موضوع عن ( الهديّة ) في الإسلام

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه

الصدقة ( الزكاة ) وما تابعها من عالم مقام الإسلام وهو الركن الأوّل من الدين , أمّا ( الإنفاق ) فهو من مقام الإيمان , وأمّا ( الهدية ) فهي من عالم الإحسان

فمن اعتنى بالزكاة فهو مسلم مؤمن ومن اعتنى بالإنفاق فهو مؤمن موقن ومن اعتنى بالهدية فهو موقن محسن ولو كان هؤلاء الأصناف الثلاثة من أهل الحجاب أمّا متى كانوا من أهل الكشف والوجود فحدّث عن البحر ولا حرج

فإنّ لكلّ مؤمن ذات وصفة ولا تصلح الذوات إلاّ بصلاح الصفات والعكس صحيح أيضا ولا بدّ فإنّ تعلّق الدين بتمامه كان في مجال الصفات فمن اخترق الصفات ( أعني يستوفي آدابها حالا ومقاما ) وصل إلى الذات لأنّ الوصف لا يدلّ إلاّ على الموصوف فمتى ما لم يدلّك الوصف على الموصوف فقد أخطأت الطريق من أوّل قدم فإنّ أوحال التوحيد مجالها صفاتي وليس ذاتي وهنا أخطأ المعتزلة أصحاب دعوى العقول وأخطأ من كان ضعيف عقل من أهل الشهود فافهم

الدين أتانا من عالم الإحسان إذن فهو هدية قال عليه الصلاة والسلام ( إنّما أنا رحمة مهداة ) فعلمنا هنا أنّ الهدية تسري فيها الرحمات فإذا علمت أنّ تلك الهدية هي ( حبيب الله وهي رحمة ) تعلم أنّ الهدية هي الرحمة والمحبّة وهذه كلّها من عالم الإحسان لذا قال الشيخ العلاوي واصفا رسول الله كما في قصيدته

التحقيقية (من حضرةِ القدس جئتا --- وأنــتَ فيـهـا لم تزل )

وكذلك الجود فهو إلى قسمين : جود بالذات وجود بالصفات فالله تعالى قد يجود عليك بصفاته وقد يجود عليك بذاته وكذلك منه سبحانه وتعالى فقد يجود عليك رسول الله عليه الصلاة والسلام بصفاته وإمّا بذاته وإمّا بذاته وصفاته وتلك النعمة المثلى وهي تمام النعمة المقول فيها في الآية الشريفة في حقّ سيّد الخلق عليه الصلاة والسلام ( وليتمّ نعمته عليك ) فما أتمّها عليك قيل لك ( وأمّا بنعمة ربّك فحدّث ) وكذلك الكرم فهو أمر زائد عن الجود والجود أمر زائد عن العطاء والعطاء أمر زائد عن الرزق ...إلخ فهناك حضرات جامعة وهناك حضرات منفردة وفي هذا تفصيل ...

فمتى علمت أنّ الدين جاءنا من عالم الإحسان طولبنا أن نتلّقاه في عالمه وإلاّ تكيّف هذا الإحسان بحسب صفاتنا وبحسب ذواتنا وعليه تعيّن وجود ثلاث مراتب وهي : وصف الإسلام , وصف الإيمان , وصف الإحسان

هذه مدخل وجيز إلى موضوع أعزم الكتابة فيه وهو موضوع ( الهديّة ومراتبها وأحوالها ومقاماتها وأهمّيتها في في دين الله تعالى ) من حيث مرتبة الإحسان وما غايتي في ذلك غير نشر العلم وبالله التوفيق ...

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31