بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أبريل 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 |
آيات وإشارات من البحرالمديد لإبن عجيبة
صفحة 1 من اصل 1
آيات وإشارات من البحرالمديد لإبن عجيبة
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحِيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) سورة الحج
يا أيها الذين آمنوا تقربوا إليَّ بأنواع الطاعات وبالمسارعة إلى الخيرات، لعلكم تفوزون بمعرفة أسرار الذات وأنوار الصفات، وجاهدوا نفوسكم بأنواع المجاهدات، كي أجتبِيكم وأنزهكم في أسرار ذاتي، فإني قد اجتبيتكم قبل كونكم في أزل أزلي. وكأنه يشير إلى قوله: «لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به ... » الحديث.
والمأمورُ به من التقرب والمجاهدة قدر الاستطاعة، من غير تشديد ولا تعقيد، لقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حَرج) لأن مبني الشرع الكريم على السهولة، فالذي يتوصل إلى رضوانه أو صريح معرفته، لا يشترط أن يستغرق كنه إمكان العبد فيه. «لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك ومحو دعاويك، لم تصل إليه أبداً، ولكن إذا أراد أن يُوصلك إليه غطى وصفك بوصفه، ونَعْتَكَ بنعته، فوصلك بما منه إليك، لا بما منك إليه» . كما في الحِكَم.
وقال الورتجبي: (وَما جَعَلَ..) الآية، أي: إذا شاهدتم مشاهد جمالي سهل عليكم فناؤكم في جلالي، وسهل عليكم بذل مهجكم إليه. ألا ترى كيف قال: (ملة أبيكم إبراهيم) ، ومن ملته: الاستسلام والانقياد، وبذل الوجوه بنعت السخاء والكرم، يا أسباط خليلي، رأى أبوكم استعداد هذه المراتب الشريفة فيكم، قبل وجودكم بنور النبوة، فسماكم المسلمين، أي: منقادين بين يديَّ، عارفين بوحدانيتي. وفيما ذكرنا من أوصافكم، حبيبي شاهد عليكم، يعرف هذه الفضائل منكم، وهو بلغكم نشر فضائلي عليكم. ثم قال: اطلبوا الاعتصام مني، استعينوا لأقويكم في طاعتي. ثم قال: (فنعم المولى) حيث لا مولى غيره، (ونعم النصير) حيث لا يُخذل من نصره فإن الله عزيز ممتنع من نقائص النقص. قال جعفر في قوله: (حق جهاده) : ألاَّ تختارَ عليه شيئًا، كما لم يختر عليك لقوله: (هو اجتباكم) . هـ.
وقوله تعالى: (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ... ) الآية: أي: اجتباكم واختاركم وسماكم مسلمين، لتكونوا مرضيين عدولاً، تشهدون على الأمم، كما يشهد محمد صلى الله عليه وسلم عليكم ويزكيكم، فهو كقوله تعالى: جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ ... «1» الخ. وإذ قد خصكم بهذه الكرامة والأثرة فاعبدوه وثقوا به، ولا تطلبوا الولاية والنصرة إلا منه، فهو خير ولي وناصر، ومن كان الله تعالى مولاه وناصره فقد أفلح وفاز..
. وبالله التوفيق. وهو الهادي إلى سواء الطريق.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) سورة الحج
يا أيها الذين آمنوا تقربوا إليَّ بأنواع الطاعات وبالمسارعة إلى الخيرات، لعلكم تفوزون بمعرفة أسرار الذات وأنوار الصفات، وجاهدوا نفوسكم بأنواع المجاهدات، كي أجتبِيكم وأنزهكم في أسرار ذاتي، فإني قد اجتبيتكم قبل كونكم في أزل أزلي. وكأنه يشير إلى قوله: «لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به ... » الحديث.
والمأمورُ به من التقرب والمجاهدة قدر الاستطاعة، من غير تشديد ولا تعقيد، لقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حَرج) لأن مبني الشرع الكريم على السهولة، فالذي يتوصل إلى رضوانه أو صريح معرفته، لا يشترط أن يستغرق كنه إمكان العبد فيه. «لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك ومحو دعاويك، لم تصل إليه أبداً، ولكن إذا أراد أن يُوصلك إليه غطى وصفك بوصفه، ونَعْتَكَ بنعته، فوصلك بما منه إليك، لا بما منك إليه» . كما في الحِكَم.
وقال الورتجبي: (وَما جَعَلَ..) الآية، أي: إذا شاهدتم مشاهد جمالي سهل عليكم فناؤكم في جلالي، وسهل عليكم بذل مهجكم إليه. ألا ترى كيف قال: (ملة أبيكم إبراهيم) ، ومن ملته: الاستسلام والانقياد، وبذل الوجوه بنعت السخاء والكرم، يا أسباط خليلي، رأى أبوكم استعداد هذه المراتب الشريفة فيكم، قبل وجودكم بنور النبوة، فسماكم المسلمين، أي: منقادين بين يديَّ، عارفين بوحدانيتي. وفيما ذكرنا من أوصافكم، حبيبي شاهد عليكم، يعرف هذه الفضائل منكم، وهو بلغكم نشر فضائلي عليكم. ثم قال: اطلبوا الاعتصام مني، استعينوا لأقويكم في طاعتي. ثم قال: (فنعم المولى) حيث لا مولى غيره، (ونعم النصير) حيث لا يُخذل من نصره فإن الله عزيز ممتنع من نقائص النقص. قال جعفر في قوله: (حق جهاده) : ألاَّ تختارَ عليه شيئًا، كما لم يختر عليك لقوله: (هو اجتباكم) . هـ.
وقوله تعالى: (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ... ) الآية: أي: اجتباكم واختاركم وسماكم مسلمين، لتكونوا مرضيين عدولاً، تشهدون على الأمم، كما يشهد محمد صلى الله عليه وسلم عليكم ويزكيكم، فهو كقوله تعالى: جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ ... «1» الخ. وإذ قد خصكم بهذه الكرامة والأثرة فاعبدوه وثقوا به، ولا تطلبوا الولاية والنصرة إلا منه، فهو خير ولي وناصر، ومن كان الله تعالى مولاه وناصره فقد أفلح وفاز..
. وبالله التوفيق. وهو الهادي إلى سواء الطريق.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: آيات وإشارات من البحرالمديد لإبن عجيبة
أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) سورة النحل
إذا أشرق نورُ اليقين في صميم القلوب تحقق وقوع ما وعد الله به من أمر الغيوب، فصار الماضي آتياً، والمستقبل واقعًا. وفي الحكم: «لو أشرق نور اليقين في قلبك، لرأيت الآخرة أقرب من أن ترحل إليها، ولرأيت الدنيا وكسفَةُ الفناء ظاهرة عليها» . وكذلك المقادير المستقبلة والمواعيد الغيبية، كلها عند أهل اليقين محققة الوقوع، واجبة الحصول، ينتظرون وقوعها في مواقيتها، شيئًا فشيئًا، ويتلقونها بالمعرفة والأدب فإن كانت جلالية فبالرضى والتسليم، وإن كانت جمالية فبالحمد والشكر، هكذا نظرهم دائمًا إلى ما يبرُز من عنصر القدرة، ليس لهم وقت دون ما هم فيه، ولا أمل دون ما أقامهم الحق تعالى فيه، ليس لهم عن أنفسهم إخبار، ولا مع غير الله قرار، ولا يستعجلون ما تأخر وقوعه من أقداره، ولا يشركون مع الله في تدبيره واختياره. قد هجم عليهم اليقين، فهم، في عموم أوقاتهم، مستغرقون في شهود المحبوب، غائبون عن كل مرغوب ومطلوب، سوى شهود وجه المحبوب، جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه. آمين.
وسبب وجود هذا فى قلوبهم حياة روحهم بالإيمان التام، والمعرفة الكاملة، كما أبان ذلك الحق تعالى بقوله:
يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)
إذا أشرق نورُ اليقين في صميم القلوب تحقق وقوع ما وعد الله به من أمر الغيوب، فصار الماضي آتياً، والمستقبل واقعًا. وفي الحكم: «لو أشرق نور اليقين في قلبك، لرأيت الآخرة أقرب من أن ترحل إليها، ولرأيت الدنيا وكسفَةُ الفناء ظاهرة عليها» . وكذلك المقادير المستقبلة والمواعيد الغيبية، كلها عند أهل اليقين محققة الوقوع، واجبة الحصول، ينتظرون وقوعها في مواقيتها، شيئًا فشيئًا، ويتلقونها بالمعرفة والأدب فإن كانت جلالية فبالرضى والتسليم، وإن كانت جمالية فبالحمد والشكر، هكذا نظرهم دائمًا إلى ما يبرُز من عنصر القدرة، ليس لهم وقت دون ما هم فيه، ولا أمل دون ما أقامهم الحق تعالى فيه، ليس لهم عن أنفسهم إخبار، ولا مع غير الله قرار، ولا يستعجلون ما تأخر وقوعه من أقداره، ولا يشركون مع الله في تدبيره واختياره. قد هجم عليهم اليقين، فهم، في عموم أوقاتهم، مستغرقون في شهود المحبوب، غائبون عن كل مرغوب ومطلوب، سوى شهود وجه المحبوب، جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه. آمين.
وسبب وجود هذا فى قلوبهم حياة روحهم بالإيمان التام، والمعرفة الكاملة، كما أبان ذلك الحق تعالى بقوله:
يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2)
أبو أويس- عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: آيات وإشارات من البحرالمديد لإبن عجيبة
الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) سورة إ[إبراهيم
أخرج صلى الله عليه وسلم أمته من ظلمات عديدة إلى أنوار متعددة، أولها: ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والإسلام، ثم من ظلمة الجهل والتقليد إلى نور العلم والتحقيق، ثم من ظلمة الذنوب والمعاصي إلى نور التوبة والاستقامة، ثم من ظلمة الغفلة والبطالة إلى نور اليقظة والمجاهدة، ثم من ظلمة الحظوظ والشهوات إلى نور الزهد والعِفة، ثم من ظلمة رؤية الأسباب، والوقوف مع العوائد، إلى نور شهود المسبب، وخرق العوائد، ثم من ظلمة الوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات إلى نور شهود المعبود، ثم من ظلمة الوقوف مع حس الأكوان الظاهرة إلى شهود أسرار المعاني الباطنة، فيغيب عن الأكوان بشهود المكون. وهذا آخر ظلمة تبقى في النفس، فتصير حينئذٍ روحاً، وسراً من أسرار الله، ويصير صاحبها روحانياً ربانياً عارفاً بالله، ولا يبقى حينئذٍ إلا الترقي في شهود الأسرار ابداً سرمداً. وهذا محل القطبانية والتهيؤ للتربية النبوية، ويصير ولياً محمدياً، يُخرج الناس من هذه الظلمات إلى هذه الأنوار.
وأما من لم يبلغ هذا المقام، فإنما له الإخراج من أحد هذه الأشياء فالغزاة والمجاهدون يُخرجون من ظلمة الكفر إلى نورِ الإيمان، والعلماء يُخرجون من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعُباد والزهاد يُخْرِجونَ من صَحِبَهم من الذنوب إلى التوبة والاستقامة. وأما ما بقي من الظلمات فلا يُخْرج منها إلا الربانيون الروحانيون، أهل التربية النبوية، بإذن ربهم، يدلهم على صراط العزيز الحميد، الموصل إلى العز المديد. وويل لمن أنكر هؤلاء، واشتغل بمتابعة حظوظه وهواه، واستحبَّ حياة دنياه على أخراه، أولئك في ضلال عن حضرة الحق بعيد. وبالله التوفيق.
ولمَّا كان الإخراج من هذه الظلمات لا يكون إلا بالمقال والحال، بعث الله الرسل، وورثتهم من الأولياء الداعين إلى الله بلسان قومهم، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
أخرج صلى الله عليه وسلم أمته من ظلمات عديدة إلى أنوار متعددة، أولها: ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والإسلام، ثم من ظلمة الجهل والتقليد إلى نور العلم والتحقيق، ثم من ظلمة الذنوب والمعاصي إلى نور التوبة والاستقامة، ثم من ظلمة الغفلة والبطالة إلى نور اليقظة والمجاهدة، ثم من ظلمة الحظوظ والشهوات إلى نور الزهد والعِفة، ثم من ظلمة رؤية الأسباب، والوقوف مع العوائد، إلى نور شهود المسبب، وخرق العوائد، ثم من ظلمة الوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات إلى نور شهود المعبود، ثم من ظلمة الوقوف مع حس الأكوان الظاهرة إلى شهود أسرار المعاني الباطنة، فيغيب عن الأكوان بشهود المكون. وهذا آخر ظلمة تبقى في النفس، فتصير حينئذٍ روحاً، وسراً من أسرار الله، ويصير صاحبها روحانياً ربانياً عارفاً بالله، ولا يبقى حينئذٍ إلا الترقي في شهود الأسرار ابداً سرمداً. وهذا محل القطبانية والتهيؤ للتربية النبوية، ويصير ولياً محمدياً، يُخرج الناس من هذه الظلمات إلى هذه الأنوار.
وأما من لم يبلغ هذا المقام، فإنما له الإخراج من أحد هذه الأشياء فالغزاة والمجاهدون يُخرجون من ظلمة الكفر إلى نورِ الإيمان، والعلماء يُخرجون من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعُباد والزهاد يُخْرِجونَ من صَحِبَهم من الذنوب إلى التوبة والاستقامة. وأما ما بقي من الظلمات فلا يُخْرج منها إلا الربانيون الروحانيون، أهل التربية النبوية، بإذن ربهم، يدلهم على صراط العزيز الحميد، الموصل إلى العز المديد. وويل لمن أنكر هؤلاء، واشتغل بمتابعة حظوظه وهواه، واستحبَّ حياة دنياه على أخراه، أولئك في ضلال عن حضرة الحق بعيد. وبالله التوفيق.
ولمَّا كان الإخراج من هذه الظلمات لا يكون إلا بالمقال والحال، بعث الله الرسل، وورثتهم من الأولياء الداعين إلى الله بلسان قومهم، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
أبو أويس- عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: آيات وإشارات من البحرالمديد لإبن عجيبة
الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) سورة إ[إبراهيم
أخرج صلى الله عليه وسلم أمته من ظلمات عديدة إلى أنوار متعددة، أولها: ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والإسلام، ثم من ظلمة الجهل والتقليد إلى نور العلم والتحقيق، ثم من ظلمة الذنوب والمعاصي إلى نور التوبة والاستقامة، ثم من ظلمة الغفلة والبطالة إلى نور اليقظة والمجاهدة، ثم من ظلمة الحظوظ والشهوات إلى نور الزهد والعِفة، ثم من ظلمة رؤية الأسباب، والوقوف مع العوائد، إلى نور شهود المسبب، وخرق العوائد، ثم من ظلمة الوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات إلى نور شهود المعبود، ثم من ظلمة الوقوف مع حس الأكوان الظاهرة إلى شهود أسرار المعاني الباطنة، فيغيب عن الأكوان بشهود المكون. وهذا آخر ظلمة تبقى في النفس، فتصير حينئذٍ روحاً، وسراً من أسرار الله، ويصير صاحبها روحانياً ربانياً عارفاً بالله، ولا يبقى حينئذٍ إلا الترقي في شهود الأسرار ابداً سرمداً. وهذا محل القطبانية والتهيؤ للتربية النبوية، ويصير ولياً محمدياً، يُخرج الناس من هذه الظلمات إلى هذه الأنوار.
وأما من لم يبلغ هذا المقام، فإنما له الإخراج من أحد هذه الأشياء فالغزاة والمجاهدون يُخرجون من ظلمة الكفر إلى نورِ الإيمان، والعلماء يُخرجون من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعُباد والزهاد يُخْرِجونَ من صَحِبَهم من الذنوب إلى التوبة والاستقامة. وأما ما بقي من الظلمات فلا يُخْرج منها إلا الربانيون الروحانيون، أهل التربية النبوية، بإذن ربهم، يدلهم على صراط العزيز الحميد، الموصل إلى العز المديد. وويل لمن أنكر هؤلاء، واشتغل بمتابعة حظوظه وهواه، واستحبَّ حياة دنياه على أخراه، أولئك في ضلال عن حضرة الحق بعيد. وبالله التوفيق.
ولمَّا كان الإخراج من هذه الظلمات لا يكون إلا بالمقال والحال، بعث الله الرسل، وورثتهم من الأولياء الداعين إلى الله بلسان قومهم، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
أخرج صلى الله عليه وسلم أمته من ظلمات عديدة إلى أنوار متعددة، أولها: ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والإسلام، ثم من ظلمة الجهل والتقليد إلى نور العلم والتحقيق، ثم من ظلمة الذنوب والمعاصي إلى نور التوبة والاستقامة، ثم من ظلمة الغفلة والبطالة إلى نور اليقظة والمجاهدة، ثم من ظلمة الحظوظ والشهوات إلى نور الزهد والعِفة، ثم من ظلمة رؤية الأسباب، والوقوف مع العوائد، إلى نور شهود المسبب، وخرق العوائد، ثم من ظلمة الوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات إلى نور شهود المعبود، ثم من ظلمة الوقوف مع حس الأكوان الظاهرة إلى شهود أسرار المعاني الباطنة، فيغيب عن الأكوان بشهود المكون. وهذا آخر ظلمة تبقى في النفس، فتصير حينئذٍ روحاً، وسراً من أسرار الله، ويصير صاحبها روحانياً ربانياً عارفاً بالله، ولا يبقى حينئذٍ إلا الترقي في شهود الأسرار ابداً سرمداً. وهذا محل القطبانية والتهيؤ للتربية النبوية، ويصير ولياً محمدياً، يُخرج الناس من هذه الظلمات إلى هذه الأنوار.
وأما من لم يبلغ هذا المقام، فإنما له الإخراج من أحد هذه الأشياء فالغزاة والمجاهدون يُخرجون من ظلمة الكفر إلى نورِ الإيمان، والعلماء يُخرجون من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعُباد والزهاد يُخْرِجونَ من صَحِبَهم من الذنوب إلى التوبة والاستقامة. وأما ما بقي من الظلمات فلا يُخْرج منها إلا الربانيون الروحانيون، أهل التربية النبوية، بإذن ربهم، يدلهم على صراط العزيز الحميد، الموصل إلى العز المديد. وويل لمن أنكر هؤلاء، واشتغل بمتابعة حظوظه وهواه، واستحبَّ حياة دنياه على أخراه، أولئك في ضلال عن حضرة الحق بعيد. وبالله التوفيق.
ولمَّا كان الإخراج من هذه الظلمات لا يكون إلا بالمقال والحال، بعث الله الرسل، وورثتهم من الأولياء الداعين إلى الله بلسان قومهم، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
أبو أويس- عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
مواضيع مماثلة
» لإبن الفارض رضي الله عنه
» من ذاق طعم شراب القوم يدريه لإبن شهاب
» آيات من القرآن الكريم
» استرواحات في آيات قصّة أهل الكهف
» محاسن النباهة استرواح في آيات من سورة طه
» من ذاق طعم شراب القوم يدريه لإبن شهاب
» آيات من القرآن الكريم
» استرواحات في آيات قصّة أهل الكهف
» محاسن النباهة استرواح في آيات من سورة طه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 22 أبريل 2024 - 13:50 من طرف شركة الخبرا
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب
» هدية اليوم
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس
» حكمة شاذلية
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس
» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
الإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس
» لم طال زمن المعركة هذه المرة
السبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس
» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
الجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس
» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
الإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس
» المدد
الأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس
» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس
» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
السبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس
» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
السبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي
» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
الثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس
» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
الإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان
» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
الجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس