بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
ذكريات من الفقر جميلة
صفحة 1 من اصل 1
ذكريات من الفقر جميلة
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلّم على الحبيب الأعظم وآله وصحبه
قيل في الفقر : أنّه شعار الصالحين , والفقر على حقيقته هو التبرّي من الغنى بالنفس إلى الغنى بالله تعالى وهذا من الفقر الصفاتي أمّا الفقر الفعلي ومنه الذاتي فهو التبرّي من الحول والقوّة قال تعالى : ( يا أيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله ) أي فقراء إلى أفعاله وفقراء إلى صفاته وفقراء إلى ذاته سبحانه فمتى سلبك الفعل ذاك فقر إلى حوله وقوّته , ومتى سلبك الصفة فذاك فقر إلى غناه ومتى سلبك الوجود فذاك فقر إلى الذات , فغايته منك البقاء به لا البقاء بنفسك لأنّها الحقيقة التي تريد أن تبطلها النفس بوهم وجودها فعلا وصفة وذاتا فإنّ ما بين الله وتعالى وبينك من الحجب هو حجاب النفس وما وراء النفس كلّها حجب على النفس فمتى إخترقت جميع الحجب بقي حجاب النفس فتغيب في نظر العارف جميع المكوّنات فيفنى عن الوجود بأسره ثمّ يبقى الحجاب الأكبر وهو حجاب النفس فعندما يفنى العارف عن النفس وهو هذا الفناء الثاني يفنى في الله تعالى فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل
لذا يكتب الله تعالى على عظماء الإنسانية من الأنبياء والمرسلين ثمّ بقيّة الصدّيقين العارفين الفقر الظاهري والباطني منذ النشأة وإلى حين الإنتقال , فتجد النبيّ عليه الصلاة والسلام يهلّ الهلال والهلالان في داره ولا توقد له نار للطبخ وقد جعل الله تعالى رزق آل محمّد قوتا كما دعا بذلك عليه الصلاة والسلام ثمّ إنّ النشأة الأولى منذ أيّام الصبا كان عليه الصلاة والسلام فقيرا يتيما وكذلك الغالبية الكبرى من أهل النبوّة والرسالة أهل فقر إلاّ ما كان من آل داود عليهم السلام لخصيصة ملكية
ثمّ إنّ الفقر أربابه أهل تجريد فبالكاد يشبعون بطونهم وهم معروفون وهم خيرة أهل الله تعالى على الإطلاق أعلاهم توحيدا وأكثرهم علوما وصفاءا فإنّ مقامهم الذي أقامهم الله فيه هو مقام الفقر يرزقون كالطير على صفة التوكّل فهم أرسخ العباد يقينا وأكثرهم صبرا لم يبق منهم لسواهم شيئا فمثلما ينتظر رزق جسمانيته ينتظر رزق روحانيته تلوّنوا في الفقر ألوانا لهم علامات يعرفون بها لهم رقّة تحيّر العالمين وحنانا يذيب الوجود وجمالا روحاني يسكر العالمين أين الحور في جمالهم أو الولدان في بهائهم تنبثق أنوار الجنّة منهم وتشتاق إليهم الجنان بل تنوح عليهم نوحا وقد اشتاقت الجنّة لصهيب وعلي وبلال فكيف بشوقها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام , عندما يحين انتقال أحد من الصدّيقين تتزيّن الجنان له مثلما تتزيّن العروس
أهل الفقر لهم حضرات ولهم علوم وفهوم ولهم مقامات وأحوال تكلّ الأقلام عن كتابتها وممّا أحببت كتابته ذكر بعض ما أكرمني الله تعالى من الفقر بسبب محبّتي لأهل الله تعالى لأنّه ورد بأنّ من أحبّ الصالحين فليستعدّ للفقر فالحمد لله تعالى فقد أكرمني الله تعالى بفقر إختزل لي مقامات كثيرة في طريق محبّتي لأهل الله تعالى ثمّ أكرمني الله تعالى بفهم مقاماته وعلله وشؤونه التي سأسردها على إخواني إن شاء الله تعالى فإنّ الكتابة متى صاحبها الحال كانت في القلب بروحها فما صدر من القلب تلقّته القلوب وتلقّفته الأرواح , فإنّي أحبّ الإنسان الفقير أكثر من محبّتي لأكثر الناس غنى في الأرض بل لا مقارنة أصلا فإنّ الفقر ينتج الرجال ويخرج المصطفين الأخيار ثمّ نذكر تحمّل الفقراء لبلاء المسلمين ثمّ أهل الأرض أجمعين فإنّ سرّ الدين والطريق كامنة في معرفة الفقر ومقاماته وأحواله فإنّ السلطان والحاكم لا يكون سلطانا ولا حاكما عند الله تعالى حتّى يحسّ بإحساس أفقر إنسان في رعيّته شعورا وجدانيا يحرم عليه النوم كما نقرؤه في سيرة الخلفاء
لذا أحببت كما قلت كتابة بعض من قصّة فقري الذي أكرمني الله تعالى به هكذا وقع بقلبي كتابته فليس هو من باب كشف العورة المعنوية وإنّما من باب التعريف بفقر أحد الصوفية لأنّ اليوم أضحى الناس يتّهمون الصوفية بالغنى الفاحش كي أقول لهم ليس الصوفية سواء بل هي أحوال فهم بين متسبّب وبين متجرّد وبين هذا وذاك ...
يتبع إن شاء الله تعالى
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: ذكريات من الفقر جميلة
الفقر حضرته حضرة عبودية أمّا الغنى فحضرته حضرة ربوبية لذا ورد في الحديث الشريف أنّ الله تعالى يبغض ثلاثة : منها أنّه يبغض المتكبّر وبغضه للفقير المتكبّر أشدّ لأنّ الفقر حضرته حضرة عبودية فمتى أقام الله تعالى العبد في هذا المقام الذي يقول الله تعالى فيه ( يا أيّها النّاس أنتم الفقراء إلى الله ) ثمّ تكبّر أبغضه الله تعالى أشدّ البغض , فالفقر حكم الله تعالى به على العالمين لأنّه مقام عبودية فلولا هذا الفقر لما صحّت عبودية من أحد , أمّا الخلافة فهي غنى بالله تعالى وهي الخصوصية , فإنّ الحضرة لا تختصّ إلاّ الفقير الفقر الذاتي إلى الله تعالى لذا خيّر عليه الصلاة والسلام بين أن يكون نبيّا عبدا وبين أن يكون نبيّا ملكا فأشار عليه جبريل عليه السلام أن يكون نبيّا عبدا وهذا دليل على أنّ الفقير الصابر أعلى مقاما من الغنيّ الشاكر وإن كان نخبة من الأولياء والعلماء قالوا بأنّ هذا عين هذا وأنّ الفقير الصابر هو نفسه الغنيّ الشاكر وكذلك قالوا أنّ الإثنين ممدوحان فهما متساويان كلّ في مقامه وهذه مباحث مطروحة في محالها رغم أنّي العبد الفقير أميل إلى ترجيح الفقير الصابر على الغنيّ الشاكر بدليل الخبر الوارد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام , وهذا الأمر إنبنى عليه أصناف أهل النبوّة وأصناف أهل الولاية ودرجاتهم فهم بين فقير صابر وبين غنيّ شاكر وقد بيّن العلماء هذا
هذا لتعلم أنّ حضرة الخلافة هي حضرة غنى بالله تعالى وهي مناط الخصوصية الكاملة التي سألها إبليس لعنه الله تعالى فأضحى الأمر مرتبتين : مرتبة فقر : وهي للعبودية , ثمّ مرتبة غنى وهي للخصوصية , وأنت تعلم أنّ الألوهية لغناها لا يقابلها من كلّ وجه إلاّ حضرة العبودية التي هي الفقر التام , فمتى حصل هذا خرج العبد في عالم البقاء في الأوصاف الإلهية من حيث الغنى فهو الغنيّ بالله تعالى لأنّ صفة الغنى صفة ذاتية لله تعالى فمقام البقاء هو مقام الغنى بالله تعالى وهي مرتبة الخلافة في الأرض ولكنّها لا تكون ولا توجد بغير الحضرة الأصلية التي هي حضرة العبودية فلو خرج الباقي بالله تعالى مقدار طرفة العين عن حضرة العبودية يعاقب متى تداركته الألطاف وسبقت له العناية وإلاّ فإنّه سيطرد كما طرد إبليس لعنه الله تعالى وكذلك السامري لعنه الله تعالى ويلعن ويرجم , فقوله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ) حضرة فقر تام , أمّا قوله تعالى ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) فهي حضرة الغنى التام ولكن الحضرة الأولى حضرة ذاتية أمّا الحضرة الثانية فهي حضرة صفاتية , فلا يمكن أن تكون متحقّقا بالصفات إلاّ متى كنت فانيا في الذات , فالخصوصية ساترة لحقيقة العبودية كما أنّ البشرية ساترة للخصوصية , فالبشرية للأسماء , والخصوصية للصفات , أمّا العبودية فهي حضرة الذات وهي حضرة الفقر الذاتي إلى الله تعالى وبما أنّك فقير فقر ذاتيّ إلى الله تعالى كان تكبّرك أشدّ ما يبغضه الله تعالى لذا نبّهك على خطورته في الحديث القدسي ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيهما قذفته في النار ) وقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الخصوص ( لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر ) لذا عوتب إبليس ثمّ عوقب بسبب الكبر لقوله تعالى ( ما كان لك أن تتكبّر فيها ) أي تتكبّر في حضرة الألوهية فتنازعها كبرياءها وعظمتها وغناها
لهذا كان الفقر هو أساس السير والسلوك وهو طريق العبودية لذا سمّى ساداتنا الصوفية تلاميذهم بتسمية الفقراء فيقال : هذا فقير , وتلك فقيرة , وأولائك فقراء , والفرق بين تسمية الفقر وبين تسمية الإرادة فيقال هذا مريد كالفرق بين العارف بالله تعالى وبين المريد السالك , فالعارف هو الفقير أمّا السائر فهو المريد , فالمريد طالب محبّ , أمّا الفقير فهو مطلوب محبوب , لذا إختار عليه الصلاة والسلام الوصف الذاتي وهو الفقر فلو إختار أن يكون نبيّا ملكا فقد إختار الوصف الصفاتي لذا كانت هذه الأمّة أمّة أمّية لا تعرف غير الذات الإلهية فهذا رسول أمّي أرسل وبعث في أمّة أميّة مشربها التوحيد الخالص والتوجّه الكامل لم يترك لهم ولا فيهم بقيّة من الأغيار , لذا أوّل ما يمتحن به المصطفى والمختار من العباد من بعد الأنبياء والمرسلين هو الفقر وقد ذكر القرآن ذلك وأشار إليه غاية الإشارة منها قوله تعالى ( ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين ) فذكر مقام الصبر وبشّر بثوابه فحكم الله تعالى عناية منه وفضلا على أهل الحضرة بالفقر تجريدا كاملا في بدايتهم ظاهرا وباطنا فإنّ من الفقر الباطني انقطاع الوحي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في مناسبات عديدة , ففي تلك الحالة من الفقر الباطني يبقى منتظرا لما تجود به حضرة الألوهية , أمّا في الفقر الظاهري فينتظر ما تجود به حضرة الربوبية فالإنتظار هو ترك التدبير والإختيار وهو عين التسليم وبرد التسنيم حتّى قال الشيخ سيدي عبد السلام ابن مشّيش رضي الله عنه لتلميذه سيدي أبي الحسن رضي الله عنه : إنّي أشكو من برد الرضى والتسليم كما تشكو أنت من حرّ التدبير والإختيار فذكر البرد وذكر نقيضه من الحرّ يريد أن يرجع إلى فصل الربيع حيث تستوي الأحوال والمقامات وتزهر جميع المراتب والدرجات لقوله عليه الصلاة والسلام ( اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ) فذكر فصل الربيع
يتبع ...
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
مواضيع مماثلة
» مناجاة تحقيق الفقر
» ذكريات ومذكرات
» ذكريات خالدة ومواهب واردة
» ذكريات الدكتور مارسيل كاري بخصوص الشيخ العلوي رضي الله عنه
» قصة قاض مكة عبيد بن عمير مع امرأة جميلة
» ذكريات ومذكرات
» ذكريات خالدة ومواهب واردة
» ذكريات الدكتور مارسيل كاري بخصوص الشيخ العلوي رضي الله عنه
» قصة قاض مكة عبيد بن عمير مع امرأة جميلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
أمس في 20:06 من طرف ابن الطريقة
» شيخ التربية
أمس في 19:48 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
أمس في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 22:37 من طرف الطالب
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس