مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مواهب المنان
مرحبا بزائرنا الكريم
يمكنك تسجيل عضويتك لتتمكن من معاينة بقية الفروع في المنتدى
حللت أهلا ونزلت سهلا
مواهب المنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» شركة المكنان" خدمات عالية الجودة في عزل خزانات في السعودية
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالإثنين 22 أبريل 2024 - 13:50 من طرف شركة الخبرا

» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالأربعاء 17 أبريل 2024 - 3:26 من طرف الطالب

» هدية اليوم
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس

» حكمة شاذلية
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس

» الحجرة النَّبَوِيَّة وأسرارها
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالإثنين 8 أبريل 2024 - 0:03 من طرف أبو أويس

» لم طال زمن المعركة هذه المرة
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالسبت 6 أبريل 2024 - 0:01 من طرف أبو أويس

» كتاب الغيب والمستقبل لأستاذنا إلياس بلكا حفظه الله
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالجمعة 29 مارس 2024 - 19:49 من طرف أبو أويس

» بح بالغرام - لسيدي علي الصوفي
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالإثنين 25 مارس 2024 - 9:27 من طرف أبو أويس

» المدد
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالأحد 24 مارس 2024 - 19:40 من طرف أبو أويس

» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالأربعاء 20 مارس 2024 - 19:24 من طرف أبو أويس

» حقيقة الاستواء عند الأشعري في الإبانة
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالسبت 16 مارس 2024 - 19:35 من طرف أبو أويس

» أمة جحر الضب حق عليها العذاب
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالسبت 9 مارس 2024 - 2:52 من طرف علي

» إستفسار عمن يتنقل بين الطرق
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالثلاثاء 5 مارس 2024 - 9:22 من طرف أبو أويس

» لماذا نتخذ الشيخ مرشدا ؟
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالإثنين 4 مارس 2024 - 20:57 من طرف رضوان

» مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما
المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Icon_minitimeالجمعة 23 فبراير 2024 - 15:21 من طرف أبو أويس

منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أبريل 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930    

اليومية اليومية


المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

+2
أبو أويس
علي
6 مشترك

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 11 نوفمبر 2008 - 0:53

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد الأوّلين والآخرين ورسول رب العالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أمّا بعد :
فقد إقترح بعض الإخوة من الفقراء على بعض الإخوان بشرح الحكم الزروقية وذلك بتبسيط معانيها العلمية وكشف أذواقها الصوفية ففرحت بهذا الإقتراح فأردت أن أشاركهم في ذلك بما أفهمه منها إن شاء الله تعالى بل إنّني بادرت الى تشجيع ذلك الإقتراح وممّا ورد في الإقتراح أن يكتب كلّ فقير له دراية بعلم القوم وأذواقهم بما يفتح الله عليه من معاني تلك القواعد الزرّوقية التي تعدّ في حقيقتها علم موزون وذوق مفهوم فكان العنوان الذي إرتاح إليه بعض الفقراء وهو ( المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية )
بادرة خير بذلك ومنه يتسنّى لجميع من أراد المشاركة والمناقشة العلمية بالإفادة والإستفادة من فقرائنا الكرام إخواننا في الطريقة من أي مشرب كان أن يدلي بدلوه في هذا الشرح المبارك إن شاء الله تعالى فارجو من الإخوة الكرام أن يعطونا رأيهم في هذا قبل البدء في ذلك وإذا كان هناك إقتراح آخر فلا يبخلوا علينا به وهذا الفقير في إنتظار تعقيبكم حتى لا يكون الشرح حكرا على أحد من الفقراء , كما أنني أشير الى أن بعض إخواننا من الفقراء بأرضنا الطيّبة تونس حكى لي رؤيا وهي أنه رأى الشيخ سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه في منامه وقد أهدى له جميع مكتبته العلميّة وهذا الفقير موجود الآن بتونس وليس بأي بلد آخر ليعلم القوم قيمة فقراء الشيخ إسماعيل رضي الله عنه وأنهم إنشاء الله تعالى أهل علم وفهم في الطريقة وأهل ذوق عالي لا يستهان به
والسلام
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 11 نوفمبر 2008 - 19:10

بسم الله والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد رسول رب العالمين وعلى آله وصحابته أجمعين،
أمّا بعد :
أشكرك وبعض الإخوة على الإستجابة السريعة لما دار في الحوار الخاص بشأن الإقتراح المقدّم ألا وهو مشاركة الفقراء في شرح القواعد الزرّوقية بما يفتح الله من معاني بعلم القوم وأذواقهم.
وطبعا سيدي الفاضل علي ما اخترتموه من عنوان لهذه المجالس نال إعجاب الإخوة وهو كما ذكرت: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية.
وأضيف أنّ من الإقتراحات المقدمة من بعض الإخوة إعطاء كل حكمة مدة زمنية يتسنى فيها جمع ما يقال في الحكمة وإعطاء ذوي الأعذار المهلة الكافية للمشاركة والإثراء.
وأرجو ممن له صلة بالفقراء الذين يمكن لهم زيادة فكرة أو مفهوم أن يشرّكهم في هذا العمل ...
ونشكرك أخي على ما تكنه من مشاعر ومحبة لإخوانك وهذا غير مستغرب من أمثالكم شكر الله سعيكم وما بكم من نعمة فمن الله.
ونسأل الله أن يديم ويمتّن هاته الصلة والمحبة بين الإخوان إنه ولي ذلك سبحانه وتعالى.



مقدمة أولى للشروح

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا وسيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبة ومن والاه. وبعد،
فإن كتاب "قواعد التصوف" لهو من أهم ما كتب في التصوف. بل إنه من أندر الكتب في بابه، فهو نسيج وحده. وذلك لما تميز به الشيخ أحمد زروق رحمه الله من
جمع بين علوم الباطن وعلوم الظاهر، ومن وعي ومعرفه بزمانه وأحوال عصره، وواقع التدين بعامة والتصوف بخاصة في الوقت الذي عاش فيه الشيخ. وكتاب "قواعد التصوف" مميز لأن مؤلفه مميز من بين علماء التصوف، إذ إننا إذا أردنا أن نجسد مقولة الإمام مالك عن الفقه والتصوف: "ومن جمع بينهما فقد تحقق"، فلن نجد من هو أولى بهذا التجسيد منه. وهذا لا يعني تفضيله على سائر الصوفية لا سيما الأعلام منهم، ولكن واقع التصوف في زمانه جعل السمت الغالب عليه هو هذا "الجمع" الذي ذكرناه.
فقد رأى الشيخ تردي حال كثير من متصوفة زمانه وتخلف مفهوم التصوف عندهم وتوقفه عند الرسوم أو الانحدار به إلى منازل الوسائل لما يناقضه؛ ألا وهو الدنيا والجاه، فلم يأل جهدا في التشديد عليهم ولم يبال في نقده لبعضهم أن يجنح نحو التعمق في الإنكار، حتى ليُظَن في بعض كلامه أنه ليس منهم. ويمكن أن نضع زروقا رحمه الله
في المقدمة من زمرة "الصوفية الفقهاء" أو "فقهاء الصوفية" الذي أكثروا من نقد الصوفية إلى جانب مدح طريقتهم لا من باب معاداتهم وإنما من باب إصلاح أحوالهم كحجة الإسلام أبي حامد الغزالي والإمام القطب أحمد الرفاعي والإمام عبد الوهاب الشعراني والإمام المجدد أحمد الفاروقي السرهندي وغيرهم رضي الله تعالى عنهم. ولا يمكننا أن نضع في هذه الزمرة الإمام ابن الجوزي أو الشيخ ابن تيمية وذلك لكونهما ليسا من أئمة التصوف ولا هما من أهل الطريق المعتبرين أصلا. فنقدهما ليس معتبرا عند أهل التصوف إلا فيما ندر، وذلك لعدم تحقق "الجمع" بين التصوف والفقه فيهم.
ولئن كان كتاب الحكم للتاج ابن عطاء الله السكندري رحمه الله قد حظي بمزيد اهتمام علماء الإسلام وبالِغ احتفالهم، فإن كتاب "قواعد التصوف" لحري بمثل ذلك الاهتمام والاحتفال. إذ فيه ما ليس في الحكم العطائية. ولئن كانت "الحكم" أجمع وأشمل وأكثر إشراقا، فإن "القواعد" أكثر تحقيقا وتدقيقا وعمقا في كثير من المواطن. ولكليهما ما به يتميز. والسبب في أن الاهتمام بكتاب القواعد أقل هو عبارته الصعبة، ولغته الأقرب إلى لغة الأصوليين من الفقهاء وعلماء الكلام، منها إلى لغة أهل الأذواق والعرفان وكذلك لقلة السجع والمحسنات اللفظية فيه. ولهذا وجبت الإشارة والتنبيه للقاريء الكريم أن لا تصده صعوبة اللغة أو غرابة التركيب – وخصوصا في القواعد العشر الأولى – عن
المضي في قراءة الكتاب، فإنه سرعان ما سيتكشف لهم عن جواهر في الحكمة قلما يجدوها في غيره.
فلا شك أن في "قواعد التصوف" حكمة بالغة وحلا شافيا لكثير من مشكلات التصوف، وبيانا مجليا لكثير من إشكالاته. كما إن فيه "قواعد حياة"، "وقواعد علوم" وقواعد فهم لأي نص، ولا تقتصر فوائده على التقعيد للتصوف وحسب. ولا يحتاج هذا الكتاب الثمين إلا إلى "ترجمته"، وشرح عبارته الصعبة لكي تتجلى للناس درره وجواهره. وإن أضفنا إليه شرح الشيخ زروق نفسه على الحكم و"نصيحته الكافية" و"رسالته في أصول الطريق" وكثيرا من كتبه الأخرى وأوليناها الرعاية والتدقيق والتنقيح والشرح، فلا شك بأننا سوف نمتلك كنزا لا يعلم قدره إلا الفتاح العليم الذي فتح على الشيخ بهذه العلوم وتلك المعارف. وما برمجتنا الإلكترونية هذه "لقواعد التصوف" سوى محاولة لخطوة في هذا الطريق. وهي بلا شك أقل من جهد المقل. ولقد وضعت عناوين لكل قاعدة من هذه القواعد؛ بدلا من أن تكون عناوينها مجرد أرقام، ولـِما رأيته من بعض الغموض في قواعد معينة منها فأحببت أن أساهم ولو بصورة بسيطة في تجلية ذلك الغموض، وجعل العنوان بمنزلة المفتاح لباب فهم القاعدة. إلا أنني جعلت من مستهل بعض القواعد عناوين كذلك من نفس عبارة المؤلف. وأسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في العناوين التي كتبتها بفهمي فإن كان فيها من صواب فمن الله، وما كان فيها من خطأ فمن الشيطان ونفسي وقصور فهمي. والحمد لله أولا وآخرا
يسار إبراهيم الحباشنة



مقدمة ثانية
مقتبسة بتصرف

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فهذا بحث أضيفه لإثراء هذا الموضوع لعل الحاجة تجعلنا نرجع إليه .

قواعد التصوف للشيخ زروق ، أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد الفاسى رضي الله عنه (ت 899 هـ) هو كتاب فى (225) قاعدة، يعدّ من أهم نصوص التصوف الإسلامى المتمسك بالشرعية ، والملتزم بأسس القرآن والسنة الشريفة ، والشيخ أحد أعلام الفقه والفكر الإسلامى ، كما أنه أحد أعلام المدرسة الشاذلية . يجمع المؤلف في حكمه ببراعة وجزالة بين أصول الفقه والقواعد العقلية والقواعد العامة للشريعة الإسلامية محاولا وضع قواعد لبناء تصوف إسلامى مبنى على أسس الشريعة الإسلامى والعقل السليم والذوق الصحيح ، مع إقامة التوازنات السليمة فى العلاقات بين ثنائيات مثل : الشريعة والحقيقة – الفقه والتصوف – المكلِّف والمكلَّف ، مع تأصيل عميق ونقد صادق للتصوف الإسلامى .
والكتاب يخلو من العناوين الدالة على محتوياته ، كما يخلو من تقسيم القواعد إلى أبواب جامعة ، لكن لا يملك القارئ له أن يدعه ، وسنذكر بعض ما يدل على قواعده : فالقواعد من (1 : 7) تتناول مشكلة مصطلح التصوف :
ق1- الكلام فى الشىء فرع تصوره .
2- ماهية الشىء حقيقته .
3- الاختلاف فى الحقيقة الواحدة .
4- شروط صدق .
5- إسناد الشىء لأصله يدفع قول المنكر .
6- الاصطلاح للشىء بما يدل على معناه .
7- الاشتقاق قاض بملاحظة معنى المشتق والمشتق منه . أما القواعد (8 : 32) يتناول أصل التصوف ومبادئه :
8- حكم التابع كحكم المتبوع .
9- اختلاف النسب قد يكون لاختلاف الحقائق .
10- لا يلزم من اختلاف المسالك اختلاف المقصد .
11- لكل شىء وجه ومحل وحقيقة .
12- شرف الشىء .
13- فائدة الشىء .
14- العلم بفائدة الشىء ونتيجته باعث على التهمم به .
15- أهلية الشىء تقضى بلزوم بذله لمن تأهل له .
16- وجوه الاستحقاق .
17- فى كل علم ما يخص ويعم .
18- اعتبار المهم وتقديمه أبدا .
19- اعتبار النسب فى الواقع يقضى بتخصيص الحكم عن عمومه .
20- الاشتراك فى الأصل يقضى بالاشتراك فى الحكم .
21- الأغلب فى الظهور لازم فى الاستظهار بما يلازمه .
22- لا يصح العمل بالشىء إلا بعد معرفة حكمه .
23- طلب الشىء من وجهه .
24- ما ظهرت حقيقة قط فى الوجود إلا قوبلت بدعوى مثلها .
25- لا علم إلا بتعليم الشارع .
26- حكم الفقه والتصوف .
27- الاختلاف فى الحكم الواحد .
28- لكل شىء وجه . 29- إحكام وجه الطلب .
30- التعاون على الشىء ميسر لطلبه .
31- الفقه مقصود لإثبات الحكم فى العموم ، والتصوف مرصده طلب الكمال .
32- مادة الشىء مستفادة من أصوله .
وتتناول القواعد (33 : 42) أهمية ضبط قواعد العلم : إنما يظهر الشىء بمثاله – المتكلم فى فن من العلم – يعتبر الفرع بأصله – ضبط العلم بقواعده مهم – دلالة التصوف بجملته على التوجه إلى الله – إذا حقق أصل العلم – العلماء مصدقون فيما ينقلون – مبنى العلم على البحث والتحقيق – ما كان معقولا فبرهانه فى نفسه – التقليد والاقتداء والتبصر والاجتهاد والمذهب . وتبدأ بعد ذلك القواعد تتناول قضايا التصوف على نفس طريقة المؤلف من التأصيل والتقعيد ، وسنذكر أمثلة منها : لا متبع إلا المعصوم – فتح كل أحد ونوره على حسب فتح متبوعه – وقوع الموهم المبهم والمشكل – أحكام الصفات الربانية لا تتبدل – نظر الصوفى للمعاملات أخص من نظر الفقيه – فى اختلاف المسالك راحة للسالك – إنما يؤخذ علم كل شىء من أربابه فلا يعتمد صوفى فى الفقه – غاية اتباع التقوى التمسك بالورع – ضبط النفس بأصل لازم – الرياضة تمرين النفس لإثبات حسن الأخلاق – النسك الأخذ بكل ممكن من الفضائل – الحكيم ينظر فى الوجود من حيث حقائقه – أصل كل علم
من علوم الدنيا والآخرة مأخوذ من الكتاب والسنة – لا يقبل فى باب الاعتقاد موهم ولا مبهم – التوقف فى محل الاشتباه مطلوب – المقصود موافقة الحق – التشديد فى العبادة منهى عنه كالتراخى عنها – فراغ القلب للعبادة والمعرفة مطلوب – للزمان حكم يخصه – حفظ العقول واجب – يعذر الواجد بحالة لا يملك نفسه فيها – يعرف باطن العبد من ظاهر حاله – المزية لا تقتضى التفضيل - العافية سكون القلب عن الاضطراب – لا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه – الفقر والغنى وصفيان وجوديان – الزهد فى الشىء برودته عن القلب – إفراد القلب لله تعالى مطلوب بكل حال – الخلق هيئة راسخة فى النفس – الأخلق النفسانية لا تعتبر بالعوارض الخارجة – نفى الأخلاق الذميمة بالعمل بضدها – فائدة التدقيق فى عيوب النفس – تمييز الخواطر من مهمات أهل المراقبة – لا حاكم إلا الشارع – التحقق بالصدق – مطالبة الشخص على قدر حاله – العبادات كلها نور – كل صوفى أهمل أحواله فلا بد له من غلط – كثر المدعون فى طريق التصوف لغربته – لا يصح التصوف دون الفقه – دواعى الإنكار على القوم – ما ألف من كتب للرد على القوم نافع فى التحذير من الغلط – الغلبة عن محاسبة النفس توجب غلطها – إقامة الورد فى وقته لازم – علامة الحياة الإحساس بالأشياء – تعظيم ما عظم الله متعين . فهذه عناوين لبعض قواعد الكتاب تبين أهميته وقيمته الكبيرة .


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الخميس 27 نوفمبر 2008 - 23:33 عدل 18 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف علي الأربعاء 12 نوفمبر 2008 - 7:14

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين
والصلاة والسلام على القائل : " إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق " وآله الطاهرين وصحبه الميامين
أمّا بعد :
فقبل الشروع فيما عزم عليه الفقراء من الشرح والبيان والتفسير للقواعد الزروقية أحببت أن أقدّم بين يدي هذا العمل نبذة وجيزة ولمحة سريعة تعرّ ف بالمؤلّف رضي الله عنه على طريقة الشارحين من أهل الله تعالى في كتبهم رغم أن ترجمته موجودة في ركن الأعلام والتراجم في هذا الموقع المبارك وقد حفلت بها أمّهات كتب الطبقات المتأخّرة ككتاب (الضوء اللامع) للحافظ السخاوي رحمه الله وكتاب
( درة الحجال ) و ( دوحة الناشر) و( الشذرات) و ( البستان) و (فهرس الفهارس) و (معجم سركيس) و ( شجرة النور الزكية)
و ( أحمد زروق والزروقية ) و ( طبقات الشاذلية ) و (هدية العارفين) و( الكواكب الدرية) و ( جامع الكرامات) .

فأقول : هو العارف بالله تعالى الامام الحجة العلامة الشيخ أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى الشهاب البرنسي الفاسي , الملقّب بزرّوق وبه إشتهر وقد أشار في( كنّاشه ) الى سبب هذا اللقب فقال : كان جدي أزرق العينين فقالوا له زروق فسرت في عقبه
وقيل هو إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي وجمع البرنسي قبيلة من البربر بين فاس وتازا
عابد من بحر الغيب يغترف وعالم بالولاية متصف الامام المالكي المعروف ولد رضي الله عنه سنة 846 هجرية وقيل سنة 856 بل دقق الحافظ السخاوي في كتابه الضوء اللامع اليوم والشهر والسنة فقال : ولد يوم الخميس الثامن عشر من المحرم سنة 856 هجرية.
مات أبوه قبل تمام أسبوعه فنشأ بمدينة فاس يتيما وحفظ القرآن في طفولته وتعلّم صنعة الخرازة في صباه , إرتحل الى مصر وحج وجاور بالمدينة ثم عاد الى القاهرة وأقام بها سنة تعلّم العربية وأصولها على الجوهري وغيره وأخذ الحديث عن الحافظ السخاوي وقرأ عليه كتاب (بلوغ المرام من أدلّة الأحكام ) للحافظ بن حجر العسقلاني ودرس الفقه على الشيخ النور السنهوري والشيخ النور المسيني ثمّ غلب عليه التصوّف فكان أخذه عن جملة من العارفين الى أن لاقاه الله بشيخه الحضرمي وقد كتب وأخذ عن جملة من كبار العلماء منهم محمد بن القاسم القوري وحلولو والمشذالي والرصاع والسنوسي والجزولي والمجاصي وابن زكري والولي التازي والتنيسي والثعالبي وأحمد الحباك والمواسي والخرّوبي الكبير ...
ثمّ تصدّر للتعليم والإفادة والإرشاد والتصنيف فكان له مصنّفات نافعة كثيرة في مختلف أنواع العلوم وأذواق الفنون وقد سلك في بعضها مسلكا فريدا في البحث والتحرير وقد بلغت مؤلفاته في التصوف تسعة وعشرين مؤلفا وفي الحديث ستة وفي الذكر عشرة وفي الرحلات إثنان والسيمياء مؤلف واحد والطب إثنان والقرآن وتفسيره مؤلفان والفقه عشرة مؤلفات والنحو ثلاثة وعلم الكلام إثنان والسيرة الذاتية واحد وهو ( الكنّاش) والتراجم واحد وهي مناقب شيخه الحضرمي كما كتب الشعر ومجموعة من الرسائل.
وضع على كتاب الحكم العطائية نيفا وثلاثين شرحا منها المطبوع وغالبها مفقود أو مخطوط أما كتابه الذي بين أيدينا قواعد التصوّف يعدّ نادرة من نوادر العلم والتأليف ضبط فيه علم التصوف بجملته وحقق مسائله ودقق معانيه وشيّد مبانيه ونفى عنه التحريف والتشويه بقواعد علمية صحيحة وأصول صريحة من الكتاب والسنة وفي هذا الكتاب ربط الشريعة على بساط الحقيقة وأوضح الحقيقة على صراط الشريعة التي هي الطريقة وقد مدح القوم من فحول العلماء كتابه هذا وأثنوا عليه بالقول الجميل والإعتراف الجزيل.
من تلاميذه المشهورين نخبة من خيرة علماء الأمّة الجامعين بين العلم والذوق والشريعة والحقيقة منهم الأمام الشعراني والقطب البكري أبو الحسن والخرّبي الصغير واللقّانيان والشمس والناصر والسفياني وطاهر بن زياد القسنطيني رضي الله عن جميعهم
توفّاه الله تعالى عزيزا سنة 891 وقيل سنة 899 هجرية ودفن في مصراتة من أرض ليبيا قرب قرية الجويرة وبني قرب ضريحه مسجد تحوّل الى زاوية لتعليم القرآن الكريم رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه آمين
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الأول بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الأربعاء 12 نوفمبر 2008 - 8:21

بسم الله على بركة الله اللهم يسّر ولا تعسّر
والصلاة والسلام على الشفيع وآله وصحبه

المجلس الأول :

القاعدة الأولى :


قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه :

( الكلام في الشيء فرع تصوّر ماهيته وفائدته ومادّته بشعور ذهني مكتسب أو بديهي ليرجع إليه في أفراد ما وقع عليه ردّا أو قبولا وتأصيلا أو تفصيلا فلزم تقديم ذلك على الخوض فيه إعلاما به وتحضيضا عليه وإيماء لمادّته فافهم )

محاولة الشرح :
أقول وعلى الله التيسير والسداد والقبول :

هذه القاعدة الأولى التي ذكرها المؤلف رضي الله عنه وصدّر بها كلامه إنّما ذكرها لما لها من أحكام كليّة في جميع المسائل التي يخوض فيها العالم سواء أكانت دينية أم دنيوية ومادية كانت أو أدبية
والكلام في الشيء أي بيان مسائله وذلك بكشف غوامضه وتوضيح عناصره من تفسير وتفصيل وتبسيط لمعانيه وإصدار أحكاما له أو عليه
فالإنسان عندما يخوض في أي موضوع من المواضيع لبيانه وتفسيره إنّما يخوض فيه بحسب تصوّر معيّن إنطلق منه ونتيجة معرفة سابقة واقعة بباله وفكره كيفما كان هذا التصوّر صحيحا أو خاطئا , فبقدر صحّة هذا التصوّر وموافقته لحقيقة الشيء الذي أراد الكلام فيه من حيث إدراكه لماهيته التي هي حقيقته وجملة معناه ثمّ إدراكه لفائدته التي هي النتيجة النافعة والثمرة الحاصلة ثمّ إدراكه لمادّته التي هي محلّ إستمداده وأصل إرتكاز أساسه وظهوره يكون الكلام موافقا أو مخالفا للصواب فبقدر الإلمام بالشيء بقدر ما يكون الكلام فيه صحيحا وموافقا لما هو الأمر عليه في نفسه , ثمّ أنّ هذا الإلمام وهذا التصوّر للشيء إمّا أن يكون عن طريق شعور ذهني مكتسب وهو الذي يكون عن طريق إكتساب المعلومة وذلك بالإستدلال والنظر وإتعاب الفكر والإجتهاد في تحصيله وهو علم المقدّمات والنتائج وقد إصطلح العلماء على تسمية هذا الشعور بالعلم النظري أي الذي يحتاج العقل في إدراكه الى تعلّم وإكتساب , أو أن يكون في الشقّ الثاني حدوث التصوّر عن طريق شعور بديهي وهو الذي يدركه العقل بالبداهة أي بمجرّد الإلتفات إليه من غير إحتياج الى ناقل أو معلّم ولا إعمال فكر ولا الى إستدلال ونظر وهذا قد إصطلح العلماء على تسميته بالعلم الضروري أي أنّ الطريق إليه يكون عن طريق الحواس الظاهرة والحواس الباطنة وهذا عام في كلّ البشر بقدر سلامة حواس كلّ إنسان أمّا العلم النظري فهو خاص بأهل التعب والجهد في تحصيله لأن محلّه إستدلال العقل بعد النظر والإكتساب .
وقوله ( ليرجع إليه في أفراد ما وقع عليه ردّا أو قبولا وتأصيلا أو تفصيلا)
أي أن الخائض في أية مسألة من المسائل عرضت له يرجع دوما في حكمه في تلك المسألة أو في أي جزء من أجزائها الى تصوّره السابق من حيث معرفته المتقدّمة لماهية ذلك الشيء وفائدته ومادّته سواء ليردّ ما لا يوافق أو يقبل ما يوافق أي في الحكم بالردّ أو القبول ثمّ في التأصيل والتفصيل أي متى حقق إلمامه بالشيء يحسن أن يعرف الأصول فيثبتها ويعرف الفروع فيفصّلها ويفرّعها فهو يحسن التأصيل في المسائل ومن ثمّ تفصيلها مثل قولنا أن أهل الله لمّا عرفوا شرع الطريق إستخرجوا أصوله من مادته ومن ثمّ فصّلوها وهكذا في كلّ علم .
ولمّا كان الأمر كذلك قال المؤلّف ( فلزم تقديم ذلك على الخوض فيه )
أي لمّا علمنا بأن الحكم على الشيء فرع عن تصوّره لزم في حقّ الخائض في أي موضوع أن يكون قبل كلّ شيء ملمّا به عارفا بحقيقته ومنفعته وأصل إستمداده فيكون كلامه على بصيرة وعلم صحيح وأصل صريح كي لا يخوض بجهله فيما لا يعلمه لأنه سيسأل عن ذلك يوم القيامة وقد قال تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقد يكون الإنسان ذا جهل مركّب وهو تصوّره الخاطىء بمعنى تكون لديه المعلومة فاسدة على غير حقيقتها فكان جهله متعمّدا لذا وجب الإلمام بالشيء قبل الكلام فيه والخوض في مسائله وذلك بتعلّمه على يد أهل الإختصاص فيه وبالرغبة فيه والرغبة هي الجدّ والنشاط في الطلب وبمعرفة أصوله التي هي مادته ليرجع إليها لأنها الميزان الذي يحفظ به عقله وعلمه من الغلط ودخول الفساد في الحكم ومن ثمّ يكون بعد التمكين في الشيء تعليمه لغيره وترغيبه فيه وإرشاده الى مادته لذا قال المؤلف رحمه الله ( إعلاما به وتحضيضا عليه وإيماء لمادته فافهم)
والله تعالى أعلم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الأول بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الأربعاء 12 نوفمبر 2008 - 20:11

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد،
فنعم ما طرح من مشروع وإني أشد على الأيدي وأبارك هذه الفكرة وأدعو المؤهلين من الإخوة إلى عدم البخل بما عندهم لتتلاقح الأفكاروتثرى المعارف.
وأشكر أخي علي على مبادرته بالشرح. وأقول بناء على ماقدم مشكورا :
إن هذه القاعدة تعتمد في مجال المناظرات فتكون عاصما من سوء الفهم بين المتناظرين، إذ ينصح المناظر بتلخيص ما فهم من قول مناظره ليكشف عن مدى سلامة تصوره وفهمه لما طرح، فيكون رده عليه قائما على تصور صحيح، وهو ما يجنبهما الجدل العقيم ويمنع كل طرف من اتهام صاحبه بعدم فهمه وأنه يقصد غير ذلك المعنى الذي ذهب إليه.
والله ولي التوفيق.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الأول بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 13 نوفمبر 2008 - 16:20

جازى الله عنا كل خير الإخوة وليس لدي ما أضيف في الموضوع فقط أستوضح عن قول الشيخ رضي الله عنه:


الكلام في الشيء فرع تصوّر ماهيته وفائدته ومادّته بشعور ذهني مكتسب أو بديهي ليرجع إليه ...
هل يدخل في هذا الشعور الوارد والإلهام أم أنه سدّا للذرائع أغلق الشيخ هذا الباب قصدا حتى لا يدّعي من شاء ما شاء ؟


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 15:16 عدل 2 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الأول بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الخميس 13 نوفمبر 2008 - 21:29

بسم الله والصلاة والسلام عللى رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد أخي أبو أويس شكرا على هذا السؤال المهم، وإني أرى أنه لما كان الوارد والإلهام لا تقوم بهما الحجة لأن مضمونهما ذاتي لا موضوعي، ولذلك لا يسلّم إلا بشاهدي عدل من الكتاب و السنة، ولما كان الشأن في الكلام الإفهام والإقناع والإفحام وجب أن يكون ذلك الكلام مبنيا على أرضية مشتركة بين المتخاطبين، ولايتم ذلك إلا بخضوعه لمقاييس موضوعية يمكن محاكمته على أساسها وهذا غير متوفر في الإلهام والوارد وإنما يتوفر في أحكام العقل البديهية، أي المسلمات البسيطة، أو الاستنتاجية، التي تحتاج إلى نظر معمق، لذلك حصر الشيخ الكلام في أحكام العقل دون سواه، وهذا من مظاهرتمسك الشيخ رضي الله عنه بضوابط الشريعة المطهرة.
والله أعلم وهو ولي التوفيق.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الأول بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الجمعة 14 نوفمبر 2008 - 18:40

بسم الله الحمدلله
وصلى الله تعالى وسلم على نبيّه ومجتباه وآله وصحبه ومن والاه
إنّه لسؤال هام وإنّها لإجابة جديرة بكلّ ثناء بحسب رأيي المتواضع فجازى الله عنّا إخوتنا ساداتنا الفقراء كلّ خير وهذا الفقير مع أخي سلطان حفظه الله في جوابه القيّم
وقد أردت أن أضيف بيانا آخر يوافق بيان سيدي سلطان :
ذكر المؤلّف رحمه الله تعالى طريقين من طرق إستجلاب التصوّر الى الفكر وإستقراره في العقل وهما : الشعور الذهني المكتسب والشعور الذهني البديهي فخرج كلّ ما ليس بمكتسب وما ليس ببديهي ونحن نعلم بأن الوارد والإلهام غير مكتسبين ولا بديهيين إذ لو كانا مكتسبين لكان طريقهما الموصل إليهما الإجتهاد والإستنتاج أو الوصول اليهما عن طريق الضرورة بمعنى البداهة وبمجرّد الإلتفات وهذا غير حاصل في ذلك لعلمنا بأن الوارد والإلهام موهوبان فطريقهما الوهب من غير تقيّدهما بوقت محدد ولا بتصوّر معيّن
ثمّ إن معرفة الماهية والفائدة والمادّة المذكورة في متن كلام المؤلّف رحمة الله تعالى لا يمكن أن تكون إلا بتصوّر معيّن , والتصوّر هو تشكّل صورة الشيء في الفكر وهذا ما لا يكون في الوارد ولا في الإلهام , فالمتكلّم بالوارد والإلهام ليس له صورة مسبّقة عمّا يعزم الكلام فيه فبطل حشرهما في تصوّر الماهيات والنتائج والمصادر , نعم يمكن أن نقول بأن الوارد والإلهام يرجعان في الإخير الى مصادرهما من الكتاب والسنّة لأنهما من عند الله متى كانا صافيين لكن ليس لهما ثبوت في حقائقهما بمعنى ليسا بأصول ثابتة بل هما فروع متنوّعة , أما الكلام في الشيء إنما يكون بتصوّر مسبّق عنه واقعا في الفكر مثل العلوم النظرية الأكاديمية المكتسبة بالجدّ والإجتهاد أو العلوم المكتسبة بالضرورة لأن الواقع يفرضها وهذا ما لا نجده لا في الوارد ولا في الإلهام فعلمنا مراد المؤلّف بحسب مراداتنا في فهمه وإلا فالله أعلم بمرادات أوليائه والسلام
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثاني بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الأحد 16 نوفمبر 2008 - 18:35

بسم الله ، الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

المجلس الثاني

القاعدة الثانية

ماهية الشيء حقيقته، وحقيقته ما دلت عليه جملته. وتعريف ذلك بحد وهو أجمع، أو رسم وهو أوضح، أو تفسير وهو أتمّ لبيانه وسرعة فهمه وقد حُدّ التصوف ورُسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين. مرجعها كله لصدق التوجه إلى الله تعالى، وإنّما هي وجوه فيه، والله أعلم.


وبعد،
فهذه محاولة لشرح القاعدة الثانية من القواعد الزروقية.
لما ذكر المؤلف رحمه الله في القاعدة الأولى أن الكلام في الشيء فرع تصور ماهيته، تعرض في هذه القاعدة إلى بيان الماهية فقال: ماهية الشيء حقيقته. ثم بين معنى الحقيقة بأنها ما دلت عليه جملته وبيان ذلك أن الماهية هي ما يرد جوابا عن سؤال ما هو؟ أو ما هي؟ وهذا السؤال يهدف إلى معرفة كنه الشيء الذي هو حقيقته والحقيقة هي ما هو عليه الشيء في الواقع دون زيادة أو نقصان أو تحريف، وهو المراد بقول: ما دلت عليه جملته. أي كليته دون إغفال شيء منها.
ثم ذكر رضي الله عنه أن معرفة الماهية تكون بمستويات ثلاثة:
_ الحدّ: وهو ما يعرف بالتعريف الجامع المانع، ولا يكون ذلك إلا ببيان ما يميز الشئ عن غيره . بحيث يكون الحد جامعا لمميزات الشيء المعرّف ومانعا من دخول غيره المشابه له معه . والحد بهذا الاعتبار يكون شديد الاختصار، لذلك وصفه المؤلف رضي الله عنه بأنه أجمع.
_ الرسم: وهو العلامة أو العلامات الدالة على الشيء وهو من توابع الماهية وموضحاتها، بحيث تقتضيها تلك الماهية لتفهم وتتضح معالمها كذكر الأصول والأركان، لذلك قال الشيخ رحمه الله: وهو أوضح.
_ التفسير: وهو الكشف والبيان و الإيضاح الذي يكون بذكر التفاصيل والجزئيات والعلاقات بينها بحيث تحقق في جملتها فهما ومعرفة ضافية وتصورا كاملا لذلك الشيء. وهو معنى قوله رضي الله عنه: وهو أتم لبيانه وسرعة فهمه.
وبعد أن ذكر رحمه الله القاعدة العامة في التعريف بيّن أن التصوف قد وقع تطبيق المستويات الثلاثة عليه بقوله: وقد حدّ التصوف، ورسم، وفسّر...
وقوله رحمه الله: مرجعها كلها لقصد التوجه إلى الله تعالى. يصلح أن يكون حدا للتصوف.
وأما قوله رضي الله عنه بوجوه تبلغ نحو الألفين فإن كثرة التعريفات تبين عن شرف المعرّف.
ومن أمثلة ما حدّ به التصوف ورسم وفسّر:
_ الحد: قال سيدي أحمد زروق رحمه الله : التصوف علم قصد لإصلاح القلوب ، وإفرادها لله تعالى عما سواه .
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله : التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس ، وتصفية الأخلاق ، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية.
_ الرسم: قال سهل التُّستَري رضي الله عنه: " أصول مذهبنا- يعني الصوفية- ثلاثة: الاقتداء بالنبي (صلّى الله عليه وسلّم) في الأخلاق والأفعال، والاكل من الحلال، وإخلاص النيّة في جميع الأفعال" ، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: " ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخَالة"،وانما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ ( سـورة السجدة/24).
وقال سيدنا الامام الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه للقطب أبي اسحاق ابراهيم الأعزب رضي الله عنه:"ما أخذ جدك طريقًا لله إلا اتباع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فإن من صحت صحبته مع سرِّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) اتبع ءادابه وأخلاقه وشريعته وسنته، ومن سقط من هذه الوجوه فقد سلك سبيل الهالكين" .
ومنه ذكر المقامات إجمالا كالتوبة والمحبة والرضى والتوكل...
_ التفسير: يندرج تحته كل ما ألف في التصوف شرحا وتفصيلا .
والله أعلم بالصواب وهو الهادي في البدء والمآب.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثاني بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الإثنين 17 نوفمبر 2008 - 7:23

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله
والصلاة والسلام على الحبيب وآله وصحبه
أمّا بعد :
نشكر أخانا في الله ورسوله سيدي سلطان الفاضل على ما تفضّل به وجادت به قريحته في شرحه للقاعدة الثانية والذي أثلج فيه الصدر فأفادنا من علومه طرفا وهكذا المرغوب من بقيّة السّادة وفّقهم الله تعالى فمدارسة العلوم وتمحيص الفهوم منهجا قويما للفهم والإستزادة من العلم
وسأحاول من طرفي أن أشارك بما يفتح الله تعالى :
بذكر هذه القاعدة في كلام المؤلّف رضي الله عنه نستشعر منه رحمه الله أنّه ما تصدّر للكلام والخوض في هذا الموضوع وهو موضوع التصوّف إلا بعد تصوّره الكامل الصحيح لحقيقته وإدراكه التام بماهيته وفائدته ومادّته لأنّه إشترط في القاعدة الأولى الشاملة بأن الخوض في المسائل لا يمكن إلا بعد تحقيق الإكتساب النظري والإكتساب الفطري والإلمام بأصولها وفروعها حدّا ورسما وتفسيرا فعلمنا وكأنّه يشير رضي الله عنه من خلال كلامه الى معرفته السابقة لماهية هذا الموضوع ومن ثمّ بدأ الكلام فيه بنسق التعريفات أي على شرط ما قاله في تعريف الماهية والجملة لذا بدأ ذكر موضوع التصوّف بقوله ( مرجعها كلّها الى صدق التوجّه الى الله ) وكأنّه جعل هذا الكلام كعنوان لمعنى الحدّ والرسم والتفسير أي كلّ ما ذكره أهل الله في حدّ التصوّف ورسمه وتفسيره عنوانه صدق التوجّه الى الله تعالى فأشار الى أصل الأصول في هذا العلم فدلّ على أنه وقف على أصل التصوّف وإدراك ماهيته وجملة معناه , أمّا قوله ( وقد حدّ التصوّف ورسم وفسّر بوجوه تبلغ نحو ألفين) فقد دلّ على معرفته بتلك الوجوه وما يعطيه كلّ وجه من دلالة على المعنى المراد لقائله لذا ما قال ( قد حدّ التصوّف بوجوه تبلغ نحو ألفين ) لأنّه لو قال هذا لكانت الوجوه كلّها حدّ لمعنى التصوّف وليس هذا المراد من ناحيتين:
- أنّ كلام أهل الله في التصوّف منها ما هو ذكر للحدّ ومنها ماهو ذكر للرسم ومنها ماهو ذكر للتفسير
- لدلّ المؤلّف رحمه الله على معرفته بحدّ التصوّف وليس هناك ما يدلّ على معرفته بغير ذلك
لذا فإنه رضي الله عنه ذكر التعريفات في التصوّف وذكر ماهيات التعريفات من حدود ورسوم وتفاسير لأن هذا يعطي المعنى الكلّي لماهية الحقيقة التي ذكرها والتي أشار الى وجوب فهمها قبل الخوض في تحليلها والكلام فيها فعلمنا بأن الشيخ ما تصدّر للكلام في هذا الموضوع إلا بعد أن علمه أصولا وفروعا نقلا وعقلا , وناله تحقيقا فهما وذوقا , فكان جديرا بهذه المرتبة العالية والمزيّة الهائلة وذلك بالكلام في روح الدين الذي هو موضوع التصوّف فيمكننا أن نقول : هو العالم العلامة والحبر الفهّامة الجامع بين الشريعة والحقيقة وأصول الطريقة .
ثمّ لما فهمنا بأن المؤلّف رضي الله عنه قد وقف نقلا وفهما وذوقا على الوجوه كلّها التي ذكرها أهل الله في تعريفاتهم وهي تبلغ ألفين وجه كما ذكر أحسن أن يضعها في موضعها المناسب بما إستخلصه منها من معنى فقال ( وإنّما هي وجوه فيه ) أي أن ما ذكر من الأوجه المعلومة في كتب أهل الله هي مجرّد وجوه في ماهية معنى التصوّف لذا جمعها المؤلّف رضي الله عنه بقوله ( ترجع كلّها الى صدق التوجّه الى الله ) فكان تعريفه هذا عنوان لجميع تلك الوجوه وهو أقرب قول لشرح معنى التصوّف فيمكننا على هذا أن نقول قال المؤلّف رضي الله عنه ( التصوّف هو صدق التوجّه الى الله ) وعليه فكلّ من له صدق من التوجّه مهما كان قليلا له نسبة من الإنتساب الى التصوّف بما أنه مقام الإحسان أي له نسبة من الإحسان فعمّ التصوّف جميع المسلمين والحمد لله , وهذا يشعر بأن الشيخ رضي الله عنه أراد أن يبث روح الدين في جميع المسلمين ومنه نفهم قول الإمام الغزالي رحمه الله ( التصوّف فرض عين على كلّ مسلم ومسلمة ) أو ما في معنى هذا الكلام من الإمام رحمه الله , وعلى هذا علمنا الآن مقصد المؤلّف من هذه القواعد وهو بثّ روح الدين في الجميع على ميزان الشريعة المطهّرة التي لا يرفضها أحد من المسلمين فأراد أن يشعرهم بأن التصوّف هو عين الشريعة الإسلامية ومن هنا يحسن بنا أن نستنبط من هذه القاعدة ما يلي :
- تعريف المؤلّف بأهليته لتفسير معاني التصوّف
- أنّه جمع جميع ما قيل في التصوّف وعدّد وجوهه ومن ثمّ حقّق معانيها ووقف على مراداتها
- أراد أن يشرك جميع المسلمين في فهمه لذا عبّر عنه بصدق التوجه الى الله وهذا مطلب كلّ مؤمن وليس خاصّا بأحد دون أحد
-أن التصوّف مثل غيره من العلوم له حدّ يعرف به وله قواعد ومبادىء وله شرح وتفسير وعليه فمن خالف قواعده وأركانه ليس قوله ولا فعله بحجّة على الطريق لأن الطريق له مصادر ومراجع وقواعد وأصول ثابتة لذا سمّى كتابه ( قواعد التصوّف)
-أن التصوّف له حقيقة وليس مجرّد حدود ورسوم وكلام فكلّ من كان صوفيا كان جامعا لحقيقته التي دلّت عليها جملة معناه فلا يقبل منه غير ذلك
- أن صدق التوجّه الى الله تعالى واسع المجال في الأحوال لذا ذكر تعدّد الوجوه والتعريفات وليس هذا الأمر في غيره بهذا الوجه

والله تعالى أعلم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثالث بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 20 نوفمبر 2008 - 21:55

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على النبيء الأسعد الكريم وعلى آله وصحابته الكرام الميامين وعلى السالكين منهجهم القويم إلى يوم الدين.
أما بعد فها إني أتبرك مع الإخوة بوضع ما أعتقد أنه يُحسب فيُنسب.

المجلس الثالث

القاعدة الثالثة

الاختلاف في الحقيقة الواحدة، إن كثر، دلّ على بعد إدراك جملتها، ثمّ هو إن رجع لأصل واحد، يتضمن جملة ما قيل فيها كانت العبارة عنه بحسب ما فهم منه، وجملة الأقوال واقعة على تفاصيله. واعتبار كلّ واحد له على حسب مثاله منه علماً، أو عملاً، أو حالاً، أو ذوقاً، أو غير ذلك.

والاختلاف في التصوف من ذلك، فمن ثمّ ألحق الحافظ أبو نعيم رحمه الله بغالب أهل حليته عند تحليته كلّ شخص، قولاً من أقوالهم يناسب حاله قائلاً: وقيل إنّ التصوف كذا.

فأشعر أن من له نصيب من صدق التوجه، له نصيب من التصوف، وأن تصوف كلّ أحد صدق توجهه، فافهم.

الإختلاف في تعريف حقيقة وماهية التصوف هو راجع إلى منازل الرجال في معراج السلوك، فكل واحد منهم ترجم إحساسه في مقامه، وهو لا يعارض أبدا مقام سواه، فإن الحقيقة الواحدة كالبستان الجامع، كل سالك وقف تحت شجرة منه فوصفها، ولم يقل أن سواها ليس بالبستان ، ومهما اختلفت التعريفات، فإنها تلتقي عند رتبة من التزكي والتقوى، أو نقول طريق الهجرة إلى الله " ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين " وقال " إني مهاجر إلى ربي "، فالواقع أنها جميعا تعريف واحد يُكمّل بعضه بعضا.

والله أعلم، وأنتظر ما تجود به قريحة الإخوان الأفاضل ويفيضوا فيه شرحا وتبسيطا.


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 15:20 عدل 1 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثالث بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف زروق السبت 22 نوفمبر 2008 - 12:53

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد زيارة موقعكم المبارك, والاطلاع على معظم محتواه, لا يسعني الا أن أشكر لكم ما تبذلونه من جهد في سبيل احداث التواصل بين الفقراء المريدين خاصة بعدما كادت تعصف بوحدة صفهم رياح التفرقة. واعلموا وفقكم الله وهداكم أن واجب المنتسبين الى الفكر الصوفي لن يتوقف عند المجاهدة في اطارها الضيق ولكنه يبتدىء من هناك ليصل صوت الحق والتعريف بحقائق لطالما كانت في الماضي القريب حكرا على عدد قليل من المنتسبين. وعليه فان التصوف اليوم قادر على مواجهة كل التحديات التي تتصل بحياة الفرد والجماعة وكسب الرهانات في كل مجالات الحياة.
بل سيظل الملاذ الاوحد بما يتضمنه من حقائق كونية وبما يميزه من شمولية فهو اللغة التي يفهمها الجميع.
والى لقاء آخر.
السلام عليكم ورحمة الله.
زروق
زروق

ذكر عدد الرسائل : 9
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 18/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثالث بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الأحد 23 نوفمبر 2008 - 14:09

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وآله وصحبه
وبعد :
أشكر سيدنا أبا أويس الفاضل على هذه الدرّة المرجانية التي أثلج بها صدر الذوق والعلم فذكر اللبّ وأبرز المقصد والله أعلم
وقبل أن أضيف ما آليته على نفسي من إضافة في كلّ قاعدة بما يتيسّر منّي من الفهم أحببت أن أهديه هذه الأبيات :

سيول الدمع أبحرت بأشواقي **** فجرت جارفة مباني أعماقي
ودكّت بحي الصبابة أضلعي **** فمال قلبي مستعطفا أحداقي
زاغ ناظري بعد أن طغى ***** سيف مهنّد ضربا بالأعناق
أيا شبّابتي أنعشي مهجتي ***** يا حادي العيس الى الآفاق
بمسمعي دقّ ناقوس نغمي ***** أغاريد الساقي بهمس السواقي

أقول وعلى الله التيسير والقبول :

ذكر المؤلّف رحمه الله تعالى في هذه القاعدة ما أكمل به قاعدته الأولى والثانية من التعريف بالأشياء وحقائقها والمواضيع ودلالاتها فبيّن رحمه الله كقاعدة كليّة عامة قبل أن يتطرّق الى موضوع التصوّف وإن كان الكتاب موضوعا من أجل ذلك لأن الغالب على الشيخ رحمه الله بيان القواعد كأحكام تتناول التصوّف وغيره لأن الشيخ ممّن جمعوا بين علوم الشريعة والحقيقة وكتابة هذا وإن كان كتابا صوفيا فهو يذكر العلم الديني الشامل والتصوّف إحدى هذه العلوم فذكر أن الإختلاف في ماهيات الحقائق من حيث قصور التعريفات عن الإحاطة الشاملة بكلّ حقيقة ففرق بين الإختلاف في الحقيقة الواحدة من حيث تفرّع المفاهيم وتنوّع الأذواق فيها أو العلوم فهناك فرق بين الإختلاف في الحقيقة الواحدة وبين الخلاف فيها , فالخلاف ليس معناه الإختلاف , فالخلاف يفضي الى التنازع والتعارض أما الإختلاف فهو يفضي الى الإضافة والتنويع والشرح الى غير ذلك ...
فذكر المؤلف رحمه الله تعالى بأن الإختلاف في الحقيقة الواحدة إن دلّ فهو يدلّ على عدم الوصول الى الإحاطة بها من كلّ جانب وتفسيرها بتفسير كلّي تتقيّد به تحته و ثمّ أن هذا الإختلاف إن رجع الى أصل واحد مثلما نقول في التصوّف بأن التعريفات فيه كثيرة وكلّها ترجع الى أصل واحد وهو أصل ( صدق التوجّه الى الله ) فتلك التعريفات هي واقعة على تفاصيل معنى التصوّف رغم أنها ترجع الى أصل واحد كلّها وهو أصل ( صدق التوجه الى الله ) فلا تنازع اذن من حيث أنها كلّها ترجع الى أصل واحد فقد توافق أهل الله على الأصل الذي هو صدق التوجه الى الله فهو الذي يجمعهم ولكن إختلفت مواجيدهم وأذواقهم ومن هناك إختلفت طرقهم وأذكارهم ونواميس كلّ طريقة ( وكلّهم من رسول الله ملتمس ) فذكر المؤلّف بأن هذا الإختلاف نجم عما ذكرناه وذلك بقوله (واعتبار كلّ واحد له على حسب مثاله منه علماً، أو عملاً، أو حالاً، أو ذوقاً، أو غير ذلك) أي هناك أهل علم تكلّموا بحسب علمهم به وهناك أهل عمل تكلّموا بحسب أعمالهم وهناك أهل حال تكلّموا بحسب أحوالهم وهناك أهل ذوق تكلّموا بأذواقهم وقد ذكلر المؤلّف هذا بالترتيب فذكر العلم الذي يسبق العمل وذكر العمل الذي ينتج الحال وذكر الحال الذي يسبق الذوق وهكذا لذا قال ( أو غير ذلك ) لأن الذوق يفضي الى الشرب والشرب يفضي السكر والسكر الى الصحو مردّه والصحو الى العمل بالشريعة وهو العلم فترجع الدائرة الى أصلها الذي هو العلم .
فقال المؤلّف رحمه الله تعالى بأن التصوف هو من ذلك أي على هذه المنظومة يسير ثمّ جاء بشاهد على ما قاله وذلك بإستشهاده بفعل أبي نعيم الإصفهاني رضي الله عنه في كتابه الحلية الذي ذكر فيه أقاويل وتفاسير أهل الله تعالى من السلف وغيرهم في معنى التصوّف فعبّر منهم كلّ أحد بما ناله منه , وليس يعني بأن أهل الله عندما يعبّرون عنه بقول واحد بأن ذلك نهاية علمهم وذوقهم في التصوّف وإنما قصد أعلى أقوالهم فيه وأرقاها ثمّ قال ( وأشعر...إلخ ) أي هذا الذي ذكره أبو نعيم رحمه الله تعالى في كتابه الحلية إنما ذكره بقصد شريف وهو أن كل أحد ممّن ذكر له قولا في حدّ التصوّف أو رسمه أو تفسيره إنما ذكره من حيث صدق توجّه ذلك القائل الى الله تعالى فدلّ على أن أمر التعبير عن التصوّف ليس محدودا فيهم بل هو قائم الى يوم القيامة من حيث أن الأرض لا تخلو من طالب لله بصدق فلا بدّ من أن يعبّر كلّ صادق في توجّهه الى الله تعالى في كلّ زمان بما ناله من ذلك علما وعملا وحالا وذوقا وهكذا ... في كلّ زمان ولذا من أراد أن يحصر التصوّف في شخص أو مجموعة أو طائفة أو طريقة فهو لا يعرف معنى صدق التوجّه الى الله تعالى وما ينتجه ذلك من إنفتاح باب الفضل الإلهي في كل زمان بحسب الهمم والعزائم والصدق والتصديق والمحبّة وقد يعطي الله تعالى في آخر الزمان ما لم يعطه لأهل الرعيل الأول لكن يبقى الفضل دائما في أهل السبق بالطريق ولذا قال سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه : بأن الصحابة الغير مفتوح عليهم بالفتح الكبير أفضل من أكابر العارفين وذلك من حيث صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وهكذا المقياس من حيث الفضل لا من حيث النوال والعلم والأحوال
والله تعالى أعلم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثالث بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الأحد 23 نوفمبر 2008 - 22:21

علي كتب:بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وآله وصحبه
وبعد :
أشكر سيدنا أبا أويس الفاضل على هذه الدرّة المرجانية التي أثلج بها صدر الذوق والعلم فذكر اللبّ وأبرز المقصد والله أعلم
وقبل أن أضيف ما آليته على نفسي من إضافة في كلّ قاعدة بما يتيسّر منّي من الفهم أحببت أن أهديه هذه الأبيات :

سيول الدمع أبحرت بأشواقي **** فجرت جارفة مباني أعماقي
ودكّت بحي الصبابة أضلعي **** فمال قلبي مستعطفا أحداقي
زاغ ناظري بعد أن طغى ***** سيف مهنّد ضربا بالأعناق
أيا شبّابتي أنعشي مهجتي ***** يا حادي العيس الى الآفاق
بمسمعي دقّ ناقوس نغمي ***** أغاريد الساقي بهمس السواقي


جازاك الله خيرا أخي وسيدي علي الفاضل على هذا الإطراء وما كنت أهلا له إلا تفضلا منكم كعادة الكرام،
ويسرّني أن أتشبه بأهل الفن وما أنا منهم فتقبلوا مني هاته المحاولة...:

معاني الحبيب أبحرت بأشواقي **** فجرت جارفة مني آفاقي
وجازت بنار الصبابة أضلعي **** فما لِقلبي من حرها ترياق
قام يعدو بعد أن طغى *******سيف مهنّد في الورى عتّاق
حضيرة الحبّ أنعشي مهجتي ***يا حادي العيس إلى أسواقي
بباطني لذ ناقوس نغمي ***** أغاريد الساقي بآهات أشواقي


حفظكم الله بما يحفظ به أهل خاصته.


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 15:22 عدل 5 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الثالث بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الإثنين 24 نوفمبر 2008 - 19:25

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه.
وبعد، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود بادئ ذي بدء أن أرحب بسيدي زروق الذي شرفنا بزيارته وكشف لنا بارقة من صدق وجهته وبعد نظرته وصحيح عزمته وعلو همته في العمل على النهوض بالطريق وكشف فضائلها وحقائقها.
كما أثني بشكر الفاضلين سيدي أبو أويس على مساهمته القيمة في شرح هذه القاعدة ونطلب منه المزيد، وسيدي علي أعلى الله مقامه وبلغه في الخير مراده الذي لوى عنان جياد الفهم إلى هذه القاعدة فأجاد وأفاد كعادته.
وها هو ذا العبد الضعيف يقتفي أثرهما ويدلي بدلوه ومن الله يستمد العون فيقول:
لمّا تحدث المؤلف رحمه الله في القاعدة السابقة على الحقيقة ذكر في هذه القاعدة أنّ الحقيقة الواحدة قد يلحقها الإختلاف من حيث فهمها والتعبير عنها وما ذلك إلا بسبب العجز عن الإحاطة بكل جوانبها إن فهما أو تعبيرا وذلك لسعتها وعمق معانيها، أما ترى أن الله عز وجلّ الذي هو حقيقة الحقائق حتى سمى نفسه الحق، قد كثرت أسماؤه وصفاته واختلفت، وما ذلك إلاّ لتقدّس ذاته عن أن تدرك أو يحاط بها. وهكذا كلما شرفت الحقيقة وعمقت كلما اختلفت الفهوم والتعبيرات حولها. فإذا أريد اختزال معانيها في عبارات وجيزة جاءت تلك العبارات متباينة تبعا لتباين الفهوم ، فإذا جمعت تلك الأقوال كانت واصفة لتفاصيل وجوانب وأجزاء تلك الحقيقة، فليست هي ذاتها ولا هي خارجة عنها.
وكل متكلم يعبر عن صلته بتلك الحقيقة علما وعملا وحالا وغيرذلك.
وانظر إلى أقوال الناس في حق الله عز وجل، فالمجسم حبسته ظاهريته في حدود ظواهر الألفاظ، فقال إن الله جسم كباقي الأجسام، والمعطل انساق مع عقله حتى نفى عن الله الصفات، والمفوض نظر إلى تنزه الله عن أن تدرك حقيقته العقول فوقف عند ما أخبر الله به عن نفسه تسليما لا بحث معه عن الكيفيات، والمؤول رأى ضرورة تنزيه الله عما ألحقه به المجسم وما أثاره حوله من شبه فأول المتشابه من الآيات تأويلا تحتملها لغة العرب وتتلاءم مع تنزه الرب جل جلاله. وصاحب البرهان أجهد العقل في إقامة الحجج على وجود الديان مستندا إلى قاعدة الصنعة والصانع والأثر والمؤثر وغيرها لأنه تعالى غائب عن الإدراك، وصاحب العرفان أنكر احتياجه تعالى إلى البرهان لأنه أظهر من أن تدلّ عليه الأكوان. وصاحب العلم يقول: سبحانه، وصاحب العمل يقول: سيدي ومولاي، وصاحب الحال يقول: كل يوم هو في شأن، وصاحب الذوق يقول: حنان منان وهكذا...
وبذلك برر المؤلف وجود حوالي ألفي تعريف للتصوف، فلعمق معناه وتشعب تفاصيله وسموّ مراميه وكثرة الناهلين منه، تعدّدت الأقوال فيه. ومن هنا ناسب أن يضع أبو نعيم في الحلية مع كل ترجمة تعريفا من تلك التعريفات، ليتبرك بذكرها في كتابه من ناحية وليشير من ناحية أخرى، كما قال المؤلف، إلى اتّساع دائرة التصوف وأنّ لكل متجه إلى الله بصدق نصيب منه.
وأمام هذا التحليل تصبح الألفا تعريف قليلة بالنسبة إلى عدد المتوجهين إلى الله بصدق.
والله أعلم وهو الموفق للهدى والرشاد.
والسلام عليكم.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 10:17


المجلس الرابع

القاعدة الرابعة

قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه :

صدق التوجّه مشروط بكونه من حيث يرضاه الحق تعالى وبما يرضاه ولا يصح مشروط بدون شرطه {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ} فلزم تحقيق الإيمان.
{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} فلزم العمل بالإسلام.

فلا تصوف إلا بفقه، إذ لا تُعرف أحكام الله الظاهرة إلا منه، ولا فقه إلا بتصوف، إذ لا عمل إلا بصدق وتوجه، ولا هما إلا بإيمان،
إذ لا يصح واحد منهما بدونه، فلزم الجميع لتلازمهما في الحكم، كتلازم الأرواح للأجساد، إذ لا وجود لها إلاّ فيها، كما لا كمال له إلا بها، فافهم.
ومنه قول مالك رحمه الله: (من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق).
قلت: تزندق الأول: لأنّه قال بالجبر الموجب لنفي الحكمة والأحكام. وتفسق الثاني: لخلو عمله عن صدق التوجه الحاجز عن معصية الله تعالى وعن الإخلاص
المشترط في العمل لله، وتحقق الثالث: لقيامه بالحقيقة في عين التمسك بالحق، فاعرف ذلك.

أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 19:51

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه
لا جرم ولا ريب بأن طريق التصوّف الذي عناه الشيخ رضي الله عنه هو صدق التوجّه الى الله تعالى بالإيمان والتقوى قال تعالى ( ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتّقون ) في السرّ والعلانية وفي العسر واليسر وفي الرخاء والشدة وفي كل حالة من أحوالهم الظاهرة والباطنة
فالتصوّف لا تظهر آثاره وتخرج ثماره ما لم يكن متأسّسا على أسس صحيحة وأصول ثابتة وقواعد متمكّنة ومعاني صافية سامية من دخول الشبهات والشوائب والعلل فهو مشروط بكونه من حيث يرضاه الله تعالى وهو تحقيق الإيمان الصحيح على أصوله الصحيحة المجمع على ثبوتها نقلا وعقلا والدالة عليها مصادرها من الكتاب والسنة ويتمثّل ذلك في التحلي بعقيدة أهل السنّة والجماعة والتخلّي عن كلّ ما سواها من العقائد الفاسدة والنظريات الباطلة والجهالات الساقطة أصولا وفروعا إذ من المحال أن يسلك إنسان طريق أهل الله وله زغل ودخل في مباحث الإيمان فوجب تصحيح الإيمان قبل كلّ شيء على أصوله الصحيحة وقد وقعت حكايات للأولياء كثيرة في طريق سلوكهم فعصمهم منها إيمانهم الصحيح فكان أهل السنّة هم السالكون حقيقة لطريق الولاية المحمّدية وتحقّق صدق توجّههم الى الله تعالى بما معهم من إيمان صحيح الذي لا يدلّ إلا على الله تعالى فخرج أهل التجسيم والتشبيه والتعطيل والفلاسفة من هذا التوجّه بصدق الإيمان الى الله تعالى لذا قال المؤلّف ( لا يصح مشروط بدون شرطه ) فلا يصحّ تصوّف بدون إيمان فلا يمكن تحقيق صدق التوجّه إلا بإيمان راسخ لذا كان الأولياء ومشائخ الطرق جميعهم على عقيدة أهل السنّة والجماعة فالذي يعتقد في الجناب الإلهي مثلا التجسيم والتشبيه فأنّى يستقيم له توجّه الى الله تعالى أو يتحقق له صدق فيصل الى مقام الإحسان لذا أكّد الشيخ رضي الله عنه هذا بقوله مستشهدا بآية ( ولا يرضى لعباده الكفر ) فلزم تحقيق الإيمان الصحيح على أصوله الصحيحة فلا يعتقد نفعا ولا ضرا في أحد من المخلوقات مهما كانت صفته .
ثمّ ذكر المؤلف الشرط الثاني في حقّ كلّ منتسب الى الطريقة ممّن توجّه الى الله بصدق وهو الجانب العملي الذي هو عبارة عن تقوى الله تعالى ظاهرا وباطنا في أوامره ونواهيه مع إقامة ما فرض من الفرائض والعمل بالسنن فاستشهد بقوله تعالى في هذا الجانب ( وإن تشكروا يرضه لكم ) والشكر هو مناط العبادات الظاهرة والباطنة
وإنّما سبّق شرط الإيمان لأنه الأصل الساري في الركنين الآخرين فلا إسلام ولا إحسان بغير إيمان فلو كان إسلام بغير إيمان لكان نفاقا كمثل المنافقين على عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم ولو كان إحسان بدون إيمان لكان شركا وكفرا مثل المشركين في مكّة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كانو يعبدون ويحجّون بزعمهم من غير إيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم
قال المؤلّف ( فلا تصوّف إلا بفقه) لأن الفقه به تعرف الأحكام الظاهرة فهو الطريق إليها ليتحقق التوجه بها إلى الله تعالى فمن لم يتقيّد بها لا عبرة به لأنه يعبد الله على غير شريعة فضلّ وأضلّ وكان مجال تلاعب الشياطين فيكون كالكرة بين يدي الصبيان حتى أن أحدهم ظنّ بأنّه المهدي المنتظر وآخر كان يقول بأن الملائكة تخاطبه ثمّ إتّضح له بمذاكرة سمعها من بعضهم بأن المخاطب له جنّ كافر يهودي إسمه دافيد وقد قال سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه وغيره من الأولياء بأن الهالك في هذه الطريقة أكثر من الناجي فيها عصمنا الله من ذلك ( اللهم أرزقنا إيمان العجائز )
وإنّما وجب العمل بالفرائض ومعرفة السنن بعلم الفقه لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) في مراتب الإيمان والإسلام والإحسان وقد ورد في الحديث القدسي ( ما تقرب اليّ عبدي بشيء أحبّ اليّ مما إفترضته عليه )
قال المؤلّف رحمه الله ( ولا فقه إلا بتصوّف ) أي حقيقة العبادة الظاهرة لا تكون بغير صدق توجّه الى الله تعالى لأن العبادة الظاهرة في ركن الإسلام ليست مقصودة بذاتها وإنما مقصودة لغيرها الذي هو صدق التوجّه الى الله تعالى وإيثار جنابه العظيم ومحبّته والقرب منه وإستهلاك النفس في جملة محابه والمجاهدة في سبيل ذلك بكلّ ممكن مباح
ثمّ قال : (ومنه قول مالك رحمه الله: (من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق).
فالتصوّف الذي لا يصاحبه العمل بالأحكام الظاهرة وهي عبودية الأجساد من حيث أن الإنسان مخلوق من جسم وروح والوقوف عند حدود الله لأنها المقياس في الردّ والقبول بما كان فيها من توقيفات معلومات في العبادات والمعاملات وهذا هو الشرع المقدّس الذي بعثت به الرسل وشرّعت به الحدود يعتبر زندقة لعبادة صاحبه ربّه على غير شريعة من عند الله تعالى فعبده في هذه الحالة بهوى نفسه فأدخله ذلك الى العالم الظلماني مثلما نراه من خزعبلات في الكثير من أتباع بعض الطرق من أكل للحيّات والعقارب والدخول إلى النار وغير ذلك بحجّة الكرامة وخرق العادة وإدخال الناس بذلك في الإسلام والطرق وهذا باطل , فمن لم يتفقّه بما يلزمه من العبادات فيعرف الحلال والحرام والعبادات التوقيفية التي لا زيادة فيها ولا نقصان وقع في المحذور ولا بدّ فالشريعة عليها مدار الأسباب والمسبّبات ومناط الثواب والعقاب فمن ترك ذلك بحجّة التحقيق فقد نفى حكمة الله تعالى في الكون فأبطل حكمة خلق الوجود وعطّل أسماء الله تعالى وصفاته فكان زنديقا لأنه قال بالجبر وأن الإنسان لا إختيار له من حيث الحكمة والله تعالى يقول ( والله عليم حكيم ) فأثبت لنفسه الحكمة ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )
والأمر الثاني كذلك الفقيه الجافّ الذي قام بركن الإسلام في العبادات الظاهرة وترك ما وضع من أجله تلك الأحكام وهو صدق التوجه الى الله تعالى فترك محبة الله تعالى والقرب منه والفناء فيه والبقاء به الذي لا يتحقق إلا بصدق التوجه الى الله تعالى فظهر فسقه لأن القلب متى لم يتوجّه إلى الله تعالى توجّه لا محالة الى محبة الدنيا لأن الفسوق يورث ذلك من الإنكباب عليها وطلب عرضها الزائل من الممدحة والشهرة والجاه والرياسة ..إلخ
أما الجامع بينهما فقد تحقق بعباداته كلّها في أركان الدين كلّها فتمسّك بها في عين تمسّكه بالحقّ تبارك وتعالى فلم يحجب بأعماله المستوفاة عنه تعالى وهذا مقام البقاء الكامل وهو منتهى الكمال ( لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة )
والله تعالى أعلم وأحكم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 - 20:43

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فإنّي أتبرك بما قاله مولانا الإمام قدس الله روحه بإدراج موجز من إحدى مذاكراته في هذا الموضوع.
قال رضي الله عنه:
يقول الإمام مالك رضي الله عنه:
"من تصوّف ولم يتفقّه فقد تزندق ومن تفقّه ولم يتصوّف فقد تفسّق ومن جمع بينهما فقد تحقّق".
المريـد في جميـع مراحـل السّيـر مطالـب بالشّريعـة سـواء في مرحلـة الإبتداء أو التّوسـّـط أو الإنتهاء لأنّه لا يستقيم السّير في أيّ مرحلة إلاّ بها، ذلك لأنّ الحقيقة التي هي زبدة المخيض كامنة في الشّريعة كالزّبدة في اللّبن ويضيّع المريد من حاله بقدر ما يضيّع من شريعته، فقِوام السّير في مقام الإيمان بالشّريعة لأنّ العروج في مستوى الإيمان يتوقّف على صلاح العمل المطابق للشّرع ولأنّ الإيمان يزيد وينقص وزيادته بالطّاعة ونقصه بالمخالفة، واللّه لا يُتقـرّب إليه بمكروه ولا بمحرّم، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ’’من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ‘‘ (رواه أصحاب السنن) أي غير مقبول لأنّه أتى بالدّيماغوجيا (أي نتاج عقل) وفي الحديث القدسي: ’’ما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا إفتـرضته عليه وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينّه ولئن إستعاذني لأعيذنّه‘‘ (رواه البخاري)
وفي رواية: ’’كـنـت لـه سمـعـا وبـصـرا ويـــدا ومــؤيّــــدا‘‘(أخرجه الحكيم الترمذي وأبو نعيم وابن عساكر)
فالصّلاة إذا لم تكن مطابقة للشّرع فليست بصلاة ولا قربة ولا تستحقّ إسم الصّلاة ألم تر كيف قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمن صلّى صلاة لم يُجدها كما ينبغي وكما شُرعت، ففي صحيح البخاري دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال: ’’ارجع فصل فإنك لم تصل‘‘ فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ’’ارجع فصل فإنك لم تصل‘‘ ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال:’’إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا وافعل ذلك في صلاتك كلها‘‘ (رواه البخاري)
فهذه الصلاة لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعدّها صلاة. وكلّ أعمال الجوارح متوقّفة على الشّريعة ولا تصحّ إلاّ بها.
إذن العبادة التّامّة هي التي يتقوّى بها الإيمان، والإيمان يتقوّى بقوّة المجاهدة في الطّاعة حتى يصير إيقانا .
كذلك في مرحلة الـتّوسّط وهو الإيقان من تحقّق ولم يتشرّع فقد تزندق، ويصبح كالتّصوّف البدعي أو الهندي كلام بالفم وأوهام لا حقيقة فيها، ويتوقّف العروج في مستوى الإيقان على الشّريعة بحيث من وقع له خلل في سيره فعليه أن يراجع الشّريعة في كلّ مقام ( قصّة الجيش والإستياك في زمن الفاروق رضي الله عنه ) ...
فهذا الشّأن لا يحتمل أيّ خدوش،
والـطّائر لأقـلّ حركة يفارق المكان...
وكذلك في مرحلة الـنّهاية وهي مرحلة الإحسان بعضهم يظـنّ أنّه وصل منتهى الجموع وأصبح من العارفين ورمى الجمار الـثّلاث وأصبح من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وتدخل عليه نفسه من هذا الباب قال تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا اُستجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واُعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون} (24 الأنفال)
حين يمـرّ الإنسان بهذه الآية ترتعد فرائسه ، فالشّريعة لازمة للفقير في جميع مراحل السّير ولا يستقيم السّير إلاّ بها، فلا يقولنّ أحد وصلت بدون شريعة، ومن قالها فهو واحد من إثنين وكلاهما باطل: إمّا متهتّـك فلا حدود تمنعه... ويهدر الحقوق والواجبات وهذا فساد {واللّه لا يحبّ الفساد} (205 البقرة).
أو معـطّل والـتّعـطيل لا يقدر فيه على فعل شيء ولا يستطيع ذبح عصفور فلا تخلّصه من هذا إلاّ الـشّريعة، ......
{أفحسبتم أنّما خلقـناكم عبثـا وأنّكم إلينا لا ترجعون} (115 المؤمنون). ومتى عـطّـل الشّريعة يتعـطّـل في كلّ مراحل السّير، قال تعالى: {وتلك حدود اللّه ومن يتعـدّ حدود اللّه فقد ظلـم نفسـه} (1 الطلاق)
وما نلـخّصه من هذا أنّ المـتـشـرّع غير معـطّـل ولا متهتّـك، بسم اللّه يذبح وبسم اللّه يأكل. ’’كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتـر‘‘(رواه أبو داود والنسائي)
{ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اُسم اللّه عليه وإنّه لفسـق} (121 الأنعام)
المأذون مأمون في كلّ الأمور، وللـتّـبرّىء من المسـؤولية لا بدّ من الشّريعة. بحيث أنّ كلّ ذرّة منها فيها درّة من الحقائق والأنوار...
التّكاليف الشّرعية ليست مصالح دينية فقط بل فيها مصالح دينية ومصالح دنيوية، فالسّواك بعود الأراك مثلا مستحب في الشّريعة الإسلامية وزيادة على مصالحه الدّينية من أنّه سنّة ومطهّر للفم، ومرضاة للرّبّ، فيه سبعون مصلحة طبّية بحيث المضار التي يخلّفها التّدخين بالسّجائر يفعل عكسها السّواك، فالـتّدخين بالسّجائر يخلّف سبعـين مضرّة بدنية، كلّ مضرّة من التّدخين تعمل ما يقابلها مصلحة السّواك، التّدخين ينتن الرّائحة والسّواك يطيّب الرّائحة، التّدخين يعسّر الهضم والسّواك ييسّر الهضم، التدخين يعفّن الفم والسّواك يطهّر الفم... قال صلى الله عليه وسلم: ’’لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة‘‘(رواه البخاري) فهذه منافع ظاهرة للسّواك وتوجد كذلك منافع باطنه له. "من تصوّف ولم يتفقّه فقد تزندق ومن تفقّه ولم يتصوّف فقد تفسّق ومن جمع بينهما فقد تحقّق". حقيقة من غير شريعة زندقة وشريعة من غير حقيقة فسق والجمع بينهما هو التحقّق.
والسير في طريق الله أشبه شيء بنسج ,,برنوس،، ففي بداية تهيئة الصّوف وعند الغزل هل يقال: هذا برنوس؟ طبعا لا وكذلك خيوط النسيج ، فالواقع يكذبه بل من الممكن أنّه يقصد أنّ هذا الصوف أو هذه الخيوط ستصبح برنوسا، فلا يسمى برنوسا إلاّ عند تمام نسجه.
كذلك من جاء للطريق فقد جاء للتوحيد ولكن يصله على مراحل حتى يصل لمرحلة لا يشرك فيها مع الله شيئا في الوجود، ولا يمكن الوصول لهذه المرحلة من أوّل وهلة كما لا يمكن أن يصل من أوّل وهلة إلى البرنوس ...
عشت سنوات وجالست فيها سيدنا الشيخ رضي الله عنه فتقول أنّه لا يعرف التصوف، من شدّة تمسّكه قولا وفعلا بالشّريعة، فالشّرع لباس الصّوفي الذي لا ينزعه...
سـرّ بتوجّه وصدق ولا يهمّك في من يقول ما يقول.
ورب يحفظ الجميع ويرزقنا الآداب في جميع مراحل السّيـر،
وربّ يوفّق الجميع للجمع بين الحقـيقة والشّريعة...آميــــــن.
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الأربعاء 26 نوفمبر 2008 - 18:00

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فهذه قاعدة عظيمة القدر جليلة، تعدّ أصلا من أصول تحرير مسلك التصوف.
لما جمع المؤلف مفهوم التصوف في صدق التوجّه، ذكر أنّ ذلك ليس أمرا مرسلا ولا بالتشهي وإنما هو مشروط بشرطين أساسيين أولهما أن يكون حقا في ذاته ليكون فيه رضا الله ولا يكون كذلك إلا بالإيمان. وثانيهما أن تكون وسيلته صحيحة أي مطابقة لأحكام الله كتابا وسنة.
فصدق التوجه مرتبط بتحقيق الإيمان وتصحيح العقيدة من ناحية، وتحقيق العمل بالإسلام من ناحية أخرى.
ولا يصح مشروط بدون شرطه أي لا يصحّ ادّعاء صدق التوجه إذا كان في أصله نابعا من عقيدة فاسدة أو كان مخالفا لأحكام الشريعة أو مهملا لها جملة وهي ما عبر عنه بالفقه.
لا تصوف بدون فقه، لأنه لا يعقل أن تسلك إلى غاية طريقا لا علم لك بها أو طريقا لم توضع لتلك الغاية.
ولا فقه بدون تصوف لأنه لا عبرة بسلوك طريق دون غاية أو هداية.
وهذا الشرط يطلب بشكل آكد في الشيخ المربي أما الأتباع فإنه وإن كان ذلك أكمل لهم لكن تقليدهم لشيخهم المحصّل للشروط كاف في حصول المقصود إن صدقوا في الإقداء إذ ليس التبحر في الفقه متيسر لكل إنسان وإنما الممكن هو معرفة فروض الأعيان وما زاد فحسن، ولكن يتأكد على الفقراء السؤال عند الحاجة.
ولتقريب معنى علاقة الأعمال بصدق التوجه وبالإيمان ضرب المؤلف مثالا مشاهدا وهو علاقة الأرواح بالأجساد، فكما لا تقوم الأجساد بغير روح لا تقوم الأعمال بدون صدق توجه ولا هما بدون إيمان. وكما لا تظهر آثار الأرواح بدون أجساد، لا يظهر أثر الإيمان وصدق التوجه بدون أعمال ظاهرة.
ونلاحظ تأكيد المؤلف على لزوم الفقه للصوفي بنعته له بأحكام الله الظاهرة وهذا سدّ للباب على من تلعب بهم نفوسهم فتهوّن لهم من شأن العلم الظاهر. ثم استدل بقولة الإمام مالك الشهيرة التي تفيد أن التحقيق في الجمع بين التصوف والفقه وأن المكتفي بالأول متزندق والمكتفي بالثاني متفسق.
ثم بين وجه التزندق الأول وهو أن اكتفاؤه بالباطن دون الظاهر يجعله يتفلت من القيود، ولا قيود إلا في الأحكام الظاهرة، ويترتب عن نفي القيود القول بالجبر الذي يقتضي نفي الحكمة، أي الحكمة الإلاهية التي أقام عليها نظام هذا العالم، والتي تنفي عنه العبث المقتضي نفي الأحكام وذلك من ناحيتين.
الأولى: بتجاوز حدود الله والوقوع في محارمه استنادا إلى القدر بالمعنى الجبري وهو ما ينفي المسؤولية عنه.
الثانية: بتجاوز حدود الله عبر إسقاط التكاليف.
وهذا السلوك يقضي بعبثية بعث الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع.
ثم بين وجه تفسق الثاني وهو خلو أعماله من التوجه الصحيح الذي هو بمثابة الروح والذي يحجزه عن محارم الله ويدفعه إلى القيام بالتكاليف، وخلوها أيضا من الإخلاص الذي هو شرط قبول الأعمال.
أما وجه تحقّق الثالث فجمعه بين الفضيلتين، وقد عبر المؤلف عن العلم الباطن وصدق التوجه والإخلاص بالحقيقة، وعن أحكام الله الظاهرة بالحق باعتبارها نابعة عن الحق ولا ينبع عن الحق إلاّ حق. وبين أن الفصل بينهما فصل اعتباري بقوله: لقيامه بالحقيقة في عين التمسك بالحقّ. فمن أهمل جانبا منهما فقد أهمل جانبا من الحق وذلك نقص. فإذا بالحق والحقيقة والظاهر والباطن حقيقة واحدة لا تقبل الفصل ولا التبعيض.
فالكمال في التصوف هو أن يعيش المتوجه إلى الله في القيود بظاهره وفي الإطلاق بباطنه أو نقول: بالمجاهدة في ظاهرة وبالمشاهدة في باطنه أو ظاهره عبودية وباطنه حرية، أو ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق.
قال تعالى: مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأي آلاء ربكما تكذبان.
والله تعالى أعلم.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الأربعاء 26 نوفمبر 2008 - 21:25

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلّم على نبيّه ومصطفاه وآله
وبعد :
فقد طربت وسعدت بما رأيته مسطّرا وبمداد العلم منمّقا فأحببت أن أزيد من زبدة المزيد :

الناظر في تلك القواعد الزرّوقية يلاحظ أمرين :
الأمر الأول :
أن مذهب المؤلّف رضي الله عنه في التصوّف أنه يصلح لكلّ الناس في كلّ زمان بإعتبار أنه روح الدين وبه بعث النبي صلى الله عليه وسلم للنّاس كافة ولكن يبقى لكلّ أحد من العباد نصيبه منه من كثرة وقلّة لذا جمع التصوّف كلّه في تعريفه الشامل الكامل الذي هو صدق التوجّه الى الله وعليه فكلّ من له نصيب ولو ذرّة من صدق التوجّه الى الله تعالى له نصيب من التصوّف فدخل كل صادق في توجّهه لربّه في مقام الإحسان من هذه الحيثية
الأمر الثاني :
لقد قعّد المؤلّف قواعده رضي الله عنه وكأنّه يشير الى ما بلغنا عنه من أنّه يقول بالسلوك بالهمّة والحال حتى قال الناس إنّ الشيخ سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه قال بإنقطاع شيخ التربية وما بقى إلا الحال والهمّة ومتابعة السنّة , وأغلب ظنّي بأنّه ألّف هذا الكتاب الذي بين أيدينا وسمّاه ( قواعد التصوّف ) ليقوم مقام شيخ التربية في الشاهد أي بالنسبة للّذين لهم نصيب من فهمه والتمعّن فيه أو بالأحرى ليكون لهم كالميزان الشامل في السير والسلوك فمزج في تقعيد القواعد بين الشريعة والحقيقة حتى ظهرا وكأنّهما شيء واحد أي متلازمان كتلازم الأرواح للأجساد
وقد ذكر الأخ زرّوق في مداخلته وأشار الى هذا الأمر وذلك بأن لا يبقى التصوّف حكرا على بعض المنتسبين في معرفة مبادئه ومضموناته فقد أراد المؤلّف رضي الله عنه سلب روح الدين من أناس إحتكروه وضيّقوا مفاهيمه على النّاس حتى غدا كلّ من سوى طريقهم أهل ضلال عندهم وفساد فجاء الشيخ بكتابه هذا ليهدم ما بنوه بأفكارهم الفاسدة وأوضح لهم بأن التصوّف هو صدق التوجّه الى الله تعالى وكلّ أحد من أمة الحبيب له منه نصيب وعليه ينهدم بناء العصبية والغلبة والغرور فالخير كثير ورحمة الله واسعة
وهذا صحيح فكلّ من تشرّع ثمّ تحقّق كان نائبا عن رسول الله حقيقة في مقامات الدين كلّها فانتفع به العامي قبل الخاص أما من تحقق ولم يتشرّع فهو ضال مضلّ إحتكر الفهم والكرامة والمعارف والمدد بحسب زعمه فلا يعتدّ به كما لا يعتدّ بالفقيه من غير توجّه الى الله لأنه مثل الأول سيحتكر العلم الديني ويجعله طريقا الى الرياسة على العباد فلا يخدمهم به فأضحى فاسقا فسلب المؤلّف من هذين الصنفين من الناس مراسمهم وبهتانهم فأوضح الطريقة وأنار معالمها وما أحوجنا الى ذلك في هذا الزمان
فعلمنا مذهب المؤلّف رضي الله عنه في التصوّف وفي الشريعة وما أرقاه من منحى وأعلاه من مشرب وبالله التوفيق
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty عما قيل في القاعدة الثالثة

مُساهمة من طرف زروق الخميس 27 نوفمبر 2008 - 17:34

الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله.
لقد تكلم الاخوان في المجلس الثالث فأوجزوا لفظا , ولكنهم أعجزوا معنى , والحقيقة أن الشرح قد أحاط بمتن القاعدة الثالثة من كل الجوانب , وأتى على كل خفاياها فهل من مدكر. وما قول الأخ علي..
((ولذا من أراد أن يحصر التصوّف في شخص أو مجموعة أو طائفة أو طريقة فهو لا يعرف معنى صدق التوجّه الى الله تعالى وما ينتجه ذلك من إنفتاح باب الفضل الإلهي في كل زمان بحسب الهمم والعزائم والصدق والتصديق والمحبّة وقد يعطي الله تعالى في آخر الزمان ما لم يعطه لأهل الرعيل الأول لكن يبقى الفضل دائما في أهل السبق بالطريق)) الا دليل على ما أسلفت ذكره,
وكذلك ما تناوله الأخ سلطان دل على سلامة الذوق وسمو الهمة واتساع دائرة الفهم , فالله أسأل أن يزيد في علمكم, وينفعكم بما علمكم وينفع بكم . كم أنا فخور بكم ,
والسلام على أخواني عامة , وراعي هذا المنتدى ,سيدي أبو أويس خاصة.
زروق
زروق

ذكر عدد الرسائل : 9
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 18/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الرابع بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف زروق الخميس 27 نوفمبر 2008 - 22:11

الحمد لله قبل الرضى , وعند الرضى , وبعد الرضى والصلاة والسلام على النبي المرتضى وعلى آله وصحبه ومن لنهجه اقتفى.
لقد نقب الاخوة المتدخلين على عميق المعاني ودقيق الحقائق التي تضمنتها القاعدة الرابعة, فاني وان اكتفيت بالشرح المستفيض الذي أورده الاخوة, دفعت الى المساهمة دفعا,فأقول ان المؤلف رضي الله عنه أشار الى العلاقة التلازمية بين ما يسمى بالحقيقة والشريعة وبين الظاهر والباطن وبين السر والعلن , وهو يؤمن طبعا بضرورة التحقق لأن ذلك بمثابة البرزخ بين المعنيين ويظهر تباينهما ويخفى التقاؤهما ولأنهما يلتقيان فلا يبغيان ,
وللخروج من هذا الجدل, فاني أرى المؤلف يؤسس لمبدأ التحقق لأنه منهج الأنبياء والمرسلين, وطريق المهتدين السالكين ,خاصة وان هذه القضية تكاد تمثل الخلل الذي يعوق سير السائرين في كل زمان والذي جمع في هذا الفرق ووصل في هذا الفصل قد حاز الكمالات
وارتقى لمراتب السادات .
وعليه فان التصوف لا يعرف للسالك فيه انتهاء , إلا أنه بالتحقق والتوجه إلى الله يكون الابتداء , ونرجو من الله أن يساعد الجميع لرسم هذه البداية ليزول كل الالتباس عن هذه القضية .
والله ولي التوفيق.
زروق
زروق

ذكر عدد الرسائل : 9
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 18/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الخامس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:39


المجلس الخامس

القاعدة الخامسة

قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه :

إسناد الشيء لأصله، والقيام فيه بدليله الخاص به يدفع قول المنكر بحقيقته، لأن ظهور الحق في الحقيقة يمنع من ثبوت معارضتها. فأصل التصوف مقام الإحسان الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بأن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك). لأنّ معاني صدق التوجه لهذا الأصل راجعة وعليه دائرة، إذ لفظه دال على طلب المراقبة الملزومة به. فكان الحض عليها حضاً على عينه، كما دار الفقه على مقام الإسلام والأصول عل مقام الإيمان. فالتصوف أحد أجزاء الدين الذي علمه عليه السلام جبريل ليعلمه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فافهم.


أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الخامس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الجمعة 28 نوفمبر 2008 - 17:19



بسم الله والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى كل من حافظ على عهده.
وبعد، فإني أشكر لأخي علي ما أفاض به من إضافة زاده الله فهما وعلما، وأبدي سعادتي بانضمام سيدي زروق لمؤازرتنا في هذا الشرح وإفادتنا بغزير علمه ونفيس درره خاصة وأن له استمدادا من المؤلف نسبا وسندا وأشكره على حسن الظن بإخوانه جعلنا الله أهلا لذلك.


ثم إن هذه القاعدة الخامسة كغيرها مبنية على سابقتها، فكأن المؤلف رحمه الله أراد أن يذكر أولى فوائد الإلتزام بالشريعة وهو دفع إنكار المنكر، ذلك أن أي فكرة إذا لم يكشف عن أصلها الذي منه نبعت وإليه ترجع كانت كاللقيط الذي لا يدرى والداه.
فمعرفة أصل الشيء من أهمّ عوامل قبوله واعتباره، وإقامة الدليل عليه من أهمّ عوامل إراحة عقل المقبل عليه وقلبه وتقوية همّته، لأنه قائم بقوة الدليل مستند إلى قوة الأصل.
أما غياب الأصل والدليل أو خفاؤهما فإنه باعث للريب وعدم الإرتياح في عقل وقلب القائم بذلك الشيء ومغر بإنكار المنكر والمعترض عليه.
ثم إنّ الأصل إما أن يكون صحيحا أو فاسدا فإن كان صحيحا كان الفرع النابع منه صحيحا وإن كان فاسدا يكون الفرع أيضا فاسدا، ولعل في ذكر المؤلف الدليل الخاص بعد الأصل قرينة على أنه إنما يقصد الأصل الصحيح.
وإنما جمع المؤلف بين الأصل والدليل الخاص لأن الشيء المستدل عليه قد يكون له دليل خاص به ينصّ عليه بعينه كقوله عليه الصلاة والسلام: "إن يسير الرياء شرك" (أخرجه الحاكم وصححه)، فهذا دليل خاص على تحريم الرياء.
وقد لا يكون له دليل خاص لكنه يستند إلى أصل عام يثبت به حكمه كقوله تعالى: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم" (الأعراف: 33)، فهو أصل في تحريم الفواحش جملة وإن لم يقع النص على بعضها بأعيانها.
ثم طبّق كعادته هذه القاعدة على التصوف فبين أن له أصل يستند إليه هو مقام الإحسان الوارد تفسيره في حديث جبريل الشهير إذ معاني صدق التوجه التي هي خلاصة التصوف راجعة إلى معنى الحديث ودائرة عليه.
ثم بين وجه ذلك بأن صدق التوجه دال على المراقبة التي هي من لوازم – أن تعبد الله كأنك تراه - الواردة في الحديث، فكان الحض على المراقبة حضا على عين صدق التوجه وهو التصوف، فكأنه يقول لئن لم يوجد دليل خاص باسم التصوف فإن حديث الإحسان أصل حاث على مسمى التصوف.
ولطرد اعتراض المعترض نبه إلى أن ذلك ليس بغريب لأن الكل متفقون على أن الفقه دائر على مقام الإسلام والأصول على مقام الإيمان، فكما أن الفقه جزء من الدين متعلقه الإسلام وأصول العقيدة جزء من الدين متعلقه الإيمان فكذلك التصوف أحد أجزاء الدين ومتعلقه الإحسان.
وبذلك أسند المؤلف رضي الله عنه التصوف إلى ركن متين وهو جبريل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصحابته الكرام عليهم الرضوان وهكذا...

والله أعلم وهو الموفق للصواب.

سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الخامس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف أبو أويس السبت 29 نوفمبر 2008 - 15:50


بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله على نبينا الرؤوف الرحيم سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد فقد أخترت من إحدى مذاكرات مولانا الإمام قدس الله روحه في شأن الإحسان ما يصلح أن يكون بيانا لهذه القاعدة
فقد قال رحمه الله:


أركان الدّين ثلاثة: إيمان وإسلام وإحسان، وهذه التّسميات كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بعدما دوّن العلم وقع الإصطلاح على تسمية علم الإيمان بعلم التّوحيد لأعظم صفة فيه وهي الوحدانية، أو علم العقائد لتعيّن الإنسان معرفته عقائديا، أو علم الكلام لكثرة البحث والكلام فيه.
ووقع الإصطلاح على تسمية علم الإسلام بعلم الفقه .
ووقع الإصطلاح على تسمية علم الإحسان وهو ربط الصّلة بين العبد وربّه بعلـم الـتّصوّف.
وعندما نتكلّم على الإحسان نبيّن أنّ مسائل الإحسان هي نفسها موجودة في الـتّصوّف ومن الغلط الفادح نفي الـتّصوّف أو اتّهام الصّوفية
بالمبتدعة، فالبدعة هي شيء لم يأت به الرسول صلى الله عليه وسلم والتّصوّف علم قد امـتلأت به بواطن الصّحابة ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين .
حضرنا مجلسا بالمدينة المنوّرة فيه جمع عديد من علماء سوريين وغيرهم وكما تعلمون أنّ البعض من سادتنا السّعوديين ينكرون الـتّصوّف ويتّهمون أصحابه بالمبتدعة، فأوردنا مذاكرة بيّنّا فيها أنّ الـتّصوّف هو الإحسان ومن أنكر الـتّصوّف فقد أنكر ما جاء به سيّد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم ، واقتنع جلّ من كان في المجلس وأخذوا العهد على السّير في طريق الله معنا، فالتصوّف هو الإحسان الـرّّكن الأعلى من الدّين.
... فركن الإحسان بالـنّسبة لبقية الأركان كالرّوح بالـنّسبة للجسد وهو بالنّسبة لتمام الدين كالزّبدة بالـنّسبة للّبن كما أنّ اللّبن لو أزيلت منه الزّبدة زالت منه الـثّمرة المعيّنة الـنّافعة وزال المقصود منه فتبقى صورته صورة لبن ولكن الفائدة المقصودة منه غير موجودة، فهذه الأركان الثّلاثة للدّين هي مترتّبة على بعضها والأصل فيها كلها الإيمان إذ لو لم يكن الإيمان لم يكن شيء من بقية الأركان فالإيمان نسبته من الدّين نسبة البذرة من الشّجرة فإذا إقتلعت البذرة من الأرض كنت اقتلعت الشجرة من أصلها ولم يبق منها شيء، قال تعالى: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}(65الزمر)وقال تعالى: {لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان}(17 الحجرات) إذ لولا الإيمان لم يصحّ الإسلام ولم يتصوّر الإحسان فالإيمان كالبذرة والإسلام كالشجرة والإحسان كالثّمرة فإذا زالت البذرة زالت الشجرة بثمرها ولا يترقّب من البذرة لا أصل ولا فرع ولا ثمرة. والأصل في كون هذه الأركان أركان الدّين هو كون الإنسان مركّب من جسد ظاهري ومادّي ومن قلب باطني ومن روح هي السّرّ السّاري في الذّات كلّها، وسبب وجوده وتكوين الإنسان من هذه الـثّلاث هو أنّ الإنسان خلق ليكون خليفة الله في الأرض، والخلافة الإلاهية تُستمدّ من عوالم ثلاثة وتستوجب من الخليفة أن يكون مساهما في هذه العوالم الـثّلاثة وهي:
عالم الكثائف: الـملـك
عالم اللّطائف: الملكوت
عالم الـنّـور: الجبروت








أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الخامس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف زروق السبت 29 نوفمبر 2008 - 18:28

لله الحمد من قبل ومن بعد , والصلاة والسلام على النبي الامجد وعلى آله وصحبه وكل تابع موحد,
أما بعد . فان المؤلف عليه رحمة الله , يظهر عالما بالأصول مما دعاه لتأسيس علم التصوف على قواعد سليمة , تدفع عنه الشوائب والعلل
وتفسح الطريق للسالكين .
والمراد اجمالا من هذه القاعدة هو رسم معالم التصوف ضمن سائر العلوم وبيان أهميته بين سائر الأركان . وما اعتماد المؤلف للقاعدة العامة لعلم الأصول , الا دليل على حرصه ليكون المنهج الصوفي ذا مرجعية سليمة , واتصال بأعلى مراتب العبوديه ,ولكن ليس في مجال اقامة الدليل والبرهان, وانما في فسحة الشهود والعيان.
أما قوله (( فالتصوف أحد أجزاء الدين الذي علمه عليه السلام جبريل ليعلمه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فافهم )), فلا يكون التصوف جزء من الدين ألا من حيث براعة تعامله في الفرق مع كل الموجودات , باقرار الأحكام والتشريعات من جهة , وشهود للحق قبل الخلق توحيدا للذات من جهة أخرى.أما والتصوف هو كل الدين الذي يقضي بنفي البين,ورفع الحجب الجلالية فقد خص الله به سيد البريه,وأبرز ماهيته لحظ البشرية من الذات المحمدية وذلك بصفة جلية ليلة عرج به عليه الصلاة والسلام حيث سمع صريف الأقلام بالأمور المقضية,
أما هذا المعنى الأخير فقد اختزله المؤلف وأشار اليه بقوله ( فافهم ),رزقنا الله جميعا رفيع الفهم وعظيم العلم.
زروق
زروق

ذكر عدد الرسائل : 9
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 18/11/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس الخامس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف علي الأحد 30 نوفمبر 2008 - 12:11

الحمد لله وكفى
والصلاة والسلام على عباده الذين إصطفى وآل كلّ ومن إقتدى
وبعد :
فأشكر لإخواني ما أفاضوا به ومرحبا بسيدي زرّوق وأشكره على المساهمة معنا وقد لاحظت بمساندة أستاذنا إسماعيل رضي الله عنه لنا وذلك بإدراج مذاكراته لتنشيط هممنا في الفهم و إصابة الرأي وهذه من فطنة سيدي أبي أويس الفاضل فجازاه الله خيرا , وإني أكبر فهم سيدي سلطان للقواعد فإنّه يغوص في المعاني ببدائع المباني والشىء من مأتاه لا يستغرب
وحرصا على إتمام الفائدة وكشف قناع الحواصل العائدة أضيف من مدد سيدي أحمد زرّوق اللطيف رضي الله عنه فأقول :
في هذه القاعدة أراد المؤلّف رحمه الله تعالى كشف ظلام الإنكار وغبار جهل الأغمار على طريق السادة الصوفية وخلاصة نخبة الفرقة الربّانية فأوضح في هذه القاعدة البيان بالدليل والبرهان والنصوص القاطعة الثابتة على صحّة ما ذهب إليه الصوفية في تفسيرهم لمعنى الإحسان , فأظهر الأدلّة العامة والخاصّة كي لا يدع من سبيل على المنصف الإنكار على أهل التصوّف الأخيار , وهنا حاكم أهل العناد والخصوم الى النصّ الثابت والدليل القاطع الذي لا غبار عليه , وبذلك ساهم في الدفاع عن هذه الطائفة غيرة أن تنتهك لهم حرمات أو يقدح في أعراضهم صاحب دعوى وجهالات , فصدّ باب الجدل على فكر الباحث ومحّص المعلومة لدى عقل المستفسر المتلقي القاصد ليعمّ نفع الطريق جميع العباد ولا يحرم أحد من هذا الفضل العميم في مختلف البلاد , وبهذه القاعدة أخرج كلّ دعوى كاذبة عمّا أتّهم به التصوّف من كونه يعود أصله الى فلسفة أهل اليونان أو دين الهنود أو ترهات الفرس أو غير ذلك ممّا إتّخذه المعاندون المخالفون سهاما للحطّ من قدر السادة الصوفية رضي الله عنهم وبهذه القاعدة أظهر مكانة التصوّف العلمية وكينونته العملية فأثبت بالدليل النقلي صحّة ما ذهب إليه السادة وجروا عليه عملا وعبادة وإستفادوه نتيجة وثمرة وإفادة من حيث الأصول لذا قال :
(إسناد الشيء لأصله، والقيام فيه بدليله الخاص به يدفع قول المنكر بحقيقته، لأن ظهور الحق في الحقيقة يمنع من ثبوت معارضتها)
فأوضح رضي الله عنه هنا أمران :
الأمر الأوّل :
- إسناد الشيء الى أصله : وهو إسناد التصوّف الى مقام الإحسان من حيث الدليل العام وتفسير ذلك أن التصوّف قد سبق في أخص تعريفاته بأنه ( صدق التوجّه الى الله تعالى من حيث يرضى وبما يرضى ) ولمّا كان الأمر على ما هو مذكور في متن حديث جبريل من حيث ذكر مقام الإحسان بأن مداره يدور حول المراقبة وهي لا يمكن أن تكون بغير معاني صدق التوجّه الى الله تعالى ثبت بأن صدق التوجّه الى الله تعالى الذي يحوم حول مقام الإحسان هو طريق التصوّف لأن معانيه كلّها لا تدور حول مقام الإسلام لأنه ليس بفقه ولا حول مقام الإيمان لأنه ليس بأصول لمعرفة أركان الإيمان وإنّما يدور حول مقام الأحسان الذي دلّت مفردات التفسير النبوي له على لزوم المراقبة به فكلّ من كان له نصيب من المراقبة التي لا يمكن أن توجد وتكون بغير معنى صدق التوجّه الى الله الذي هو تعريف شامل لكلّ مفردات التصوّف من حدّ ورسم وتفسير وعليه نستخلص الأمور التالية :
- التصوّف يدور معناه حول ( صدق التوجّه الى الله تعالى ) وهذا صحيح واقع في كلّ قول من حدّ وتعريف وتفسير لموضوع التصوّف.
- هذا التعريف الذي هو ( صدق التوجّه الى الله تعالى ) وهو أخصّ التعاريف وأشملها ( ذكر هذا سيدي إبن عجيبة الحسني رضي الله عنه ) تدور معانيه بدورها حول مقام الإحسان الذي فسّره رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) فإليه ترجع معاني صدق التوجّه الى الله التي هي تعريف معنى التصوّف , وإنّما قال المؤلّف رحمه الله تعالى بأن معاني صدق التوجه الى الله تعالى ترجع كلّها وتدور حول هذا الأصل الذي هو مقام الإحسان ذلك بما فسّره بقوله (لأنّ معاني صدق التوجه لهذا الأصل راجعة وعليه دائرة، إذ لفظه دال على طلب المراقبة الملزومة به ) أي أن مقام الإحسان المفسّر في الحديث إنّما بني على طلب حصول المراقبة لله تعالى التي بدورها لا يمكن حصولها بدون صدق التوجّه الى الله تعالى لذا كان الحض عليها حضّا على عين صدق التوجّه الى الله تعالى وكأن المؤلّف رحمه الله تعالى أراد أن يقول ( معاني صدق التوجّه الى الله تعالى مرجعها كلّها الى مقام الإحسان من حيث الشمولية أمّا من حيث الخصوصية فمرجعها كلّها على طلب المراقبة لله تعالى التي بدورها تدور على أصل أصول الإحسان وهو محوره التي هي المشاهدة التي هي المحور التي تدور عليه المراقبة )
- الأمر الثاني : الدليل الخاص الذي قام فيه التصوّف :
( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) فهذا اللفظ هو المحور الذي تدور عليه المراقبة الملزومة به إذ من المحال أن تكون حالة العبد في عبادته لربّه بهذه الكيفية من القرب والصدق من غير دوام المراقبة التي بدورها لا يمكن أن توجد بغير صدق التوجّه الى الله , فكان لفظة الإحسان هي عنوان موضوع صدق التوجّه الى الله تعالى لذا سمّي هذا المقام بركن الإحسان فإليه ترجع مباحث صدق التوجّه الى الله تعالى فهو العنوان الشامل لكلّ معنى فيه صدق التوجه أو تقول هو العنوان الشامل لجميع أحوال العباد في مختلف الطرق مع الله تعالى , أما المراقبة فهي المعنى الخاص أو تقول المحور الذي تدور عليه معاني صدق التوجه فهو أخصّ من حيث الدليل الخاص في مقام الإحسان , ثمّ هذه المراقبة بدورها تدور حول المحور الأساسي الذي هو ( أن تعبد الله كأنّك تراه ) فهذا الأصل وهي المشاهدة لأن الحديث يقول فيما بعد ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) فدلّ على أن هذا ليس الأصل وإنّما الأصل هي المشاهدة التي هي محور المحاور الأخرى الدائرة عليه كالمراقبة وصدق التوجّه من محبّة وشوق ...وجميع مراحل السير
ثمّ أراد المؤلّف أن يوضح ما ذهب إليه وذلك بإعطاء أمثلة قريبة من نفس الحديث فأورد القياس من نفس الحديث ليدفع بذلك إعتراض المعترض كما دفع في الأوّل إنكار المنكر لحقيقة التصوّف ببيان دليل الأصل الجامع من حيث مقام الإحسان فقال :
( كما دار الفقه على مقام الإسلام والأصول عل مقام الإيمان ) أي أن مباحث الفقه كلّها تدور على مقام الإسلام الذي فسّره النبي صلى الله عليه وسلّم في نفس الحديث وذلك بقوله ( أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّد رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحجّ البيت إن إستطعت إليه سبيلا ) ومعلوم بأن هذه القواعد الإسلامية الخمسة المفسّرة في مقام الإسلام وتحت عنوانه الكبير ليست فقط هي كلّ الفقه الإسلامي بل هناك الكثير من المسائل الفقهية كفقه الجهاد وفقه البيوع والمعاملات من نكاح وطلاق وحدود وميراث بل وفروع القواعد المذكورة كالوضوء والغسل ونصاب الزكاة ومعرفة أحكام الصوم وأحكام الحجّ ..الخ وعليه تبيّن أن الحديث ما ذكر غير عيون مقام الاسلام وليس هذا بأن القواعد الأخرى والأحكام الأخرى الغير مذكورة ليس من أحكام الإسلام بل أراد المؤلّف رحمه الله تعالى أن يعطي الدليل على أن عدم ذكر كلّ الفقه في مقام الاسلام لا يعني بأن الفقه محشورا فيما فسّره الحديث لذا قال أراد أن يقول ( يا أيها المنكر لمعاني التصوّف ألست تعترف بأن كلّ الفقه المذكور والغير مذكور في متن الحديث يتناوله ويشمله مبحث مقام الإسلام وكذلك علم أصول الدين والعقيدة في مقام الإيمان إنّما ذكرت أهمّها أصولا وما تطرّق الى ذكر الفروع كالإيمان بالجنّة والنار وتطاير الصحف والبعث وغير ذلك فليس بمذكور فأراد أن يفهمهم بأن هذا الحديث الجبريلي ما تطرّق إلا الى الأحكام المقصودة بالذات من الدين في مقام الأسلام والإيمان والإحسان
وعليه فمقام الإحسان هو العنوان الشامل وما فسّره الحديث هو زبدة وخلاصة هذا المقام وليس كلّ ما لم يذكر فيه من فروع صدق التوجّه الى الله تعالى الذي عبّر عنه ساداتنا من علماء السلوك بشرع الطريق التي فيها مباحث الشيخ والآداب معه والمريد وأحكام الإرادة وما تنتجه الخلوة ومعنى الفتوح كالكشف والحال والمقام والوارد ...الخ فأراد أن يبيّن هذه الأمور وبأن هذا الحديث دلّ على أصول الدين الثلاثة من حيث الإسلام والإيمان والإحسان لذا فإنّك تجد ساداتنا الصوفية رضي الله عنهم لا يطلبون من المريد غير هذه الأحكام المفسّرة في الحديث لذا تراهم لا يطلبون من المريد غير تعلّم كيف يصلّي ويزكّي إذا كان صاحب مال وكيف يصوم وكيف يحجّ إن إستطاع ولا يشغلونه بالفروع الأخرى كي لا يطوّلون عليه الطريف لأن النبي صلى الله عليه وسلّم في آخر هذا الحديث قال ( هذا جبريل أتى يعلّمكم دينكم ) فمن حصّل ما ذكر فقد حصّل ما ذكره الحديث فكمل دينه لذا إقتصر المشائخ على هذا الحديث فأنظر دقّة نظرهم وفهمهم للدين فما إتّبعوا في ذلك غير تفسير الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلّم للدين لذا قال المؤلّف رحمه الله (فالتصوف أحد أجزاء الدين الذي علمه عليه السلام جبريل ليعلمه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فافهم ) وكأنه يقول إذا كان جبريل مع عظمة قدره إكتفى بهذا التفسير مع ما عنده من علم فالأولى بنا نحن وكذلك إذا كان الصحابة تعلّموا من جبريل عن طريق سؤاله للنبي صلى الله عليه وسلّم أحكام دينهم بهذا الشكل فالأولى بنا نحن ثمّ هناك إشارة في هذا الحديث وهو أنه حديث جبريلي له تعلّق بعالم الملكوت كبير وبالوحي أكبر ووالله لو يفرغ المفرغ في هذا الحديث شرحا وتحليلا لأفاض فيه عدّة مجلّدات لما فيه من الأسرار والأنوار لذا جاء به المؤلّف شاهدا ودليلا على ما ذهب إليه في هذه القاعدة والتي بنى عليها ما سيأتي في تحرير التصوّف ويا لله ما أدقّ نظر الشيخ رضي الله عنه
والله تعالى أعلم وأحكم
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس السادس بشرح القواعد الزروقية

مُساهمة من طرف سلطان الثلاثاء 2 ديسمبر 2008 - 20:51

المجلس السادس
القاعدة السادسة
قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه :
الاصطلاح للشيء بما يدل على معناه ويشعر بحقيقته ويناسب موضوعه، ويعيّن مدلوله من غير لبس ولا إخلال بقاعدة شرعية ولا عُرفية، ولا رفع موضوع أصلي ولا عُرفي، ولا معارضة فرع حكمي ولا مناقضة وجه حكمي، مع إعراب لفظه وتحقيق ضبطه لا وجه لإنكاره واسم التصوف من ذلك، لأنه عربي مفهوم تامّ التركيب، غير موهم ولا ملتبس ولا مبهم، باشتقاقه مشعر بمعناه كالفقه لأحكام الإسلام والأعمال الظاهرة والأصول لأحكام الإيمان وتحقيق المعتقد، فاللازم فيهما، لازم فيه لاستوائهما في الأصل والنقل فافهم


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ورضي به وارتضاه.
وبعد، فبارك الله في الإخوة على ما أتحفونا به في القاعدة السابقة زادنا الله وإياهم فهما وذوقا وجازى الله عنا المؤلف خير الجزاء حيث تسبب في جمعنا على مائدة فيضه وحرّك فينا جياد الفهم لإصطياد معاني تلك القواعد المحلقة في سماء كمالات الرجال وها إن العبد الضعيف يوجه بعض سهامه الكليلة العليلة إلى طائر القاعدة السادسة فعسى ألاّ يعود خالي الوفاض فأقول:

لما تعرض في القاعدة السابقة إلى أصل التصوف ودليله عمل في هذه القاعدة على إبطال ما يتمسك به أهل الحساسية من الألفاظ والمصطلحات فينكرون التصوف لمجرد اسمه بدعوى أن هذا الاسم لم يرد به كتاب ولا سنة فهو اسم مبتدع وعليه فمسماه مرفوض لأنه هو الآخر مبتدع.
وبعد كشف بطلان دعوى بدعية التصوف كمسمى ( في القاعدة السابقة ) شرع في إبطال رفض الاسم فذكر كالعادة قاعدة عامة تأصيلية لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل وهي ابتكار المصطلحات من قبل أصحاب كل فنّ.
والمصطلح هو اللفظ الذي يتفق ويتصالح أهل فنّ معيّن على إطلاقه على شيء بذاته.
فعرض خصائص المصطلح وضوابطه:
1) الخصائص :
- أن يدل على معنى الشيء: أي يوصل سامعه إلى المعنى الذي وُضع له.
- أن يشعر بحقيقته: بأن يلمح إلى حقيقة الشيء من أحد جوانبه.
- أن يناسب موضوعه: بأن تكون له صلة واضحة بالموضوع.
- أن يعيّن مدلوله: بحيث يصبح كالعَلم على الشيء الذي وضع له.
2) الضوابط :
- عدم اللبس: بحيث لا يكون غامضا في نفسه ولا يشتبه بغيره.
- عدم الإخلال بقاعدة شرعية أو عرفية: بحيث يكون منضبطا بالقواعد الكلية شرعيها وعرفيها.
- عدم رفعه لموضوع أصلي ولا عُرفي : أي عدم مناقضته لما وضعته الشريعة بأصولها العامة من كتاب وسنة، أو ما وُضع بالعرف بحيث استقر عليه أمر الناس.
- عدم معارضة فرع حكمي: بحيث لا نجد حكما شرعيا يبطله.
- عدم مناقضة وجه حِكمي: أي لا يتناقض مع علة حكم أو حكمته أو مقصد شرعي.
- إعراب اللفظ وتحقيق الضبط: بأن يكون منسجما مع علوم العربية من نحو وصرف وغيرهما.
ثم ذكر رحمه الله أن ما توفرت فيه تلك الخصائص والضوابط من المصطلحات غير منكر، أي أنه معروف بين علماء الشرع ، متعامل به في كل فن.
وأنزل ذلك على اسم التصوف و بين أنه لا يخرج عن قواعد المصطلح فهو عربي ليس أعجمي، مفهوم غير غامض تام التركيب ليس كالطلاسم واضح الدلالة لا يلتبس مع غيره بل بين لفظه ومعناه صلة واضحة، بحيث يشعر الأول منهما بالآخر.
ثم أقام مقارنة تلزم المعارض بالتسليم لما طرحه، ذلك أن أحكام الإسلام وأعماله الظاهرة رغم أن حديث جبريل عليه السلام سماها بالإسلام فإن العلماء اصطلحوا على تسمية كل ما يتفرع عنه من جزئيات وتفاصيل بالفقه رغم أن معنى الفقه في اللغة هو عمق الفهم، فهو يمكن أن يشمل الأحكام الظاهرة والباطنة جميعا. وكذلك الشأن بالنسبة إلى الإيمان فقد اصطلح العلماء على تسمية قضاياه بالأصول. فكما لم ينكر إطلاق إسم الفقه على أعمال الإسلام ولا إطلاق إسم الأصول على قضايا الإيمان لزم أن لا ينكر إطلاق اسم التصوف على مشمولات الإحسان. وفي المقابل يلزم من إنكاره إنكارهما.
فلم يُبق رحمه الله للمعاند من سبيل ثالث، فإما أن يقبل الكلّ أو يرفض الكلّ، ولما لم يرفض مصطلح الفقه والأصول تحتم القبول بالكلّ وإلا كان رفض مصطلح التصوف دونهما إتباعا للهوى والشهوة وتعصبا للرأي لا للدليل والبرهان وتعنتا وعنادا لا تحقيقا وعلما.

والله أعلم.

سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الخميس 25 ديسمبر 2008 - 8:45

تذكير بمواصلة شرح
المجلس السادس

والقاعدة السادسة

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Bkz6nbooxcna9



أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف علي الخميس 25 ديسمبر 2008 - 16:33

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على الحبيب وآله
أما بعد : فنعود إن شاء الله تعالى لما كنا مع الإخوة بصدده من الشرح والتحليل ونعتذر للإخوة على هذا الغياب الخارج عن نطاقنا
فأقول :
نعم ما جادت به قريحة سيدي الفاضل سلطان في شرح هذه القاعدة السادسة وقد إستوفى بظني جميع عناصر البيان والتفسير بلا مزيد عليه وقد أردت زيادة نافلة من الشرح علّها تفيد عنصرا جديدا أو نكتة بعيدة والله الموفّق وعليه التكلان

بعد أن ذكر المؤلّف رحمه الله في القاعدة السابقة الدليل العام من حيث أصل التصوّف وأنّه مقام الإحسان ثمّ ذكرالدليل الخاص من حيث إظهار حقيقته وهو ( أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) الذي إستدلّ عليه بحديث جبريل وهو حديث مجمع على صحّته متنا وسندا ذكر في هذه القاعدة بيان لفظة ( التصوّف ) من حيث اللغة والإشتقاق والإصطلاح المتعارف عليه لدى أهل العلم من أهل الطريقة وغيرهم وتمهيدا لذلك مهّد كعادته أساسيات الإشتقاق والإصطلاح وقواعده العامة والخاصة المعمول بها لدى كافة أهل العلم من حيث الجواز وعدمه وهو إطلاق المصطلحات الدالة على معانيها لتعرف بها وعلى ما تعارف عليه أهل العلم وأن هذا شائع مشهور كما لا يخفى على الناظر المتابع في تاريخ تدوين العلوم أصولا وفروعا بمصطلحاتها وتعريفاتها الخاصة والعامة ودلائلها من المصادر الأصلية المكتسبة من الأدلّة التفصيلية
وبيان ذلك أن العلوم مهما كانت معانيها ومدلولاتها لا يمكن أن تقرّر كعلم مستقلّ في معانيها الثابتة ما لم تكن معيّنة بتعريفات وإصطلاحات في الألفاظ يقع على مفرداتها ثمّ هناك أمران وهو أن يكون العلم له إسم يعرف به سواء كان من إطلاقات العامة عليه مثل إطلاق كلمة الصوفي وهو اللباس المعروف الذي كان لباس الأنبياء وهو دليل الزهد عندهم والتقشّف على طائفة الصوفية وهو القول المشهور الراجح عند أهل العلم لأن طريق التصوّف هو طريق زهد وتقشّف في الملبوس والمأكول والمركوب والمسكون وكانت هذه حالة النبي صلى الله عليه وسلم وأغلب صحابته , أو كانت هذه الإطلاقات من إستحداث الإشتقاق للتدليل على معاني العلوم وهذا ساري جاري في جميع العلوم والفنون ولا ينكره أحد وكلّ أهل علم إصطلحوا على معاني علومهم بأسماء تدلّ عليها ومنها تعارف ساداتنا الصوفية على محتويات علومهم فإصطلحوا على أسماء وتعريفات مثل قولهم بأن الإستغراق في محبة المولى سبحانه وإسنشعار وجوده المطلق بالغيبة عن الوجود الحادث ( فناء) أو كإصطلاحهم على إستشعار وجودهم الحادث وبأنه من مدد الله تعالى فسمّوه( بقاء) وهكذا في بقية الإصطلاحات , كالوارد والهمّة والمقام والحال والوجد والتواجد والسير والترقي وهكذا ... في إصطلاحاتهم
وهذا ما جرى عليه عمل العلماء سلفا وخلفا في عمل الإصطلاح في الإشتقاق والتدليل على المعاني بأسماء حادثة غير توقيفية ولا توجد في كتاب ولا سنة كقولهم في علوم القرآن (تفسير ) ومن ثمّ فرّعوا ذلك الى , أسباب النزول وغريب القرآن وعلم القراآت وعلم الخاص والعام والمطلق والقيّد والناسخ والمنسوخ وهكذا .
وكما إصطلح أهل السنّة على تسمية السنّة (بعلم الحديث ) ومن ثمّ توسعوا في ذلك الى الغاية في مفردات هذا العلم من حيث التدقيق فيه فجعلوا إصطلاحاتهم فيه كمنهاج متبع لمن أراد دراسة علمي السنّة رواية ودراية فكان علم المصطلح والجرح والتعديل والمرفوع والموقوف والمقطوع والمرسل والمعنعن والغريب والشاذ والمعلول ...الخ وهذا ما إصطلح عليه علماء الحديث ومعلوم بأن هذه الإصطلاحات لم يجر بها كتاب ولا سنّة
وكذلك في علم الإيمان فإصطلحوا على تسميته بعلم الأصول تارة وبعلم العقيدة تارة أخرى وبعلم التوحيد وقالت طائفة بأنه علم الكلام بحسب إصطلاحات معانيهم الدالة عليه هذا الإسم وهكذا في فروع هذا العلم من حيث وجود الإصطلاحات الحادثة فلا داعي من ذكر ذلك فهو أمر معلوم
وكذلك في علم أصول الفقه وعلم الفقه فالأصطلاحات والتعريفات لا نهاية لها في كل مذهب ولم ينكر ذلك أحد
فبين المؤلف رضي الله عنه أن التصوف جرى مجرى ذلك من حيث الأصل والفرع ومن حيث الإشتقاق أيضا فلو أرجعته الى كلمة (الصوف) لقلت بأنه لباس الأنبياء فنسبوا إليه , ولو قلت الى صفّة المسجد النبي من فقراء المهاجرين أهل الإرادة الذين وردت فيهم آية ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) لقلت بأن أهل التصوف هذا وصفهم من حيث الذكر والإجتماع عليه وإرادة وجه الله تعالى , ولو أرجعته الى الصفّ الأول بين يدي الله لفات بأنهم في عزائمهم وفي مجاهداتهم لا بد أن يكونوا كذلك من حيث طلبهم لمولاهم والعزوف عن الدنيا ( السابقون السابقون أولائك المقربون) , ولو أرجعتهم الى صوفة القفا وهي شعرة في مؤخرة الرأس لقلت بأنهم مثلها في عدم الظهور والمذلة لله تعالى والإنطراح أمام مجاري الأقدار , ولو أرجعتهم الى الصفاء لقلت بأن هذا الإسم هو من أكثر الأسماء إنطباق عليهم وهو حالهم الذي لا يفارقهم حتى أن منتدانا هذا سمّي ( الصفاء) لأنه الإسم الغالب على الصوفية حسا ومعنى .
ثمّ أن الاصطلاح وقع على المعاني وعلى الأحوال وعلى الأفعال من حيث الإسلام والإيمان والإحسان ولا يخرج شيء من الدين عن هاته الثلاثة فالإشتقاق والإصطلاح جاء بالتبعية ليس إلا وبما أن التصوف كلمة عربية من حروف عربية مكتوبة من اليمين الى اليسار ظاهرة وتعطي معنى في نفسها وتدلّ على معاني واضحة وتعارف عليها المسلمون سلفا وخلفا وبها وقع إجماع العلماء من المذاهب الأربعة على سلامتها من التعجيم والتلحين والتعطيل والتنكير فإنك مهما قلت ( تصوف أو صوفي أو صوفية ) فهي لا تدل إلا على القوم من أهل الله تعالى ومهما قلت (علم تصوف ) فهو لا يعطي غير مدلول الإرادة والسلوك والطريقة
ثمّ أبان المؤلف رضي الله عنه بأن المنكر لهذا الإصطلاح مهما كان مصدرة من العامة أو الخاصة فالأحرى به أيضا أن ينكر الإصطلاحات الأخرى الموجودة في الركنين الآخرين وبهذا ينكر هذا المنكر الدين برمته في أركانه الثلاث وهذا ما لا يقول به عاقل وإنما قاس المؤلف بالفقه والإيمان لأن التصوف لا يتحقق إلا بها ولا هما إلا بتصوّف فربط الكلّ ليأخذ العبد الكلّ أو يترك الكلّ من حيث الإصطلاح والتعريف
وعليه فلا مشاحة البتّة في الإصطلاح ولا يجب أن ننكرها فهي أمر حاصل في كل العلوم بل في كل الكون بل في جميع الأسماء والصفات لأنها لا تخالف أحكام الدين بل تظهرها وتحسّنها وتنمّقها وبها يحفظ الله تعالى معاني العلوم ودلالاتها فإنما وضعت لغاية سامية فمن أنكرها فهو جاهل غبي لا يؤبه له وهو قاصر العقل ضعيف العلم بليد الفهم وبهذا جرى الإصطلاح في معاني التصوف فنحن عندما نقول صوفي نفهم معنى الولاية والولي وعندما نقول فقيه نفهم معنى العلم والفقه وعندما نقول متكلّم أو أصولي نفهم معنى الإيمان وهكذا في قولنا هذا محسن وهذا موقن وهذا مؤمن وهذا مسلم وقد قال تعالى ( إن الله مع المحسنين )
والله ورسوله أعلم والسلام
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الجمعة 26 ديسمبر 2008 - 21:38


بارك الله فيكما أيها الأخوين الوفيين سلطان وعلي

وجعلكما منارتين في هذا المنتدى

ليس يرعى الفضل إِلا أهله * لا يصون الدرَّ إِلا من خبرْ

أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف رضوان الأربعاء 31 ديسمبر 2008 - 23:03

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بكل شغف نتابع ما يورده الإخوة الأفاضل في شأن شروحهم للقواعد الزروقية
وأصبحنا نتشوق ونتشوف للجديد، فلا تبخلوا علينا بما يفتح الله عليكم
ونفع الله بكم البلاد والعباد
رضوان
رضوان

عدد الرسائل : 228
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 11/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty المجلس السابع: شرح القاعدة السابعة

مُساهمة من طرف سلطان الثلاثاء 6 يناير 2009 - 18:36


المجلس السابع
القاعدة السابعة
قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه
:

الاشتقاق قاض بملاحظة معنى المشتق والمشتق منه، فمدلول المشتق مستشعر من لفظه، فإن تعدد الشعور، ثمّ أمكن الجمع فمن الجميع وإلا فكل يلاحظ معنى فافهم إن سلم عن معارض في الأصل. وقد كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف، وأمسى ذلك بالحقيقة خمس:
أولها: قول من قال: (الصوفة) لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير له.
الثاني: أنه من (صوفة القفا) للينها، فالصوفي هيّن ليّن كهي.
الثالث: أنه من (الصِّفة) إذ جملته اتصاف بالمحامد وترك الأوصاف المذمومة.
الرابع: أنه من الصفاء وصحح هذا القول حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا*** جهلاً وظوه مشتقا من الصوف
ولست أنحل هذا الاسم غير فتىً ***صافى فصوفي حتى سمي الصوفـي
الخامس: أنه منقول من الصُّفة لأنّ صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً}. وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كلّ قول فيه، والله أعلم.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن نصره ووالاه.
أما بعد، فالسلام عليكم جميعا أيها الإخوة الأفاضل ورحمة الله وبركاته، أود في البداية أن أعرب عن شوقي إليكم بعد هذا الغياب وأرجو أن تكونوا جميعا بخير وعافية قلبا وقالبا، ظاهرا وباطنا، وأثني على أخي العزيز علي على الإضافة التي قدمها على شرح القاعدة السادسة، وإن كنت أود لو أنه لم يتعرض فيها إلى مسألة الاشتقاق لأنها ستطرح في القاعدة السابعة.
وهذا أوان الشروع في شرحها بعون الله وتوفيقه.
لما أثبت رحمه الله أن التصوف هو مصطلح تنطبق عليه كل معايير الاصطلاح،بدأ في بيان اشتقاق التصوف فوضع قاعدة الاشتقاق وهي تقوم على ملاحظة معنى المشتق والمشتق منه، بمعنى أن اشتقاق اسم لشيء يجب أن يبحث فيه عن قاسم مشترك بين الأصل المشتق منه والفرع المشتق، فيستشعر معنى المشتق من اللفظ الذي اشتق له، إذ الشعور بالمعنى مرتبط باللفظ، وعليه إذا تعدد الشعور، وإن أردنا الحديث عن الشعور بكل المعاني فإن ذلك يكون بجمع شعور كل الناس، فالمعنى الكلي والحقيقي قسمة بين
الجميع. أما إن لم نلاحظ شعور الجميع فيبقى لكل فرد حظ من أحد المعاني التي يحتملها اللفظ. وكأنه يقول إن كل شعور أو كل فهم هو سليم وصحيح طالما أنه محتمل من اللفظ. لكنه وضع لذلك ضابطا يذكرنا بما ذكره في القاعدة السابقة، وهو قوله إن سلم من معارض في الأصل، لأن المعنى المفهوم إن ناقض أحد المعاني الأصلية للفظ أو للأصل الذي اشتق منه كان ذلك المعنى المفهوم باطلا ومردودا.
وإنما وضع هذا الضابط في الاشتقاق لأن مما اعترض به على التصوف كثرة الأقوال في اشتقاقه واختلافه.
ثم لخص إشتقاقات التصوف في خمسة أقوال أساسية في كل واحد منها جهة من جهات التوجه في الحق:
- القول الأول: أرجعه إلى الصوفة فكما أن الصوفة طيعة لينة في يدي غازلها فكذلك الصوفي مع مولاه لا تدبير له ولا اختيار فهو غارق في مشاهدة تصرفات الأقدار مستسلما لمرادات الله فيه لا يرى لغير مولاه ولا حتى لنفسه صفة أو فعلا أو وجودا أصليا.
- القول الثاني: أرجعه إلى صوفة القفا باعتبار أن الصوفي هين لين متواضع لمولاه مستتر عن الخلق إلا لما تقتضيه حاجة نفعهم إمعانا في خدمة ربه فهو كما قيل الصوفي كالأرض يطرح عليه كل قبيح ولايأتي إلا بكل مليح أو كالشجر يرمى بالحجر فيرمي بالثمر.
- القول الثالث: أرجعه إلى الصفة باعتبار أن التصوف له صفة وثقى بالصفات فهو بقوم على التحلي بكل صفة محمودة والتخلي عن كل صفة مذمومة.
- القول الرابع: يرجعه إلى الصفا باعتبار أن أبرز ما يشتغل به هو تحقيق صفاء القلب عن الران والغفلة والسوى وصقل مرآته حتى تنطبع في صفحتها الحقائق الغيبية وتنبع منه الحكمة.
ا-لقول الخامس: يرجع التصوف إلى الصفّة وهي المكان الذي كان يجلس فيه فقراء المسلمين في المسجد النبوي، ووجه ذلك أن صاحب التصوف تابع لأهل الصفّة في إخلاص الوجهة إلى الله تعالى ففيهم نزل قوله تعالى:" {واصبر نفسك مع الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً}.
ثم ختم بقوله:" وهذا هو أصل الذي يرجع إليه كل قول فيه"، وهذا القول يحتمل معنيين أحدهما أن هذه الأقوال الخمسة هي الأصول التي يعود إليها كل ما قيل في التصوف، وثنيهما أن هذا القول الأخير هو الأصل الذي يرجع إليه باقي الأقوال، وهو الأرجح نظرا لمضمون القاعدة الموالية.
والله أعلم.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف علي السبت 10 يناير 2009 - 14:14

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله المتجلي برحمته والصلاة والسلام على المبعوث بها الى العالمين وآله وصحبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أمّا بعد :
أشكر الفاضل أخي سلطان على إفاضاته الطيّبة وشروحه القيّمة التي والحق يقال أجاد في الكثير منها وأفاد وليس هذا بالغريب ولا بالعزيز على أمثاله فله منّا حسن الوداد والى جميع الإخوة الأفاضل وخاصة سيدي أبي أويس المحترم الذي نطلب منه التجاوز عن التقصير الظاهري والباطني الصادر من طرفنا ولكل أجل كتاب .
وأشكر بخصوص شرح القواعد سيدي سلطان حفظه الله تعالى على إشارته بما تناوله إضافتي السابقة في موضوع الإشتقاق وأنه الأحرى أن يكون موضوع هذه القاعدة وهذا صحيح وهو ما أراه أيضا ولكن عذري في ذلك أنني ما قرأت القاعدة اللاحقة عند شرحي السابق بمعنى لم أطالع متن هذه القاعدة فغاب عني المتن وهذا يعتبر تقصير منّي
أما مشاركتي في هذه القاعدة فأقول :
لله درّ المؤلّف رضي الله تعالى عنه في تناوله للمواضيع والقواعد بترتيب محكم وعلم متقن وذلك ببيان ما عليه طائفة الصوفية في مذهبهم وطريقهم من حيث الدليل الشرعي والدليل اللغوي والدليل الإصطلاحي فلم يترك المؤلّف رحمه الله تعالى للمنكر أي حجّة علمية مهما كانت والإحتجاج لا يكون إلا بدليل علمي فأغلق الباب رحمه الله على كل طاعن في هذه الطائفة فأثبت حجيّة الطريق شرعا وهو الأصل وذلك في حديث جبريل وهو حديث صحيح وصريح لا سبيل الى إنكاره لا لفظا ولا معنى وأثبت حجية الطريق من حيث الإصطلاح وبيّن قواعده وضوابطه وأثبت أيضا حجيته من حيث اللغة والإشتقاق وهو الذي بيّنه في هذه القاعدة لذا فأوّل ما أشار في هذا المتن أشار الى وجوب مراعاة معاني الإشتقاقات أوّلا وقبل كلّ شيء لأن الإشتقاق لفظ أشتقّ من معناه أو من بعض معناه وهو المشتقّ منه إذ لا بد أن يحمل المشتقّ بعض من معاني المشتقّ منه وإلا فما صحّ الإشتقاق وكأنّه رحمه الله تعالى يشير الى أن طريق السادة الصوفية هو معاني حملتها أواني إشتقاقية وهي الأولى بذلك من إشتقاقات أي فن أو علم آخر فافهم
لذا قال رحمه الله ( الإشتقاق قاض بملاحظة معنى المشتقّ والمشتقّ منه ) وقد أوضح هذه النقطة سيدي سلطان بتمامها ولو نلاحظ هنا بأن المشتقّ هو كلمة التصوف فلنبحث عن كلّ مشتقّ منه يناسب معناه ومدلوله القريب المتبادر بمجرّد التلفّظ والنطق وهو ما يستشعره الإنسان ببداهة الأمر فالإسم لا بدّ أن يكون مشتقّا متى وقع عليه الإصطلاح والتعارف وعليه فلا بدّ من مشتقّ منه لا يخالف ما إصطلحوا عليه في مدلولات هذا اللفظ لذا فلا ننسب كلمة التصوّف من حيث الإشتقاق إلا الى مصدر يناسب معناه الذي إصطلح عليه القوم وهذا هو الضابط الذي أراد المؤلّف بيانه من حيث أنه ربط الإشتقاق بالإصطلاح وربط الإصطلاح بموافقتها للأصول وعدم مخالفتها ثمّ عمّم هذا على كلّ فنّ كي لا يرمى فنّ بعينه كالمنكررين على هذه الطائفة فكانت غيرته رضي الله عنه على هذه الطائفة مشهودة في قواعده
ثمّ قال ( مدلول المشتق مستشعر من لفظه ) هذا لمن كانت له معرفة بالإشتقاقات ومناسباتها والإصطلاحات في نفس الوقت ومراداتها وإلا فقد يعطي مدلول اللفظ ظاهريته وليس معناه الإصطلاحي ولذلك قال رحمه الله تعالى ( فإن تعدّد الشعور ثمّ أمكن الجمع فمن الجميع ) وكأنه أراد أن يقول والله أعلم أي أن اللفظ المشتقّ قد يحتمل عدّة أوجه من حيث الإشتقاق كما هو حادث في موضوع التصوّف وكلّ تلك الأوجه تؤدّي معاني مطابقة لما عليه الأمر في حقيقته كقولنا التصوّف من الصفاء فهذا صحيح وعدما نقول بل هو من الصّفة فنقول هذا أيضا صحيح الى آخر ذلك لذا قال فإذا تعدّد الشعور وأمكن الجمع فمن الجميع أي أنها كلمة مشتركة تشترك فيها معاني عدّة إشتقاقات ومصادر صرفية وكأن المؤلّف رحمه الله يقول : يا هذا إذا إرتأيت أوجه كلمة التصوّف وأنها يمكن أن تكون مشتقّة من جملة المصادر التي قيلت فيه بما أنها لها إتصال معنوي ولغوي فيما بينهما ومهما أمكنك الجمع فهذا إقرار منك بأن أقوال جميع الإشتقاقات لا تخالف معاني كلمة التصوّف فلك ذلك وهو الأولى والأحرى لوسع علمك ودقّة فهمك وأن لا مشاحة في الإشتقاق بشرطه المعروض عليك والمجمع عليه من طرف اللغويين وأهل المعاني أما إذا تمسّكت برأي واحد وإرتأيته بأنه الصحيح فلم تلاحظ غيره فلك ذلك وبهذا لم يترك المؤلف رضي الله عنه للمنكر من سبيل للإنكار من حيث الإشتقاق ومن حيث الإصطلاح ومن حيث الدليل الشرعي
ثمّ أغلق باب التشهير رضي الله عنه وأحكم على التمصوفين القيد بقوله ( إن سلم من معارض في الأصل ) وربما أرا أن يقول والله أعلم : يا هذا المنكر لا يثنيك ما تراه من كثرة الأقوال التي قيلت في الإشتقاق عن اللحوق بركب هذه الطائفة لأنّا قد بيّنا لك ضوابط الإشتقاق والإصطلاح فإذا سلمت جميع الأقوال من معارض في الأصل فلا حرج ولا مشاحة في ذلك البتّة بموافقة الشرع واللغة والمعنى وهذا حاصل في هذا البيان
ثمّ بيّن ذلك في أصول إشتقاق كلمة التصوّف وردّ ذلك إلى ما أجمع عليه أهل العلم وردّها الى خمس وإنما هي أقوال كثيرة وهذه أصولها
ثمّ لما ذكر أهل الصفّة إستشهد بالآية النازلة بحقّهم وهي معتمد طريق الصوفية في كل الأزمنة لذا كان الصوفية هم ورّاث طريقة أهل الصفّة في توجّههم الى ربّهم بلا منازع في ذلك لأن الأصل الذي يجمعهم هي تلك الآية الكريمة قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ) لذا قال ( وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه ) والمعنى والله أعلم أن هذه الآية المذكورة هي الأصل الجامع لكل ما قيل في التصوّف من حيث صدق التوجه الى الله تعالى لذا فجميع الإشتقاقات عندما نفسّرها للتدليل على التصوّف تعود الى تفسير هذه الآية من حيث العبودية لله تعالى وصدق التوجه إليه فوقع تفسير معاني الإشتقاقات كيفما كانت على هذا الأصل فإليه يرجع كل قول وكلّ تفسير لأي إشتقاق فكانت جميع الأقوال صحيحة لأنها لا تخالف هذا الأصل البتّة ومتى خالفت فهي لا تصلح ولو سلمت لغة لأن الإصل الشرعي لا يعضدها
والله أعلم
وبالله التوفيق والسلام
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف سلطان الأحد 11 يناير 2009 - 20:30





المجلس الثامن
القاعدة الثامنة

قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه

حكم التابع كحكم المتبوع فيما يتبعه فيه، وإن كان المتبوع أفضل. وقد كان أهل الصفة فقراء في أول أمرهم، حتى كانوا يعرفون بأضياف الله. ثمّ كان منهم الغني والأمير، والمتسبب والفقير، لكنهم شكروا عليها حين وجدت، كما صبروا عليها حين فقدت. فلم يخرجهم الوجدان عما وصفهم مولاهم به من أنهم: {الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً}، كما أنهم لم يمدحوا بالفقدان، بل بإرادة وجه الملك الديان، وذلك غير مقيد بفقر ولا غنى، وبحسبه، فلا يختص التصوف بفقر ولا غنى، إذا كان صاحبه يريد وجه الله، فافهم.

الحمد لله الذي يؤتي فضله من يشاء والصلاة والسلام على من جعله بابا للنوال والعطاء وعلى آله جداول نهره المعطاء وصحابته أهل الوداد والصفاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فأشكر أخي علي على تشجيعه للعبد الضعيف وأكبر فيه قبول الملاحظة التي وجهتها إليه وأعلمه بأني محتاج، إلى جانب التشجيع، إلى النصح ولفت النظر عند الاقتضاء، فبه يرتقي المستوى وتتلافى الأخطاء، فلا تبخلوا علينا في هذا الجانب مشكورين.
أما في خصوص الحكمة الثامنة فإنها بداية الدخول في موضوع جديد - بعد أن تم البحث في موضوع الاصطلاح والاشتقاق- وهو موضوع أصل التصوف ومبادئه.
فلما اعتبر رحمه الله القول الأخير هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول في التصوف- أو الآية على ما أشار إليه أخي علي- فرّع عليه هذه القاعدة. التي تقوم على أساس التلازم بين التابع والمتبوع وأن الأول لما كان مستمدا من الثاني مقتديا به لزم أن ينال ما يناله هو في مستوى الحكم عليه، ولا يمنع ذلك أفضلية المتبوع، فكأنه يقول لما أثنى الله تعالى على أهل الصفة فإن ذلك الثناء يسري إلى المقتدين بهم وهم الصوفية ولكن مع ملاحظة خصوصية أهل الصفة من الصحبة والسبق وأعظم بها من مزية.
ويشهد لذلك قوله عليه الصلاة والسلام حين سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم: المرء مع من أحب. ثم تطرق لبيان علة ما ناله أهل الصفة من الثناء الرباني وهو ما نصت عليه الآية من إرادة وجه الله. إذ أنهم رضوان الله عليهم كانوا فقراء في بداية أمرهم فصبروا على الفاقة ولزموا باب مولاهم وأخلصوا الوجهة إليه دون التفات منهم إلى ما تمتع به إخوانهم من السعة في مظاهر الدنيا.
ثم لما فتحت البلدان وكثرت الأموال عند المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحولت حال الكثير منهم فأصبح منهم الغني والأمير والمتسبب - كأبي هريرة رضي الله عنه- ولكن هذه الحال الجديدة لم تغير وجهتهم إلى الله ودعائهم بالغداة والعشي. فكانوا رضي الله عنهم مع مولاهم في كل أحوالهم لم يحجبهم عنه فقدان الدنيا ولا وجدانها.
ويخلص من ذلك رحمة الله عليه إلى وضع قاعدة جليلة، تصحح بعض الأخطاء الشائعة في فهم التصوف، وهي أنه لا يرتبط بفقر مادي ولا بغنى مادي بل إن ذلك لا اعتبار له أصلا في التصوف طالما تحققت إرادة وجه الله. فليس التصوف لبس الصوف ولا المرقع ولا البالي من الثياب ولا التخلص من المال والممتلكات ولا بترك الأهل والزهد في الزوجة والولد ولكنه الثبات على إرادة وجه الله في كل حال وأوجده الله فيها.
والله أعلم.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف أبو أويس الثلاثاء 13 يناير 2009 - 7:50

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أساهم معكم إخوتي بما ذكره أئمتنا الصوفية في الآية المعنية بهاته القاعدة.

بسم الله الرحمان الرحيم
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28 الكهف)

رُوي أنه صلى الله عليه وسلم لما نزلت خرج إليهم وجلس بينهم ، وقال : « الحمدُ لله الذي جَعَلَ في أمتي مَنْ أُمرْتُ أنْ أصبرْ نَفْسِي معه » وقيل : نزلت في بيان أهل الصُّفَّة، وكانوا نحو سبعمائة ، فتكون الآية مدنية .

قال سيدي القشيري رضي الله عنه:

قوله جلّ ذكره : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاوَةِ وَالعَشِىَ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ }
قال: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } ولم يقل : « قلبك » لأن قلبه كان مع الحقِّ ، فأمره بصحته جَهْرَاً بجهر ، واستخلص قلبه لنفسه سِرَّاً بِسرِّ .
ويقال { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } : معناها مريدين وجهه أي في معنى الحال ، وذلك يشير إلى دوام دُعائِهم ربهم بالغداة والعشيّ وكون الإرادة على الدوام.
ويقال: { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } : فآويناهم في دنياهم بعظائمنا ، وفي عقباهم بكرائمنا .
ويقال: { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } : فكشف قناعَهم ، وأظهر صفَتهم ، وشَهَرَهم بعدما كان قد سَتَرَهم ، وأنشدوا : وكشفنا لكَ القناعَ وقلنا ... نعم وهتكنا لك المستورا
ويقال لما زالت التُّهمُ سَلِمَتْ لهم هذه الإرادة ، وتحرروا عن إرادةِ كلِّ مخلوقٍ وعن محبةِ كل مخلوق .
ويقال لمَّا تقاصَرَ لسانُهمِ عن السؤال هذه الجملة مراعاةً منهم لهيبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحُرْمَةِ باب الحقِّ - سبحانه - أمَرَه بقوله : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } وبقوله:{وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } . أي لا ترفع بصَرَك عنهم ، ولا تُقلِعْ عنهم نظرك .
ويقال لما نظروا بقلوبِهم إلى الله أَمَرَ رسولَه - عليه السلام - بألا يرفعَ بَصَرَه عنهم ، وهذا جزاء في العاجل .
والإشارة فيه كأنه قال : جعلنا نظرك اليوم إليهم ذريعةً لهم إلينا ، وخَلَفَاً عما يفوتهم اليوم من نظرهم إلينا ، فلا تَقْطَعْ اليومَ عنهم نَظَرَكَ فإنا لا نمنع غداً نظرهم عنَّا.
قوله جلّ ذكره : { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلَنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } . هم الذين سألوا منه - صلى الله عليه وسلم - أن يُخْلِيَ لهم مجلسَه من الفقراء ، وأن يطردهَم يوم حضورهم من مجلسه - صلى الله عليه وسلم وعلى آله .
ومعنى قوله : { أَغْفَلَنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } : أي شغلناهم بما لا يعنيهم .
ويقال : { أَغْفَلَنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } أي شغلناهم حتى اشتغلوا بالنعمة عن شهود المِنْعِم .
ويقال هم الذين طوَّح قلوبَهم في التفرقة ، فهم في الخواطر الرَّدِيّة مُثْبَتُون، وعن شهود مولاهم محجوبون .
ويقال أغفلنا عن ذكرنا الذين ابْتُلُوا بنسيان الحقيقة لا يتأسَّفُون على ما مُنُوا به ولا على ما فَاتَهُم .
ويقال الغفلةُ تمضيةُ الوقتِ في غيرِ قضاءِ فَرْضٍ أو أداء نَفْلٍ .

قال سيدي إسماعيل حقي رضي الله عنه:
يقول الفقير شان النبوة عظيم فلو طردهم لأجل أمر غير مقطوع كان ذنبا عظيما بالنسبة الى منصبه الجليل مع ان الطرد المذكور من ديدن
الملوك والاكابر من اهل الظواهر وعظماء الدين يتحاشون عن مثل ذلك الوضع نظرا الى البواطن والسرائر
...
وقال ذو النون رحمه الله خاطب الله نبيه عليه السلام وعاتبه وقال له اصبر على من صبر علينا بنفسه وقلبه وروحه وهم الذين لا يفارقون
محل الاختصاص من الحضرة بكرة وعشيا فمن لم يفارق حضرتنا فحق ان تصبر عليه فلا تفارقه وحق لمن لا تعد عينهم عنى طرفة عين ان لا ترفع نظرك عنهم وهذا جزاؤهم فى العاجل
.

قال سيدي ابن عجيبة رضي الله عنه:
قال ابن عطية : ويدخل في الآية مَنْ يدعو في غير صلاة ، ومن يجمع لمذاكرة علم ، وقد رَوى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لَذِكْرُ اللهِ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ أَفْضَلُ مِنْ حَطْمِ السُّيُوف فِي سَبيل اللهِ ، ومِنْ إعْطَاءِ المَال سحا » وصفهم بالإخلاص ، فقال : { يُريدون وجهه } أي : معرفة ذاته ، لا جنة ولا نجاة من نار.
وفيه تنبيه على أن الباعث على ذلك الدعاء غفلة قلبية عن جناب الله - سبحانه - حتى خفي عليه أن الشرف إنما هو بتحلية القلب بالفضائل ، لا بتحلية الجسد بالملابس والمآكل .

الإشارة : في الآية حثٌّ على صحبة الفقراء والمُكْث معهم ، وفي صحبتهم أسرار كبيرة ومواهب غزيرة، إذ بصحبتهم يَكتسبُ الفقير آداب الطريق ، وبصحبتهم يقع التهذيب والتأديب ، حتى يتأهل لحضرة التقريب ، وبصحبتهم تدوم حياة الطريق ، ويصل العبد إلى معالم التحقيق ، وفي ذلك يقول الشيخ أبو مدين رضي الله عنه :
مَا لَذّةُ العَيْشِ إلا صُحبة الفُقرا ... هُمُ السَّلاَطِينُ والسَّادَاتُ والأُمَرَا
فاصْحَبْهُمُ وتَأَدَّبْ فِي مَجَالِسِهِم ... وَخَلِّ حظَّكَ مَهْمَا خَلَّفُوكَ وَرَا
إلى آخر كلامه .
وقوله تعالى : { واصبر نفسك } قال القشيري : لم يقل : واصبر قلبك؛ لأن قلبه كان مع الحق تعالى ، فأمره بصحبة الفقراء جَهْرًا بجهر ، واستخلص قلبه لنفسه سِرًا بِسرٍّ . ه . قال الورتجبي: اصبر نفسك مع هؤلاء الفقراء ، العاشقين لجمالي ، المشتاقين إلى جلالي ، الذين هم
في جميع الأوقات يسألون متى لقاء وجهي الكريم ، ويريدون أن يطيروا بجناح المحبة إلى عالم وَصْلي ، حتى يكونوا مُتسلين بصحبتك عن مقام الوصال ، وفي رؤيتهم لك رؤية ذلك الجمال .

وقوله تعالى : { يريدون وجهه } ، بيَّن أن دعاءهم وسؤالهم إنما هو رؤيته ولقاؤه ، شوقًا إليه ومحبة فيه ، من غير تعلق بغيره ، أو شُغل بسواه، بل همتهم الله لا غيره ، وإِلاَّ لَمَا صدق قصر إرادتهم عليه . قال في الإحياء : من يعمل اتقاء من النار خوفًا ، أو رغبة في الجنة رجاء ، فهو من جملة النيات الصحيحة؛ لأنه ميل إلى الموعود في الآخرة، وإن كان نازلاً بالإضافة إلى قصد طاعة الله وتعظيمه لذاته ولجلاله ، لا لأمرٍ سواه.
ثم قال: وقول رويم : الإخلاص : ألا يريد صاحبه عليه عوضًا في الدارين، هو إشارة لإخلاص الصدِّيقين ، وهو الإخلاص المطلق ، وغيره إخلاص بالإضافة إلى حظوظ العاجلة.


المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Palintefada_pic_2007386433


عدل سابقا من قبل أبو أويس في الإثنين 19 يناير 2009 - 18:41 عدل 2 مرات
أبو أويس
أبو أويس

ذكر عدد الرسائل : 1553
العمر : 64
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف سلطان السبت 17 يناير 2009 - 20:23

المجلس التاسع
القاعدة التاسعة
قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه
اختلاف النسب قد يكون لاختلاف الحقائق، وقد يكون لاختلاف المراتب في الحقيقة الواحدة.
فقيل إنّ التصوف والفقر والملامة والتقريب من الأول، وقيل من الثاني وهو الصحيح. على أن الصوفي هو العامل في تصفية وقته عما سوى الحق، فإذا سقط ما سوى الحق من يده فهو الفقير. والملامتي منهما هو الذي لا يُظهر خيراً ولا يضمر شراً، كأصحاب الحرف والأسباب ونحوهم من أهل الطريق.
والمقرب من كمُلت أحواله، فكان بربه لربه، ليس له عن سوى الحق إخبار، ولا مع غير الله قرار، فافهم.


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه ووالاه. السلام على جميع الإخوة ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد افتقدنا اطلالة أخينا علي ومساهماته فنرجو أن يكون المانع خيرا.
ثم هذا أوان الشروع في شرح الحكمة التاسعة بعون الله تعالى.
تعرض المؤلف رحمه الله في هذه الحكمة إلى توضيح بعض الألفاظ التي يستعملها القوم للتعبير عن أنفسهم، فحينا ينسبون إلى التصوف وآخر إلى الفقر وثالثا إلى الملامتة ورابعا إلى التقريب، فبين أن أصل الاختلاف في النسب يعود إلى أمرين اثنين:
- الأول: اختلاف الحقائق بحيث يكون كل لفظ دالا على حقيقة مغايرة لما يدل عليه اللفظ اللآخر، كقولنا، فلان متكلم وفلان أصولي و فلان فقيه وهكذا، فحقيقة علم الكلام مغايرة لحقيقة أصول الفقه وهي مغايرة لحقيقة الفقه وهكذا.
- الثاني: اختلاف المراتب في الحقيقة الواحدة، بحيث يكون كل لفظ دالا على مرتبة من مراتب تلك الحقيقة كمراتب الحفظ عند أهل الحديث وهي على الوجه الآتي: مسند، ثم محدث، ثم مفيد، ثم حافظ، ثم أمير المؤمنين في الحديث،فكلها ألفاظ تدل على مشتغلين بعلم الحديث لكن بمراتب مختلفة.
ثم بين أنه وقع الاختلاف في تلك الألفاظ والنسب التي يطلقها القوم فأرجعها البعض إلى اختلاف الحقائق، وأرجعها آخرون إلى اختلاف المراتب لحقيقة واحدة وأكد أنه الصحيح، وشرع في بيان معنى كل واحد منها فقال إن الصوفي هو الذي يعمل، أي يجتهد ويجاهد، لاستدامة حضوره مع الحق عز وجل بحيث يسقط من نظره كل السوى. ثم إذا تم له ذلك المقام وسقط ما سوى الحق من يده بأن أصبح متجردا لله تعالى محتاجا إليه وحده لا يطمع في سواه ولا يلتفت إليه بل لا يخطر له على بال، سمي فقيرا.
ثم عرف الملامتي بأنه الذي لا يظهر خيراً ولا يضمر شراً كأهل الحرف والأسباب من أهل الطريق، وقد فسر الإمام السهروردي ذلك قائلا:" الملامتي تشربت عروقه طعم الإخلاص وحقق بالصدق , فلا يحب أن يطلع أحد على حاله وأعماله ولا يتم هذا الإخلاص إلا إذا أصبح يستوي عنده المدح والذم له من الناس، وألا يفكر في اقتضاء ثواب العمل في الآخرة"
واسم الملامتي جاء نسبة إلى ما قد يتعرض إليه الصوفي من لوم على بعض ما يصدر منه أو ما يتهم به من تقصير لخفاء حاله.
أما المقرب فهو من كان مع مولاه في كل حال فمنه يصدر وإليه يعود، منه يسمع وإياه يخاطب وله يشير، وعنه يخبر وإليه وحده يركن، سيان عنده أظهره أم أخفاه، أفقره أم أغناه...
والله تعالى أعلم وهو الهادي إلى السبيل الأقوم.
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف رضوان الخميس 22 يناير 2009 - 10:49

من تعريفات الصوفية:
كان سيدي أحمد بن حنبل رحمه اللّه يحثّ ولده على الإجتماع بالصوفية ويقول أنّهم بلغوا في الإخلاص مقاما لم نبلغه.
وقال العلاّمة أبو إسحاق الشّاطبي رحمه اللّه :"انّ الصّوفية الذين تنسب إليهم الطّريقة مجموعون على تعظيم الشّريعة مقيمون على متابعة السّنّة غير مخلّين بآدابها أبعد النّاس عن البدع وأهلها ولذلك لانجد منهم من ينتسب إلى فرقة من الفرق الضّالة ولا إلى من يميل إليهم."
وقال أيضا : جعل اللّه هذه الطّائفة صفوة أوليائه وفضّلهم على الكافة من غير تمييز بعد الأنبياء والرسل".
وقال السيوطي رضي اللّه عنه : ,,نسبة التصوف من العلوم كعلم البيان مع النحو يعني هو كمال فيها ومحسّن لها"
وقال العلاّمة المؤرخ والمحقّق ابن خلدون رحمه اللّه في مقدمته عند تعريفه للتصوّف انّ طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمّة وكبارها من الصحابة والتّابعين ومن بعدهم طريق الحقّ والهداية وأصلها العكوف على العبادة والإنقطاع الى اللّه تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لـذّة وجاه والإنفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وكان ذلك عامّا في الصحابة والسلف ثمّ فشى الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس الى مخالطة الدنيا فاختصّ المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوّفة".

ومن المذاكرات الإسماعيلية رضي الله عنه:
...فالصّوفي يحمل عنوانا ضخما ولافـتة عريضة على رأسه وهي ’’صوفي‘‘
وفي هذه اللاّفـتـة مفاهيم كثيرة منها التّقوى فحين نسمع برجال صوفية كسيدي المداني أو سيدي أحمد العلاوي
أو سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي اللّه عنهم أجمعين، نتصوّر أنّهم رجال عاشوا في الـتّقوى وماتوا عليها،
وكذلك نرى في كلمة ,,صوفي،، أو ,,فقير،، الأخلاق العالية المحمّدية، ومجال الأخلاق يدخل
فيه كلّ معاني الكمال والفضل والتّحابب والإيثار والـتّوادد... فيلزم الفقير أن
يكون في المستوى المطلوب وهو الإخلاص في العمل والقول ولا يكون ظاهره رحمة وباطنه
عذاب أو العكس، ويكون محلّ الثّقة في الـنّاس فهو يمثّل الصّدق والثّقة والـتّحابب
والإيثار... ويمثّل كلّ كمال، وهذه الصّفات كفيلة باُنتشار الدّين...
رضوان
رضوان

عدد الرسائل : 228
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 11/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف سلطان الأحد 25 يناير 2009 - 17:54

المجلس العاشر
القاعدة العاشرة
قال المؤلّف سيدي أحمد زرّوق رضي الله عنه:
لا يلزم من اختلاف المسالك اختلاف المقصد، بل قد يكون متحدا مع اختلاف مسالكه، كالعبادة والزهادة والمعرفة مسالك لقرب الحق على سبيل الكرامة، وكلها متداخلة، فلا بد للعارف من عبادة، وإلا فلا عبرة بمعرفته إذ لم يعبد معروفه. ولا بد له من زهادة، وإلا فلا حقيقة عنده، إذ لم يُعرض عمن سواه. ولا بد للعابد منهما، إذ لا عبادة إلا بمعرفة، ولا فراغ للعبادة إلا بزهد، والزاهد كذلك إذ لا زهد إلا بمعرفة، ولا زهد إلا بعبادة، وإلا عاد بطالة.
نعم من غلب عليه العمل فعابد، أو الترك فزاهد. أو النظر لتصريف الحق فعارف. والكلّ صوفية، والله أعلم.


بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره ووالاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فأشكر أخي رضوان على مساهمته التي آنسني بها، فقد شعرت في المدة الأخيرة بأنني وحدي في هذا البحر الخضم إذ تغيب عنا أخي علي الذي يشعرني وجوده بأن لي عاضدا ينبهني إن أخطأت ويـَجبرني إن قصّرت، فآمل أن يعود إلينا قريبا. لكني أشيرإلى أخي رضوان بأن مضمون مساهمته وإن كان فيه ذكر للفظ الصوفي والفقيرغير أنه ليس في سياق مضمون القاعدة، فأدعوه إلى زيادة دراسة القاعدة من ناحية وما يعتزم الإسهام به من ناحية أخرى، وأرجو ألا تجعله هذه الملاحظة يحجم عن المساهمة بل إني أشجعه وأأكد عليه بالإصرار على الثبات. كما أدعو الأخ زروق إلى معاودة العهد بنا مشكورا.
أما في خصوص القاعد العاشرة فإن المؤلف رحمه الله لما حقق القول في القاعدة السابقة في اختلاف النسب عالج في هذه القاعدة مظهرا آخر من مظاهر الاختلاف وهو اختلاف المسالك، ورفع التباسا قد يتوهمه البعض، وهو أن اختلاف المسالك يعني اختلاف المقاصد بحيث يكون لكل مسلك مقصدا مغايرا لمقصد المسلك الآخر. وأشار باستعمال لفظ - لا يلزم - و- قد مع المضارع- إلى أن ذلك ممكن لكنه غير حتمي ولا ضروري، ذلك أنه يمكن أن يتحد المقصد وتختلف المسالك إليه ولعل ما يشهد لذلك قوله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا. فجمع السبل رغم أن المقصد واحد وهو الحق عز وجل.
ثم مثل لذلك بالعبادة والزهادة والمعرفة. فهي وإن كانت مسالك مختلفة إلا أن مقصدها واحد وهو قرب الحق على سبيل الكرامة.
والعبادة هي كمال الخضوع والتعظيم لله عز وجل. والزهادة أو الزهد هو إعراض القلب عما سوى الحق. والمعرفة هي شهود تصريف الحق عز وجل لكل الحركات والسكنات وما في الوجود من تقلبات.
ثم أشار إلى أنها متداخلة بمعنى أنه لا يمكن الفصل بينها إلا فصلا اعتباريا ذلك أن الواحدة منها لا تتم إلا بوجود أختيها.
- فالعارف لا بد له من عبادة لأنه إذا عرف ربه اقتضى ذلك أن يعبده وإلا فما فائدة تلك المعرفة. فطبيعة المعرفة دافعة إلى العبادة ضرورة ،"إنما يخشى الله من عبادة العلماء". كما لا بد له من زهادة ذلك أن العارف هو من عرف حقيقة الوجود فوضع الأمور في نصابها وأعطى ما سوى الحق وضعه الطبيعي" كل شيء هالك إلا وجهه"، فلزم أن يزهد فيه إذ من عرف خسة شيء ثم عظّمه مع ذلك فهو الجاهل في الحقيقة لا العارف. "لو تساوي الدنيا عند الله جناح بعوضه ما سقى منها كافرا شربة ماء"
- والعابد، لا بد له من معرفة، فكيف تتم عبادة مع عدم معرفة المعبود، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فمن عرف خالقه عبده ومن لم يعرفه لم يعبده.
كما لا بد له من زهادة لأن العبادة تتطلب فراغا، سواء فراغ الوقت أو القلب، فمن حرص على الدنيا حرص المحب ركض وراءها حتى أتلفت كل وقته فمتى يعبد؟ ومن امتلأ قلبه بالسوى لم يبق فيه مجال لربه فكيف يعبد؟
- والزاهد لا بد له من معرفة تحققه بما يجب الزهد فيه وما يجب الاشتغال به.
كما لا بد له من عبادة تشغله بمولاه وتقوي صلته به حتى يتحقق من مقام الزهد وإلا عاد الأمر بطالة، أي ادعاء للزهد ولا حقيقة له في الواقع.
ثم أشار إلى سبب تميز البعض باسم من هذه الأسماء- مسلك من المسالك-، وذلك بحسب ما غلب عليه، فمن غلب عليه العمل، أي المجاهدة في الطاعات، فهو العابد. ومن غلب عليه الترك أي ترك مظاهر الدنيا فهو الزاهد.
ومن غلب عليه النظر لتصريف الحق فكان غارقا في شهود قيومية مولاه. محجوبا عن غير صفاته وأفعاله فهو العارف.
والله أعلم
سلطان
سلطان

ذكر عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية Empty رد: المجالس الإسماعيلية بشرح القواعد الزرّوقية

مُساهمة من طرف علي السبت 31 يناير 2009 - 14:06

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين وآله وصحبه أجمعين
وبعد السلام والتحية والإكرام والرحمة والبركة من الله تعالى
فأعتذر عن هذا الغياب الغير مقصود ولا مراد وأشكر كافة الإخوة على مواصلة نشاطهم في شرح القواعد الزروقية وعلى رأسهم سيدي الفاضل سلطان وقد فاتني ما أردت التعليق به على شرح القاعدة الثامنة والقاعدة التاسعة وسألخص ذلك في تعليقي هذا على القاعدة العاشرة
أقول : لله در المؤلف رضي الله عنه في فهمه للتصوف أصولا وفروعا بطريقة سليمة تذهل العقول وتفتح أقفال القلوب لذا فإنك كثيرا ما تجد كبار الشارحين لكتاب الحكم العطائية ما يشرحون الحكمة العطائية بالقاعدة الزروقية كما هو ظاهر في كتاب إيقاظ الهمم لسيدي ابن عجيبة الحسني , هذا متى علمت بأن سيدي أحمد زروق رضي الله عنه شرح الحكم العطائية بشروح كثيرة وهل يدل ذلك إلا على غرامه بها فكانت القواعد كمقدمة لموضوع التصوف والحكم كجوهر له والخاتمة مشارب العارفين وتنوع ألوان الأزهار لذا كانت القواعد ساري حكمها على الجميع أما الحكم فهي الميزان الصحيح لوزن الأحوال والمقامات لذا تعتبر الحكم طريق كل عارف فلا يوجد عارف ليس له سير الحكم فهذا محال ولا تجد مرشدا يخالف نهج القواعد وأعني بذلك الوارث المحمدي الحقيقي وأغلب ظني بأن سيدي أحمد زروق رضي الله عنه أراد بوضع قواعده تحلية وإخراج للحكم العطائية في أحسن صورة وأظن بأن الشارح سواء للحكم العطائية أو للقواعد الزروقية عليه أن يراعي كل جانب من الجوانب ليسلك مسالك أهل الكمال في الشروح فيكون الشرح مستوفي العناصر والمعاني وهذا ما يرومه الإخوة وأرومه في شروحنا و تعليقاتنا سواء منها على القواعد أو على الحكم والله الموفق لا رب غيره

الشرح :

أراد الشيخ بقوله : لا يلزم من إختلاف المسالك إختلاف المقصد بل قد يكون متحدا مع إختلاف مسالكه
إنما أراد بيان أوجه العبادة من حيث الأحوال والمقامات لأن مبنى طريقة الصوفية بين الحال والمقام أو تقول بين جذب وسلوك أو تقول بين فناء وبقاء كما بين في القاعدة الثامنة حقيقة أهل الصفة وأنهم بين مسالك شتى من حيث الغنى والفقر والتجرد والتسبب ومنهم الأمير والمأمور والرئيس والمرؤوس لكنهم مجتمعون في حقيقة واحدة وهي حقيقة ( يريدون وجهه ) فكانوا متحدين وسواسية على سرر متقابلين وكذلك الأمر هنا من حيث الباطن وهو حالة العبادة من زهادة وعبادة ومعرفة ومن حيث الظاهر من تسبب وتجرد الذي عبر عنه بالفقر لأنه الأصل ( يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله ) فأراد أن يعبر عن كل أحد بما إختصه به مولاه من فضل كأهل التجريد يغلب عليهم التعبد والزهد ويظهر عليهم أكثر من أهل الأسباب لذا سموا أهل الأسباب بالملامتية فلا يظهر في الغالب عليهم شيء من أحوال أهل التجريد فكانت هذه الخصوصية أظهر فيهم من أهل التجريد إذ أن أهل التجريد سريعا ما يعظمهم الناس ويقبلون أيديهم ويعطونهم التبجيل والتعظيم وكذلك أهل التسبب لا يظهر عليهم في الغالب الزهد رغم أنهم فعلا زهادا ولا تظهر عليهم كثيرا العبادة رغم أهم فعلا عبادا وهكذا لذا من غلب عليه شيء نسب إليه كأصحاب الكهف غلب عليهم التجرد وأصحاب عسيى عليه السلام أما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم
فجمعوا المقامات كلها فكان إحسانهم جامع لجميع مراتب الإحسان إذ أن أمته وارثة لما عند الأمم البائدة من علوم وهذا بدليل حديث ( العلماء ورثة الأنبياء ) ويبكفي هذا الحديث لمن فهم
ثم من ناحية أخرى أراد الشيخ أن يبين بأن العبادة من غير زهادة بالظاهر وهو الإعراض عن الحرام وبالباطن وهو الإعراض عن كل ما يشغل عن الله ليست بعبادة في حقيقتها فخرج هنا من ينسبونه للعبادة إذ لا حقيقة لعبادته وعليه سق العارف والزاهد لذا قال فهي متداخلة فخرج المدعي من كلا الطرفين وبقي صاحب الحقيقة كالعابد في بني إسرائيل الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه عبد الله قرون من الزمن فيأتي به الله تعالى يوم القيامة ويأمره أن يدخل الجنة برحمته فيقول : لا بل أدخلها يا رب بعبادتي ...الحديث
فهذا لا يعتبر بصوفي وإن كان يسمى عند العامة بعابد بما غلب على ظاهره , فالصوفي هو الجامع بين الأحوال والمقامات وقد يغلب عليه مقاما أو حالا فينسب إليه وهذا لا نكران عليه كتلك الأوسمة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزعها على صحابته قولا وتحقيقا بما غلب على كل واحد منها .
نعم فالصوفي لا بد أن يجمع بين العبادة والزهد ثم المعرفة فقد أراد المؤلف أن يثبت في هذه الحكمة تعدد الأحوال والمقامات لا تفرق الأحوال وتشتتها لذا لمح الى إتحاد المقاصد في عين واحدة ونية واحدة ووجهة واحدة ومقصد واحد وهو يرمز الى عين الجمع مع ذكره الى الكثرة المتصلة بعينها وما هذه الكثرة إلا من باب تعدد التجليات وهي الأحوال بالنسبة الى العارف والمقامات فلا يلزم من تعدد الخلق تعدد الخالق فما ذكر المؤل الا التحقيق لأنه العارف الفحل والمرشد الكامل وما كل عبارة إلا خارجة من عين التحقيق لذا كانت قواعده كعلم أصول التصوف أي أصول الإحسان أو تقول أصول المعرفة والحكم العطائية فروعها ولو لا ضيق الوقت لشرحنا صدورا بذلك ولظهرت الرقائق وزفت إلينا عرائس الدقائق
أما قوله عن العارف ( النظر لتصريف الحق ) وهو النظر الى سر القدرة فهل نظرك لتصريفه هو من ذاك التصريف الذي عاينته أم ماذا فهذا العارف ما بقي له غير النظر من حيث عين سره أما جوارحه فهي في عبادة ربها وقلبه في اليقين به وروحه في فنائها قائمة فاجتمعت في العارف مشارب الصوفي وأحوالها
والله أعلم والسلام
علي
علي

ذكر عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

صفحة 1 من اصل 2 1, 2  الصفحة التالية

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى