بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
علم التصوف فقه واجتهاد
صفحة 1 من اصل 1
علم التصوف فقه واجتهاد
قصدي في هذه الصفحات أن أدل على الله وعلى الطريق إليه. قصدي أن أستنهض الراقد وأستحث الفاتر وأنادي ذوي الهمم العالية إلى مأدبة الله. ما قصدي أن أعرض علم التصوف عرضا أكاديميا تاريخيا موثقا. وما يغني العلم إذا كان وراءه فضول فكري فقط. حديثي حديث القلب إلى القلوب الحرة. نحتاج في حوارنا إلى استبصار العقل وإلى الاطلاع على أحوال القوم لنقوم ننافسهم ونسابقهم في الخيرات كما أمرنا الله جل شأنه.
يحتد الخصام حول التصوف في زماننا احتدادا شديدا. كل جدران الاحتياط التي أقامها نقاد التصوف السابقون خرقها بعض كتبة العصر يسايرون في غلوهم هذا تلامذة المستشرقين الذين يسعون جهدهم أن يقدموا التصوف على أنه علم دخيل، والصوفية على أنهم تلامذة البراهمة والغنوصيين. ما مثل هؤلاء إلا كمثل من رأى مائدة حافلة حولها ضيف مكرمون ومن حوالي الضيف ذباب يتطاير ويطن، فزعم أن المائدة ما نصبها إلا الذباب وأن الضيف المحلقين ما هم إلا ذباب كبير.
نعم طرأ بعد القرون الفاضلة الثلاثة هجوم الفكر الفلسفي الهيليني وتأثير التأله الفارسي والهندي والصابئي. وطرأ بعد الإمام الغزالي الذي حاول إصلاح ذات البين بين فقهاء الأحكام وفقهاء التربية تسلل الفلسفة الإشراقية وعقائد الحلول والاتحاد الملعونة. لكن موكب النور من كتائب أهل الله ما سار منذ عهد النبوة إلا على هدي أصيل وإن جدت مصطلحات دعت إليها ضرورة التفاهم بين أهل الاختصاص، وجدت هيآت وتكتلات دعت إليها ضرورة التعاون. تماما كما جدت مصطلحات وتكتلات في مدارس التفسير والحديث وعلم أصول الفقه وعلم فروعه وعلم أصول الدين وعلم اللغة وسواها.
لكي يطمئن حوارنا نثق بعلمائنا، فنستمع إلى حكمهم على علم التصوف، ولا نصدق المغرضين الذين يعملون معاول الهدم في سلفنا الصالح يحاربون الإيمان بالغيب وبسمو الروح وكمال الإحسان ويؤلهون العقل والمادة. ولا نصدق مقلدة قاصرين تبنوا عن انطماس في العقل والبصيرة وعن جهل بموضوع الجدال وأوائله وتواليه معارك قديمة.
نستمع أولا إلى فارس الإسلام وشيخه ابن تيمية رحمه الله. نستمع إليه لأمرين: أحدهما أن كثيرا من معاصرينا يعتبرون شهادته هي الكلمة الفصل، فلا نحب أن نفجعهم وهم في مهد الإعجاب غير المشروط بوضع الفارس الجليل في مكان نسبيته. والاعتبار الثاني هو أن شيخ الإسلام رحمه الله من أجل من حارب الإلحاد والفلسفة ومنطقها. فللمرتاحين في المهد نقدم جواز المرور، وللمتعسفين نقدم جبهة إسلامية واحدة، ابن تيمية ابنها وفارسها، خصامها بينها من داخلها، خصامها ظاهرة صحية تبرهن على قدرتها أن تنتقد أخطاءها وتتحاور وتصلح.
قال شيخ الإسلام: "والصواب أنهم (أي الصوفية) مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم في طاعة الله. ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين. وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ. وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب"[1]. وقال: "وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي"[2].
وقال تلميذ ابن تيمية الإمام ابن القيم: "وأما السابقون المقربون فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وصف حالتهم وعدم الاتصاف بها. بل ما شممنا لها رائحة. ولكن محبة القوم (أي الصوفية والكلمة مصطلح) تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها. وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة (...) ومنها أن هذا العلم (يعني علم التصوف) هو من أشرف علوم العباد، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة"[3].
حياك الله من رجل! نجد عند الغزالي وهو من أكابر القوم ما يلي: "ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقا على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب. ويدلك عليه قوله عز وجل: ( لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ). وما يحصل به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق والعتاق واللعان والسلم والإجارة"[4].
ونجد عند الفقيه الأصولي الإمام الشاطبي تفصيلا: فالتصوف عنده قسمان: "أحدهما التخلق بكل خلق سني، والتجرد عن كل خلق دني. والثاني أنه الفناء عن نفسه والبقاء بربه. وهما في التحقيق إلى معنى واحد، إلا أن أحدهما يصلح التعبير به عن البداية والآخر يصلح التعبير به عن النهاية (...) فالتصوف بالمعنى الأول لا بدعة في الكلام فيه (...) وهو فقه صحيح. وأصوله في الكتاب والسنة ظاهرة. فلا يقال في مثله بدعة إلا إذا أطلق على فروع الفقه التي لم يلف مثلها في السلف الصالح أنها بدعة، كفروع أبواب السلم ومسائل السهو (...) وأما بالمعنى الثاني فهو على أضرب، أحدهما يرجع إلى العوارض الطارئة على السالكين إذا دخل عليهم نور التوحيد الوجداني. فيتكلم فيها بحسب الوقت والحال وما يحتاج فيه في النازلة الخاصة رجوعا إلى الشيخ المربي وما بين له في تحقيق مناطها بفراسته الصادقة في السالك بحسبه وبحسب العارض. فيداويه بما يليق به من الوظائف الشرعية والأذكار الشرعية. (...) فمثل هذا لا بدعة فيه لرجوعه إلى أصل شرعي"[5]. ويذكر رحمه الله الضرب الثاني وهو ما يتعلق بالكرامات وهو لا بدعة فيه، وعن الضرب الثالث وهو البحث في عالم الغيب وماهية الملائكة والشياطين وعالم الأرواح وهو بدعة، وعن الضرب الرابع وهو النظر في حقيقة الفناء وهو فقه متعلق بأهواء النفس لا بدعة فيه.
وعند الإمام السهروردي أحد أعلام القوم رضي الله عنهم نجد ما يلي: "وعلوم هؤلاء القوم لا تحصل مع محبة الدنيا ولا تنكشف إلا بمجانبة الهوى ولا تدرس إلا في مدرسة التقوى"[6].
يقصد رضي الله عنه العلوم التي تنقدح في القلوب بعد صفائها بالعمل الصالح والذكر والمجاهدة، لا تلك التي تحويها الطروس.
وما كان القوم رضي الله عنهم أهل بطالة يتسلون بمضغ العبارات كما يفعل المتحذلقون، بل كان همهم الله ونيل رضاه. لذلك كانوا أصحاب عمل وجد واجتهاد. ما الفقه الذي أثلوه إلا قواعد مستنبطة، مذكرات وصف السالكون فيها مراحل سفرهم الروحي، تتلقاها الأجيال الصالحة من بعدهم نصيحة وتحديا وضرب موعد هناك في المقامات العالية.
قال الإمام الغزالي في إحيائه: "ومنها (أي علامات علماء الآخرة) أن يكون أكثر اهتمامه بعلم الباطن ومراقبة القلب ومعرفة طريق الآخرة وسلوكه وصدق الرجاء في انكشاف ذلك من المجاهدة والمراقبة. فإن المجاهدة تفضي إلى المشاهدة، ودقائق علوم القلب تتفجر بها ينابيع الحكمة من القلب. وأما الكتب والتعليم فلا تفي بذلك"[7]. وقال: "ومنها أن يكون اعتماده في علومه على بصيرته وإدراكه بصفاء قلبه، لا على الصحف والكتب، ولا على تقليد ما يسمعه من غيره"[8].
[1] فتاوي ابن تيمية ج 11 ص 18.
[2] نفس المصدر ج 10 ص 370.
[3] طريق الهجرتين ص 260-261.
[4] الإحياء ج 1 ص 28.
[5] الاعتصام ج 2 ص 208.
[6] عوارف العوارف ج 1 ص 247.
[7] ج 1 ص 63.
[8] ج 1 ص 69.
omarel hassani- عدد الرسائل : 43
العمر : 53
الموقع : طنجة المغرب
العمل/الترفيه : حارس أمن ليلي ، مسير شركة سابقا
المزاج : معتدل و هادئ أعشق الحوار
تاريخ التسجيل : 28/09/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
أمس في 19:48 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 22:37 من طرف الطالب
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس