الفكر الديكتاتوري

من طرف **علي** الأحد 19 يوليو 2020 - 4:31

الديكتاتورية هي الأفعى السامة التي سرى سمّها في جسد الأمة العربية من شرقها إلى غربها ونخرت فيه حد الفضاعة بلا رادع ولا عاقل

الديكتاتورية = القمع وحكم الشخص الواحد وتسلط نفوس الأشرار على العباد فهي أقرب شيء إلى منازعة حكم الله تعالى في خلقه
لذلك أغلق الشرع الإسلامي هذا الباب الذي هو باب فرض الرأي الواحد بالقوة وهو المنهج الذي سلكه فرعون من قبل وجعله دينا له واعتقادا راسخا كما قال تعالى { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ }

فهو يحمل رعيته على نفس اعتقاده ورؤيته ومنهجه كالعلمانيين الذين حكموا الدول العربية والإسلامية في القرون الأخيرة قسرا وحملوا شعوبهم بقوة القمع على اللائكية = اللادينية

لذلك نهى الإسلام نهيا قاطعا عن اتباع الرأي الواحد من الشخص الجاهل خصوصا الكافر والعلماني الإباحي فضلا عن فرضه بالقوة المادية أو الأدبية قال عليه الصلاة والسلام في علامات آخر الزمان ( إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة )
الشاهد قوله ( وإعجاب كل ذي رأي برأيه )

لذا كان الإسلام بالنقيض من فكر الديكتاتورية تماما فجعل الشورى أساس الحكم والسياسة في كل أمر قال تعالى { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ }

الدكتاتورية فكر إبليسي بامتياز صاحب الرأي الواحد الذي لا يقبل سواه وعليه أصر وتعنّت فهو إلى اليوم يعتقد أن الله تعالى أغواه وكونه كان مظلوما { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ }

نصيحة : كل من تشم عليه رائحة نتن الديكتاتورية ابتعد عنه وفر منه ولا تصاحبه مهما ادعى القرب والوصال من رب العباد فهو مفتر كذاب حاله حال فرعون موسى يريد اتخاذ الناس أحمرة وبغالا يركبونها فيأكلون خيراتهم ويستولون على مجهوداتهم

كونهم سرّاق الكادحين وأكلة عرق العاملين من جنس ما فعله فرعون { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ }

قال تعالى في المتحيلين من المتديّنين { إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }

رهبان جمع راهب = المختلي للعبادة في صومعته
وأحبار جمع حبر = الرجل العالم في الدين

أنظر المفارقة : من هذين الصنفين كثير ممن قال تعالى عنهم { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }
سبب كل هذا هو الديكتاتورية الدينية لأنه كما توجد ديكتاتورية سياسية وديكتاتورية عسكرية توجد أيضا ديكتاتورية دينية كالتي توجد عند الوهابية وقد عانى من قبل وسجن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه بسبب الديكتاتورية المعتزلية في دولة المأمون

لن تقوم للشعوب العربية قائمة حتى يتخلصون من عقلية الديكتاتورية وهي عقلية إما معي أو ضدي أي إما أن تكون صديقي أو عدوي لا خيار ثالث

لأن الله تعالى كما لا يحب فكر الديكتاتورية ولا يأمر به بل ينهى عنه كذلك لا يحب فكر العنصرية قال تعالى في دحر الفكر العنصري { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }

لذا أنا أعجب من تهافت كثير من الحكومات على نحت أصنام ساسة ماتوا أو مازالوا أحياء وتشييدها ووضعها في الحدائق وفي الطرقات ومداخل المدن وصرف كثير من أموال الناس بغير وجه حق في ذلك ولا أعتقد أن ذلك الفعل يرضي الله ورسوله عليه الصلاة والسلام

الحرب القادمة يجب أن تكون حربا للقضاء على الفكر الديكتاتوري الذي عشش في عقل كل انسان عربي تقريبا فلا نهضة للأمة العربية إلا عند التخلص من هذا الفكر نخبا وشعوبا ..