الدرّة القدسية في معرفة الولاية المحمّدية

بسم الله العليم الحكيم

والصلاة والسلام على من كان بالمؤمنين رؤوفا رحيماوآله وصحبه

أولياء أمّة سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ورثوا من علوم وأحوال كافّة الأنبياء والمرسلين بداية بسيّد المرسلين وإمام العارفين عليه الصلاة والسلام فما من وليّ كامل في الأمّة المحمّدية إلا وهو على قدم نبيّ من الأنبياء عليهم السلام كما أنّ من الأولياء من يرث وليّا مثله وقد ورد في الحديث ( العلماء ورثة الأنبياء )

فكانت علاقة سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم بأقطاب أولياء الأمم السابقة علاقة أحوال ( لو اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ) أي لو اطلعت عليهم في كهف أحوالهم لحدث لك هذا بينما لو اطلعوا عليك في كهف أحوالك لصعقوا وذابوا وفنوا , بينما كانت علاقته مع أولياء أمّته علاقة إرادة وتجريد التي هي علاقة أعمال التي تثمر الأحوال فهي علاقة مع المنقطعين عن عالم السوى ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )

بينما كانت علاقة سيّدنا موسى مع أولياء زمانه خاصّة ولا علاقة له مع أولياء أمّة سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم إلا من حيث وراثة أحواله لذلك سيصلّي سيدنا عيسى عند نزوله خلف الإمام المهدي المنتظر لأنه لو تقدّم وصلّى بالإمام فكأنّما صلّى إماما بالنبيّ عليه الصلاة والسلام

وهذا لا يجوز له لا شريعة ولا حقيقة متى علمت أنه عليه الصلاة والسلام صلّى بجميع الأنبياء عليهم السلام ليلة أسري به فما ورد قطّ أنّه صلى خلف نبيّ من الأنبياء بينما

ورد أنه صلى خلف أبي بكر فإمامنا منّا كما سيقوله عيسى ( إمامكم منكم )

فلا تصحّ لنا إمامة نبيّ من الأنبياء عليهم السلام مهما ورثناهم في أحوالهم وعلومهم وأعمالهم وأسرارهم فيكون اتصال كلّ نبيّ من الأنبياء بوليّ من أولياء هذه الأمّة من

حيث طريق وراثة أحواله وعلومه لا من حيث شريعة ذلك النبيّ أو طريقته

لذلك هيمن الشرع المحمّدي على كلّ شرع وهيمنت طريقته على كلّ طريقة فلا ترد الأذون للأولياء من حيث السير والسلوك والشريعة والحقيقة إلا من الحضرة المحمّدية ولا يرد إذن من غيرها مهما كان مقام صاحب الإذن ومهما ورث من حال هذا النبيّ أو ذاك أو كان على أقدامهم

لذلك وردت في القرآن قصص أكابر الأنبياء والمرسلين وأصول أحوالهم وعلومهم وجاء ذكر أسرارهم التوحيدية وأعمالهم التحقيقية وآدابهم الربانية فتوسّعت عند ذلك دائرة أهل الولاية في الأمّة المحمّدية وتعدّدت مقاماتها وأحوالها فتلونا قوله تعالى ( اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم )..

قال تعالى ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) أي اقتد بجميع سبل هداهم وطرائق سيرهم ليستمدّه منك بعد ذلك أولياء أمّتك في صبغته المحمدية وحليته الأحمدية

لكونك الواسطة بين الأنبياء والمرسلين وبين من سيرثون من أحوالهم وعلومهم من أولياء أمّتك من العارفين ..

أي وإلاّ فهداي يغنيك عن كلّ هدى وعلمي يغنيك عن كلّ علم وتعريفي يغنيك عن كلّ تعريف ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ) أي وجدك غائبا عن شهود مراتب الأسماء والصفات لفنائك في بحر شهود الذات كما وجدك غافلا من قبل عن معرفة حقيقتك المحمّدية قبل نزول القرآن عليك لاستهلاكك في شهود الحضرة الأحدية ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) فأنت بعد كمالك الإنساني أشرقت ذاتك وصفاتك صورة قدسية عنوانها (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ )

...

.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
					1	2
3	4	5	6	7	8	9
10	11	12	13	14	15	16
17	18	19	20	21	22	23
24	25	26	27	28	29	30