كلام فى الاسلام

بسم الله الرّحمان الرّحيم

اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وأله و سلّم

أعلم أخي أنّ أركان ديننا الحنيف هي بمثابة السّماوات المحيطة بعضها ببعض، وأول أركانه الإسلام وهو السّماء الأولى الظّاهرة للعيان عمليّا على مستوى الجوارح و الأبدان ، و بها سمّي ديننا دين الإسلام. من باب إطلاق الجزء على الكلّ على مقتضى قوله سبحانه وتعالى: (اليومُ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينَا.) المائدة.3. ومن هنا وجب علينا فهم معنى الإسلام كدين يحتوي على ثلاثة أركان :[ إسلام ، إيمان ، و إحسان.] و الإسلام كركن عرّفه لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بقوله : { بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت.}الصّحيحين. وقال جلّ جلاله: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ).الحجرات.7. فهو صلّى الله عليه وسلّم فينا ، بهذه التّعاليم التّي جاءنا بها من المولى سبحانه و تعالى إن قمنا بها على الوجه المطلوب ، إقتداءً به في توجّهنا لله ، و بذلك نستوفي حقّ هذا الرّكن ونقطف ثماره. وقد نبّهنا سبحانه وتعالى حتّى لا توهمنا أنفسنا بلوغ سماء الايمان بدون مجاهدة في هذه الأنفس. فقال تعالى:(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ...)الحجرات.15.فبيّن لنا هنا سبحانه أنّ وراء سماء الإسلام سماء الإيمان في اتّجاه أكثر وضوحا و نورانيّة على مستوى القلوب وهي السّماء الثّانية. ولا يتمّ ولوج هذه السّماء إلّا بإخلاص النّية لله في الأعمال .عَنْ سيّدنا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،قَالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:[إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ]الصّحيحين. فإذا تخلّصت نفوسنا من المخالفات ، و كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوتنا في المعاملات ، وأفردنا وجهتنا لله في الطّاعات . يزيّن الله في قلوبنا الإيمان ويكرّه إلينا الكفر و الفسوق والعصيان، فنكون في سماء القلوب حقيقة لا توهّما. ثمّ نترقّى بعد ذلك في سماء الإيمان بما تقتضيه من مجاهدات سنأتي على ذكرها في محلّها. وهكذا حتّى بلوغ السّماء الثّالثة حيث يتجلّى ركن الإحسان.

أه