بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
مناظرة بين الإخوان ومقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالرّديف
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مناظرة بين الإخوان ومقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالرّديف
بسم الله الرّحمان الرّحيم
كتاب مناظرة بين الإخوان ومقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالرّديف
قف بباب واحد لا لتفتح لك الأبواب تفتح لك الأبواب و أخضع لسيد واحد لا لتخضع لك
الرّقاب تخضع لك الرّقاب
تفسير..لا النافيّة الأولى ولا النّافيّة الثّانية.
ليكون قصد العبد وتوجّهه إلى ربّه غير معلول بل بكون مخلصًا في وجهته مع ربّه
مناظرة بين الإخوان
ومقدم الزاويّة
الإسماعيلية بالرّديف
في مجالات الدين
و مناهج التصوّف
سيدي الحاج
محمد بن عمر
مقدم الزاوية الإسماعلية
بالرديف
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد الله
الذي رفع أعمدة الدين و أعلى منارها و خفض بساط الشرك و البدعة و كسف أنوارها نحمد
تعالى الذي أوضح شواهد الحقيقة و أظهر أسرارها و نشكره تعالى الذي كشف طرائق
الباطل و طمس أثارها و أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له الذي أحكم بناء الحقيقة و شيد أسوارها
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الذي بين لنا
السيرة وأرشدنا إلى إتباع السنة و ألزمنا أثارها صلى الله
عليه وسلم و على أله و أصحابه و من تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين.
وبعد يقول المولى سبحانه و تعالى "واتبع سبيل من أناب إلي" فهذا أمر بالإتباع و بالصحبة و تشييخ الطريقة و أخذ
العهد له لأنه أصل في الشرع ليستفيد الأدنى من الأعلى و لأن النّفوس يغلب عليها
الخبط و التخليط على القلوب و التلبيس
عليها لهذا احتاج الناس إلى اتخاذ الدّليل و أخذ العهد للطريق إلى الله لأن النبي
صلى الله عليه و سلم كان يوصي أصحابه كل ما يليق
بحاله و يتفقده فيه فكان ينهى أحدهم عن الغضب
(لا تغضب) و الأخر يقول له ( لا يزال لسانك رطبا بذكر الله)تعالى ومن ذلك ما روى
سيدنا معاذ رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" بايعوني
على أن لا تشركوا بالله شيئا" و كان يطلب من أصحابه تكرار البيعة و مما
يدل على أن الدّين يحتوي على أركان ثلاثة هي الإسلام و الإيمان و الإحسان،
فالإسلام وظيفة البدن و الإيمان وظيفة القلب و الإحسان وظيفة الروح. كما جاء في
الحديث الذي يرويه سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه قال (كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ دخل علينا رجل شديد بياض
الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه علامات السفر و جلس أمام النبي ووضع ركبتي
رسول الله صلى الله
عليه و سلم وسأله ما الإسلام يا رسول الله فقال :(الإسلام أن تشهد لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله
و أن تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)
قال صدقت فتعجب الصحابة من رجل يسأل رسول الله
ويصدقه. ثم قال ما الإيمان يا رسول الله؟
قال" الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و
كتبه ورسله و اليوم الأخر و القضاء و القدر خيره وشره" فقال صدقت، ثم قال ما
الإحسان يا رسول الله قال " أن تعبد الله كأنك
تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" رواه البخاري.
سؤال
1:
ماهو أول
واجب على العباد معرفته؟
الجواب:
أول ما يجب
عليهم معرفة معبودهم ثم معرفة أحكام عباداتهم ليتم بذلك تعظيمهم لحرمة مقام معبودهم
وتعظيمهم لحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سؤال2:
ماهو مصدر
العلم و الهدي؟
الجواب:
مورد العلم و
الهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خصّه الله تعالى به وبعثه بالدين الإسلامي الذي هو الخضوع و
الانقياد بالجسم و القلب و الروح، و مما يدل على أن التصوف ركيزة من ركائز الدين
قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ( من تشرع و لم يتحقق فقد تفسق و من تحقق و لم يتشرع فقد
تزندق و من تشرع و تحقق فقد تحقق).
ولأن التصوف به وحده يمكن معرفة الله تعالى
و لقول
الإمام الغزالي : أن الدليل القاطع على أن هناك معرفة ليس مرجعها إلى الحس و لا إلى العقل
لأن الرؤيا الصادقة ينكشف بها الغيب رغم توقف العقل في حالة النوم فإذا جاز ذلك في
عالم الأحلام فهو لا يستحيل أيضا في اليقظة.
سؤال3:
هل التصوف
ضروريا للمتدين أم أنه يمكن الاستغناء عنه و الاكتفاء بظاهر الشريعة، مقام الإسلام؟
جواب:
يقول الله تعالى "
وأن
هذاصراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" فالسبل وعرة متشعبة و مجهولة المسالك
فلابد للإنسان من صحبة دليل و لقوله تعالى "ولا تقف
ما ليس لك به علم" و ما دام
النهي عن عدم إتباع شيء لا نعلمه وجب علينا معرفته من أهل فنه.
سؤال4:
لماذا اختلفت
الفرق في الدين الإسلامي و كل على حق دون غيره؟
جواب:
ذلك لأن الله جل شأنه زين لكل وجهته لتتم بذلك حكمته في عباده.
سؤال
5:
هل يشترط
وجود الشيخ المربي أم أن كل عالم يدل على التصوف؟
جواب:
كما خص الله تعالى كل ذي علم بالدليل على علمه، فكذلك مشائخ
الطريق خصهم الله تعالى هداة للخلق داعين للحق
بالحق فهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم " لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل
الرحمان بهم تسقون و بهم ترزقون ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه أخر"
و هؤلاء هم الذين أهلهم الحق للدلالة عليه و فطرهم في الأزل على التصرف في قلوب
البشر يقول الإمام العلاوي في كتابه رسالة القول المعروف ( ولا توجد هذه الطبقة
(مشائخ الطريق) غالبا إلا في حيز الذاكرين المستهترين بذكر الله).
سؤال
6:
هل يكمن لآهل
العلم أن يكشفوا بملاحظاتهم و استقراءاتهم و بحثهم عن سرّ التصوف؟
جواب:
لا يمكن لهم
ذلك لأن الإمام الغزالي رضي الله تعالى عنه لم ينل
من التصوف حتى مارسه و قال مقولته المشهورة ( فانكشف
لي في أثناء خلواتي أمورا لا يمكن إحصاؤها و استقصاؤها، و القدر الذي أذكره
لينتفعوا به أني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة و أن سيرتهم
أحسن السير و طريقتهم أصوب الطرق و أخلاقهم أزكى الأخلاق بل لو جمع عقل العقلاء و
حكمة الحكماء و علم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من سيرتهم و
أخلاقهم و يبدلونه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا فإن جميع حركاتهم و سكناتهم
في ظاهرهم و باطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة و ليس وراء نور النبوة على وجه
الأرض نور يستضاء به إلى أن يقول: و بالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها و هي أول
شروطها تطهير القلب بالكلية بذكر الله و أخرها الفناء بالكلية في
الله و ظهر لي أن أخص خواصهم لا يمكن الوصول
إليه بالتعلم بل بالذوق و هذا يكون بتبديل الصفات)
سؤال
7:
هل يدرك
التصوف بالعقل و بالبحث المنطقي لتستنتج المعارف الصوفية؟
جواب:
العقل لا
يدور إلا في فلك المادة فبالعقل وقع معرفة ما في السماء من كوكب بواسطة الصواريخ و
السفن الفضائية و جال في الفضاء و أرجائه الشاسعة و مساحاتها الرحبة و غص في أعماق
البحار فأظهر مكنوناتها و كشف عن أسرارها و تعمق في طبقات الأرض فأخرج من أثقالها
فهذا هو العقل مبدع الصناعة من الإبرة إلى الصاروخ و مخترع الكيمياويات و
التكنولوجيات سهلها و معقدها و مع هذا فعلمه كسبي محدود و ليس له في كنه الغيب شيء
و لا شأن.
سؤال8:
هل يمكن
الإطلاع على المغيبات بالعقل و إيماننا منوط بالمغيبات يقول الله تعالى
"ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب"
و قد علق الله تعالى الهداية بالإيمان بالغيب؟
جواب
:
لا شأن للعقل
في مجال الروح و لا بمعارج القدس و قد أخفق كل الفلاسفة الذين يعتمدون في أبحاثهم
عن العقل عجزوا عن الوصول إلى عالم الغيبيات و الإلهيات ليعرفوا أسرارها و يسيروا
في مسارها و قال جهابذتهم كفيساغورث و أفلاطون أفلوطين و الكندي و الفارابي و ابن
سيناء و الغزالي كل هؤلاء علموا أن العقل لا يتأتى له أن يخرج عن دائرة المادة بل
أن هؤلاء كلهم يعلنون عن منهج محدد يقرونه جميعا
و يثقون فيه ثقة تامة وهو المنهج
القلبي الروحي.
سؤال9:
ما الدليل
على أن هناك فيما وراء العقل علم يجب إتباعه؟
جواب:
نعم هو في
قوله تعالى "وعلمناه من لدنا علما" وهو
العبد الصالح الذي دّل الله تعالى عليه سيدنا موسى
وأمره باتباعه و ذلك ليعلم حق الله في الأشياء فهو
يعلم حدود الله بحكم و أنه رسول مشرع فأراد له الله تعالى أن يعرف حق الله و
مراده في الأشياء.
سؤال 10:
هل ثبت بالنص
أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم لقن أصحابه الذكر؟
جواب:
نعم فقد روى
الطبراني و الإمام أحمد و البزار و غيرهم بإسناد حسن أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم كان يوما بجمع الصحابة فقال" هل فيكم غريب"
قالوا لا يا رسول الله فأمر بإغلاق الباب و قال:" ارفعوا أيديكم و قولوا لا إله إلا الله"
قال شداد ابن أوس فرفعنا أيدينا ساعة و قلنا
لا إله إلا الله ثم قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم:" اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة و أمرتني ووعدتني عليها الجنة و
انك لا تخلف الميعاد" ثم قال صلى الله
عليه وسلم:" ألا فابشروا فإن الله قد غفر لكم" ففي الحديث دلالة للمشائخ في تلقينهم الذكر
للمريدين جماعة.
سؤال
11:
هل تم
تلقينهم فرادى؟
جواب:
نعم أخرج الشيخان و الحافظ جلال الدين
السيوطي من طرق متعددة حسن أحاديثها عن سيدنا علي كرم الله
وجهه ورضي عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله
دلني على أقرب الطرق الموصلة إلى الله و أسهله على
العباد و أفضلها عند الله فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم :" يا علي عليك بمداومة ذكر الله سرا و جهرا"
فقال رضي الله عنه كل الناس ذاكرون و إنما أريد أن
تخصني بشيء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" مه
يا علي أفضل ما قلته أنا و النبيون من قلبي
لا إله إلا الله ولو أن السماوات السبعة و الأراضي السبعة وضعن في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت لا إله إلا الله ثم قال: يا علي لا تقوم الساعة و على وجه الأرض من
يقول الله الله فقال علي كيف أذكر يا رسول الله فقال رسول الله
أغمض عينيك و أسمع مني لا إله إلا الله ثلاث مرات
ثم قال قل أنت ثلاث مرات و انأ أسمع"
فهذا أصل سند القوم و إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلق الباب في تلقينه أصحابه جماعة كما
تقدم و قال هل فيكم غريب لينبه على أن طريق القوم مبنية على الستر و صفاء الوقت و المكان من حضور من ليس منهم و ممن لا يؤمن
بطريقهم فربما احتقر ما هم عليه لقصور عقله عن إدراك كنه سر الله تعالى.
سؤال
12:
ما هو سند
التقين بعد هذا الطريق؟
جواب:
قال الامام يوسف الكوراني إن علي كرم الله وجهه لقن الامام الحسن البصري و هو لقن داوود
الطائي و منه الى الامام الجنيد شيخ طائفة
الصوفية الذي عنه انتشر التصوف (هذا
الكلام في كتاب النصر النبوية ) و قال صاحب كتاب روح البيان في تفسير قول الله عز و جل " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله"من هنا تتخذ سنة المبايعة و تلقين المشائخ للمريدين.
سؤال
13:
هل الشيخ
متحتم في طريق التصوف و هل يمكن للعبد الوصول إلى المعرفة بنفسه ؟
جواب
:
لما جعل الله تعالى لكل أمة رسولا و لكل علم معلما كان لكل طريقة
شيخا كما أن لا يمكن لأي إنسان
على أن يتعرف
على فن إلا عن طريق أهله فكذلك لا يمكن سلوك طريق القوم بغير شيخ وجعل الله تعالى واسطته إلى رسول
الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم جبريل في الوحي و سيدنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم هو واسطة لأوليائه و أولياء الله هم واسطة
الأمة.
و
لا بد من شيخ يريك شخوصــــــــــها . فتعرفها بالاسم و العين أقطع
و
إلا فنصف العلم عندك حاصـــــــــل . و نصف إذا حاولته يتمنـــــع
سؤال
14:
ماذا تعني
صحبة الشيخ؟
جواب:
تعني ملازمته
( من دامت ملازمته دامت سعادته ) يقول أحد الصوفية:
و نظرة منه
إن صحت على سبيل ود **** بإذن الله تغنيه
نفهم أنه من
أراد أن تصح نظرة شيخه فيه فعليه بالود فهو باب بل مفتاح المحبة (توادوا، تحابوا).
سؤال
15:
ماهي علامات
الشيخ و ماهي الشروط التي تؤهله للعروج بأرواح الخلق لمعرفة الحق؟
جواب:
يذكر الإمام العلاوي
ذلك في كتابه ( المنح القدسية) في شرح ابن عاشر على الطريقة الصوفية.
1- أن يكون شيخ التربية غير محجوب بأن، يكون عارفا بالله
بالذات و بالأسماء و بالصفات و بالأفعال بالغا في شهود
الذات الجامعة.
2- أن يكون قلبه يسع الحق و الخلق بمعنى ليس مجذوب لأن هذا لا يميز بين
المراتب و المقامات فالشيخ يعطي لكل ذي حق حقه فباطنه باطن مجذوب و ظاهره مربوب.
3- أن يكون عارفا بأركان الطريق و عالما بها لأنها الأصول التي يتوقف عليها
وجود السير.
4- أن يكون ظاهره في الحضرة المحمدية و باطنه في الحضرة الأحدية.
5- أن يكون عالما بالشريعة من حيث الظاهر و بشريعة الطريق من حيث الباطن.
6- أن لا يأتي في الطريق بما لم يأت به السلف.
7- أن يكون عالما بنحو القلب و نحو الجنان وهو المحو لما سوى الله.
8- أن يكون مشروبه من إنائه فهو القطب
الوارث لمقام النبوة لأنه محمدي المقام.
9- أن يكون عبدا لله وحده فليس لأحد فيه نصيب.
10-
أن يكون ساكن الظاهر لا يرى عليه أشياء تنكر
(كالزعق و العربدة).
11-
أن يكون ممن يميز المجالس فلا يمنع الحكمة أهلها
ولا يعطيها لغير أهلها.
12-
أن لا يؤثر فيه البشرية و أوصاف النفس.
13-
أن لا يكون قصير الباع في علم القوم و أن لا
يكون ضعيف الإشارة قصير العبارة فالتعبير على قدر التنوير.
14-
أن يكون في كمال التستر و الخفاء و ذلك بأن
يكون متجاهلا مع الجهال حتى لا يعرف من بينهم.
15-
أن يكون له شيخ سلك على يديه إلى أن أوصله إلى
مقام (ها أنت و ربك).
سؤال
16:
لماذا كان
حال شيخ التربية الاختفاء حتى ادعى كثير منهم هذا المقام. ؟
جواب:
إن الله تعالى
إذا تولى وليّا صان قلبه عن الأغيار و حرسه بدوام الأنوار قال بعض الصوفية إذا كان
الحق سبحانه قد حرس السماء بالشهب كي لا يسترق المردة الأخبار منها قال تعالى
"فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا"
فقلب المؤمن أولى بذلك لقوله تعالى في الحديث القدسي المروي في البخاري ومسلم
"لم تسعني أرضي
و لا سمائي و يسعني قلب عبدي
المؤمن" و بالجملة لا يكون الكنز إلا مدفونا و السر إلا مصونا و جعل الله تعالى ذلك ليكون سر الولاية غيبيا و ليكون المؤمن
به مؤمنا بالغيب ثم إنه يظهره الله لخاصة عباده و
يكسوه كساء الخصوصية من الجمال و البهاء المغطى بالجلال ليعظمه العباد و يقفوا على
حدود الأدب معه ويضع له في القلوب هيبة ليكون في أمره و نهيه مسموعا و يستبين هو
صدق أتباعه بالتمكين قال تعالى:" إن الذين مكناهم في
الأرض أقاموا الصلاة و أتوا الزكاة و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر و لله عاقبة
الأمور".
سؤال
17:
هل يحتاج شيخ
التربية لأموال إتباعه؟
جواب:
لا لأن الله
تعالى يغنيه عما في أيدي الخلق قال ملك من الملوك لبعض مشائخ التربية تمن علي فقال
له إلي تقول ذلك و لي عبدان ملكتهما وملكاكا و قهرتهما و قهراك و هما الشهوة و
الحرص فأنت عبد عبدي فكيف أتمنى على عبد عبدي و هذا ما يجعل هذا الوارث عظيم في
أعين الخلق لتساميه عما أغرقوا في الركض وراءه ثم يكسو الله
تعالى شيخ التربية بكسوة البهاء ليحلو في قلوب عباد الله
فينظرون إليه بالتعظيم و المحبة فيكون
ذلك باعثا على الانقياد إليه قال تعالى" و ألقيت
عليك محبة مني" و هذه الآية سمعها مولانا الإمام قدس الله روحه من سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم كنا معه في الحج سنة 1983 و
لما وصل المدينة تأخر عن الزيارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وصوله لأسباب صحية قال فقلت في نفسي
لو كنت محبا لرسول الله لزرته يوم وصولي قال فرأيت
في عالم الأحلام رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال لي " و
ألقيت عليك محبة مني".
سؤال
18:
ماهي واجبات
الطريق و أركانه؟
جواب:
للطريق
واجبات
هي المذكورة في قوله تعالى
" فاتقوا الله ما استطعتم وأسمعوا و أطيعوا و
أنفقوا".
و إذا وقف الواجب توقف سير المريد فالتقوى
و
السمع و الطاعة و الإنفاق هي واجبات الطريق و للطريق أركان هي الصدق و
التصديق و المحبة و إذا فقد الركن انعدم السير و بعد ذلك يقول الإمام
العلاوي في كتابه
المنح القدسية (المقدمة التي يصل بها الفقير لحقائق
العلوم ويصير يفرق بين الحق و الباطل و الخطأ و الصواب).
1-عليه بجزم الاعتقاد بأن لا يكون مترددا و
لا متوهما في اعتقاده في شيخه و في توجهه لربه و بهذه الصفات يستعين على الانتفاع
بشيخه أما من لم يتحقق بهذه الأوصاف فهو مقطوع و لو مع وجود النسبة و من موارد القوم ممنوع لأن القوم لا ينفع
معهم إلا الصدق الذي هو ركن من أركان السير. و يجب على الفقير أن ينظر دائما إلى
نفسه بعين التقصير و أن يلزم الفقر و الاحتياج و أن يكون فارغا من الدعوى فلا يرى لنفسه معرفة ولا
مقام قال تعالى الغنى على وجود الافتقار أما من لم يظهر فقره و حاجته فلا تسري فيه
إشارة شيخة لأن قلبه عامر و الحقيقة لا تدخل إلا في القلب فارغ ويجب على
الفقير أن تكون له عزيمة نفاذة متصفا بالحزم و الشجاعة
يقول مولانا الإمام:
فإن كنت ذا صدق وجد و رغبة ***
فبالمداني تسقى رحيقا معللا و يقول غيره:
و إياك حزما لا يهولك أمـــــره ***
فما نالها إلا الشجاع المقارع.
ويكون الفقير ساعيا في الخروج من الرق و
طالبا لتق روحه من ربقة نفسه وهواها لأنجل الخلق أرقاء عند حظوظ نفوسهم و أن يكون
الفقير ليست له وجهة في سيره غير ذات الله تعالى
حتى يفني نفسه في طلبها و في خدمتها و في التعشق بكلامها و التذلل لأهلها و يكون
الفقير منكسر القلب لما فاته من عدم الامتثال لأمر الله
لما جاء في الحديث القدسي "أنا عند المنكسرة قلوبهم
من أجلي) و أن يكون له أيدي طلفاحة كثيرة الإنفاق) و رجيلة سواحة و عوينة
نواحة ودويرته للفقراء راحة و أن يتجنب أقران السوء و أن يفر منهم فراره من الأسد قال الله تعالى
(فلما اعتزلهم.. و قال تعالى ( ومن نعمره ننكسه في الخلق) أي يعتبرونه العامة و حتى
أقاربه حقيرا لأنه خالفهم و اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله.
سؤال 19:
هذا الذي ذكرتموه غاليا فما جزاء من يقوم
بهذه الواجبات؟
جواب:
جزاء من يفعل ذلك أن يصير محبوبا لله تعالى "إن
الذين أمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا" وقد قيل يحب الله من لا محبوب له سواه، ومن لا يحب شيئا لهواه ويحب
لقاءه، من ذاق أنس مولاه. يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي قدس الله روحه (المحبة أخذة من الله
لقلب عبده عن كل شيء سواه وعلامة ذلك أن تكون النفس مائلة لطاعته و العقل متحصن
بمعرفته و الروح مأخوذة في حضرته و السر مغمور في مشاهدته و العبد يستزيد فيزاد و
يفاتح بما هو أعذب من لذيذ مناجاته فيكسى حلل التقريب على بساط القربة و يمس أبكار
الحقائق و ثيباب العلوم فقيل له قد
عرفنا الحب فما هو شرابه و ما كأسه و من الساقي و ما هو الذوق و ما هو الشراب و ما
هو الري و ما هو السكر و ما هو الصحو فقال الشراب هو النور الساطع عن
جمال المحبوب و الكأس هو اللطف
الموصول (الشيخ) ذلك إلى أفوه القلوب و الساقي هو
المتلوي الأكبر للمخصوصين من أوليائه و الصالحين من عباده هو الله العالم بالمقادير و مصالح أحبابه فمن كشف له عن ذلك
الجمال و حضي منه بشيء نفسا أو نفسين ثم أرخي عليه
الحجاب فهو الذائق المشتاق و من دام ذلك ساعة أو ساعتين فهو الشارب حقا و من توالي
عليه الأمر و دام له الشرب حتى امتلأت عوقه و مفاصله من أنوار الله تعالى فذلك هو الرأي أما من غاب عن المحسوس و
المعقول فلا يدري ما يقال و لا ما يقول فذاك هو السكر و قد تدور عليهم الكؤوس
وتختلف لديهم الحالات فيردون إلى الذكر و الطاعات و لا يحجبون عن الصفات مع تزاحم
المقدورات فذاك وقت صحوهم يقول مولانا الإمام (والصحو عندنا) قال تعالى:"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم".
سؤال 20:
كل الخلق يدعون محبة الله تعالى فما هي أوصاف
المحبين؟
جواب:
يرسم
الله تعالى علامة لمحبته بقوله جل من قائل ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله) من ادعى
محبة الله و لم يتبع رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فادعائه باطل و كلامه زائف لأن الله تعالى ربط بين محبته و العمل بما جاء به سيدنا محمد ويقول الله في
الحديث القدسي (ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه ومازال عبدي يتقرب
إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي به وبصره الذي يبر به ويده التي
يبطش بها ورجله التي يمشي بها ).
سؤال 21:
ما هي أوصاف المريد؟
جواب:
قال الصوفية في تعريف الإرادة التي يكون
المريد بها مريدا هي استدامة الجد و ترك الراحة يقول الإمام الجنيدي رضي الله عنه ( ما أخذنا التصوف عن القيل و القال و لكن
بالجوع و ترك الدنيا و قطع المألوفات و المستحسنات) و قال الإمام أبو سعيد الخراز
رضي الله تعالى عنه ( إذا أراد الله تعالى أن يوالي عبدا (يتخذه و ليا) فتح له باب
الذكر فإذا استلذ بالذكر، فتح عليه باب القرب ثم رفعه إلى مجالس الأنس ثم أجلسه
على كرسي من التوحيد ثم رفع عنه الحجب و أدخله دار الف دانية و كشف له عن الجلال و
العظمة فإذا نظر إلى الجلال الحق و عظمته بقي بلا هو فانيا بارئا عن دعاوي نفسه محفوظا
بالله.
سؤال 22:
ما هي مراحل الذكر؟
جواب:
للذكر بداية و توسط و نهاية فالبداية هي
التوجه بالصدق و التوسط هو طارق و نهايته حضور خارق و له أصل و هو الصفاء و له فرع
و هو الوفاء و شرط وهو التقوى و بساط وهو العمل الصالح و خاصيته هي الفتح المبين.
سؤال 23:
ما هو بساط الذكر؟
جواب:
العزلة
و الفرار من الخلق و هذا لا يعني الاعتزال بغار في جبل و لكن بعد قيامه بجميع
أعماله فرسول الله صلى
الله عليه وسلم ما أمر أحدا من أصحابه ليترك مهنته بل ترك التاجر في تجارته
و الزارع في مزرعته و كل صاحب مهنة في مهنته يقوم بها على أحسن حال
و إنما الاعتزال المطلوب هو ترك مجالس اللغو و الغفلة و الإنفراد بذكر الله و بإخفاء أعمال البر و كتم الأحوال و ذلك لتحقيق
الفناء وتثبيتا للزهد و عملا على سلامة القلب و قياما بالإخلاص لله تعالى إلى أن يتمكن اليقين فيؤيد العبد بالرسوخ في
التمكين.
سؤال 24:
ما هي آداب المريد مع شيخه؟
جواب:
أن
يراعي أحواله مع الشيخ. فالشيخ تارة يكون مع مريده أبا فيؤدبه و يدربه و يهذبه. و
على المريد الرضا و القبول. و تارة الشيخ للمريد أخا فيعضده في مقام التوبة و
ينصحه للتقوى. و حقه على للمريد الثبات في تقواه و الصبر على المجاهدة بالخدمة. و
تارة يكون الشيخ بالذب عن عرض المريد و مروؤته و حقه على المريد السمع و الطاعة و
تارة يعامله فيه بالمشيخة فيربيه و يرقيه و حقه عليه فيها أن لا يكتم عنه شيئا من
سره و لا يخالفه في شيء من أمره.
سؤال 25:
هل من المتحتم إتباع شيخ واحد؟
جواب:
نعم
يجب على المريد الإكتفاء بقدوة واحد يقول الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه (قف بباب واحد لا لتفتح لك الأبواب تفتح لك الأبواب و أخضع لسيد واحدلا تخضع لك
الرقاب تخضع لك الرقاب). قال تعالى"و
إن من شيء إلا عندنا خزائنه".
سؤال 26:
هل هناك قواطع تتسبب في انتكاس المريد من حال
الصفا إلى حال الجفاء؟
جواب:
نعم
و تتمثل في حب الرئاسة وحب الظهور و إظهار اختصاصه من بين أقرانه فيركبه فتزل قدمه
في مهواة التلف يقول في الحكم (الحكمة) (استشرافك أن
يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدق عبوديتك) ومن عيوب المريد حسن ظنه
بنفسه وغروره بأنه بلغ مبلغ الرجال و صار من الذين لا يؤثر فيهم السماع و الاجتماع
فيكثر من المباحات ككثرة الأكل و كالخلطة و الانبساط بالضحك إلى أن يصل به ذلك إلى
إساءة الأدب فيرد من حيث لا يدري. قال أبو حفص الحداد رضي
الله تعالى عنه: من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات و لم يخالفها في هواها و
لم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه فهو
مغرور و من أسباب رجوع المريد و انتكاسه عقوق الشيخ و عدم مراعاة شفوف رتبته عليه
كقصة المريد الذي انقطع عن الصلاة في الزاوية فأجابه شيخه بأنه يصلي في الجنة و من القواطع عدم القيام
بالمجاهدة بل يذهب به الأمر إلى الإتباع فيفعل أفعالا لم يفعلها شيخه. و من
القواطع أن يعتد بشكر الناس له و يتحدث دائما للناس بمزاياه لينال شكرهم و قد قيل
في الحكم ( المؤمن يشغله الثناء على الله على أن يكون لنفسه شاكرا و تشغله حقوق
الله على أن يكون لحظوظه ذاكرا بأن ينظر حقوق الله في
المباحات فما لم يكن الباعث عليها حق الله فلا يقربها. بقول ابن عطاء الله في تفسير قوله تعالى "الله و لي الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" أي يخرجهم
من الظلمات الكفر إلى نور الإيمان و من ظلمات البدعة إلى نور السنة و من ظلمات
الغفلة إلى نور اليقظة و الحضور مع الذكر و من ظلمات الحظوظ إلى نور الحقوق و من
ظلمات طلب الدنيا إلى نور طلب الآخرة و من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة و من
ظلمات الكثائف إلى نور اللطائف و من ظلمات الهوى إلى نور التقوى و من
ظلمات الدعوى إلى إشراق نور التبري من الحول و القوة و من ظلمات الكون إلى شهود
نور المكون و من ظلمات التدبير إلى إشراق نور التفويض إلى ما لا يحصره عد. فانظر
نفعي الله و إياك كم ظلمات في هذا البحر الزاخر من
الحس و كيف يمكن للإنسان أن يتجاوزها بنفسه إن لم يكن مسيره وراء دليل.
سؤال 27:
هل يبقى المريد على عهد شيخه بعد انتقاله؟
جواب:
المريد الذي حضر على شيخ و تابعه وصدق به و
صدق في الإقتداء به لا بد و أن تشرق في قلبه أنوار الاهتداء و لو كان هذا بعد
انتقال شيخه لأن شيخه معلوم العين و الذات أما من انتسب إلى ولي منتقل منذ سنين
فهذا مجهول العين و الذات لديه و الإقتداء يكون بمعلوم العين و الذات كالإقتداء في
الصلاة لا بد من مشاهدة من تقتدي به و هذا ما عز فهمه على المدعين للمشيخة و
إتباعهم إذ قالوا إنا كنا نقول للناس أن الميت لا ينفع و في هذا التعبير غلط أولا
في رد النفع لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم يمد حيا ومتوفى ومنه المدد ساري
على دوام الزمان وهو منتقل في رحلة البقاء و كذلك أنمه المذاهب كلهم منتقون في
رحلة البقاء و نحن ننتفع بأقوالهم و أحكامهم و إنما الكلام في الإقتداء بمجهول
العين و الذات المنتقلين منذ قرون فهذا الذي لا يمكن.
سؤال 28:
هل يوجد في زماننا من انتفع بشيخه و ما هي
أوصاف العارفين و أوصاف المنافقين؟
جواب:
أما
أوصاف الواصلين التي تدلك على دوام انتفاعهم بما جاء به مولانا الإمام قدس الله روحه مما عليه حالهم من المعرفة الكاملة و الشهود و شروق الأنوار في قلوبهم فهم كما قال الإمام
ذو النون المصري رضي الله تعالى عنه (جعلوا الركب
لجباههم وسادا يعني أنهم طأطؤوا رؤوسهم من كثرة سجودهم لجلال الحق و التراب
لوجوههم مهادا يعني أنهم وضعوا جوههم في التراب من شدة تذللهم لله تعالى هؤلاء قوم خالط القرآن لحومهم و دماءهم فعزلهم
عن الأزواج و حركهم بالأدلاج يعني أنهم صاروا في أخلاقهم متشبهين بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي كان خلقه القرآن و عزلهم عن الأزواج لتحققهم بالفرد الأحد و
حركهم بالأدلاج يعني صار هو عينهم في الحضرة الأحدية حضرة الطمس. عند سكون الليل
هم في تحرك مع الحق فوضعوه على أفئدتهم (القرآن) فانفجرت يعني أنهم عندما يقرؤون
كتاب الله يسمعونه بأفئدتهم، فتتفتح لأنهم يسمعونه
من الحق و ضموه إلى صدورهم فانشرحت و تصدعت هممهم به فكدحت بما يرون ما يحرك هممهم
للعمل للآخرة فجعلوه لظلمهم سراجا و لسبيلهم منهاجا و لحجتهم إبلاجا يفرح الناس و
يحزنون و ينام الناس و يسهرون و يفطر الناس و يصومون و يأمن الناس و يخافون حذرون
و جلون مشفقون مشمرون يبادرون من الفوت ويستعدون للموت هذا حال العارفين.أما حال
المنافقين فهم يلبسون لباس الفتيان و يدعون مراتب العرفان ولا يستحيون في ذلك من
الرحمان فهم يجهلون حكم الفرائض و السنن ناهيك أن يعملون بها و لا يعملون بما جاء
به القرآن و مع ذلك يختلطون بأهل الصدق و التصديق فيجهل العارف المتمكن فيثرك و
يهمل بأنه يحمل على ما هم عليه لاشتراكهم في الزاوية و علاماتهم أنهم إذا اطلعت عليهم
و نظرت إليهم رأيت عيونا جامدة (غير باكية من جلال الحق)
متحركة غير خامدة و إن نظرت إلى نفوسهم نظرت نفوسا سامدة (غافلة) و إن نظرت إلى
قلوبهم رأيت قلوبا لاهية لا تعمرها الأنوار القدسية خاوية على عروشها خالية آجاما
لأسود ضاربة و مرابض لذئاب عاوية فنسأل من الله
عند رؤيتهم العافية فمثل هؤلاء يسيؤون للتصوف بانتسابهم و إلا فهل يمكن أهل التصوف
و مثل هؤلاء إذا اجتمع بضعفاء الحال أفسد استعدادهم بشقشقة لسانه. يعبر الصوفية عن
مثل هؤلاء (قاسمة الظهر و قارعة الدهر) في حين أن التصوف ممارسة لا دعوى فيه ولا
غرور.
سؤال 29:
ما الذي يجعل المريد يبحث عن الغائب المجهول
عوضا على أن يعمل بما سمع من القول؟
جواب:
جبلت
النفوس على التطلع للغيب و الإعراض عما يجرها إلى رضاء مولاها تعالى و لذلك قال الله تعالى "واصبر نفسك
مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة
الحياة الدنيا و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه و كان أمره فرطا".
فلولا ثقل المسؤولية لما نبه المولى جل و علا على الصبر مع أهلها و
بذلك أيضا خاطب سيدنا الخذر عليه السلام بقوله (انك لن
تستطيع معي صبرا) لأن النفوس جبلت عن الفرار مما فيه نفع لها في الأجل و
العاجل عوضا عن مداومة الذكر في كل لمحة و نفس و توجه إلى الله بالعمل الصالح و الانقطاع له قال تعالى " و اذكر اسم ربك و تبتل إليه تتبيلا" و التبتل يعني
الانقطاع بالعزلة و الخلوة يقول الإمام الغزالي:
إن الطريق يكون بتقديم المجاهدة و
محو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها و بالإقبال بجمع الهمة على الله و بهذا يتولى الله
تعالى قلب عبده و يتكفل له بتنويره فيفيض عليه الرحمة و يشرق النور وينكشف له سر
الملكوت إلى أن يقول: فالأنبياء و الأولياء انكشف لهم الأمر و
فاض على صدورهم النور ليس بالتعلم و الدراسة و الكتابة للكتب بل بالزهد في الدنيا
و التبري من علائقها و تفريغ القلب من شواغله (فمن كان لله كان
الله له) و لا يتلهى الإنسان التطلع إلى المزيد من الكلام
يقول مولانا الإمام رضي الله تعالى عنه (وعوضا عن العمل بما علم يكثر التردد
عن المعلم و كيف يمكن أن نزيده و هو لم يعمل بما ذاكرناه به فهذا يصير كلامنا معه
أشبه شيء بالهذيان و نجد أنفسنا مجبورين على إسكانه في دار لقمان).
سؤال 30:
لماذا التشوف لتلقين الاسم و هل أنه متفق
عليه للفتح حتى أن الناس هرعوا إلى كل من يلقن الاسم و لو كان من غير فرسان هذا
الشأن؟
جواب:
يقول
الإمام ابن العربي رضي الله تعالى عنه في كتابه
الوصايا في صحيفة 16: ثم أعلم أن الله ما وضع في
العموم إلا أفضل الأشياء و أهمها منفعة و
أثقلها وزنا لأنه يقابل بها أضدادا كثيرة فلابد أن يكون في ذلك الموضوع في العامة
من القوة ما يقابل به كل ضد و هذا لا يتفطن له كل عارف من أهل الله إلا الأنبياء
الذين شرعوا للناس ما شرعوا ولا شك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل ما قلته أنا و
النبيين من قلبي لا إله إلا الله" وقد قال ما
أشرت إلى فضله من ادعى الخصوص من الذكر بكلمة (الله الله
أو هو هو ) ولا شك أنه من جملة الأقوال التي لا
إله إلا الله أفضل منها عند
العلماء بالله فعليك يا ولي الله بالذكر الثابت في العموم فإنه الذكر الأقوال و له
النور الأضوى و المكانة الزلفى و لا يشعر بذلك إلا من لزمه و عمل به حتى أحكمه فإن
الله ما وسع رحمته إلا للشمول و بلوغ المأمول هذا
و إن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
لقن لسيدنا علي (لا إله إلا الله) أما من ناحية
الفتح فقد شاهدنا في عهد مولانا الإمام من فتح الله
تعالى عليه بذكر لا إله إلا الله قبل أن يؤذن له
في ذكر الاسم و لا يزال المدد جاريا وساريا للصادقين الذين دخلوا الطريق بعد
انتقال مولانا الإمام و الدليل على ذلك أيضا (ذاكر البصل وصل) إذ العبرة ليست بلفظ
الذكر ولكن العبرة بصدق قصد الذاكر وحسن استعداده و قرب
الله تعالى من عبده لا يحتاج إلى ميزان قال تعالى:" ونحن أقرب إليه منكم" قال تعالى في الحديث
القدسي:"من تقرب إلى بشير تقريب إليه بذراع" إذا فليس الوصول ب
ابو سيف- عدد الرسائل : 36
العمر : 85
تاريخ التسجيل : 23/02/2011
رد: مناظرة بين الإخوان ومقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالرّديف
اريد ان أعبر و أشكر سيادته عن عظيم علمه و و أمقت نفسي لعظيم جهلي...و اقول ما نفع هذا العلم الذي حجبك و حوارييك عن الحق...
ألم تعقل قوله
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين
ألم تعقل قوله
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين
فراق- عدد الرسائل : 35
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 23/04/2011
رد: مناظرة بين الإخوان ومقدّم الزّاوية الإسماعيليّة بالرّديف
ودوا الفرار فكادوا يغبـطون به | أشلاء شالت مع العقبان والرخـم | |
تمضي الليالي ولا يدرون عدتـها | ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم | |
كأنما الديـن ضيف حل ساحتهـم | بكـل قرم الى لحـم العدا قـرم | |
يجر بحر خميـس فوق سابحـة | يرمي بمـوج من الأبطال ملتطم | |
من كـل منتـدب للـه منتسب | يسطو بمستأصل للكفر مصطـلم | |
حتى غدت ملة الاسلام وهي بهم | من بعد غربتهـا موصولة الرحم | |
مكفـولة أبدا منهم بخـير أب | وخير بعـل فلم تيـتم ولم تئـم | |
هم الجبال فسل عنهم مصادمـهم | ماذا رأى منهـم في كل مصطدم | |
وسل حنين وسل بدرا وسل أحدا | فصول حتف لهم أدهى من الوخم |
فراق- عدد الرسائل : 35
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 23/04/2011
مواضيع مماثلة
» نفحات من الرسالة المدنية إلى الحضرة الإسماعيلية
» سؤال= كيف اخذ العهد على الطريقة الاسماعلية
» وصية ولي تكتب بماء السر على قلوب أهله
» رسالة من أحد الاخوان للأخذ بيده في طريق الله
» قصيدة بحبّكم تنعم الإخوان
» سؤال= كيف اخذ العهد على الطريقة الاسماعلية
» وصية ولي تكتب بماء السر على قلوب أهله
» رسالة من أحد الاخوان للأخذ بيده في طريق الله
» قصيدة بحبّكم تنعم الإخوان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 22:37 من طرف الطالب
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الخميس 14 نوفمبر 2024 - 20:57 من طرف أبو أويس
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس
» رسالة من شيخنا الى أحد مريديه رضي الله عنهما
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:49 من طرف أبو أويس
» مقام الجمع
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:40 من طرف أبو أويس
» تقييمات وإحصائيات في المنتدى
الثلاثاء 30 يوليو 2024 - 6:36 من طرف أبو أويس