مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا
مواهب المنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» شركة المكنان" خدمات عالية الجودة في عزل خزانات في السعودية
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 22 أبريل 2024 - 13:50 من طرف شركة الخبرا

» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب

» هدية اليوم
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس

» حكمة شاذلية
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس

» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس

» لم طال زمن المعركة هذه المرة
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس

» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس

» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس

» المدد
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس

» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس

» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس

» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالسبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي

» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس

» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس

منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 

اليومية اليومية


سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

+9
الهادفي 2
محي الدين
منصور
عبد السّميع المدني
محمد
رضوان
عبدالله
alhadifi
أبو أويس
13 مشترك

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 14 أكتوبر 2010 - 21:22

الثّبات على المبدأ من أجلّ الصّفات في المريد
يقول شيخنا قدّس اللّه سرّه: ,,الثّبات على المبدأ من أجلّ الصّفات في المريد،،
ويقول:,,ليس المريد من تقرّبه نفحة وتبعده لفحة، إنّما المريد مريدا على كلّ حـال،،
السّائر في طريق اللّه كراكب البحر فهو بين مـدّ وجزر أو نقول بين جمال وجلال، وليس مريدا من إذا صادفه الجمال يطمئنّ به ويرتاح له ويسير وإذا لقـيه الجلال ينقبض ويرجع متقهقرا منهزما إلى الخلف والعياذ باللّه، فهذا لا يُطمأَنّ له لأنّ الجمال والجلال مجالي هذا الوجود على المريد وعلى غيره، وعلى الكافر والمؤمن سواء قال تعالى:{ولا تهنوا في اُبتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من اللّه ما لا يرجون وكان اللّه عليما حكيما} (104 النساء).
الفقير عبد للّه في سائر الأحوال وشأن العبد الصّادق أن يكون عبدا على كلّ حال سواء كان سيّده في جمال أو في جلال فهو دائما واقفا موقف العبودية والخضوع والـرّضاء فما يجري من اللّه فهو إحسان، وليس العبد من يأبق إن كان سيّده في جلال...
فالفقير دائما فقير سواء صادفه الخير أو الضّير. والعبد لا يفارق وصفه وهو العبودية .
أحد عبّاد بني إسرائيل طلب من سيّدنا موسى عليه السّلام أن يسأل اللّه عزّ وجلّ عن شأنه عنده هل هو مقبول عند اللّه أم لا؟ وبعد مدّة أعلمه سيّدنا موسى عليه السّلام أنّ اللّه قال له: ,,إعمل أو لا تعمل فإنّك من أهل النّار،، فما كان من هذا العابد إلاّ أن اجتهد في العبادة ليلا نهارا قائلا: ,,أنا عبده أحببت أم كرهت أمرت بالعبادة فلن أتخلّى عنها، واللّه سيّدي ومـولاي أحببت أم كرهت وله الإختيار في عبده يضعه أين يشاء وأحمد اللّه أنّي عشت على الطّاعة وغيري على المعصية والطّاعة خير من المعصية،،.
وبعد مدّة جاءه سيدنا موسى عليه السّلام وقال له: ,,أبشر فإنّ اللّه يقول لك: إعمل أو لا تعمل فإنّك من أهل الجنّة،،. وهذه فعلا هي العبودية الحقيقـية.
قالت السّيدة رابعة العدوية:
كلّهـم يـعبـدوك من خـوف نــار ويـرون النـّجـاة حـظّـا جزيـــلا
ليس لي في الجنان ولا النّار رأي أنـا لا أبـتـغي بحـبّـي بـديـــلا
وقال غيرها: فإن يثب فبمحض الفضل وإن يعذّب فبمحض العدل.
وربّ يوفّقنا للسّير المرضي ويجعلنا من الثّابتين على عبوديته في كلّ حال ومن الذين قال فيهم {إنّ الذين سبقت لهم مـنّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (101 الأنبياء)...آميـن.

أبو أويس

عدد الرسائل : 1553
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty اليد العليا خير من اليد السّفلى:

مُساهمة من طرف أبو أويس الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 21:34

اليد العليا خير من اليد السّفلى:

قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:’’اليد العليا خير من اليد السفلى فاليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة‘‘ (رواه البخاري)
على عهد مولانا الأستاذ إمامنا سيدي محمد المداني قدّس الله سرّه ومتّعنا وإيّاه بالنّظر الكريم كنّا في سياحة من سياحاتنا للزّاوية وكان الطّقس حارّا، خرج سيدنا الشيخ وقعد أمام الدار في الظّلّ والهواء بحري بارد، وكنّا معه مجموعة من الفقراء أذكر منهم سيدي عبد الرحمان النّيفر، فجلست بجانب سيدنا وبدأ يذاكر على آثار سادتنا وما عملوه في الزّاوية وكانت أمامنا بيت للسّيّارة فقال: هاته البيت أقامها فلان الفلاني (وذكر اسمه) على نفقته، وسيدي فلان الفلاني أقام باب الزاوية على نفقته وكان في ذلك التّاريخ بأربعين ألف، وآخر أقام قبو السّقيفة على نفقته، وعدّد ذكر آثار سادتنا الفقراء في الزّاوية.
فكلّمته بلغة القوم:سيدي ’’اليد العليا خير من اليد السّفلى‘‘وأقصد أنّ الزاوية تنفق الباقي ونحن ننفق الفاني. فأجابني: حتى اليد السّفلى عندها فضل ثم سكتنا، وبدأ حديث القلوب والأرواح بيني وبينه، قلت متسائلا: ما هو الفضل في اليد السفلى؟ فجاء الجواب: فضل اليد السّفلى حسن الاستعداد، وغصت أنا في حسن الاستعداد، فبما قدّمته من أعمال جليلة جعلت منها ذاتا مستعدّة للإمدادات الرّبّانية، يقول سادتنا الصوفية: ,,على قدر الاستعداد يكون الإمداد،،.
فإلى الآن وتلك المذاكرة تنفق على العبد الضعيف.
حسن الاستعداد طريق الإمداد.
حسن الاستعداد يجلب الإمداد.
ومثال لهذا: أحد يبيع الزيت الصّافي العال، وأتوا إليه جماعة لشراء الزيت، فالأول لاشيء معه، والثاني أتي بغربال، والثالث أتى بكيس ,,خيشة،، والرّابع أتى بـقارورة والخامس أتى بماعون خمسة لترات والسادس أتى ببرميل مئتي لتر.
فما هو موقف بائع الزيت أمام هؤلاء السّتّة الذين يريدون الزيت ؟
سيقول للأول أحضر آنية وتعالى أعطيك الزيت وللثاني غير معقول أعطيك الزيت في غربال وللثالث كذلك وربّما يوبّخه، وللبقية يعطيهم على قدر آنيتهم. ويأخذ كل واحد منهم على قدر استعداده.
فمنهم من يقف موقف التّوبيخ والإهانة ومنهم من يقف موقف الشكر والإحسان.
ماذا نستفيد من هاته المذاكرة؟
يدخل الناس لطريق القوم أفواجا ولكن كل منهم يأخذ على قدر استعداده، فالموزّع والمعطي والمتفضّل هو الله جل جلاله ويعطي لكل إنسان على حسب ما أهّله الله له، يقول صاحب الحكم رضي الله عنه :,, إذا فتـح لـك وجـهـة من الـتّعرّف فلا تـبـال معـهـا إن قـلّ عملـك فـإنّـه مـا فـتحـها لـك إلاّ وهو يريـد أن يتعرّف إليك، ألم تـعلم أنّ الـتّعرّف هـو مـورده عليك والأعمال أنت مـهديـها إليه وأين ما تـهديـه إليـه ممّا هـو مـورده عليك،،
فضل الله ليست له نهاية ولهذا يقولون: ,,إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك،،
جاءني فقير وهو سيدي علي الشّبيكي وسألته عن ذكره فوجدته ماشاء الله قطع أشواطا ويا لها من أشواط في فترة وجيزة تطول عند غيره فقلت له: بارك الله فيك هكذا هكذا وإلاّ فلا، هكذا الرجال وإلاّ بلاش...
وجاءني آخر من نفس البلد من عام 1967 إلى الثّمانينات وهو على حاله ودار لقمان على حالها وجاءني أخوه وقد أخذ الطريق من ثلاث سنوات فقط صافي مائة في المائة والحمد لله فهذا مستعدّ فعلا فأمدّه الله...
{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما} (147 النساء)
على قدر ستعداد الفقير يكون إمداده من العليم القدير.
جاءني مرّة سيدي إبراهيم السّوفي بصينية شاي صغيرة وزربية وقال: هذه لتشرب فيها الشاي وهذه لتجلس عليها، وعند إسئذانه قال لي: لاتنساني، فقلت له:( أنت عفريت وشاطر لأجل كتّفتني وجبتلي شاغلة أتفكّرك كلما أجلس على الزربية وكلما يضعوا الصينية أمامي وتقول لي لا تنساني؟ )
هذا كلّه ما جعلنا نتسابق، وسادتنا الفقراء كلّهم ليس فيهم أخير، وكل منهم يريد أن يركّز مكانته في قلب شيخه، وهذا ما جعلهم يقيمون المشاريع الخيرية على نفقتهم لتكون على حياة أو ممات صدقة جارية، وكل من رأى مصلحة قد جاء وقتها لا يستشير فيها شيخه فهي أوّلا وأخيرا إرضاء لله فضلا عن شيخه، لأنّ الزاوية ليست لمحمد المداني وإنّما لله ومن والاه، فهي إلى الآن للفقراء يذكرون فيها صاحب المنّ والعطاء وإن لم يأسّسوها وتبقى لأجيال لاحقة والحمد لله.
في سياحة من سياحاته رضي الله عنه مرّ بقابس ومنها جاء إلى توزر، كنت جالسا معه وحدي قال لي: سيدي الشيخ إسماعيل الفقراء حالهم عجيب في سياحتنا لقابس قال لي فلان: سيدي الشيخ لا يساعدنا سفرك على النّقل العام وأنت تعاني من أمراض شفاك الله منها تلزمك سيارة خاصة لسياحاتك وقضاء مصالحك، فقلت له: الزاوية غير مستعدّة لهذا والله يقدّرنا عليها، فقال: إنّا نترقّب الإذن منكم، قلت له: إنّكم مأذونون، وهنا قلت له: سيدي الشيخ أنا لا أسدّ الباب على إخواني فهذا سهمي ثمانون دينار، ولما رجع رضي الله عنه إلى الزاوية وجد السّيّارة من نوع تراكسيون مستعملة 5000 كيلومتر ب 350 دينار.
وجاء فلان الفلاني وقال: بيت السيارة على نفقتي. وفي منزل تميم قال سيدنا الشيخ رضي الله عنه: أنا ماذا أفعل بالسيارة ولا أعرف سياقتها... فتكلّم سيدي كيلاني اليزيدي وقال: لي أربعة أبناء مولدي وطاهر وعيسى... مولدي ميكانيكي وسائق ومن هذا التاريخ فإنّي وهبته للزاوية... ودخل إلى أمّه وقال لها: إنّي وهبت إبننا للزاوية، وأشتغل سيدي المولدي إلى بعد عامين من وفاة سيدي الشيخ رحمه الله في الزاوية.
وبالعملية هذه وأمثالها كل من نقش إسمه على مرآة قلب سيدنا الشيخ رضي الله عنه فهو في أعيننا وفي قلوبنا.
ليس العمل هو الموصّل ولكن فضل الله وعلى قدر الاستعداد يكون الإمداد.
’’إن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم‘‘(رواه الترمذي)
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ’’إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأشار بأصابعه إلى صدره‘‘(رواه مسلم) وقال صلى الله عليه وسلم: ’’لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال لا ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة‘‘(رواه البخاري).
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه قالت عائشة يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال: ’’يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا‘‘(رواه مسلم).
أي ليس قصدي المغفرة فقط إنّما ما أنعم الله عليّ من نعم عظيمة فأريد أن أقف موقف الشّاكر لأنعمه.
اللهـم فـيـنا ومـنّا قلـوب مستـعـدّة لتلقّي إمدادك، اللهـم وفّـقـنـا لـنكـون في استعداد تام لـتـلـقّي إمدادك بجاه رسـول الله صلى الله عليه وسلم...آميـــــــــن.
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو مهدي الثلاثاء 19 أكتوبر 2010 - 15:52

[كل من نقش إسمه على مرآة قلب سيدنا الشيخ رضي الله عنه فهو في أعيننا وفي قلوبنا/quote]
هنيئا لهم
اللهم اجعلنا ممن اطلعت عليهم بقلوب أوليائك فذكرتنا معهم بذكرك لهم
فنالنا من بركتهم و فضلهم سواء ان غبنا عنهم أو كنا بقربهم
اللهم اجعلنا بأحضانهم و في كنفهم
أبو مهدي
أبو مهدي

ذكر عدد الرسائل : 143
العمر : 49
الموقع : في كنف الحبيب
العمل/الترفيه : الصلاة على النبي
المزاج : اللهم امزجنا بحبك
تاريخ التسجيل : 25/12/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty قد أفلح من زكّاها

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 2 نوفمبر 2010 - 21:16

قد أفلح من زكّاها

   قال تعالى: {ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها} (10 الشمس)  هذا فيه صراحة وأنّ الفلاح يتوقّف على تزكية النفس {قد أفلح من زكّاها} وتزكيتها بمعنى تطهيرها {خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إنّ صلواتك سكن لهم والله سميع عليم} (103 التوبة)
    تهذيب النفس وتطهيرها من أنجاسها وكـفّها عن عوائـدها وآفـاتـها ذلك أساس الفلاح والنّجاح، وفي الحكم: ,,لولا ميادين النفوس ما تحقّق سير السّائرين،، وتصبح النّاس ((كِيفْ كِيفْ)) لولا تزكية النفوس ومغالبتها بالعمل بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم . وإذا كان هذا هو أصل النجاح وأساس الفلاح فعدم تزكية النفس وعدم السّعي الحثيث في سبيل مغالبتها على العمل بالكتاب والسّنّة هو أساس الخيبة وأصل الخسران والعياذ بالله.
والـنّاس قسمان قسم حرص على تهذيبها وهم الفائزون الفرحون برضوان الله، وقسم ترك نفسه وهواها وهم الخاسرون، لأنّ أوّل مراحل النفس تكون أمّارة بالسّوء لأنّها لم تروّض في ميادين الطاعة فهي في خضمّ دنيوي (هَايِـجْ مَايِـجْ).
     والذي تقتضيه حكمة الله عز وجل أنّ كل غريزة لها حكمة بالغة وتبدأ الغرائز في طلب مقتضياتها والنفس في بادىء الأمر تكون مفتونة في هذا الخضم ولا رادع يكفّها ويرجعها للجادّة وهي ميّالة بطبعها لشهواتها ورغباتها ولهذا كانت أمّارة بالسّوء، فإذا شرع  الإنسان في تطهيرها وتهذيبها تتحوّل إلى لـوّامة فـتلـوم صاحبها عندمـا يأتي المخالفة وفرق بين هذه وبـين التي تأمر بالمخالفة، ولهذا أقسم الله بها{ولا أقـسـم بالـنّفـس اللّـوّامـة} (2القيامة) لأنّها مشت خطوة في طريق الصّلاح والتّهذيب والتزكية فإذا واصل السير على هذا المنوال ومعاكستها فيما فيه الخير والصلاح تلبس جبّة ثالثة وتتحلّى باسم جديد ,,ملهمة،، {فألهمها فجورها وتقواها} فترى الخير خيرا فتتبعه وترى الشّرّ شرّا فتجتنبه، ثم تلبس جبّة رابعة وهي الطّمأنينة {يا أيتها النفس المطمئـنّة} فتطمئنّ للطّاعة وترتاح فيها وتواصل السير في هذا الطريق، وبعد الإلهام والركون للطّاعة والإطمأنان لا تجد حرجا في إتّباع الطّريق السّوي ويأتيها الخطاب الإلاهي {يا أيتها النفس المطمئـنّة إرجعي إلى ربّك راضية مرضية} (27 الفجر) حلّة خامسة وسادسة وهي راضية ومرضية، ثم كاملة وهي السابعة، وأين صاحب النفس الكاملة من صاحب النفس الأمّارة والذي قال فيه عز وجل:
{وإذا قيل له إتّق الله أخذته العـزّة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} (206البقرة)
ولهذا يقول البوصيري:
      وخالـف النفس والشيطان وأعصهما    وإن هـمـا مـحّضاك الـنّـصـح فاتّـهـم
فإنّها كالشيطان لا تأمر إلاّ بمنكر ولا تنهى إلاّ عن معروف، وفي بعض الأحيان تزيّن لك الطّاعة وهي تريد أن تخدعك، مثل ما وقع لسيدي محمد بن قويدر الذي زيّنت له نفسه طاعة الـتـّفـكّر وهو مستحب لتضرب بها فريضة العصر وتـؤخّرها عن وقـتهـا. ومثال ثاني في مجاهدة النفس الذي لا يأتي إلاّ بخير قصّة الصّحابي والرّاهب النصراني الذي يعلم المغيّبات.
فهذا الرّاهب المخبر بالمغيّبات سمع به أحد قوّاد جيش المسلمين وقال: أيكون هذا في غير دين الإسلام؟ فسأل عنه وتوجّه إليه وعند وقوفه أمام باب الصومعة التي يتعبّد فيها فتح له الرّاهب الباب وقال له: أنت فلان الفلاني جئت تسأل عن كذا وكذا؟  قال له: نعم، وبما وصلت لهذا العلم؟ فقال له الراهب: إنّي علمت أنّ النفس سبب كل بلاء وكل سوء مصير فعملت على مخالفتها، فكل ما يعرض عليّ أعرضه على نفسي وآخذ بعكس ما تريد، فهذا هو سـرّ  الإعلام بالمغـيّبات. فقال  له القائد: فإنّي أعرض عليك الدخول في الإسلام فما رأيك؟ فقال له الراهب: انتظرني قليلا، ثمّ دخل الصومعة وبعد قليل خرج وقال له: إنّي مستعدّ للدخول في الإسلام فقد عرضت على نفسي هذا العرض فرفضت وابتعدت، وها إنّي أخالفها وأدخل الإسلام، فانظروا إخواني نتائج مخالفة النفس والهوى فهو لا يؤدّي إلاّ للخير والسّلام.
وفي الحكم :,,أيّ علم لعالم يرضى عن نفسه وأيّ جهل لجاهل لا يرض عن نفسه،، فإذا لم يرض عليها بعُد عن طرق الشّرّ كلّها. أعظم زاد يتسلّح به الفقير في طريق الله هو مخالفة النفس ولهذا قال تعالى: {قد أفـلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها}    
   اللهم غلّبنا على أنفسنا ولا تسلّطها علينا طرفة عين.

تعقيبـا على المـذاكـرة قال رضي الله عنه :
  في بعض الأحيان نعيد المذاكرة العديد من المرّات لماذا؟
لأنّ في المجلس من هو في حاجة إليها، فالطبيب يأتيه المريض الأول فيعطيه الأنسلين مثلا ويأتيه المريض الثاني فيعطيه كذلك الأنسلين، فهل نقول أنّ هذا الطبيب ما عنده إلاّ هذا الدواء؟ طبعا لا، وإنّما المرض متشابه عند هاذين المريـضين .
لا أنسى مذاكرة ذاكرنيها سيدنا الشيخ رضي الله عنه في سياحة من سياحاتنا في آداب المريد ، (قصة سيدي أبو القاسم الجنيد مع الفقراء وشيخه) قال شيخه له حين سلّم عليه الفقراء من قيام :,,أدّبتهم آداب الملوك يا أبا القاسم،،  أي ملوك العناية.
قال شيخنا رضي الله عنه :,,آداب المريد عندنا لا توزن عليّ ولا نوزن عليك،،
        يــــأتــي مـقــيـّـد فـاني مـجـــرّد    مـن طـلـب يـرد يـرضى بـالـقـتــلا
لأنّـه أتى ليربـح ويسير مع من يسير لا ليلـقّط عيوب النّاس.
قال لي سيدي محمد المداني قدّس الله سرّه:,,يا سيدي إسماعيل لو كان الفقير اللّي يخالف نسقّطوه لا يبقى شيخ ولا فقراء حتى روحي نسقّطها لأنّي أخوهم بشر أخالف مثلهم، فكلنا بشر نخالف،،.
(إثر هذه المذاكرة وبعد خروج شيخنا رضي الله عنه وجدتُ أحد الفقراء المقيمين بالزّاوية يبكي فسألته عن ذلك فأجابني بأنّه اعترض بقلبه عن شيخنا في مذاكرته لأنّه أعادها مرّات في مدّة وجيزة  وأنّه المعني في ملحق المذاكرة بإنكاره هذا)


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الخميس 5 ديسمبر 2013 - 20:53 عدل 1 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty قيّدوا نعـم الله بـالشّكـر:

مُساهمة من طرف أبو أويس الجمعة 12 نوفمبر 2010 - 22:17



يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’قـيّــدوا نعـم اللـّـه بـالـشّــكـــر‘‘(رواه أبن أبي الدنيا والبيهقي)
نعم اللّـه على العباد لا تعــدّ ولا تـسـتـقـصى قال تعالى: {وإن تعـدّوا نعـمة اللـّـه لا تحصوها إنّ اللـّـه لغفور رحيـم} (18 النحل) قال شيخـنـا رضي الله عنه : ,, إن أردنا إحصاء نعمة واحدة لا نقـدّرها عـددا ولا مـددا،،
قال تعالى: {وإذ تـأذّن ربّـكم لئـن شكـرتم لأزيـدنّكم} (7 إبراهيم) أي وإذ أعلمكم ربّكم لئن شكرتم على الـنّعم لأزيـدنّـكم منها ولأديمـنّـها عليكم .
قال داود عليه السلام: ’’يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول ذكراً لك مني؟‘‘ فأوحى الله إليه:’’نعم الضفدع‘‘ وأنزل الله عز و جل : {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}(13 سبأ) قال رب كيف أطق شكرك و أنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر ثم تزيدني نعمة بعد نعمة فالنعمة منك يا رب و الشكر منك وكيف أطيق شكرك؟ قال : الآن عرفتني يا داود حق معرفتي. (رواه البيهقي).
فـما معنـى الـشّكـر؟

ليس الشّكر كاف بمجرّد قول الإنسان ,,الحمـد للّـه أو الشّكر للّـه،،لأنّ الشّكر ينقسم على ثلاثة أقسـام:
أولا: شكر اللّسان: وهو الثّناء على اللّـه بالجميل على ما أسدى من الجميل الإختياري لأنّ كلّ ما يعطينا هو بمحض الفضل والإختيار ,,لك الحمد مولانا على كلّ نعمة،،ومن جملة نعمائه قولك ,,الحمد للّـه،،.
ثانيا: شكر القلـب: هو رؤيـة النّعمـة من اللّـه وحـده وأنّه لا دخـل لأيّ كان في جلب موائد الإمتنان الإلاهي قال تعالى:{وما بكم من نعمة فمن اللّـه} (53 النحل) فشكرالقلب هو رؤية النّعمة من المنعم وحده وأن لا يراها من عند غيره، نعم توجـد وسـائـط فقد تأتي النّعم بواسطة زيد أو عمرو فنشكر اللـّه ونشكر الواسطة التي جاءت من طريقه وفي الحديث: ’’لا يشكر الله من لا يشكر الناس‘‘(رواه أبو داود). فقول أحدهم لمن أعطاه شيئا: ,,هاته ليس من عندك،،ما هذا الموقف وهذا الـرّدّ، هل هو قال لك: ,,هو من عندي،،؟ بل قل له:,,بارك اللّـه فيك ،، وتأخذها معتقـدا أنّها من اللـّه ومن شُكر المنعم شُكر الواسطة...
ثالثا: شكر الجـوارح: هو صرف النّعمة فيما خلقت له، خلق لك اللّـسان فهو نعمة منه وشكره حين تستعمله فيما خلقه اللـّـه له، خلقه للتّعبير على المقصود المباح وهو ترجمان القلب وخلقه لتعبده به من قراءة القرآن وذكر وتسبيح... وليس للسّبّ وسلب الأعراض والنّميمة والقذف وشهادة الزّور وقلب الحقائق... فهذا في غير ما خلق له، وكذلك جميع النّعم تجتهد فيما خلقها اللّـه لها الأذن لسماع القرآن والمواعظ ومجالس العلم... ليس لسماع المحرّمات... وكوكب الشّرق أو فتنة الشّرق... وخلق العينين لتدلّ بها الطّريق وتنظر بهما للعدوّ والصّديق وكتاب للّـه وفيما يحلّ لهما ليس للنّظر للمحرّم لأنّك تكون جاحدا للنّعم وصرفها في غير ما خلقت له قال تعالى: {قل للمؤمنين يغـضّوا من أبصارهم ويحفـظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنّ اللـّه خبير بما يصنعـون} (30 النور) وهكذا جميع الجوارح يصرفها فيما خلقت له ويصرفها عن كلّ محرّم، أعطاك المال مثلا لـتـسـتـعـيـن به على دينك ودنيـاك... وليس للـدّخول به في سـوق الظـّلام...
وفّقـنا اللــّـه وإيّاكم لشكره...آميــــن.


أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 16 نوفمبر 2010 - 22:12


التّشابه بين علاج الأرواح وعلاج الأبدان:

تذاكرنا مرة مذاكرة قلنا: يوجد تشابه كبير بين علاج الأبدان والأشباح وعلاج القلوب والأرواح، أو نقول كلّ ما في الطّبّ الجسماني له إشارات في الـطّبّ الـرّوحاني، بحيث أنّ المريض الجسمي يأتي للطبيب فيفحصه وبعد التثبّت من المرض يزوّده بشيئين وهما الحمية والدّواء.
الحمية:ليحول بين المرض وزيادته أو تأخير شفائه، فالذي يكوّن المرض أو يؤخّر الشفاء يُمنع لأنّه مضاد للمرض، ولأنّ كلّ ما يعوق في طريق العلاج تزيله الحمية.
الدّواء:يعطيه على حسب ما تقتضيه الحالة الصّحّيـة لإزالة المرض الحاصل بالبدن، ثم إنّ الطبيب بعد الوصفة وبيان كيفية الإستعمال يوكّل المريض إلى نفسه، لأنّ جسده أمانة عنده.
 فالمريض إذن له أربع حالات :
1 ــ يلازم الحمية ويستعمل الدواء على حسب وصفة الـطّبيب فهذا يشفى من مرضه بإذن الله.
2 ــ يلازم الحمية ولا يستعمل الدواء، فهذا لا يضمن له الشّفاء وإن كانت الحمية توقف الدّاء إلاّ أنّ المرض الموجود يبقى لعدم إستعمال الدّواء.
3 ــ يستعمل الدواء ولا يلازم الحمية ، فهذا كذلك لا يضمن له الشّفاء لأنّ ما يزيله الدّواء يجلبه الـتّهمّـج وعدم الـتّقيّد بالموانع فيبقى المرض.
4 ــ لا يستعمل الدواء ولا يلازم الحمية، فهذا يستفحل فيه المرض ويهلكه ويلقى حتفه.  
    وكذلك في الـطّـبّ الـرّوحـانـي أطباء القلوب يأتي لهم المرضى، فهل من دخل الطريق كان قبل ذلك غير مسلم؟  لا طبعا، فالدخول للطريق هو لشيء آخر، فالفقير جاء يشتكي من الحجاب الذي أعاقه عن مطالعة الغيوب وعن معرفة نفسه، وسببه مرض في نفسه ولكن لا يعرف ما هو هذا المرض ويلزمه لذلك شيخا يكشف له عن مرضه ويعطيه الحمية والدواء اللازمين، كمريض العينين فهو في النور ولكن لا يشعر به ولا يراه فهل أنّ النور غير موجود؟ لا طبعا، ولكن الخلل في البصر ويلزمه طبيب يحدّد له طبيعة المرض ويعطيه الحمية والدّواء اللاّزمين.
والإنسان في عالم عظيم ولكن لا يعرف منه القليل ولا الكثير لأنّه محجوب، والقلوب لها ثلاث حالات:
ـ حالة سلامة وصحّة كالبصر السليم ينظر للبعيد والقريب.
ـ حالة رمـد ينظر ولكن لا يحـدّق جيدا ولا يتحمّل النور السّاطع.
ـ حالة عمى تام لا يرى شيئا ممّا يحيط به {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (46 الحج).
  ومنشأ هذا المرض من المخالفات الشرعية، فمن وقت سنّ التكليف كل مخالفة تخلّف نكتة سوداء على مرآة القلب وبطول المدّة يتكوّن رواق أسود وهو المعبّر عنه بالرّان ,,كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون،،(14المطففين) وهذا المرض يُعطى له الحمية والدّواء :
الحمية: المعاهدة على  تقوى الله في السّرّ والعلانية قال e : ’’ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم‘‘(رواه مسلم)  
الدواء: وهو الـعلاج الذي يزيل الـرّان ويتمثّل في ذكر الله عز وجل قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب} (28 الرعد). {إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَا وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (45 العنكبوت)
فيُعطى من الأذكار ما يناسبه لأنّه خير صقال للأدواء القلبية كما قال شيخنا t .
 ذكر الإسم الأعظم يُعطى لعلاج الرّان الموجود وإزالته، فيتخيّر المريد أوقات الصّفاء كأوقات الفجر والسّحر حينما يكون غيرمتعلّق بشؤون الـدّنيا، ومكان صاف ليس فيه ما يشغل عن الذّكر، ليذكر وهو مستريح ولا يترك الخواطر لأنّها تحول بينه وبين المذكور جلّ وعلا.
          والــــذكــــر خــير صـقــــال مــن الـفـتــــن الـقـلـبـيــــــــة
والحاصل أنّ الفقير إن لازم الحميـة والدّواء وعمل بالتّوجيهات بحذافيرها كما وصف الطّبيب بدون زيادة أو نقصان وأنهى النـّقاط السوداء المتساقطة على مرآة القلب وذكر الإسم الأعظم على الـنّمط الذي شرحناه له تزول عنه كل الأغيار والحجب وتصبح المرآة صقيلة ويرى وجهه فيها كما هو  فيقول: ,,الحمــد لله،،قال رسول اللهe : ’’مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت‘‘(رواه البخاري)  ويصبح يسير في عالم النور. {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما} (147 النساء)
ـــ إن لم يلازم التقوى وهو يذكر فكل ما يزيله الذكر من الرّان يتجدّد بالمخالفات الشّرعية وبذلك تبقى دار لقمان على حالها، ولهذا لا يضمن له الـنّجاح.
ـــ  إن لازم التقوى ولم يذكر أو لا يصدق في الذّكر،الزيادة لا تكون ولكن الرّان موجود، فهذا فلا يضمن له كذلك الشّفاء، وإن كانت التّقوى تحول بينه وبين زيادة الـرّان ولكن لا يرفع عنه الحجاب لأنّه لا يذكر أو يذكر بالخواطر دون دفعها.
ـــ  وإن ترك الإثنين والعياذ بالله يبقى دائما فيخطر الطّمس والطّبع والختم.
فمن أراد الشّفاء والنجاح في طريق اللّه فليلازم التقوى في الظّاهر {تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود اللّه فأولئك هم الظّالمون} (229 البقرة). وفي الباطن وهي تقوى القلوب فلا يحسد ولا يتكبّر ولا يرائي ولا يحبّ الدنيا بقلبه، بحيث يحافظ على التقوى بجوارحه السبعة، ويذكر كما وصفنا له مع المواظبة على ذكر ما أوتيه من أسماء اللّه بجـدّ واُجتهاد وبانقطاع تامّ إلى اللّه عزّ وجلّ حتى لا يخطر على قلبه غيره، فبهذا إن شاء الله يصل لمرغوبه في أقرب الأوقات {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك} (79 النساء) الفقير حين يؤذن له بذكر الإسم الأعظم يذكر على الصّفة والصّيغة التي بــيـّـنّاها له ولا يسمح للخواطر أن تشغله عن الذكر بل ينقطع لله تعالى انقطاعا كلّيّا فيصبح سائرا ويحلى له الذكر ثم يتحوّل إلى الشوق والمحبّة إلى العشق، وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل:’’إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته ولذته في ذكري، فإذا جعلت بغيته ولذته في ذكري عشقني وعشقته فإذا عشقني وعشقته رفعت الحجاب فيما بيني وبينه، وصيرت ذلك تغالبا عليه، لايسهو إذا سها الناس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء، أولئك الأبطال حقا، أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض عقوبة أو عذابا، ذكرتهم فصرفت ذلك عنهم‘‘ (رواه المتقي الهندي)        ,,إنّ اللّه لا يدخل قلب إمرء حتّى يفرغ ممّا سواه،،
وقال تعالى:{وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين} (75 الأنعام) وتزول عن الفقير في هذا المقام الحجب الظلمانية ويصبح من الناس الذين فتح الله على بصائرهم وتنوّروا بنور الله حتى لا يروا معه غيرا...
اللهم اجعلنا منهم ووفّقنا جميعا للسّير الذي يرضي اللّه والرسول ولتطبيق ما أمرتنا به بحرمة رسولكe آميـــــــن.    
                                     










عدل سابقا من قبل أبو أويس في الثلاثاء 29 أبريل 2014 - 17:24 عدل 1 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف سرّي خمّاري الخميس 18 نوفمبر 2010 - 15:01

أبو أويس كتب:

التّشابه بين علاج الأرواح وعلاج الأبدان:

تذاكرنا مرّة مذاكرة قلنا: يوجد تشابه كبير بين علاج الأبدان والأشباح وعلاج القلوب والأرواح ، أو نقول كلّ ما في الطّبّ الجسماني له إشارات في الـطّبّ الـرّوحاني ، بحيث أنّ المريض الجسمي يأتي للطّبيب فيفحصه وبعد التثبّت من المرض يزوّده بشيئين وهما الحمية والدّواء.
- الحمية : ليحول بين المرض وزيادته أو تأخير شفائه. فالّذي يكوّن المرض أو يؤخّر الشّفاء يُمنع لأنّه مضادّ للمرض ولأنّ كلّ ما يعوق في طريق العلاج تزيله الحمية.
- الدّواء : يعطيه على حسب ما تقتضيه الحالة الصّحّيـّة لإزالة المرض الحاصل بالبدن ثمّ إنّ الطّبيب بعد الوصفة وبيان كيفيّة الاستعمال يُوكِلُ المريض إلى نفسه ، لأنّ جسده أمانةعنده.
فالمريض إذن له أربع حالات :
1 ــ يلازم الحمية ويستعمل الدّواء على حسب وصفة الـطّبيب. فهذا يشفى من مرضه بإذن الله.
2 ــ يلازم الحمية ولا يستعمل الدّواء. فهذا لا يضمن له الشّفاء. وإن كانت الحمية تُوقِفُ الدّاء ، إلاّ أنّ المرض الموجود يبقى لعدم استعمال الدّواء.
3 ــ يستعمل الدّواء ولا يلازم الحمية. فهذا ، كذلك ، لا يضمن له الشّفاء لأنّ ما يزيله الدّواء يجلبه الـتّهمّـج وعدم الـتّقيّد بالموانع فيبقى المرض.
4 ــ لا يستعمل الدّواء ولا يلازم الحمية. فهذا يستفحل فيه المرض ويهلكه ويلقى حتفه.
وكذلك في الـطّـبّ الـرّوحـانـي ، أطباء القلوب يأتي لهم المرضى. فهل من دخل الطّريق كان قبل ذلك غير مسلم؟ لا ، طبعا. فالدّخول للطّريق هو لشيء آخر. فالفقير جاء يشتكي من الحجاب الّذي أعاقه عن مطالعة الغيوب وعن معرفة نفسه. وسببه مرض في نفسه. ولكن ، لا يعرف ما هو هذا المرض. ويلزمه لذلك شيخ يكشف له عن مرضه ويعطيه الحمية والدّواء اللاّزمين. كمريض العينين ، فهو في النّور ولكن لا يشعر به ولا يراه فهل أنّ النّور غير موجود؟ لا ، طبعا. ولكنّ الخلل في البصر ويلزمه طبيب يحدّد له طبيعة المرض ويعطيه الحمية والدّواء اللاّزمين.
والإنسان في عالم عظيم. ولكن ، لا يعرف منه القليل ولا الكثير لأنّه محجوب. والقلوب لها ثلاث حالات :
ـ حالةسلامة وصحّة كالبصر السّليم ينظر للبعيد والقريب.
ـ حالة رمـد ينظر ولكن لا يحـدّق جيدا ولا يتحمّل النّور السّاطع.
ـ حالة عمى تام ، لا يرى شيئا ممّا يحيط به {فإنّها لا تعمىالأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} (46 الحجّ).
ومنشأ هذا المرض من المخالفات الشرعية. فمِن وقت سنّ التّكليف ، كلّ مخالفة تخلّف نكتة سوداء على مرآة القلب. وبطول المدّة يتكوّن رواق أسود. وهو المعبّر عنه بالرّان "كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوايكسبون"(14المففين) وهذا المرض يُعطى له الحمية والدّواء :
- الحمية : المعاهدة على تقوى الله في السّرّ والعلانية. قال :
"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. فإنما أهلك الّذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم"(رواه مسلم)
- الدّواء : وهو الـعلاج الّذي يزيل الـرّان ويتمثّل في ذكر الله عزّ وجلّ. قال تعالى: {الّذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب} (28 الرّعد). {إِنَّ الصَّلاَةَتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (45 العنكبوت)
فيُعطى من الأذكار ما يناسبه لأنّه خير صقال للأدواء القلبيّة كما قال شيخنا :
"ذكر الإسم الأعظم يُعطى لعلاج الرّان الموجود وإزالته". فيتخيّر المريد أوقات الصّفاء كأوقات الفجر والسّحر حينما يكون غيرمتعلّق بشؤون الـدّنيا ومكانًا صافيًا ليس فيه ما يشغل عن الذّكر ليذكر وهو مستريح ولا يترك الخواطر لأنّها تحول بينه وبين المذكور جلّ وعلا.
والـذّكــــر خــير صقــــال مـن الـفـتـــن الـقـلـبـيـّـــــة
والحاصل أنّ الفقير إن لازم الحميـة والدّواء وعمل بالتّوجيهات بحذافيرها كما وصف الطّبيبب دون زيادة أو نقصان وأنهى النـّقاط السّوداء المتساقطة على مرآة القلب وذكر الإسم الأعظم على الـنّمط الّذي شرحناه له ، تزول عنه كلّ الأغيار والحجب وتصبح المرآة صقيلةويرى وجهه فيها كما هو فيقول: ,,الحمــدلله،،قال رسول الله "مثل الّذي يذكر ربّه والّذي لا يذكر ربّه كمثل الحيّ والميّت"(رواه البخاري) ويصبح يسير في عالم النّور. {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما} (147 النّساء).
ـــ إن لم يلازم التّقوى وهو يذكر فكلّ ما يزيله الذّكر من الرّان يتجدّد بالمخالفات الشّرعية. وبذلك تبقى دار لقمان على حالها. ولهذا لا يضمن له الـنّجاح.
ـــ إن لازم التّقوى ولم يذكر أو لا يصدق في الذّكر ، الزّيادة لا تكون. ولكنّ الرّان موجود. فهذا لا يضمن له كذلك الشّفاء وإن كانت التّقوى تحول بينه وبين زيادة الـرّان ، ولكن ، لا يرفع عنه الحجاب لأنّه لا يذكر أو يذكر بالخواطر دون دفعها.
ـــ وإن ترك الإثنين ، والعياذ بالله ، يبقى دائما فيخطر الطّمس والطّبع والختم.
فمن أراد الشّفاء والنّجاح في طريق اللّه فليلازم التّقوى في الظّاهر {تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود اللّه فأولئك هم الظّالمون}(229 البقرة).وفي الباطن ، وهي تقوى القلوب ، فلايحسد ولا يتكبّر ولا يرائي ولا يحبّ الدّنيا بقلبه ، بحيث يحافظ على التّقوى بجوارحه السّبع ، ويذكر كما وصفنا له مع المواظبة على ذكر ما أوتيه من أسماء اللّه بجـدّ واُجتهاد وبانقطاع تامّ إلى اللّه عزّ وجلّ حتّى لا يخطر على قلبه غيره. فبهذا ، إن شاء الله ، يصل لمرغوبه في أقرب الأوقات {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك} (79 النساء). الفقير حين يؤذن له بذكر الإسم الأعظم يذكر على الصّفة والصّيغة الّتي بــيـّـنّاها له ولا يسمح للخواطر أن تشغله عن الذّكر ، بل ينقطع لله تعالى انقطاعا كلّيّا فيصبح سائرا ويحلو له الذكر ثم يتحوّل إلى الشّوق ومن المحبّة إلى العشق. وفي الحديث القدسي ، يقول الله عزّ وجلّ: "إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلتُ بغيته ولذّته في ذكري. فإذا جعلت بغيته ولذّته في ذكري ، عشقني وعشقته. فإذا عشقني وعشقته ، رفعت الحجاب فيما بيني وبينه وصيّرت ذلك تغالبا عليه ، لايسهو إذا سها النّاس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء ، أولئك الأبطال حقّا ، أولئك الذين إذا أردتُ بأهل الأرض عقوبة أو عذابا ، ذكرتُهم فصرفتُ ذلك عنهم" (رواه المتّقي الهندي) .."إنّ اللّه لا يدخل قلب إمرئ حتّى يفرغ ممّا سواه" ..
وقال تعالى:{وكذلك نري إبراهيم ملكوت السّماوات والأرض وليكون من الموقنين} (75 الأنعام). وتزول عن الفقير في هذا المقام الحجب الظّلمانيّة ، ويصبح من النّاس الّذين فتح الله على بصائرهم وتنوّروا بنور الله حتّى لا يروا معه غيرا...
اللّهمّ اجعلنا منهم ..
ووفّقنا جميعا للسّير الّذي يرضي اللّهَ والرَّسولَ ، ولتطبيق ما أمرتنا به .. بحرمة رسولك.
آميـــــــن ...









سرّي خمّاري
سرّي خمّاري

ذكر عدد الرسائل : 52
العمر : 70
تاريخ التسجيل : 09/06/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 16 مايو 2013 - 22:47

صلّ صلاة مودّع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’إذا قمت في صلاتك فصلّ صلاة مودّع‘‘ (رواه ابن ماجه والإمام أحمد)
الفهم العام: هو أنّ النّبيء صلى الله عليه وسلم يحثّ المؤمن على إتقان كلّ عبادة يقوم بها سواء كانت صلاة أو غيرها، وإنّما التّنصيص على الصّلاة بخصوصها لما لها من الشّرف لأنّها القاعدة الثّانية بعد الشّهادتين.
والمعنى العام: أتقن كلّ عبادة واُحرص على أن تكون على أحسن وجه واُجعلها آخر عبادة تخرج بها وتقابل بها وجه اللّه حتى كأنّك لن تصلّ بعدها أبدا لأنّ الموت يهدّدك في كل وقت وحين، وحين يستحضر هذا يكون صاحبها أحرص ما يكون على إتقانها والإتيان بها على الوجه الأتمّ من ناحية وفي الإخلاص فيها من ناحية ثانية، يعني صلاة من يودّع الدنيا لتكون عامرة بالقبول والخشية من الله وعامرة بالإخلاص لله تعالى وتكون صلاة مرضيّا عنها فيقابل بها اللّه عزّ وجلّ . صلّ صلاة مودّع للدّنيا حتى كأنّك لن تصلّ بعدها أبدا.
فهم الخاصة: هو أنّ الـرسول صلى الله عليه وسلم يطلب منّا ويأمرنا بتطهير العبادة من الأغراض والعلل لكي لا تكون قادحة فيها وأن نقوم بالعبادة عبودية لا خوفا ولا طمعا أي لا خوفا من العقاب ولا طمعا في الثّواب وإنّما اِمتثالا لأمر الله عز ّوجلّ، و كذلك الـصّوم وسائر القربات. ومسألة الثواب والعقاب بيده عز وجل، صلّ وأجعل نفسك كأنّك لم تصلّ، والذي لم يصلّ هل يطلب الثواب؟ وكذلك كل القربات.
المطلوب هو القيام بالعبادة مخلصا لله أي امتثالا لأمره فقط، ليس الدّخول إلى الجنّة بذلك لأنّ الإثابة هي بمحض فضل اللّه والعقاب بمحض عدله، ولو يحكم عليهم كلّهم بجهنّم فمن سيعترض عليه؟ أو يحكم عليهم كلّهم بالجنّة كذلك من سيعترض على حكمه سبحانه وتعالى؟ فالنّار ناره والجنّة جنّته والخلق خلقه، فإن يثبنا فبمحض الفضل وإن يعذّب فبمحض العدل .
نيّة العبادة للثّواب نيل من الإخلاص وقدح فيه والإخلاص روح العبادة.
وبهذا تكون العبادة خالصة مخلصة لله تعالى، تقول رابعة العدوية رضي الله عنها:
كـلّـهـم يــعبــدوك مـن خـوف نـار ويــرون النّجـاة حـضّــا جـزيـــلا
أو بـأن يسكـنوا الجـنـان ويحـضــو بـريـاض ويـسـقــون سلـسـبـيـــلا
لـيس لي في الجـنـان ولا النــّار رأي أنـا لا أبـتـغــي بـحـبّــي بـديــلا
إنّما أعـبـدك لـذاتـك لأنّـك أمرتـني بالـعـبـادة وبـعـدئـذ فإن يـثـبـنـا فبمـحـض الـفضـل وإن يـعـذّب فبمـحـض الـعـدل. وهل يوجد من يفرض إرادته على الله على أن يـثـبــه؟ طبعـا لا يـوجد البتّـة.
أذكره لأنّه أمرني بالذّكر لا لمعرفة اللّه أو الحصول على الدرجات وحتّى نية المعرفة فيها نوع من الإنحراف عن القبلة، والإتجاه الصّحيح هو أن تعبد اللّه للّه فهذا هو الإخلاص {وما أمروا إلاّ ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين حنفاء} (5 البينة) والإخلاص سـرّ الـلّه. صلّها وودّعها وهذا معنى أنّه لم يصلّ ومن لم يصلّ هل يطلب لها ثواب أو يطلب النّجاة من العقاب... بحيث لو قيل: يا تارك الصّلاة، فلا ينازع لأنّه لم يرى أنّه صلّى، صلّ صلاة مودّع لصلاته حتى كأنّك لم تصلّ أبدا، وهذا ما يناسب قوله عليه الصلاة والسلام:’’سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل‘‘(رواه مسلم). فلو كان الدّخول إلى الجنّة بالعمل فأين العمل وإن كان فأين صلاحه. فلو كانت الجنّة بالعمل لا يدخلها بشر وصدق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقوله: ’’لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال لا ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة‘‘(رواه البخاري).
فكيف بأعمالنا نحن؟ وعلى فرض وجود العمل الصّافي المشبع بروح الإخلاص ضعـه في كفّة وضع في الكفّة الأخرى إحدى العينين أو نعمة من نعمه علينا، فلا نجد ما يكفينا لخلاص النّعم فضلا عن أن تبقى بقية تدخلنا الجنة.
قال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممّا يجمعون} (58 يونس)
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكّي من يشاء والله سميع عليم} (21 النور) {وإن تعدّوا نعمة اللّه لا تحصوها} (18 النحل)
قال سيدنا الشيخ قدّس اللّه سرّه : ,,نعمة واحدة لا نحصيها عددا ولا نحصيها مددا،،.
أتترك فضـل اللّه وتتّبع نفسك الأمّارة بالسّوء التي تنظر إلى العمل.
إجتمعت بجماعة في حلق الوادي وتذاكروا في اليهود كيف كانوا يعملون بحلق الوادي... ومقارنتهم بالمسلمين بعد ذلك وأنه لا فرق بين أعمالهم... فأحسست بلغة فيها رائحة القـنـوط وسوء الظّن. فقلت لهم: يا جماعة نحن في ذيل القرن الرّابع عشر قرن ظهرت فيه أنواع البدع والبعد عن الجادّة وعليه البقرة وأختها في الطّين بدون استثناء وكلّنا ,,مزاقيط،، وحتى يوم القيامة ما ينفعنا إلاّ ,,التّزوقيط،، نأتي أمام اللّه حين محاسبتنا فنقول: يا مولانا إنّنا لم نأت للحساب أو الطّمع في الجنّة، فكلّ ما تقول فينا من عيوب، عملناه فعلا... وإنّما جئنا طامعين في فضلك، فإن كان لنا حظّ فيه فيا حبّذا النزلة، وإلاّ دلّنا على المكان بدون فضيحة ,,ولا دزّ ولا فزّ،، ولا سلاسل ... ولكن اللّه ,,فنطازي،، صاحب كرم، فهل سيقول: لا أبدا ما عندي لكم من الفضل شيء...أبدا ..؟ فليس هو من يقول هذا...
وتبدّل الحال مع الجماعة فأصبح ضحكا وسرورا وشرب قازوز...
إذن نقدّم العبادة طـاهرة وخالصة مائة بالمائة، ونعوّل على فضل اللّه العظيم ’’هو خير ممّا يجمعون‘‘ يقول شيخنا قدّس اللّه سرّه:,,العمل لابدّ منه ولكن لا يعوّل عليه،، فبالعمل ترفع الدّرجات في الجنّة {فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره} (8 الزلزلة) هذا فهم الخاصّة .
أمّا فهم الخاصّة العليا: وهم المقـرّبون فهذا لا يفهمه إلاّ أهله، صلّ صلاة مودّع للأكوان كلّها ولا تترك منه شيئا لترجع إليه حتى كأنّك لا تصلّ بعدها أبدا، يعني صلاة الأرواح.
خلّف الكون وراك وتـوجـّه لمـولاك
فأهل هذا المقام إذا أرادوا الإحرام في الصلاة الدّائمة فما عليهم إلاّ أن يودّعوا الكون تماما وكمالا، والصّلاة الدّائمة هي الخروج من هذا الكون كله وما فيه ويحرم في صلاة الأرواح والأسرار وفيها إحرام واحد وسجود واحد، فمن حين أحرموا ما تحلّوا ومن حين سجدوا ما رفعوا قال تعالى: {إلاّ المصلّين الذين هم على صـلاتهم دائمون} (23 المعارج) وهي الصّلاة الدّائمة.
ويزيـدك وجـهـه حـسـنــا كلّـما زدتــه نـظـــرا.
وربّ يوفّقـنا جميعا لما يحبّ...آمـيـــــن.
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty إحفظ الله يحفظك

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 5 ديسمبر 2013 - 20:49

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أواصل في إنزال بعض من مذاكرات شيخنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه.

إحفظ الله يحفظك
فيما روي بالبخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال كنت خلف النبيء صلى الله عليه وسلم يوما فقال:’’يا غلام إني أعلّمك كلمات ، إحفظ الله يحفظك إحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أنّ الأمّة لو إجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاّ بشيء قد كـتبه الله لك وإن إجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلاّ بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفّت الصّحف ‘‘
وفي رواية ’’واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطاك لم يكن ليصيبك، و اعلم أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئاً لم يرد الله أن يعطيك لم يقدروا عليه و لو اجتمعوا أن يصرفوا عنك شيئاً أراد الله أن يصيبك به لم يقدروا على ذلك فإذا سألت فاسأل بالله ، و اعلم أن النصر و أن الفرج مع الكرب و أن مع العسر يسرا ، و اعلم أن القلم قد جرى بما هو كائن‘‘ (مستدرك الحاكم)
هذا الحديث يُعـدّ أصل من أصول الدين، لأنّه دين يحــرّر البشر من العبودية لغير الله، وأعظم ركن من أركان الإيمان يتمثل في تحرير الدين الإسلامي لمعتنقيه هو ركن الإيمان بالقضاء والقدر، وأركان الدّين السّتّة هي: الإيمان بالله، والرسل، والملائكة، والكتب، والقضاء والقدر، واليوم الآخر وما فيه من جزاء وحساب.
فأعـظـم ركـن يرتكز عليه تحريـر الـبشر من الـعبـوديـة لـغير الله هو ركـن الـقضاء والـقـدر، وهذا الركـن مـؤيّـد بآيـات قرآنية وأحاديث شريـفـة ومن بـين هذه الأحـاديـث الحـديـث الـذي بـين أيـديـنـا.
إحفظ الله: بحفظ أوامره وإجتناب نواهيه، لأنّ كل مخالفة شرعية يترتب عليها جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة، فإذا حفظ الإنسان نفسه من مخالفة الأوامر والنواهي يحفظه الله ممّا يترتّب عليه من الجزاء في العاجل والآجل، إحفظ الله بإمتثال أوامره وإجتناب نواهيه تجده تجاهك أي أمامك كناية على أنّك لو حفظت نفسك من النواهي الشرعية لوجدت الله معك في كل أمر، تجده تجاهك بالمعونة والنصر والحفظ... تجده معك في كل مشروع وأمامك في كل مقصود، هذا بالنسبة للفهم العام.
وأمّا بالـنّسبة للفهم الخاص: حفظ الله المراد به حفظ النفس من جانب الله إحفظ نفسك من الشرك بالتوجّه والعبادة ومسالك الخير فإذا حفظت نفسك من الشرك الجليّ يحفظك الله ممّا يترتّب عليه من الجزاء الوخيم والخلود في النار، ومعنى تجده تجاهك، تجده أمامك في الحساب بترجيح كفّة حسناتك فتفوز برضوان الله وبسكنى الجنان.
أما فهم الخاصة العليا: إحفظ الله يعني إحفظ نفسك من الشرك الخفي وعدم خطور السّوى على قلبك يحفظك الله بما حفظ به عباده الصّالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
قال تعالى: {ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} (64 يونس)
إحفظ نفسك من دعوى الوجود يحفظك الله من التّقيّد بالقيود.
جاء أحد إلى رابعة العدوية وقال: منذ خلقني الله لم أعص الله قطّ . فقالت له رابعة: وجودك ذنب لا يقاس به ذنب.
وفي الحكم: لا يبلغ المرء حقيقة المعرفة حتى يعرف الله في ثلاثة:
في نفسه {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} (21 الذاريات)
في زوجه {وقدّموا لأنفسكم واتّقوا الله وأعلموا أنّكم ملاقوه وبشّر المؤمنين}(223 البقرة)
في عـدوّه {لا يجرمنّـكم شنـآن قـوم على ألاّ تعدلـوا اعدلوا هو أقرب للتّقـوى} (8 المائدة)
’’إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله‘‘.
من المؤمنـين من يـسأل النـاس ويـسأل الله، ومنهم من يـسأل الله ولا يـسأل النـاس، ومنهم من يـسأل الناس ولا يـسأل الله. ضعاف الإيمان يسألون الناس ولا يسألون الله، وأهل الإيقان يسألون الله ويسألون الناس يتوجّهون بالسّؤال للنّاس معتقدين أنّه لا ينالون شيئا إلاّ إذا أنعم به الله، وأهل الإحسان فلا يسألون إلاّ الله وحده لعدم وجود سواه .
وما قيل في السؤال يقال في الإستعانة. فمن كان منهم يسأل الله ويستعين به معتقدا بأنّ الناس لهم تأثير فهؤلاء إيمانهم ضعيف لا محالة، وأمّا أهل الإيقان فيعتقدون بأنّ التأثير لله وحده ولا فعل لأيّ مخلوق مهما كانت صفته ولكن على معنى التّجوّز وجّه الخطاب للخلق .
وأمّا أهل الإحسان يوجّهون الخطاب للحقّ لأنّه لا وجود عندهم لغيره.
فينصحنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن نتوجّه بالسّؤال والإستعانة إلى الله دون خلقه لأنهم عاجزون عن المنع والمنح ولهذا قال: ’’وأعلم أنّ الأمّة لو إجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاّ بشيء قد كـتبه الله لك وإن إجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلاّ بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفّت الصّحف‘‘
والمراد بالأمّة ليست أمّة الإستجابة والدّعوة بل كلّ الخلق بما فيها الملائكة لا تقدر على فعل شيء إلاّ إذا أذن المولى عزّ وجلّ، وما مبدأ هذا؟
جميع الأشياء قد سبقت في علم الله، وأنّ الله قد أحاط بكلّ شيء علمـا،
وهذا هو التعلّق الأول وهو اليوم الأول من الأيام الستة.
ثم اليوم الثاني تعلقت الإرادة على مقتضى العلم السابق.
ثم اليوم الثالث تعلقت القدرة على مقتضى الإرادة.
ثم اليوم الرابع والخامس والسادس تعلق السمع والبصر والكلام على مقتضى القدرة .
يـقـول الإمام الغزالي رحمه الله :,,ليس في الإمكـان أبـدع ممّا كان،،
لأنـه ليس لشيء يمكن أن يكون خارجا عن هذه السّـتّـة، فهـذا كـلّه تحت علم الله بـدون زيـادة ولا نـقصان. فالمنـح والمنـع الآتي من البشر إن كـان سابـقـا في علم الله فهـو طبعا من الله، وإن كان فرضا غير سابـق في علم الله فمن أيـن البشر، فالخلـق إذن عاجزون عن الـنّـفـع والـضّـرّ، والكـلام في هذا الـشّـأن يتطـلّـب شـرحا مستـفـيـضا وهو في كـتـاب جـوهـرة الـتوحيـد للـشيـخ إبراهيم اللــقّـاني.
ذهب أحد أصابته فاقة إلى الملـك ليسـأل شيئـا يستعـين به على فاقـتـه وأذن له بالـدّخول فوجد الملك مستقبلا الـقبلة وهو يدعو الله ويتضرّع في خشـوع وإنـابة أمام الحق عز وجل سائـلا إيـاه مطالبه يا رب، يا رب، فـوقّـر في قلب الرجل وقال: لـو كان هذا الملك قادرا لأمـدّ نـفسه، فأعرض عنه ورجع وتوجّه بالطلب من الله. ولهـذا أعـظـم ركـن يـحـرّر مـن العبـوديـة لـغير الله هـو ركـن الـقـضاء والـقـدر.
قال تعالى: {إنّا كـلّ شيء خلـقـناه بقـدر} (49 القمر) {فعّال لما يريـد} (16 البروج) بـصيغة مبـالـغـة ليست لكـثـرة الفـعـل فقـط بـل فيـها القـوة والقـدرة على إيجابـيـة ما يـريـد وفي مفهـوم هذا ما لم يُـرده لـن يفعلـه ولا يـوجد أصلا ومستحيلا أبـدا، ولهذا قال: ’’رفـعـت الأقـلام وجـفـّت الصّحـف‘‘.
وربّ يـوفّق الجميع ...اللهم أشغـلـنـا بـك ولا تـفـتـنّا بسـواك... آميـــــــــــــــن.

الخمـيـس 06 فيفـري 1986
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty ليس مريدا من تقرّبه نفحة...

مُساهمة من طرف أبو أويس الجمعة 24 يناير 2014 - 21:28

ليس مريدا من تقرّبه نفحة...
   قال شيخنا المداني قدّس اللّه سرّه في حكمه:
,,ليس المريد من تقرّبه نفحة وتبعده لفحة وإنّما المريد مريد على كلّ حال،،
ولا يكون المريد مريدا حتى يكون مرادا ولا يكون المحبّ محبّا حتى يكون محبوبا،،.
المريد عند القـوم هو من أراده اللّه له فكان مريدا للّه أو هو من أحبّه اللّه فكان محبّا للّه.
المريد قد سبقت له العناية من اللّه فاُجتباه وساقه في طريق العمل ليفيض عليه من النّعم ويخلع عليه من الحلل الإلاهية، أحبّه اللّه فكان محبّا وأراده اللّه فكان مريدا.
وكون المريد مرادا من قِبل اللـّه فيه من التّوفيق والأمان ما فيه كالرّاحة في القلب والإطمأنان لأنّه إذا كان مرادا للـّه تحرسه العناية الرّبّانية من الإنزلاق وتحيطه بالحفظ من الوقوع في الزّلاّت حتّى تستقـرّ قدماه في الـطّريق ويصل في أمان لبَرّ الأمان.
وعلامة هذا المريد أن يكون عبدا للّه على كلّ حال في الخير والشـّرّ وفي الشّدة والـرّخاء واقفا موقف العبودية للّه على كلّ حال إذ ليس العبد الذي يلبس ثوب الطّاعة وإن أقبل عليه سيّده جافاه، ويخلع ثوب الطّاعة إن تجلّى عليه بالإمتحان، فهو ممّن يعبد اللّه على حرف كما قال تعالى: {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرف فإن أصابه خير اُطمأنّ به وإن أصابته فتنة اُنقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} (11 الحج) وهذه هي اللّفحة المعبّر عنها في الحكمة .
وأمّا إذا لم يكن مرادا والعـياذ باللـّه وهو الـطّـفـيلي الذي جاء للـطّـريق ووجـد النّـاس تمشي فمشى وليست له إستدعـاء من الحقّ عزّ وجلّ ولا هو مخطوب العـنـايـة الـرّبـّانـية وليس له ضمان وأمان وحفظ، كمن جاء لاحتفال وليست له بطاقة إستدعاء فهو غير مضمون بحيث تُطلب منه فلا توجد فيقال له:سامحنا. أمّا من له إستدعاء فله منتظرين ومستقبلين وكرسيّه ينتظره، ومخطوب العناية من أوّل مرّة مقرّب ومطلوب، ولهذا لا يكون المريد الحقـيقي طـفـيليا.
  واللـّـه مـا طـلـبـوا الـوقـوف بـبـابـه    حـتى دعـوا وأتـاهـم الـمـفـتـاح
إذن المريد الحقيقي هو الصّادق في كلّ الحالات فإن أصابه خير فهو عبد وإن أصابه ضير فهو عبد، فالجمال والجلال عنده في العبودية للّه سواء، وهو الذي اُستوجب الفضل والإمتنان ,,فنعم العبد للنّداء لبّى،، وهذا هو صاحب التّقريب والـتّبجيل والمودّة والمحبّة... المريد الحقيقي كالعبد الحرّ الأصيل سواء كرّمه سـيّده أو أهانه فهو دائما في طـاعة واُنقـيـاد قال تعالى: {وما خلقت الجـنّ والإنس إلاّ ليعبـدون} (56 الذاريات) في الـسّـجن يعـبـده، في الجوع يعـبـده، في المرض يعـبـده... لأنّه بايـع اللـّه على العبـادة، ومن كان عبدا للـنّفـع فقـط أي للجنّة وزخرفها فقط، فإن وجد ما يشتهيـه منها فذاك مراده وإن وجـد غير ذلـك لا يرضى (ويـخـلّف المكان)...
طلب من أحد الفقراء أن يسلّم بطاقة تعريفه على أن يستردّها حين يحلق لحيته... مليـح... لبّيـك... فهذه يحسبها نفحـة وليست لفحـة... فالبـلاء في الدّنيا للمقـرّبـين، قيل لأحدهم: إنّي أحبّ رسول اللـّه صلى الله عليه وسلم فقال له: إتّخذ للفقر جلبابا، وقيل له: إنّي أحبّ اللـّه فقال: إتّخذ للبلاء جلبابا، فالبلاء منه إمتحان إليه... وما عـذول الحـبّ إلاّ مرسـل من ذي العـطـيـّة، وقال تعـالى: {أطيعـوا الله وأطيعوا الـرسول وأولي الأمر منكم} (59 النساء) فهو لسان الحاكم ما لم يأمر بما يخالفه في الأصول... والأمر بالمعروف إذا ترتّب عنه منكر فاجتـنـابه أولى، فمن كان هذا شـأنـه فهو المحبّ حقـيقـة، وأمّا من يطيع في وقت الرّاحة ووقت الجمال فهذا ليس مريدا محبّا... وما بكت عليه السّماوات والأرض إن راح في فتنة من فتن الدّنيا... (رُوحْ)...
إنّما المريـد مريـدا على كلّ حـال وهو مـراد الحضـرة، إن كان في الجنّة فهو مريدا وإن كان في النّار فهو كذلك مريدا، وإن كان في الشّدّة أو الرّخاء أو في العسر أو اليسر فهو دائما مريدا. فمن كان مراده اللـّه فلا يحـول بينه وبين اللّه أيّ نوع من العراقيـل، أمّا غيره فأقـلّ شيء يعـصف به... أخـوك في اللــّه من كان دائما أخاك وليس من كان طـارئـا. فما كان للـّه دام واُتّصـل وما كان لغيره إنقطـع واُنفصـل.
اللّـهم باعـد بيننا وبين مـا كان لغيرك.  
كذلـك لا يكون المحبّ محبّا حتى يكون محبوبا لقوله تعالى: {فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم ويحبّونه} (54 المائدة) وقد قدّم محبّتـه على محبّتهم كقوله تعالى:{رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} (100 التوبة) فالـرّضاء متبادل بينهما وكذلك المـحـبّـة، وهؤلاء هم الذين يعـوّل عنهم، ويؤمّل البلوغ لما وصلوا إليه... فليس الأمر هـيّـن إنّهم باعوا الرّخيص والغـالي لأجـل المحبّـة والرّضاء وهم من قال فيهم رسول اللـّه صلى الله عليه وسلم: ’’وددت أني لقيت إخواني فقال أصحابه صلى الله عليه وسلم: أو ليس نحن إخوتك؟ قال: أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني‘‘ (مسند أحمد).
اللّهم اُجعلنا عبادا صادقين مخلصين معك في سائر الـتّجلّيات …
.الّلـهم اجعلنـا من المـحـبّيـن المحبـوبيـن، وحـل بيننا وبين أسباب البعـد والمقـت والغضـب بجاه سيـّد العالميـن عليه أفضـل الـصّلوات والـتّسـليـم...آميــــــن.


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الخميس 13 مارس 2014 - 6:52 عدل 2 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف فراج يعقوب الثلاثاء 25 فبراير 2014 - 1:43

جزاك الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
فراج يعقوب
فراج يعقوب

ذكر عدد الرسائل : 185
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 22/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الأربعاء 12 مارس 2014 - 17:25

أصناف السّائرين في طريق اللّه:

السـائـرون في طريق الله أربع أصناف وهي:  محبّ، مبتديء، سـائر، وواصل.
والحمـد للّه الأصـنـاف الأربـعـة مـوجـودة فـي الـطـريــق.
  أما بالنسبة للمحبّ العاشق الراغب في الإلتحاق بركب القوم فيلزمه أن يجتهد في طاعة الله عز وجل من إمتثال للأوامر وإجتناب للنّواهي قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا} (69 العنكبوت)  ومن هذه المجاهدة تنوع الفقراء لأنواع كثيرة، فمنهم من تشبث بأذيال القرآن ومنهم من تشبث بأذيال العلم ومنهم من تشبث بأذيال العبادة ومنهم من تشبث بأذيال الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم من تشبث بأذيال الطرق فيأخذون أوراد طريقة يلتمسون من ورائها القرب والنجاة، فهؤلاء كلهم يدخلون تحت راية {والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا} ونرى الناس الذين يدخلون في طريق الله منهم العباد والزهاد وأهل العلم ومنهم أهل الإعتقاد في أحباب الله وقد جاؤوا متّصلين بطرق شتى من طرق الله ولو أنّهم لا يعلمون صحّة الطريقة المنتسبين إليها ولكنهم يصلون لمستوى لا يستهان به وذلك بصدقهم وتشبّثهم بطريقتهم ومبدئهم، وكذلك كل مسالك القرب كالعلم والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم  كلها وسائل قرب وتدخل في قوله تعالى:{وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} (35 المائدة). وكل من تشبث بأذيال وسائل القرب وجدّ فيها فالله يوصله وييسّر عليه أبواب الربـح {والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا} فلو جاهد في ذلك تقرّبه بركة الجدّية والعقيدة وينتقل بـعد ذلك من محبّ إلى سائر .
  القسم الثاني هم الفقراء الذين في المرحلة الأولى نعمة الله عليهم كبرى {يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل اللّه يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} (17 الحجرات).
  فالشيء الذي أوصيكم به هو تقوى الله عز وجل، إتّـقـوا الله فتقوى الله ما جاورت قلب إمرء إلاّ وصـل. وكذلك مغالبة النفس ومجاهدتها في طاعة الله عز وجل فمنهم من يتغلّب عليه الغضب ومنهم من يتغلب عليه حبّ النفس وحب الذّات ويتبع نفسه وهواها، فهذا أخطر ما يكون في طريق الله لأنّ الغضب أعظم شيء يدخل عليه الشيطان للإنسان، وهذا الغضب وهذه الصفة تعطّل المريد في سيره إلى الله لأنّ الشيطان سرعان ما يفسد السير بالغضب، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحب أن أكون آمنا من سخط الله، فقال: ’’لا تغضب على أحد تأمن من غضب الله وسخطه‘‘ ( رواه المتقي الهندي).
وقد قيل:,,من أراد أن يأمن سخط الله فلا يغضبنّ أحدا من خلق الله،،.
وجاء آخر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وقال له: أوصني يا رسول الله، فقال له:’’لا تـغـضــب‘‘ وعاوده ثلاث مرات وهو يقول: ’’لا تـغـضــب‘‘(رواه أصحاب السنن)..
قال العلماء: الغضب انفعالات نفسية فلا تفعل ما ينشأ عن الغضب، والبعض الآخر قال: بما أنّه انفعالات نفسية فأترك الغضب بترك السبب.  
فالرأي الأوّل يدعو لترك ما يخلّفه الغضب من توابع كالخصام والشتم والضرب، وهذا الرأي لا محالة مصيب.
والرّأي الثاني يدعو لترك سبب الغضب بالتسليم وعدم الدّخول في المشاحنات الكلامية ورفع الأمر لأهـل الحـلّ وهذا الرأي كذلك مصيب. فإنّ الحرب كما يقال بدايتها الكلام فالتّسليم يولّد ربح المعركة وكلاهما يفترق بقلب صاف ولا خسارة ولا ضارب ولا مضروب ولا قضية ولا...
والعلاج الأخير إذا أراد الله بك أن تغضب فلا تفعل ما يولّده الغضب، وترك الغضب يستعان عليه بالإستعاذة من الشيطان كما أوصانا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم  حينما سمع رجلين وهما يتقاولان و أحدهما قد غضب و اشتد غضبه و هو يقول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ’’إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه الشيطان‘‘ فأتاه الرجل فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال: هل ترى بأساً؟ وما زاده على ذلك. (رواه أبو داود).  وفي وصية أخرى له صلى الله عليه وسلم   ينصحنا بالوضوء لترك الغضب ’’إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ‘‘(رواه أبو داود).
وفي أخرى ينصحنا بالجلوس إذا كان واقفا والإتّكاء إذا كان جالسا، ’’إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع‘‘(رواه أبو داود).
وهذا كله لإبعاد الغضب لما يجرّه لصاحبه من مضار ومناه يترقّبها الشيطان بفارغ صبره.
وبما أنّ عبادة المبتديء بالجوارح فيلزمه أن يحذر الخواطر، وعليه أن يجاهد نفسه ولا يترك قلبه يشتغل ويتلهّى عمّا هو فيه من ذكر أو صلاة ولا يكون ممّن قيل فيهم {لاهية قلوبهم} (3 الأنبياء) أي يذكر وقلبه لاه بغيره في أشياء دنيوية تافهة.
يقول إبن عطاء الله الإسكندري في حكمه:,,لا تـتـرك  ذكره لعـدم حضـورك معـه فيـه فلربـمـا نقـلـك مـن ذكـر مع غفلـة إلى ذكـر مع حضـور ومن ذكـر مع حضـور إلى ذكـر مع  غيبـة عمّـا سـوى المـذكـور،،.
ويقول شيخنا المداني رضي الله عنه: ,, أوّل ما يبدأ يذكر المريد يذكر الله وهو غافل، ثم تسري بركة الذكر باللسان إلى قلبه فيصبح يذكر الله وهو حاضر،،
وذكر ربع ساعة بدون خواطر خير من ساعتين أو ثلاث بالخواطر، وكما يفسد الذكر بالخواطر فكذلك الصّلاة...
وفي الحديث القدسي: ’’أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاه‘‘  (أخرجه السيوطي)
قال موسى عليه السلام : ’’يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فقيل له : يا موسى أنا جليس من ذكرني‘‘. (رواه البيهقي)
وأوحى الله تعالى إلى موسى: ’’أتحب أن أسكن معك بيتك فخر لله ساجدا ثم قال: فكيف يا رب تسكن معي في بيتي، فقال: يا موسى أما علمت أني جليس من ذكرني، وحيثما التمسني عبدي وجدني‘‘(رواه المتقي الهندي).
فالشيطان يحسد الفقير على هذا المقام ويأتي له بما هو به مغروم ومفتون فيصير يفكر به وبنتائجه وفي الحديث:’’إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأشار بأصابعه إلى صدره‘‘(رواه مسلم) فالعبرة ليست بالكلام بل بالقلب فإذا كان مع الله ولله وبالله فهو معتبر ومقبول وإذا كان ليس كذلك فهو مردود ومخذول، وفي الحديث المشهور قال صلى الله عليه وسلم : ’’إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه‘‘ (رواه البخاري).
قَالَ أَعْرَابِيّ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: مَتَىَ السّاعَةُ؟ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم :’’مَا أَعْدَدْتَ لَهَا‘‘ فقَالَ: حُبّ اللّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: ’’ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت‘‘.(رواه مسلم).
فالمحبّ دائما مع محبوبه فلا هذا يسلّم في ذاك ولا ذاك يسلّم في هذا.
والخلاصة لأهل البداية أنّ الخواطر أقلّ ما تكون تعطّل السير وتبطّئه.
أمّا السائرون فهم مكلّفون بملازمة الحضور وطرد الغفلة كلّما طرأت، ولينظر الفقير إلى حاله إذا حضر يكون مع من على العرش استوى وإذا غفل يكون مع حضيض السّوى، وهذا يكون بسرعة عاجلة في الحالتين، فلا بدّ من ملازمة الحضور وهذه هي الطريقة الجادّة الموصّلة إلى المشاهدة والعيان.
أمّا المنتهون وهم المعبّر عنهم بأهل الإحسان والمشاهدة والعيان فيحذرون مشاهدة السّوى فإذا حصل هذا لأحدهم يرجع لا محالة إلى الشرك حيث الإثنينية والحيز والفصل... ويصل به إلى الإعتراض على الحقّ وهي أخبث صفة، أيقرّبك إليه ويجعلك في هذا المقام ثم تنازعه في ملكه... ألم يقل: {لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسأَلون} (23 الأنبياء).  
  اللهمّ ألهمنا الصّواب والحكمة وحسن الخطاب... آميـــن.          
                                           
   
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف ابو ضياء الأربعاء 12 مارس 2014 - 19:41

بسم الله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله


بارك الله فيكم سيدى ابو أويس وجزاكم الله كل الخير.............

كأننى أستمع الى هاته المذاكرة من الأستاذ عليه من الله سحائب الرحمة والغفران وجعل الله مقيله وسكناه الفردوس الأعلى
ابو ضياء
ابو ضياء

ذكر عدد الرسائل : 205
العمر : 64
الموقع : لى بالحمى قوم عرفت بحبهم
العمل/الترفيه : انا الفقيراليكم والغنى بكم ** فليس لى بعدكم حرص على احد
المزاج : فى سليمى وهواها كم وكم ذابت قلوب
تاريخ التسجيل : 01/09/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف فراج يعقوب الثلاثاء 18 مارس 2014 - 13:16

جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
فراج يعقوب
فراج يعقوب

ذكر عدد الرسائل : 185
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 22/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 - 19:20

,,ليس المريد من تقرّبه نفحة وتبعده لفحة وإنّما المريد مريد على كلّ حال،،

قال رضي الله عنه:
قال شيخنا المداني قدّس اللّه سرّه في حكمه:
,,ليس المريد من تقرّبه نفحة وتبعده لفحة وإنّما المريد مريد على كلّ حال،،
,,ولا يكون المريد مريدا حتى يكون مرادا ولا يكون المحبّ محبّا حتى يكون محبوبا،،.
المريد عند القـوم هو من أراده اللّه له فكان مريدا للّه أو هو من أحبّه اللّه فكان محبّا للّه. 
المريد قد سبقت له العناية من اللّه فاُجتباه وساقه في طريق العمل ليفيض عليه من النّعم ويخلع عليه من الحلل الإلاهية، أحبّه اللّه فكان محبّا وأراده اللّه فكان مريدا.
وكون المريد مرادا من قِبل اللـّه فيه من التّوفيق والأمان ما فيه كالرّاحة في القلب والإطمئنان لأنّه إذا كان مرادا للـّه تحرسه العناية الرّبّانية من الإنزلاق وتحيطه بالحفظ من الوقوع في الزّلاّت حتّى تستقـرّ قدماه في الـطّريق ويصل في أمان لبرّ الأمان. 
وعلامة هذا المريد أن يكون عبدا للّه على كلّ حال في الخير والشـّرّ وفي الشّدة والـرّخاء واقفا موقف العبودية للّه على كلّ حال إذ ليس العبد الذي يلبس ثوب الطّاعة وإذا أقبل عليه سيّده جافاه، ويخلع ثوب الطّاعة إن تجلّى عليه بالإمتحان ، فهو ممّن يعبد اللّه على حرف كما قال تعالى: {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرف فإن أصابه خير اُطمأنّ به وإن أصابته فتنة اُنقلب على وجهه خسر الدّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} (11 الحج) وهذه هي اللّفحة المعبّر عنها في الحكمة .
وأمّا إذا لم يكن مرادا والعـياذ باللـّه وهو الـطّـفـيلي الذي جاء لـطريق القوم ووجـد النّـاس تمشي فمشى وليس له إستدعـاء من الحقّ عزّ وجلّ ولا هو مخطوب العـنـايـة الـرّبـّانـية وليس له ضمان وأمان وحفظ، كمن جاء لاحتفال وليست له بطاقة إستدعاء فهو غير مضمون بحيث تطلب منه بطاقة الدعوة فلا توجد عنده فيقال له:سامحنا لا يمكنك الدخول. أمّا من له إستدعاء فله منتظرين ومستقبلين وكرسيّه ينتظره، ومخطوب العناية من أوّل مرّة مقرّب ومطلوب، ولهذا لا يكون المريد الحقـيقي طـفـيليا .
واللـّـه مـا طـلـبـوا الـوقـوف بـبـابـه حـتى دعـوا وأتـاهـم الـمـفـتـاح 
إذن المريد الحقيقي هو الصّادق في كلّ الحالات فإن أصابه خير فهو عبد وإن أصابه ضير فهو عبد، فالجمال والجلال عنده في العبودية للّه سواء، وهو الذي اُستوجب الفضل والإمتنان ,,فنعم العبد للنّداء لبّى،، وهذا هو صاحب التّقريب والـتّبجيل والمودّة والمحبّة... المريد الحقيقي كالعبد الحرّ الأصيل سواء كرّمه سـيّده أو أهانه فهو دائما في طـاعة واُنقـيـاد قال تعالى: {وما خلقت الجـنّ والإنس إلاّ ليعبـدون} في الـسّـجن يعـبـده، في الجوع يعـبـده، في المرض يعـبـده... لأنّه بايـع اللـّه على العبـادة، ومن كان عبدا للـنّفـع فقـط أي للجنّة وزخرفها فقط، فإن وجد ما يشتهيـه منها فذاك مراده وإن وجـد غير ذلـك لا يرضى (ويـترك المكان)...
كمن طلب منه في أيام الجمر أن يسلّم بطاقة تعريفه على أن يستردّها حين يحلق لحيته... مليـح... لبّيـك... فهذه يحسبها نفحـة وليست لفحـة... فالبـلاء في الدّنيا للمقـرّبـين، قيل لأحدهم: إنّي أحبّ رسول اللـّه صلى الله عليه وسلم فقال له: إتّخذ للفقر جلبابا، وقيل له: إنّي أحبّ اللـّه فقال: إتّخذ للبلاء جلبابا، فالبلاء منه إمتحان إليه... وما عـذول الحـبّ إلاّ مرسـل من ذي العـطـيـّة، وقال تعـالى: {أطيعـوا الله وأطيعوا الـرسول وأولي الأمر منكم} فهو لسان الحاكم ما لم يأمر بما يخالفه في الأصول... والأمر بالمعروف إذا ترتّب عنه منكر فاجتـنـابه أولى، فمن كان هذا شـأنـه فهو المحبّ حقـيقـة، وأمّا من يطيع في وقت الرّاحة ووقت الجمال فقط فهذا ليس مريدا محبّا... وما بكت عليه السّماوات والأرض إن راح في فتنة من فتن الدّنيا...
إنّما المريـد مريـدا على كلّ حـال وهو مـراد الحضـرة، إن كان في الجنّة فهو مريدا وإن كان في النّار فهو كذلك مريدا، وإن كان في الشّدّة أو الرّخاء أو في العسر أو اليسر فهو دائما مريدا. فمن كان مراده للـّه فلا يحـول بينه وبين اللّه أيّ نوع من العراقيـل، أمّا غيره فأقـلّ شيء يعـصف به... أخـوك في اللــّه من كان دائما أخاك وليس من كان طـارئـا. فما كان للـّه دام واُتّصـل وما كان لغيره إنقطـع واُنفصـل. 
اللّـهم باعـد بيننا وبين مـا كان لغيرك. 


كذلـك لا يكون المحبّ محبّا حتى يكون محبوبا لقوله تعالى: {فسوف يأتي اللّه بقوم يحبّهم ويحبّونه} وقد قدّم محبّتـه على محبّتهم كقوله تعالى:{رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} فالـرّضاء متبادل بينهما وكذلك المـحـبّـة، وهؤلاء هم الذين يعـوّل عنهم، ويؤمّل البلوغ لماوصلوا إليه... فليس الأمر هـيّـن إنّهم باعوا الرّخيص والغـالي لأجـل المحبّـة والرّضاء وهم من قال فيهم رسول اللـّه صلى الله عليه وسلم : ’’وددت أني لقيت إخواني فقال أصحابه صلى الله عليه وسلم: أو ليس نحن اخوتك؟ قال: أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني‘‘ (مسند أحمد).
اللّهم اُجعلنا عبادا صادقين مخلصين معك في سائر الـتّجلّيات ...
الّلـهم اجعلنـا من المـحـبّيـن المحبـوبيـن، وحـل بيننا وبين أسباب البعـد والمقـت والغضـب بجاه سيـّد العالميـن عليه أفضـل الـصّلوات والـتّسـليـم...آميــــــن
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي... - صفحة 2 Empty رد: سلسلة مذاكرات لشيخنا إسماعيل الهادفي...

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 15:25

إنّي وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض...:

قال تعالى:{فلمّا جنّ عليه اللّيل رأى كوكبا قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لا أحبّ الآفلين. فلمّا رأى القمر بازغا قال هذا ربّي فلمّا أفل قال لئن لم يهدني ربّي لأكوننّ من القوم الضّالّين. فلمّا رأى الشّمس بازغة قال هذا ربّي هذا أكبر فلمّا أفلت قال يا قوم إنّي بريء ممّا تشركون. إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين(79الأنعام)

عن طريق الإشارة قال سيّدنا إبراهيم عليه السّلام هذا القول ليسوق قومه للتّوحيد حين رآهم يعبدون الكواكب والنّجوم  فقد توجّه لكوكب لا لاعتقاد منه في ألوهيته ولكن ليفهم قومه ويفحمهم فأفل ذلك الكوكب فقال لا أحبّ الآفلين ثمّ رأى القمر فقال كذلك ثمّ رأى الشّمس فقال كذلك وبيّن لهم إنّ ما يأفل لا يستحقّ التّوجّه إليه والإستدلال به وقال لقومه: {يا قوم إنّي بريء ممّا تشركون. إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} (79 الأنعام) فدلّهم على أنّ الإلاه هو خالق كلّ شيء ولذا فهو لا يأفل.

الفقير في طريق اللّه يمرّ بهاته المراحل، وأوّلها كلّ من يراه من إخوانه عليه سمة القرب والتنوّر يتوجّه إليه ويرى فيه بغيته، والفقراء كلّهم كواكب، وحين يأفل هذا الكوكب الذي رآه، ويبرز له المقـدّم وهو المشار إليه بالقمر وقد عكس أنوار الأستاذ فيقول هذا بغيتي ومربّي ثم بعد مدّة يأفل ويبرز له الشّيخ فيتوجّه إليه بكلّيته وهنا يرى جميع الكواكب والأقمار في حاجة لهذه الشّمس وهو الشّيخ فحينها يتحقّق الشّيخ منه الصّدق والتّوجّه فيطويه عن عرشه ويفنيه عن نفسه وهنا يقول: ,,إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين،،

 الفقير في بادئ أمره يوجّه وجهته لإخوانه والمقـدّم فيفنيه المقدّم في شيخه والشّيخ يفنيه في حضرة المصطفى  وهكذا لا يتمّ الدّخول لحضرة اللّه إلاّ بالمصطفى . ولا يقول الفقير كما قال بنو إسرائيل لسيدنا موسى عليه السلام: {فاُذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون. قال ربّ إنّي لا أملك إلاّ نفسي وأخي فاُفرق بيننا وبين القوم الفاسقين} (24 المائدة).

 فمن الفقراء من يظنّ أنّ الشّيخ سيحمله إلى أعلى علّيّين بدون أن يقدّم عملا ولا جهادا للنّفس فالشّيخ لا يملك إلاّ نفسه وأخاه أي الذي اُتّبع سبيله أمّا من تمنّى على اللّه الأماني فهو العاجز إن لم يكن من الفاسقين.

يقول في الحكم: ,,لولا ميادين النّفوس ما تحقّق سير السّائرين،، العمل لازم للفقير لأنّ الرّان لابدّ من إزالته، تأتي لتتعلّم علم الفلك مثلا وعيناك مريضتان فهل أرفع لك يدك إلى الكواكب وأقول لك: هذا عطارد وهذا زحل؟ بل أقول لك: إذهب فداوي عينيك. فإذا كان القلب مملوءا بالرّان فهل تكون المفاهمة مع رأسك أو مع رجليك؟ إنّ المفاهمة مع القلب ولا بدّ من زوال الرّان، وهل سيزيله عنك زائر أو مقدّم إنّما تزيله أنت على نفسك بالذّكر، فحين تصقل مرآة قلبك تجد من تحتاجه معك ليس بعيدا.

الذّكر لصلاح المضغة قال:’’ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب‘‘ (رواه البخاري ومسلم)
{أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}(28 هود).
وليس ينفع قطب الوقت ذا خلل في الاعتقاد
ترضى أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بدون زاد .
قال شيخنا : ,,أعطاني ربّ نوصّل المريد في مذاكرة ولكن أخاف عليه السّلب،،
أعاذنا اللّه وإيّاكم من السّلب بعد العطاء ومن الغضب بعد الرّضاء...آميـــــن.
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 2 من اصل 2 الصفحة السابقة  1, 2

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى