بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
لم تتجلّ النبوّة أو مناهج السير الكامل في السلوك بحسب المراحل الكليّة المستوفاة أكثر ممّا تجلّت في سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم ثمّ من بعده سيّدنا إبراهيم عليه السلام
قال تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )
فكانت العلاقة متينة وقويّة بين الأمّة المحمديّة وسيّدنا إبراهيم عليه السلام فما اتّبع سيدنا محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام هديا من هدى الأنبياء أكثر من اتّباعه هدي سيّدنا إبراهيم لقوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) فالإمامة الإبراهيمية مقدّمة كلّ إمام في الوجود لقوله تعالى : ( قال إنّي جاعلك للناس إماما ) فهذه الإمامة هي المنهج العام الأصلي في الوجود من حيث النبوّة ومن حيث الولاية , فهي الإمامة الأصلية في طريق الله وهي المنعوتة في قوله (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) لذا علمنا أنّ من شروط معرفة الإذن في طريق الله معرفة شروط الإمامة فيه فهي الأصل , إذ أنّ من شروطها قوله تعالى لسيّدنا إبراهيم عليه السلام : (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )
فأقطاب التربية الكبار في هذه الأمّة المحمّدية يكونون على أقدام النبيّ عليه الصلاة والسلام في الحقيقة الإبراهيمية وليس في غيرها وهذا أكبر شرط من شروط الإمامة وهو المنهج الإبراهيمي في السلوك واستيقاء الأحوال والمقامات , لذا كان سيّدنا إبراهيم في السماء السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور لأنّه إمام الناس لذا سمّى سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام إبنه ( إبراهيم ) لأنّ الحقائق الكليّة تعطي تعيين هذا الإسم اقتداء بالقرآن الذي أوصانا ( فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فقرن الله تعالى إتّباع إبراهيم لأنّه لم يكن مشركا بل كان الفتى الذاتي تائه في بحر الذات وهذا مقام الفتوّة المقول فيه (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) أي لمّا أراد قومه أن يعرفوا من كسّر الأصنام , وهو نفس مشرب أهل الكهف إلاّ أنّ الفرق بين سيّدنا إبراهيم وأهل الكهف أنّ أهل الكهف اعتزلوا الأصنام وأهلها أمّا سيّدنا إبراهيم فقد كسّرها فالفرق واضح لذا دفع مهر الإبتلاء في ذلك فألقي في النار فكانت معجزته ظاهرة لقومه على جهة التحدّي لأنّ من يفعل فعله فهو كمن يلقي نفسه في النار فمن يحسن لأن يصبر على النار لذا صبر فأرادها الله تعالى أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم لأنّ جزاء من يفعل ذلك الفعل هو جزاء المحسنين (قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) بخلاف أهل الكهف فإنّهم آووا إلى الكهف لأنّ مذهبهم الإعتزال من حيث أنّه لا أسماء ظاهرة لهم لذا ما عيّن القرآن أسماءهم فعلمنا أنّهم ليسوا بأئمّة كإمامة إبراهيم فكانت الحقائق تستهلكهم فكان النوم حالهم من حيث أنّ الله تعالى ضرب على آذانهم في الكهف سنين عددا فكانت كرامتهم من نفس جنسهم وقد كان سيدي محي الدين بن عربي من نفس جنسهم وأيضا من جنس غيرهم كالخضر فإنّ بحر علم الله واسع لا يحدّ وعاش من عرف قدره فمن ظنّ أنّ علم الله الذي يفيضه على عباده إنتهى فهو بعيد وصاحب دعوى بل ما خفي أكثر ممّا ظهر , فعلمنا هنا الفارق الشاسع بين أهل الكهف وبين مناهج الإمامة في الكون التي لا يمكنهم أخذها فلو طلبوها لما أعطوها بل لمنعوا من ذلك فكان التغيير الذي يرنونه لا يقع إلاّ باطنا من حيث هممهم لذا أجلّ الله تعالى ظهور هدايتهم إلى زمن آخر غير زمان من كانوا يعبدون الأصنام فلمّا بدّل الله تعالى غيرهم فكانوا مسلمين بعثهم الله تعالى ليعلموا هم في أنفسهم عدد السنين وكي يعلم من كان حاضرا في مدينتهم قصّتهم , فجمعهم وصف الفتوّة مع إبراهيم ولم يجمعهم وصف الأسماء لأنّ أسماء الظهور تعطي الخروج إلى أهل الظاهر بالغلبة والنصر لذا خرج سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بإسمه محمّد ولم يخرج بإسمه أحمد لأنّ إسمه أحمد يعطي البطون لذا ورد ذكره والبشرى به على لسان عيسى عليه السلام , فكان إبراهيم ظاهرا وكان أهل الكهف باطنا فكانت فتوّة إبراهيم أكبر من فتوّة أهل الكهف لوجود إسم فتوّته في عالم الأسماء فكان ظهوره عليهم متحتّما وإن في قصّة سيّدنا إبراهيم لعجب عجاب وإنّ الأسرار والمقامات والأحوال تزخر بها قصّته فما أحسن فهم سيّدنا إبراهيم عن الله تعالى أمّا مقامات سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم فمن يحسن أن يدركها أو يحوم حولها , فما أحسن الحديث عن هؤلاء القوم فإنّه أحلى من العسل المصفّى وأحلى من الجنان بل الجنان من فيض أنوارهم , فلمّا كانت الأسماءء للظهور أشار عليه الصلاة والسلام إلى من يظهر ومن لا يظهر فذكر ظهور المهدي آخر الزمان في قوله ( يواطئ إسمه إسمي ) فانظر يا هذا معرفة محمد صلى الله عليه وسلّم بدلالة الأسماء وانظر إن شئت إشارته الخفية التي هي أرقّ من النسيم العليل , فقرن إسمه بإسم المهدي لتعلم أنّ المهدي لا يظهر إلاّ في صورة محمد صلى الله عليه وسلّم الأسمائية فيحكم بشرع محمّد فيتأدّب عيسى مع الظهور المحمدي في شخص المهدي من حيث مواطأة إسمه لإسم المهدي لذا يقول عيسى ( إمامكم منكم ) فرجع إلى ذكر الإمامة التي بدأنا الحديث عليها وهي الإمامة الإبراهيمية التي أعطاها الله له من حيث معرفة شروطها في المقامين : الإمامة الظاهرة والإمامة الباطنة , وإمامة الظاهر والباطن معا مقترنتين
فنحن الأمّة المحمّدية مشربها محمّدي إبراهيمي حقيقة لذا بلّغنا سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم سلام سيّدنا إبراهيم عليه السلام ليلة أسري به فهما حضرتان جامعتان : ( الحضرة المحمّدية الجامعة الكليّة ) ( ثمّ الحضرة الإبراهيمية الجامعة النسبيّة ) لقوله عليه الصلاة والسلام في كيفية الصلاة عليه : ( اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم , وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد ) فليس بعد هذا البيان النبوي بيان .
فإنّ الحضرة الإبراهيمية الشريفة هي الممهّدة للحضرة المحمّدية قبل ظهورها , فبنى الكعبة وأسّس البيت الحرام وذهب إلى مصر وتزوّج هاجر ورجع بابنه معها وتركهما في واد غير ذي زرع عند البيت المحرّم ثمّ دعا بعد أن بنى الكعبة بوجود هذا النبيّ العظيم الشريف سيّد الأنبياء والرسل محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم النبي العربي لذا ورد في الحديث ( أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ) فكانت الحضرة الإبراهيمية هي النسخة الأصلية من الحضرة المحمّدية , فأصحاب المشرب الإبراهيمي هم أصحاب الإمامة في الوجود
وسنذكر بعد هذا :
مراتب الحضرة الإبراهمية : في الإمامة وشروطها الحقيقية , في المقامات , في الأحوال , في الإبتلاء , في العلوم والآداب , في المعارف , وجميع ما يختصّ بها ظاهرا وباطنا , كي نخرج من علوم القرآن ما خفي عن الكثيرين وكلّ ذلك من فتح العليم الوهّاب ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب )
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
فطانة الأنبياء وفهومهم عن الله لا تحدّ ولا توصف ولا يبلغ مرقاها أحد من غير جنسهم لذا كانوا أفضل خلق الله تعالى فهم سادات الوجود قال مقدّمهم سيّد العالمين صلى الله عليه وسلّم ( أنا سيّد ولد آدم ولا فخر آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ) فمن لا يعرف محمّد رسول الله يستبعد كثيرا أن يعرف الله تعالى فهو باب الله فمن ضلّ الطريق إلى الباب فأنّى يدخل حضرة الأحباب
لمّا فتح لسيّدنا إبراهيم باب تخصيصه بالإمامة على النّاس في قوله تعالى : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) قال إبراهيم مباشرة (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) لمّا علم بفتح باب الإختصاص فهذه معرفة سيّدنا إبراهيم بربّه وهذا فهمه عنه فما سأل لذرّيته معه غير الإمامة فجانسوه في هذه الناحية وقد أشار القرآن إلى استجابة دعاء إبراهيم في قوله تعالى : ( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) فكأنّه يقول له : ( نعم يا إبراهيم ومن ذريتك إلاّ من ظلم منهم فلا ) يعني باب الإمامة والإختصاص مفتوحا لهم إلاّ من أبى منهم فظلم نفسه , هذا أمر , ثمّ إنّه سأل الإمامة لذرّيته تحديدا كي لا تخرج منه أي يريد أن تبقى الحقائق الإبراهيمية في الأكوان لأنّ حقائقه هي الحقائق الجامعة التي هي من حقائق الإمامة وهي قطبانية التربية في الوجود التي تكون في أرقى مظاهرها ظاهرة وباطنة , ونعني بالباطنة علوم التربية والسلوك والأحوال والمقامات بأسرها , ولا أعني قطبانية التصريف التي نالها من ليس لهم قطبانية التربية كما الحال في أصحاب الكهف والخضر عليهم جميعا السلام فإنّهم يتصرّفون بهممهم لأنّ التصريف أنواع إلاّ أنّه ( سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار ) , وهناك الكثير من الخلق يخطئ في قطبانية الظاهر , فليس أصل قطبانية الظاهر مجرّد التصريف بل التصريف موضوع لحماية قطبانية التربية من أن يظلمها أو يفسدها أحد من الظالمين كمثلما نقول في أنّ الجهاد وضع لحماية دين الله من تسلّط الأعداء فهو من أحكام العزّة بالله تعالى لذا كان حامي دين الإسلام هو الجهاد وشاهد هذا : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) لذا يخرج أهل التصريف كي يرجعوا مناهج الدين إلى أصلها فيحرسونها فمازال أهل التصريف حماة الدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بل حتّى علماء الشريعة وحرّاسها هم ظلّ أهل التصريف من حيث لا يشعرون , فالمقصود من كلامي هذا أنّ القطبانية الحقيقة هي قطبانية التربية وبها أختصّ غالبا مشائخ الشاذلية فإنّها طريقة أقطاب فقد ورثوها عن سيّدنا الحسن بن علي عليه السلام ورضي الله عنه فهو أوّل الأقطاب , وكذلك جميع الطرق الأخرى التي ترجع إلى الحسن والحسين وبقية الصحابة كأبي بكر وعمر وعليّ رضي الله عنهم رغم أنّ المعروف أنّ قطبانية التربية ورثها آل البيت عليهم السلام لقول إبراهيم عليه السلام ( ومن ذرّيتي ) فمتى ظلم منهم أحد أرجعت تلك القطبانية لغيره حتّى يرجع عن ظلمه فتعطى له كما ورد في الحديث الشريف ( رجل من أهل بيتي يزعم أنّه منّي وليس منّي ) لأنّ آل البيت يجب فيهم أن يكونوا على نفس أخلاق آبائهم في عبوديتهم لربّهم وآدابهم مع أصحابهم وإخوانهم ومع ذرّات الوجود وإلاّ فإنّهم ظلموا أنفسهم فلا تعطى لهم الإمامة في الوجود فيعطيها الله للمتّقين لقوله ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) وكذلك ( آل محمّد كلّ تقيّ ) ويشهد عليه من الأحاديث ( سلمان منّا آل البيت ) فهي لهم متى استقاموا , وهذا ما فعله سيدي أحمد العلاوي رضي الله في وصيّته لمّا أعطى شؤون زاويته لسيدي عدّة بن تونس رضي الله عنه ثمّ جعلها في الصالحين من أبنائه ثمّ أوقف شرط الصلاح على هذا وإلاّ أسندت إلى غيره وهذا واضح في وصيّته فإنّ الإمامة لا يعطاها أحد من آل البيت إلاّ متى كان لها أهلا , ونحن لا نتناول ذكر وجود محبّة آل البيت طائعهم وعاصيهم أو إكرامهم وتقديمهم بالتبجيل والإحترام فليس هذا موضوعنا وإنّما نتكلّم عن الإمامة وأنّه خاصّة بالمتّقين لذا قال له ( لا ينال عهدي الظالمين )
فالإمامة الإبراهيمية خصوصيتها التربية وأحكام الفناء والبقاء فتقول أنّ سيّدنا إبراهيم هو مؤسّس علم السلوك الذي يسير عليه من جاء بعده لأنّ الله جعله للنّاس إماما وأمرنا الله تعالى بصريح العبارة أن نتّبع ملّة إبراهيم لأنّه كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ففيها إشارة إلى علوم التربية من فناء وبقاء بالله تعالى فهي معنى قولنا ( دين الإسلام ) لقوله تعالى : (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) إنّه أبونا عليه السلام الذي وضع لنا أسس معاني الإسلام وهي المعاني الإسلامية الأصيلة وهو معنى القلب السليم الذي هو الأصل (وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم ) فالقب السليم هو معاني الفطرة الصافية التي هي أصل كلّ شيء وهي السلوك الحقيقي من غير قراءة ولا كتابة فإنّ الحقيقة الإبراهيمية هي أٍرقى حقيقة من الحقائق المحمّدية لذا كان في أعلى سماء وأقربهم من سدرة المنتهى عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور إشارة إلى أحكام الحضرة فلا تكون إمامة إلاّ في ذرّية سيّدنا إبراهيم عليه السلام أو من كان على شاكلتهم ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )
فأصل الإمامة الإبراهيمية تعلّقها توحيدي تربوي وليس تصريفي لأنّ التصريف ليس المراد فلو كان المراد لما قال تعالى : ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) قال ابن عبّاس في تفسيره : ( إلاّ ليعرفون ) فهذا الأصل في الإمامة الإبراهيمية وإلاّ فليس كلّ الرسل شرّع الله لهم القتال فقاتلوا فإنّما شرّع القتال لحماية حمى الإسلام وقواعده لذا سمّوه كما في الخبر بالجهاد الأصغر ثمّ أنّ قائد الجيوش قد لا يكون في مستوى من هم تحت إمرته في الحرب من حيث الإمامة الدينية والعلوم الإلهية كما في حكاية جيش أسامة وإنّما فقط وجب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذه مهمّة الإمام العارف الذي يقود الأمّة وعارف بشؤونها , ففي جهاد الطلب لا يكون الجهاد جهادا إلاّ بالإذن من الإمام في كلّ زمان , أمّا جهاد الدفع فهو متعيّن على كلّ مسلم ومسلمة فأمره واضح فهذا الأصل
فصل في الإمامة :
تعلّق الإمامة بالهدى أمر واضح لا غبار عليه لقوله تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ) فشأن الإمامة يحتّم على التوجّه بالنّاس إلى الحضرة الإلهية بالإذن الإلهي الخاص وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) فقرن التقوى مع وجود الإمامة , أي نهاية التقوى فلا يسبقك فيها أحد فعندها تكون إماما فيها كي يقتدي بك من كان أدنى منك باعتبارك إماما فيها فليس هو طلب التقدّم وإنّما طلب الإمامة في التقوى فتبيّن أنّ أوّل شرط من شروط الإمامة هي التقوى ( تقوى الله تعالى ) التي هي محلّ وجود وترادف الإكرام ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) فهذا النسب الحقيقي فيما بيننا وبين الله تعالى وفي ذلك يتنافس الناس جميعهم فلمّا ظلم إخوة يوسف أخاهم لم ينالوا الإمامة التي نالها يوسف عليه السلام ولمّا كفر ابن سيدنا نوح لم ينل النجاة فهذه الآيات وغيرها ترتعد منها فرائص آل البيت لأنّهم أولى الناس بها فإذا كانت الأنبياء تخشى الله أكثر من غيرهم رغم مكانتهم من الله تعالى كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام ( أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له ) فما بالك بغيرهم ممّا لا يعلمون خاتمتهم ولا مقامهم في علم الله فهم أولى بالتقوى من غيرهم لأنّهم أقرب الناس جسما وروحا من آبائهم , فتجد اليوم من يفتح الله عليه بفتح خيري فتنة له حتّى يعلم وهو العليم سبحانه ما يصنع فيه
وسنواصل ذكر الإمامة الإبراهيمية مع شروطها وذكر أحوالها باطناب إن شاء الله تعالى ...
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
سؤالي لسيدي علي لزيادة المعرفة لقد قلت
و أكرر سؤالي هنا لطلب العلم فقط
أرجو مزيد التوضيح هل أن علم السلوك قبل سيدنا ابراهيم كان ناقصا ألم يكن رافعين لواءه الأنبياء الذين سبقوه مثل سيدنا نوح و سيدنا ادريس و سيدنا ادم و غيرهم أم أن سيدنا ابراهيم هو من أسس هذا العلم حسب كلامكم السابق مع ذكر الأدلة العلمية على ذلكفالإمامة الإبراهيمية خصوصيتها التربية وأحكام الفناء والبقاء فتقول أنّ سيّدنا إبراهيم هو مؤسّس علم السلوك الذي يسير عليه من جاء بعده لأنّ الله جعله للنّاس إماما
و أكرر سؤالي هنا لطلب العلم فقط
أبو مهدي- عدد الرسائل : 143
العمر : 50
الموقع : في كنف الحبيب
العمل/الترفيه : الصلاة على النبي
المزاج : اللهم امزجنا بحبك
تاريخ التسجيل : 25/12/2009
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
جزاك الله خيرا سيدي أبا مهدي الفاضل
قد استشكلت عندك هذه القضيّة فأقول أخي لقد قست بعقلك دون الرجوع إلى القلب
أجيب على سؤالك هذا بسؤالين حتّى تجد الجواب : هل آدم ومن بعده من الأنبياء قبل إبراهيم عليه السلام لم يكونوا مسلمين فلا يطلق عليهم هذا اللفظ لأنّ الذي سمّى هذا الإسم هو إبراهيم عليه السلام ؟؟؟ أجبني على هذا السؤال إذا علمت ( أنّ الدين عند الله الإسلام )
هل عندما نقول مثلا في علم النحو أنّ الذي أسّسه هو أبو الأسود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دليل على أنّ علم النحو لم يكن موجودا قبل أن يخرجه أبو الأسود الدؤلي ؟؟؟ أجبني أيضا على هذا السؤال متى أردت , فحتما أنّه كان موجودا ولكن مخافة الخطأ أسّس هذا العلم
والإفادة سؤال ثالث : قوله تعالى ( إتّبعوا ملّة إبراهيم ) لماذا ليس ملّة نوح أو آدم أو غيره لماذا بالتحديد إبراهيم ؟؟؟؟؟؟ فكان يجب أن يعلم قولي بأنّ إبراهيم مؤسّس علم السلوك فما قلت بأنّ علم السلوك لم يكن موجودا بل الذي أسّسه هو إبراهيم عليه السلام لذا أمرنا أن نتّبع ملّته
ثمّ أنّك سيدي مهدي تطالب بالدليل العلمي لو انتظرت قليلا حتّى أكمل الموضوع لتبيّن ذلك
ولكن لو قرأت القرآن بتدبّر لتبيّن لك ذلك , فقولي ( علم السلوك ) واضح فليس قصدي ( السلوك ) وإنّما ( علم السلوك )
وسأتوقّف عن الكتابة في هذا الموضوع مخافة النكران
والسلام
قد استشكلت عندك هذه القضيّة فأقول أخي لقد قست بعقلك دون الرجوع إلى القلب
أجيب على سؤالك هذا بسؤالين حتّى تجد الجواب : هل آدم ومن بعده من الأنبياء قبل إبراهيم عليه السلام لم يكونوا مسلمين فلا يطلق عليهم هذا اللفظ لأنّ الذي سمّى هذا الإسم هو إبراهيم عليه السلام ؟؟؟ أجبني على هذا السؤال إذا علمت ( أنّ الدين عند الله الإسلام )
هل عندما نقول مثلا في علم النحو أنّ الذي أسّسه هو أبو الأسود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دليل على أنّ علم النحو لم يكن موجودا قبل أن يخرجه أبو الأسود الدؤلي ؟؟؟ أجبني أيضا على هذا السؤال متى أردت , فحتما أنّه كان موجودا ولكن مخافة الخطأ أسّس هذا العلم
والإفادة سؤال ثالث : قوله تعالى ( إتّبعوا ملّة إبراهيم ) لماذا ليس ملّة نوح أو آدم أو غيره لماذا بالتحديد إبراهيم ؟؟؟؟؟؟ فكان يجب أن يعلم قولي بأنّ إبراهيم مؤسّس علم السلوك فما قلت بأنّ علم السلوك لم يكن موجودا بل الذي أسّسه هو إبراهيم عليه السلام لذا أمرنا أن نتّبع ملّته
ثمّ أنّك سيدي مهدي تطالب بالدليل العلمي لو انتظرت قليلا حتّى أكمل الموضوع لتبيّن ذلك
ولكن لو قرأت القرآن بتدبّر لتبيّن لك ذلك , فقولي ( علم السلوك ) واضح فليس قصدي ( السلوك ) وإنّما ( علم السلوك )
وسأتوقّف عن الكتابة في هذا الموضوع مخافة النكران
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
علي كتب:
وسأتوقّف عن الكتابة في هذا الموضوع مخافة النكران
والسلام
السلام عليكم سادتي وأخص بالذكر الفاضلين سيدي علي وسيدي أبا مهدي طرفي الحوار وأنتما مثال في الأداب والأخلاق العالية ولكن هذا التساؤل من سيدي أبي مهدي لا يجعلك يا سيدي علي توقف الكتابة في الموضوع وخاصة أن سيدي مهدي نعلم أنه ليس بصاحب جدل بل هو ذكر لك قائلا:
سؤالي لسيدي علي لزيادة المعرفة لقد قلت
فخذ بالرفق يا سيدي علي وواصل ما بدأت وبحول الله سوف لن تريا من بعضكما إلاّ ما يسرّكما وهذا ما أظنّه فيكما من حسن وطيب معدنكما هذا ما أعتقده ولا أزكي على الله أحدا.و أكرر سؤالي هنا لطلب العلم فقط
ودمتما لنا معلمين في هذا المنتدى.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1576
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
سيدي علي لقد أفدتنا بإجابتك يرحمك الله
أما أنا فأذكر قولة الجنيد رضي الله عنه قال إنه لتقع في قلبي النكتة من علوم القوم فلا أقبلها الا بشاهدي عدل الكتاب و السنة و ذلك ما دفعني للسؤال لمعرفة وجه ذلك الأمر
فلا تضق ذرعا بالمستفهمين
و إنني أذكر في تسجيل صوتي لسيدنا الشيخ شخصا سأله عن معنى اية و لا تمسكوا بعصم الكوافر فأجابه جوابا فقال له السائل لم أفهم فأجابه سيدنا الشيخ بجواب اخر فقال له مانيش فهمان فحينها قال له سيدنا الشيخ عندك حق و شرحها له بطريقة جديدة ذكر فيها سر الاية و الحكمة منها حينها قال له فهمت
و بالتالي حلمك علينا و واصل في كتاباتك رعاك الله
فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا
أما أنا فأذكر قولة الجنيد رضي الله عنه قال إنه لتقع في قلبي النكتة من علوم القوم فلا أقبلها الا بشاهدي عدل الكتاب و السنة و ذلك ما دفعني للسؤال لمعرفة وجه ذلك الأمر
فلا تضق ذرعا بالمستفهمين
و إنني أذكر في تسجيل صوتي لسيدنا الشيخ شخصا سأله عن معنى اية و لا تمسكوا بعصم الكوافر فأجابه جوابا فقال له السائل لم أفهم فأجابه سيدنا الشيخ بجواب اخر فقال له مانيش فهمان فحينها قال له سيدنا الشيخ عندك حق و شرحها له بطريقة جديدة ذكر فيها سر الاية و الحكمة منها حينها قال له فهمت
و بالتالي حلمك علينا و واصل في كتاباتك رعاك الله
فما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا
أبو مهدي- عدد الرسائل : 143
العمر : 50
الموقع : في كنف الحبيب
العمل/الترفيه : الصلاة على النبي
المزاج : اللهم امزجنا بحبك
تاريخ التسجيل : 25/12/2009
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
جزاكما الله خيرا سيدي أبا أويس وسيدي أبا مهدي الفاضلين ( هي فقط سيدي مباحث فقد تصيب وقد تخطئ فهي مدارسات وليست هي حقيقة وجب الإعتبار بها على وجه الدلالة والقطع )
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: منهاج طريق الصوفية بحسب الحقائق الإبراهيمية
عندما نتحدّث في موضوع الحقائق الإبراهيمية فلما قرنت حقائقها بحقائق هذه الأمّة المحمّدية وهذا أمر جليّ واضح كما وقع في ليلة المعراج فقد تحدّث عن مقامات الأنبياء ومراتبهم فوصفهم بأبلغ وصف صلى الله عليه وسلّم فذكر حضراتهم التي يكون على أقدامهم فيها ورّاثه عليه الصلاة والسلام إذ أنّ ورّاثه صلى الله عليه وسلّم لا بدّ أن تتجلّى فيهم حقائق الأنبياء وهذا ما يفسّره حديث ( العلماء ورثة الأنبياء , وإنّ الأنبياء ما ورّثوا دينارا ولا درهما إنّما ورّثوا العلم ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام , فقوله : ( ورثة الأنبياء ) يخرج وصف علماء الظاهر بذلك إذ أنّ الأحكام الظاهرة مناطها الرسالة والرسلية خاصّة وليست النبوّة , أمّا قوله : ( الأنبياء ) فما قال ( الرسل ) لأنّه الرسل مخصوصون بتبليغ الأحكام خاصّة , أمّا الوراثة فقد وقعت لجميع الأنبياء سواء أكانوا رسلا أم غير رسل , وقوله : ( ورّثوا العلم ) فلم يقل : ورّثوا شرائع أو أحكام , لأنّ الشرائع والأحكام السابقة ليست بالضرورة شرائع وأحكاما لنا فإنّ الشرع المحمّدي ناسخ لجميع الشرائع إلاّ ما قرّره الشارع من بعض مسائل شرائع من تقدّم , وعليه فهمنا أنّ العلم الموروث عن الأنبياء والذي ورثه علماء هذه الأمّة هو علوم النبوّة وحضراتها خاصّة , وقد يفسّر هذا الحديث بتفسيرات عدّة , معلومة في محالها , وقد يخصّص أهل الظاهر أنّ المراد أنّ كلّ علماء في كلّ أمّة يرثون علوم نبيّهم ولكن هذا تفسير جزئي فلا يجوز تعميمه على جميع الحديث الوارد في ذلك متى علمت أنّ علماء هذه الأمّة ورثوا الأنبياء في علومهم , فنقول هذا على قدم عيسى كسيدي أحمد العلاوي وهذا على قدم موسى وهذا على قدم إبراهيم وهكذا ... والمجال في هذا يطول جدّا
فصل في ذكر حضرات الأنبياء الذين ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة أسري به :
ذكر آدم في السماء الأولى , عيسى في السماء الثانية , يوسف في السماء الثالثة , إدريس في السماء الرابعة , هارون في السماء الخامسة , موسى في السماء السادسة , إبراهيم في السماء السابعة
فمنها : أنّه ذكر آدم في السماء الأولى : لأنّ له حقيقتان : الأولى : الحقيقة الطينية لذا كان أقرب الأنبياء إلى الأرض فلم يخلق الله غيره من الطين في أصل التركيبة وإنّما ذكر الله تعالى أنّه خلقنا من طين وتراب بحكم نسبتنا من آدم في شكلنا وكذلك في صلبه فحقائقنا المادية ترجع إلى آدم لذا كان في السماء الأولى فله وجه إلى الأرض إن أنّها أقرب سماء إلى الأرض , ثمّ له وجه إلى السماء الثانية لأنّ عيسى فيها وأنّ الله نفخ فيه من روحه مثل عيسى فكان بين شيئين : وجه إلى الأرض ووجه إلى سماء عيسى من حيث قوله تعالى : (إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ) فكان آدم قاعدة جميع الخليقة في هذا التركيب فكان في السماء الأولى كأنّه حامل كلّ من سواه من أولاده تفسير حمله له في صلبه إلاّ حوّاء فقد حملها في ذاته وهذا مبحث آخر له علومه ومعارفه وهو في الشاهد كمريم حملت بعيسى من غير أب مادي لذا كانت حقيقة عيسى مقرونه بحقيقة آدم
ومنها : أنّه ذكر عيسى في السماء الثانية وكذلك يحيى ولكن سنذكر فقط عيسى : لأنّ له حقيقتان زائدتان على حقيقته فهما كالحصن من عدم فهم تلك الحقيقة الروحية : حقيقة لها وجه لآدم لذا كان يقابله بما أنّ السماء التي تلي السماء الأولى حيث وجود آدم هي السماء الثانية حيث وجود عيسى , لذا قال تعالى : (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) فذكر الله تعالى هذا كي يفهم عنه سبحانه وجه العلاقة بين آدم وعيسى بما أنّ مريم مخلوقة من أب وأمّ فعيسى إبنها فترجع تركيبته المادية إلى حكم أمّه التي هي من آدم , فهو في المثل كآدم مخلوق من تراب ثمّ نفخ الله فيه الروح لذا كان في السماء الثانية , وأيضا ليكون له حكم الإثنينيّة فلا يكون أحدا إلاّ الله تعالى فليس هو ابن الله ولا هو الله ولا هو ثالث ثلاثة فإنّ معلومات النصارى مدخولة جدّا لها فيها من الفهم السقيم ما لا يخفى عند التحقيق العلمي لذا شبّه لمن أراد صلبه فعلومه كلّها حتّى في ذاته المادية من المتشابهات التي أمرنا بالرجوع عنها إلى المحكمات , وله وجه ثاني إلى السماء التي تليه وهي سماء يوسف حيث الجمال لتعلم أنّ خلقة عيسى جمالية فهو مظهر من مظاهر الجمال التي أظهرها الله تعالى للوجود , فقيّد عيسى في حقيقته الروحية بين حقيقتين : الحقيقة الآدمية الطينية , والحقيقة اليوسفية الجمالية فهو بين مادّة وجمال , فالجمال محلّ الفتنة لذا قيّد يوسف أيضا ...
ومنها : أنّه ذكر يوسف في السماء الثالثة : فلا يتطرّق إلى ذكر حقيقته المادية إذ أنّه كما سائر الأنبياء إلاّ عيسى وآدم له أب وأمّ , بل حتّى لا يقع إساءة فهم حقيقته الجمالية قيّد بالحقيقة العيسوية الروحية مثل حقيقة آدم في عيسى من حيث السجود فسجد له أبواه وإخوته فهو في هذه الحالة إستوجبت حقيقة السجود مثلما إستوجب سجود الملائكة لآدم بعد نفخ الروح فيه , فله من الحقيقة العيسوية ما إستوجب السجود له , وله الحقيقة الثانية من حيث السماء التي تليه من حيث العلوم ( علم تأويل الرؤيا ) لما ينتجه العلم الإدريسي اللدنّي الذي رفعه الله مكانا عليّا فكان محفوظا بالحقائق الآدمية والعيسوية والإدريسية
ومنها : أنّه ذكر إدريس في السماء الرابعة : حيث إطمئنان القلوب فقيّدت حقائقه بحقيقتين : الجمالية اليوسفية في العلوم , واللين الهاروني وهكذا هي أخلاق أهل الله من الدّالين عليه فهذا المكان العليّ وهو بداية الإذن بالتربية ومحلّ النفس المطمئنّة
ومنها : أنّه ذكر هارون في السماء الخامسة : فله وجهان : اللين الإدريسي وهو مجال الخطاب في الدعوة إلى الله تعالى باللين لذا طلب موسى من ربّه أن يسعفه بلسان أخيه هارون (اذهبا ألي فرعون انه طغي فقولا له قولا لينا ) ثمّ له وجه إلى أخيه موسى الذي هو في السماء السادسة بحكم أنّه مرسول معه وبه قيّد ومنه سرى حال القوّة لذا أخذ برأسه وبلحيته لذا نهاه أن يأخذ برأسه أو لحيته ثمّ علّل له وجه ما فعله وأنّ القوم استضعفوه وكادوا يقتلونه فسرى فيه من حال موسى في هذا لذا كان بين السماء الإدريسية وبين السماء الموسوية
ومنها : أنّه ذكر موسى في السماء السادسة : فله وجه إلى لين هارون وفصاحته ( فقولا له قولا ليّنا ) فأسعف بلسان أخيه هارون فإنّ حقائقه الموسوية لو تصدّت إلى فرعون من غير لسان هارون لصار القتال من أوّل يوم ولتصادم الجمعان فذهبت الدعوة إلى الله تعالى جملة , لأنّ أصل الدين هو الدعوة وإنّما شرّع الجهاد لتبليغها فهو مناعتها وحارسها فالدعوة سابقة للجهاد كما آمن أهل المدينة بالدعوة إلى الله وليس بالسيف فهذا الأصل فمن قابل الجلال بالجلال أدّب فلا يقابل الجلال إلاّ بالجمال كي يضحى كما قالوا جمالا في وقته وحينه ( فالذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم ) , ثمّ له وجه إلى إبراهيم الذي هو في السماء السابعة من حيث نشر التوحيد الصرف عنوان بيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم فاختصّت حقائقه به فأخذ موسى من حقائق إبراهيم في نشر التوحيد ونبذ الشرك لأنّ أوّل من حطّم الأصنام هو إبراهيم عليه السلام نبذ الكفر والشرك فكان يحارب النمرود بالقياس الضروري وبالعلم النظري وبالحقائق الغيبية , فله وجه إلى هارون ووجه إلى إبراهيم يتقيّد بهما في حقيقته الموسوية كي لا ينفرد بالرأي ( أمرهم شورى بينهم ) ( وشاورهم في الأمر )
ومنها : أنّه ذكر في السماء السابعة إبراهيم عليه السلام وعليهم جميعا السلام : فله وجهان وحقيقتان تقيّده : الحقيقة الموسوية من حيث التشريع وإثبات الأحكام فكسّر الأصنام وتجرّد إلى مصادمة النمرود فرعون زمانه ... ثمّ له الوجه الأخر وهو الوجه المحمّدي وهو الوجه الأحمدي من حيث أنّ مقامه صلى الله عليه وسلّم ( فدنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى ) وهو الوجه الكامل لأنّ رسول الله عليه الصلاة والسلام هو نور الحضرة الإلهية والهادي إليها فرجعت الحقائق إلى أصلها بطونا وظهورا عند الإسراء والمعراج المحمّدي فصلّى بالجميع في بيت المقدس ثمّ عرج به فأخبر عن مراتب حضرات النبوّة التي ورثها العلماء في هذه الأمّة
ثمّ نأتي أحوال هذه الأمّة فلها تعلّقان : تعلّق بابراهيم من حيث تقيّد السلوك المحمّدي بملّة إبراهيم لذا كسّر عليه الصلاة والسلام الأصنام في الكعبة التي بناها أبوه إبراهيم فنعم الإبن الصالح فطهّر البيت الحرام للعاكفين والركّع السجود محلّ السلوك الإبراهيمي الذي كان سلوكا ظاهريا من حيث بناء الكعبة وو..إلخ فأسّس السلوك كعلم ظاهر لمن غاب عنه الباطن , ثمّ جلس مسندا ظهره إلى البيت المعمور في السماء السابعة لذا أمرنا أن نتّبع ملّة إبراهيم لأنّ له وجهان وجه إلى موسى في التشريع والأخذ بالأحكام والجهاد ... ووجه إلى محمّد صلى الله عليه وسلّم من حيث الفناء والبقاء , فإنّ الوجه المحمّدي له تعلّق بإبراهيم لأنّها أقرب سماء إليه بعد عروجه وله تعلّق كامل بالحضرة الإلهية , فهذا الحال المحمّدي لا يصل إليه سواه وإنّما إبراهيم مقتد فيه به عليه الصلاة والسلام لذا أمرنا أن نتّبع ملّة إبراهيم لأنّه جامع السلوك في أخصّ خصوصية الحقيقة المحمّدية لذا شرّع لنا كلّ شيء فسمّانا المسلمين لأنّه صاحب قلب سليم وقد جاء ربّه بقلب سليم , فهذا الحال الإبراهيمي هو حال الفطرة الأصلية فهي بين موسوية ومحمّدية لذا دار الحديث بينه وبين إبراهيم في خصوص السلوك والحقيقة ودار الحديث مع موسى حول الأحكام الشرعية
لذا كان إبراهيم صاحب الإمامة في السلوك من دون جميع الأنبياء فهو الثاني بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام لذا سمّى عليه الصلاة والسلام إبنه الذاتي ( بإبراهيم ) بينما سمّى أبناء فاطمة بالحسن والحسين عليهم السلام جميعا
فهذا مدخل موجز لفهم الإمامة الإبراهيمية بما تراه وأنت في الحجّ الآن من وجود المقام الإبراهيمي هناك فإنّك متى لم تر إبراهيم هناك في مقامه فلست من أهل الحجّ حقيقة أو على الأقلّ يجب إستشعار ذلك فالذي بنى بيت الله هو إبراهيم والذي طهّرها هو سيّدنا محمّد عليه الصلاة والسلام فإنّ رسول الله بعد نزول الوحي عليه لا ينجب إلاّ إبراهيم لذا قرنه كما ذكرنا في الصلاة عليه معه مع آله فإنّ أهل التربية خصوصا تكون لهم من الحقائق المحمّدية الحقيقة الإبراهيمية , ويوجد الكثير من الأولياء لهم حقائق نبويّة كثيرة لأنّ العلماء ورثة الأنبياء , فكان أبو بكر رضي الله عنه إبراهيميّ المقام وكان عمر رضي الله عنه موسوي المقام , وكان عليّ عيسوي المقام لذا هلك فيه الشيعة كما هلك النصارى في عيسى , فالإمامة في الوجود إبراهيمية , فأحسن المدارس هي المدرسة الأحمدية المحمّدية الإبراهمية الحنيفية
سنبدأ بحول الله تعالى في شرح شروط الإمامة الإبراهيمية , فهذا ما شرحته بإيجاز شديد وإلاّ فإنّ مثل هذه المعاني واسعة لا تحدّ بكيف فإنّ العلوم متداخلة جدّا وهي طرق يفضي بعضها إلى بعض مثل شلاّلات الأنهار والبحار
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
مواضيع مماثلة
» آداب الجوارح في طريق الصوفية
» الدقائق في تمييز علوم الحقائق
» التكلم في الحقائق
» الحقائق العليا
» الحقائق العيسوية في آخر الزمان
» الدقائق في تمييز علوم الحقائق
» التكلم في الحقائق
» الحقائق العليا
» الحقائق العيسوية في آخر الزمان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 13:27 من طرف الطالب
» تصحيح مفاهيم حول مشيخة التربية والإرشاد
اليوم في 9:17 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
اليوم في 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس