بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
التقوى والصدق والعلم والرحمة ..
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
التقوى والصدق والعلم والرحمة ..
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وأله
قال تعالى ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
حقيقة التقوى أن لا تطلب غير وجه الله تعالى ولا تريد غيره كما قال تعالى ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيء يريدون وجهه )
لهذا كان توجّههم إلى طلب الصادقين متحتّما هنا فبعد التقوى الحقيقية يصبح الفقير يبحث عن أهل تلك التقوى فلا يجدها في غير الصادقين من أمثاله
هذا كي تعلم أنّ التقوى الحقيقية تثمر لك الصدق الكامل الذي ما وضع على شيء إلا قصمه
فالصدق الحقيقي هو عدم طلب حظّ من الحظوظ فكلّ طالب حظّ ليس بصادق بل لا حظوظ عند الصادقين قال تعالى ( يوم يسأل الصادقين عن صدقهم ) وقال تعالى ( والصادقين والصادقات )
لأنّ الصدق من الأحوال فالصدق حال وليس مقام
قلت : النَفَس القرآني بحر عظيم قال تعالى ( ومن أصدق من الله قيلا ) قد يسأل سائل هل من استرواح في هذه الآية خلاف ما يتناقله أهل الظاهر فالجواب نعم فإذا علمت أن الصدق من العباد يكون في حقهم حالا ملازما في سيرهم إلى ربهم فإنّ الصدق من الله تعالى يكون في دلالة الخلق عليه من كلّ وجه وفي كلّ وجه فالصدق الرباني هو الدلالة على التوحيد المطلق فقوله تعالى ( ومن أصدق من الله قيلا ) أي ومن أصدق من الله تعالى في دلالة عباده وخلقه عليه كما قال تعالى ( ومن أصدق من الله حديثا ) فوضح أمران : صدق القيل وصدق الحديث أي صدق الدلالة على الألوهية ثمّ صدق العلم على الربوبية
لهذا قال تعالى في القرآن ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) أنظر كيف قرن بين صدقه سبحانه وبين عدم الإشراك به على نهج السلوك الإبراهيمي ( فافهم ) فها إنّي أعطيتك لمحة عن صدق الله تعالى من حيث دلالته على نفسه سبحانه فلم يدلّك على مقدار ذرّة أو أقلّ منها من غيره سبحانه بل ما دلّنا إلاّ عليه كما ورد ( قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا )
فإذا علمت هذا وفرّقت بين صدق الربوبية في مرتبة التعريف وبين صدق الألوهية في مرتبة التكليف تفهم قوله تعالى ( أنزله بعلمه ) أي القرآن أي علوم الربوبية وعلوم الألوهية فهي وإن كانت علما واحدا مجموعا إلاّ أنها ليست كذلك عند التفصيل رغم كون الأصل واحد
ثمّ بقي قوله : ( نزّله على قلبك ) كي يشعرك أنّ القرآن هو علم ( أنزله بعلمه ) ( الرحمان علّم القرآن ) فكان محلّ هذا العلم بصريح البيان هو القلب لقوله تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) وقوله سبحانه ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) فبيّن لك كون فقه العلم هو أمر قلبي ومن هنا بدأ أهل التربية والإرشاد في صقل هذا القلب وتزكيته حتى يتطهر كما قال صاحب الحكم من جنابة الغفلة عن الله تعالى التي هي جنابة القلب فلا تصح صلاة قلب جنب .. ومعنى الصحة هنا الوجود ..
ثمّ بقي بعد هذا أيضا : كون العلم لا يكون علما إلاّ بعد أن تسبقه الرحمة فهي دليله فكأنّ العلم هو عين الرحمة وأنّ الرحمة هي عين العلم لأنّهما ساريان كما قال تعالى ( وسعت كل شيء رحمة وعلما ) وكما قال تعالى في الأمر الخاص كون الرحمة سابقة للعلم في حق الخضر وهو قوله تعالى ( آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنّا علما ) فكانت الرحمة سباقة كما سبقت الغضب فلا يسبق الرحمة شيء لهذا كان عليه الصلاة والسلام سيّد السابقين لأنه ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) قال عليه السلام لجماعة من قريش أمر بقتلهم ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) أمّا عن رحمته فحدّث ولا حرج قال تعالى ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) لأنّ أهل الرحمة هم أهل الإيمان فكلما زادك إيمانك رحمة زاد علمك بالله تعالى
ثمّ بقي أيضا : كون العلم له وجهان : وجه للصدق ووجه للرحمة كما قال تعالى في حقّ العلم الذي له وجه إلى الصدق ( قال أنبئوني باسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) فلم يقل لهم ( إن كنتم عالمين كما يتطلبه في عرفنا السياق ) بل ناداهم هنا بإخراج الصدق لأنّ الكشف علم فمهما كان قاصرا كان علمك غير صادق فاختل ميزان حكمك لهذا لا يحكم في الكون غير الله تعالى في الحقيقة لا أمريكا ولا غيرها ( فافهم ) ولا يحكم في مصر غير الله تعالى ولا في تونس ...إلخ الكرة الأرضية بل العوالم العلوية والسفلية قال تعالى ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) في حكمته كما في حكمه وهذا من العلوم المصونة العليا التي لا يطع الله تعالى عليها إلاّ الأمناء من عباده فيسلمون الأمر له سبحانه لا إله إلا هو
أمّا وجه العلم المتعلّق بالرحمة فهو وجه علم الخضر كمثال نسوقه فكانت كشوفاته رحموتية أي تستلزم الرحمة بأهل الرحمة فحمى المساكين الذين يعملون في البحر والأبوين المؤمنين وكذلك كنز اليتيمين في المدينة جزاء صلاح أبيهما فتعلّق علمه بالتصريف حسب قانون الرحمة والإجتباء والحفظ فهو حكم باطني أي حكم حقيقة لأنّ حكم الحقيقة تعلقه رحموتي
فاجمتع الصدق وهو حال القصد والسير إلى الله تعالى ( يوم يسأل الصادقين عن صدقهم ) مع العلم وهو للأدب والتعريف أمّا الرحمة فهي جامعة لهما فمتى كنت رحيما فأكيد أنّك ستكون صادقا وعالما قال تعالى في حقّ الصدق في الأنبياء ( إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ) وقال في حق العلم ( خلق الإنسان علّمه البيان ) وقال ( إقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم )
فالتقوى طريق إلى الصدق والصدق طريق إلى العلم والعلم طريق إلى الرحمة فمن لم تؤدّه تقواه إلى الصدق فليست هي حقيقة التقوى التي أمرنا الله تعالى بها واشار إلى مكان وجودها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره ومن لم يؤدّه صدقه إلى نور العلم فهو صدق معلول رغم عزّة الصدق وقدسيته ومن لم يؤدّه علمه إلى الرحمة فهو ضيّق القلب عليم اللسان جاهل القلب لأنّ من سيمات ونعوت العلم الوسع وكذلك الرحمة من أوصافها الوسع لذا قال تعالى عن نفسه سبحانه ( وسع كل شيء رحمة وعلما )
فمن وسع علمه كثرت رحمته ومن وسعت رحمته كثر علمه لذا قال تعالى في حقّ سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلّم ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) أنظر قوله ( العالمين ) تفهم معنى وسع الرحمة لهذا قال عليه الصلاة والسلام ( إنّما أنا رحمة مهداة ) أنظر هذا القول منه كي تكون على خطاه قال شيخنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه وهو يجود بنفسه ( اللهم إنذي راض عن جميع أمّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ) أنظر هذا الأدب وهذه الرحمة التي لا مثيل لها في زماننا .. لهذا قال سيدي الإمام عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه كون الولي يوم القيامة يشفع في أعدائه قبل أحبابه
نعم لأنّها الفتوّة فسامح وقل قال حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم ( اعف عمّن ظلمك واعط من حرمك وصل من قطعك )
فبثّوا روح الدين في المسلمين وعلّموهم الحبّ والرحمة واللين فيما بينهم .. أوليس هكذا كان نبيّهم صلى الله عليه وسلّم وهو القائل ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
في بعض الأحيان يغضبني شخص فأهجره ثمّ أتذكّر قول الله تعالى ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وقال تعالى ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ )
فليس هناك في دين الله تعالى مكسب أعظم ولا أكبر من رحمتك وشفقتك على خلق الله تعالى حيوانا وإنسانا وحجرا ومدرا ... فإذا ظننت أن الشجر والحجر والحيوان لا يدرك فهذا لغلظ حجابك رغم أنّ نبينا صلى الله عليه وسلّم أخبرنا أن الحجر والشجر والمدر سيتكلم وليس فقط سيدرك من الذي وراءه
رايت مرّة رجلا يشتغل على حمار صغير لا يستطيع برأيي حمل كل تلك الحمولة من الماء وفي نفس الوقت تبادر الى خاطري كون ذلك الرجل يسترزق عليه وعلى عياله وما هي غير برهة من الزمن حتى سقط الحمار على الأرض ( مسكين ) بسبب ثقل الحمولة فإذ كأنّي اسمع استغاثة ذلك الحمار بمن حوله من هول ما هو فيه من عذاب وشقاء فقلت لصاحب الحمار : أنت تحمله ما لا يستطيع هذا حمل ثقيل عليه فكأني بذلك الحمار يسمع قولي ويفهم ما أقوله لذلك الرجل ..
فلا تبحث يا أخي فيك إلاّ عن مكمن الرحمة في ذاتك فاخرجها واهدها إلى خلق الله تعالى فقد ورد أن الراحمين يرحمهم الرحمان يوم القيامة .... فالرحمة الرحمة هي اساس كلّ شيء كلّ شيء .. فتصوّر رحمات الله يوم القيامة بخلقه حتى أن الكافر يطمع فيها وهو الآيس من رحمة الله تعالى والقانط منها ... فتصور ... كي تعلم أنّ مقامك حيث رحمتك بخلق الله تعالى ... فكيف بمن يقتل ويسفك الدماء ... من الطغاة والجبابرة ..
والله تعالى أعلم وأحكم ثمّ رسوله من بعده صلى الله عليه وسلّم
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: التقوى والصدق والعلم والرحمة ..
- أهل الرحمة هم أهل الإيمان فكلما زادك إيمانك رحمة زاد علمك بالله تعالى
أبو أويس- عدد الرسائل : 1576
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
مواضيع مماثلة
» إمامة التقوى وإمامة العلم
» لكي تبحر فى سعادة ليس لها ساحل اركب زورق التقوى وليكن ...
» حوار بين الحال والعلم
» الرحمة ... والعلم ... ( الرحمان علّم القرآن )
» لماذا يختلف أهل الحق والعلم في حين يتفق أهل الدنيا والغفلة..
» لكي تبحر فى سعادة ليس لها ساحل اركب زورق التقوى وليكن ...
» حوار بين الحال والعلم
» الرحمة ... والعلم ... ( الرحمان علّم القرآن )
» لماذا يختلف أهل الحق والعلم في حين يتفق أهل الدنيا والغفلة..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
أمس في 19:48 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 22:37 من طرف الطالب
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس