاج الغرور ؟"
بسم الله والحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله سيد المتواضعين ومخجل قلوب العارفين الذي
تتضاءل أمام أعماله أعمال العاملين، وعلى أتباعه المخلصين الذين ورثوا عنه
صلى الله عليه وسلم دوام شهود فضل المولى الكريم جعلنا الله منهم وإياكم
أجمعين.
أما بعد، فاستجابة لطلبكم النصح بشأن ما وصفتم من حالكم فإن
العبد الضعيف وإن كان لا يخلو مما ذكرتم بل أكثر بكثير، فإنه سيدلى بدلوه
اسداء للنصح عسى أن يكون ذلك سببا في نظر الله إليه نظر التحنن فينقذه مما
هو فيه مستفيدا مما من الله به عليه على لسان سادتنا المربين.
فأقول
أولا إن شكايتك من حالك دليل حرصك على مراقبة نفسك وخوفك من الغرور هو مظهر
الإخلاص فيك وهو بوابة العلاج إذ الوعي بالمرض أول خطوات العلاج .
ولما
كان الغرور أو العجب ناتجا عن شهود المرء لنفسه ونسبة الأعمال إليها،
وغفلته عن ربه صاحب الفضل والمنة فإن العلاج يكون بمعاملة النفس بنقيض ذلك
وهو استحضار نعمة الله على العبد بتوفيقه لتلك الأعمال فيطرد وهم نسبتها
إليها، ومما يعينه على ذلك النظر في أحوال وأعمال من هم أكثر منه عملا
واجتهادا ويتذكر تقصيره في جنب مولاه فإنه مهما أتقن وأخلص لن يبلغ حق
مولاه فيستحي من الإغترار بعمل تعتريه العيوب والنقائص، وانظر إلى الحبيب
صلى الله عليه وسلم حين سئل عن كثرة طاعاته مع أنه قد غفر له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، يقول أفلا أكون عبدا شكورا، ثم يعلمنا أن نختم الطاعات
بالإستغفار فإنه كان إذا انصرف من الصلاة استغفر الله ثلاثا، وانظر إلى
اعترافه صلى الله عليه وسلم لمولاه بالعجز عن توفية حقه فيقول: لا أحصي
ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فإذا هو عليه الصلاة والسلام بين اجتهاد
في أداء واجب الشكر وشهود للعجز عن أداء حق مولاه اللائق بجلاله واحسانه.
ثم
يلتفت إلى من لم يوفقوا إلى ما وفق إليه هو من الأعمال فيعلم أن الذي وفقه
دون غيره قادر على سلبه ورده على عقبه والعياذ بالله تعالى.
وبالجملة،
فالأمر بين اتهام النفس بالتقصير وشهود فضل الله على المرء. وإلا فالموضوع
مترامي الأطراف بعيد الغور، ومن أهم ما يقوي المرء على ذلك الإدمان على ذكر
الله فإنه يملأ القلب من جلال الله ويعرف النفس حقيقة قدرها.
والله أعلم.
رزقنا الله كمال الإخلاص وكمال الصدق في الحياء منه وحفظنا من السلب بعد العطاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد الكريم- عدد الرسائل : 8
العمر : 51
تاريخ التسجيل : 18/12/2012
رد: الدواء الشافي للغرور لفقراء مولانا الشيخ اسماعيل الهادفي
و قال سيدي علي حفظه الله كذلك ردا على نفس السؤال في 10 أبريل 2009
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله الحليم العظيم
والصلاة والسلام على الهادي بإذن ربّه الى صراط العزيز الرحيم وعلى آله وصحبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فقد
شدّ إنتباهي السؤال الذي طرحه سيدي الفاضل بشير المحترم الذي لا يخصّه
وحده بل يخصّ هذا الفقير أيضا وقد إرتأيت أن أدلي بدلوي في الجواب علّ الله
تعالى يفرّج عنّي وعن غيري ممّا هو على حالتي :
قد إستفدت من الجواب الذي قدّمه مشكورا سيدي سلطان الحبيب والذي أوضح فيه خلاصة الأمر في هذا الموضوع .
أقول :
لا
بدّ أن يعلم كلّ فقير أن طريق السادة الصوفية هو مدرسة تخريج الأولياء وأن
الزوايا مصانع إنتاج الأصفياء النجباء وأن مشائخ التربية هم المشرفون على
هذا العمل بإجازاتهم وأذونهم التي تخوّلهم مباشرة هذا العمل والقيام به
أحسن قيام وعليه فلا بدّ لأي فقير من معالجة نفسه عند هؤلاء الأطبّاء الذين
يعلمون بتعليم الله لهم دسائس النفوس وكوامنها ومداخل الشيطان وحبائله
لأنهم يرون الأمر عيانا كما هو عليه من غير زيادة ولا نقصان وقد قالوا من
ليس له شيخ في طريق الله فشيخه الشيطان قال تعالى حاكيا قول إبليس لعنه
الله : ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) والصراط المستقيم هو طريق الإرادة
من غير ريب في ذلك ولا شكّ وعليه فالصوفيون هم أكثر الخلق عرضة لعداوة
إبليس لهم لذا نبّهنا الله تعالى الى ذلك بأوضح بيان في محكم التنزيل
وكذلك
دسائس النفس وخواطرها فهي مهلكة للفقير لأنها العدو اللدود الذي هو بين
جنبي الإنسان يعيش معه في كل نازلة وخاطرة تخطر له لذا كان عليه الصلاة
والسلام يستفتح كلّ خطبة بقوله ( نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات
أعمالنا ) فما ذكر غير شرّ النفس وسيء العمل رغم مكانته صلى الله عليه
وسلّم ورغم ما هو عليه من الصفاء والعلم والفهم والفناء والبقاء والنور
والصدق والعزم والحزم بل رغم جماعه لجميع مقامات القرب وأحوال الصدق بل
ورغم كتابة إسمه على العرش إلى ما هنالك من أنه سيّد ولد آدم ومن أنه أول
من تنشقّ عنه الأرض وأول من يدخل الجنّة بل ومفتاح الجنّة بيده وهو الذي
يفتحها ورغم أنه أكرم العالمين على الناس وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين
وسيّدهم بل ورغم إمامتهم بهم الى ما هنالك من الحقائق المحمدية والشمائل
النبوية ورغم هذا وذاك فكان يستفتح خطبته بقوله ( نعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيّئات أعمالنا ) وقد قال الله له ( يا أيها النبيّ إتق الله ) وقد
ورد أنه كان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله كلّ يوم سبعين مرّة وفي
رواية مائة مرّة
أما الملائكة فقد ورد أنهم يرفعون رؤوسهم يوم القيامة
فيقولون ( سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك ) رغم عصمتهم وعبادتهم التي لا
نهاية لكنهها قال تعالى في حقّهم ( لا يفترون ) أي عن الذكر والتسبيح
والتحميد والتمجيد
فالله تعالى يا أخي من حيث حقائق ربوبيته وعظمة
ألوهيته لا يحسن مخلوق في الوجود أن يعبده حقّ عبادته وهذا ظاهر في قول
الملائكة ( سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك ) قال تعالى ( وما قدروا الله حقّ
قدره )
أما الصالحون من آل البيت والصحابة فحدّث ولا حرج فإنهم لم
يبلغوا مبالغ النبيئين والمرسلين في العبادة والإخلاص والنور والصفاء
والعلم والفهم فكلّ منهم متّهم لتقصيره وقلّة حيائه من ربّه وبعده عنه قال
أستاذنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه في مرآة الذاكرين
( إلهي كم أذنبت وغفرت وعصيت وسترت )
ثمّ
إعلم أخي علّمني الله وإياك أن سيدي إبن عطاء الله السكندري رضي الله عنه
قد تكلّم في موضوع علل العبادات والمعاملات في كتابه الحكم وأوضح فيه كلّ
ما يخصّ الفقير ويحتاجه في السير والسلوك مع العلم بأنه لا يستغنى بكتاب
الحكم عن مصاحبة شيخ التربية أبدا أبدا لأن الكتب التي تشرح مراحل السير
غاية ما يناله منها الفقير البصيرة العلمية ولا ينال البصيرة اليقينية إلا
بصحبة المشائخ وهذا ما لا ريب فيه ولا محيد عنه وقد قيل ( والله ما أفلح من
أفلح إلا بصحبة من أفلح ) وممّا وقع لهذا الفقير في مستهلّ دعواه وشطحات
شيطانه وهواجس نفسه وسوء أدبها أنني كلّما ذهبت لأحد من العارفين بأمراض
النفس وعيوبها كان يرجعني الى معرفة قدري حتى أجزم في بعض الأحيان أنني من
أهل النار ووالله يا أخي لو تسألني الآن عن حالي لأقسمت لك بأنني من أهل
النار أعاذنا الله منها فمن نحن يا أخي حتى ندّعي الثبات على الطاعة
والعبادة فيدخلنا الغرور وبماذا نغترّ وعلى من نغترّ وهذا رسول الله صلى
الله عليه وسلّم يقول ( لن يدخل أحدكم الجنّة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول
الله قال ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله بواسع رحمته ) فأنظر قولهم ( ولا
أنت يا رسول الله ) لعلمهم بأنه صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى ( أول
العابدين ) لأنه ( رحمة للعالمين ) فأفهم
وقد قرأنا جميعا قصة ذلك الراهب الذي عبد الله تعالى ستمائة سنة ثمّ طلب من الله تعالى أن يدخل الجنة بعمله ...إلخ
فالغرور
بالثبات على الطاعة دليل على شهودها من النفس صادرة كما أبان سيدي سلطان
حفظه الله تعالى عن ذلك وقد قلت في شرح الحكم العطائية ( متى رأيت أعمالك
بالتي توصلك اليه , فلأنّك شهدتها من نفسك صادرة , وأنّها بكثرتها أضحت
عندك قادرة)
وقلت ( لو كان ما أورده عليك من التعرّف مقابلا لأعمالك ,
لما أورد عليك شيئا , اذ أن عملك صادر من لؤم أوصافك , وما أورده عليك من
جود أوصافه , وأين أوصافك من أوصافه حتى تكون الأعمال توصلك اليه , أو تقبل
في وصفها بين يديه )
وقلت (الأعمال متى سرت فيها أنوار محبّتك , وروح شكر نعمتك , جذبتها أوصافه اليه , وزيّنتها بنورها هديّة بين يديه )
الى
غير ذلك فأرجع إليه في محلّه كما أوصيك بالرجوع الى شرح الحكمة الأولى من
الحكم بشرح سيدي إبن عجيبة الحسني رضي الله عنه فقد أجاد في ذلك وأفاد
وبيّن غاية المراد وكذلك إقرأ شرح الحديث النبوي كشرح الإمام العسقلاني له
في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري الى غير ذلك من كتب أهل الله
والعلماء العاملون
بهذا وغيره تقلّ أعمالنا في نظرنا بما نراه من جلائل
الأعمال التي كان عليها الصالحون من الصحابة وغيرهم من العلماء والمجاهدون
والدعاة الى الله تعالى فأين نحن منهم حتى نغترّ بأعمال طاعاتنا وعباداتنا
فهم أولى بالغرور منّا في هذه الحالة وحاشاهم من ذلك لأن الغرور من صفات
النفس والشيطان ( والله لا يحب كلّ مختال فخور ) والموضوع في هذا الجانب
مترامي الأطراف كما قال سيدي سلطان الفاضل ولكن قيل سابقا ( عاش من عرف
قدره ووقف عند حدّه ونزل دونه )
أرجو أن أكون قد ساهمت في الإجابة بقدر
ما أنا عليه أيضا من ذلك الحديث النفسي عافانا الله من ذلك وحفظنا بما حفظ
به عباده الصالحين آمين آمين آمين يا رب العالمين
وصلى الله وسلم على الحبيب وآله
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله الحليم العظيم
والصلاة والسلام على الهادي بإذن ربّه الى صراط العزيز الرحيم وعلى آله وصحبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
فقد
شدّ إنتباهي السؤال الذي طرحه سيدي الفاضل بشير المحترم الذي لا يخصّه
وحده بل يخصّ هذا الفقير أيضا وقد إرتأيت أن أدلي بدلوي في الجواب علّ الله
تعالى يفرّج عنّي وعن غيري ممّا هو على حالتي :
قد إستفدت من الجواب الذي قدّمه مشكورا سيدي سلطان الحبيب والذي أوضح فيه خلاصة الأمر في هذا الموضوع .
أقول :
لا
بدّ أن يعلم كلّ فقير أن طريق السادة الصوفية هو مدرسة تخريج الأولياء وأن
الزوايا مصانع إنتاج الأصفياء النجباء وأن مشائخ التربية هم المشرفون على
هذا العمل بإجازاتهم وأذونهم التي تخوّلهم مباشرة هذا العمل والقيام به
أحسن قيام وعليه فلا بدّ لأي فقير من معالجة نفسه عند هؤلاء الأطبّاء الذين
يعلمون بتعليم الله لهم دسائس النفوس وكوامنها ومداخل الشيطان وحبائله
لأنهم يرون الأمر عيانا كما هو عليه من غير زيادة ولا نقصان وقد قالوا من
ليس له شيخ في طريق الله فشيخه الشيطان قال تعالى حاكيا قول إبليس لعنه
الله : ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) والصراط المستقيم هو طريق الإرادة
من غير ريب في ذلك ولا شكّ وعليه فالصوفيون هم أكثر الخلق عرضة لعداوة
إبليس لهم لذا نبّهنا الله تعالى الى ذلك بأوضح بيان في محكم التنزيل
وكذلك
دسائس النفس وخواطرها فهي مهلكة للفقير لأنها العدو اللدود الذي هو بين
جنبي الإنسان يعيش معه في كل نازلة وخاطرة تخطر له لذا كان عليه الصلاة
والسلام يستفتح كلّ خطبة بقوله ( نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات
أعمالنا ) فما ذكر غير شرّ النفس وسيء العمل رغم مكانته صلى الله عليه
وسلّم ورغم ما هو عليه من الصفاء والعلم والفهم والفناء والبقاء والنور
والصدق والعزم والحزم بل رغم جماعه لجميع مقامات القرب وأحوال الصدق بل
ورغم كتابة إسمه على العرش إلى ما هنالك من أنه سيّد ولد آدم ومن أنه أول
من تنشقّ عنه الأرض وأول من يدخل الجنّة بل ومفتاح الجنّة بيده وهو الذي
يفتحها ورغم أنه أكرم العالمين على الناس وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين
وسيّدهم بل ورغم إمامتهم بهم الى ما هنالك من الحقائق المحمدية والشمائل
النبوية ورغم هذا وذاك فكان يستفتح خطبته بقوله ( نعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيّئات أعمالنا ) وقد قال الله له ( يا أيها النبيّ إتق الله ) وقد
ورد أنه كان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله كلّ يوم سبعين مرّة وفي
رواية مائة مرّة
أما الملائكة فقد ورد أنهم يرفعون رؤوسهم يوم القيامة
فيقولون ( سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك ) رغم عصمتهم وعبادتهم التي لا
نهاية لكنهها قال تعالى في حقّهم ( لا يفترون ) أي عن الذكر والتسبيح
والتحميد والتمجيد
فالله تعالى يا أخي من حيث حقائق ربوبيته وعظمة
ألوهيته لا يحسن مخلوق في الوجود أن يعبده حقّ عبادته وهذا ظاهر في قول
الملائكة ( سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك ) قال تعالى ( وما قدروا الله حقّ
قدره )
أما الصالحون من آل البيت والصحابة فحدّث ولا حرج فإنهم لم
يبلغوا مبالغ النبيئين والمرسلين في العبادة والإخلاص والنور والصفاء
والعلم والفهم فكلّ منهم متّهم لتقصيره وقلّة حيائه من ربّه وبعده عنه قال
أستاذنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه في مرآة الذاكرين
( إلهي كم أذنبت وغفرت وعصيت وسترت )
ثمّ
إعلم أخي علّمني الله وإياك أن سيدي إبن عطاء الله السكندري رضي الله عنه
قد تكلّم في موضوع علل العبادات والمعاملات في كتابه الحكم وأوضح فيه كلّ
ما يخصّ الفقير ويحتاجه في السير والسلوك مع العلم بأنه لا يستغنى بكتاب
الحكم عن مصاحبة شيخ التربية أبدا أبدا لأن الكتب التي تشرح مراحل السير
غاية ما يناله منها الفقير البصيرة العلمية ولا ينال البصيرة اليقينية إلا
بصحبة المشائخ وهذا ما لا ريب فيه ولا محيد عنه وقد قيل ( والله ما أفلح من
أفلح إلا بصحبة من أفلح ) وممّا وقع لهذا الفقير في مستهلّ دعواه وشطحات
شيطانه وهواجس نفسه وسوء أدبها أنني كلّما ذهبت لأحد من العارفين بأمراض
النفس وعيوبها كان يرجعني الى معرفة قدري حتى أجزم في بعض الأحيان أنني من
أهل النار ووالله يا أخي لو تسألني الآن عن حالي لأقسمت لك بأنني من أهل
النار أعاذنا الله منها فمن نحن يا أخي حتى ندّعي الثبات على الطاعة
والعبادة فيدخلنا الغرور وبماذا نغترّ وعلى من نغترّ وهذا رسول الله صلى
الله عليه وسلّم يقول ( لن يدخل أحدكم الجنّة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول
الله قال ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله بواسع رحمته ) فأنظر قولهم ( ولا
أنت يا رسول الله ) لعلمهم بأنه صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى ( أول
العابدين ) لأنه ( رحمة للعالمين ) فأفهم
وقد قرأنا جميعا قصة ذلك الراهب الذي عبد الله تعالى ستمائة سنة ثمّ طلب من الله تعالى أن يدخل الجنة بعمله ...إلخ
فالغرور
بالثبات على الطاعة دليل على شهودها من النفس صادرة كما أبان سيدي سلطان
حفظه الله تعالى عن ذلك وقد قلت في شرح الحكم العطائية ( متى رأيت أعمالك
بالتي توصلك اليه , فلأنّك شهدتها من نفسك صادرة , وأنّها بكثرتها أضحت
عندك قادرة)
وقلت ( لو كان ما أورده عليك من التعرّف مقابلا لأعمالك ,
لما أورد عليك شيئا , اذ أن عملك صادر من لؤم أوصافك , وما أورده عليك من
جود أوصافه , وأين أوصافك من أوصافه حتى تكون الأعمال توصلك اليه , أو تقبل
في وصفها بين يديه )
وقلت (الأعمال متى سرت فيها أنوار محبّتك , وروح شكر نعمتك , جذبتها أوصافه اليه , وزيّنتها بنورها هديّة بين يديه )
الى
غير ذلك فأرجع إليه في محلّه كما أوصيك بالرجوع الى شرح الحكمة الأولى من
الحكم بشرح سيدي إبن عجيبة الحسني رضي الله عنه فقد أجاد في ذلك وأفاد
وبيّن غاية المراد وكذلك إقرأ شرح الحديث النبوي كشرح الإمام العسقلاني له
في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري الى غير ذلك من كتب أهل الله
والعلماء العاملون
بهذا وغيره تقلّ أعمالنا في نظرنا بما نراه من جلائل
الأعمال التي كان عليها الصالحون من الصحابة وغيرهم من العلماء والمجاهدون
والدعاة الى الله تعالى فأين نحن منهم حتى نغترّ بأعمال طاعاتنا وعباداتنا
فهم أولى بالغرور منّا في هذه الحالة وحاشاهم من ذلك لأن الغرور من صفات
النفس والشيطان ( والله لا يحب كلّ مختال فخور ) والموضوع في هذا الجانب
مترامي الأطراف كما قال سيدي سلطان الفاضل ولكن قيل سابقا ( عاش من عرف
قدره ووقف عند حدّه ونزل دونه )
أرجو أن أكون قد ساهمت في الإجابة بقدر
ما أنا عليه أيضا من ذلك الحديث النفسي عافانا الله من ذلك وحفظنا بما حفظ
به عباده الصالحين آمين آمين آمين يا رب العالمين
وصلى الله وسلم على الحبيب وآله
عبد الكريم- عدد الرسائل : 8
العمر : 51
تاريخ التسجيل : 18/12/2012
رد: الدواء الشافي للغرور لفقراء مولانا الشيخ اسماعيل الهادفي
اقتباس :
لا
بدّ أن يعلم كلّ فقير أن طريق السادة الصوفية هو مدرسة تخريج الأولياء وأن
الزوايا مصانع إنتاج الأصفياء النجباء وأن مشائخ التربية هم المشرفون على
هذا العمل بإجازاتهم وأذونهم التي تخوّلهم مباشرة هذا العمل والقيام به
أحسن قيام
....
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
لا
بدّ أن يعلم كلّ فقير أن طريق السادة الصوفية هو مدرسة تخريج الأولياء وأن
الزوايا مصانع إنتاج الأصفياء النجباء وأن مشائخ التربية هم المشرفون على
هذا العمل بإجازاتهم وأذونهم التي تخوّلهم مباشرة هذا العمل والقيام به
أحسن قيام
....
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
فراج يعقوب- عدد الرسائل : 184
العمر : 65
تاريخ التسجيل : 22/02/2011
مواضيع مماثلة
» مذاكرات سيدنا الشيخ اسماعيل الهادفي الصوتية
» ترجمة مولانا الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» فتاوى رمضانية لشيخنا الاستاذ الشيخ اسماعيل الهادفي
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
» من حكم مولانا الإمام إسماعيل الهادفي قدس الله روحه وطيب ثراه
» ترجمة مولانا الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» فتاوى رمضانية لشيخنا الاستاذ الشيخ اسماعيل الهادفي
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
» من حكم مولانا الإمام إسماعيل الهادفي قدس الله روحه وطيب ثراه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 13:27 من طرف الطالب
» تصحيح مفاهيم حول مشيخة التربية والإرشاد
اليوم في 9:17 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
اليوم في 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس