بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
السلامة العقلية بإتّباع السادة الصوفية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
السلامة العقلية بإتّباع السادة الصوفية
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على الحبيب وآله وصحبه أجمعين
الحمد لله اللهم يسّر
أردت أن أتحف أحبابي في هذا الروض المبارك وأخصّ بالذكر منهم ساداتنا المراقبين وبقيّة الأعضاء الكرام , بهذا الكلام بخصوص معارف الصوفية وأنّهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وسأذكر مباحث في هذا : وهي :
- إدراكات العقل وحدوده ( عالم الشهادة )
- إدراكات القلب وحدوده ( عالم الغيب )
- إدراكات الروح وحدودها ( عالم التشبيه ) في الصفات ( وهذا من أعظم العلوم وسأتكلّم فيه بكلام لن تجده مسطّرا في كتاب)
- إدراكات السرّ ( عالم التنزيه ) وسأبيّن القول فيه
تمهيد في الحديث عن العقل المادي المحسوس من حيث اللغة ودلالتها:
قلت :
العقل المادي الظاهري المجرّد لا يدرك غير الحسّيات , فمتى أراد أن يدرك غير الحسّيات قاس على تلك الحسّيات بعالم خياله فدخل في الظنّ والشكّ أي أنّه أراد تكثيف الغير محسوس بردّه محسوسا ولو في الفكر بأن يجعل المحسوسات قياسا على غير المحسوس فلا إنفكاك له عن هذا ولو فعل ما فعل
فإنّ العقل ( أعني فكر الإنسان ) له من العوالم عالم المحسوسات وإنّما سمّوها محسوسات لإدراك الحواس الخمس لها أو ما تقاس عليه تلك الحواس الخمس , وإنّما قلنا ( ما تقاس عليه ) أي يصبح محسوسا معنى خيالي قائم على الظنّ والشكّ اللذان هما من حضرة الباطل , لأنّ حضرة الباطل هي حضرة محسوسات المعاني المقاسة بالخيال والفكر على المحسوسات الحقيقية المدركة بالحواس الخمس إمّا تشبيها وإمّا ثبوتا بنفي التشبيه في التشبيه ( فافهم وتمعّن ) فلا يخرج عن هذا
فلو قلنا مثلا لفظة تدلّ على فاكهة ( تفاح ) فإنّنا وبمجرّد سماع العقل لتلك اللفظة يقيّدها الفكر بما يتبادر إليه من معانيها المدركة بالحواس فأوّل ما يتبادر إليه هو هذا , ثمّ متى رام إستعمال تلك اللفظة في غير عالم المحسوسات قاس ولا بدّ على ذلك المحسوس بالخيال والظنّ والشكّ ( فافهم ) أي قاس على روح ذلك المحسوس ولو نفى من الفكر شكله وهيئته لأنّ روح القياس على المحسوس هو الذي يدخلها عالم المحسوسات في الفكر من هذا الوجه ( فتفطّن بارك الله فيك )
لأنّه سيبحث عن إدراك حقيقة معنى تلك اللفظة فإذا كان إدراكه لمعنى تلك اللفظة بداية في عالمه المحسوس فأنّى يمكنه أن يدرك معانيها في غير معانيها المحسوسة فهذا لا طاقة له عليه أبدا لذا سأل إبن رشد الشيخ الأكبر في كلّ مسألة من مسائل النظر : هل هذا يوافق ؟ أم لا ؟ فكان يجيبه بنعم أو لا ؟ لإعترافه أنّ العقل والفكر لا يصل البتّة إلى فهم ما وراء عالم الشهادة والمحسوس , إذن فالإبتلاء وقع في مرتبة ( الأسماء ) ( وعلّم آدم الأسماء كلّها )
فالعوالم إذن مشتركة في الأسماء ومفترقة في فهم عوالم المعاني فصار الخلط بين المعاني فوقعوا في المحذور , فأضحى التفصيل كلّه يقع في عالم المعاني ( وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا )
فذلك الإدراك الذي حصّله العقل من حيث دلالات الأسماء هو الذي سيقوده سواء حقيقة ضرورية عنده مدركة بالحواس الخمس أو خيالا ظنّا وشكّا إلى تحديد معانيها ولا بدّ من ذلك فوقف العقل هنا موقف الحيرة فلا بدّ له من إمام يقوده , فهو من حيث الضرورة أي من حيث إدراكه ضرورة حسيّة لمعنى أي إسم من الأسماء وضع لمسمّى لا يخرج عن ضرورة الحواس الخمس في الإدراك , وأوّلها : النظر , الذي هو أقوى دليل - كما قيل : والمشاهدة أقوى دليل - ثمّ يتبعه السمع وبقية الحواس مع فوارق في الإدراك بها بينها , فمن أدرك معنى مسمّى من المسمّيات بالحواس الخمس , كالتفاح مثلا تجد أحد ما نظر إليه ورآه ومن ثمّ لمسه ثمّ شمّه ثمّ ذاقه , إلاّ السمع في هذه الحالة فهو معنى مشترك الإدراك لأنّ متعلّقه العلم بالشيء المحسوس من حيث التمييز والتفصيل فهو معنى مشترك بين عالم الشهادة وعالم الغيب أو تقول هو وصلة الهمز بين عالم الغيب وعالم الشهادة وهذا فيه تفصيل كبير سنأتي عليه بالتفصيل , لذا في هذا العالم الذي هو عالم الحسّ النظر مقدّم على السمع , خلاف العالم الغير محسوس الذي هو عالم الغيب , فالسمع مقدّم على النظر , ( وسنبحر في هذا في اللاحق )
فبقدر سلامة حواسك يكون إدراكك لمعنى كلّ مسمّى بإسم من الأسماء فمتى سلمت الحواس كلّها كان إدراكك لمعنى ذلك المسمّى كاملا فقد إستغرقته تامّا وهكذا فعلى قدر ذلك يكون ذلك ( أي هنا في عالم الشهادة والحسّ )
من هنا : بما أنّ الناس في مشارق الأرض ومغاربها يحتاجون إلى وضع لغة مستعملة يتخاطبون بها لقضاء أوطارهم وحاجاتهم فيصلح عيشهم بعقولهم التي منحهم الله إيّاها وضعوا لغاتهم ولهجاتهم , فكان وضع اللغات ومنها اللغة العربية التي هي أمّ اللغات , فكانت فيها الألفاظ المركّبة التي تدلّ على معانيها العقلية كالإسم الذاتي العلم والإسم الصفاتي والصفة والإسم الفعلي والفعل , فهذه وضعت من أجل دلالة معانيها المحسوسة والمدركة بالحواس في أصل التركيب والوضع من حيث وجود العقل المدرك لها والمخوّل له الحكم على تلك الأسماء والأفعال والحروف فينظّمها تنظيما ويرتّبها ترتيبا , فهذا مجاله اللغة وقواعد مدلولاتها
بقي أنّ النظر الظاهري الذي قلنا بأنّه مقدّم في المرتبة في العالم المحسوس على السمع لأنّه به تقع الشهادة والأحكام فهو مناط الشهادة كالشهادة في النكاح وفي عقود البيع وفي الحدود والجنايات بغض الطرف عن المراتب الدينية فيها فهنا يشترك البشرية كلّها في هذا أي لا بدّ من حاسّة النظر في البداية , قال تعالى ( ألم نجعل له عينين ) لذا كان يدلّهم على مشاهدة الحكمة في عالم المحسوسات كي يخترقوا كلّ محسوس فلا يقفون معه ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) فقوله ( ينظرون ) واضح , وماذا بعد النظر , قال ( كيف خلقت ) فسأل عن الكيفية وهو سرّ القدرة ( أرني كيف تحيي الموتى ) ..إلخ ( فافهم ) لذا أعطاك النظر وهو سيّد الحواس ليوجّه ذلك العقل توجيها صحيحا حتى لا تطغى بذلك العقل لأنّه غول مفترس متى سبح في ظلمته , ثمّ علا بك في المقام فقال ( وإلى السماء كيف رفعت ) فما قال لك هنا ( كيف خلقت ) بل كيف رفعت هكذا آخذا بك بالتدريج , فهذا بخصوص الخلق وحكمة القدرة فيه ...
هنا نفهم : أنّ اللغة إنّما وضعت في بدايتها لترتيب مسمّيات عالم الحسّ والشهادة , من دلالة معانيها على الإصطلاح الذي صار بين أهل كلّ لغة , أمّا المعاني فتبقى واحدة عند جميع أهل الأرض بخصوص أن شؤون الدنيا واحدة فإشتركت المعاني وإختلفت اللغات , فأضحت العقول مستوية في العالم من هذا الوجه لا فرق بين مؤمن وكافر بل كلّ من أوتي عقلا علم تلك المعاني وبهذا عاش البشر ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) لأنّه لنا قاسم مشترك نعيش في خلاله فإنّ معاني الحسن حسنة ومعاني القبح قبيحة من حيث العقل المجرّد في عالم الشهادة والمحسوس وليس في عالم الدين حتّى لا يظنّ الظّان أنّا نقول بقول المعتزلة فلا بدّ من التفريق فكلامنا على العالم المادي فحسب لذا سمّوا أهل العقول المرجّحة لتلك المعاني ب: ( أحرار العالم ) من أي طائفة كانوا
وعليه يجب أن نراعي هذا الجانب في إدراك العقل للأشياء من حيث اللغة المستعملة التي إصطلح عليها كلّ قوم أو شعب فلا يجب علينا نحن العرب أن نخلط بين الوضع الإنساني للغة ومدلولاتها وبين الوضع الإلهي لمعاني لغة القرآن الذي عالمه عالم غيبي بحت
فنزل هذا القرآن بلغة العرب , أي نزلت مدلولات عالم الغيب بلغة العرب التي يتخاطبون بها فعمّت المنفعة لطائفة وعمّت البلية لطائفة أخرى لذا تفطّن ساداتنا العلماء رضي الله عنهم لهذا فكانوا يقولون في كلّ أمر : هذا في اللغة كذا : أي في أصل الوضع والدلالة , وفي الشرع كذا : أي في معاني عالم الغيب : كالإيمان مثلا فميّزوا بين اللغة الإصطلاحية العقلية في عالم الحسّ , وبين اللغة الشرعية في عالم الغيب التي هي لغة أهل الإيمان , لذا ميّز العارفون اللغة فقالوا : لغة النثر , ولغة القرآن
فنزل القرآن بألفاظ العرب لكن في مرتبة فهم القلب لذا قال له ( نزّله على قلبك ) فانظر رحمك الله : القرآن بلغة العرب ومدلولات ألفاظه ولكن أنزلت معانيه على القلب وليس على العقل , فعرفنا هنا أنّ العقل في مجال هذه المعاني تابعا لا متبوعا ومسيّرا لا مخيّرا , فالقرآن نزل على القلب يا سادة وليس على العقل , فعلمنا أنّ جميع معاني القرآن هي معاني غيبية لا تدرك بالعقل أبدا وإنّما تدرك بالقلب ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )
من هنا حدثت الفرقة بين المسلمين من حيث اللغة - فلا تتّبع في الدين إلاّ من كان له فهم قلبي لمعاني القرآن التي هي معاني إيمانية بحتة وغيبية صرفة , هنا مثلا قال ساداتنا العارفون : ليس بين الجنّة والدنيا غير التشابه في الأسماء أمّا المعاني فهي مختلفة كليّا , فما البال لو قلنا الكلام في شؤون الخالق من حيث دلالة اللغة على حقائقه
من هنا إتّضح أنّ اللغة لها من المراتب ثلاث : فهم العقول , فهم القلوب , فهم الأرواح , فهي كلّها تشترك من حيث الألفاظ الظاهرة النازلة في القرآن وتختلف معانيها بحسب إدراكات محالها , وعليه إتّضح أنّ لغة القرآن معانيها قلبية وليست عقلية
فباللغة ضلّ من ضلّ وباللغة شكّ من شكّ في كلام العارفين , وباللغة ضلّ من ضلّ في التوحيد , لذا قال عليه الصلاة والسلام ( إنّ المرء ليتكلّم بالكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به في نار حهنّم أربعين خريفا ) طبعا هو لا يدري لها بالا وهي تهوي به في نار جهنّم لأنّه محجوب عن معانيها التي حملتها لذا نهى الله تعالى الصحابة أن ينادوا رسول الله بإسمه , ونهى أن يجهروا له بالقول , ونهى عن الغيبة والنميمة , ونهى عن اللعن والسبّ والشتم , ونهى عن كلّ قول قبيح , ( إليه يصعد الكلم الطيّب )
لأنّ القرآن ولغته وكلّ ماهو من دائرة الدين أمره معنوي قلبي وأمره خطير لذا قال عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )
وإنّما أعني بهذا خطورة الكلام في دين الله ( أي اللغة ) إلاّ بمعانيها الصحيحة التي لا يمكنها إلا أن تكون معاني قلبية بحتة ولذا يرى الأولياء في كشفهم صورة الكلام الخارج من اللسان يتكيّف ويتشكّل على صور إمّا صور حسنة وإمّا صور قبيحة , لذا العارف بعد أن يفتح الله عليه إذا سمع كلام الناس تقيّأ من قبح ما يسمع ذكر هذا سيدي أحمد التيجاني
وسأكمل التمهيد بذكر مضان اللغة , وتشكّل معانيها بحسب قلب صاحبها , ومن هنا سيظهر الفرق الكبير بين أهل الولاية وبين غيرهم , والنور الموجود في كلامهم لصفاء أفئدتهم وقربهم من الله ( حدّثني قلبي عن ربّي ) وليس ( حدّثني عقلي عن نفسي ) , وسنذكر إن شاء الله أيضا ضلال الوهابية من حيث اللغة وضلال إبن تيمية رحمه الله تعالى بالخصوص وكيف طرأ عليه الخلل ومن أين حضرته وما نوع التلبيس الذي وقع فيه ومنشؤه , وخطر عدم فهم القلب لمعاني اللغة القرآنية وأنّ منشأ الضلال من هناك , ومن ثمّ نذكر فهم القلب للغة وفهم الروح لها , ومن أيّ حضرة يكتب العارفون حقائقهم ولمن يكتبون ومن يفهم عنهم ...إلخ هذه المعاني ..فانتظرونا
والسلام
والصلاة والسلام على الحبيب وآله وصحبه أجمعين
الحمد لله اللهم يسّر
أردت أن أتحف أحبابي في هذا الروض المبارك وأخصّ بالذكر منهم ساداتنا المراقبين وبقيّة الأعضاء الكرام , بهذا الكلام بخصوص معارف الصوفية وأنّهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وسأذكر مباحث في هذا : وهي :
- إدراكات العقل وحدوده ( عالم الشهادة )
- إدراكات القلب وحدوده ( عالم الغيب )
- إدراكات الروح وحدودها ( عالم التشبيه ) في الصفات ( وهذا من أعظم العلوم وسأتكلّم فيه بكلام لن تجده مسطّرا في كتاب)
- إدراكات السرّ ( عالم التنزيه ) وسأبيّن القول فيه
تمهيد في الحديث عن العقل المادي المحسوس من حيث اللغة ودلالتها:
قلت :
العقل المادي الظاهري المجرّد لا يدرك غير الحسّيات , فمتى أراد أن يدرك غير الحسّيات قاس على تلك الحسّيات بعالم خياله فدخل في الظنّ والشكّ أي أنّه أراد تكثيف الغير محسوس بردّه محسوسا ولو في الفكر بأن يجعل المحسوسات قياسا على غير المحسوس فلا إنفكاك له عن هذا ولو فعل ما فعل
فإنّ العقل ( أعني فكر الإنسان ) له من العوالم عالم المحسوسات وإنّما سمّوها محسوسات لإدراك الحواس الخمس لها أو ما تقاس عليه تلك الحواس الخمس , وإنّما قلنا ( ما تقاس عليه ) أي يصبح محسوسا معنى خيالي قائم على الظنّ والشكّ اللذان هما من حضرة الباطل , لأنّ حضرة الباطل هي حضرة محسوسات المعاني المقاسة بالخيال والفكر على المحسوسات الحقيقية المدركة بالحواس الخمس إمّا تشبيها وإمّا ثبوتا بنفي التشبيه في التشبيه ( فافهم وتمعّن ) فلا يخرج عن هذا
فلو قلنا مثلا لفظة تدلّ على فاكهة ( تفاح ) فإنّنا وبمجرّد سماع العقل لتلك اللفظة يقيّدها الفكر بما يتبادر إليه من معانيها المدركة بالحواس فأوّل ما يتبادر إليه هو هذا , ثمّ متى رام إستعمال تلك اللفظة في غير عالم المحسوسات قاس ولا بدّ على ذلك المحسوس بالخيال والظنّ والشكّ ( فافهم ) أي قاس على روح ذلك المحسوس ولو نفى من الفكر شكله وهيئته لأنّ روح القياس على المحسوس هو الذي يدخلها عالم المحسوسات في الفكر من هذا الوجه ( فتفطّن بارك الله فيك )
لأنّه سيبحث عن إدراك حقيقة معنى تلك اللفظة فإذا كان إدراكه لمعنى تلك اللفظة بداية في عالمه المحسوس فأنّى يمكنه أن يدرك معانيها في غير معانيها المحسوسة فهذا لا طاقة له عليه أبدا لذا سأل إبن رشد الشيخ الأكبر في كلّ مسألة من مسائل النظر : هل هذا يوافق ؟ أم لا ؟ فكان يجيبه بنعم أو لا ؟ لإعترافه أنّ العقل والفكر لا يصل البتّة إلى فهم ما وراء عالم الشهادة والمحسوس , إذن فالإبتلاء وقع في مرتبة ( الأسماء ) ( وعلّم آدم الأسماء كلّها )
فالعوالم إذن مشتركة في الأسماء ومفترقة في فهم عوالم المعاني فصار الخلط بين المعاني فوقعوا في المحذور , فأضحى التفصيل كلّه يقع في عالم المعاني ( وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا )
فذلك الإدراك الذي حصّله العقل من حيث دلالات الأسماء هو الذي سيقوده سواء حقيقة ضرورية عنده مدركة بالحواس الخمس أو خيالا ظنّا وشكّا إلى تحديد معانيها ولا بدّ من ذلك فوقف العقل هنا موقف الحيرة فلا بدّ له من إمام يقوده , فهو من حيث الضرورة أي من حيث إدراكه ضرورة حسيّة لمعنى أي إسم من الأسماء وضع لمسمّى لا يخرج عن ضرورة الحواس الخمس في الإدراك , وأوّلها : النظر , الذي هو أقوى دليل - كما قيل : والمشاهدة أقوى دليل - ثمّ يتبعه السمع وبقية الحواس مع فوارق في الإدراك بها بينها , فمن أدرك معنى مسمّى من المسمّيات بالحواس الخمس , كالتفاح مثلا تجد أحد ما نظر إليه ورآه ومن ثمّ لمسه ثمّ شمّه ثمّ ذاقه , إلاّ السمع في هذه الحالة فهو معنى مشترك الإدراك لأنّ متعلّقه العلم بالشيء المحسوس من حيث التمييز والتفصيل فهو معنى مشترك بين عالم الشهادة وعالم الغيب أو تقول هو وصلة الهمز بين عالم الغيب وعالم الشهادة وهذا فيه تفصيل كبير سنأتي عليه بالتفصيل , لذا في هذا العالم الذي هو عالم الحسّ النظر مقدّم على السمع , خلاف العالم الغير محسوس الذي هو عالم الغيب , فالسمع مقدّم على النظر , ( وسنبحر في هذا في اللاحق )
فبقدر سلامة حواسك يكون إدراكك لمعنى كلّ مسمّى بإسم من الأسماء فمتى سلمت الحواس كلّها كان إدراكك لمعنى ذلك المسمّى كاملا فقد إستغرقته تامّا وهكذا فعلى قدر ذلك يكون ذلك ( أي هنا في عالم الشهادة والحسّ )
من هنا : بما أنّ الناس في مشارق الأرض ومغاربها يحتاجون إلى وضع لغة مستعملة يتخاطبون بها لقضاء أوطارهم وحاجاتهم فيصلح عيشهم بعقولهم التي منحهم الله إيّاها وضعوا لغاتهم ولهجاتهم , فكان وضع اللغات ومنها اللغة العربية التي هي أمّ اللغات , فكانت فيها الألفاظ المركّبة التي تدلّ على معانيها العقلية كالإسم الذاتي العلم والإسم الصفاتي والصفة والإسم الفعلي والفعل , فهذه وضعت من أجل دلالة معانيها المحسوسة والمدركة بالحواس في أصل التركيب والوضع من حيث وجود العقل المدرك لها والمخوّل له الحكم على تلك الأسماء والأفعال والحروف فينظّمها تنظيما ويرتّبها ترتيبا , فهذا مجاله اللغة وقواعد مدلولاتها
بقي أنّ النظر الظاهري الذي قلنا بأنّه مقدّم في المرتبة في العالم المحسوس على السمع لأنّه به تقع الشهادة والأحكام فهو مناط الشهادة كالشهادة في النكاح وفي عقود البيع وفي الحدود والجنايات بغض الطرف عن المراتب الدينية فيها فهنا يشترك البشرية كلّها في هذا أي لا بدّ من حاسّة النظر في البداية , قال تعالى ( ألم نجعل له عينين ) لذا كان يدلّهم على مشاهدة الحكمة في عالم المحسوسات كي يخترقوا كلّ محسوس فلا يقفون معه ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) فقوله ( ينظرون ) واضح , وماذا بعد النظر , قال ( كيف خلقت ) فسأل عن الكيفية وهو سرّ القدرة ( أرني كيف تحيي الموتى ) ..إلخ ( فافهم ) لذا أعطاك النظر وهو سيّد الحواس ليوجّه ذلك العقل توجيها صحيحا حتى لا تطغى بذلك العقل لأنّه غول مفترس متى سبح في ظلمته , ثمّ علا بك في المقام فقال ( وإلى السماء كيف رفعت ) فما قال لك هنا ( كيف خلقت ) بل كيف رفعت هكذا آخذا بك بالتدريج , فهذا بخصوص الخلق وحكمة القدرة فيه ...
هنا نفهم : أنّ اللغة إنّما وضعت في بدايتها لترتيب مسمّيات عالم الحسّ والشهادة , من دلالة معانيها على الإصطلاح الذي صار بين أهل كلّ لغة , أمّا المعاني فتبقى واحدة عند جميع أهل الأرض بخصوص أن شؤون الدنيا واحدة فإشتركت المعاني وإختلفت اللغات , فأضحت العقول مستوية في العالم من هذا الوجه لا فرق بين مؤمن وكافر بل كلّ من أوتي عقلا علم تلك المعاني وبهذا عاش البشر ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) لأنّه لنا قاسم مشترك نعيش في خلاله فإنّ معاني الحسن حسنة ومعاني القبح قبيحة من حيث العقل المجرّد في عالم الشهادة والمحسوس وليس في عالم الدين حتّى لا يظنّ الظّان أنّا نقول بقول المعتزلة فلا بدّ من التفريق فكلامنا على العالم المادي فحسب لذا سمّوا أهل العقول المرجّحة لتلك المعاني ب: ( أحرار العالم ) من أي طائفة كانوا
وعليه يجب أن نراعي هذا الجانب في إدراك العقل للأشياء من حيث اللغة المستعملة التي إصطلح عليها كلّ قوم أو شعب فلا يجب علينا نحن العرب أن نخلط بين الوضع الإنساني للغة ومدلولاتها وبين الوضع الإلهي لمعاني لغة القرآن الذي عالمه عالم غيبي بحت
فنزل هذا القرآن بلغة العرب , أي نزلت مدلولات عالم الغيب بلغة العرب التي يتخاطبون بها فعمّت المنفعة لطائفة وعمّت البلية لطائفة أخرى لذا تفطّن ساداتنا العلماء رضي الله عنهم لهذا فكانوا يقولون في كلّ أمر : هذا في اللغة كذا : أي في أصل الوضع والدلالة , وفي الشرع كذا : أي في معاني عالم الغيب : كالإيمان مثلا فميّزوا بين اللغة الإصطلاحية العقلية في عالم الحسّ , وبين اللغة الشرعية في عالم الغيب التي هي لغة أهل الإيمان , لذا ميّز العارفون اللغة فقالوا : لغة النثر , ولغة القرآن
فنزل القرآن بألفاظ العرب لكن في مرتبة فهم القلب لذا قال له ( نزّله على قلبك ) فانظر رحمك الله : القرآن بلغة العرب ومدلولات ألفاظه ولكن أنزلت معانيه على القلب وليس على العقل , فعرفنا هنا أنّ العقل في مجال هذه المعاني تابعا لا متبوعا ومسيّرا لا مخيّرا , فالقرآن نزل على القلب يا سادة وليس على العقل , فعلمنا أنّ جميع معاني القرآن هي معاني غيبية لا تدرك بالعقل أبدا وإنّما تدرك بالقلب ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )
من هنا حدثت الفرقة بين المسلمين من حيث اللغة - فلا تتّبع في الدين إلاّ من كان له فهم قلبي لمعاني القرآن التي هي معاني إيمانية بحتة وغيبية صرفة , هنا مثلا قال ساداتنا العارفون : ليس بين الجنّة والدنيا غير التشابه في الأسماء أمّا المعاني فهي مختلفة كليّا , فما البال لو قلنا الكلام في شؤون الخالق من حيث دلالة اللغة على حقائقه
من هنا إتّضح أنّ اللغة لها من المراتب ثلاث : فهم العقول , فهم القلوب , فهم الأرواح , فهي كلّها تشترك من حيث الألفاظ الظاهرة النازلة في القرآن وتختلف معانيها بحسب إدراكات محالها , وعليه إتّضح أنّ لغة القرآن معانيها قلبية وليست عقلية
فباللغة ضلّ من ضلّ وباللغة شكّ من شكّ في كلام العارفين , وباللغة ضلّ من ضلّ في التوحيد , لذا قال عليه الصلاة والسلام ( إنّ المرء ليتكلّم بالكلمة لا يلقي لها بالا تهوي به في نار حهنّم أربعين خريفا ) طبعا هو لا يدري لها بالا وهي تهوي به في نار جهنّم لأنّه محجوب عن معانيها التي حملتها لذا نهى الله تعالى الصحابة أن ينادوا رسول الله بإسمه , ونهى أن يجهروا له بالقول , ونهى عن الغيبة والنميمة , ونهى عن اللعن والسبّ والشتم , ونهى عن كلّ قول قبيح , ( إليه يصعد الكلم الطيّب )
لأنّ القرآن ولغته وكلّ ماهو من دائرة الدين أمره معنوي قلبي وأمره خطير لذا قال عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )
وإنّما أعني بهذا خطورة الكلام في دين الله ( أي اللغة ) إلاّ بمعانيها الصحيحة التي لا يمكنها إلا أن تكون معاني قلبية بحتة ولذا يرى الأولياء في كشفهم صورة الكلام الخارج من اللسان يتكيّف ويتشكّل على صور إمّا صور حسنة وإمّا صور قبيحة , لذا العارف بعد أن يفتح الله عليه إذا سمع كلام الناس تقيّأ من قبح ما يسمع ذكر هذا سيدي أحمد التيجاني
وسأكمل التمهيد بذكر مضان اللغة , وتشكّل معانيها بحسب قلب صاحبها , ومن هنا سيظهر الفرق الكبير بين أهل الولاية وبين غيرهم , والنور الموجود في كلامهم لصفاء أفئدتهم وقربهم من الله ( حدّثني قلبي عن ربّي ) وليس ( حدّثني عقلي عن نفسي ) , وسنذكر إن شاء الله أيضا ضلال الوهابية من حيث اللغة وضلال إبن تيمية رحمه الله تعالى بالخصوص وكيف طرأ عليه الخلل ومن أين حضرته وما نوع التلبيس الذي وقع فيه ومنشؤه , وخطر عدم فهم القلب لمعاني اللغة القرآنية وأنّ منشأ الضلال من هناك , ومن ثمّ نذكر فهم القلب للغة وفهم الروح لها , ومن أيّ حضرة يكتب العارفون حقائقهم ولمن يكتبون ومن يفهم عنهم ...إلخ هذه المعاني ..فانتظرونا
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: السلامة العقلية بإتّباع السادة الصوفية
تتمّة :
هناك فرق بين المعاني العقلية والمعاني القلبية للغة , ومن هنا ضلّ من ضلّ في تحديد معاني اللغة العربية أعني لغة عربية القرآن فظنّها بنفس ميزان عربية اللغة من حيث الوضع والإصطلاح بشواهد وأدلّة سقيمة لا تتوافق مع الحقيقة , ومنها حجيّة أنّ القرآن أنزل باللغة العربية موافقة للسان العربي عند العرب فلا تعرف معانيه بحسب زعمهم إلاّ بالرجوع إلى لسانهم العربي لذا تجد من كان هذا حاله يستشهد كثيرا لتفسير معاني ألفاظ القرآن بشعر العرب القدامى فجعل الشعر حاكما على معاني ألفاظ القرآن بتلك الحجّة , فهذا القول صحيح من وجه وباطل من وجه آخر , نعم يفسّر القرآن بحسب مقتضيات اللغة لفظا ولكنّه لا يفسّر كذلك معنى في أغلب الحالات , فكما أنّ الألفاظ القرآنية ألفاظ توقيفية فكذلك معانيه فهي معاني توقيفية ففرق بين أن تستدلّ بلغة الشعر على معاني القرآن فالفرق واضح بين قول الله تعالى وبين قول البشر لذا قال في القرآن ( أنزله بعلمه ) بعد أن قال ( نزّله على قلبك ) فتوافق القلب مع العلم الإلهي لذا لمّا قال له ( إقرأ ) قال ( ما أنا بقارئ ) أي ليست لي معرفة باللغة ولا كتابتها ولا معرفتها فكيف أقرأ فعلمنا أنّ تلك القراءة لا تختصّ معرفتها وتتوقّف على القراءة والكتابة بل هي لغة إيمانية يقرؤها الإيمان لذا قال له ( إقرأ بإسم ربّك ) فعلّمه أنّ القراءة تلك تكون حقيقتها بالإسم الجامع السارية حقائقه في الوجود من حيث سائر الأسماء والصفات وإلاّ فكيف سيعرف من كان أميّا مناط اللغة العربية وأحكامها بل وجب التوقّف هنا وفهم حكمة تنزيل هذا القرآن على رجل أمّي لا يعرف القراءة ولا الكتابة نعم يوجد عدّة حكم في ذلك ولكن منها ما نحن بصدده ليشير أنّ هذه اللغة القرآنية ليس هي نفسها اللغة التي يتداولها العرب لذا قالت فيها العرب ليس هو شعر ولا هو سجع ولا هو من كلام البشر لذا تحدّاهم بذلك ( فاتوا بسورة من مثله إن كنتم صادقين ) , أمّا الذي قال بالتوقيف في كلّ لفظ وبهذا زعم إبن تيمية رحمه الله فإنّه أراد بذلك إلزام غيره بتفسير اللفظ بحسب معناه المتعارف عليه عند العرب ولو تعدّدت معاني ذلك اللفظ , فهو أوقف اللفظ على الأصل كي يستشهد له عقليا بحكم وضع اللغة وإصطلاحها في لسان العرب , فهي شبهة عقلية وإن كانت في نفس الأمر عند المحقّقين قولا حسنا لأنّه من جملة إستيفاء الحقيقة التي لا نجدها كاملة إلاّ في اللفظ التوقيفي وكذلك فهو من الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم فمن وافق إبن تيمية رحمه الله تعالى في هذا فإنّما وافقه من هذه الزاوية لا من غيرها وكذلك أقواله في الحقيقة والمجاز فهو حقّ ولكن ليس بما قصده من الفهم والمعنى فإنّه قصد بإنكاره للمجاز توقيف اللفظ على حقيقة معناه المتبادرة إلى الأذهان أي تفسيره بحسب مقتضى اللغة عقليا التي إصطلح عليها العرب فخلط بين أشياء وأمور : منها :
- لمّا علم أنّ القرآن هو الصدق المطلق وأنّه حقيقة لا مجاز معها لأنّه كلام الربّ حمل المجاز على أنّه تحريف للمعنى , وهذا غير صحيح بل المجاز هو المجاز اللفظي أو العقلي لا المجاز المعنوي لأنّه لا مجاز في المعاني بل غاية مجاز القرآن ما كان مجازا لفظيا بمختلف مراتبه لأنّ وضع اللغة يستوجب هذا لأنّه وضع لها في مرتبة العقل ( إنّا أنزلناه قرآنا عربيا لعلّكم تعقلون ) أي تعقلون حقيقة هذه اللغة وما فيها من حمل للمعاني الربانية إذ قد أودع الله فيها أسراره وبثّ فيها أنواره فأضحت اللغة العربية لها علاقة كبيرة بالفطرة السليمة التي هي النيّة الصافية والعاطفة النقيّة وهذا لبّ دين الإسلام الذي هو الفطرة
- ومنها : أنّه غرق في تناقضات في ذلك من حيث العقل فحمل معاني الربوبية عقليا بمعنى أنّه صرف حقائق الألفاظ التوقيفية المتعلّقة بجناب الباري إلى مفهوم العقل فأحالها العقل إلى مفهوم تصوّر ماهية دلالة ذلك اللفظ فلمّا أحسّ بعجزالعقل هناك صرفه إلى متناقضات كثيرة مرسومة في كتبه وقد أشار إلى بعض ذلك الحافظ محمّد التيجاني رضي الله عنه ...وكثير من هذا
قلت : لمّا كانت اللغة القرآنية هي كلام الله تعالى وجب إستشعار هذا بلا تأخير فعندما تقرأ القرآن بلغته يجب أن تعلم أنّ المعنى متوقّف على إحساسك وشعورك بالمتكلّم وهو الله تعالى بمعنى أنّك وقبل كلّ شيء تستشعر النَفَس التوحيدي في القرآن كلّه كلمة كلمة ولفظة لفظة فلو قرأت مثلا : ( محمّد رسول الله ) يجب أن تستشعر نفَس التوحيد في ذلك بما أنّ المتكلّم هو الله تعالى قبل إستشعارك المعنى الثاني من الدلالة على ذات النبي صلى الله عليه وسلّم وقبل إسشعارك المعنى الثالث من حيث الصفات والأفعال المحكية عنه في تلك الآية أو اللفظ , ولوجود هذا يجب أن تستشعر نزول القرآن على القلب لأنّه ساحة العلم ورياض الفهم أي فهم معانيه الحقيقة حيث تشرب من كأس اللفظ حقيقته بجميع أوجه حقائقها وإنّما أنزل القرآن على القلب لأنّه يتقلّب به في المراتب كلّها فله وجه إلى العقل فيعطيه قدر طاقته من حيث الشريعة التي هي مناط الأحكام ووجه إلى الروح فيعطيه قدر طاقته من حيث الحقيقة التي هي مناط العلم والأدب , وكذلك فالقلب مرتبة متوسّطة بين العقل وبين الروح فهو الجامع بينهما فهو حبل الوصل بين العقل والروح فلو لا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط , فأضحى القلب هو الواسطة فيما بينك وبين الله تعالى لذا كان محلاّ للإيمان ومحلاّ لنزول القرآن فلا ينزل القرآن على القلب حقيقة أي تنزل معانيه المرادة إلاّ بعد إستيفاء الإيمان فيه لذا كان الصحابة يقولون ( علّمنا رسول الله الإيمان ثمّ علّمنا القرآن ) فوجب علم الإيمان قبل القرآن , أمّا أن نفسّر القرآن بالإيمان الناقص فيكون تفسيرنا له بحسب إيماننا ولذا حضّ القرآن كثيرا على هذا الإيمان لأنّ بيان القرآن وتفصيله لا يأتي إلاّ بعد فهم الإيمان والتحلّي به وصفا ذاتيا , لأنّ الإيمان وصف يجمع كلّ صفة ومرتبة ومقام وحال , وهذا ما عمل عليه مشائخ الصوفية في كلّ عصر فإنّهم يعلّمون الناس الإيمان ومقاماته المرموز لها في الحديث ( بالشعب ) وإنّما وجود أهل التربية فينا هو عين وجود رسول الله صلى الله عليه وسلّم فينا بلا ريب فمن ظنّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم مات وذهب فهو الميّت حقيقة بل مازالت حقائق رسول الله موجودة في ورثته في كلّ زمان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حلله الجديدة في كلّ عصر لذا لو تتابع أحاديث خير خلق الله صلى الله عليه وسلّم فإنّك تراها تتناول كلّ عصر بما سيحدث فيه فكأنّه صلى الله عليه وسلّم موجودا في ذلك العصر لذا فقد لبس رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثياب كلّ عصر فخرج فيه فكيف نترك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونذهب إلى غيره كمسيلمة الكذّاب في زمنه بل لا نذهب إلاّ إلى الوارث الحقيقي لنتعلّم عنده الإيمان ثمّ يعلّمنا القرآن أم أنّك ترى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ترك أمّته هملا , نعم ترك لأهل الحجاب ظاهر الكتاب والسنّة أمّا الخواص فهو معهم أينما كانوا في كلّ عصر لذا قال الشيخ أبو العبّاس المرسي رضي الله عنه قولته المشهورة التي ينكرها الجاهلون ( لي ستّ وأربعين سنة ما غاب عنّي رسول الله طرفة عين ولو غاب عنّي ما عددت نفسي من المسلمين ) وهذا وليعلم أنّ الإجتماع برسول الله صلى الله عليه وسلّم روحيا يقظة أمر يكون قبل الفتح وبعده فليس هو دليلا على الفتح الكبير كما أنّه ليس كلّ الصحابة عليهم الرضوان مفتوحا عليهم بالفتح الكبير ولا يقع الإستمداد حقيقة من علوم الصالحين وأحوالهم إلاّ من أهل الفتح الكبير أصحاب الأسرار مع الله تعالى أمّا غيرهم فلا إستمداد منهم وهذه نقطة قد أهملها المريدون لذا كثرت عللهم في طلب المقامات والأحوال أمّا أهل الفتح الكبير فإنّهم لا يدلّونك على غير الله تعالى أبدا
نرجع فنقول :
لا تحتجّ بفهمك للغة على فهم أهل الله فإنّهم أدرى بفهم اللغة منك بنور قلوبهم وأنّ القرآن أنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم فهم من هناك يستمدّون بخلافك أنت فإنّك تستمدّ من فهم عقلك وفي أحسن الأحوال تلتجئ إلى فهم من سبقك فتكون مقلّدا وهكذا نقول في الوهابية اليوم أنّهم قلّدوا فما أحسنوا التقليد فخرج بهم إلى البدعة فإنّهم قلّدوا في الألفاظ ولم يقلّدوا في المعاني بل صرفوا المعاني وتصرّفوا فيها بحسب عقولهم الظلمانية لغلبة الخواطر النفسانية والشيطانية عندهم فإنّه لا دراية لهم بالواردات أصلا ولا يعرفون معنى واحدا من معاني حقائق التوحيد
أمّا السبب في عدم فهم لغة القرآن أنّهم لا حظّ لهم في فهم حقائق التنزيل من حيث دلالة الألفاظ في تركيباتها على معنى الإيمان في عالم الملكوت ومن ثمّ لمّا غاب عنهم هذا العالم لم يجدوا حيلة في مطابقة ما إستدلّوا به على عالم الحقائق , بمعنى أنّك متى فهمت اللفظ بمعناه قلبا عرج بك اللفظ إلى عالم الأنوار في الملكوت ثمّ هناك تعرج بما تفهم من الفهم الثاني في ذلك العالم القلبي فيعرج بك إلى عالم الحقيقة والإحسان فإنّ القرآن متى وقف بك دون الله تعالى فليس هو بقرآن لأنّ القرآن صفة الكلام وهي صفته تعالى والصفة لا تدلّ إلاّ على الموصوف لذا إستخرج ساداتنا من كلّ آية ولفظ قرآني حقائق توحيدية حتى ظنّها البعض خروجا عن معنى اللفظ وما ظنّوا أنّ اللفظ موحّد أيضا لله تعالى فلو علموا هذا لرأوا اللفظ ساجدا وقائما وراكعا , أي قائما في مقام العقل والشريعة , وراكعا في مقام القلب والطريقة , وساجدا في مقام الروح والحقيقة
فمتى ركع القلب ركع معه اللفظ القرآني أي حصّل معناه في ذلك الركوع , وهكذا في السجود , فحينها يستوي عنده القرآن كلّه من حيث أنّه كلام الله يجب فيه طاعة الله تعالى في مرتبة العقل وفي مرتبة القلب وفي مرتبة الروح , فتسجد لله ظاهرا وباطنا من مقتضيات أوامر ونواهي القرآن في مختلف المراتب , أمّا إذا ظننت أنّ القرآن وهو حبل الله مقطوع بينك وبين معرفة الله فذلك وهمك بعقلك الخيالي وإلاّ فالحبل موصول لأهل الوصول فادع الله أن تكون منهم وإلا لا تدخل نفسك في هذه الصناعة واترك الأمر لأهله
يتبع ...
هناك فرق بين المعاني العقلية والمعاني القلبية للغة , ومن هنا ضلّ من ضلّ في تحديد معاني اللغة العربية أعني لغة عربية القرآن فظنّها بنفس ميزان عربية اللغة من حيث الوضع والإصطلاح بشواهد وأدلّة سقيمة لا تتوافق مع الحقيقة , ومنها حجيّة أنّ القرآن أنزل باللغة العربية موافقة للسان العربي عند العرب فلا تعرف معانيه بحسب زعمهم إلاّ بالرجوع إلى لسانهم العربي لذا تجد من كان هذا حاله يستشهد كثيرا لتفسير معاني ألفاظ القرآن بشعر العرب القدامى فجعل الشعر حاكما على معاني ألفاظ القرآن بتلك الحجّة , فهذا القول صحيح من وجه وباطل من وجه آخر , نعم يفسّر القرآن بحسب مقتضيات اللغة لفظا ولكنّه لا يفسّر كذلك معنى في أغلب الحالات , فكما أنّ الألفاظ القرآنية ألفاظ توقيفية فكذلك معانيه فهي معاني توقيفية ففرق بين أن تستدلّ بلغة الشعر على معاني القرآن فالفرق واضح بين قول الله تعالى وبين قول البشر لذا قال في القرآن ( أنزله بعلمه ) بعد أن قال ( نزّله على قلبك ) فتوافق القلب مع العلم الإلهي لذا لمّا قال له ( إقرأ ) قال ( ما أنا بقارئ ) أي ليست لي معرفة باللغة ولا كتابتها ولا معرفتها فكيف أقرأ فعلمنا أنّ تلك القراءة لا تختصّ معرفتها وتتوقّف على القراءة والكتابة بل هي لغة إيمانية يقرؤها الإيمان لذا قال له ( إقرأ بإسم ربّك ) فعلّمه أنّ القراءة تلك تكون حقيقتها بالإسم الجامع السارية حقائقه في الوجود من حيث سائر الأسماء والصفات وإلاّ فكيف سيعرف من كان أميّا مناط اللغة العربية وأحكامها بل وجب التوقّف هنا وفهم حكمة تنزيل هذا القرآن على رجل أمّي لا يعرف القراءة ولا الكتابة نعم يوجد عدّة حكم في ذلك ولكن منها ما نحن بصدده ليشير أنّ هذه اللغة القرآنية ليس هي نفسها اللغة التي يتداولها العرب لذا قالت فيها العرب ليس هو شعر ولا هو سجع ولا هو من كلام البشر لذا تحدّاهم بذلك ( فاتوا بسورة من مثله إن كنتم صادقين ) , أمّا الذي قال بالتوقيف في كلّ لفظ وبهذا زعم إبن تيمية رحمه الله فإنّه أراد بذلك إلزام غيره بتفسير اللفظ بحسب معناه المتعارف عليه عند العرب ولو تعدّدت معاني ذلك اللفظ , فهو أوقف اللفظ على الأصل كي يستشهد له عقليا بحكم وضع اللغة وإصطلاحها في لسان العرب , فهي شبهة عقلية وإن كانت في نفس الأمر عند المحقّقين قولا حسنا لأنّه من جملة إستيفاء الحقيقة التي لا نجدها كاملة إلاّ في اللفظ التوقيفي وكذلك فهو من الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم فمن وافق إبن تيمية رحمه الله تعالى في هذا فإنّما وافقه من هذه الزاوية لا من غيرها وكذلك أقواله في الحقيقة والمجاز فهو حقّ ولكن ليس بما قصده من الفهم والمعنى فإنّه قصد بإنكاره للمجاز توقيف اللفظ على حقيقة معناه المتبادرة إلى الأذهان أي تفسيره بحسب مقتضى اللغة عقليا التي إصطلح عليها العرب فخلط بين أشياء وأمور : منها :
- لمّا علم أنّ القرآن هو الصدق المطلق وأنّه حقيقة لا مجاز معها لأنّه كلام الربّ حمل المجاز على أنّه تحريف للمعنى , وهذا غير صحيح بل المجاز هو المجاز اللفظي أو العقلي لا المجاز المعنوي لأنّه لا مجاز في المعاني بل غاية مجاز القرآن ما كان مجازا لفظيا بمختلف مراتبه لأنّ وضع اللغة يستوجب هذا لأنّه وضع لها في مرتبة العقل ( إنّا أنزلناه قرآنا عربيا لعلّكم تعقلون ) أي تعقلون حقيقة هذه اللغة وما فيها من حمل للمعاني الربانية إذ قد أودع الله فيها أسراره وبثّ فيها أنواره فأضحت اللغة العربية لها علاقة كبيرة بالفطرة السليمة التي هي النيّة الصافية والعاطفة النقيّة وهذا لبّ دين الإسلام الذي هو الفطرة
- ومنها : أنّه غرق في تناقضات في ذلك من حيث العقل فحمل معاني الربوبية عقليا بمعنى أنّه صرف حقائق الألفاظ التوقيفية المتعلّقة بجناب الباري إلى مفهوم العقل فأحالها العقل إلى مفهوم تصوّر ماهية دلالة ذلك اللفظ فلمّا أحسّ بعجزالعقل هناك صرفه إلى متناقضات كثيرة مرسومة في كتبه وقد أشار إلى بعض ذلك الحافظ محمّد التيجاني رضي الله عنه ...وكثير من هذا
قلت : لمّا كانت اللغة القرآنية هي كلام الله تعالى وجب إستشعار هذا بلا تأخير فعندما تقرأ القرآن بلغته يجب أن تعلم أنّ المعنى متوقّف على إحساسك وشعورك بالمتكلّم وهو الله تعالى بمعنى أنّك وقبل كلّ شيء تستشعر النَفَس التوحيدي في القرآن كلّه كلمة كلمة ولفظة لفظة فلو قرأت مثلا : ( محمّد رسول الله ) يجب أن تستشعر نفَس التوحيد في ذلك بما أنّ المتكلّم هو الله تعالى قبل إستشعارك المعنى الثاني من الدلالة على ذات النبي صلى الله عليه وسلّم وقبل إسشعارك المعنى الثالث من حيث الصفات والأفعال المحكية عنه في تلك الآية أو اللفظ , ولوجود هذا يجب أن تستشعر نزول القرآن على القلب لأنّه ساحة العلم ورياض الفهم أي فهم معانيه الحقيقة حيث تشرب من كأس اللفظ حقيقته بجميع أوجه حقائقها وإنّما أنزل القرآن على القلب لأنّه يتقلّب به في المراتب كلّها فله وجه إلى العقل فيعطيه قدر طاقته من حيث الشريعة التي هي مناط الأحكام ووجه إلى الروح فيعطيه قدر طاقته من حيث الحقيقة التي هي مناط العلم والأدب , وكذلك فالقلب مرتبة متوسّطة بين العقل وبين الروح فهو الجامع بينهما فهو حبل الوصل بين العقل والروح فلو لا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط , فأضحى القلب هو الواسطة فيما بينك وبين الله تعالى لذا كان محلاّ للإيمان ومحلاّ لنزول القرآن فلا ينزل القرآن على القلب حقيقة أي تنزل معانيه المرادة إلاّ بعد إستيفاء الإيمان فيه لذا كان الصحابة يقولون ( علّمنا رسول الله الإيمان ثمّ علّمنا القرآن ) فوجب علم الإيمان قبل القرآن , أمّا أن نفسّر القرآن بالإيمان الناقص فيكون تفسيرنا له بحسب إيماننا ولذا حضّ القرآن كثيرا على هذا الإيمان لأنّ بيان القرآن وتفصيله لا يأتي إلاّ بعد فهم الإيمان والتحلّي به وصفا ذاتيا , لأنّ الإيمان وصف يجمع كلّ صفة ومرتبة ومقام وحال , وهذا ما عمل عليه مشائخ الصوفية في كلّ عصر فإنّهم يعلّمون الناس الإيمان ومقاماته المرموز لها في الحديث ( بالشعب ) وإنّما وجود أهل التربية فينا هو عين وجود رسول الله صلى الله عليه وسلّم فينا بلا ريب فمن ظنّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم مات وذهب فهو الميّت حقيقة بل مازالت حقائق رسول الله موجودة في ورثته في كلّ زمان فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حلله الجديدة في كلّ عصر لذا لو تتابع أحاديث خير خلق الله صلى الله عليه وسلّم فإنّك تراها تتناول كلّ عصر بما سيحدث فيه فكأنّه صلى الله عليه وسلّم موجودا في ذلك العصر لذا فقد لبس رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثياب كلّ عصر فخرج فيه فكيف نترك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونذهب إلى غيره كمسيلمة الكذّاب في زمنه بل لا نذهب إلاّ إلى الوارث الحقيقي لنتعلّم عنده الإيمان ثمّ يعلّمنا القرآن أم أنّك ترى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ترك أمّته هملا , نعم ترك لأهل الحجاب ظاهر الكتاب والسنّة أمّا الخواص فهو معهم أينما كانوا في كلّ عصر لذا قال الشيخ أبو العبّاس المرسي رضي الله عنه قولته المشهورة التي ينكرها الجاهلون ( لي ستّ وأربعين سنة ما غاب عنّي رسول الله طرفة عين ولو غاب عنّي ما عددت نفسي من المسلمين ) وهذا وليعلم أنّ الإجتماع برسول الله صلى الله عليه وسلّم روحيا يقظة أمر يكون قبل الفتح وبعده فليس هو دليلا على الفتح الكبير كما أنّه ليس كلّ الصحابة عليهم الرضوان مفتوحا عليهم بالفتح الكبير ولا يقع الإستمداد حقيقة من علوم الصالحين وأحوالهم إلاّ من أهل الفتح الكبير أصحاب الأسرار مع الله تعالى أمّا غيرهم فلا إستمداد منهم وهذه نقطة قد أهملها المريدون لذا كثرت عللهم في طلب المقامات والأحوال أمّا أهل الفتح الكبير فإنّهم لا يدلّونك على غير الله تعالى أبدا
نرجع فنقول :
لا تحتجّ بفهمك للغة على فهم أهل الله فإنّهم أدرى بفهم اللغة منك بنور قلوبهم وأنّ القرآن أنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم فهم من هناك يستمدّون بخلافك أنت فإنّك تستمدّ من فهم عقلك وفي أحسن الأحوال تلتجئ إلى فهم من سبقك فتكون مقلّدا وهكذا نقول في الوهابية اليوم أنّهم قلّدوا فما أحسنوا التقليد فخرج بهم إلى البدعة فإنّهم قلّدوا في الألفاظ ولم يقلّدوا في المعاني بل صرفوا المعاني وتصرّفوا فيها بحسب عقولهم الظلمانية لغلبة الخواطر النفسانية والشيطانية عندهم فإنّه لا دراية لهم بالواردات أصلا ولا يعرفون معنى واحدا من معاني حقائق التوحيد
أمّا السبب في عدم فهم لغة القرآن أنّهم لا حظّ لهم في فهم حقائق التنزيل من حيث دلالة الألفاظ في تركيباتها على معنى الإيمان في عالم الملكوت ومن ثمّ لمّا غاب عنهم هذا العالم لم يجدوا حيلة في مطابقة ما إستدلّوا به على عالم الحقائق , بمعنى أنّك متى فهمت اللفظ بمعناه قلبا عرج بك اللفظ إلى عالم الأنوار في الملكوت ثمّ هناك تعرج بما تفهم من الفهم الثاني في ذلك العالم القلبي فيعرج بك إلى عالم الحقيقة والإحسان فإنّ القرآن متى وقف بك دون الله تعالى فليس هو بقرآن لأنّ القرآن صفة الكلام وهي صفته تعالى والصفة لا تدلّ إلاّ على الموصوف لذا إستخرج ساداتنا من كلّ آية ولفظ قرآني حقائق توحيدية حتى ظنّها البعض خروجا عن معنى اللفظ وما ظنّوا أنّ اللفظ موحّد أيضا لله تعالى فلو علموا هذا لرأوا اللفظ ساجدا وقائما وراكعا , أي قائما في مقام العقل والشريعة , وراكعا في مقام القلب والطريقة , وساجدا في مقام الروح والحقيقة
فمتى ركع القلب ركع معه اللفظ القرآني أي حصّل معناه في ذلك الركوع , وهكذا في السجود , فحينها يستوي عنده القرآن كلّه من حيث أنّه كلام الله يجب فيه طاعة الله تعالى في مرتبة العقل وفي مرتبة القلب وفي مرتبة الروح , فتسجد لله ظاهرا وباطنا من مقتضيات أوامر ونواهي القرآن في مختلف المراتب , أمّا إذا ظننت أنّ القرآن وهو حبل الله مقطوع بينك وبين معرفة الله فذلك وهمك بعقلك الخيالي وإلاّ فالحبل موصول لأهل الوصول فادع الله أن تكون منهم وإلا لا تدخل نفسك في هذه الصناعة واترك الأمر لأهله
يتبع ...
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: السلامة العقلية بإتّباع السادة الصوفية
علي كتب:
... فكما أنّ الألفاظ القرآنية ألفاظ توقيفية فكذلك معانيه فهي معاني توقيفية ففرق بين أن تستدلّ بلغة الشعر على معاني القرآن فالفرق واضح بين قول الله تعالى وبين قول البشر لذا قال في القرآن ( أنزله بعلمه ) بعد أن قال ( نزّله على قلبك ) فتوافق القلب مع العلم الإلهي لذا لمّا قال له ( إقرأ ) قال ( ما أنا بقارئ ) أي ليست لي معرفة باللغة ولا كتابتها ولا معرفتها فكيف أقرأ فعلمنا أنّ تلك القراءة لا تختصّ معرفتها وتتوقّف على القراءة والكتابة بل هي لغة إيمانية يقرؤها الإيمان لذا قال له ( إقرأ بإسم ربّك ) فعلّمه أنّ القراءة تلك تكون حقيقتها بالإسم الجامع السارية حقائقه في الوجود من حيث سائر الأسماء والصفات ...
نوّر الله قلبك سيدي ونزّل الفهم السليم على قلوبنا.
لو فهم المسلمون هذه اللغة الإيمانية ما وقع اختلاف أو اعتراض على هذه الطائفة.
واصل أخي من هذا النبع الصافي رحمك الله.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1576
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
مواضيع مماثلة
» من حكم السادة الصوفية
» تأويل كلام السادة الصوفية
» تعريف الإلهام لدى السادة الصوفية
» من أقوال السادة الصوفية كلامهم في علم التصوف
» رد السادة الصوفية بأن أبوى النبى فى الجنة
» تأويل كلام السادة الصوفية
» تعريف الإلهام لدى السادة الصوفية
» من أقوال السادة الصوفية كلامهم في علم التصوف
» رد السادة الصوفية بأن أبوى النبى فى الجنة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 13:27 من طرف الطالب
» تصحيح مفاهيم حول مشيخة التربية والإرشاد
اليوم في 9:17 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
اليوم في 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس