بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
خواطر
+5
رضوان
عبدالله
سلطان
أبو أويس
علي
9 مشترك
صفحة 1 من اصل 3
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد الله
والصلاة والسلام على المحبوب في حضرة الغيوب الانسان الكامل والعارف الشامل حبيب رب العالمين مولانا محمد رسول الله , السيد الأعظم والبحر الخضم الأفخم , وعلى موالينا آله الأطهار وساداتنا من المهاجرين والأنصار وعلى أصحاب سرّه المصون من العارفين الأخيار .
وبعد :
صل على أصل هذا الوجود المنظم
محمد سيد الأكوان والأمم
حبيب تاه في الاله بحبه
فرشحت علينا منه رشحة الكرم
غدونا بها أطفالا في حصن قلعته
وأكستنا لباس الحاشية والخدم
بختم رسائله نستفتح رسائلنا
وننشر من الطي محاسن الكلم
وبعد بعد :
فأول ما استفتح البيان , من حضرة الاحسان , في ليلة قدر الانسان , في شهر فرقان القرآن , لاخراج ما ثمّ من تجليات الرحمان بحروف اللسان , بمدد معاني الايمان , من سويداء الجنان , قال أمين الوحي وفي هذا اشارة أن الوحي لا بد فيه من الأمانة ولذا سمته الحضرة أمينا قبل الأمانة النازلة اليه عن طريق الأمين , فلا ينزل الأمين الا على الأمين اذا تناول الأمر النزول بالأمانة , حرصا ان تفشى الأسرار قال له :" اقرأ " فأخبره بجنس القراءة التي هي القرآن فأجابه بالتقصير عن حمل هذا الأمر العسير , فقال ثانيا : فاقرأ اذن في مقام الصفات بعد أن تيّهك شهود الذات فاعتذر بفقدان التعبير عن ذلك بقوله ثانيا : لست بقارىء في مقام الصفات ومن يستطيع ذلك فأفاضت الحضرة أنوارها وأشرقت أسرارها بعد أن ضمّه اليه تبركا منه به اليه ثمّ أفاق من سكرة الجذب التي حصلت لجبريل به وقال : اقرأ باسم ربّك الذي خلق - فتنزل اليه الى عالم الأسماء وانتصبت الأسم الجامع الحاوي لجميع الفتاوي من الاسماء الأخرى وناداه : أخرج بأقرأ الاولى الخاصة بمسمّاي وباقرأ الثانية الخاصة بمسمّاك باسمي الجامع فبه قد انتصبت أيها الأمين قائما وساجدا وراكعا أخرج الى عالم الشهادة وقد انطوى فيك عالم الغيب بأسره بقولي لك اقرأ في مقام الذات وقولي لك اقرأ في مقام الصفات فأخرج لهم في حلية أسمائي الدالة على صفاتي وصفاتي الدالة على ذاتي فكانت قراءة القرآن في المراتب الثلاثة كائنة لا محالة فهذا ما أشار اليه جبريل وما أجاب به الحبيب في مستهل التنزيل ولذا قال :" من قرأ سورة الاخلاص 3 مرات فكأنما قرأ القرآن كله " ومن هنا انطلق الاسم الجامع في صورة محمد صلى الله عليه وسلم يفيض مدلولاته ويخرج حقائقه في الوجود والمراتب , ولما سار الأمر على وفق هذا النظام وتولي هذا الاسم أحكام البيان فكانت الذات المحمدية هي عين ذلك الاسم وليس عين ذلك المسمى فلذلك استفتحت كل سورة من سور القرآن : ببسم الله الرحمان الرحيم " أليس هذا من الأمر العجيب , فتلي القرآن بالاسم الدال على المسمى بجميع صفاته من حيث اسمه الجامع وهو قولنا " الله "
فهذا مدخل لفهم السيرة النبوية في حركاتها وسكناتها : أقوالا وأفعالا وصفاتا وأحوالا فهذا هو النبي عليه الصلاة والسلام وهذا فهمه حين نزول القرآن فكان النبي الجامع والجامع لا بد أن يكون خاتما اذ لا ختم الا بعد الجمع ولا شريعة الا بعد الوصول الى مقام الحقيقة .
والسلام ;
الحمد الله
والصلاة والسلام على المحبوب في حضرة الغيوب الانسان الكامل والعارف الشامل حبيب رب العالمين مولانا محمد رسول الله , السيد الأعظم والبحر الخضم الأفخم , وعلى موالينا آله الأطهار وساداتنا من المهاجرين والأنصار وعلى أصحاب سرّه المصون من العارفين الأخيار .
وبعد :
صل على أصل هذا الوجود المنظم
محمد سيد الأكوان والأمم
حبيب تاه في الاله بحبه
فرشحت علينا منه رشحة الكرم
غدونا بها أطفالا في حصن قلعته
وأكستنا لباس الحاشية والخدم
بختم رسائله نستفتح رسائلنا
وننشر من الطي محاسن الكلم
وبعد بعد :
فأول ما استفتح البيان , من حضرة الاحسان , في ليلة قدر الانسان , في شهر فرقان القرآن , لاخراج ما ثمّ من تجليات الرحمان بحروف اللسان , بمدد معاني الايمان , من سويداء الجنان , قال أمين الوحي وفي هذا اشارة أن الوحي لا بد فيه من الأمانة ولذا سمته الحضرة أمينا قبل الأمانة النازلة اليه عن طريق الأمين , فلا ينزل الأمين الا على الأمين اذا تناول الأمر النزول بالأمانة , حرصا ان تفشى الأسرار قال له :" اقرأ " فأخبره بجنس القراءة التي هي القرآن فأجابه بالتقصير عن حمل هذا الأمر العسير , فقال ثانيا : فاقرأ اذن في مقام الصفات بعد أن تيّهك شهود الذات فاعتذر بفقدان التعبير عن ذلك بقوله ثانيا : لست بقارىء في مقام الصفات ومن يستطيع ذلك فأفاضت الحضرة أنوارها وأشرقت أسرارها بعد أن ضمّه اليه تبركا منه به اليه ثمّ أفاق من سكرة الجذب التي حصلت لجبريل به وقال : اقرأ باسم ربّك الذي خلق - فتنزل اليه الى عالم الأسماء وانتصبت الأسم الجامع الحاوي لجميع الفتاوي من الاسماء الأخرى وناداه : أخرج بأقرأ الاولى الخاصة بمسمّاي وباقرأ الثانية الخاصة بمسمّاك باسمي الجامع فبه قد انتصبت أيها الأمين قائما وساجدا وراكعا أخرج الى عالم الشهادة وقد انطوى فيك عالم الغيب بأسره بقولي لك اقرأ في مقام الذات وقولي لك اقرأ في مقام الصفات فأخرج لهم في حلية أسمائي الدالة على صفاتي وصفاتي الدالة على ذاتي فكانت قراءة القرآن في المراتب الثلاثة كائنة لا محالة فهذا ما أشار اليه جبريل وما أجاب به الحبيب في مستهل التنزيل ولذا قال :" من قرأ سورة الاخلاص 3 مرات فكأنما قرأ القرآن كله " ومن هنا انطلق الاسم الجامع في صورة محمد صلى الله عليه وسلم يفيض مدلولاته ويخرج حقائقه في الوجود والمراتب , ولما سار الأمر على وفق هذا النظام وتولي هذا الاسم أحكام البيان فكانت الذات المحمدية هي عين ذلك الاسم وليس عين ذلك المسمى فلذلك استفتحت كل سورة من سور القرآن : ببسم الله الرحمان الرحيم " أليس هذا من الأمر العجيب , فتلي القرآن بالاسم الدال على المسمى بجميع صفاته من حيث اسمه الجامع وهو قولنا " الله "
فهذا مدخل لفهم السيرة النبوية في حركاتها وسكناتها : أقوالا وأفعالا وصفاتا وأحوالا فهذا هو النبي عليه الصلاة والسلام وهذا فهمه حين نزول القرآن فكان النبي الجامع والجامع لا بد أن يكون خاتما اذ لا ختم الا بعد الجمع ولا شريعة الا بعد الوصول الى مقام الحقيقة .
والسلام ;
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله الأزلي الذي لم يزل
والصلاة والسلام التي هي بمثابة تلاوة بسم الله الرحمان الرحيم على السيد السابق علمه العلوم والمفيض على العالمين أحكام المراتب وانواع المشارب في المشارق والمغارب وآله أهل القرب وصحبه وتابعيه
وبعد :
فلما علم القاسم لأن الله المعطي أحكام النيابة في الوجود وبث فيه من السر الأقدس جميع الكمالات التي قال عنها " أوتيت جوامع الكلم " لأن الله تعالى قال لموسى عليه السلام " وكلم الله موسى تكليما " فذكر الله تعالى جنس مخاطبات الحضرة لموسى أما الحبيب فقد قال صلى الله عليه وسلم " أوتيت جوامع الكلم " يا من تفهم الاشارة بلا عبارة تمعن في مقام الحبيب تعلم سبقه للعالمين بصريح النص الحاوي على لب الفصّ , ثم أنه لما نزل من الغار حيث كهف الحقائق المطلقة في أعلى الجبل الذي قيل فيه " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية الله " والذي قيل فيه " وتجلى ربه للجبل فجعله دكا وخرّ موسى صعقا " فمن الجبل حيث وجود الغار خرج السرّ الالهي " قرآنا يمشي على رجليه " لأنه قال " خلقته بيديّ " ولما وصل حيث لا وصول الى زوجته خديجة اشارة الى ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم " وخلق منها زوجها " قال " دثروني دثروني وهو في تلك الحال وبما انطوى عليه باطنه من الجمال والجلال اشارة الى حقيقته المحمدية مقابلا قوله " اقرأ " في المرة الأولى ُم قال زمّلوني مقابلا " اقرأ " الثانية كي تحاط الأسرار ويحاط ما هنالك من الأنوار لذا خاطبته الحضرة في ذلك المقام الذي قصده بقوله تعالى " يا أيها المدثر " فخاطبه بالآثار في تلك الديار تحقيقا له وتمكينا وموافقة وتأييدا وخاطبته الحضرة " بيا أيها المزمّل " .
قال له في الأولى " قم فأنذر "
وفي الثانية " قم الليل "
فكان قيامه صلى الله عليه وسلم بأعباء الرسالة بنبوّته الشريفة المقدسة وخرج الى ترتيب المراتب وافاضة النوايا والمقاصد فكان عبدا ربانيا بحتا وصورة الهية صرفة وهو قوله تعالى في محكم التنزيل " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " أي لتعلموا أنفسكم وأنكم على الصورة ولو لا أنفسكم ما أرسلنا لكم رسول منها والمجيء لا يكون الا سعيا لأنه على البعد منكم فلا تغترّوا بشاكلتكم له في اللفظ حيث قلت " من أنفسكم " لقولي لكم " لقد جاءكم " والرسول لا يمكن الا أن يكون من جنس الرسالة والرسالة من جنس المرسل , فمن هنا بدأت الحقائق في الظهور ومن هنا بدأت الحقائق في البطون , من هنا تحمل الحبيب " لقد رأى من آيات ربّه الكبرى " .
هذه بداية سيرته التي عبّرت عن سريرته في قالب مسيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الانسان من علق , اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم " فذكر له جنس الأسماء وظهر ما أخفاه في آدم " وعلّم آدم الاسماء كلها " وجنس الأسماء في قوله " الذي خلق " أي كل شيء وانما أمره أن يقرأ بالاسم وليس بالصفة وليس بالذات فكانت بداية ظهور الأسماء شهودا ذوقيا , ثم ذكر العوالي من جنس الخلائق الذي هو محتواها وخلاصتها بقوله " خلق الانسان من علق " وانما ذكر تركيبته الترابية لأن المقام أسمائي , ثم أعاد عليه الأمر ثانيا بقوله " اقرأ وربك الأكرم " أي هذا مجال خروج أسمائي الدالة على صفاتي في مقام ذاتي ولذا قرن ذكر الربوبية بذكر الصفة بعد قوله ثانيا " اقرأ " كي لا يجهل الخطاب في حضرة أسماء الحجاب وأنها لا تدل الا عليه لمن قرأ بقراءة الحبيب صلى الله عليه وسلم
ثمّ قال له " الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم " فذكر له التعليم ولم يذكر له العلم في هذا المقام لأن مقام الأسماء مقام تعليمي " وعلم آدم الأسماء كلها " أما القلم فقد ذكره له بجنسه ليعلم كيفية التعليم في هذا الحال وهذا المقام ثم ذكر له " الانسان " كي لا يتبادر الى ذهنه مزاحمة الحيوان في هذا التعليم , وقد ذكر أن التعليم يكون من الذات عن طريق الصفات بقوله " وربك الأكرم " فالتعليم لا يكون الا للانسان لأنه من جنس القلم ولما علم صلى الله عليه وسلم أدب الحضرة اليه قال في غزوة رمضان الذي أنزل فيه القرآن لما أمر بالقراءة قال :" كل واحد من الأسرى يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة مقابل حريته " فجعل الحرية مقابلا للتعليم وفي هذا سر عظيم ولذا لما علم الله آدم الأسماء أعطاه حريته بسجود الملائكة له وبالخلافة الشاملة وأعطاه التصريف فكان فعل النبي صلى الله عليه وسلم صورة فعل الحضرة لذا كان لا ينطق عن الهوى فكان سيد العارفين وقطبهم الأوحد وقطب العالمين " وما محمد الا رسول " رغم كل هذا وذاك
وانما قال " علم الانسان ما لم يعلم " أي في مقام تفصيل الأسماء والمراتب بعد أن كان جاهلا في مقام القرب وعاجزا في مقام البقاء وغير موجود في مقام الفناء , وهذا انما أراده لأنه أراد أن يعرف ولا يمكن أن يعرف الا في غيره رغم عدم وجود هذا الغير .
وبالله التوفيق
والسلام
والصلاة والسلام التي هي بمثابة تلاوة بسم الله الرحمان الرحيم على السيد السابق علمه العلوم والمفيض على العالمين أحكام المراتب وانواع المشارب في المشارق والمغارب وآله أهل القرب وصحبه وتابعيه
وبعد :
فلما علم القاسم لأن الله المعطي أحكام النيابة في الوجود وبث فيه من السر الأقدس جميع الكمالات التي قال عنها " أوتيت جوامع الكلم " لأن الله تعالى قال لموسى عليه السلام " وكلم الله موسى تكليما " فذكر الله تعالى جنس مخاطبات الحضرة لموسى أما الحبيب فقد قال صلى الله عليه وسلم " أوتيت جوامع الكلم " يا من تفهم الاشارة بلا عبارة تمعن في مقام الحبيب تعلم سبقه للعالمين بصريح النص الحاوي على لب الفصّ , ثم أنه لما نزل من الغار حيث كهف الحقائق المطلقة في أعلى الجبل الذي قيل فيه " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية الله " والذي قيل فيه " وتجلى ربه للجبل فجعله دكا وخرّ موسى صعقا " فمن الجبل حيث وجود الغار خرج السرّ الالهي " قرآنا يمشي على رجليه " لأنه قال " خلقته بيديّ " ولما وصل حيث لا وصول الى زوجته خديجة اشارة الى ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم " وخلق منها زوجها " قال " دثروني دثروني وهو في تلك الحال وبما انطوى عليه باطنه من الجمال والجلال اشارة الى حقيقته المحمدية مقابلا قوله " اقرأ " في المرة الأولى ُم قال زمّلوني مقابلا " اقرأ " الثانية كي تحاط الأسرار ويحاط ما هنالك من الأنوار لذا خاطبته الحضرة في ذلك المقام الذي قصده بقوله تعالى " يا أيها المدثر " فخاطبه بالآثار في تلك الديار تحقيقا له وتمكينا وموافقة وتأييدا وخاطبته الحضرة " بيا أيها المزمّل " .
قال له في الأولى " قم فأنذر "
وفي الثانية " قم الليل "
فكان قيامه صلى الله عليه وسلم بأعباء الرسالة بنبوّته الشريفة المقدسة وخرج الى ترتيب المراتب وافاضة النوايا والمقاصد فكان عبدا ربانيا بحتا وصورة الهية صرفة وهو قوله تعالى في محكم التنزيل " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " أي لتعلموا أنفسكم وأنكم على الصورة ولو لا أنفسكم ما أرسلنا لكم رسول منها والمجيء لا يكون الا سعيا لأنه على البعد منكم فلا تغترّوا بشاكلتكم له في اللفظ حيث قلت " من أنفسكم " لقولي لكم " لقد جاءكم " والرسول لا يمكن الا أن يكون من جنس الرسالة والرسالة من جنس المرسل , فمن هنا بدأت الحقائق في الظهور ومن هنا بدأت الحقائق في البطون , من هنا تحمل الحبيب " لقد رأى من آيات ربّه الكبرى " .
هذه بداية سيرته التي عبّرت عن سريرته في قالب مسيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم .
قال الله تعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الانسان من علق , اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم " فذكر له جنس الأسماء وظهر ما أخفاه في آدم " وعلّم آدم الاسماء كلها " وجنس الأسماء في قوله " الذي خلق " أي كل شيء وانما أمره أن يقرأ بالاسم وليس بالصفة وليس بالذات فكانت بداية ظهور الأسماء شهودا ذوقيا , ثم ذكر العوالي من جنس الخلائق الذي هو محتواها وخلاصتها بقوله " خلق الانسان من علق " وانما ذكر تركيبته الترابية لأن المقام أسمائي , ثم أعاد عليه الأمر ثانيا بقوله " اقرأ وربك الأكرم " أي هذا مجال خروج أسمائي الدالة على صفاتي في مقام ذاتي ولذا قرن ذكر الربوبية بذكر الصفة بعد قوله ثانيا " اقرأ " كي لا يجهل الخطاب في حضرة أسماء الحجاب وأنها لا تدل الا عليه لمن قرأ بقراءة الحبيب صلى الله عليه وسلم
ثمّ قال له " الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم " فذكر له التعليم ولم يذكر له العلم في هذا المقام لأن مقام الأسماء مقام تعليمي " وعلم آدم الأسماء كلها " أما القلم فقد ذكره له بجنسه ليعلم كيفية التعليم في هذا الحال وهذا المقام ثم ذكر له " الانسان " كي لا يتبادر الى ذهنه مزاحمة الحيوان في هذا التعليم , وقد ذكر أن التعليم يكون من الذات عن طريق الصفات بقوله " وربك الأكرم " فالتعليم لا يكون الا للانسان لأنه من جنس القلم ولما علم صلى الله عليه وسلم أدب الحضرة اليه قال في غزوة رمضان الذي أنزل فيه القرآن لما أمر بالقراءة قال :" كل واحد من الأسرى يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة مقابل حريته " فجعل الحرية مقابلا للتعليم وفي هذا سر عظيم ولذا لما علم الله آدم الأسماء أعطاه حريته بسجود الملائكة له وبالخلافة الشاملة وأعطاه التصريف فكان فعل النبي صلى الله عليه وسلم صورة فعل الحضرة لذا كان لا ينطق عن الهوى فكان سيد العارفين وقطبهم الأوحد وقطب العالمين " وما محمد الا رسول " رغم كل هذا وذاك
وانما قال " علم الانسان ما لم يعلم " أي في مقام تفصيل الأسماء والمراتب بعد أن كان جاهلا في مقام القرب وعاجزا في مقام البقاء وغير موجود في مقام الفناء , وهذا انما أراده لأنه أراد أن يعرف ولا يمكن أن يعرف الا في غيره رغم عدم وجود هذا الغير .
وبالله التوفيق
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
أمدنا الله وإياك بالقوة حتى نأخذ كتابه ونتحمل مجاري أقداره
وأضاء قلوبنا دوما بدوافق أنواره
ومتع أرواحنا على الدوام بفيوضات أسراره
وقوى اتصالنا بمحور وصالنا قوة حسية وروحية
حتى نبقى بالله وفي الله ولله بلا كيف ولا تبيان
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: خواطر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أخي علي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعلى جميع الإخوة الكرام. وبعد. فإني سعيد للاتقاء بكم في هذا المنتدى الطيب المبارك بعد أن كنا التقينا وتحاورنا في غيره. وإني أحييك على مساهماتك القيمة، والشيء من مأتاه لا يستغرب، ثم إن لي ملاحظة لا تعدو أن تكون وجهة نظر للعبد الضعيف وتصورا لما يقتضيه خطاب التصوف في هذا العصر، ذلك أنني لاحظت أن الغالب على لغتك أسلوب بعض القدامى المتسم بالتعقيد كلغة الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه وأمثاله. وفي نظري المتواضع أن الأولى تبسيط اللغة ليصل المعنى بيسر إذ التعقيد اللفظي يتعب الذهن وقد لا يصل إلى المعنى المراد،
هذا ما أشعر به شخصيا مع أني بفضل الله لا تنقصني الخبرة في التعامل مع النصوص، بحكم اختصاصي، فما بالك بعامة المتابعين. وما يزيدني حرصا على هذه الملاحظة ما ألمسه فيك أخي علي من قدرة على التعبير تؤهلك إلى امتلاك ناصية العبارة حتى تجعل المفهوم الغامض والعويص ميسورا جليا دون هتك للحدود. وإن في مراسلات مولانا الأستاذ سيدي إسماعيل الهادفي قدس الله سره ومذاكراته لأنموذجا يحتذى في هذا الشان.
وقد أمدنا الأخ أبو أويس مشكورا ببعض منها وإننا نطلب منه المزيد.
وفقنا الله جميعا لخدمة هذا النهج النفيس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا ما أشعر به شخصيا مع أني بفضل الله لا تنقصني الخبرة في التعامل مع النصوص، بحكم اختصاصي، فما بالك بعامة المتابعين. وما يزيدني حرصا على هذه الملاحظة ما ألمسه فيك أخي علي من قدرة على التعبير تؤهلك إلى امتلاك ناصية العبارة حتى تجعل المفهوم الغامض والعويص ميسورا جليا دون هتك للحدود. وإن في مراسلات مولانا الأستاذ سيدي إسماعيل الهادفي قدس الله سره ومذاكراته لأنموذجا يحتذى في هذا الشان.
وقد أمدنا الأخ أبو أويس مشكورا ببعض منها وإننا نطلب منه المزيد.
وفقنا الله جميعا لخدمة هذا النهج النفيس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلطان- عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008
رد: خواطر
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين الأكرمين وعلى صحابته نجوم الإهتداء وعلى كل من اقتفى هذا السلك المبارك وانتمى.
أما بعد .
أردت أن أشكر لكم ما من الله به عليكم من الفهم والحكمة واحترت بين أمرين :
هل أساند سيدي الفاضل سلطان فيما ذهب إليه من تبسيط المعنى وتلييت البيان وهذا ما أراه وأحبذه ؟
أم أجد عذرا لسيدي الفاضل علي لقوة الوارد وسيطرته عليه حتى برز بهذا اللون والنمط ؟
ولكني أخلص حسب فهمي البسيط أن الوارد يظهر ويبرز منتهجا منهج تكوين صاحبه المعرفي ومتأثرا بمطالعاته ومدارساته، وهذا ما رأيناه من بعض من عرفناهم من الإخوان، فالمشرب والمنهل واحد ولكن يختلف باختلاف الكؤوس وألوانها.
والله أعلم.
بارك الله فيكم ونور المنتدى بكم .
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين الأكرمين وعلى صحابته نجوم الإهتداء وعلى كل من اقتفى هذا السلك المبارك وانتمى.
أما بعد .
أردت أن أشكر لكم ما من الله به عليكم من الفهم والحكمة واحترت بين أمرين :
هل أساند سيدي الفاضل سلطان فيما ذهب إليه من تبسيط المعنى وتلييت البيان وهذا ما أراه وأحبذه ؟
أم أجد عذرا لسيدي الفاضل علي لقوة الوارد وسيطرته عليه حتى برز بهذا اللون والنمط ؟
ولكني أخلص حسب فهمي البسيط أن الوارد يظهر ويبرز منتهجا منهج تكوين صاحبه المعرفي ومتأثرا بمطالعاته ومدارساته، وهذا ما رأيناه من بعض من عرفناهم من الإخوان، فالمشرب والمنهل واحد ولكن يختلف باختلاف الكؤوس وألوانها.
والله أعلم.
بارك الله فيكم ونور المنتدى بكم .
عبدالله- عدد الرسائل : 177
العمر : 65
العمل/الترفيه : طالب علم
تاريخ التسجيل : 09/12/2007
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
وبعد الصلاة في محراب القدس " وانّك لعلى خلق عظيم " والسلام عليه في عالم البقاء وعلى آله في حضرته وصحبه حرّاسها
ضرب دفّ القرب على أنغام خمرة الجذب حيث موسيقى الجمال وتيه الكمال , أين الأحبّة في تلك الفيافي ,أين أولائك الفتية في هذا الهزيج الصافي , أين أحبابي ومحل العين من أطرافي ,أين رسمي واسمي وأين ذاتي وصفاتي , تنعّم أيها الحبيب الصافي على أطلالنا وشاهد جمالنا ,فلا لوم عليك "لا ظلم اليوم" هناك هناك غنّى بلبل قلبي نشيد الحبّ بأحلى أشعاري , ونسكي وأذكاري , هناك هناك يبث الحبيب لوعته في حي الصبابة ويتمايل طربا وعشقا وفناءا "رفقا رفقا بقلبي " وروحي يا سيّدي , هذا ,دعني أشكو بثي وحزني اليك منك بك , اني لست فرحا بحبي لك لأنّه مني بك صدر , بل فرحي بك لوجودك وفقدي , الهي قد كلّت عباراتي , وانهمر جيش عبراتي ,مدافعا عن لوعاتي واحتراقاتي , فدافع عنّي بحبّك ولا تعذبني بحبّي لك ,فأحجب عنك به فأقع في الوهم وسوء المنقلب واساءة الأدب , الهي افن ذاتي وغيّبني بالفناء عن عوالم صفاتي وأمحق الكلّ منيّ وأدخلني من غير دخول في غياهب بطون ذاتك ولا تجعلني يارب ظاهرا ولا باطنا ولا أولا ولا آخرا بل لا تجعلني غيرا ولا عينا ولا عالما ولا جاهلا ولا وجودا ولا عدما ,فمن أنا وأنت الأنا ,انت الأنا من حيث قولك انني أنا الله , ومن أنا من حيث قولك "لم تك شيئا " فنفيت عني الشيء لأنّه ليس كمثلك شيء وأنت الموجود الذي ليس معه شيء ليكون كمثله , وانت كنت من غير كنت أمّا العبد فكان بكن من غير مكانة ولا كيان لأنّه لم يك شيئا فكان بعد أن لم يكن شيئا ورجع من حيث أتى بلا رجوع لأنّه ليس له قدوم والى أين سيقدم وعلى من سبحان الله عمّا يشركون .
فحار العبد ومبلغه من العلم الحيرة والحيرة ليست بعلم ولا جهل وليست بنور ولا ظلمة وليست بعدم ولا وجود فأين المعرفة التي يدّعيها وكان الانسان ظلوما جهولا
هذه فيافي الأحبّة وهذا علمهم أو قل هذا جهلهم فلا فرق عندهم فلو قلت هذا علمهم فمن حيث وجودك وهذا عندهم لا عبرة به وان قلت هذا جهلهم فلا فرق عندهم لأنّه وصفهم من حيث وجوده فان قلت بأنّهم جاهلين :ان كان من حيث علمك بهم فهذا عين جهلك وان قلت بأنهم عالمين من حيث علمك به فهذا من أعظم جهلك الثاني وان قلت بأنّهم عالمين من حيث علمك فقد دخلت في الشرك به وان قلت بأنهم جاهلين من حيث علمك به فهو عين جهلك الثالث لأنّك أثبتّ العلم به لنفسك ونفيته عنهم وكان الأولى أن تنفي علمك به عن نفسك لتحقّق جهلك فهناك يقول لك " انّما يخشى الله من عباده العلماء " فينسب العلم اليك وينتظر ردّك حين اختبارك به لأنّك في حضرة علمه وانت بجهلك .
والسلام
وبعد الصلاة في محراب القدس " وانّك لعلى خلق عظيم " والسلام عليه في عالم البقاء وعلى آله في حضرته وصحبه حرّاسها
ضرب دفّ القرب على أنغام خمرة الجذب حيث موسيقى الجمال وتيه الكمال , أين الأحبّة في تلك الفيافي ,أين أولائك الفتية في هذا الهزيج الصافي , أين أحبابي ومحل العين من أطرافي ,أين رسمي واسمي وأين ذاتي وصفاتي , تنعّم أيها الحبيب الصافي على أطلالنا وشاهد جمالنا ,فلا لوم عليك "لا ظلم اليوم" هناك هناك غنّى بلبل قلبي نشيد الحبّ بأحلى أشعاري , ونسكي وأذكاري , هناك هناك يبث الحبيب لوعته في حي الصبابة ويتمايل طربا وعشقا وفناءا "رفقا رفقا بقلبي " وروحي يا سيّدي , هذا ,دعني أشكو بثي وحزني اليك منك بك , اني لست فرحا بحبي لك لأنّه مني بك صدر , بل فرحي بك لوجودك وفقدي , الهي قد كلّت عباراتي , وانهمر جيش عبراتي ,مدافعا عن لوعاتي واحتراقاتي , فدافع عنّي بحبّك ولا تعذبني بحبّي لك ,فأحجب عنك به فأقع في الوهم وسوء المنقلب واساءة الأدب , الهي افن ذاتي وغيّبني بالفناء عن عوالم صفاتي وأمحق الكلّ منيّ وأدخلني من غير دخول في غياهب بطون ذاتك ولا تجعلني يارب ظاهرا ولا باطنا ولا أولا ولا آخرا بل لا تجعلني غيرا ولا عينا ولا عالما ولا جاهلا ولا وجودا ولا عدما ,فمن أنا وأنت الأنا ,انت الأنا من حيث قولك انني أنا الله , ومن أنا من حيث قولك "لم تك شيئا " فنفيت عني الشيء لأنّه ليس كمثلك شيء وأنت الموجود الذي ليس معه شيء ليكون كمثله , وانت كنت من غير كنت أمّا العبد فكان بكن من غير مكانة ولا كيان لأنّه لم يك شيئا فكان بعد أن لم يكن شيئا ورجع من حيث أتى بلا رجوع لأنّه ليس له قدوم والى أين سيقدم وعلى من سبحان الله عمّا يشركون .
فحار العبد ومبلغه من العلم الحيرة والحيرة ليست بعلم ولا جهل وليست بنور ولا ظلمة وليست بعدم ولا وجود فأين المعرفة التي يدّعيها وكان الانسان ظلوما جهولا
هذه فيافي الأحبّة وهذا علمهم أو قل هذا جهلهم فلا فرق عندهم فلو قلت هذا علمهم فمن حيث وجودك وهذا عندهم لا عبرة به وان قلت هذا جهلهم فلا فرق عندهم لأنّه وصفهم من حيث وجوده فان قلت بأنّهم جاهلين :ان كان من حيث علمك بهم فهذا عين جهلك وان قلت بأنهم عالمين من حيث علمك به فهذا من أعظم جهلك الثاني وان قلت بأنّهم عالمين من حيث علمك فقد دخلت في الشرك به وان قلت بأنهم جاهلين من حيث علمك به فهو عين جهلك الثالث لأنّك أثبتّ العلم به لنفسك ونفيته عنهم وكان الأولى أن تنفي علمك به عن نفسك لتحقّق جهلك فهناك يقول لك " انّما يخشى الله من عباده العلماء " فينسب العلم اليك وينتظر ردّك حين اختبارك به لأنّك في حضرة علمه وانت بجهلك .
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله الجوّاد الكريم
والصلاة والسلام على من كان بنا رؤوفا رحيما وعلى آله الأطهار وصحابته الابرار
هذه فيافي ليلى أيها المدلّل عندنا ورياض زينب وسلمى وحيّ مي وميّة , هذه ترانيم القلوب والأرواح وتقاطيع الخلود بناي الوجود والأفراح , هذه بلادنا التي ما عرفنا سواها , ولا يشعر بنفسه من ارتقى مرقاها , أطربني أيّها البلبل الأزرق وحدثني هناك على تلك الأطلال أطلال الأحبّة بحديث الحبّ ونغمة الصبّ , والخمّار يدور على الحضور , بكأس النجاة وماء الحياة ,حياة بلا موت, وشرب بلا فوت ,هناك هناك أخذوا فؤادي , وراح مرادي , ونادى المنادي : أيتها الأرواح حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح ,هناك هرب الصبّ من حرّ الشوق الى نار العشق فزاد هروبا وبكى طروبا وناح وصاح وذهب وراح ونادى بأعلى صوته يسمع نفسه : يا أيّها الملاح في دار الفلاح, منكم أستلهم واردات الالهام, ومنكم أستسقي من الخمر المدام, في رحاب السلام ,دعني حبيبي فقد قال الحبيب السيّد العجيب : لي وقت لا يسعني فيه الا ربي " فأنظر الى وسعه فلم يسعه شيء في الوجود فأخبر عن محبّته بأجلى عبارة في نقاب الاشارة فالمحبّة لا يسعها الا الله " فاذا أحببته كنته " فأخبر عن كينونيته في محبّته رغم أنّه لا يكون ولا يمكن أن يكون لا قبل الكون ولا بعده , فالتقى حبيبه في هذا المنزل بلا منزل لأنّه ينزل بلا نزول ويحبّ بلا ميول , هذا المقعد الصدق عنده المراد , ومهما بكى الحبيب من الشوق وأحكامه والعشق وضرامه والحبّ وهيامه , فهيهات أن يحيط بحبّ الله له سبحانه , أن الله يحبّ المحسنين , في احسانهم والا فلا , فالذوق هو الشرب والشرب هو السكر والسكر هو الصحو والصحو هو الجمال والجمال هو الكمال والكمال هو العلم " فاعلم أنه لا اله الا الله فمتى علمت هذا قال لك , ثمّ استغفر لذنبك , وما ذنبك الا هذا العلم به , ولذاك أشار الى نفسه وقرنه بالاستغفار ولذا قال له " ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر " ما تقدّم من ذنبك في وجودك في علمي السابق قبل أن أخرجك على صورتك فيه وما تأخر من ذنبك في بقائك على صورتك بي لذا قال له قبل ذلك " انّا فتحنا لك فتحا مبينا " فحدود العارفين يقف في قوله " انا فتحنا لك فتحا " اي مفعول مطلق ,حضرة الاطلاق , أما حبيبه فزاده كلمة " مبينا " لكي لا يلحقه لاحق ولا سابق لذا غفر له ما تقدم وما تأخّر من وجوده اشارة الى مقامه فهوالذي فتح وهو الذي غفر وهو الذي أتم له النعمة فهو الانسان الكامل " ولسوف يعطيك ربّك فترضى ,أمّا الآخرين فقال لهم " رضي الله عنهم ورضوا عنه" فتمّ الأمرلهم وما بقي لهم كلام "خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " فلن تتجاوز هذا المقام أمّا الحبيب فقال له : وقل رب زدني علما " " سل تعطى " في الحقيقتين : القدسية والمحمدية
والسلام
والصلاة والسلام على من كان بنا رؤوفا رحيما وعلى آله الأطهار وصحابته الابرار
هذه فيافي ليلى أيها المدلّل عندنا ورياض زينب وسلمى وحيّ مي وميّة , هذه ترانيم القلوب والأرواح وتقاطيع الخلود بناي الوجود والأفراح , هذه بلادنا التي ما عرفنا سواها , ولا يشعر بنفسه من ارتقى مرقاها , أطربني أيّها البلبل الأزرق وحدثني هناك على تلك الأطلال أطلال الأحبّة بحديث الحبّ ونغمة الصبّ , والخمّار يدور على الحضور , بكأس النجاة وماء الحياة ,حياة بلا موت, وشرب بلا فوت ,هناك هناك أخذوا فؤادي , وراح مرادي , ونادى المنادي : أيتها الأرواح حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح ,هناك هرب الصبّ من حرّ الشوق الى نار العشق فزاد هروبا وبكى طروبا وناح وصاح وذهب وراح ونادى بأعلى صوته يسمع نفسه : يا أيّها الملاح في دار الفلاح, منكم أستلهم واردات الالهام, ومنكم أستسقي من الخمر المدام, في رحاب السلام ,دعني حبيبي فقد قال الحبيب السيّد العجيب : لي وقت لا يسعني فيه الا ربي " فأنظر الى وسعه فلم يسعه شيء في الوجود فأخبر عن محبّته بأجلى عبارة في نقاب الاشارة فالمحبّة لا يسعها الا الله " فاذا أحببته كنته " فأخبر عن كينونيته في محبّته رغم أنّه لا يكون ولا يمكن أن يكون لا قبل الكون ولا بعده , فالتقى حبيبه في هذا المنزل بلا منزل لأنّه ينزل بلا نزول ويحبّ بلا ميول , هذا المقعد الصدق عنده المراد , ومهما بكى الحبيب من الشوق وأحكامه والعشق وضرامه والحبّ وهيامه , فهيهات أن يحيط بحبّ الله له سبحانه , أن الله يحبّ المحسنين , في احسانهم والا فلا , فالذوق هو الشرب والشرب هو السكر والسكر هو الصحو والصحو هو الجمال والجمال هو الكمال والكمال هو العلم " فاعلم أنه لا اله الا الله فمتى علمت هذا قال لك , ثمّ استغفر لذنبك , وما ذنبك الا هذا العلم به , ولذاك أشار الى نفسه وقرنه بالاستغفار ولذا قال له " ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر " ما تقدّم من ذنبك في وجودك في علمي السابق قبل أن أخرجك على صورتك فيه وما تأخر من ذنبك في بقائك على صورتك بي لذا قال له قبل ذلك " انّا فتحنا لك فتحا مبينا " فحدود العارفين يقف في قوله " انا فتحنا لك فتحا " اي مفعول مطلق ,حضرة الاطلاق , أما حبيبه فزاده كلمة " مبينا " لكي لا يلحقه لاحق ولا سابق لذا غفر له ما تقدم وما تأخّر من وجوده اشارة الى مقامه فهوالذي فتح وهو الذي غفر وهو الذي أتم له النعمة فهو الانسان الكامل " ولسوف يعطيك ربّك فترضى ,أمّا الآخرين فقال لهم " رضي الله عنهم ورضوا عنه" فتمّ الأمرلهم وما بقي لهم كلام "خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين " فلن تتجاوز هذا المقام أمّا الحبيب فقال له : وقل رب زدني علما " " سل تعطى " في الحقيقتين : القدسية والمحمدية
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله الطاهرين وأصحابه الأخيار.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد.
فقد أمتعتنا بل أسكرتنا وأطربتنا فأرقصتنا بالذوق العالي وحسن البيان وسلاسة العبارة وتلألؤ الإشارة هذا ما انتظرناه منكم ،زادكم الله من نور الفهم وأوصد دونكم موارد الوهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد.
فقد أمتعتنا بل أسكرتنا وأطربتنا فأرقصتنا بالذوق العالي وحسن البيان وسلاسة العبارة وتلألؤ الإشارة هذا ما انتظرناه منكم ،زادكم الله من نور الفهم وأوصد دونكم موارد الوهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلطان- عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008
رد: خواطر
الحمد لله الستّار الغفار
والصلاة والسلام على من لا نبيّ قبله ولا نبيّ بعده وآله وصحبه
وبعد :
القرآن في ظاهره ترهيب وترغيب وقصص وعلم وفقه توحيد وفي باطنه قرب وجذب وسماع وفناء وبقاء وقبض وبسط وهيبة وأنس وجمال وجلال .
فظاهره أسماء وباطنه صفات أي ظاهره جلال وباطنه جمال ومجموعهما هو العلم بالذات وهو مقام المعرفة في مراتب العبودية من بدايتها الى نهايتها بالنسبة للسالكين ومن نهايتها الى بدايتها بالنسبة للمجذوبين فكلّ شيء له ضدّ " وخلق من كلّ زوجين اثنين " أي محل الانفعالات اذ لا بد من ذلك الا الله تعالى فهو لا ضدّ له ولا ندّ لأنه ليس كمثله شيء فأخرج الأشياء عن المشابهة لمثاله فكيف تكون بالنسبة للمقابلة الحقيقية فمصيرها الى العدم المحض اذ لا وجود لها من نفسها " وتجلى ربه للجبل وخرّ موسى صعقا " فأبتلي الجبل بسؤال موسى عليه السلام فلو لا موسى لما دكّ الجبل ولو لا الجبل لما صعق موسى عليه السلام , فكانت الجبال التي وقف عليها موسى من جنسه لذا تحمّل جبل الطور الكلام النازل على موسى كما تحمّل موسى الكلام ولم يثبت موسى عند عدم ثبات الجبل لذا قال له " فأنظر الى الجبل فان استقرّ مكانه فسوف تراني " ولم يقل له " فسوف تنظر اليّ كما هو طلبك , أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال " أحد جبل يحبنا ونحبه " فأثبت له محبته الشريفة مقابلة لمحبة الجبل ولذا قال له " أثبت أحد " لمّا رجّ بهم رجّة فأمره بالثبات فأمتثل الجبل الأمر لأن المحب للحبيب مطاوع لذا كان أحدا أثبت من كلّ الجبال رغم أنه أرتقى اليه الحبيب الأعظم بجماله وجلاله وانما قال له " اثبت بعد أن أمدّه بالمدد كأنّ الجبل سالك في الأرادة يسمع العبارة ويفهم الاشارة , وقد استوت سفينة نوح على جبل الجودي بعد أن أراد أبن نوح عليه السلام الاعتصام فوق الجبل فما أغرب قصّة الجبال كأهل الكهف الذين دخلوا الى كهفهم والكهف لا يكون الا بالجبل وكذلك نزول الوحي في حراء والهجرة في غار الجبل والجبال أخبرنا الله عنها أنه تسير وتمرّ مرّ السحاب اشارة الى السحاب وانما مثل الجبل بالسحاب أي في حقيقتها الجامدة أنها لا تثبت أمام الشمس مثل عدم ثبات السحاب وأن السحاب فيه من الخير ما هو معلوم من الغيث والامطار والمنافع والمضار وكذلك منافع الجبال ومضارها واشارة الى تكوين السحاب من أعلى الجبال وقد استدلوا على دوران الأرض بهذا وهذا ليس بذوق بل هو علم فكري أسمائي من عالم الحس وهذا ليس الأصل بل الأصل الاستدلال بالمعنى على الحسّ , والجبال كناية عن مقامات الرجال وأن الجبال هي التي تخزّن البخار كناية عن ثمرات الأسرار والعلوم والمعارف والبخار من البحر الذي غلب على الارض فكان جلّها الا قليلا كناية عن الحقيقة بالمقارنة مع الأرض التي هي الشريعة والشمس التي أنفعل لها البحر بالبخار كناية عن الحضرة والعناية والاصطفاء وانما كان الجبل أعلى من البحر في الظاهر والبحر أعمق من الباطن كناية عن خروج الجبال من الباطن الى الظاهر لذا " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ " ثمّ لما خرج هذا الظاهر تمّت عملية الرجوع بعد البخار ونزول الأمطار الى الأصل ولذا نعت النبي صلى الله عليه وسلم ماء البحر بأنّه " هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته " وسيسجّر هذا البحر يوم القيامة لغلبة شمس الحقيقة عليه فتحرقه كما أحرق كل شيء أدركه بصره فالعالم الظاهري هو المعبّر عنه بالطين والباطني بالروح ولا قيام للطين الا بالروح والروح من أمر الله وليست هي منه لكي لا يقع حلول ولا اتحاد بل قال " من أمر ربي " اي الروح من أمره ولذا قال عن ليلة القدر " تنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر " فذكر عالم الأمر لأنه خاص بالأرواح وليس بالأجساد " فما ذكر الا أجساد الملائكة وذلك بوصفهم بالاسم الذي يدل على المسمّى وحيثما وقعت الدلالة وقع تكييف الأجساد مهما كانت لطيفة أو كثيفة لأن الاسم العلم متى أطلق يراد به جنسا محددا ومتى ما حدد هذا الجنس تكيّف في مسمّاه ومن هنا تعددت أسماء الله تعالى فهي لا تطلب الا أجناسها مع مراعاة الفارق في القياس والكون من كل وجه لا يدل الا على الله أو تقول الكون من كل وجه يعطيك قوله تعالى " فأينما تولوا فثمّ وجه الله "
أما ليلة القدر التي عظم شأنها وقلّ ادراكها على من لم يدركها فهي رمز الى تجلّي الجمال الالهي في الأكوان وهو تجلّي الحقيقة المحمدية في الملكوت الأعلى بجمالها وكمالها في أحسن صورة وفيها تمّ نزول الوحي أي خروج الذات في حلية الصفات تحت حكم الأسماء في مقام الحسّ لذاك تمّ نزول القرآن فيها جملة واحدة على قلب النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم فكان نزول صفات القرأن أي معانيه على قلبه ومن تلك المعاني خرجت من بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم سور القرآن , والشفتين كناية عن الجمال والجلال ومن بينهما أي من حضرة الذات أي الكمال بلسان الحال فكان اللسان كناية عن الحال فلو سكت اللسان وخمد صوته تمّ النطق من الحلق لأنه الأصل فلم يخرج الا حرف الألف وحرف الهاء أو الواو ومخارج الحروف معلومة في علم القراآت والتجويد وهي تدلّ على حقائق القرآن من نزوله على قلب الانسان وخروجه بلفظ اللسان على مسامع الأكوان فكان السماع المرجع الى حقيقة الكلام وكنهه .
, ولذا قال " فأستمعوا له وأنصتوا " فذكر السماع والانصات ولذا قلّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بداية رسالته منع الصحابة من تدوين أحاديثه لأن الله تعالى تكلم على لسانه بقرآنه .فافهم.
قال تعالى " انا أنزلناه في ليلة القدر "
فلو لا نزوله لما أحسنت ليلة القدر قبول هذا النزول فقد قبلت القرآن من حيث نزوله وليس القرآن من حيث عدم نزوله فكان النزول في ليلة القدر لأنه محال أن ينزل في غيرها من الليالي لأنها الليلة الوحيدة المقابلة لذلك اليوم الوحيد المقول فيه " ويوم عند ربّك كألف سنة ممّا تعدّون " وليلة القدر لا نسبة بينها وبين الليالي الأخرى فليس في القرآن مقارنة أصلا بينها وبين غيرها من الليالي ولذا لما ذكر فضلها لم يقل " خير من ليلة ألف شهر " فلم يعن بذكر الليلة ذكر تميّزها عن الليالي الأخرى فجنس هذه الليلة وحقيقتها ليس لها قياس مع الليالي الأخرى بمعنى أنه قال تعالى " خير من ألف شهر " ومعروف أن الشهر يحتوي على أيّام وليالي والحكم لليوم وليس لليل فالخيرية وقعت على اليوم وليس على الليلة لأن الليلة تابعة لليوم " وما الليل بسابق النهار " فالمراد بأن ليلة القدر المرموز لها بقلب الحضرة المحمدية هي في الشاهد خير من أيام العارفين بأجمعهم في ألف يوم من أيامهم أي في معرفتهم وأرواحهم وأسرارهم بالمقارنة مع هذه الليلة التي أنزل فيها القرآن ونزل على قلب الحبيب , فلم يرد بذكرها تفضيلها على الليالي الأخرى بل لا وجود لليالي اخرى اذ أنها منها خرجت ليالي العارفين وغيرهم أي حقائقهم لذا قال عنها " فيها يفرق كل ّ أمر حكيم " فذكر الأمر من عالم الأمر لذا نعته بالحكمة ثمّ أنه ذكر الفرق أي عالم الفرق بعد أن كان جمعا في الحقيقة الالهية ففرّقته الحضرة في الحقيقة المحمدية ومن هنا كانت الخلافة المحمدية وذلك بتفريقه في عالم الأسماء فكان نائبا عن الحضرة في الخروج في مظهر الأسماء وهذا الخروج لم يخرج به غير الانسان لذا أشار الى ذلك في مستهلّ الخلقة " وعلّم آدم الأسماء كلها " فأخبر عن الأمر من بدايته ولذا عارض ابليس هذا فمسخ الى الشيطنة باللعن وهو الخروج من الحضرة أي حضرة الجمال الى حضرة الجلال وهذا هو المسخ فكان ابليس موجود معنا في عالم الأسماء لكنّه غير محسوس ولا ملموس لأنه غير قابل للخروج في مظاهر الأسماء من هذه الناحية .
فكانت ليلة القدر عبارة عن تجلي الله تعالى بصفاته المختلفة المنبثقة من عين الذات في الحقيقة المحمدية ومن ثمّ تولت الحقيقة المحمدية ابلاغ هذا القرآن للناس والتوضيح كالآتي : وهو أن القرآن كلام الله تعالى قديم ليس بمخلوق وعلى هذا كان سابقا لجميع الخليقة بما فيها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم واذا قرأنا القرآن الآن والسيرة النبوية نلاحظ ا، النبي الأكرم عندكا قال دثروني قال تعالى " يا أيها المدثر " وعندما قال " زمّلوني " قال الله تعالى " يا أيها المزمّل " فنلاحظ أن القرآن يخرج في سوره بحسب حالة النبي الأكرم فكيف يكون هذا والقرآن سابق في سوره لأحوال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم أيكون السابق موافقا للاحق , فهنا نفهم ما معنى تنجيم القرآن وأنه نزل في أكثر من عشرين سنة وما فيه من الحوادث وأنه ينزل بحسب الأسئلة والأحداث والمستجدات رغم أنه كلام قديم غير مخلوق وسابق لكل كلام وعلى هذا قلنا أن القرآن نزل صفاتا على قلب النبي أي معاني وبعدها بحسب حالة النبي التي في قلبه يخرج القرآن من بين شفتيه فيتلقاه أولا في حضرته المحمدية ومن ثمّ يخرجه في الحقيقة الأسمائية من حيث ان الله هو المتكلّم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلّم فكانت الأشكال هي الحاجبة عن معرفة حقيقة نزول القرآن فالقرآن نزل من الله تعالى على رسول الله به سبحانه وقد يتبادر الى الأذهان القاصرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم عبّر عن القرآن بألفاظه وذلك لكونهم لم يتمعّنوا في قوله تعالى " اقرأ بأسم ربك " فأمره بالقراءة بالاسم الجامع أما عند الأحاديث النبوية فهو لا يتكلم من حضرة الاسم الجامع بل يتكلم من حقيقته الشريفة المفصلة لمعاني القرآن .
لذا كان نزول القرآن في ليلة القدر على قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانّما كانت ليلة القدر بالتحديد لأن الليل عبارة عن السكون والخمود أو هو كناية في الشاهد عن الفناء من حيث نزول القرآن من الواحد الذي ليس ثمّ سواه أو هو عبارة عن نزوله في صفة الجمال وهو الليل لما فيه من الراحة والنوم ومعافسة الملذات فلو نزل في النهار لما أحسن أحد سماعه ولا فهمه لأن النهار كناية عن الجلال لأن آية النهار ثابتة واضحة وهي رمز الى الحضرة القدسية فكان نزوله في ليلة الحقيقة المحمدية التي هي غير مستقلّة بذاتها وفي هذا اشارة على أنها تابعة للنهار فليس لها حكم في التعداد من نفسها بل حكم التعداد غالب على اليوم لأنه له فافهم .
لذا قال في النهار " ويوم عند ربّك كألف سنة مما تعدون " فذكر العدد لأن العدّ للنّهار والليلة من جملته وأحكامه .
وقال تعالى " ليلة القدر خير من ألف شهر "
ولم يقل " كألف شهر مما تعدّون " لأنها ليست لها أحكام العدّ فكان الأمر واضحا من قوله تعالى " خير من الف شهر " من حيث أنها لم يراد بها القياس على الزمن من حيث ذكره الشهور ليالي وأياما ومن حيث أنها ليلة واحد وهذه الليلة الواحدة لا تقابل الا يوم واحدا وهو المرموز له بيوم الربّ ولا يقابله الا ليلة العبد ولذا عبر عن هذا بولوج الليل في النهار حالة ظهور أحكام النهار وهو الفناء ويولج النهار في الليل من حيث عالم الأسماء في عالم البقاء والليل يستمدّ نوره دائما من الشمس في مظهر القمر أي أن الأسماء تستمدّ نورها من الصفات وهي المعبّر عنها بالقمر والصفات تستمد نورها من الذات وهي شمس المعرفة .
لذا كانت ليلة القدر محلّ نزول القرآن , وعندما يذكر الكتاب الكريم نزول القرآن في ليلة القدر يذكره بصيغة الضمير الغائب أي الغائب عن الظهور في مقام الأسماء لأنه في مقام الصفات فعلى هذا كان نزوله في تلك الليلة له أجر عظيم بنزوله أي في ذلك المقام وليس في مقام ليلة القدر مستقلّة بذاتها بل لنزول القرآن فيها أي بعبارة أوضح أنما شرّفت الذات المحمدية بما نالها من الكمالات الالهية فالمدح لصاحب الفضل لذا كانت ليلة مباركة بنزول القرآن فالقرآن لا يدل الا على الله تعالى ولا يدل على سواه .
ثمّ قال " وما أدراك ما ليلة القدر "
فذكر الادراك وهو البصيرة والاحاطة الشاملة وهذا هو المقام المحمدي المحيط الشامل ولا يكون لغيره , أي وما أدراك ما ليلة القدر بعد أن نزل القرآن فيها وفيها يفرق كلّ أمر حكيم باخراجه من البطون الى حضرة الظهور ولذا فقد عبّر عنه النبي بالربيع فقال " اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي " وقلبه الذي نزل عليه القرآن طلب أن يكون كلّه جمالا عليه وعلى غيره من أهل حقيقته مخافة أن يكون عليه جلالا فيضل به طريق العروج الى الذات من عالم الأسماء والصفات كما قال تعالى " يهدي به كثيرا ويضل به كثيرا " وهو نفس الكلام والضلال المقصود أي الخروج بالقرآن الى حضرة النفس مثل التصريف به وجلب السحر به والسيطرة به وهذا استعباد للعباد وطلب التكبر في الارض والاستعلاء وهو طريق الضلالة والخروج من حضرة الذات الى حضرة النفس التي كلّها حسّ وأغيار ولذا قال تعالى " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات " أي من حقيقة التنزيل الذي هو عالم الأنوار في ليلة القدر من الحقيقة المحمدية الى ظلمات الأسماء والفرق وهو عالم الباطل والوهم الذي لا وجود له .
قال تعالى " وما أدراك ما ليلة القدر "
أي وما كنت يا محمد لتعلم قدرك وحقيقتك لو لا نزول قرآني عليك وسريان نوره فيك فكل من سرى فيه نوري كان عظيما وانت أولهم وما تعظيمي لليلة القدر الا لأجل رفعة قدرك بالقرآن فيها فكانت ليلتك حيث أقمتك في خلافتي ونيابتي في عالم الأسماء بي , أما ليلة القدر فقد أحسنت استقبال نزول القرآن من حيث أنها قابلة لا من حيث انها متصرفة فيه فكانت تحت حكم المتصرف في القرآن نيابة وهو محمد صلى الله عليه وسلم في عالم الأسماء وفق العلم الالهي السابق التي تم تعليمه لآدم الانسان فكانت ليلة القدر مباركة بالقرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فلولاه لما حازت البركة أو أقول لولا حقيقته الأحمدية وهي مرتبة مطلق العبودية لما كان هناك حقيقة محمدية ولا ليلة القدر فافهم
قال تعالى " ليلة القدر خير من الف شهر "
فذكر الخيرية أي بركتها وليس زمانها ولا طولها ولا عرضها وبركتها أي السرّ الالهي الساري فيها بمحمد صلى الله عليه وسلم اذ ان الزمان والمكان مخلوقان من نوره صلى الله عليه وسلم وهذا مذهب العارفين والمرموز بألف شهر هو لمعرفة الفارق بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبين أقطاب أمّته أصحاب الأسرار العظام وفي الحديث " ثمّ وزناه فرجح بألف من أمته الخيرية "أي ليلة القدر تلك المعبرعنها بالحقيقة المحمدية ولست أعني بالحقيقة المحمدية الكاملة وانما في مقامها فحسب هي بألف ضعف من حقائق أصحاب الدوائر الكبار من أكابر أقطاب الأمة المحمدية وانما ذكر الخيرية في الآية لأن هذا من نسبتها " كنتم خير أمة أخرجت للنّاس" أي على الاطلاق فكان ذكر جنس الخيرية لأنه أعلى مراتب الفضل والأجر لأنه من مقتضيات الصفات وهي من لوازم الحقيقة المحمدية ومعانيها .
وانما عبّر بالشهر لأن الشهور بها تعرف السنة وهي الدورة كاملة كناية عن الحقيقة الكاملة , وذكره الألف هذا للتعداد ولكن نحسن أن نقول أنه كناية عن حرف الألف بالنسبة لكل مقام عارف من حيث معرفته , فالحضرة عندما ذكرت اليوم اختصت به وعندما ذكرت الليلة خصّصتها للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم . لذا قال عليه السلام " اني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني " هذا في زمن الصوم عن سواه وهذا مقام الفناء التام أما في غير الصيام فالأكل والشرب لا يكون الا في النهار والليل للنوم .
وسنزيد في ليلة القدر أي ذوق ما يتيسّر من الآيات بأدب القلب لا العقل .
والسلام
والصلاة والسلام على من لا نبيّ قبله ولا نبيّ بعده وآله وصحبه
وبعد :
القرآن في ظاهره ترهيب وترغيب وقصص وعلم وفقه توحيد وفي باطنه قرب وجذب وسماع وفناء وبقاء وقبض وبسط وهيبة وأنس وجمال وجلال .
فظاهره أسماء وباطنه صفات أي ظاهره جلال وباطنه جمال ومجموعهما هو العلم بالذات وهو مقام المعرفة في مراتب العبودية من بدايتها الى نهايتها بالنسبة للسالكين ومن نهايتها الى بدايتها بالنسبة للمجذوبين فكلّ شيء له ضدّ " وخلق من كلّ زوجين اثنين " أي محل الانفعالات اذ لا بد من ذلك الا الله تعالى فهو لا ضدّ له ولا ندّ لأنه ليس كمثله شيء فأخرج الأشياء عن المشابهة لمثاله فكيف تكون بالنسبة للمقابلة الحقيقية فمصيرها الى العدم المحض اذ لا وجود لها من نفسها " وتجلى ربه للجبل وخرّ موسى صعقا " فأبتلي الجبل بسؤال موسى عليه السلام فلو لا موسى لما دكّ الجبل ولو لا الجبل لما صعق موسى عليه السلام , فكانت الجبال التي وقف عليها موسى من جنسه لذا تحمّل جبل الطور الكلام النازل على موسى كما تحمّل موسى الكلام ولم يثبت موسى عند عدم ثبات الجبل لذا قال له " فأنظر الى الجبل فان استقرّ مكانه فسوف تراني " ولم يقل له " فسوف تنظر اليّ كما هو طلبك , أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال " أحد جبل يحبنا ونحبه " فأثبت له محبته الشريفة مقابلة لمحبة الجبل ولذا قال له " أثبت أحد " لمّا رجّ بهم رجّة فأمره بالثبات فأمتثل الجبل الأمر لأن المحب للحبيب مطاوع لذا كان أحدا أثبت من كلّ الجبال رغم أنه أرتقى اليه الحبيب الأعظم بجماله وجلاله وانما قال له " اثبت بعد أن أمدّه بالمدد كأنّ الجبل سالك في الأرادة يسمع العبارة ويفهم الاشارة , وقد استوت سفينة نوح على جبل الجودي بعد أن أراد أبن نوح عليه السلام الاعتصام فوق الجبل فما أغرب قصّة الجبال كأهل الكهف الذين دخلوا الى كهفهم والكهف لا يكون الا بالجبل وكذلك نزول الوحي في حراء والهجرة في غار الجبل والجبال أخبرنا الله عنها أنه تسير وتمرّ مرّ السحاب اشارة الى السحاب وانما مثل الجبل بالسحاب أي في حقيقتها الجامدة أنها لا تثبت أمام الشمس مثل عدم ثبات السحاب وأن السحاب فيه من الخير ما هو معلوم من الغيث والامطار والمنافع والمضار وكذلك منافع الجبال ومضارها واشارة الى تكوين السحاب من أعلى الجبال وقد استدلوا على دوران الأرض بهذا وهذا ليس بذوق بل هو علم فكري أسمائي من عالم الحس وهذا ليس الأصل بل الأصل الاستدلال بالمعنى على الحسّ , والجبال كناية عن مقامات الرجال وأن الجبال هي التي تخزّن البخار كناية عن ثمرات الأسرار والعلوم والمعارف والبخار من البحر الذي غلب على الارض فكان جلّها الا قليلا كناية عن الحقيقة بالمقارنة مع الأرض التي هي الشريعة والشمس التي أنفعل لها البحر بالبخار كناية عن الحضرة والعناية والاصطفاء وانما كان الجبل أعلى من البحر في الظاهر والبحر أعمق من الباطن كناية عن خروج الجبال من الباطن الى الظاهر لذا " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ " ثمّ لما خرج هذا الظاهر تمّت عملية الرجوع بعد البخار ونزول الأمطار الى الأصل ولذا نعت النبي صلى الله عليه وسلم ماء البحر بأنّه " هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته " وسيسجّر هذا البحر يوم القيامة لغلبة شمس الحقيقة عليه فتحرقه كما أحرق كل شيء أدركه بصره فالعالم الظاهري هو المعبّر عنه بالطين والباطني بالروح ولا قيام للطين الا بالروح والروح من أمر الله وليست هي منه لكي لا يقع حلول ولا اتحاد بل قال " من أمر ربي " اي الروح من أمره ولذا قال عن ليلة القدر " تنزل الملائكة والروح فيها من كل أمر " فذكر عالم الأمر لأنه خاص بالأرواح وليس بالأجساد " فما ذكر الا أجساد الملائكة وذلك بوصفهم بالاسم الذي يدل على المسمّى وحيثما وقعت الدلالة وقع تكييف الأجساد مهما كانت لطيفة أو كثيفة لأن الاسم العلم متى أطلق يراد به جنسا محددا ومتى ما حدد هذا الجنس تكيّف في مسمّاه ومن هنا تعددت أسماء الله تعالى فهي لا تطلب الا أجناسها مع مراعاة الفارق في القياس والكون من كل وجه لا يدل الا على الله أو تقول الكون من كل وجه يعطيك قوله تعالى " فأينما تولوا فثمّ وجه الله "
أما ليلة القدر التي عظم شأنها وقلّ ادراكها على من لم يدركها فهي رمز الى تجلّي الجمال الالهي في الأكوان وهو تجلّي الحقيقة المحمدية في الملكوت الأعلى بجمالها وكمالها في أحسن صورة وفيها تمّ نزول الوحي أي خروج الذات في حلية الصفات تحت حكم الأسماء في مقام الحسّ لذاك تمّ نزول القرآن فيها جملة واحدة على قلب النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم فكان نزول صفات القرأن أي معانيه على قلبه ومن تلك المعاني خرجت من بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم سور القرآن , والشفتين كناية عن الجمال والجلال ومن بينهما أي من حضرة الذات أي الكمال بلسان الحال فكان اللسان كناية عن الحال فلو سكت اللسان وخمد صوته تمّ النطق من الحلق لأنه الأصل فلم يخرج الا حرف الألف وحرف الهاء أو الواو ومخارج الحروف معلومة في علم القراآت والتجويد وهي تدلّ على حقائق القرآن من نزوله على قلب الانسان وخروجه بلفظ اللسان على مسامع الأكوان فكان السماع المرجع الى حقيقة الكلام وكنهه .
, ولذا قال " فأستمعوا له وأنصتوا " فذكر السماع والانصات ولذا قلّ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بداية رسالته منع الصحابة من تدوين أحاديثه لأن الله تعالى تكلم على لسانه بقرآنه .فافهم.
قال تعالى " انا أنزلناه في ليلة القدر "
فلو لا نزوله لما أحسنت ليلة القدر قبول هذا النزول فقد قبلت القرآن من حيث نزوله وليس القرآن من حيث عدم نزوله فكان النزول في ليلة القدر لأنه محال أن ينزل في غيرها من الليالي لأنها الليلة الوحيدة المقابلة لذلك اليوم الوحيد المقول فيه " ويوم عند ربّك كألف سنة ممّا تعدّون " وليلة القدر لا نسبة بينها وبين الليالي الأخرى فليس في القرآن مقارنة أصلا بينها وبين غيرها من الليالي ولذا لما ذكر فضلها لم يقل " خير من ليلة ألف شهر " فلم يعن بذكر الليلة ذكر تميّزها عن الليالي الأخرى فجنس هذه الليلة وحقيقتها ليس لها قياس مع الليالي الأخرى بمعنى أنه قال تعالى " خير من ألف شهر " ومعروف أن الشهر يحتوي على أيّام وليالي والحكم لليوم وليس لليل فالخيرية وقعت على اليوم وليس على الليلة لأن الليلة تابعة لليوم " وما الليل بسابق النهار " فالمراد بأن ليلة القدر المرموز لها بقلب الحضرة المحمدية هي في الشاهد خير من أيام العارفين بأجمعهم في ألف يوم من أيامهم أي في معرفتهم وأرواحهم وأسرارهم بالمقارنة مع هذه الليلة التي أنزل فيها القرآن ونزل على قلب الحبيب , فلم يرد بذكرها تفضيلها على الليالي الأخرى بل لا وجود لليالي اخرى اذ أنها منها خرجت ليالي العارفين وغيرهم أي حقائقهم لذا قال عنها " فيها يفرق كل ّ أمر حكيم " فذكر الأمر من عالم الأمر لذا نعته بالحكمة ثمّ أنه ذكر الفرق أي عالم الفرق بعد أن كان جمعا في الحقيقة الالهية ففرّقته الحضرة في الحقيقة المحمدية ومن هنا كانت الخلافة المحمدية وذلك بتفريقه في عالم الأسماء فكان نائبا عن الحضرة في الخروج في مظهر الأسماء وهذا الخروج لم يخرج به غير الانسان لذا أشار الى ذلك في مستهلّ الخلقة " وعلّم آدم الأسماء كلها " فأخبر عن الأمر من بدايته ولذا عارض ابليس هذا فمسخ الى الشيطنة باللعن وهو الخروج من الحضرة أي حضرة الجمال الى حضرة الجلال وهذا هو المسخ فكان ابليس موجود معنا في عالم الأسماء لكنّه غير محسوس ولا ملموس لأنه غير قابل للخروج في مظاهر الأسماء من هذه الناحية .
فكانت ليلة القدر عبارة عن تجلي الله تعالى بصفاته المختلفة المنبثقة من عين الذات في الحقيقة المحمدية ومن ثمّ تولت الحقيقة المحمدية ابلاغ هذا القرآن للناس والتوضيح كالآتي : وهو أن القرآن كلام الله تعالى قديم ليس بمخلوق وعلى هذا كان سابقا لجميع الخليقة بما فيها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم واذا قرأنا القرآن الآن والسيرة النبوية نلاحظ ا، النبي الأكرم عندكا قال دثروني قال تعالى " يا أيها المدثر " وعندما قال " زمّلوني " قال الله تعالى " يا أيها المزمّل " فنلاحظ أن القرآن يخرج في سوره بحسب حالة النبي الأكرم فكيف يكون هذا والقرآن سابق في سوره لأحوال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم أيكون السابق موافقا للاحق , فهنا نفهم ما معنى تنجيم القرآن وأنه نزل في أكثر من عشرين سنة وما فيه من الحوادث وأنه ينزل بحسب الأسئلة والأحداث والمستجدات رغم أنه كلام قديم غير مخلوق وسابق لكل كلام وعلى هذا قلنا أن القرآن نزل صفاتا على قلب النبي أي معاني وبعدها بحسب حالة النبي التي في قلبه يخرج القرآن من بين شفتيه فيتلقاه أولا في حضرته المحمدية ومن ثمّ يخرجه في الحقيقة الأسمائية من حيث ان الله هو المتكلّم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلّم فكانت الأشكال هي الحاجبة عن معرفة حقيقة نزول القرآن فالقرآن نزل من الله تعالى على رسول الله به سبحانه وقد يتبادر الى الأذهان القاصرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم عبّر عن القرآن بألفاظه وذلك لكونهم لم يتمعّنوا في قوله تعالى " اقرأ بأسم ربك " فأمره بالقراءة بالاسم الجامع أما عند الأحاديث النبوية فهو لا يتكلم من حضرة الاسم الجامع بل يتكلم من حقيقته الشريفة المفصلة لمعاني القرآن .
لذا كان نزول القرآن في ليلة القدر على قلب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانّما كانت ليلة القدر بالتحديد لأن الليل عبارة عن السكون والخمود أو هو كناية في الشاهد عن الفناء من حيث نزول القرآن من الواحد الذي ليس ثمّ سواه أو هو عبارة عن نزوله في صفة الجمال وهو الليل لما فيه من الراحة والنوم ومعافسة الملذات فلو نزل في النهار لما أحسن أحد سماعه ولا فهمه لأن النهار كناية عن الجلال لأن آية النهار ثابتة واضحة وهي رمز الى الحضرة القدسية فكان نزوله في ليلة الحقيقة المحمدية التي هي غير مستقلّة بذاتها وفي هذا اشارة على أنها تابعة للنهار فليس لها حكم في التعداد من نفسها بل حكم التعداد غالب على اليوم لأنه له فافهم .
لذا قال في النهار " ويوم عند ربّك كألف سنة مما تعدون " فذكر العدد لأن العدّ للنّهار والليلة من جملته وأحكامه .
وقال تعالى " ليلة القدر خير من ألف شهر "
ولم يقل " كألف شهر مما تعدّون " لأنها ليست لها أحكام العدّ فكان الأمر واضحا من قوله تعالى " خير من الف شهر " من حيث أنها لم يراد بها القياس على الزمن من حيث ذكره الشهور ليالي وأياما ومن حيث أنها ليلة واحد وهذه الليلة الواحدة لا تقابل الا يوم واحدا وهو المرموز له بيوم الربّ ولا يقابله الا ليلة العبد ولذا عبر عن هذا بولوج الليل في النهار حالة ظهور أحكام النهار وهو الفناء ويولج النهار في الليل من حيث عالم الأسماء في عالم البقاء والليل يستمدّ نوره دائما من الشمس في مظهر القمر أي أن الأسماء تستمدّ نورها من الصفات وهي المعبّر عنها بالقمر والصفات تستمد نورها من الذات وهي شمس المعرفة .
لذا كانت ليلة القدر محلّ نزول القرآن , وعندما يذكر الكتاب الكريم نزول القرآن في ليلة القدر يذكره بصيغة الضمير الغائب أي الغائب عن الظهور في مقام الأسماء لأنه في مقام الصفات فعلى هذا كان نزوله في تلك الليلة له أجر عظيم بنزوله أي في ذلك المقام وليس في مقام ليلة القدر مستقلّة بذاتها بل لنزول القرآن فيها أي بعبارة أوضح أنما شرّفت الذات المحمدية بما نالها من الكمالات الالهية فالمدح لصاحب الفضل لذا كانت ليلة مباركة بنزول القرآن فالقرآن لا يدل الا على الله تعالى ولا يدل على سواه .
ثمّ قال " وما أدراك ما ليلة القدر "
فذكر الادراك وهو البصيرة والاحاطة الشاملة وهذا هو المقام المحمدي المحيط الشامل ولا يكون لغيره , أي وما أدراك ما ليلة القدر بعد أن نزل القرآن فيها وفيها يفرق كلّ أمر حكيم باخراجه من البطون الى حضرة الظهور ولذا فقد عبّر عنه النبي بالربيع فقال " اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي " وقلبه الذي نزل عليه القرآن طلب أن يكون كلّه جمالا عليه وعلى غيره من أهل حقيقته مخافة أن يكون عليه جلالا فيضل به طريق العروج الى الذات من عالم الأسماء والصفات كما قال تعالى " يهدي به كثيرا ويضل به كثيرا " وهو نفس الكلام والضلال المقصود أي الخروج بالقرآن الى حضرة النفس مثل التصريف به وجلب السحر به والسيطرة به وهذا استعباد للعباد وطلب التكبر في الارض والاستعلاء وهو طريق الضلالة والخروج من حضرة الذات الى حضرة النفس التي كلّها حسّ وأغيار ولذا قال تعالى " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات " أي من حقيقة التنزيل الذي هو عالم الأنوار في ليلة القدر من الحقيقة المحمدية الى ظلمات الأسماء والفرق وهو عالم الباطل والوهم الذي لا وجود له .
قال تعالى " وما أدراك ما ليلة القدر "
أي وما كنت يا محمد لتعلم قدرك وحقيقتك لو لا نزول قرآني عليك وسريان نوره فيك فكل من سرى فيه نوري كان عظيما وانت أولهم وما تعظيمي لليلة القدر الا لأجل رفعة قدرك بالقرآن فيها فكانت ليلتك حيث أقمتك في خلافتي ونيابتي في عالم الأسماء بي , أما ليلة القدر فقد أحسنت استقبال نزول القرآن من حيث أنها قابلة لا من حيث انها متصرفة فيه فكانت تحت حكم المتصرف في القرآن نيابة وهو محمد صلى الله عليه وسلم في عالم الأسماء وفق العلم الالهي السابق التي تم تعليمه لآدم الانسان فكانت ليلة القدر مباركة بالقرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فلولاه لما حازت البركة أو أقول لولا حقيقته الأحمدية وهي مرتبة مطلق العبودية لما كان هناك حقيقة محمدية ولا ليلة القدر فافهم
قال تعالى " ليلة القدر خير من الف شهر "
فذكر الخيرية أي بركتها وليس زمانها ولا طولها ولا عرضها وبركتها أي السرّ الالهي الساري فيها بمحمد صلى الله عليه وسلم اذ ان الزمان والمكان مخلوقان من نوره صلى الله عليه وسلم وهذا مذهب العارفين والمرموز بألف شهر هو لمعرفة الفارق بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبين أقطاب أمّته أصحاب الأسرار العظام وفي الحديث " ثمّ وزناه فرجح بألف من أمته الخيرية "أي ليلة القدر تلك المعبرعنها بالحقيقة المحمدية ولست أعني بالحقيقة المحمدية الكاملة وانما في مقامها فحسب هي بألف ضعف من حقائق أصحاب الدوائر الكبار من أكابر أقطاب الأمة المحمدية وانما ذكر الخيرية في الآية لأن هذا من نسبتها " كنتم خير أمة أخرجت للنّاس" أي على الاطلاق فكان ذكر جنس الخيرية لأنه أعلى مراتب الفضل والأجر لأنه من مقتضيات الصفات وهي من لوازم الحقيقة المحمدية ومعانيها .
وانما عبّر بالشهر لأن الشهور بها تعرف السنة وهي الدورة كاملة كناية عن الحقيقة الكاملة , وذكره الألف هذا للتعداد ولكن نحسن أن نقول أنه كناية عن حرف الألف بالنسبة لكل مقام عارف من حيث معرفته , فالحضرة عندما ذكرت اليوم اختصت به وعندما ذكرت الليلة خصّصتها للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم . لذا قال عليه السلام " اني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني " هذا في زمن الصوم عن سواه وهذا مقام الفناء التام أما في غير الصيام فالأكل والشرب لا يكون الا في النهار والليل للنوم .
وسنزيد في ليلة القدر أي ذوق ما يتيسّر من الآيات بأدب القلب لا العقل .
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
وبعد :
فانّ معاني القرآن لا حصر لها وهذا مبيّن بصريح الآيات وصحيح الأحاديث الثابتات والغريب العجيب أن القرآن العظيم الذي لا تنقضي عجائبه تخرج معانيه الى الظهور بحسب قوله تعالى " كلّ يوم هو في شأن " وبحسب قوله تعالى " فأينما تولوا فثمّ وجه الله " فأنظر كيف لم يقل " فثمّ الله " بل قال " وجه الله " فكان اسم الجلالة الجامع مضاف الى الوجه , فالمعتبر الوجه وهو الاطلاق وليس النسب والمراتب ولذا قال له زيادة في العلم :" يريدون وجهه " فأضاف هنا الى الوجه " هاء " الهوية المطلقة , فكان من المحال ادراكه على نهاية النوال وهذا من الأعجاز التوحيدي وأنه ما عرف الله أحد من خلقه الى أبد الآباد , فكيف توحّد من لا نعت له ولا وصف ولا مكان ولا زمان ولا جهة ولا كيف وانما غاية المعرفة معرفة النسب كما أوضحته في مقالة سابقة فهذه نهاية العارفين , والنسب مقيدة بالأسماء الظاهرة والصفات مقيّدة بالأسماء الباطنة مثل اسمه " هو " وكيف يتمّ ادراكه بعد نسبة اسمه " هو " وهذه الهوية لا تدرك الا مضافة الى اسم من أسماء نسبه فلو لم تكن مضافة لما وقع على النسب الأدراك أبدا .
فليلة القدر هي نسبة من نسبة الاضافة الى القدر المذكور اضافة لليلة فلو لا القدر لما وقع ادراك تلك الليلة , والمضاف انما يذكر باضافته فلو ذكر من غير اضافة في هذا المحلّ لأحترق .
وليلة القدر : أي كناية على أن الليل ساتر وهو الحجاب عن ادراك حقيقة المضاف اليه وهو القدر اذن فكان لا بد من ليلته ليخرج متستّرا فيها مثل هجرته عليه السلام لما أخفى وقتها لذا كان عروجه في الليل وهجرته في الليل ونزول الوحي في الليل واسرائه في الليل ولذا قال له " قم الليل " لأن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل الى السماء الدنيا ليجيب الداعي فكان لا بد من النزول , فالليل هو ليل النزول والتنزيل لذا قال " تنزّل الملائكة والروح فيها " فكان النزول أيضا للملائكة بنزول القرآن بأمر ربهم لأان عالم الأمر من خصائص الروح لذا قرن نزول القرآن في هذه الليلة بعد تعظيم شأنها بتنزّل الملائكة والروح وكأنه يشير الى أن نزول القرآن من جنس الروح ولذاك نزل به الروح الأمين على قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم ولم ينزل به غير الروح الامين فافهم .
فكان تنزّل الملائكة أمرا أكيدا في هذه الليلة وانما ذكر معها الروح لأن الأرواح من جنس الملائكة في نزول القرآن في ليلة القدر على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم , وبما أن القرآن نزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فالأمر بالنسبة للملائكة والأرواح يتبع أمر القرآن أي نزولهم يكون على قلب محمد صلى الله عليه وسلّم لأن قلبه الشريف المقصود به حضرته الشريفة وهو عالم جمع الصفات فيه المذكور في قوله " ان الله وملائكته يصلّون على النبي " فما قال الرسول بل قال النبي لأن النبوة مقامه الشريف والرسالة تكليفه بالخلافة والنيابة في مقام الأسماء ولذا قال " اني جاعل في الارض خليفة " فذكر عالم الأرض أي هو خليفة في الأرض كناية عن الأسماء وانما كان الانسان خليفة في الأسماء لأنها مجال الصورة والشكل والمثال وقبول التغيّرات والانفعالات والله تعالى لا يقبل في حقه كل هذا لأنه منزه عن الشبه والمثيل فكانت خلافة الانسان مجال الاله بنفسه في عوالم الظهور من حيث مراتب الصفات التي هي عوالم الأرواح والملائكة أما عوالم الأسرار فهي مجال الأسرار فهي أمر مخفي وقد أشارت آيات بيّنات لذلك فكان الاجتماع بين نزول القرآن ونزول الملائكة والروح في قلب محمد صلى الله عليه وسلّم وهذا هو عرس الحضرة المحمدية التي ستنجلي حقائقه في الشفاعة الكبرى يوم القيامة , فالشفاعة هي الحقيقة المحمدية , أما سجوده تحت العرش والثناء عليه سبحانه بتلك المحامد التي يلهمها وقتها لأنها من عين الذات فهي من حقيقته الاحمدية التي هي منتهى العبودية وكمالها , ولذا قال " اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي " والربيع هو فصل زمني أراد دوامه في قلبه وهو كناية عن ليلة القدر السالف ذكرها لأن اليلة مدّة زمنية ولا يقابلها الا فصل الربيع لتعدد حلل الأرواح وتيجان الملائكة وحلول البركة والخيرية فيها , ولذا قال تعالى " انا أنزلناه في ليلة القدر " وقال تعالى " تنزل الملائكة والروح فيها " فجمعتهم كلمة " فيها " فكان الأمر متجانس من حيث اذن الله لهم ومن حيث " من كلّ أمر " وهذه المرتبة نازلة عن ملرتبة نزول القرآن لذا قال " تنزّل الملائكة والروح " لأن التنزّل وقع بالاذن من عالم الأمر لأن القرآن من حيث نزوله له حكم الأرواح أي تدركه الأرواح في تلك المرتبة لذا كانت ليلة القدر ليلة مباركة وهذا من الفضل الالهي على عباده تنزّل لهم ليعرفوه بالعبادة التي هي مظاهر وطرق وسبل المعرفة وأبوابها .
وهذه الليلة حالة ليست بالأصلية أي أنها حالة غير دائمة لأن الدوام لله تعالى وحقائقه المجرّدة فكان جهل ابليس بالله تعالى لا يخفى على الناظر رغم دعواه العلم أما الملائكة فقد تبرّأت من أقوالها ونسبت العلم الى الله ونجت من الابتلاء الذي وقع فيه ابليس لعصمتهم السابقة وليست العصمة الا للملائكة بعد النبيئين أما أهل الله تعالى فلا عصمة لهم بل هم محفوظون وهذه درجة نازلة عن العصمة لعدم موافقة تركيبتهم تركيبة الملائكة من المقام المعلوم وعدم الترقي في المعلومات بالذات الا ما شاء الله تعالى .
وهذه الليلة الجمالية هي ليلة تتزيّن فيها الحضرة النبويّة على غاية الجمال والحسن موافقة للحضرة القدسية في قولها ناطقة بشؤونها " سلام هي حتى مطلع الفجر " والسلام هو أمان الجنّة واسمه تعالى " يا نار كوني بردا وسلاما " فكان الجلال لا ظهور له بل الحكم في هذه الليلة للجمال وهو ظهور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وظهور الجمال المحمدي هو المراد من قوله " وما أرسلناك الا رحمة للعالمين " أي في عالم الخلافة والأسماء وعالم الدلالة على الذات بالصفات .
وكناية بالفجر الذي هو بداية شهود الجلال والحكم له الذي هو النهار أخبر أن السلام فيها والقبول وغفران الذنوب وما فيها من العطايا التي لا تكيّف من باب الجود والكرم الالهي الذي لا كنه له ويعجز الكون عن فهمه من انطباع الجمال وظهور الجلال في طي حكمه " رحمتي سبقت غضبي " من هذه الناحية .
والسلام
__________________
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
وبعد :
فانّ معاني القرآن لا حصر لها وهذا مبيّن بصريح الآيات وصحيح الأحاديث الثابتات والغريب العجيب أن القرآن العظيم الذي لا تنقضي عجائبه تخرج معانيه الى الظهور بحسب قوله تعالى " كلّ يوم هو في شأن " وبحسب قوله تعالى " فأينما تولوا فثمّ وجه الله " فأنظر كيف لم يقل " فثمّ الله " بل قال " وجه الله " فكان اسم الجلالة الجامع مضاف الى الوجه , فالمعتبر الوجه وهو الاطلاق وليس النسب والمراتب ولذا قال له زيادة في العلم :" يريدون وجهه " فأضاف هنا الى الوجه " هاء " الهوية المطلقة , فكان من المحال ادراكه على نهاية النوال وهذا من الأعجاز التوحيدي وأنه ما عرف الله أحد من خلقه الى أبد الآباد , فكيف توحّد من لا نعت له ولا وصف ولا مكان ولا زمان ولا جهة ولا كيف وانما غاية المعرفة معرفة النسب كما أوضحته في مقالة سابقة فهذه نهاية العارفين , والنسب مقيدة بالأسماء الظاهرة والصفات مقيّدة بالأسماء الباطنة مثل اسمه " هو " وكيف يتمّ ادراكه بعد نسبة اسمه " هو " وهذه الهوية لا تدرك الا مضافة الى اسم من أسماء نسبه فلو لم تكن مضافة لما وقع على النسب الأدراك أبدا .
فليلة القدر هي نسبة من نسبة الاضافة الى القدر المذكور اضافة لليلة فلو لا القدر لما وقع ادراك تلك الليلة , والمضاف انما يذكر باضافته فلو ذكر من غير اضافة في هذا المحلّ لأحترق .
وليلة القدر : أي كناية على أن الليل ساتر وهو الحجاب عن ادراك حقيقة المضاف اليه وهو القدر اذن فكان لا بد من ليلته ليخرج متستّرا فيها مثل هجرته عليه السلام لما أخفى وقتها لذا كان عروجه في الليل وهجرته في الليل ونزول الوحي في الليل واسرائه في الليل ولذا قال له " قم الليل " لأن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل الى السماء الدنيا ليجيب الداعي فكان لا بد من النزول , فالليل هو ليل النزول والتنزيل لذا قال " تنزّل الملائكة والروح فيها " فكان النزول أيضا للملائكة بنزول القرآن بأمر ربهم لأان عالم الأمر من خصائص الروح لذا قرن نزول القرآن في هذه الليلة بعد تعظيم شأنها بتنزّل الملائكة والروح وكأنه يشير الى أن نزول القرآن من جنس الروح ولذاك نزل به الروح الأمين على قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم ولم ينزل به غير الروح الامين فافهم .
فكان تنزّل الملائكة أمرا أكيدا في هذه الليلة وانما ذكر معها الروح لأن الأرواح من جنس الملائكة في نزول القرآن في ليلة القدر على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم , وبما أن القرآن نزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم فالأمر بالنسبة للملائكة والأرواح يتبع أمر القرآن أي نزولهم يكون على قلب محمد صلى الله عليه وسلّم لأن قلبه الشريف المقصود به حضرته الشريفة وهو عالم جمع الصفات فيه المذكور في قوله " ان الله وملائكته يصلّون على النبي " فما قال الرسول بل قال النبي لأن النبوة مقامه الشريف والرسالة تكليفه بالخلافة والنيابة في مقام الأسماء ولذا قال " اني جاعل في الارض خليفة " فذكر عالم الأرض أي هو خليفة في الأرض كناية عن الأسماء وانما كان الانسان خليفة في الأسماء لأنها مجال الصورة والشكل والمثال وقبول التغيّرات والانفعالات والله تعالى لا يقبل في حقه كل هذا لأنه منزه عن الشبه والمثيل فكانت خلافة الانسان مجال الاله بنفسه في عوالم الظهور من حيث مراتب الصفات التي هي عوالم الأرواح والملائكة أما عوالم الأسرار فهي مجال الأسرار فهي أمر مخفي وقد أشارت آيات بيّنات لذلك فكان الاجتماع بين نزول القرآن ونزول الملائكة والروح في قلب محمد صلى الله عليه وسلّم وهذا هو عرس الحضرة المحمدية التي ستنجلي حقائقه في الشفاعة الكبرى يوم القيامة , فالشفاعة هي الحقيقة المحمدية , أما سجوده تحت العرش والثناء عليه سبحانه بتلك المحامد التي يلهمها وقتها لأنها من عين الذات فهي من حقيقته الاحمدية التي هي منتهى العبودية وكمالها , ولذا قال " اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي " والربيع هو فصل زمني أراد دوامه في قلبه وهو كناية عن ليلة القدر السالف ذكرها لأن اليلة مدّة زمنية ولا يقابلها الا فصل الربيع لتعدد حلل الأرواح وتيجان الملائكة وحلول البركة والخيرية فيها , ولذا قال تعالى " انا أنزلناه في ليلة القدر " وقال تعالى " تنزل الملائكة والروح فيها " فجمعتهم كلمة " فيها " فكان الأمر متجانس من حيث اذن الله لهم ومن حيث " من كلّ أمر " وهذه المرتبة نازلة عن ملرتبة نزول القرآن لذا قال " تنزّل الملائكة والروح " لأن التنزّل وقع بالاذن من عالم الأمر لأن القرآن من حيث نزوله له حكم الأرواح أي تدركه الأرواح في تلك المرتبة لذا كانت ليلة القدر ليلة مباركة وهذا من الفضل الالهي على عباده تنزّل لهم ليعرفوه بالعبادة التي هي مظاهر وطرق وسبل المعرفة وأبوابها .
وهذه الليلة حالة ليست بالأصلية أي أنها حالة غير دائمة لأن الدوام لله تعالى وحقائقه المجرّدة فكان جهل ابليس بالله تعالى لا يخفى على الناظر رغم دعواه العلم أما الملائكة فقد تبرّأت من أقوالها ونسبت العلم الى الله ونجت من الابتلاء الذي وقع فيه ابليس لعصمتهم السابقة وليست العصمة الا للملائكة بعد النبيئين أما أهل الله تعالى فلا عصمة لهم بل هم محفوظون وهذه درجة نازلة عن العصمة لعدم موافقة تركيبتهم تركيبة الملائكة من المقام المعلوم وعدم الترقي في المعلومات بالذات الا ما شاء الله تعالى .
وهذه الليلة الجمالية هي ليلة تتزيّن فيها الحضرة النبويّة على غاية الجمال والحسن موافقة للحضرة القدسية في قولها ناطقة بشؤونها " سلام هي حتى مطلع الفجر " والسلام هو أمان الجنّة واسمه تعالى " يا نار كوني بردا وسلاما " فكان الجلال لا ظهور له بل الحكم في هذه الليلة للجمال وهو ظهور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وظهور الجمال المحمدي هو المراد من قوله " وما أرسلناك الا رحمة للعالمين " أي في عالم الخلافة والأسماء وعالم الدلالة على الذات بالصفات .
وكناية بالفجر الذي هو بداية شهود الجلال والحكم له الذي هو النهار أخبر أن السلام فيها والقبول وغفران الذنوب وما فيها من العطايا التي لا تكيّف من باب الجود والكرم الالهي الذي لا كنه له ويعجز الكون عن فهمه من انطباع الجمال وظهور الجلال في طي حكمه " رحمتي سبقت غضبي " من هذه الناحية .
والسلام
__________________
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله الذي وسعت أسماؤه وصفاته كلّ شيء ولم يسعها شيء المتجلّي بعظمته لعظمته تحقيقا لألوهيته في ربوبيته ولربوبيته في ألوهيته فقال تعالى :" الحمد لله ربّ العالمين "فذكر استفتاح تعريف العلم للسابق المعلوم بعلمه القديم فكانت غاية العبودية المعرفة " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون " قال ابن عباس أي ليعرفون , فكان تعريف العلم الأزلي السابق هي المعرفة التي لا نهاية لها ولا غاية لأنّها تحت سلطان العلم
" وقل رب زدني علما " فقوله "ربّ" ربوبية وقوله "زدني" ألوهيّة وقوله "علما" تعلّق به فما أمره أن يطلبه وانّما أمره أن يطلب العلم به أمّا قوله "قل" أي بلساني أيها السبع المثاني وكأنّه يقول له : وكما أنّي قلت لك في بداية التعريف " اقرأ" أي الأسماء ولذا قلت لك "اقرأ باسم "فذكرت لك الأسماء وما قلت لك "اقرأ بالله " فكان استفتاح التعريف بالبسملة اي من الاسم لتتحقّق بصفاتي فها اني أقول لك "قل " أي بلساني الذي هو كلامي والذي هو صفتي الجامعة لتعريف علمي بلسان الصدق المطلق لتتحقّق بعلم ذاتي وليس بذاتي المجرّدة التي لا يلحقها علم ولا جهل ولا وجود ولا عدم ولا المعارف التي هي الحروف ولا الأعداد التي هي شرائع ولذا فلا بدّ أن تقيّد علمك بي بتعريفاتي التي أخرجتها لك من حيز أسمائي لتوصلك الى العلم بصفاتي الدالّة بعلمي على ذاتي وايّاك أن تطلبني متجرّدا عن تعريفاتي فتكون جاهلا بي كما كنت " من قبله لمن الغافلين " أي عني فيها ولن تعرفني في سواها " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " أي علمكم جميعا بتعريفاتي التي هي حقائقكم الدّالة عليّ فيكم والعلم الذي قصدته حين أطلقته بعد أن عرّفته لكم بأل التعريف أي العلم بتعريفاتي في أسمائي وصفاتي ما أوتيتم منه الا قليلا لتتحقّقوا باطلاقات صفاتي الملازمة لذاتي فتكونون كأنّكم صفاتي التي تلازمني من الأزل الى الأبد ويقتصر علمكم فيها على ما أخرته لكم اسمائي الدّالة على مسمّياتي فهذا تقييدكم الذي لن تخرقوه حتى يلج الجمل في سمّ الخيّاط فجعلت الاختراق من قبيل المستحيلات بحسب المعقولات التي هي التعريفات ولذا لم أقل بعدم الولوج أبدا بل جعلت له شرطا يستحال في عالم الأسماء حكمة وقد يكون غير مستحيل في عالم الصفات قدرة ولمّا كان اسمي يدل على صفتي والصفة معنى قدرتي وهي حرفي الذي أعرّف به علم ذاتي وليس ذاتي فمحال أن يعرف أحد ذاتي الا أنا ولذا قلت له " انّني أنا الله رب العالمين " ولو لا هذا التعريف ما عرفني ولو لا قولي له " اقرأ " عن طريق أمين الوحي ما عرف أسمائي ولا تحقّق بصفاتي لذا فمعرفتكم بي هي تعريفاتي لكم فأين من معرفتكم لذاتي " وما قدروا الله حقّ قدره " وما قلت لكم "وما عرفوا الله حق معرفته أو علموا الله حق علمه " فافهموا اشاراتي لأني كل يوم أنا في شأن وأنت في طي قبضتي في هذا الشأن " وان يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز " رغم سبق علمي بكم فيكم فهل علمتم معنى علمي " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " فأين أنتم مني " والله بصير بالعباد أي ببصري والله يعلم السرّ وأخفى أي بعلمي وأنا ليس كمثلي شيء فكيف أحلّ وكيف أتحدّ ولذا ما بقى غير تعلّق العلم لذا نصحته " وقل رب زدني علما "لأنّه لا يبقى غير العلم بي وسيلة اليّ بعد فناء المخلوقات التي هي شرائعي التي توجب امّا الجلال وامّا الجمال فلا يتفرّد بي سواي ولا يعلم ما أنا عليه سواي فأنا العليم الذي علم ذاته وهل وصلتم الى العلم بذاتي حتى تدّعوا صفاتي التي لا تفارق ذاتي أو تتسمّوا بأسمائي لباس صفاتي فمن أنتم فأنا لا أعرف غير نفسي وانتم تدّعون أنّكم تعرفونني ثم بأي علم تدّعون أنّكم ايّاي فقد كفر من قال بأنّه أنا فجنود أسمائي له بالمرصاد " قال أنا ربّكم الأعلى " فلو صحّ منه هذا الكلام فما الفرق بينكم وبينه في هذا المقام ولذا لمّا رجع الى التعريف وهو في بحري المخيف وقال " آمنت بما آمنت به بنو اسرائيل " لقد ألحدت في أسمائي وتعريفاتي ولم تتأدّب بعلمي في صفاتي حتى ادّعيت أنّك في مقام ذاتي فغارت الأسماء والصفات لأنّهما من جنود الذات " وما يعلم جنود ربّك الا هو " فقولي " جنود ربّك " أي أسمائي وصفاتي وقولي لك " الا هو " مطلق ذاتي بحسب تعريفاتي عندكم وليس بحسب علمي أنا بمطلق ذاتي لذا فاني اذا نظرت الى مطلق ذاتي جمعتكم أوّلكم وآخركم فلا فرق عندي بينكم من حيث أنا " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " قال هذا رسولي لمّا أحسّ بهذا الجمع منّي في علمي بما عليه ذاتي في اطلاقاتها واذا نظرت الى أسمائي وصفاتي فرّقتكم كما فرّق يعقوب أبنائه على الأبواب لقضاء حاجته التي في نفسه ولأقضي انا فيكم أحكام قضائي وقدري فأين دعواكم .فقوموا بحقّ تعريفاتي التي لن تقوم بحقّها الا بالتعلّق بذاتي من غير معرفة بها وانما التعلق بعلمي أنا لها وأنا لست غيرها فحاذروا منّي ودوروا مع الحقّ حيثما دار وتجرّدوا من تقييد عقولكم الى تقييد تعريفاتي التي تحقّقكم بعبادة ذاتي في مقام تعريفاتي ولذا قلت لسيّد العابدين " يا أيّها النبيّ اتّق الله "
والسلام
" وقل رب زدني علما " فقوله "ربّ" ربوبية وقوله "زدني" ألوهيّة وقوله "علما" تعلّق به فما أمره أن يطلبه وانّما أمره أن يطلب العلم به أمّا قوله "قل" أي بلساني أيها السبع المثاني وكأنّه يقول له : وكما أنّي قلت لك في بداية التعريف " اقرأ" أي الأسماء ولذا قلت لك "اقرأ باسم "فذكرت لك الأسماء وما قلت لك "اقرأ بالله " فكان استفتاح التعريف بالبسملة اي من الاسم لتتحقّق بصفاتي فها اني أقول لك "قل " أي بلساني الذي هو كلامي والذي هو صفتي الجامعة لتعريف علمي بلسان الصدق المطلق لتتحقّق بعلم ذاتي وليس بذاتي المجرّدة التي لا يلحقها علم ولا جهل ولا وجود ولا عدم ولا المعارف التي هي الحروف ولا الأعداد التي هي شرائع ولذا فلا بدّ أن تقيّد علمك بي بتعريفاتي التي أخرجتها لك من حيز أسمائي لتوصلك الى العلم بصفاتي الدالّة بعلمي على ذاتي وايّاك أن تطلبني متجرّدا عن تعريفاتي فتكون جاهلا بي كما كنت " من قبله لمن الغافلين " أي عني فيها ولن تعرفني في سواها " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " أي علمكم جميعا بتعريفاتي التي هي حقائقكم الدّالة عليّ فيكم والعلم الذي قصدته حين أطلقته بعد أن عرّفته لكم بأل التعريف أي العلم بتعريفاتي في أسمائي وصفاتي ما أوتيتم منه الا قليلا لتتحقّقوا باطلاقات صفاتي الملازمة لذاتي فتكونون كأنّكم صفاتي التي تلازمني من الأزل الى الأبد ويقتصر علمكم فيها على ما أخرته لكم اسمائي الدّالة على مسمّياتي فهذا تقييدكم الذي لن تخرقوه حتى يلج الجمل في سمّ الخيّاط فجعلت الاختراق من قبيل المستحيلات بحسب المعقولات التي هي التعريفات ولذا لم أقل بعدم الولوج أبدا بل جعلت له شرطا يستحال في عالم الأسماء حكمة وقد يكون غير مستحيل في عالم الصفات قدرة ولمّا كان اسمي يدل على صفتي والصفة معنى قدرتي وهي حرفي الذي أعرّف به علم ذاتي وليس ذاتي فمحال أن يعرف أحد ذاتي الا أنا ولذا قلت له " انّني أنا الله رب العالمين " ولو لا هذا التعريف ما عرفني ولو لا قولي له " اقرأ " عن طريق أمين الوحي ما عرف أسمائي ولا تحقّق بصفاتي لذا فمعرفتكم بي هي تعريفاتي لكم فأين من معرفتكم لذاتي " وما قدروا الله حقّ قدره " وما قلت لكم "وما عرفوا الله حق معرفته أو علموا الله حق علمه " فافهموا اشاراتي لأني كل يوم أنا في شأن وأنت في طي قبضتي في هذا الشأن " وان يشأ يذهبكم ويأتي بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز " رغم سبق علمي بكم فيكم فهل علمتم معنى علمي " وما أوتيتم من العلم الا قليلا " فأين أنتم مني " والله بصير بالعباد أي ببصري والله يعلم السرّ وأخفى أي بعلمي وأنا ليس كمثلي شيء فكيف أحلّ وكيف أتحدّ ولذا ما بقى غير تعلّق العلم لذا نصحته " وقل رب زدني علما "لأنّه لا يبقى غير العلم بي وسيلة اليّ بعد فناء المخلوقات التي هي شرائعي التي توجب امّا الجلال وامّا الجمال فلا يتفرّد بي سواي ولا يعلم ما أنا عليه سواي فأنا العليم الذي علم ذاته وهل وصلتم الى العلم بذاتي حتى تدّعوا صفاتي التي لا تفارق ذاتي أو تتسمّوا بأسمائي لباس صفاتي فمن أنتم فأنا لا أعرف غير نفسي وانتم تدّعون أنّكم تعرفونني ثم بأي علم تدّعون أنّكم ايّاي فقد كفر من قال بأنّه أنا فجنود أسمائي له بالمرصاد " قال أنا ربّكم الأعلى " فلو صحّ منه هذا الكلام فما الفرق بينكم وبينه في هذا المقام ولذا لمّا رجع الى التعريف وهو في بحري المخيف وقال " آمنت بما آمنت به بنو اسرائيل " لقد ألحدت في أسمائي وتعريفاتي ولم تتأدّب بعلمي في صفاتي حتى ادّعيت أنّك في مقام ذاتي فغارت الأسماء والصفات لأنّهما من جنود الذات " وما يعلم جنود ربّك الا هو " فقولي " جنود ربّك " أي أسمائي وصفاتي وقولي لك " الا هو " مطلق ذاتي بحسب تعريفاتي عندكم وليس بحسب علمي أنا بمطلق ذاتي لذا فاني اذا نظرت الى مطلق ذاتي جمعتكم أوّلكم وآخركم فلا فرق عندي بينكم من حيث أنا " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " قال هذا رسولي لمّا أحسّ بهذا الجمع منّي في علمي بما عليه ذاتي في اطلاقاتها واذا نظرت الى أسمائي وصفاتي فرّقتكم كما فرّق يعقوب أبنائه على الأبواب لقضاء حاجته التي في نفسه ولأقضي انا فيكم أحكام قضائي وقدري فأين دعواكم .فقوموا بحقّ تعريفاتي التي لن تقوم بحقّها الا بالتعلّق بذاتي من غير معرفة بها وانما التعلق بعلمي أنا لها وأنا لست غيرها فحاذروا منّي ودوروا مع الحقّ حيثما دار وتجرّدوا من تقييد عقولكم الى تقييد تعريفاتي التي تحقّقكم بعبادة ذاتي في مقام تعريفاتي ولذا قلت لسيّد العابدين " يا أيّها النبيّ اتّق الله "
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بارك الله فيكم سيدي علي
وإننا بحمد الله نتابع قراءة خواطركم بل نقول أنها واردات طيبة على ما نعتقد وإن شاء الله هي كذلك.
وإننا نجتمع ونتدارس مع بعض الإخوة في ما تتحفنا به.
فما لاحظناه أنه كلام وفهم طيب نابع من تفكر وتمعن في كنه الأشياء...
ولكن ينقصه شيء من التوضيح للقارئ وفيه من التعقيدات الممكن اجتنابها كما لاحظ أحد الإخوة أنه لا تنقصك الآلة من تطويع اللفظ لتبسيط الفهم وخاصة لما تعلمه من مستويات في اللغة حتى من سلك المتعلمين كالأساتذة والطلبة وغيرهم.
وحبنا لكم جعلنا نوجه لكم ما نراه نصيحة والله أعلم.
هذا ما نصحوني به الإخوة لأكتبه لكم وللعلم فإني أصغرهم سنا وعلما في طريق الله.
وزادكم الله علما ونورا.
أخوكم رضوان
وإننا بحمد الله نتابع قراءة خواطركم بل نقول أنها واردات طيبة على ما نعتقد وإن شاء الله هي كذلك.
وإننا نجتمع ونتدارس مع بعض الإخوة في ما تتحفنا به.
فما لاحظناه أنه كلام وفهم طيب نابع من تفكر وتمعن في كنه الأشياء...
ولكن ينقصه شيء من التوضيح للقارئ وفيه من التعقيدات الممكن اجتنابها كما لاحظ أحد الإخوة أنه لا تنقصك الآلة من تطويع اللفظ لتبسيط الفهم وخاصة لما تعلمه من مستويات في اللغة حتى من سلك المتعلمين كالأساتذة والطلبة وغيرهم.
وحبنا لكم جعلنا نوجه لكم ما نراه نصيحة والله أعلم.
هذا ما نصحوني به الإخوة لأكتبه لكم وللعلم فإني أصغرهم سنا وعلما في طريق الله.
وزادكم الله علما ونورا.
أخوكم رضوان
رضوان- عدد الرسائل : 228
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 11/12/2007
رد: خواطر
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه
علاقة روحية فيما بيني وبين سيدي محي الدين بن عربي رضي الله عنه وقد كتبت فيه سنة 1998 هذا الكلام السجعي : أقول هذا بضعفي وليس لاظهار قوتي فهذا حالي من الشيخ رضي الله عنه :أمّا بعد :
فانّ المدخل لدراسة الفتوحات , دخول مكّة البركات , على براق التجريد أيّها الخلّ الفريد , ومحو الأغيار , وأحكام الليل والنّهار , مثار التقييد , وقواطع التوحيد , فمدخل الفتوحات ما كان من الصولات والجولات بين الضدين وأحكام العينين , حتى تحقّق الفتح وليس بعد فتح مكّة من فتح وانّما هو جهاد ونيّة , لذا كان المدد حالة الطواف بالبيت , فكان تعداد الأيام ثلاثة وهو نفس زمن مكوث النبي السيّد العليّ عليه صلاة الله وسلامه حين الخروج من حضرة الأزل حيث لم يزل , ولمّا طلعت بهجة محي الدين في هذا المنزل وعلم ما علم ما لا يحيط به قلم الانسان حيث لا مكان ولا زمان نادى من غير نطق أنا وحيد الدهر فريده أبثّ لوعة التحقيق في الفتوحات وأتجلّى بحلية الابدال اذ كنت البدل منه في هذا المقام " اولائك الذين يبدّل الله سيّئاتهم حسنات " فكنت عين الدهر مريده فارتجف براق همّتي تحت سطوة معرفتي حيث لا عارف ولا معروف فصاح لسان حالي من حضرة التعيين المثالي اثبت براق التحقيق فوالله ما اعتلاك غير حبر صدّيق أصله من جنس القرآن عربيّ الفرقان " انّا أنزلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون " نعم نعم انّه بن عربي عربيد الحضرة من قبيلة " طي " الكرم فتكرّم بالفتوحات وألحقها بالفصوص لأنّه سيد مخصوص بالمكارم فأكرم وتكرّم .
ولمّا غلبني حبّي أمام مشهد هذا الامام نادى لسان روحي في المنام بعد أن تحقّق لي مقام عدم الصبر عنه وعنهم قلت فيه اظهارا لنجابته وافشاءا لسرّ قرابته :
اي حبيبي لقد رأيتهم بعين قلبي هذا أقبّل رأسه وذاك يسقيني بكأسه وهذا يرفعني عاليا في السماء مستبشرا وذلك ناظر اليّ عن حالي مستفسرا , أجمل من رأيت منهم محي الدين , الأقمر الأمين , قرّبني منه وأدناني , ومن بحر علمه أفاض عليّ وغطّاني , سيّد فاق الجمال جمالا , وصورة قدسية زادت حسن وجهي نضرة ومثالا , يجاوب عن سؤالك قبل السؤال , ويعبّر عمّا تريد قوله قبل المقال , فهو السابق الذي لا يجارى , وهو القطار السريع الذي لا يبارى , سلّمنا الأمر اليه لأنّه يريده , وكفانا فرحا عندما يأتينا وقد نال مراده , فان فخرنا فلأنّه لنا امام , وان سألونا عن شرفنا قلنا نحن له خدّام .
ولمّا عاد وصل الحب في فصوله وتلوّن الفؤاد بكلّ أصوله رأينا نسخة الهية قدسية مجيدة , رأيناه بعين الروح في صورة يوسف جمالا وحسنا قالت النسوة بلسان الحضرة وقالت الحضرة بلسان النسوة " ما هذا بشر ان هذا الا ملك كريم " فما كان القول الا من الله في الحالتين فهل فهمت معنى القرآن في الحقيقتين لذا كان القرآن كلام الله مقدّس في كتاب مكنون لا يمسّه الا المطهّرون , فافهم الاشارة ان كنت أميّا لا تعرف خط العبارة , ولمّا جاء نظام محي الدين التي في ترجمان الأشواق باح لساني حالي بما تراه غير مسطّر في هذه الأوراق وانّما هو حبر سرّي من مقلة القلب مرسوم بمرود كحل الأذواق فيا عجبا كيف يعبّر عمّا لا تراه الأحداق " قالوا أتعجبين من أمر الله "
ولمّا اصطفاني سيّدي حبر المعاني قال لساني ونحن فرادى على أسوار المباني : يا حبيبي أنت بحر الحقائق وأنموذج الرقائق والدقائق فتبسّم الثغر الجميل وخرج من بين الثنايا نور أضاء سماء وجودي وألحقني بعالم تيه شهودي وظهر الجمال وما هنالك من أحكام الكمال وقال : أثبت واصبر ولا تخف , فأعدت عليه السؤال فعاد عليّ بنفس المقال " ما يبدّل القول لديّ وما أنا بظلام للعبيد "
فهذا أراه المدخل لدراسة النفحات التي مجموعها في كتاب الفتوحات أو أقول دراسة الفتوحات في سيرة روح وسرّ محي الدين البركات عليه من الله الرضوان وجمعنا معه وبه وعنده في حضرة الاحسان حيث الأمان تحت شجرة الايمان في بلاد الايقان ولا أحرمنا الله من بركاته وأدخلنا في حصن فيوضاته كي يجرفنا تيّاره الى مدينة أسراره وعلامات أنواره .
والسلام
والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه
علاقة روحية فيما بيني وبين سيدي محي الدين بن عربي رضي الله عنه وقد كتبت فيه سنة 1998 هذا الكلام السجعي : أقول هذا بضعفي وليس لاظهار قوتي فهذا حالي من الشيخ رضي الله عنه :أمّا بعد :
فانّ المدخل لدراسة الفتوحات , دخول مكّة البركات , على براق التجريد أيّها الخلّ الفريد , ومحو الأغيار , وأحكام الليل والنّهار , مثار التقييد , وقواطع التوحيد , فمدخل الفتوحات ما كان من الصولات والجولات بين الضدين وأحكام العينين , حتى تحقّق الفتح وليس بعد فتح مكّة من فتح وانّما هو جهاد ونيّة , لذا كان المدد حالة الطواف بالبيت , فكان تعداد الأيام ثلاثة وهو نفس زمن مكوث النبي السيّد العليّ عليه صلاة الله وسلامه حين الخروج من حضرة الأزل حيث لم يزل , ولمّا طلعت بهجة محي الدين في هذا المنزل وعلم ما علم ما لا يحيط به قلم الانسان حيث لا مكان ولا زمان نادى من غير نطق أنا وحيد الدهر فريده أبثّ لوعة التحقيق في الفتوحات وأتجلّى بحلية الابدال اذ كنت البدل منه في هذا المقام " اولائك الذين يبدّل الله سيّئاتهم حسنات " فكنت عين الدهر مريده فارتجف براق همّتي تحت سطوة معرفتي حيث لا عارف ولا معروف فصاح لسان حالي من حضرة التعيين المثالي اثبت براق التحقيق فوالله ما اعتلاك غير حبر صدّيق أصله من جنس القرآن عربيّ الفرقان " انّا أنزلناه قرآنا عربيّا لعلّكم تعقلون " نعم نعم انّه بن عربي عربيد الحضرة من قبيلة " طي " الكرم فتكرّم بالفتوحات وألحقها بالفصوص لأنّه سيد مخصوص بالمكارم فأكرم وتكرّم .
ولمّا غلبني حبّي أمام مشهد هذا الامام نادى لسان روحي في المنام بعد أن تحقّق لي مقام عدم الصبر عنه وعنهم قلت فيه اظهارا لنجابته وافشاءا لسرّ قرابته :
اي حبيبي لقد رأيتهم بعين قلبي هذا أقبّل رأسه وذاك يسقيني بكأسه وهذا يرفعني عاليا في السماء مستبشرا وذلك ناظر اليّ عن حالي مستفسرا , أجمل من رأيت منهم محي الدين , الأقمر الأمين , قرّبني منه وأدناني , ومن بحر علمه أفاض عليّ وغطّاني , سيّد فاق الجمال جمالا , وصورة قدسية زادت حسن وجهي نضرة ومثالا , يجاوب عن سؤالك قبل السؤال , ويعبّر عمّا تريد قوله قبل المقال , فهو السابق الذي لا يجارى , وهو القطار السريع الذي لا يبارى , سلّمنا الأمر اليه لأنّه يريده , وكفانا فرحا عندما يأتينا وقد نال مراده , فان فخرنا فلأنّه لنا امام , وان سألونا عن شرفنا قلنا نحن له خدّام .
ولمّا عاد وصل الحب في فصوله وتلوّن الفؤاد بكلّ أصوله رأينا نسخة الهية قدسية مجيدة , رأيناه بعين الروح في صورة يوسف جمالا وحسنا قالت النسوة بلسان الحضرة وقالت الحضرة بلسان النسوة " ما هذا بشر ان هذا الا ملك كريم " فما كان القول الا من الله في الحالتين فهل فهمت معنى القرآن في الحقيقتين لذا كان القرآن كلام الله مقدّس في كتاب مكنون لا يمسّه الا المطهّرون , فافهم الاشارة ان كنت أميّا لا تعرف خط العبارة , ولمّا جاء نظام محي الدين التي في ترجمان الأشواق باح لساني حالي بما تراه غير مسطّر في هذه الأوراق وانّما هو حبر سرّي من مقلة القلب مرسوم بمرود كحل الأذواق فيا عجبا كيف يعبّر عمّا لا تراه الأحداق " قالوا أتعجبين من أمر الله "
ولمّا اصطفاني سيّدي حبر المعاني قال لساني ونحن فرادى على أسوار المباني : يا حبيبي أنت بحر الحقائق وأنموذج الرقائق والدقائق فتبسّم الثغر الجميل وخرج من بين الثنايا نور أضاء سماء وجودي وألحقني بعالم تيه شهودي وظهر الجمال وما هنالك من أحكام الكمال وقال : أثبت واصبر ولا تخف , فأعدت عليه السؤال فعاد عليّ بنفس المقال " ما يبدّل القول لديّ وما أنا بظلام للعبيد "
فهذا أراه المدخل لدراسة النفحات التي مجموعها في كتاب الفتوحات أو أقول دراسة الفتوحات في سيرة روح وسرّ محي الدين البركات عليه من الله الرضوان وجمعنا معه وبه وعنده في حضرة الاحسان حيث الأمان تحت شجرة الايمان في بلاد الايقان ولا أحرمنا الله من بركاته وأدخلنا في حصن فيوضاته كي يجرفنا تيّاره الى مدينة أسراره وعلامات أنواره .
والسلام
عدل سابقا من قبل علي الصوفي في الجمعة 1 مايو 2020 - 1:05 عدل 2 مرات
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه
السلام على اهل الغرام واللوعة والهيام في كل مقام فيه من الخمر المدام ولا ملام ورحمة الله وبركاته
وبعد :
فبداية الذوق تبدأ من العالم اللطيف حيث يحل اللطف من اسمه اللطيف " الله لطيف بعباده " فافهم هناك تشكلت بواطن العباد في حلل الحقائق وهناك الظهور " لا تخفى منكم خافية " وهناك تستغيث الارواح المتجردة من القيد .
اي قلبي حدثني عن الاحبة خلان المودة فقد اشتقت اليهم فهم اهلي وروحي يا ترى اين اجدهم وان وجدتهم فمتى اراهم ومتى رأيتهم كيف اعرفهم ومتى عرفتهم كيف الاطفهم وان لي بملاطفتهم غرام قديم :
اي احبتي متى ارى نور ثغركم الباسم يملأ افاق قلبي
متى امتع النظر الى محياكم
اه فقد جن القلب بكم جنونه
وأخرج فؤادي بكم كل فنونه
ما أشرق شمس معاليكم في سماء روحي
ما احلى نغمات اسراركم في مسامع سري
احبتي هل اذا ما متّ سوف تزورونني
وهل اذا ما وليت الى قبري تشيعونني
وكيف يحق لكم ان تتركوني بعد ان تيمتموني
وكيف ابقى في قبري وحيدا وانتم روحي وريحاني
فبحقي عليكم الا ما اسعفتموني بكأس الوصال بكم
فبحقي عليكم الا ما اخرجتموني منّي اليكم
وهيهات ان يطيب لي عيش او يتحقق لي موت الا بكم
هذا حكمكم عليّ فأقيموا حدّكم بمحضركم
وسنزور معا قاضي الحب ليحكم بيننا
اما ان تعطوني روحي وقلبي وكلي
وامّا تتركوني مغردا في عوالمكم اينما حللتم
السلام على اهل الغرام واللوعة والهيام في كل مقام فيه من الخمر المدام ولا ملام ورحمة الله وبركاته
وبعد :
فبداية الذوق تبدأ من العالم اللطيف حيث يحل اللطف من اسمه اللطيف " الله لطيف بعباده " فافهم هناك تشكلت بواطن العباد في حلل الحقائق وهناك الظهور " لا تخفى منكم خافية " وهناك تستغيث الارواح المتجردة من القيد .
اي قلبي حدثني عن الاحبة خلان المودة فقد اشتقت اليهم فهم اهلي وروحي يا ترى اين اجدهم وان وجدتهم فمتى اراهم ومتى رأيتهم كيف اعرفهم ومتى عرفتهم كيف الاطفهم وان لي بملاطفتهم غرام قديم :
اي احبتي متى ارى نور ثغركم الباسم يملأ افاق قلبي
متى امتع النظر الى محياكم
اه فقد جن القلب بكم جنونه
وأخرج فؤادي بكم كل فنونه
ما أشرق شمس معاليكم في سماء روحي
ما احلى نغمات اسراركم في مسامع سري
احبتي هل اذا ما متّ سوف تزورونني
وهل اذا ما وليت الى قبري تشيعونني
وكيف يحق لكم ان تتركوني بعد ان تيمتموني
وكيف ابقى في قبري وحيدا وانتم روحي وريحاني
فبحقي عليكم الا ما اسعفتموني بكأس الوصال بكم
فبحقي عليكم الا ما اخرجتموني منّي اليكم
وهيهات ان يطيب لي عيش او يتحقق لي موت الا بكم
هذا حكمكم عليّ فأقيموا حدّكم بمحضركم
وسنزور معا قاضي الحب ليحكم بيننا
اما ان تعطوني روحي وقلبي وكلي
وامّا تتركوني مغردا في عوالمكم اينما حللتم
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله وصلى الله وسلّم على النور الأعظم وآله وصحبه
السلام ورحمة الله والبركة
وبعد : المتمعّن في آية " ليس كمثله شيء "
يدرك جملة من الحقائق المصونة العليا :
- منها : أنّ " ليس " من أخوات كان وهي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر والسؤال المطروح : ماهو المبتدأ في هذه الحالة هل هو الشيء او المثل ؟
- ومنها : أنّ الذي لا يشبهه الشيء ولا يمثله من كلّ وجه هو المثل الأعلى وليس الذات القدسية ولذا لم يقل : " ليس كهو شيء " أو ليس كالله شيء" بل قال " ليس كمثله شيء "اي في عالم المثال الذي هو منتهى الصفاء والنّقاء ليس له مثل .
والمتمعّن في أسرار الآية يلاحظ بأنّ قوله تعالى " ليس كمثله شيء " ولم يقل " لا يشبهه شيء " فهناك فرق بين الشبه والمثل فالشبه يجري على المخلوقات لا على الخالق أمّا المثل فقد قال تعالى فيه " ويضرب الله الأمثال للنّاس " وقال تعالى : مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " اي مثل النور وليس حقيقة نوره لذا ورد في الحديث حجابه النور .
ومنها : قوله " كمثله " المقصود به الحقيقة المحمدية التي خلقها الله تعالى في غير مكان ومن غير بداية زمان بل بدأ الزمان منها والمكان أيضا , ومعلوم بأنّ المكان والزمان من جملة المخلوقات وهي من جملة الأشياء وتتناولها آية " ليس كمثله شيء" والسؤال المطروح : هل الحقيقة المحمدية من جملة الأشياء ؟ الجواب : نعم من وجه اذا تعلّق الأمر بمقارنتها بما عليه الذات الالهية ومن وجه لا اذا قارنها العبد بما عليه المخلوقات لأنّها تحت حكمها وتصرّفها فهي البرزخ بين الحقيقتين وهي المقصودة بالمثل الأعلى " وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون "
- ومنها : أنّ المعادلة العدديّة المستوحات من الحياة الرقميّة في عالم الشهادة أو المعادلة الحرفيّة المستوحاة من الحياة القلميّة في عالم الغيب تعطي هذا : رقم 1 يقابله من الأيام يوم الأحد وعدد 2 يقابله يوم الاثنين وهكذا تعداد الأيّام الا يوم الجمعة الذي يقابله رقم ستّة لم يظهر العدد ظهورا مقابلا له كبقيّة الايّام الاخرى والسبب في ذلك أنّه يوم الجمع لذا فيه خلق آدم وفيه أهبط الى الأرض وفيه تقوم الساعة وفيه وقف النبي صلى الله عليه وسلّم في عرفة في الحجّ وفيه أنزلت آخر آية من القرآن على المشهور الراجح ولذاك أختصّت به هذه الأمّة الشريفة والجمع وقع فيه صلى الله عليه وسلّم من حيث حقيقته المحمّدية لذا أمرنا أن نكثر من الصلاة والسلام عليه فيه وفي هذا اليوم صلى الله صلاته الأزليّة الدائمة وصلّت الملائكة الكرام عليه وأمرنا أن نصلي عليه فيه بصلاة الله عليه فيه لذا قال " من صلى عليّ مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشر... الحديث "هذا الأمر من حيث حقيقته المحمدية
أمّا من حيث مرتبته الأحمدية التي أشار اليها عيسى عليه السلام من منطلق حقيقته العيسوية الروحيّة التي لا تعلّق لها بعالم المّادة بقوله " وأبشّركم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " فهو من أحكام يوم الاثنين المختصّ به وحده صلى الله عليه وسلّم ولذا أشار الى حقيقة هذا الكلام بقوله عن حكمة صوم يوم الاثنين " ذلك يوم ولدت فيه " والولادة المقصودة هي انبثاق فجرتجلّيات الذات الصمديّة بقولها كما في الحديث القدسي " قبض قبضة من نور وجهه وقال لها كوني حبيبي محمدا " فكان بزوغ فجر ولادته يوم الاثنين فجرا فكان عليه الصلاة والسلام أول العابدين بما أنّ الربوبية لا تخلق الا العبيد فكان هو أوّلهم وبما أنّه أول العابدين فقد نال أعلى مقاما في العبودية وهي حقيقته الأحمدية " كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين " لذا أشار لها عيسى عليه السلام وذكرها لتعلّقه بها لذا كان نائبا عنه عليه الصلاة والسلام في أمّته فكان نزوله آخر الزمان متحتّما .
- ومنها : أنّ ابهام الضمير في عدّة آيات من القرآن وقع لحكمة جليلة بل وقعت للسالكين بحسب مراتبهم ولكلّ حقّ حقيقة " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " فجمعهم في لفظة " الرسل " وجمع بعضهم بضمير جمع الغائب وجمع البعض الثاني في ضمير ثاني غائب وانّما لم يظهرهم بمراتبهم وأخفى مقاماتهم في هذا الوجود لغيبتهم عن أنفسهم ولغيبتهم عن ادراك بعضهم لبعض ولغيبتهم عن ادراك حقيقة الكمال الرباني واطلاقات الذات فهم رجال الغيب من كلّ وجه الى غير ذلك من أحكام هذا الأمر .
- ومنها : أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أمر بصوم اليوم الذي ولد فيه الذي هو يوم الاثنين لأنّه صلى الله عليه وسلّم في هذا اليوم كان لا تعلّق له بغير مولاه بكلّ وجه ولا يعرف غيره , الرسوم وقتها في هذا المقام لا وجود لها وهذا كان قبل خلق الاكوان من نوره صلى الله عليه وسلّم أما بالنسبة الى يوم الجمعة فقد نهى عن صومه تعريفا لنا للحقائق بل أمرنا أن نكثر من الصلاة والسلام عليه فيه فانّه صلى الله عليه وسلّم سيّد أهل الحقائق على الاطلاق في الأوّلين والآخرين لذا أمرنا الله تعالى باتّباعه والاقتداء به
- ومنها : أن المتعلّق بالحروف والأعداد فقد تعلّق بعلوم الحقيقة المحمديّة التي هي علوم أهل التصريف وهذا كان علم الشيخ الأكبر أو أقول كان الغالب عليه من المعارف
- ومنها : أنّ عدد 1 هو الحقيقة الأحمدية وهي حضرة الجمع التي هي حالة الفناء التام في الله من حيث قوله " ليس كمثله شيء " بما أنّ الله خلقه على صورته لذا أختصّ بالرحمة من اسمه الرحمان فكان رحمة للعالمين كما أنّ الله رب العالمين فاجتمعا في لفظة " العالمين " لذا استوى على العرش الرحمان وكان رحمة من الله مهداة والرحمان اسم ذات لا اسم صفة
- ومنها : أنّ الله تبارك وتعالى لا تدركه الابصار اي الاعداد والحروف التي هي من عالم الحكمة والقدرة , وهو يدرك الأبصار أي يدرك ما عليه التقييد كما أنّ الأبصار لا تدرك ما عليه التنزيه ولذا قال " سبحان الله عمّا يشركون " فجمع الضمير ليتناول الجميع كلّ اهل مقام في مقامهم والقرآن أنزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلّم .فافهم.
- ومنها : أنّ الأعداد في الطرفين أي السالب والموجب امّا أن تكون زوجيّة وامّا أن تكون فرديّة فلو قلنا مثلا : عدد 1 وطرحنا منه عدد 2 لكانت النتيجة 1- ولو طرحنا منه عدد 3 لكان المجموع 2- وهكذا من الطرفين الى ما لا نهاية فعلى أيّ أساس يمكننا أن نقيّد الذات في الأعداد أو أن تحلّ كما يزعم الزنادقة في الحروف كقولهم حلّ الله في عيسى الذي هو كلمة الله الى مريم وقوله كن فوجب علينا أن ننزّه الله تعالى عن الأعداد والحروف ولا ندخل فيما ليس لنا به علم
- ومنها : أنّ العدم لا يحسن أحد فيه الكلام لأنّه غير موجود ولا أصل ثابت له غير أنّه صفة اعتباريّة من حيث الوجود المطلق للذّات فقولنا " العدم " هو ليس قولنا " لأنّ الله موجود " بل لأنّه لمّا كنّا نحن عدما محضا انجذبت حقائقنا الى أصلها ولمّا كان وجودنا حاولنا ادراك هذا الوجود الممكن الجائز وسببه فكانت دعوانا الوجود ولمّا كان الله واجب الوجود وهو مطلق الذات من حيث تجرّدها عن الاسماء والصفات كان عدمنا متعيّنا علينا فلا بدّ من التحقّق به أزلا وأبدا لمناسبة وجود الله تعالى وأنّه واجب الوجود لذاته وذاته ليست لها بداية ولا نهاية فنحن على هذا المقياس عدما محضا الآن وقبل الآن أي قبل وجودنا وبعد وجودنا الذي لا أؤمن به لأنّ الايمان بالله وحده وكلّ من آمن بوجوده فقد أشرك بالله من حيث هذه الحيثيّة والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك أي من عدم دعوى الوجود
- ومنها : أنّ الذات مطلقة ليس لها قيد البتّة في أيّ حكم من أحكامها ولذا وصل الأمر بالعارفين الى الحيرة ولذا قال لسيّد العابدين " يا أيّها النبيّ اتّق الله " فقد خاطبه في مقام حقيقته الأحمدية المقدّسة بتقوى الله ومن هنا شيّبته صلى الله عليه وسلّم هود وأخواتها وقال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " وعلى هذا كان الأولى صلى الله عليه وسلّم بهذا البكاء رغم أنّه سيّد ولد آدم ومفتاح الجنّة بيده وصاحب الشفاعة العظمى فهنا فليتأدّب المرء مع الله تعالى وليتمعّن في قوله عليه الصلاة والسلام :" اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك "
والله أعلم وأحكم ونبيّه من بعده
والسلام
السلام ورحمة الله والبركة
وبعد : المتمعّن في آية " ليس كمثله شيء "
يدرك جملة من الحقائق المصونة العليا :
- منها : أنّ " ليس " من أخوات كان وهي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر والسؤال المطروح : ماهو المبتدأ في هذه الحالة هل هو الشيء او المثل ؟
- ومنها : أنّ الذي لا يشبهه الشيء ولا يمثله من كلّ وجه هو المثل الأعلى وليس الذات القدسية ولذا لم يقل : " ليس كهو شيء " أو ليس كالله شيء" بل قال " ليس كمثله شيء "اي في عالم المثال الذي هو منتهى الصفاء والنّقاء ليس له مثل .
والمتمعّن في أسرار الآية يلاحظ بأنّ قوله تعالى " ليس كمثله شيء " ولم يقل " لا يشبهه شيء " فهناك فرق بين الشبه والمثل فالشبه يجري على المخلوقات لا على الخالق أمّا المثل فقد قال تعالى فيه " ويضرب الله الأمثال للنّاس " وقال تعالى : مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " اي مثل النور وليس حقيقة نوره لذا ورد في الحديث حجابه النور .
ومنها : قوله " كمثله " المقصود به الحقيقة المحمدية التي خلقها الله تعالى في غير مكان ومن غير بداية زمان بل بدأ الزمان منها والمكان أيضا , ومعلوم بأنّ المكان والزمان من جملة المخلوقات وهي من جملة الأشياء وتتناولها آية " ليس كمثله شيء" والسؤال المطروح : هل الحقيقة المحمدية من جملة الأشياء ؟ الجواب : نعم من وجه اذا تعلّق الأمر بمقارنتها بما عليه الذات الالهية ومن وجه لا اذا قارنها العبد بما عليه المخلوقات لأنّها تحت حكمها وتصرّفها فهي البرزخ بين الحقيقتين وهي المقصودة بالمثل الأعلى " وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون "
- ومنها : أنّ المعادلة العدديّة المستوحات من الحياة الرقميّة في عالم الشهادة أو المعادلة الحرفيّة المستوحاة من الحياة القلميّة في عالم الغيب تعطي هذا : رقم 1 يقابله من الأيام يوم الأحد وعدد 2 يقابله يوم الاثنين وهكذا تعداد الأيّام الا يوم الجمعة الذي يقابله رقم ستّة لم يظهر العدد ظهورا مقابلا له كبقيّة الايّام الاخرى والسبب في ذلك أنّه يوم الجمع لذا فيه خلق آدم وفيه أهبط الى الأرض وفيه تقوم الساعة وفيه وقف النبي صلى الله عليه وسلّم في عرفة في الحجّ وفيه أنزلت آخر آية من القرآن على المشهور الراجح ولذاك أختصّت به هذه الأمّة الشريفة والجمع وقع فيه صلى الله عليه وسلّم من حيث حقيقته المحمّدية لذا أمرنا أن نكثر من الصلاة والسلام عليه فيه وفي هذا اليوم صلى الله صلاته الأزليّة الدائمة وصلّت الملائكة الكرام عليه وأمرنا أن نصلي عليه فيه بصلاة الله عليه فيه لذا قال " من صلى عليّ مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشر... الحديث "هذا الأمر من حيث حقيقته المحمدية
أمّا من حيث مرتبته الأحمدية التي أشار اليها عيسى عليه السلام من منطلق حقيقته العيسوية الروحيّة التي لا تعلّق لها بعالم المّادة بقوله " وأبشّركم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " فهو من أحكام يوم الاثنين المختصّ به وحده صلى الله عليه وسلّم ولذا أشار الى حقيقة هذا الكلام بقوله عن حكمة صوم يوم الاثنين " ذلك يوم ولدت فيه " والولادة المقصودة هي انبثاق فجرتجلّيات الذات الصمديّة بقولها كما في الحديث القدسي " قبض قبضة من نور وجهه وقال لها كوني حبيبي محمدا " فكان بزوغ فجر ولادته يوم الاثنين فجرا فكان عليه الصلاة والسلام أول العابدين بما أنّ الربوبية لا تخلق الا العبيد فكان هو أوّلهم وبما أنّه أول العابدين فقد نال أعلى مقاما في العبودية وهي حقيقته الأحمدية " كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين " لذا أشار لها عيسى عليه السلام وذكرها لتعلّقه بها لذا كان نائبا عنه عليه الصلاة والسلام في أمّته فكان نزوله آخر الزمان متحتّما .
- ومنها : أنّ ابهام الضمير في عدّة آيات من القرآن وقع لحكمة جليلة بل وقعت للسالكين بحسب مراتبهم ولكلّ حقّ حقيقة " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " فجمعهم في لفظة " الرسل " وجمع بعضهم بضمير جمع الغائب وجمع البعض الثاني في ضمير ثاني غائب وانّما لم يظهرهم بمراتبهم وأخفى مقاماتهم في هذا الوجود لغيبتهم عن أنفسهم ولغيبتهم عن ادراك بعضهم لبعض ولغيبتهم عن ادراك حقيقة الكمال الرباني واطلاقات الذات فهم رجال الغيب من كلّ وجه الى غير ذلك من أحكام هذا الأمر .
- ومنها : أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أمر بصوم اليوم الذي ولد فيه الذي هو يوم الاثنين لأنّه صلى الله عليه وسلّم في هذا اليوم كان لا تعلّق له بغير مولاه بكلّ وجه ولا يعرف غيره , الرسوم وقتها في هذا المقام لا وجود لها وهذا كان قبل خلق الاكوان من نوره صلى الله عليه وسلّم أما بالنسبة الى يوم الجمعة فقد نهى عن صومه تعريفا لنا للحقائق بل أمرنا أن نكثر من الصلاة والسلام عليه فيه فانّه صلى الله عليه وسلّم سيّد أهل الحقائق على الاطلاق في الأوّلين والآخرين لذا أمرنا الله تعالى باتّباعه والاقتداء به
- ومنها : أن المتعلّق بالحروف والأعداد فقد تعلّق بعلوم الحقيقة المحمديّة التي هي علوم أهل التصريف وهذا كان علم الشيخ الأكبر أو أقول كان الغالب عليه من المعارف
- ومنها : أنّ عدد 1 هو الحقيقة الأحمدية وهي حضرة الجمع التي هي حالة الفناء التام في الله من حيث قوله " ليس كمثله شيء " بما أنّ الله خلقه على صورته لذا أختصّ بالرحمة من اسمه الرحمان فكان رحمة للعالمين كما أنّ الله رب العالمين فاجتمعا في لفظة " العالمين " لذا استوى على العرش الرحمان وكان رحمة من الله مهداة والرحمان اسم ذات لا اسم صفة
- ومنها : أنّ الله تبارك وتعالى لا تدركه الابصار اي الاعداد والحروف التي هي من عالم الحكمة والقدرة , وهو يدرك الأبصار أي يدرك ما عليه التقييد كما أنّ الأبصار لا تدرك ما عليه التنزيه ولذا قال " سبحان الله عمّا يشركون " فجمع الضمير ليتناول الجميع كلّ اهل مقام في مقامهم والقرآن أنزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلّم .فافهم.
- ومنها : أنّ الأعداد في الطرفين أي السالب والموجب امّا أن تكون زوجيّة وامّا أن تكون فرديّة فلو قلنا مثلا : عدد 1 وطرحنا منه عدد 2 لكانت النتيجة 1- ولو طرحنا منه عدد 3 لكان المجموع 2- وهكذا من الطرفين الى ما لا نهاية فعلى أيّ أساس يمكننا أن نقيّد الذات في الأعداد أو أن تحلّ كما يزعم الزنادقة في الحروف كقولهم حلّ الله في عيسى الذي هو كلمة الله الى مريم وقوله كن فوجب علينا أن ننزّه الله تعالى عن الأعداد والحروف ولا ندخل فيما ليس لنا به علم
- ومنها : أنّ العدم لا يحسن أحد فيه الكلام لأنّه غير موجود ولا أصل ثابت له غير أنّه صفة اعتباريّة من حيث الوجود المطلق للذّات فقولنا " العدم " هو ليس قولنا " لأنّ الله موجود " بل لأنّه لمّا كنّا نحن عدما محضا انجذبت حقائقنا الى أصلها ولمّا كان وجودنا حاولنا ادراك هذا الوجود الممكن الجائز وسببه فكانت دعوانا الوجود ولمّا كان الله واجب الوجود وهو مطلق الذات من حيث تجرّدها عن الاسماء والصفات كان عدمنا متعيّنا علينا فلا بدّ من التحقّق به أزلا وأبدا لمناسبة وجود الله تعالى وأنّه واجب الوجود لذاته وذاته ليست لها بداية ولا نهاية فنحن على هذا المقياس عدما محضا الآن وقبل الآن أي قبل وجودنا وبعد وجودنا الذي لا أؤمن به لأنّ الايمان بالله وحده وكلّ من آمن بوجوده فقد أشرك بالله من حيث هذه الحيثيّة والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك أي من عدم دعوى الوجود
- ومنها : أنّ الذات مطلقة ليس لها قيد البتّة في أيّ حكم من أحكامها ولذا وصل الأمر بالعارفين الى الحيرة ولذا قال لسيّد العابدين " يا أيّها النبيّ اتّق الله " فقد خاطبه في مقام حقيقته الأحمدية المقدّسة بتقوى الله ومن هنا شيّبته صلى الله عليه وسلّم هود وأخواتها وقال : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا " وعلى هذا كان الأولى صلى الله عليه وسلّم بهذا البكاء رغم أنّه سيّد ولد آدم ومفتاح الجنّة بيده وصاحب الشفاعة العظمى فهنا فليتأدّب المرء مع الله تعالى وليتمعّن في قوله عليه الصلاة والسلام :" اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك "
والله أعلم وأحكم ونبيّه من بعده
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم.
أما بعد
منذ أيام ونحن نتتبع بكل شغف ما يجود به علينا سيدي علي حفظه الله من مفاهيم وخواطر كما سماها تواضعا منه، وإني لا أزكي على الله أحدا ولكن أحسب أنها واردات صافية ناشئة كما قال بعض الأخوة عن فهم راق وتفكر عميق في كنه الأشياء، وما رأيناه من أخينا لم يخترق به عرف ومنهج رجال التصوف فرغم التفاوت في الفهم والتعبير بين أصحاب الفهوم والإشارات ولكن لها استشرافات ومعاني تخرق المألوف وتدفع بالهمم لما هو أرقى وأعلى وهذه غاية الطالب في أي ميدان وبالأحرى طالب السلوك والمعرفة الكبرى...
وقد يدفع بها البعض ولا يلتفت إليها ونحن لا نتحدث عن المنكرين أو المخالفين، فيقال له : خذ ما أتاك منها وفهمته أو استشرفت إليه، واترك في سلة المبهمات ما لم تستسغه وما لا يوافق رأيك منه لعلة فيك أو فيه.
ولقد تكلم في هذا العلم الإشاري فطاحل من رجال التصوف رضي الله عنهم، ولك البعض مما قيل فيه:
أما بعد
منذ أيام ونحن نتتبع بكل شغف ما يجود به علينا سيدي علي حفظه الله من مفاهيم وخواطر كما سماها تواضعا منه، وإني لا أزكي على الله أحدا ولكن أحسب أنها واردات صافية ناشئة كما قال بعض الأخوة عن فهم راق وتفكر عميق في كنه الأشياء، وما رأيناه من أخينا لم يخترق به عرف ومنهج رجال التصوف فرغم التفاوت في الفهم والتعبير بين أصحاب الفهوم والإشارات ولكن لها استشرافات ومعاني تخرق المألوف وتدفع بالهمم لما هو أرقى وأعلى وهذه غاية الطالب في أي ميدان وبالأحرى طالب السلوك والمعرفة الكبرى...
وقد يدفع بها البعض ولا يلتفت إليها ونحن لا نتحدث عن المنكرين أو المخالفين، فيقال له : خذ ما أتاك منها وفهمته أو استشرفت إليه، واترك في سلة المبهمات ما لم تستسغه وما لا يوافق رأيك منه لعلة فيك أو فيه.
ولقد تكلم في هذا العلم الإشاري فطاحل من رجال التصوف رضي الله عنهم، ولك البعض مما قيل فيه:
زادنا الله علما وفهما وفائدة
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: خواطر
زيدونا مما زادكم الله وفتح به عليكم بارك الله فيكم
ونفع بكم البلاد والعباد
ونفع بكم البلاد والعباد
رضوان- عدد الرسائل : 228
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 11/12/2007
رد: خواطر
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن أطاعه ووالاه
كنت قد كتبت هذا في غير هذا الموقع فأردت أن أنقله الى هنا:
اما بعد :
فقد بث فينا اخونا النبيل اشواق ليلى وسمر الرباب وحكايات لبنى وزينب ومي ومية انها سكرة الحب وسطوة الجذب بغلاء المهر وتفتت الاكباد وتلاشي الابدان واضمحلال الاجساد انه مهر السعادة ببذل اعز ما يملك الانسان وماذا يملك " قل اللهم مالك الملك " اذا فاض الكأس ناح حادي الارواح ايها الملأ من يأتيني بعرشها فأجاب السر في عين حضرة القرب " انا اتيك به قبل ان يرتدّ اليك طرفك " لان السر يقول " ونحن اقرب اليه من حبل الوريد " وقد قال عالم القوم وفحل العارفين " لا تكلني الى نفسي طرفة عين " لانه حكم السر في حضرة الجمع بوارد الازل من بحر الكمال على كفتي الجمال والجلال . هذه احكام الالوهية تمعن ايها الغريب في الجمال السرمدي وتفنن في مغازلة الحبيب على الكثيب عند الرمال حيث الكمال هناك قام داعي الوصال يطلب المهر فقال " وسنجزي الشاكرين " ما هذا حبيبي فقد جنّ القوم على انغام التغريد فوق عرش التفريد والساقي يدور على الحضور بالخمر العتيق ونهاية التحقيق " الا كل ما سوى الله باطل وكل نعيم ليس فيه روح الحضرة عاطل هنا تتعطل العقول من حسن البهاء ونهاية الصفاء والكل يبحث عنه وهو الموجود والباحث مفقود فيا عجبا كيف يبحث المفقود عن الموجود دع القوم ايها السيد وشأنهم لانه كل يوم هو في شأن ولا تعترض لكي لا تنقرض
كنت قد كتبت هذا في غير هذا الموقع فأردت أن أنقله الى هنا:
اما بعد :
فقد بث فينا اخونا النبيل اشواق ليلى وسمر الرباب وحكايات لبنى وزينب ومي ومية انها سكرة الحب وسطوة الجذب بغلاء المهر وتفتت الاكباد وتلاشي الابدان واضمحلال الاجساد انه مهر السعادة ببذل اعز ما يملك الانسان وماذا يملك " قل اللهم مالك الملك " اذا فاض الكأس ناح حادي الارواح ايها الملأ من يأتيني بعرشها فأجاب السر في عين حضرة القرب " انا اتيك به قبل ان يرتدّ اليك طرفك " لان السر يقول " ونحن اقرب اليه من حبل الوريد " وقد قال عالم القوم وفحل العارفين " لا تكلني الى نفسي طرفة عين " لانه حكم السر في حضرة الجمع بوارد الازل من بحر الكمال على كفتي الجمال والجلال . هذه احكام الالوهية تمعن ايها الغريب في الجمال السرمدي وتفنن في مغازلة الحبيب على الكثيب عند الرمال حيث الكمال هناك قام داعي الوصال يطلب المهر فقال " وسنجزي الشاكرين " ما هذا حبيبي فقد جنّ القوم على انغام التغريد فوق عرش التفريد والساقي يدور على الحضور بالخمر العتيق ونهاية التحقيق " الا كل ما سوى الله باطل وكل نعيم ليس فيه روح الحضرة عاطل هنا تتعطل العقول من حسن البهاء ونهاية الصفاء والكل يبحث عنه وهو الموجود والباحث مفقود فيا عجبا كيف يبحث المفقود عن الموجود دع القوم ايها السيد وشأنهم لانه كل يوم هو في شأن ولا تعترض لكي لا تنقرض
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على النبيّ وآله
قال علماء النحو : الكلام لا يكون مفيدا حتى يكون ذا فائدة يحسن للمتكلّم السكوت عليها والا فليس بكلام عند علماء النحو أي علماء القصد اذا أحلنا تفسير هذه الكلمة الى اللغة وهذا معنى الطريقة أي اللغة والقول لذا نقول قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلّم وقال العارفون أي لغة وقولا ولا حصر لهذا أبدا من حيث هذه الاشارة لذا فانّا نجد كلّ كلمة لا بدّ من أن تفسّر لغة قبل تفسيرها اصطلاحا وهو المعنى المراد بكلمة الربوبية التي تفسّر لغة من هذه الحيثية أمّا تفسيرها اصطلاحا فهو علم حركات أواخر الكلمات وبالأخصّ الحرف الأخير منها فهو علم يتناول مبحث الحروف استعمالا واشتقاقا واعرابا وهو علم الشرائع وهو المعنى المراد من كلمة الألوهية وقد ذكر العلماء هذه المباحث أعني العلماء بالله تعالى مثل العالم الصالح والصوفي الفالح سيدي أحمد ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه والاستاذ ابو القاسم القشيري رضي الله عنه وغيرهم كثير وهم أهل هذا العلم ومنهما أستلهم أي أفهم, والمعروف عند علماء النحو وأعني بهم أكابر العارفين بالله تعالى لأنّ علم النحو أخرج الى الوجود باذن من سيدنا الامام علي رضي الله عنه فهو علمهم بلا جدال وهم علماؤه بلا نزاع .
فالمعلوم أن اصل الكلمات مركّبة من حروف والحرف غير مركّب لكنّه لا يدلّ على معنى في نفسه بحسب اجماع علماء هذا الشأن ومن خالف الاجماع فعليه أن يفسّر كلّ حرف بما حمله من معنى في نفسه وليس فقط تقاطيع أوائل السور وليتّخذ من تفسيره قواعد اعراب يعرب بها القرآن الحكيم الذي هو الصدق المطلق , وكما قال العارف سيدي محي الدين ابن عربي رضي الله عنه "فالحروف أمّة من الأمم" فمن يعرف أبا وأمّ هذه الأمّة فليخبرنا وقد قال النصارى لفظتهم المشهورة " الأب " ويقصدون به مقاصد لا أعلم صدقها في القرآن رغم قوله تعالى " وقالوا نحن أبناء الله وأحبّاؤه" ورغم هذا عذبهم بذنوبهم فهذا قولهم أي لغة وليس اصطلاحا فلو كان اصطلاحا لما لفظوا هذا القول لعدم افادة كلامهم فائدة يحسن المتكلّم السكوت عليها , ولمّا كان كلام الله تعالى تامّا لغة واصطلاحا كان أصل الاستشهاد والدليل لأنّه كلامه النفسي فهذه القواعد في الشرائع والحقائق وفي شرع الطريق والتحقيق ومن هذا الحرف العجيب الذي هو أصل العلوم خرج علم أصول الدين أي ذات الحرف وذاته أي أصله الذي هو أبوه وهو غير متناهي في الطرفين لعدم التقييد ولو لا هذا الحرف لما كان هناك علم أصول الدين فبه خرج أي الى الظهور والحرف في هذا المقام لا يؤدي المعنى في نفسه وانّما يؤديه في غيره فوجب مصاحبته لكلّ حرف آخر فهو الذي يمدّه بل لولاه لما كان أي حرف لذا كان أصل التوحيد في البروز منه فبلا هذا الحرف لا ظهور قطّ أمّا النقطة التي هي أصله فليست بحرف حتى تظهر ولا تحسن أن تؤدي الا الى الحرف الأوّل مهما وجّهناها في التّجاهات فمن بدا منها كان ألفا في أي اتّجاه أراده ولذا قال : " يريدون وجهه" أي للوصول الى تلك النقطة التي أخبرهم عن وجودها بقوله :" فأينما تولّوا فثمّ وجه الله " فكان الكلام كلام اصطلاح وليس بكلام لغة وقوله تعالى :" فأينما تولّوا " "أي حيثما كنت فاتّق الله " كما أخبر السيّدالأعظم عن هذه الحقيقة فكان حرف الألف قابلا لأتجاهين أثنين حيثما كان وضعه أفقيّا أو عموديّا فلا يقبل سواهما في تلك الهيأة
فكانت دلالته على علم التوحيد أي توحيد الفعل والاسم والحروف بأشكالها وأوضاعها الى أصلها الذي هو حرف الألف فبه كانت الكتابة في الأكوان أي منه بدا النظام وفي الشاهد أمسك خيطا وضع أي حرف من الحروف على شاكلته وخصوصيته ثمّ اسحب ذلك الخيط في أي اتجاه تريد فلا يبقى معك الا الخط مستقيما على شكل ألف أو جرّب مع أي كلمة أو فعلا فلا يتأتى منه الا الألف لذا به كان التعريف وهو أول حرف في اسم الجلالة وهو منفصل لفظا و متحد معنى واتّحاد المعنى لا يقال فيه حلولا ولا اتّحادا ولا وحدة بمعنى دلالات الاسماء والافعال بل بمعنى دلالات الحروف ودلالاتها لا تؤدي معنى في نفسها فليس لها هي أيضا الاتّحاد والحلول ولا الوحدة غير وحدة المعاني والمعنى لا بدّ أن يتّحد لأنّه جوهر لا يقبل الانفصال كما أنّه لا يقبل الاتّصال أي لا ينفصل ولا يتصل لذا كانت الحروف تدلّ وليس لها معنى في نفسها اذ لو كان لها معنى عند النحاة في نفسها لكانت مستقلّة عن معانيها التي لا تعرف الا في غيرها فبطل الامر " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين " أي بالحقّ تمّ خلقهما والحقّ هو الاصطلاح والاعراب ولذا تنوّع الكلام الى مفردات منها الكلام الصدقي الذي لا يحتمل الكذب ولذا قال تعالى :" ومن أصدق من الله قيلا " أي في هذا الكلام المركّب من الحروف لذا كان علم النحو يهتمّ باعراب آخر حرف في آخر كلمة اصطلاحا , ثمّ كان علم أصول الفقه وهو الحرف الثاني بعد حرف الألف أي أول حرف في الوجود يتركّب منه فهو ثاني حرف من ناحية اعتبار حرف الألف العام في كلّ الحروف ويعتبر أوّل حرف بالنسبة لبقية الحروف عدا حرف الألف , فكان ثانيا أوّلا ولذا قال : أوتيت جوامع الكلم " وقال الله فيه :" أوّل العابدين " والعبادة لا تكون الا في مقام العلم فكان هو المرموز اليه صلى الله عليه وسلّم بعلم أصول الفقه الذي لا يعتبره بعض الناس كعلم لحرمانهم من المدد الساري منه في بقية العلوم فلمّا نفوه حرموا منه فلم يعرفوا طريقة ولا حقيقة فكان استمساكهم بحبل الله مقطوع فليس لهم واردات البتّة التي هي الاصطلاحات بحسب حالة الكلمة ودخول العوامل عليها وما تحدثه من تغيير فكان عالم المعاني أي الغيب غير حاضرا في اصطلاحاتهم , فكان حرف الألف ترك نيابة تشكيل الحروف الأخرى للحرف الثاني بما قبله استعداده من التشكّل فتشكّل لذا كان الكون مخلوقا من نوره صلى الله عليه وسلم وبث أصول علم فقهه في الحروف الأخرى ومن هنا انبثق علم الفقه أي المعرفة والبيان وهو مجال العارفين بالله تعالى وتنوّع الفقه وتعدّدت مذاهبه وطرقه بحسب اشتقاق الكلام اسماءا وأفعالا وهو علم التصريف ومنه كانت النيابة في أفعال الأكوان لمقتضيات حروفهم المتشكّلة في الأسماء والأفعال , وكلّ هذا لا يخرج وجود حرف الألف السابق ذكره عن تلك التراكيب لكنّه باطن فيها ظاهر بها , فكان كلام الله كلّه لا يدلّ الا على حرف الألف أي التوحيد والحرف الثاني لا يدلّ الاعلى كلام سيّد المرسلين لأنّه الأصل الثاني والحروف الأخرى كانت حضرات خاصة بكل عارف فليست هي الأصل الأول ولا الثالث لذا كان علم الفقه مقابلا لها وقد قال :" من يرد الله به خيرا يفقه في الدين " أي عارفا والدين ثلاث أركان لأنّ الكلمة لا تنعقد في حرفين الا في حالات خاصة كحالة عيسى وحالة الخضر عليهما السلام لذا قال :" هذا جبريل أتى يعلّمكم دينكم " فما قال ديني بل قال دينكم , ولذا قال تعالى :" لقد جاء رسول من أنفسكم " أي من جنس حروفكم التي قبلت التشكّل الذي هو التعبّد والتذلل وقد قال أحد العارفين :" سيأتي زمان يتكلّم فيه الناس بالحقائق في الطرقات " ومن عرف الحركات وشكل الكلمات عرف أن هذا لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم بل كانت الكتابة من غير نقاط ولا شكل فكانت معانيهم تلفظ ولا تكتب لتحقّقهم بها أمّا الآن فهي تكتب وتلفظ لكن معناها لا يدرى من شدّة ظهورها الآن وهي من علامات اقتراب الزمان التي تظهر فيه الحقائق الكبرى
الحمد لله والصلاة والسلام على النبيّ وآله
قال علماء النحو : الكلام لا يكون مفيدا حتى يكون ذا فائدة يحسن للمتكلّم السكوت عليها والا فليس بكلام عند علماء النحو أي علماء القصد اذا أحلنا تفسير هذه الكلمة الى اللغة وهذا معنى الطريقة أي اللغة والقول لذا نقول قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلّم وقال العارفون أي لغة وقولا ولا حصر لهذا أبدا من حيث هذه الاشارة لذا فانّا نجد كلّ كلمة لا بدّ من أن تفسّر لغة قبل تفسيرها اصطلاحا وهو المعنى المراد بكلمة الربوبية التي تفسّر لغة من هذه الحيثية أمّا تفسيرها اصطلاحا فهو علم حركات أواخر الكلمات وبالأخصّ الحرف الأخير منها فهو علم يتناول مبحث الحروف استعمالا واشتقاقا واعرابا وهو علم الشرائع وهو المعنى المراد من كلمة الألوهية وقد ذكر العلماء هذه المباحث أعني العلماء بالله تعالى مثل العالم الصالح والصوفي الفالح سيدي أحمد ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه والاستاذ ابو القاسم القشيري رضي الله عنه وغيرهم كثير وهم أهل هذا العلم ومنهما أستلهم أي أفهم, والمعروف عند علماء النحو وأعني بهم أكابر العارفين بالله تعالى لأنّ علم النحو أخرج الى الوجود باذن من سيدنا الامام علي رضي الله عنه فهو علمهم بلا جدال وهم علماؤه بلا نزاع .
فالمعلوم أن اصل الكلمات مركّبة من حروف والحرف غير مركّب لكنّه لا يدلّ على معنى في نفسه بحسب اجماع علماء هذا الشأن ومن خالف الاجماع فعليه أن يفسّر كلّ حرف بما حمله من معنى في نفسه وليس فقط تقاطيع أوائل السور وليتّخذ من تفسيره قواعد اعراب يعرب بها القرآن الحكيم الذي هو الصدق المطلق , وكما قال العارف سيدي محي الدين ابن عربي رضي الله عنه "فالحروف أمّة من الأمم" فمن يعرف أبا وأمّ هذه الأمّة فليخبرنا وقد قال النصارى لفظتهم المشهورة " الأب " ويقصدون به مقاصد لا أعلم صدقها في القرآن رغم قوله تعالى " وقالوا نحن أبناء الله وأحبّاؤه" ورغم هذا عذبهم بذنوبهم فهذا قولهم أي لغة وليس اصطلاحا فلو كان اصطلاحا لما لفظوا هذا القول لعدم افادة كلامهم فائدة يحسن المتكلّم السكوت عليها , ولمّا كان كلام الله تعالى تامّا لغة واصطلاحا كان أصل الاستشهاد والدليل لأنّه كلامه النفسي فهذه القواعد في الشرائع والحقائق وفي شرع الطريق والتحقيق ومن هذا الحرف العجيب الذي هو أصل العلوم خرج علم أصول الدين أي ذات الحرف وذاته أي أصله الذي هو أبوه وهو غير متناهي في الطرفين لعدم التقييد ولو لا هذا الحرف لما كان هناك علم أصول الدين فبه خرج أي الى الظهور والحرف في هذا المقام لا يؤدي المعنى في نفسه وانّما يؤديه في غيره فوجب مصاحبته لكلّ حرف آخر فهو الذي يمدّه بل لولاه لما كان أي حرف لذا كان أصل التوحيد في البروز منه فبلا هذا الحرف لا ظهور قطّ أمّا النقطة التي هي أصله فليست بحرف حتى تظهر ولا تحسن أن تؤدي الا الى الحرف الأوّل مهما وجّهناها في التّجاهات فمن بدا منها كان ألفا في أي اتّجاه أراده ولذا قال : " يريدون وجهه" أي للوصول الى تلك النقطة التي أخبرهم عن وجودها بقوله :" فأينما تولّوا فثمّ وجه الله " فكان الكلام كلام اصطلاح وليس بكلام لغة وقوله تعالى :" فأينما تولّوا " "أي حيثما كنت فاتّق الله " كما أخبر السيّدالأعظم عن هذه الحقيقة فكان حرف الألف قابلا لأتجاهين أثنين حيثما كان وضعه أفقيّا أو عموديّا فلا يقبل سواهما في تلك الهيأة
فكانت دلالته على علم التوحيد أي توحيد الفعل والاسم والحروف بأشكالها وأوضاعها الى أصلها الذي هو حرف الألف فبه كانت الكتابة في الأكوان أي منه بدا النظام وفي الشاهد أمسك خيطا وضع أي حرف من الحروف على شاكلته وخصوصيته ثمّ اسحب ذلك الخيط في أي اتجاه تريد فلا يبقى معك الا الخط مستقيما على شكل ألف أو جرّب مع أي كلمة أو فعلا فلا يتأتى منه الا الألف لذا به كان التعريف وهو أول حرف في اسم الجلالة وهو منفصل لفظا و متحد معنى واتّحاد المعنى لا يقال فيه حلولا ولا اتّحادا ولا وحدة بمعنى دلالات الاسماء والافعال بل بمعنى دلالات الحروف ودلالاتها لا تؤدي معنى في نفسها فليس لها هي أيضا الاتّحاد والحلول ولا الوحدة غير وحدة المعاني والمعنى لا بدّ أن يتّحد لأنّه جوهر لا يقبل الانفصال كما أنّه لا يقبل الاتّصال أي لا ينفصل ولا يتصل لذا كانت الحروف تدلّ وليس لها معنى في نفسها اذ لو كان لها معنى عند النحاة في نفسها لكانت مستقلّة عن معانيها التي لا تعرف الا في غيرها فبطل الامر " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين " أي بالحقّ تمّ خلقهما والحقّ هو الاصطلاح والاعراب ولذا تنوّع الكلام الى مفردات منها الكلام الصدقي الذي لا يحتمل الكذب ولذا قال تعالى :" ومن أصدق من الله قيلا " أي في هذا الكلام المركّب من الحروف لذا كان علم النحو يهتمّ باعراب آخر حرف في آخر كلمة اصطلاحا , ثمّ كان علم أصول الفقه وهو الحرف الثاني بعد حرف الألف أي أول حرف في الوجود يتركّب منه فهو ثاني حرف من ناحية اعتبار حرف الألف العام في كلّ الحروف ويعتبر أوّل حرف بالنسبة لبقية الحروف عدا حرف الألف , فكان ثانيا أوّلا ولذا قال : أوتيت جوامع الكلم " وقال الله فيه :" أوّل العابدين " والعبادة لا تكون الا في مقام العلم فكان هو المرموز اليه صلى الله عليه وسلّم بعلم أصول الفقه الذي لا يعتبره بعض الناس كعلم لحرمانهم من المدد الساري منه في بقية العلوم فلمّا نفوه حرموا منه فلم يعرفوا طريقة ولا حقيقة فكان استمساكهم بحبل الله مقطوع فليس لهم واردات البتّة التي هي الاصطلاحات بحسب حالة الكلمة ودخول العوامل عليها وما تحدثه من تغيير فكان عالم المعاني أي الغيب غير حاضرا في اصطلاحاتهم , فكان حرف الألف ترك نيابة تشكيل الحروف الأخرى للحرف الثاني بما قبله استعداده من التشكّل فتشكّل لذا كان الكون مخلوقا من نوره صلى الله عليه وسلم وبث أصول علم فقهه في الحروف الأخرى ومن هنا انبثق علم الفقه أي المعرفة والبيان وهو مجال العارفين بالله تعالى وتنوّع الفقه وتعدّدت مذاهبه وطرقه بحسب اشتقاق الكلام اسماءا وأفعالا وهو علم التصريف ومنه كانت النيابة في أفعال الأكوان لمقتضيات حروفهم المتشكّلة في الأسماء والأفعال , وكلّ هذا لا يخرج وجود حرف الألف السابق ذكره عن تلك التراكيب لكنّه باطن فيها ظاهر بها , فكان كلام الله كلّه لا يدلّ الا على حرف الألف أي التوحيد والحرف الثاني لا يدلّ الاعلى كلام سيّد المرسلين لأنّه الأصل الثاني والحروف الأخرى كانت حضرات خاصة بكل عارف فليست هي الأصل الأول ولا الثالث لذا كان علم الفقه مقابلا لها وقد قال :" من يرد الله به خيرا يفقه في الدين " أي عارفا والدين ثلاث أركان لأنّ الكلمة لا تنعقد في حرفين الا في حالات خاصة كحالة عيسى وحالة الخضر عليهما السلام لذا قال :" هذا جبريل أتى يعلّمكم دينكم " فما قال ديني بل قال دينكم , ولذا قال تعالى :" لقد جاء رسول من أنفسكم " أي من جنس حروفكم التي قبلت التشكّل الذي هو التعبّد والتذلل وقد قال أحد العارفين :" سيأتي زمان يتكلّم فيه الناس بالحقائق في الطرقات " ومن عرف الحركات وشكل الكلمات عرف أن هذا لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم بل كانت الكتابة من غير نقاط ولا شكل فكانت معانيهم تلفظ ولا تكتب لتحقّقهم بها أمّا الآن فهي تكتب وتلفظ لكن معناها لا يدرى من شدّة ظهورها الآن وهي من علامات اقتراب الزمان التي تظهر فيه الحقائق الكبرى
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
علي كتب: الا كل ما سوى الله باطل وكل نعيم ليس فيه روح الحضرة عاطل هنا تتعطل العقول من حسن البهاء ونهاية الصفاء والكل يبحث عنه وهو الموجود والباحث مفقود فيا عجبا كيف يبحث المفقود عن الموجود دع القوم ايها السيد وشأنهم لانه كل يوم هو في شأن ولا تعترض لكي لا تنقرض
بارك الله فيك سيدي علي، قال أحدهم:
هذا التجلي إنما يتحقق به من ليس له مطلب سوى الحق من حيث تعلق الهمة لا من حيث الكسب والتعشق بالجمال المطلق فتبدو له الحقائق في أحسن صورة بأحسن معاملة بألطف قبول فيقول:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل
و ما هي باطل لكن غلب عليه سلطان المقام كما قال الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم: أصدق بيت قاله العرب: ألا كل شئ ما خلا الله باطل
والموجودات كلها وإن كانت ما سوى الله فإنها حق في نفسها بلا شك لكنه من لم يكن له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهو الباطل.
من لا وجـود لذاته من ذاتـه *** فوجـوده لـولاه عين محــال
عدل سابقا من قبل أبو أويس في السبت 18 أكتوبر 2008 - 0:06 عدل 2 مرات
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: خواطر
الله الله الله
أحسنت سيدي وتربت يداك من حيث أنّك ظفرت في مغازلتك للحقائق بذات الدين والعبارة خادمة للااشارة مثل الوصيفة أي الأمة ولذا فمن قرأ في السيرة علم سبب وجود الوصيفات والخدم في الجنّة لأهل الجنّة وهي من خدمة المباني للمعاني في الدنيا ومن خدمة المعاني للاسرار في الآخرة أمّا من خدمتهم الأسرار فلعدم جولان أفكارهم في عالم الأغيار , فلا يرون غيرا من حيث العلم الذي هو البصر " فأعلم أنّه لا اله الا اله " فلا يقع بصرهم من حيث : كنت بصره الا عليه وقد قال تعالى :" وفي أنفسكم أفلا تبصرون " أي ببصري ومن كنت بصره فمحال أن يرى سواه لأنّه لا يمكن أن يكون العبد بصره فأخبر عن بصره هو لا بصر العبد أي ما رأى غير نفسه ولذا ذكر النفس بقوله " وفي أنفسكم " فجمع النفس الكليّة كما ذكر أن بعث الخلائق كنفس واحدة وكذلك من قتل نفسا بغير حقّ فكأنّما قتل الناس جميعا أي من حيث العلم بهذا البصر .
أحسنت سيدي وتربت يداك من حيث أنّك ظفرت في مغازلتك للحقائق بذات الدين والعبارة خادمة للااشارة مثل الوصيفة أي الأمة ولذا فمن قرأ في السيرة علم سبب وجود الوصيفات والخدم في الجنّة لأهل الجنّة وهي من خدمة المباني للمعاني في الدنيا ومن خدمة المعاني للاسرار في الآخرة أمّا من خدمتهم الأسرار فلعدم جولان أفكارهم في عالم الأغيار , فلا يرون غيرا من حيث العلم الذي هو البصر " فأعلم أنّه لا اله الا اله " فلا يقع بصرهم من حيث : كنت بصره الا عليه وقد قال تعالى :" وفي أنفسكم أفلا تبصرون " أي ببصري ومن كنت بصره فمحال أن يرى سواه لأنّه لا يمكن أن يكون العبد بصره فأخبر عن بصره هو لا بصر العبد أي ما رأى غير نفسه ولذا ذكر النفس بقوله " وفي أنفسكم " فجمع النفس الكليّة كما ذكر أن بعث الخلائق كنفس واحدة وكذلك من قتل نفسا بغير حقّ فكأنّما قتل الناس جميعا أي من حيث العلم بهذا البصر .
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله تعالى وسلم على الحبيب وآله
وبعد :
أشهد أن لا اله الا الله * وأشهد أن محمدا رسول الله .
هذه الشهادة خلاصة العلوم ولبّها واصلها وفرعها فمن لم يقلها ويشهد بها فليس له علم البتّة مهما أدعى بل هو في جهله يسعى , وأصدق من نطق بها هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وآله , والنطق بها لا يتحقق الا ذوقا وهذا هو حقيقة النطق , فمن معانيها ولوازمها التي لا تفارقها بحال :
- أن الشهادة من عائلة الشهود بمعنى العين وليس وراءها أين .
- نفي الالوهية عند سلوكها بمعنى : أيها الفقير في سلوكك ستعترضك آيات عظام وخطوب جسام فاياك ان تعتقد بأنها هي وكن مثل ابراهيم عليه السلام في سلوكه لما قال في القمر والشمس هذا ربي فما كان منه الا النفي بعد انجلائها أمام أنوار الحضرة وهكذا كل فقير صوفي فلا بد أن يقول مثل قوله وفي الأخير لما أراد الاثبات بعد أن انتهى وملّ من النفي قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض , أنظر كيف لم يعيّن الجهة التي يقول بها بعض الناس اليوم ويعتبرونه توحيدا , فقال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض " ولم يقل وجهت وجهي له لأنه لا يعيّن في هذا المقام أبدا لأنه " حيثما تولوا فثم وجه الله " فأين التعيين لذا فأول الشهادة شهود أن لا اله , هذا جانبا , ثم قوله الا الله هو اطلاق الالوهية حيثما كانت وهو معنى اسمه الجامع وهو : الله " الجامع للاسماء والصفات فوحّد الصفات والاسماء بتوحيده للذات لذاك قال " الذي فطر السماوات والارض "
والسماوات يعني بها اشارة الى الصفات والاسماء مراده منها الأرض أي أنه وحده بداية في الاسماء ثم في الصفات ثم نفاها بقوله " وجهت وجهي " ثم أثبتها سريعا به في قوله " للذي فطر السماوات والارض " فهذ توحيد ابراهيم عليه السلام .
والقول بنفي الالوهية عن سواه معناه نفي كل شيء لأنه ليس كمثله شيء وكل ما يثبته الانسان بغير اثباته لذاته سبحانه فقد قال بالشريك " والله لا يغفر ان يشرك به " ويغفر ما دون ذلك : أي متعلقات الاسماء والصفات أما متعلّقات الذات من القول بالشريك فلا يغفره أبدا وهو ظلم كبير .
وقوله " وجهت وجهي " نهاية الفناء الكامل والاضمحلال التام والسحق والمحق والكد , فما ذكر غير وجهه لأن الله يقول " فأينما تولوا فثم وجه الله " فالوجه لا يوجّه الا للوجه ولذا قال لحبيبه " فولّ وجهك شطر المسجد الحرام , لمّا رآه يبحث عن التعيين بعد الحيرة ومنه الينا قال لنا اي بالتبعية " حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره " فذكر لنا المكان بقوله :" حيثما كنتم " لأنه في كل مكان " وهو معكم أينما كنتم " فما ذكر غير توجيه الوجه , فالوجه لا يقابل الا الوجه , ومنه أن أهل الآخرة يعرفون بوجوههم " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " أي بقدر نسبتها من الوجه وعدمه وهذا من أسرار يوم البعث وانما سماه البعث من حيث انبعاث الحقائق على الصورة في العلم القديم لذا قال " لا تخفى منكم خافية " أي الخافية هي التي لا تخفى , والمراد بالخافية أي أسرار الذات فيكم التي لا تصل الى ادراك الخلائق ولا يتصورونها لأن حد الانسان من الحقائق التصور أي الصورة أما الأصل فهو يخفى عليهم لذاك قال " لا تخفى منكم خافية " فهذا من معاني النفي والاثبات وهو أول قدم بالنسبة للعبد الرباني في سلوكه وغير هذا لا يعتبر سلوكا , وانما قدّم التوحيد على الرسالة في الشهادة للعلم بأن التوحيد هو الأصل فلولاه ما كانت رسالة ولا رسول أي صورة ولا روحها أي معانيها بالنفس الرحماني القائل فيه " فنفخت فيه من روحي " أي نفخت في الصورة من هذا الروح وكل من نفخت فيه منه استوى بشرا سويا كما استوت الرسل واستوى جبريل لمريم والرحمان على العرش استوى ومن هنا نفخ عيسى في الصور فكانت باذن الله لأنه روح الله أي من حيث هذا السر . فقولنا : أشهد : أي تحقيقا وليس ظنا لأن : الظن لا يغني من الحق شيئا , وقد قال تعالى :" تظنون بالله ظن الجاهلية " أي المبالغة في الجهل , والألوهية هي الوجود المطلق فالنفي حقيقة هو لهذا الوجود والا فكيف سيتحقق الاثبات أي اثبات الوجود الحق وما ثمّ غيرا في الحقيقة ولذا قال : أاله مع الله , ولم يقل أاله مع الرحمان أومع أي اسم آخر , فالمؤذن عندما يؤذن يستفتح بعد التكبير بقوله " الله أكبر الله أكبر , يدخل في الفناء على طول ثم يرجع بالآذان الى عالم البقاء بقوله محمد رسول الله لتتحقق العبودية في مظاهر الألوهية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته " الرفيق الأعلى " وانما سمّاه الرفيق للدلالة على حقيقته المحمدية في قوله " محمد رسول الله فلا زال مرافقا له الى الأبد وعلى العرش كتبت الشهادة كما هو معلوم وانما قال " الأعلى " لاثبات نسبته اليه وأنه منه واليه صلى الله عليه وسلم وهذا التوحيد الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم خاص به ولا يفهمه الا هو صلى الله عليه وسلم .
والسلام
وصلى الله تعالى وسلم على الحبيب وآله
وبعد :
أشهد أن لا اله الا الله * وأشهد أن محمدا رسول الله .
هذه الشهادة خلاصة العلوم ولبّها واصلها وفرعها فمن لم يقلها ويشهد بها فليس له علم البتّة مهما أدعى بل هو في جهله يسعى , وأصدق من نطق بها هو الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وآله , والنطق بها لا يتحقق الا ذوقا وهذا هو حقيقة النطق , فمن معانيها ولوازمها التي لا تفارقها بحال :
- أن الشهادة من عائلة الشهود بمعنى العين وليس وراءها أين .
- نفي الالوهية عند سلوكها بمعنى : أيها الفقير في سلوكك ستعترضك آيات عظام وخطوب جسام فاياك ان تعتقد بأنها هي وكن مثل ابراهيم عليه السلام في سلوكه لما قال في القمر والشمس هذا ربي فما كان منه الا النفي بعد انجلائها أمام أنوار الحضرة وهكذا كل فقير صوفي فلا بد أن يقول مثل قوله وفي الأخير لما أراد الاثبات بعد أن انتهى وملّ من النفي قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض , أنظر كيف لم يعيّن الجهة التي يقول بها بعض الناس اليوم ويعتبرونه توحيدا , فقال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض " ولم يقل وجهت وجهي له لأنه لا يعيّن في هذا المقام أبدا لأنه " حيثما تولوا فثم وجه الله " فأين التعيين لذا فأول الشهادة شهود أن لا اله , هذا جانبا , ثم قوله الا الله هو اطلاق الالوهية حيثما كانت وهو معنى اسمه الجامع وهو : الله " الجامع للاسماء والصفات فوحّد الصفات والاسماء بتوحيده للذات لذاك قال " الذي فطر السماوات والارض "
والسماوات يعني بها اشارة الى الصفات والاسماء مراده منها الأرض أي أنه وحده بداية في الاسماء ثم في الصفات ثم نفاها بقوله " وجهت وجهي " ثم أثبتها سريعا به في قوله " للذي فطر السماوات والارض " فهذ توحيد ابراهيم عليه السلام .
والقول بنفي الالوهية عن سواه معناه نفي كل شيء لأنه ليس كمثله شيء وكل ما يثبته الانسان بغير اثباته لذاته سبحانه فقد قال بالشريك " والله لا يغفر ان يشرك به " ويغفر ما دون ذلك : أي متعلقات الاسماء والصفات أما متعلّقات الذات من القول بالشريك فلا يغفره أبدا وهو ظلم كبير .
وقوله " وجهت وجهي " نهاية الفناء الكامل والاضمحلال التام والسحق والمحق والكد , فما ذكر غير وجهه لأن الله يقول " فأينما تولوا فثم وجه الله " فالوجه لا يوجّه الا للوجه ولذا قال لحبيبه " فولّ وجهك شطر المسجد الحرام , لمّا رآه يبحث عن التعيين بعد الحيرة ومنه الينا قال لنا اي بالتبعية " حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره " فذكر لنا المكان بقوله :" حيثما كنتم " لأنه في كل مكان " وهو معكم أينما كنتم " فما ذكر غير توجيه الوجه , فالوجه لا يقابل الا الوجه , ومنه أن أهل الآخرة يعرفون بوجوههم " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " أي بقدر نسبتها من الوجه وعدمه وهذا من أسرار يوم البعث وانما سماه البعث من حيث انبعاث الحقائق على الصورة في العلم القديم لذا قال " لا تخفى منكم خافية " أي الخافية هي التي لا تخفى , والمراد بالخافية أي أسرار الذات فيكم التي لا تصل الى ادراك الخلائق ولا يتصورونها لأن حد الانسان من الحقائق التصور أي الصورة أما الأصل فهو يخفى عليهم لذاك قال " لا تخفى منكم خافية " فهذا من معاني النفي والاثبات وهو أول قدم بالنسبة للعبد الرباني في سلوكه وغير هذا لا يعتبر سلوكا , وانما قدّم التوحيد على الرسالة في الشهادة للعلم بأن التوحيد هو الأصل فلولاه ما كانت رسالة ولا رسول أي صورة ولا روحها أي معانيها بالنفس الرحماني القائل فيه " فنفخت فيه من روحي " أي نفخت في الصورة من هذا الروح وكل من نفخت فيه منه استوى بشرا سويا كما استوت الرسل واستوى جبريل لمريم والرحمان على العرش استوى ومن هنا نفخ عيسى في الصور فكانت باذن الله لأنه روح الله أي من حيث هذا السر . فقولنا : أشهد : أي تحقيقا وليس ظنا لأن : الظن لا يغني من الحق شيئا , وقد قال تعالى :" تظنون بالله ظن الجاهلية " أي المبالغة في الجهل , والألوهية هي الوجود المطلق فالنفي حقيقة هو لهذا الوجود والا فكيف سيتحقق الاثبات أي اثبات الوجود الحق وما ثمّ غيرا في الحقيقة ولذا قال : أاله مع الله , ولم يقل أاله مع الرحمان أومع أي اسم آخر , فالمؤذن عندما يؤذن يستفتح بعد التكبير بقوله " الله أكبر الله أكبر , يدخل في الفناء على طول ثم يرجع بالآذان الى عالم البقاء بقوله محمد رسول الله لتتحقق العبودية في مظاهر الألوهية وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته " الرفيق الأعلى " وانما سمّاه الرفيق للدلالة على حقيقته المحمدية في قوله " محمد رسول الله فلا زال مرافقا له الى الأبد وعلى العرش كتبت الشهادة كما هو معلوم وانما قال " الأعلى " لاثبات نسبته اليه وأنه منه واليه صلى الله عليه وسلم وهذا التوحيد الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم خاص به ولا يفهمه الا هو صلى الله عليه وسلم .
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله
تتمّة :
وقولنا : أشهد أن محمد رسول الله
اذا شهدنا بها في طريق سيرنا الى الفناء فهي تعدّ مرحلة من مراحل السير أما الشهادة بها حقيقة لا يمكن ِأن تكون الا في مقام البقاء لذا كانت الشهادة الثانية بعد الشهادة الأولى
فاذا تحقق النفي في بداية الشهادة الأولى فانها تفنى جميع المخلوقات بما فيها الحقيقة المحمدية وهو فناء شهود واحساس لا فناء علم فالعلم لا يفنى لذا قال له : فاعلم أنه لا اله الا الله أي بعد تحقيق الفناء فيها والبقاء بها وهذا هو العلم أما المعرفة فقد تكون جذبا أو سلوكا ولو كان استقرارا في الحضرة المحمدية مثل الشيخ سيدي يوسف بن اسماعيل النبهاني رضي الله عنه كان في بحر الحقيقة المحمدية يسبح ولم يكن له قدم في الحضرة القدسية ولذا قال سيدي الشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه لما زار الشام في الثلاثينيات : أردت أن أعرج بيوسف النبهاني الى الحضرة القدسية فوجدته متشبث بالحضرة المحمدية فثبّته فيها .
لذا كان أهل الجذب من الأول أعلى مقاما من غيرهم من السالكين الذين قد يقفون مع أحكام الحقيقة المحمدية وهي الامتحان الأول بما فيها الجنة ومظاهرها , أما أهل الجذب فليس لهم مع غيره قرار ولا عن أنفسهم والعالم أخبار الا بعد الرجوع من عنده في حلية المعرفة بالواحد القهار .
فكانت الشهادة الثانية لا يمكن فهمها حقيقة الفهم الا بعد تحقيق الشهادة الأولى وهي شهادة الوجود المطلق وتحقيق العبودية الدائمة التي لا تقبل الانفصال عنه ولا الاتصال به أبدا لأنها صفة العبد الملازمة له من الأزل والى الأبد .
هذا ثم اذا حققنا في الشهادة الأولى بعد تحقيق النفي مثل ابراهيم عليه السلام في الاثبات لما وجدنا غير اسمه تعالى " الله " ثم جاء التعريف بالشهادة الثانية في علم الحقيقة وليس في علم الشريعة وهو قولنا محمد رسول الله :
فبقي الكلام بعد النفي بأداة " الا " هكذا :
الله محمد رسول الله , فلا نجد غير الله في الأول والآخر وهو الظاهر بهذا وهو الباطن فيه أيضا , فقولنا " محمد رسول الله " هو مقام العبودية أي عبودية الخلق لمولاهم أي المراد منهم بخلقهم واخراجهم من العدم الى الوجود ولذا كان خاتم رسول الله منقوشا عليه الأسطر الثلاثة من الفوق اسم الله ومن الادنى كلمة محمد وفي الوسط كلمة رسول كي لا يقع اتحاد ولا حلول
أي مقام الايمان في مقام الشريعة ثم مقام الايمان في الحقيقة المحمدية المعبر عنها في أيامنا هذه بالطريقة ثم الايمان في الحقيقة المعبر عنه بالمعرفة او الاحسان الى غير ذلك فكان الخاتم على هذا الشكل لانه خاتم النبيئين فلا بد ان يكون الامر هكذا والا انقلبت الحقائق وصار العلم جهلا وهذا محال .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام محمد رسول الله فرد كأي فرد من الخلق لأن مقام الحقيقة المحمدية هو مقام روحه صلى الله عليه وسلم وهذا ليس له بل للعارفين وأهل الايمان به قاطبة أما مقامه هو فهو المقام الأحمدي أي أنه العبد في المقام الأحمدي وليس في المقام المحمدي فالمقام المحمدي مقام أمته وليس مقامه هو لذا قرنت الرسولية بجانب المحمدية ولو ذكرت مكانها النبوّة لكان اسمه أحمد حلّ محلّ اسمه محمد وهذا أمر خفي لأن مقامه ذاك خاص به هو ولا يعني أحدا فكانت الشهادة الثانية هي التعريف الذي وقع في الاكوان وهو مبتغى الرحمان من خلقه الانسان وكلمة رسول هي الواسطة التي يعنيها الاولياء والعلماء العارفين في كتبهم وصلواتهم فكان الرسول اسمه محمد وليس أحمد لان أحمد مقام نبوّته المصون لذا كان خاتم النبيئين بما أن الرسالة ضمن النبوة بل هي جزء صغير من أجزائها ولذا كان عليه الصلاة والسلام لا يشير الى نفسه في أغلب الاحيان الا لمقام عبوديته ونبوته اذا تناول الكلام عن نفسه فكان ميراث الاولياء الاكابر والخواص من مقام باطن نبوته لذا كانت لهم مدارس بعدد مدارس الانبياء من قبله عليه الصلاة والسلام , والمقصود من الرسالة معرفة المرسل والرسول ومحتوى الرسالة وليس الرسالة بحد ذاتها ولذا قال : لقد جاءكم رسول من أنفسكم " ولم يقل جاءكم نبي من أنفسكم لأان هذا محال أما الارسال فصحيح لأن مقام الارسال مقام للناس وليس للذات الخاصة بكل نبي ولذا قال : خذوا عني مناسككم " ولم يقل مناسكي , وقال " هذا جبريل اتى يعلمكم دينكم ولم يقل ديني "
والسلام
تتمّة :
وقولنا : أشهد أن محمد رسول الله
اذا شهدنا بها في طريق سيرنا الى الفناء فهي تعدّ مرحلة من مراحل السير أما الشهادة بها حقيقة لا يمكن ِأن تكون الا في مقام البقاء لذا كانت الشهادة الثانية بعد الشهادة الأولى
فاذا تحقق النفي في بداية الشهادة الأولى فانها تفنى جميع المخلوقات بما فيها الحقيقة المحمدية وهو فناء شهود واحساس لا فناء علم فالعلم لا يفنى لذا قال له : فاعلم أنه لا اله الا الله أي بعد تحقيق الفناء فيها والبقاء بها وهذا هو العلم أما المعرفة فقد تكون جذبا أو سلوكا ولو كان استقرارا في الحضرة المحمدية مثل الشيخ سيدي يوسف بن اسماعيل النبهاني رضي الله عنه كان في بحر الحقيقة المحمدية يسبح ولم يكن له قدم في الحضرة القدسية ولذا قال سيدي الشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه لما زار الشام في الثلاثينيات : أردت أن أعرج بيوسف النبهاني الى الحضرة القدسية فوجدته متشبث بالحضرة المحمدية فثبّته فيها .
لذا كان أهل الجذب من الأول أعلى مقاما من غيرهم من السالكين الذين قد يقفون مع أحكام الحقيقة المحمدية وهي الامتحان الأول بما فيها الجنة ومظاهرها , أما أهل الجذب فليس لهم مع غيره قرار ولا عن أنفسهم والعالم أخبار الا بعد الرجوع من عنده في حلية المعرفة بالواحد القهار .
فكانت الشهادة الثانية لا يمكن فهمها حقيقة الفهم الا بعد تحقيق الشهادة الأولى وهي شهادة الوجود المطلق وتحقيق العبودية الدائمة التي لا تقبل الانفصال عنه ولا الاتصال به أبدا لأنها صفة العبد الملازمة له من الأزل والى الأبد .
هذا ثم اذا حققنا في الشهادة الأولى بعد تحقيق النفي مثل ابراهيم عليه السلام في الاثبات لما وجدنا غير اسمه تعالى " الله " ثم جاء التعريف بالشهادة الثانية في علم الحقيقة وليس في علم الشريعة وهو قولنا محمد رسول الله :
فبقي الكلام بعد النفي بأداة " الا " هكذا :
الله محمد رسول الله , فلا نجد غير الله في الأول والآخر وهو الظاهر بهذا وهو الباطن فيه أيضا , فقولنا " محمد رسول الله " هو مقام العبودية أي عبودية الخلق لمولاهم أي المراد منهم بخلقهم واخراجهم من العدم الى الوجود ولذا كان خاتم رسول الله منقوشا عليه الأسطر الثلاثة من الفوق اسم الله ومن الادنى كلمة محمد وفي الوسط كلمة رسول كي لا يقع اتحاد ولا حلول
أي مقام الايمان في مقام الشريعة ثم مقام الايمان في الحقيقة المحمدية المعبر عنها في أيامنا هذه بالطريقة ثم الايمان في الحقيقة المعبر عنه بالمعرفة او الاحسان الى غير ذلك فكان الخاتم على هذا الشكل لانه خاتم النبيئين فلا بد ان يكون الامر هكذا والا انقلبت الحقائق وصار العلم جهلا وهذا محال .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام محمد رسول الله فرد كأي فرد من الخلق لأن مقام الحقيقة المحمدية هو مقام روحه صلى الله عليه وسلم وهذا ليس له بل للعارفين وأهل الايمان به قاطبة أما مقامه هو فهو المقام الأحمدي أي أنه العبد في المقام الأحمدي وليس في المقام المحمدي فالمقام المحمدي مقام أمته وليس مقامه هو لذا قرنت الرسولية بجانب المحمدية ولو ذكرت مكانها النبوّة لكان اسمه أحمد حلّ محلّ اسمه محمد وهذا أمر خفي لأن مقامه ذاك خاص به هو ولا يعني أحدا فكانت الشهادة الثانية هي التعريف الذي وقع في الاكوان وهو مبتغى الرحمان من خلقه الانسان وكلمة رسول هي الواسطة التي يعنيها الاولياء والعلماء العارفين في كتبهم وصلواتهم فكان الرسول اسمه محمد وليس أحمد لان أحمد مقام نبوّته المصون لذا كان خاتم النبيئين بما أن الرسالة ضمن النبوة بل هي جزء صغير من أجزائها ولذا كان عليه الصلاة والسلام لا يشير الى نفسه في أغلب الاحيان الا لمقام عبوديته ونبوته اذا تناول الكلام عن نفسه فكان ميراث الاولياء الاكابر والخواص من مقام باطن نبوته لذا كانت لهم مدارس بعدد مدارس الانبياء من قبله عليه الصلاة والسلام , والمقصود من الرسالة معرفة المرسل والرسول ومحتوى الرسالة وليس الرسالة بحد ذاتها ولذا قال : لقد جاءكم رسول من أنفسكم " ولم يقل جاءكم نبي من أنفسكم لأان هذا محال أما الارسال فصحيح لأن مقام الارسال مقام للناس وليس للذات الخاصة بكل نبي ولذا قال : خذوا عني مناسككم " ولم يقل مناسكي , وقال " هذا جبريل اتى يعلمكم دينكم ولم يقل ديني "
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
علي كتب:
...
وهذا هو العلم أما المعرفة فقد تكون جذبا أو سلوكا ولو كان استقرارا في الحضرة المحمدية مثل الشيخ سيدي يوسف بن اسماعيل النبهاني رضي الله عنه كان في بحر الحقيقة المحمدية يسبح ولم يكن له قدم في الحضرة القدسية ولذا قال سيدي الشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه لما زار الشام في الثلاثينيات : أردت أن أعرج بيوسف النبهاني الى الحضرة القدسية فوجدته متشبث بالحضرة المحمدية فثبّته فيها .
...
بارك الله فيك سيدي علي وزادك فهما وذوقا...
وكم أعجبني هذا الفهم الراقي خاصة وأنك تصاحب في كل فهم دليلا وركيزة من الشرع القويم
ولم تعتريك فيها شطحات تحسب عليك...
وكذلك شدتني هاته المعلومة واللطيفة في علاقة سيدي العلاوي بسيدي النبهاني رضي الله عنهما،
وقد سماه أستاذنا رضي الله عنه عاشق الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولو تفضلتم أخي بذكر مصدر هذه القصة لما لها من دلالات عميقة في فهم بعض الأشياء...
دمتم أخي في حفظ الله ورعايته.
والسلام
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله في أزله لأنّه لم يزل
والصلاة والسلام على المتحقق بالأسماء والصفات في عين الذات وآله الأبرار وصحبه الأخيار
بعد التحية والسلام ( تحيتهم فيها سلام ) الى الكرام في بحر الهيام :
قال تعالى :" لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون "
ولمّا تمعّنت في هذه الآية بعين الفناء ولله تعالى البقاء انفتحت مغالقها فرأيت عروجا اليها مسالكها فأحببت أن أكرم السادة لأنني " أحبّهم وأداريهم بمهجتي وخصوصا منهم نفرا " ببعض ما اجتاح باطني من معانيها وهدايا بانيها
فانني ولله الحمد لا أكتب الا بقلم الوارد والفكر عن الأكوان في تلك اللحظة شارد ( هذا عطاؤنا وعندنا مزيد ) فالعطاء هو العلم والحكمة والمزيد هو الفناء والبقاء , فمن حضرة العطاء أكتب أما المزيد فانّه لا يكتب بالمداد بل بذوق أهل الوداد فافهم .وانّما فهّمها الله تعالى لسليمان لأنه عليه السلام فيض مزمار داوود فالعلم والحكمة ليس هو عين الفهم وذلك أنه قال بعد أن ذكر تفهيمها لسليمان " وكلّ آتينا علما وحكمة " أي دفاعا عن مقام أبيه
فقوله :" لن تنالوا البرّ "
ذكر مقام النوال الذي هو منتهى آمال الرجال , والبرّ المراد الموافق لاسمه (البرّ الرحيم ) فعلّقه بعالم الغيب وهو مقام الرحيميّة في الآخرة .
ثمّ ذكر الانفاق مشيرا الى أهل الأذواق لذا قال " حتى تنفقوا مما تحبّون " فذكر مقام المحبّة , فماذا سينفقون وهم لم يحبّوا سواه , فانظر الى هذا الدلال وهذه الفيافي من هذا الجمال .
فغار الحبيب صلى الله عليه وسلّم وقال " حببّ اليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة "
فلم يحبّ شيئا من عالم الاحساس لذا قال ( حبّب اليّ ) فانظر أدبه ومعرفته لتعلم قدر هذا النبيّ الكريم والمعلّم الحكيم ثمّ قال لعلمه بالحال ( وجعلت قرّة عيني في الصلاة ) ووالله لو يخبر المخبر بحقائق قوله عليه الصلاة والسلام ( حبّب اليّ النساء والطيب)لأخرج منها ماء كوثريّا من حيث قوله ( انّا أعطيناك الكوثر)وما الكوثر الا شراب اللطف قبل الصلاة لئلا تحرق كبده التجليات ولو لا الكوثر وهوعبارة عن حقيقته عليه السلام ومن هذا الشراب يشرب أهل الله تعالى لما قال فيه ما كذّب الفؤاد ما رأى وعدم تكذيب الفؤاد أي الى أبد الآباد باعتبار الرؤية الدائمة , وانّما حبّب اليه النساء من حيث قوله تعالى:" وخلق من كل زوجين اثنين "والنساء هي سرّ الكثرة في عالم الفرق أو تقول هنّ عبارة عن حقيقته المحمدية من حيث متعلّقات يوم الاثنين ولذا جعلنا له عينين ليراني بهما في الحقيقتين ولسانا واحدا في الدلالة عليّ وشفتين من حيث أنه بشيرا ونذيرا في أسماء الجمال والجلال بشيرا ونذيرا فحبّب اليه النساء لأنّهنّ مصدر الأنس من حيث الانسان وهو في الحقيقة لم يحبّ غير نفسه عليه الصلاة والسلام بما أن الله تعالى يقول :" وخلق منها زوجها " وهذا التحبيب وقع لحقيقته المحمدية أي أنّ الله تعالى حبّب اليه حقيقته المحمدية فأحبّها بتحبيب الله تعالى والانفاق المقصود أي من محبّتكم لذواتكم الموجودة بي فكان أهل الله تعالى يحبّون الوجود بأسره من حيث حبّهم للذّات القدسية لا من حيث محبّتهم لحقيقته المحمدية مستقلّة عن الذات ولذا حبّب اليّ أي حقيقتي المحمدية التي خلق الله منها كلّ شيء وهي رمز للنساء بما أنّهنّ محلّ الولادة أو تقول خروج التجلّيات في حليته المحمدية والتحبيب هو مقام البقاء به وانّما قال " وجعلت قرّة عيني في الصلاة أي أنه دائم الفناء في عالم البقاء فهو المجذوب الصاحي الذي لا يزيده سكره الا صحوا ولا جذبه الا سلوكا وسلوكه عليه السلام بدأ من حيث كمال معرفة العارفين الكمّل ,ولذا قال " لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون " فليس مقصودهم متوجّه الى الانفاق ولا استشعارهم ما يحبّون بتحبيب الله وانما غرضهم نوال البرّ وانّما أراد أن يشير لهم أنني حبّبت لكم العالم بأسره لتنفقوه على أنفسكم في هذا المشهد ولا تبخلوا عليها , وانما قلت لكم " مما تحبّون ولم أقل لكم مما تكسبون أو تعملون في هذا المقام لأنه ليس بمقام كثافة وانما هو مقام لطافة فما أنفقتم حقيقة غير محبّتكم التي هي معناكم فليس هناك فقير وغنيّ في هذا المقام لاستواء محبّتكم كل محبّ لي بما أحبّني فيه وهذا مقام لا يعقله غير المحبّين الذي علم المحبّة وشؤنها فما دلّ في الحقيقة على غير نفسه والمعاني في هذا مثل أمواج البحار الزاخرات لا حدّ لها أبدا لعجز العبارة عن حمل الاشارة , والاشارة هي عبارة عن الذرّة التي هي أصل الاشياء من حيث العدد ومن منّا يحسن أن يرى الذرّة بعينه الباصرة بل لا بدّ فيها من مجهر سليم , وكذلك الاشارات في كلام الله تعالى ورسوله فلا بدّ لها من بصيرة نافذة ( انّي أدعو الى الله على بصيرة ) هكذا أمره أن يقول فلا بدّ اذن من البصيرة لفهم هذه الدعوة الى الله تعالى وليس بعد هذا البيان بيان .
فكان مجال انفاق العارفين من كلّ ما حبّب الله اليهم وهم لا يحبّون سواه فكان انفاقهم بالله تعالى , والانفاق بالله تعالى لا بد أن أن يكون وفق حقائق العبد البشريّة والروحيّة , وهذا حدّ فاصل بين محبّة الشيء بالنفس وبين محبّته بالله تعالى ولأجل الله تعالى ومن هنا اختلف وتباين انفاق العامّة من النّاس وانفاق أهل الله تعالى , ومن هنا كان انفاق النبيّ صلى الله عليه وسلّم وانفاق أتباعه من العارفين الذين هم آله عليهم السلام .
ومقام الانفاق بالله هو مقام التحقيق في المعاملة كما أن مقام ( جعلت قرّة عيني في الصلاة ) مقام التحقيق في العبادة لكي لا يشهد العبد غير مولاه ولا يرى في الكون سواه من غير أن تختلط الحقائق وتغيب عن الأفهام الدقائق والرقائق والكلّ عبادة من حيث العبودية بوصف البشرية والروحانية أي العبادة والمعاملة , فالعبادة فناء , والمعاملة بقاء , فكان الانفاق والمعاملة في عالم البقاء وهو مقام الأدب الممزوج بالحكمة المتكيّف في صورة العلم كالتاج على رأس الملك ( عند مليك مقتدر )
فأشار لهم في الآية الى الخروج من مقام الفناء فيه الى مقام البقاء به لذا قال تعالى ( لن تنالوا البرّ ) أي لن تظهر مراتبكم في الآخرة التي هي عالم الظهور أمّا هذه الدنيا فهي عالم البطون في حقّ هؤلاء السادة حتّى تفهموا قولي ( اني جاعل في الأرض خليفة ) ولمّا كان مقام الانفاق فيه حياة الناس وأسباب الكون طالبتكم به لكي لا تجهلوا مقاماتكم التي أثبتّوها بي , فكان الكون كلّه محبوبا لديكم , لأنّه لا يدلّ على سواي لأنّه ما ثمّ سواي من حيث بصيرتكم لا من حيث بصركم , وليس ما ثمّ سواي بحسب فهمكم وعلمكم بل بحسب شهودكم فقط لأنّ علمكم وفهمكم تابع لكم فهو جهل من حيث علمي فكلّ ما أنسبه اليكم ليس له بي ارتباطا من حيث ألوهيّتي لذا قلت لكم :" ممّا تحبّون ) ولم أقل ممّا أحبّ أنا لفناء محبّتكم في محبّتي فكانت محبّتكم للشيء من حيث تحبيبها اليكم من قبلي وليس من حيث محبّتي أنا لها ,ان كنت أريدها منكم فلأنّها تعرّفكم بي , فأنا لا أثبت غير حقائقكم وأدلّكم عليها لأعرّفكم بحقيقة عبوديتكم لي ,أي من حيث صفاتي أنت تحبّون وتبغضون , وما حبّكم للكون الا لأنّه جملة صفاتي , وليس انفاقكم من حيث محبتكم لذاتي فذاتي لا تعلّق لها بالأشياء ولا بكم اذ لا وجود لكم حتى تحبّون الأشياء بمحبّتكم لذاتي , فما أردت غير اتحافكم في الدنيا والآخرة وأن تسيروا وفق حقائقي المتعدّدة التي لا نهاية لها فلا تتعدّون طوركم .
فكان عليه الصلاة والسلام جوّادا كريما وأجود ما يكون في رمضان اتباعا لله تعالى في عطائه وكان نزول القرآن وهو أعظم عطيّة في رمضان لذا كان يجود مثل الرياح المرسلة فيه فهو عليه الصلاة والسلام الفاهم عن الله في كلّ شيء لذا قال ( أوتيت القرآن ومثله معه ) ومثله ظاهر في قوله ( أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ) لذا كان شهر رمضان شهر تدارس القرآن مع جبريل وليس مع الصحابة بل مع جبريل لكي يكون التدارس بنسيم الحضرة التي تلقّى منها جبريل القرآن فلم يرغب عليه الصلاة والسلام أن يغيب عنه هذا الحال أدبا مع الله تعالى لأنّها مرتبته فكان تدارسه للقرآن بنفس حال نزوله مع جبريل فأنظر معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بربّه وحسن أدبه ومعرفته للحقائق ولذا لما عجز الصحابة عن وصف أخلاقه قالوا كان خلقه القرآن رغم أنّ القرآن قال " وانّك لعلى خلق عظيم " والشرح لهذا أن خلقه كان القرآن بحقّ أمّا الآية فقد دلّت على مرتبته التي لا يلحقها غيره أو هي سرّه الصافي العظيم المرموز لها بحقيقته الأحمديّة .
وبالله التوفيق
والسلام
الحمد لله في أزله لأنّه لم يزل
والصلاة والسلام على المتحقق بالأسماء والصفات في عين الذات وآله الأبرار وصحبه الأخيار
بعد التحية والسلام ( تحيتهم فيها سلام ) الى الكرام في بحر الهيام :
قال تعالى :" لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون "
ولمّا تمعّنت في هذه الآية بعين الفناء ولله تعالى البقاء انفتحت مغالقها فرأيت عروجا اليها مسالكها فأحببت أن أكرم السادة لأنني " أحبّهم وأداريهم بمهجتي وخصوصا منهم نفرا " ببعض ما اجتاح باطني من معانيها وهدايا بانيها
فانني ولله الحمد لا أكتب الا بقلم الوارد والفكر عن الأكوان في تلك اللحظة شارد ( هذا عطاؤنا وعندنا مزيد ) فالعطاء هو العلم والحكمة والمزيد هو الفناء والبقاء , فمن حضرة العطاء أكتب أما المزيد فانّه لا يكتب بالمداد بل بذوق أهل الوداد فافهم .وانّما فهّمها الله تعالى لسليمان لأنه عليه السلام فيض مزمار داوود فالعلم والحكمة ليس هو عين الفهم وذلك أنه قال بعد أن ذكر تفهيمها لسليمان " وكلّ آتينا علما وحكمة " أي دفاعا عن مقام أبيه
فقوله :" لن تنالوا البرّ "
ذكر مقام النوال الذي هو منتهى آمال الرجال , والبرّ المراد الموافق لاسمه (البرّ الرحيم ) فعلّقه بعالم الغيب وهو مقام الرحيميّة في الآخرة .
ثمّ ذكر الانفاق مشيرا الى أهل الأذواق لذا قال " حتى تنفقوا مما تحبّون " فذكر مقام المحبّة , فماذا سينفقون وهم لم يحبّوا سواه , فانظر الى هذا الدلال وهذه الفيافي من هذا الجمال .
فغار الحبيب صلى الله عليه وسلّم وقال " حببّ اليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة "
فلم يحبّ شيئا من عالم الاحساس لذا قال ( حبّب اليّ ) فانظر أدبه ومعرفته لتعلم قدر هذا النبيّ الكريم والمعلّم الحكيم ثمّ قال لعلمه بالحال ( وجعلت قرّة عيني في الصلاة ) ووالله لو يخبر المخبر بحقائق قوله عليه الصلاة والسلام ( حبّب اليّ النساء والطيب)لأخرج منها ماء كوثريّا من حيث قوله ( انّا أعطيناك الكوثر)وما الكوثر الا شراب اللطف قبل الصلاة لئلا تحرق كبده التجليات ولو لا الكوثر وهوعبارة عن حقيقته عليه السلام ومن هذا الشراب يشرب أهل الله تعالى لما قال فيه ما كذّب الفؤاد ما رأى وعدم تكذيب الفؤاد أي الى أبد الآباد باعتبار الرؤية الدائمة , وانّما حبّب اليه النساء من حيث قوله تعالى:" وخلق من كل زوجين اثنين "والنساء هي سرّ الكثرة في عالم الفرق أو تقول هنّ عبارة عن حقيقته المحمدية من حيث متعلّقات يوم الاثنين ولذا جعلنا له عينين ليراني بهما في الحقيقتين ولسانا واحدا في الدلالة عليّ وشفتين من حيث أنه بشيرا ونذيرا في أسماء الجمال والجلال بشيرا ونذيرا فحبّب اليه النساء لأنّهنّ مصدر الأنس من حيث الانسان وهو في الحقيقة لم يحبّ غير نفسه عليه الصلاة والسلام بما أن الله تعالى يقول :" وخلق منها زوجها " وهذا التحبيب وقع لحقيقته المحمدية أي أنّ الله تعالى حبّب اليه حقيقته المحمدية فأحبّها بتحبيب الله تعالى والانفاق المقصود أي من محبّتكم لذواتكم الموجودة بي فكان أهل الله تعالى يحبّون الوجود بأسره من حيث حبّهم للذّات القدسية لا من حيث محبّتهم لحقيقته المحمدية مستقلّة عن الذات ولذا حبّب اليّ أي حقيقتي المحمدية التي خلق الله منها كلّ شيء وهي رمز للنساء بما أنّهنّ محلّ الولادة أو تقول خروج التجلّيات في حليته المحمدية والتحبيب هو مقام البقاء به وانّما قال " وجعلت قرّة عيني في الصلاة أي أنه دائم الفناء في عالم البقاء فهو المجذوب الصاحي الذي لا يزيده سكره الا صحوا ولا جذبه الا سلوكا وسلوكه عليه السلام بدأ من حيث كمال معرفة العارفين الكمّل ,ولذا قال " لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون " فليس مقصودهم متوجّه الى الانفاق ولا استشعارهم ما يحبّون بتحبيب الله وانما غرضهم نوال البرّ وانّما أراد أن يشير لهم أنني حبّبت لكم العالم بأسره لتنفقوه على أنفسكم في هذا المشهد ولا تبخلوا عليها , وانما قلت لكم " مما تحبّون ولم أقل لكم مما تكسبون أو تعملون في هذا المقام لأنه ليس بمقام كثافة وانما هو مقام لطافة فما أنفقتم حقيقة غير محبّتكم التي هي معناكم فليس هناك فقير وغنيّ في هذا المقام لاستواء محبّتكم كل محبّ لي بما أحبّني فيه وهذا مقام لا يعقله غير المحبّين الذي علم المحبّة وشؤنها فما دلّ في الحقيقة على غير نفسه والمعاني في هذا مثل أمواج البحار الزاخرات لا حدّ لها أبدا لعجز العبارة عن حمل الاشارة , والاشارة هي عبارة عن الذرّة التي هي أصل الاشياء من حيث العدد ومن منّا يحسن أن يرى الذرّة بعينه الباصرة بل لا بدّ فيها من مجهر سليم , وكذلك الاشارات في كلام الله تعالى ورسوله فلا بدّ لها من بصيرة نافذة ( انّي أدعو الى الله على بصيرة ) هكذا أمره أن يقول فلا بدّ اذن من البصيرة لفهم هذه الدعوة الى الله تعالى وليس بعد هذا البيان بيان .
فكان مجال انفاق العارفين من كلّ ما حبّب الله اليهم وهم لا يحبّون سواه فكان انفاقهم بالله تعالى , والانفاق بالله تعالى لا بد أن أن يكون وفق حقائق العبد البشريّة والروحيّة , وهذا حدّ فاصل بين محبّة الشيء بالنفس وبين محبّته بالله تعالى ولأجل الله تعالى ومن هنا اختلف وتباين انفاق العامّة من النّاس وانفاق أهل الله تعالى , ومن هنا كان انفاق النبيّ صلى الله عليه وسلّم وانفاق أتباعه من العارفين الذين هم آله عليهم السلام .
ومقام الانفاق بالله هو مقام التحقيق في المعاملة كما أن مقام ( جعلت قرّة عيني في الصلاة ) مقام التحقيق في العبادة لكي لا يشهد العبد غير مولاه ولا يرى في الكون سواه من غير أن تختلط الحقائق وتغيب عن الأفهام الدقائق والرقائق والكلّ عبادة من حيث العبودية بوصف البشرية والروحانية أي العبادة والمعاملة , فالعبادة فناء , والمعاملة بقاء , فكان الانفاق والمعاملة في عالم البقاء وهو مقام الأدب الممزوج بالحكمة المتكيّف في صورة العلم كالتاج على رأس الملك ( عند مليك مقتدر )
فأشار لهم في الآية الى الخروج من مقام الفناء فيه الى مقام البقاء به لذا قال تعالى ( لن تنالوا البرّ ) أي لن تظهر مراتبكم في الآخرة التي هي عالم الظهور أمّا هذه الدنيا فهي عالم البطون في حقّ هؤلاء السادة حتّى تفهموا قولي ( اني جاعل في الأرض خليفة ) ولمّا كان مقام الانفاق فيه حياة الناس وأسباب الكون طالبتكم به لكي لا تجهلوا مقاماتكم التي أثبتّوها بي , فكان الكون كلّه محبوبا لديكم , لأنّه لا يدلّ على سواي لأنّه ما ثمّ سواي من حيث بصيرتكم لا من حيث بصركم , وليس ما ثمّ سواي بحسب فهمكم وعلمكم بل بحسب شهودكم فقط لأنّ علمكم وفهمكم تابع لكم فهو جهل من حيث علمي فكلّ ما أنسبه اليكم ليس له بي ارتباطا من حيث ألوهيّتي لذا قلت لكم :" ممّا تحبّون ) ولم أقل ممّا أحبّ أنا لفناء محبّتكم في محبّتي فكانت محبّتكم للشيء من حيث تحبيبها اليكم من قبلي وليس من حيث محبّتي أنا لها ,ان كنت أريدها منكم فلأنّها تعرّفكم بي , فأنا لا أثبت غير حقائقكم وأدلّكم عليها لأعرّفكم بحقيقة عبوديتكم لي ,أي من حيث صفاتي أنت تحبّون وتبغضون , وما حبّكم للكون الا لأنّه جملة صفاتي , وليس انفاقكم من حيث محبتكم لذاتي فذاتي لا تعلّق لها بالأشياء ولا بكم اذ لا وجود لكم حتى تحبّون الأشياء بمحبّتكم لذاتي , فما أردت غير اتحافكم في الدنيا والآخرة وأن تسيروا وفق حقائقي المتعدّدة التي لا نهاية لها فلا تتعدّون طوركم .
فكان عليه الصلاة والسلام جوّادا كريما وأجود ما يكون في رمضان اتباعا لله تعالى في عطائه وكان نزول القرآن وهو أعظم عطيّة في رمضان لذا كان يجود مثل الرياح المرسلة فيه فهو عليه الصلاة والسلام الفاهم عن الله في كلّ شيء لذا قال ( أوتيت القرآن ومثله معه ) ومثله ظاهر في قوله ( أدّبني ربّي فأحسن تأديبي ) لذا كان شهر رمضان شهر تدارس القرآن مع جبريل وليس مع الصحابة بل مع جبريل لكي يكون التدارس بنسيم الحضرة التي تلقّى منها جبريل القرآن فلم يرغب عليه الصلاة والسلام أن يغيب عنه هذا الحال أدبا مع الله تعالى لأنّها مرتبته فكان تدارسه للقرآن بنفس حال نزوله مع جبريل فأنظر معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بربّه وحسن أدبه ومعرفته للحقائق ولذا لما عجز الصحابة عن وصف أخلاقه قالوا كان خلقه القرآن رغم أنّ القرآن قال " وانّك لعلى خلق عظيم " والشرح لهذا أن خلقه كان القرآن بحقّ أمّا الآية فقد دلّت على مرتبته التي لا يلحقها غيره أو هي سرّه الصافي العظيم المرموز لها بحقيقته الأحمديّة .
وبالله التوفيق
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الحمد لله وصلى الله وسلّم على مرتضاه وآله وصحبه ومن شرب من كأس هداه
أما بعد :
بارك الله فيك وبك سيدي المحبوب القريب من قلوبنا جميعا ونشكرك حقيقة على هذا المجهود الكبير في خدمة هذه العتبات المباركة وفّقك الله وأمدّك بالعون الظاهري والباطني
قد سألتني سيّدي الفاضل عن قول الشيخ سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه السالف الذكر وهو كالآتي :
لا يوجد مصدر كتابي فيه ما ذكرته لك وانّما قد تناقل هذا القول بعض ممّن يوثق بهم من مريدي الشيخ سيدي محمد المداني رضي الله عنه وقد بلغني هذا القول من أحد العارفين بالله تعالى ممّن يطلب بهم الغيث ,ممّن هم على دراية كاملة بالسلوك وأحواله .
ثمّ اعلم سيدي الكريم أن هذا الفقير له جدّ اسمي على اسمه كان من مريدي الشيخ سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه وقد وجدت عند أبي حفظه الله تعالى الكثير من الكتب المطبوعة قديما التي كتبت في حياة سيدي احمد العلوي رضي الله عنه ومنها كتابات ومراسلات سيدي محمد المداني رضي الله عنه وقد وجدت فيها الكثير من الفوائد وهذا القول لم أعثر عليه هناك , فهذا القول سيدي قد تناقله مريدو سيدي العلاوي رضي الله عنه ومنه الى مريدي سيدي المداني قدس سره . هذا جانبا
في الجانب الآخر هذا عندي صحيح وممّا لا شكّ فيه عندي وخاصّة بأنّنا رأينا في بلاد الشّام مشرب الشيخ يوسف ابن اسماعيل النبهاني رحمه الله ولمّا زار سيدي فتحي السلامي حفظه الله مشائخ سوريا واجتمع بالشيخ أحمد عادل خورشيد حفظه الله قال لي : هو عارف في الحقيقة المحمديّة وليس في الحقيقة القدسيّة فأهل الشام يغلب عليهم هذا المشرب وهناك أمور لا أحسن أن أذكرها الآن واذا أردت المزيد فما عليك الا الطلب
والسلام
أما بعد :
بارك الله فيك وبك سيدي المحبوب القريب من قلوبنا جميعا ونشكرك حقيقة على هذا المجهود الكبير في خدمة هذه العتبات المباركة وفّقك الله وأمدّك بالعون الظاهري والباطني
قد سألتني سيّدي الفاضل عن قول الشيخ سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه السالف الذكر وهو كالآتي :
لا يوجد مصدر كتابي فيه ما ذكرته لك وانّما قد تناقل هذا القول بعض ممّن يوثق بهم من مريدي الشيخ سيدي محمد المداني رضي الله عنه وقد بلغني هذا القول من أحد العارفين بالله تعالى ممّن يطلب بهم الغيث ,ممّن هم على دراية كاملة بالسلوك وأحواله .
ثمّ اعلم سيدي الكريم أن هذا الفقير له جدّ اسمي على اسمه كان من مريدي الشيخ سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه وقد وجدت عند أبي حفظه الله تعالى الكثير من الكتب المطبوعة قديما التي كتبت في حياة سيدي احمد العلوي رضي الله عنه ومنها كتابات ومراسلات سيدي محمد المداني رضي الله عنه وقد وجدت فيها الكثير من الفوائد وهذا القول لم أعثر عليه هناك , فهذا القول سيدي قد تناقله مريدو سيدي العلاوي رضي الله عنه ومنه الى مريدي سيدي المداني قدس سره . هذا جانبا
في الجانب الآخر هذا عندي صحيح وممّا لا شكّ فيه عندي وخاصّة بأنّنا رأينا في بلاد الشّام مشرب الشيخ يوسف ابن اسماعيل النبهاني رحمه الله ولمّا زار سيدي فتحي السلامي حفظه الله مشائخ سوريا واجتمع بالشيخ أحمد عادل خورشيد حفظه الله قال لي : هو عارف في الحقيقة المحمديّة وليس في الحقيقة القدسيّة فأهل الشام يغلب عليهم هذا المشرب وهناك أمور لا أحسن أن أذكرها الآن واذا أردت المزيد فما عليك الا الطلب
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على أشرف رسله السيد الحبيب والمحبوب مفتاح حضرة الغيوب وعلى آله وصحبه نجوم الهداية وعلى كل من سلك وأحب مسلكم القويم.
أما بعد .
بورك فيك أخي وأنهلك من مشرب الأحبة الصّفي.
وصلت الفكرة وزادتنا فهما ونشوة والله...
وفرحنا أكثر بما تقومون به من بحث واستقصاء في آثار وتراث ساداتنا أهل السيادة والسند، فضلا عن غوصكم في بحار هممهم لإستخراج لآلئ تضيء وتسر الناظرين..
ونسأل نصيبنا مما ذكرت من التراث الموروث عن جدك سيدي علي العلاوي رحمه الله من رسائل وغيرها هذا طبعا إن أمكن...
وإن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً.
سلامي لكم ولكل ساكني تلك الربوع الطيبة.
أدام عزكم في حضرة العز.
والصلاة والسلام على أشرف رسله السيد الحبيب والمحبوب مفتاح حضرة الغيوب وعلى آله وصحبه نجوم الهداية وعلى كل من سلك وأحب مسلكم القويم.
أما بعد .
بورك فيك أخي وأنهلك من مشرب الأحبة الصّفي.
وصلت الفكرة وزادتنا فهما ونشوة والله...
وفرحنا أكثر بما تقومون به من بحث واستقصاء في آثار وتراث ساداتنا أهل السيادة والسند، فضلا عن غوصكم في بحار هممهم لإستخراج لآلئ تضيء وتسر الناظرين..
ونسأل نصيبنا مما ذكرت من التراث الموروث عن جدك سيدي علي العلاوي رحمه الله من رسائل وغيرها هذا طبعا إن أمكن...
وإن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً.
سلامي لكم ولكل ساكني تلك الربوع الطيبة.
أدام عزكم في حضرة العز.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله وسلم على الحبيب وآله
ان شاء الله سيدي الفاضل يكون ما طلبتم في متناولكم في أوّل فرصة سانحة
والسلام
وصلى الله وسلم على الحبيب وآله
ان شاء الله سيدي الفاضل يكون ما طلبتم في متناولكم في أوّل فرصة سانحة
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل خلق الله أجمعين وآله وصحبه
وبعد السلام الذي هو أمن القلوب والأرواح لينتفي الخوف " سلام قولا من ربّ رحيم " والتحية والاكرام :
فليعلم العالم بأن الله تعالى من أسمائه الحسنى " الفتاح" أي المبالغة في الفتح كما أن النبي صلى الله عليه وسلم " الفاتح "
لهذا فتح مكّة وفتح قلوب الناس بالهداية ويحق له هذا لأن الله تعالى يقول له :" انّا فتحنا لك فتحا مبينا " فلا بد أن ينوب اسمه الفاتح في الوجود , فالدين كلّه فتح بداية من فتح مغالق القلوب والى فتح مكّة المشرّفة ولذا قال :" لا هجرة بعد الفتح " أي لا سلوك بعد المعرفة والمعرفة هي الموطن والمسكن الذي يلازم صاحبه لذا فلم يبق غير الجهاد والنيّة ثمّ هناك لطيفة من اللطائف وهو أن البيعة أي بيعة الرضوان حدثت وهم في طريقهم الى الكعبة المكرمة وهذه اشارة الى أن البيعة تقع قبل الفتح وتقع في طريق الفتح وتقع تحت الشجرة أي في ظلّها قال تعالى " فأينما تولّوا فثمّ وجه الله " قال تعالى " يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية "ولذا في هذا المحل قال تعالى :" ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله " أي كلّ من بايعك تحت هذه الشجرة انّما يبايعون الله من أجل السير في طريق معرفتي والتحقيق ولذا قال تعالى :" يد الله فوق أيديهم " أي هم في مقام فناء الصفات عند المبايعة أي الفناء في محبته صلى الله عليه وسلّم ولذا عبّر باليد اشارة الى مقام الصفات أي عاهدوني في صفاتي أن يتوجّهوا الى معرفة ذاتي فالآيات من أحكام بعضها البعض من حيث قوله تعالى " مثل كلمة طيّبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " والكلمة الطيّبة المراد بها حقيقة قولنا " لا اله الا الله " لأنها الكلمة الطيّبة بحق , وقوله أصلها ثابت أي في العلم السابق في أم الكتاب ولذا أخبر عليه الصلاة والسلام بقوله :" الناس معادن كمعدن الذهب والفضة " فالفتح عند ساداتنا الصوفية هو المعتبر ولا غير ذلك وكل ما سوى ذلك هو غفلة عن الله في علم الحقيقة لذا قال الشاعر باستشهاد سيّد العارفين بهذا البيت " الا كل شيء خلا الله باطل " فانظر لقوله " باطل " رغم وجوده وانّما أراد بقول الشاعر كلّ شيء أي كلّ شيء قام في نظره أو في نظر الناظر بنفسه ولم يره قائم بربّه وهذا الحد الفاصل بين الحقّ والباطل وقد أشار الى ذلك بقوله تعالى " ربّنا ما خلقت هذا باطلا " فأنظر قولهم باطلا فنفوه عن أفعاله سبحانه لمّا عاينوا أنوار صفاته فيه
والقرآن في حقيقته كلّه سلوك في جميع المراتب بل هو صالح لسلوك أهل الأرض قاطبة من آدم والى قيام الساعة بل هو سلوك للملائكة والنبيئين وقد قال عليه السلام :" شيّبتني هود وأخواتها " وفي الحقيقة لم تشيّبه الا سورة هود وانّما ذكر أخواتها لأن كلام الله كلّه يشيب الرأس فتأدّب صلى الله عليه وسلّم مع السور الأخرى وهذا غاية الأدب الذي لا يطاق ولا يخطر على بال عارف بالله تعالى وانما قال أخواتها لأنه لم يفرّق بين آي القرآن ونسب لها الأخوّة وهذا مقام أخوّة الايمان فتبارك الله ما أعظم فقه النبي صلى الله عليه وسلم وما أعلى أدبه وكذلك لما ارتقى ليلة الاسراء والمعراج الى السماوات وذكر الأنبياء ومن جملة من ذكر ذكر يوسف وما ذكره بغير ما ذكره الله تعالى في كتابه من حسن جماله فلم يتعدّ ما ذكره القرآن وكذلك جميع تعريفاته صلى الله عليه وسلّم لم يتجاوز فيها حدّ القرآن لأنّه المبلّغ عن الله تعالى على الاطلاق .
وقد قال الله تعالى له :" وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون " وفي هذه الآية من بحور العلم ما لا يطاق ولا يكيّف ولا حدّ له وقد قال تعالى " والله واسع عليم " ليعلم العالم قدر وسع علم الله تعالى , وهذه الآية نراها من وجوه :
منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم يرى الكفار وهم ينظرون اليه ببصرهم المجرّد الذي لا يدل الا على الهيكل الجسماني وهو محلّ الحجاب بالأسماء فكان يراهم في حالتهم هذه ويراهم في نفس الوقت في حالتهم الثانية أي يراهم " وهم لا يبصرون " في نفس الوقت فكانت رؤيته لهم صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ولذا قال له " تراهم ينظرون اليك " وفي نفس الوقت عطف بقوله :" وهم لا يبصرون " فكانت بصيرته صلى الله عليه وسلّم منقدحة على بصره الظاهر من بال " انب أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي "
ومنها : أن النبي الأكرم يرى الوجود بأسره وهو في غفلة الحجاب عن حقيقته المحمدية لأن الوجود وما حواه هو من نوره صلى الله عليه وسلم خلق فكانت رؤيته له من حيث لا يبصر الكون اياه.
ومنها : أن العارفين بأسرهم عندما يفنون محبّة في رسول الله لا يشعرون بهذا الفناء في حقيقته المحمدية فيظنون بأنهم هو صلى الله عليه وسلّم ومع هذا النبي صلى الله عليه وسلم يراهم ظاهرا وباطنا وهم على حالتهم هذه .
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم الواسطة العظمى بين الخالق والمخلوق فالعارفين بالله وعند غيبتهم في الذات الالهيه فانهم لا يشعرون بواسطته صلى الله عليه وسلّم فهم كالغائبين عن ابصاره رغم وجوده في حقائقهم فالنظر حقيقة لم يقع الا عليه صلى الله عليه وسلم ومع هذا لا يمكن ابصاره لما عاينوه من أنوار الله تعالى التي تمحي عن ادراك أي شيء ولو كان موجودا في العلم , وكأنه يقول له : يا محمد أنظر العارفين كيف ينظرون اليّ فيك ولا يبصرونك لأنه محال أن يشهدوني ويشهدوا معي غيري . ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم يشاهدهم وهم في غيبتهم تلك ومطّلع عليهم ظاهرا وباطنا .
ومنها : أن الله تعالى وكأنّه يقول لنبيّه : يا محمد أنما قولي لك :" وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون " ذكرى لك لتدلّك عليّ فكما أنك ترى الجميع وهم لا يبصرونك فكذلك أنا أراك تنظر اليّ وانت لا تبصرني فأنظر الى عظمتي يا محمد لكي لا تفتخر بما أعطيتك في حضرتي فما أنت وهم الا سواسية في مقام " أنا أراكم تنظرون كلّكم اليّ ولا تبصرونني لأنه ما ثم سواي فلا يقع بصركم حقيقة الا عليّ من حيث لا تبصرون .
ومنها أن الضمير في كلمة يبصرون ترك ولم يعيّن لأنه قد يعود بحسب الحقائق مرّة الى الذات المحمدية ومرّة الى الذات القدسية
ومنها أن كلمة الابصار مقام قلبي وروحي لذا لا دخل له بالبصر المجرّد لذا لم يقل له تنظر اليهم وانما قال تراهم وما قال في حقّهم هم يرونك ولكنه قال ينظرون تفريقا بين الحقائق كي لا تلتبس
ومنها أن هذه الآية تضمّنت :
- مدح النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم بصفاء البصيرة واختراقها السماوات والأرض
- المذاكرة باطلاقات بصر الله تعالى وانه لا تخفى عليه خافية
- ذكرت هذه الآية مقام الرحمة لذا كان عليه السلام يستغفر لكفار قريش وانما رحمهم لاطلاعه على عمى بصيرتهم فعلم بفقدهم لآلة المعاينة ولذا قال :" اللهم أغفر لقومي فانهم لا يعلمون " تمعّن في قوله " لا يعلمون " فاعتذر لهم بعدم العلم لذا كان رحمة خالصة وعلى هداه سار العارفون .
- دلّ على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم من دون الخلق على هذه الاحاطة الشاملة بأحوال الخلائق .
- ذكرت انجماع الضدين بين النظر وعدم الابصار فبان أن المطلوب الابصار وليس النظر والابصار مقام قلبي بحت وهو عقل الايمان ( أفلا تعقلون)
- ذكرت انحجاب سرّ الخصوصية في مقام البشرية وأن الحجاب هو النظر الى ظاهر المحسوس فذكر أنّه في رؤية واحدة لذا جمعهم في ضمير واحد بقوله تراهم أي برؤية واحدة مع اختلاف درجات عدم ابصارهم ومن هنا نفهم معنى الرؤية القلبية وشدّة استيلائها واحاطتها وهيمنتها
والمعاني في هذه الآيات لا حدّ لها أبدا لأنه كلام الله تعالى وكل من ادعى بأنه أحاط بالقرآن فهما ومعنى فقد ظلم نفسه لقوله :" وما يعلم تأويله الا الله " وقوله عليه السلام :" القرآن لا تنقضي عجائبه "
والسلام
والصلاة والسلام على أفضل خلق الله أجمعين وآله وصحبه
وبعد السلام الذي هو أمن القلوب والأرواح لينتفي الخوف " سلام قولا من ربّ رحيم " والتحية والاكرام :
فليعلم العالم بأن الله تعالى من أسمائه الحسنى " الفتاح" أي المبالغة في الفتح كما أن النبي صلى الله عليه وسلم " الفاتح "
لهذا فتح مكّة وفتح قلوب الناس بالهداية ويحق له هذا لأن الله تعالى يقول له :" انّا فتحنا لك فتحا مبينا " فلا بد أن ينوب اسمه الفاتح في الوجود , فالدين كلّه فتح بداية من فتح مغالق القلوب والى فتح مكّة المشرّفة ولذا قال :" لا هجرة بعد الفتح " أي لا سلوك بعد المعرفة والمعرفة هي الموطن والمسكن الذي يلازم صاحبه لذا فلم يبق غير الجهاد والنيّة ثمّ هناك لطيفة من اللطائف وهو أن البيعة أي بيعة الرضوان حدثت وهم في طريقهم الى الكعبة المكرمة وهذه اشارة الى أن البيعة تقع قبل الفتح وتقع في طريق الفتح وتقع تحت الشجرة أي في ظلّها قال تعالى " فأينما تولّوا فثمّ وجه الله " قال تعالى " يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية "ولذا في هذا المحل قال تعالى :" ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله " أي كلّ من بايعك تحت هذه الشجرة انّما يبايعون الله من أجل السير في طريق معرفتي والتحقيق ولذا قال تعالى :" يد الله فوق أيديهم " أي هم في مقام فناء الصفات عند المبايعة أي الفناء في محبته صلى الله عليه وسلّم ولذا عبّر باليد اشارة الى مقام الصفات أي عاهدوني في صفاتي أن يتوجّهوا الى معرفة ذاتي فالآيات من أحكام بعضها البعض من حيث قوله تعالى " مثل كلمة طيّبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " والكلمة الطيّبة المراد بها حقيقة قولنا " لا اله الا الله " لأنها الكلمة الطيّبة بحق , وقوله أصلها ثابت أي في العلم السابق في أم الكتاب ولذا أخبر عليه الصلاة والسلام بقوله :" الناس معادن كمعدن الذهب والفضة " فالفتح عند ساداتنا الصوفية هو المعتبر ولا غير ذلك وكل ما سوى ذلك هو غفلة عن الله في علم الحقيقة لذا قال الشاعر باستشهاد سيّد العارفين بهذا البيت " الا كل شيء خلا الله باطل " فانظر لقوله " باطل " رغم وجوده وانّما أراد بقول الشاعر كلّ شيء أي كلّ شيء قام في نظره أو في نظر الناظر بنفسه ولم يره قائم بربّه وهذا الحد الفاصل بين الحقّ والباطل وقد أشار الى ذلك بقوله تعالى " ربّنا ما خلقت هذا باطلا " فأنظر قولهم باطلا فنفوه عن أفعاله سبحانه لمّا عاينوا أنوار صفاته فيه
والقرآن في حقيقته كلّه سلوك في جميع المراتب بل هو صالح لسلوك أهل الأرض قاطبة من آدم والى قيام الساعة بل هو سلوك للملائكة والنبيئين وقد قال عليه السلام :" شيّبتني هود وأخواتها " وفي الحقيقة لم تشيّبه الا سورة هود وانّما ذكر أخواتها لأن كلام الله كلّه يشيب الرأس فتأدّب صلى الله عليه وسلّم مع السور الأخرى وهذا غاية الأدب الذي لا يطاق ولا يخطر على بال عارف بالله تعالى وانما قال أخواتها لأنه لم يفرّق بين آي القرآن ونسب لها الأخوّة وهذا مقام أخوّة الايمان فتبارك الله ما أعظم فقه النبي صلى الله عليه وسلم وما أعلى أدبه وكذلك لما ارتقى ليلة الاسراء والمعراج الى السماوات وذكر الأنبياء ومن جملة من ذكر ذكر يوسف وما ذكره بغير ما ذكره الله تعالى في كتابه من حسن جماله فلم يتعدّ ما ذكره القرآن وكذلك جميع تعريفاته صلى الله عليه وسلّم لم يتجاوز فيها حدّ القرآن لأنّه المبلّغ عن الله تعالى على الاطلاق .
وقد قال الله تعالى له :" وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون " وفي هذه الآية من بحور العلم ما لا يطاق ولا يكيّف ولا حدّ له وقد قال تعالى " والله واسع عليم " ليعلم العالم قدر وسع علم الله تعالى , وهذه الآية نراها من وجوه :
منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم يرى الكفار وهم ينظرون اليه ببصرهم المجرّد الذي لا يدل الا على الهيكل الجسماني وهو محلّ الحجاب بالأسماء فكان يراهم في حالتهم هذه ويراهم في نفس الوقت في حالتهم الثانية أي يراهم " وهم لا يبصرون " في نفس الوقت فكانت رؤيته لهم صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ولذا قال له " تراهم ينظرون اليك " وفي نفس الوقت عطف بقوله :" وهم لا يبصرون " فكانت بصيرته صلى الله عليه وسلّم منقدحة على بصره الظاهر من بال " انب أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي "
ومنها : أن النبي الأكرم يرى الوجود بأسره وهو في غفلة الحجاب عن حقيقته المحمدية لأن الوجود وما حواه هو من نوره صلى الله عليه وسلم خلق فكانت رؤيته له من حيث لا يبصر الكون اياه.
ومنها : أن العارفين بأسرهم عندما يفنون محبّة في رسول الله لا يشعرون بهذا الفناء في حقيقته المحمدية فيظنون بأنهم هو صلى الله عليه وسلّم ومع هذا النبي صلى الله عليه وسلم يراهم ظاهرا وباطنا وهم على حالتهم هذه .
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم الواسطة العظمى بين الخالق والمخلوق فالعارفين بالله وعند غيبتهم في الذات الالهيه فانهم لا يشعرون بواسطته صلى الله عليه وسلّم فهم كالغائبين عن ابصاره رغم وجوده في حقائقهم فالنظر حقيقة لم يقع الا عليه صلى الله عليه وسلم ومع هذا لا يمكن ابصاره لما عاينوه من أنوار الله تعالى التي تمحي عن ادراك أي شيء ولو كان موجودا في العلم , وكأنه يقول له : يا محمد أنظر العارفين كيف ينظرون اليّ فيك ولا يبصرونك لأنه محال أن يشهدوني ويشهدوا معي غيري . ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم يشاهدهم وهم في غيبتهم تلك ومطّلع عليهم ظاهرا وباطنا .
ومنها : أن الله تعالى وكأنّه يقول لنبيّه : يا محمد أنما قولي لك :" وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون " ذكرى لك لتدلّك عليّ فكما أنك ترى الجميع وهم لا يبصرونك فكذلك أنا أراك تنظر اليّ وانت لا تبصرني فأنظر الى عظمتي يا محمد لكي لا تفتخر بما أعطيتك في حضرتي فما أنت وهم الا سواسية في مقام " أنا أراكم تنظرون كلّكم اليّ ولا تبصرونني لأنه ما ثم سواي فلا يقع بصركم حقيقة الا عليّ من حيث لا تبصرون .
ومنها أن الضمير في كلمة يبصرون ترك ولم يعيّن لأنه قد يعود بحسب الحقائق مرّة الى الذات المحمدية ومرّة الى الذات القدسية
ومنها أن كلمة الابصار مقام قلبي وروحي لذا لا دخل له بالبصر المجرّد لذا لم يقل له تنظر اليهم وانما قال تراهم وما قال في حقّهم هم يرونك ولكنه قال ينظرون تفريقا بين الحقائق كي لا تلتبس
ومنها أن هذه الآية تضمّنت :
- مدح النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم بصفاء البصيرة واختراقها السماوات والأرض
- المذاكرة باطلاقات بصر الله تعالى وانه لا تخفى عليه خافية
- ذكرت هذه الآية مقام الرحمة لذا كان عليه السلام يستغفر لكفار قريش وانما رحمهم لاطلاعه على عمى بصيرتهم فعلم بفقدهم لآلة المعاينة ولذا قال :" اللهم أغفر لقومي فانهم لا يعلمون " تمعّن في قوله " لا يعلمون " فاعتذر لهم بعدم العلم لذا كان رحمة خالصة وعلى هداه سار العارفون .
- دلّ على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم من دون الخلق على هذه الاحاطة الشاملة بأحوال الخلائق .
- ذكرت انجماع الضدين بين النظر وعدم الابصار فبان أن المطلوب الابصار وليس النظر والابصار مقام قلبي بحت وهو عقل الايمان ( أفلا تعقلون)
- ذكرت انحجاب سرّ الخصوصية في مقام البشرية وأن الحجاب هو النظر الى ظاهر المحسوس فذكر أنّه في رؤية واحدة لذا جمعهم في ضمير واحد بقوله تراهم أي برؤية واحدة مع اختلاف درجات عدم ابصارهم ومن هنا نفهم معنى الرؤية القلبية وشدّة استيلائها واحاطتها وهيمنتها
والمعاني في هذه الآيات لا حدّ لها أبدا لأنه كلام الله تعالى وكل من ادعى بأنه أحاط بالقرآن فهما ومعنى فقد ظلم نفسه لقوله :" وما يعلم تأويله الا الله " وقوله عليه السلام :" القرآن لا تنقضي عجائبه "
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله العظيم من حيث معرفته بعظمته لا من حيث علمنا نحن بها بفهمنا لما اخبرنا به عنها
والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم فأخرج الحقائق بأمّيته التي هي نبوّته في صورة رسالته التي هي بيانه بلسان الاسم الجامع فكان لا ينطق عن الهوى لخروجه في حلية الحقّ الى عالم الأكوان فكان يمزح ولا يقول الا حقّا فكانت حركاته وسكناته بالله أي في بسطه وهو مزحه وفي قبضه وهو جدّه
أمّا بعد :
فانّ معاني القرآن لا حد لها من البيان لأنّها من عالم الاحسان والحسن هو الجمال والجمال لا حدّ لوصفه ولا يحسن أحد رسمه وهو من دواعي الحبّ والعشق اللذان هما من دواعي الذوق السكر اللذان هما من دواعي الرحمة العلم فقال :" الرحمان علّم القرآن " فما ذكر غير الرحمة والعلم اللذان وقعت بهما الاحاطة " وأحاط بكلّ شيء رحمة وعلما " فالعلم هو الرحمة والرحمة هي تعليم القرآن " الرحمان على العرش استوى " أي بالقرآن في تعليمه قبل خلق الانسان الذي علّمه البيان بعد خلقه ليعرفه به وقد انقدح لنا من ذلك قبسا بحسب حالة التعليم في الذرّ لمّا علّمنا الأسماء في الحضرة ونحن في صلب آدم أشباحا وفي حضرة الحبيب صلى الله عليه وسلّم أرواحا لذا كان نزول آدم بعد أن سجدت الملائكة للنّور المحمّدي الى الجنّة وهي دار السكنى وفيها تمّ خلق الأزواج للسكن بعد أن كانت في مقام الرجوله عند السجود ولم يكمل من النساء غير اربعة نساء مقام الأوتاد لمن فهم المراد وكلّ من كملت من النساء كانت في مقام الرجال وها اني أتحف السادة بما في قصّة مريم مع زكرياء عليهما السلام من الألحاظ وكؤوس المعاني من الألفاظ :
لمّا كفل زكرياء مريم بعد أن فاز بمقام الكفالة التي تخاصم عليها السّادة بعد أن نذرت بها دار السكنى وهي بها حبلى الى العليم وأن تقف محرّرة الى الصراط المستقيم فقالت بعد أن صدقت في علمها " اني وضعتها أنثى " فأشار لها الى المقام العالي بقوله " والله أعلم بما وضعت " ثمّ قالت وليس الذكر كالأنثى " لشدّة أدبها وهي في حالة النفاس بعد أن أعاذتها وهي في بطنها بربّ الناس وأعاذت ذرّيتها بعد أن ألهمت وهي في ذلك المقام بأنه ستكون لها ذرّية وانّما جهلت الكيفيّة فلم تعذ زوجها لعدم ورود الوارد بذكره وكأنّ الالهام يقول لها : أنسبي الذريّة اليها فقد قامت مقام الرجل من حيث نسبة الاولاد اليها ولم تحدّد نوع الذريّة أو أنّها كنّت بذلك اشارة الى عيسى عليه السلام فكانت ملهمة كما ألهمت أمّ موسى من قبل أن اذا خفت عليه فألقه في اليمّ فكان الجلال هو عين الجمال , ثمّ قال :" كلّما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا " فذكر تعدّد مرّات الدخول ولم يعرّف بأل التعريف الرزق لتعدّده وتلوّن تشكّله فكان يسألها وهي في المحراب " من أنّى لك هذا " وكأنّه يلاطفها ويعدّها الى مقامها لما يعلم من لطافة معناها في محراب تقواها فكان نعم الكفيل المستحقّ لها الفضل الجزيل " هنالك دعا زكرياء ربّه ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة انّك سميع الدعاء " فكان يشير الى مقام مريم عن طريق التعليم كي لا تعجز عن حمل السرّ العظيم لذا سأل بعد أن أتته الاجابة " أنّى يكون لي ولد وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر " تبيينا لمريم وتفهيما واشارة وتعليما لأنه كفيلها والا فما قام بحق النزيل عنده فكان نعم الكفيل فكان شيخها في التسليك وهذا معنى الكفالة وانما كان يسألها عن الرزق يتعاهد حال توجّهها فكان يتعلّم من الحضرة على لسانها ويأخذ مذاكرته من غير شعور منها من حيث هاتف الأكوان في محراب الاحسان ولمّا اطمأنّ الى كمال حالها دعا في المحراب بالولد فأخذ الولد من حال أبيه فكان سيّدا حصورا واسمه يحيى في مقام الصفات لذا كان ذابح الموت فقد انتهى حكمه بعد البعث من الموت فجاءته البشرى به وكان قد سأل عن الكيفية كما سأل ابراهيم من قبل وعزير عليها السلام أي مشاهدة سرّ الفعل وليس عدم الايمان به لذا قال له : أولم تؤمن قال بلى " وانّما تأتيهم الواردات بالطلب ليظهر عظيم آياته في آداب أنبيائه ورسله وكل من سار على هديهم , ثمّ طلب الآية فأمره بالصيام عن الكلام أي عدم الخروج في مقام الأسماء والبيان فكانت آياته الصفات لعدم تجسّد المعجزة في صورة ظاهر يراها النّاس فأمره بستر القدرة بعدم الكلام ليتكون الحكمة في الآية الظاهرة وهي عدم الكلام ولذا قالت اقتداء به " اني نذرت للرحمان صوما فلن أكلّم اليوم انسيّا " لأنها اقتبست من حال أمّها في النذر واقتدت بزكرياء في الصيام وانما قالت " فلن أكلّم اليوم انسيّا " أي من لم يكن روحانيّا أما من كان فلا لأنه لا يشمله صوم الكلام ثمّ أنها سألت " أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر " فسألت كما سأل زكرياء اقتداء بكافلها وانما جاءتها الملائكة بالبشرى مثل زكرياء لما جاءته الملائكة بها ولو لا ما رأت من زكرياء ما رأت من انجابه الولد رغم أن زوجه عاقر وأنه قد بلغ من الكبر عتيّا لما تحمّلت شيئا ورغم هذا قالت :" يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيّا " فهناك أرجعها الى مقام زكرياء من البحث عن الرزق بعد كمالها فقال لها " شدّي اليك بجذع النخلة " وهذا مقام الرجال من رجوعها الى عالم البقاء ورجوع سرّها في ابنها الى عالم الفناء فكان لا بدّ من خروج الميّت وهو عيسى من الحي وهي مريم بعد رجوعها الى عالم الأسباب , فكانت مريم ميّتة لمّا أخرجتها الحضرة من الحيّ وهي أمّها ودعوة الأم و والدعوات هي الكلمات " فتلقّى آدم من ربّه كلمات " فكان دعاء الأنبياء كلماتهم المتجسّدة في ذرّياتهم وسنكمل ان شاء الله
والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم فأخرج الحقائق بأمّيته التي هي نبوّته في صورة رسالته التي هي بيانه بلسان الاسم الجامع فكان لا ينطق عن الهوى لخروجه في حلية الحقّ الى عالم الأكوان فكان يمزح ولا يقول الا حقّا فكانت حركاته وسكناته بالله أي في بسطه وهو مزحه وفي قبضه وهو جدّه
أمّا بعد :
فانّ معاني القرآن لا حد لها من البيان لأنّها من عالم الاحسان والحسن هو الجمال والجمال لا حدّ لوصفه ولا يحسن أحد رسمه وهو من دواعي الحبّ والعشق اللذان هما من دواعي الذوق السكر اللذان هما من دواعي الرحمة العلم فقال :" الرحمان علّم القرآن " فما ذكر غير الرحمة والعلم اللذان وقعت بهما الاحاطة " وأحاط بكلّ شيء رحمة وعلما " فالعلم هو الرحمة والرحمة هي تعليم القرآن " الرحمان على العرش استوى " أي بالقرآن في تعليمه قبل خلق الانسان الذي علّمه البيان بعد خلقه ليعرفه به وقد انقدح لنا من ذلك قبسا بحسب حالة التعليم في الذرّ لمّا علّمنا الأسماء في الحضرة ونحن في صلب آدم أشباحا وفي حضرة الحبيب صلى الله عليه وسلّم أرواحا لذا كان نزول آدم بعد أن سجدت الملائكة للنّور المحمّدي الى الجنّة وهي دار السكنى وفيها تمّ خلق الأزواج للسكن بعد أن كانت في مقام الرجوله عند السجود ولم يكمل من النساء غير اربعة نساء مقام الأوتاد لمن فهم المراد وكلّ من كملت من النساء كانت في مقام الرجال وها اني أتحف السادة بما في قصّة مريم مع زكرياء عليهما السلام من الألحاظ وكؤوس المعاني من الألفاظ :
لمّا كفل زكرياء مريم بعد أن فاز بمقام الكفالة التي تخاصم عليها السّادة بعد أن نذرت بها دار السكنى وهي بها حبلى الى العليم وأن تقف محرّرة الى الصراط المستقيم فقالت بعد أن صدقت في علمها " اني وضعتها أنثى " فأشار لها الى المقام العالي بقوله " والله أعلم بما وضعت " ثمّ قالت وليس الذكر كالأنثى " لشدّة أدبها وهي في حالة النفاس بعد أن أعاذتها وهي في بطنها بربّ الناس وأعاذت ذرّيتها بعد أن ألهمت وهي في ذلك المقام بأنه ستكون لها ذرّية وانّما جهلت الكيفيّة فلم تعذ زوجها لعدم ورود الوارد بذكره وكأنّ الالهام يقول لها : أنسبي الذريّة اليها فقد قامت مقام الرجل من حيث نسبة الاولاد اليها ولم تحدّد نوع الذريّة أو أنّها كنّت بذلك اشارة الى عيسى عليه السلام فكانت ملهمة كما ألهمت أمّ موسى من قبل أن اذا خفت عليه فألقه في اليمّ فكان الجلال هو عين الجمال , ثمّ قال :" كلّما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا " فذكر تعدّد مرّات الدخول ولم يعرّف بأل التعريف الرزق لتعدّده وتلوّن تشكّله فكان يسألها وهي في المحراب " من أنّى لك هذا " وكأنّه يلاطفها ويعدّها الى مقامها لما يعلم من لطافة معناها في محراب تقواها فكان نعم الكفيل المستحقّ لها الفضل الجزيل " هنالك دعا زكرياء ربّه ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة انّك سميع الدعاء " فكان يشير الى مقام مريم عن طريق التعليم كي لا تعجز عن حمل السرّ العظيم لذا سأل بعد أن أتته الاجابة " أنّى يكون لي ولد وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر " تبيينا لمريم وتفهيما واشارة وتعليما لأنه كفيلها والا فما قام بحق النزيل عنده فكان نعم الكفيل فكان شيخها في التسليك وهذا معنى الكفالة وانما كان يسألها عن الرزق يتعاهد حال توجّهها فكان يتعلّم من الحضرة على لسانها ويأخذ مذاكرته من غير شعور منها من حيث هاتف الأكوان في محراب الاحسان ولمّا اطمأنّ الى كمال حالها دعا في المحراب بالولد فأخذ الولد من حال أبيه فكان سيّدا حصورا واسمه يحيى في مقام الصفات لذا كان ذابح الموت فقد انتهى حكمه بعد البعث من الموت فجاءته البشرى به وكان قد سأل عن الكيفية كما سأل ابراهيم من قبل وعزير عليها السلام أي مشاهدة سرّ الفعل وليس عدم الايمان به لذا قال له : أولم تؤمن قال بلى " وانّما تأتيهم الواردات بالطلب ليظهر عظيم آياته في آداب أنبيائه ورسله وكل من سار على هديهم , ثمّ طلب الآية فأمره بالصيام عن الكلام أي عدم الخروج في مقام الأسماء والبيان فكانت آياته الصفات لعدم تجسّد المعجزة في صورة ظاهر يراها النّاس فأمره بستر القدرة بعدم الكلام ليتكون الحكمة في الآية الظاهرة وهي عدم الكلام ولذا قالت اقتداء به " اني نذرت للرحمان صوما فلن أكلّم اليوم انسيّا " لأنها اقتبست من حال أمّها في النذر واقتدت بزكرياء في الصيام وانما قالت " فلن أكلّم اليوم انسيّا " أي من لم يكن روحانيّا أما من كان فلا لأنه لا يشمله صوم الكلام ثمّ أنها سألت " أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر " فسألت كما سأل زكرياء اقتداء بكافلها وانما جاءتها الملائكة بالبشرى مثل زكرياء لما جاءته الملائكة بها ولو لا ما رأت من زكرياء ما رأت من انجابه الولد رغم أن زوجه عاقر وأنه قد بلغ من الكبر عتيّا لما تحمّلت شيئا ورغم هذا قالت :" يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيّا " فهناك أرجعها الى مقام زكرياء من البحث عن الرزق بعد كمالها فقال لها " شدّي اليك بجذع النخلة " وهذا مقام الرجال من رجوعها الى عالم البقاء ورجوع سرّها في ابنها الى عالم الفناء فكان لا بدّ من خروج الميّت وهو عيسى من الحي وهي مريم بعد رجوعها الى عالم الأسباب , فكانت مريم ميّتة لمّا أخرجتها الحضرة من الحيّ وهي أمّها ودعوة الأم و والدعوات هي الكلمات " فتلقّى آدم من ربّه كلمات " فكان دعاء الأنبياء كلماتهم المتجسّدة في ذرّياتهم وسنكمل ان شاء الله
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
الحمد لله ربّ العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمّا بعد :
أخي علي أشكرك على خواطرك التي تعبّر عن تأمل واع وتفكر عميق وصفاء نظر، وقد قدّمت مفاهيما كثيرة كبيرة الفكر وتغذي القلب وتهز الروح لدقة العبارة ووضوح العلاقة بين المقدمات والنّتائج في صياغة الفكرة، غير أن بعض المفاهيم وردت مكتنفة بالغموض فكأنّك لشدّة وضوحها عندك ومُعايشتها لك يسبق إلى ظنّك أنّها عند المتلقّي بنفس ذلك الوضوح فإذا بالعبارة تأتي كأنها تفترض استغناء المتابع عن بعض المقدمات أو بعض العلاقات بين المقدمة والنتيجة فإذا به يقع في حيرة بسبب انقطاع التسلسل المنطقي وأحيانا بصفة مفاجئة بين السابق واللاحق من الأفكار.
ولقد تذمّر من هذه الظاهرة بعض الإخوة إلى درجة أنّ أحدهم قرّر عدم متابعة مداخلاتك. وحرصا مني على تعميم الإستفادة من إبداعاتك ألتمسك منك أن تعمل على مراجعة المقالة مرارا بعين المتلقي خالي الذهن حتى تتلافى تلك الفجوات أو الغموضات.
واقبل بحبّتي الخالصة، فإني والله ما أقدمت على هذه النصيحة إلاّ حرصا منّي على ألاّ تدخل في قول الشاعر:
ولم أر في عيوب النّاس عيبا *** كنقص القادرين على التّمام
ودمتم في حفظ الله.
والسلام .
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمّا بعد :
أخي علي أشكرك على خواطرك التي تعبّر عن تأمل واع وتفكر عميق وصفاء نظر، وقد قدّمت مفاهيما كثيرة كبيرة الفكر وتغذي القلب وتهز الروح لدقة العبارة ووضوح العلاقة بين المقدمات والنّتائج في صياغة الفكرة، غير أن بعض المفاهيم وردت مكتنفة بالغموض فكأنّك لشدّة وضوحها عندك ومُعايشتها لك يسبق إلى ظنّك أنّها عند المتلقّي بنفس ذلك الوضوح فإذا بالعبارة تأتي كأنها تفترض استغناء المتابع عن بعض المقدمات أو بعض العلاقات بين المقدمة والنتيجة فإذا به يقع في حيرة بسبب انقطاع التسلسل المنطقي وأحيانا بصفة مفاجئة بين السابق واللاحق من الأفكار.
ولقد تذمّر من هذه الظاهرة بعض الإخوة إلى درجة أنّ أحدهم قرّر عدم متابعة مداخلاتك. وحرصا مني على تعميم الإستفادة من إبداعاتك ألتمسك منك أن تعمل على مراجعة المقالة مرارا بعين المتلقي خالي الذهن حتى تتلافى تلك الفجوات أو الغموضات.
واقبل بحبّتي الخالصة، فإني والله ما أقدمت على هذه النصيحة إلاّ حرصا منّي على ألاّ تدخل في قول الشاعر:
ولم أر في عيوب النّاس عيبا *** كنقص القادرين على التّمام
ودمتم في حفظ الله.
والسلام .
سلطان- عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
السلام عليكم معاشر السادة الكرام , أهلي وأهل الغرام ورحمة الله وبركاته
أمّا بعد :
أعتذر لدى ساداتي عن عدم توفية حقّ النصوص من البيان والتبسيط الذي يخالف الأمر بالبيان الوارد جزما في محكم آيات القرآن ولكم سيدي سلطان وبقية السادة ومنهم سيدي رضوان أقدّم اعتذاري ولكم الحقّ وسأتدارك هذا في المستقبل ان شاء الله تعالى فأعذروني ساداتي فوالله الذي لا اله الا هو ما أتيتكم الا عبدا ذليلا منكم أتعلّم وعلى أبوابكم أبكي أشواقي وأبث احتراقاتي ولوعاتي فوالله يا ساداتي انّ المعاني لتنزل مثل أمواج البحر الهائج الذي لا طاقة للعبد به وهذا حالي فالفقير يخزّن برودة النور في حمّى ألفاظ حيّ الصبابة وهذا ما اشتكيت منه كثير من المرّات لنخبة من العارفين فالفقير يا سيدي انّما يكتب الكلام منسجما ثمّ في نفس الوقت أحاول أن أدفع عنه أي شبهة من الشبه قد تقع في ذهن المتابع لكتابتي ثمّ أعود الى اتمام ما بصدده وانما فقط أحشو المعاني حشوا في المفردة الواحدة بقدر ما في قلبي منها من المعنى , نعم ملاحظتك جميلة التي وردت في قولك :" فكأنّها لشدّة وضوحها عندك ومعايشتك لها يسبق الى ظنّك أنّها عند المتلقّي بنفس ذلك الوضوح فاذا العبارة تأتي كأنها تفترض استغناء المتابع عن بعض المقدّمات أو بعض العلاقات بين المقدمة والنتيجة ..."
فهذا حاصل لأن الفقير يعتبر كل الفقراء أعلم منه وأدقّ في الملاحظة وأوسع احاطة بالمقدّمات فوالله هذا ظنّي فيهم ولقد عاتبني على هذا البعض من الفقراء قديما واعلم سيدي بأن عفوكم ومسامحتكم لي وكذلك تقويمكم لي هو الذي أسعدني وافرحني فلا تبخلوا علينا من ملاحظاتكم فانّ العبد لا يمكن أن يرى عيوب نفسه في الأغلب وسأقوم ان شاء الله تعالى بشرح البعض من كتاباتي الآنفة الذكر وأبيّن مقاصدي منها واعلم سيدي الحبيب سلطان بأنّكم أحييت فينا غراما قديما وشوقا وحنينا فالفقير لا يساوم على فقراء الشيخ سيدي اسماعيل الهادفي رضي الله عنه " أحبّهم وأداريهم وأوثرهم بمهجتي وخصوصا منهم نفرا " ثمّ سيدي سلطان جاءتني فكرة وبحكم اختصاصكم فقد نويت أن أضع كتابا عظيما في تفسير القرآن العظيم أسمّيه " تاج الملوك في تفسير القرآن لأهل السلوك " فهل تحسن أن أتّخذك سندا في اعانتي عليه فانها يا سيدي فيوضات اجدها في قلبي وكنت قد اتّصلت سنة 2003 بسيدي فتحي السلامي وقلت له : يا سيدي قد وجدت بقلبي شرح الحكم العطائية بالحكم مستوفاة في قلبي وقد كتبت له شرح الحكمة الأولى سنة 2003 وأرسلتها له من مدينة باريس وكذلك سيدي الفيوضات في الأحاديث النبوية الشريفة فهي بقلبي لا حدّ لها ولا كنه وكلّ هذا سيدي وأكثر منه أجده من غير دعوى ولا علّة أحسّ بها من نفسي وقد رأيت نفسي مرّة في المنام ذهبت الى المدينة المنوّرة فزرت قبر الحبيب ثم شرعت في حفره فحفرت الى أن وصلت الى قاع القبر وأنا أبحث عن الجسد الطاهر فلم أجده بل وجدت صندوقا ذهبيّا بعد أن رأيت كل القبر فارغا من التراب فنزلت الى القبر الشريف وأخذت الصندوق ثمّ بدأت أرتجف من الخوف فأرجعت الصندوق من غير أن أفتحه وكذلك مرّة أخرى رأيت نفسي أتصارع مع وليّ الله سيدي محي الدين ابن عربي رضي الله عنه مصارعة عظيمة دامت ساعات طوال ثمّ صار ما صار وكذلك جميع المشائخ رأيت معظمهم ورأيت بعض فقراء الشيخ اسماعيل في الفردوس الأعلى ورأيت سيدنا الشيخ اسماعيل رضي الله عنه وأنا أتوضأ أمامه بعد أن كال لي الماء من حوضه الى غير ذلك الكثير ... وانما حكيت هذا حتى لا يظنّ الظان بأن تفسير القرآن خاص بأشخاص دون أشخاص وانما هي فيوضات على وجه المشيئة والله أعلم بنهاية كل انسان وسؤال الايمان التام وحسن الختام في الصلاة الكاملة من العلم بمكان
والسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
السلام عليكم معاشر السادة الكرام , أهلي وأهل الغرام ورحمة الله وبركاته
أمّا بعد :
أعتذر لدى ساداتي عن عدم توفية حقّ النصوص من البيان والتبسيط الذي يخالف الأمر بالبيان الوارد جزما في محكم آيات القرآن ولكم سيدي سلطان وبقية السادة ومنهم سيدي رضوان أقدّم اعتذاري ولكم الحقّ وسأتدارك هذا في المستقبل ان شاء الله تعالى فأعذروني ساداتي فوالله الذي لا اله الا هو ما أتيتكم الا عبدا ذليلا منكم أتعلّم وعلى أبوابكم أبكي أشواقي وأبث احتراقاتي ولوعاتي فوالله يا ساداتي انّ المعاني لتنزل مثل أمواج البحر الهائج الذي لا طاقة للعبد به وهذا حالي فالفقير يخزّن برودة النور في حمّى ألفاظ حيّ الصبابة وهذا ما اشتكيت منه كثير من المرّات لنخبة من العارفين فالفقير يا سيدي انّما يكتب الكلام منسجما ثمّ في نفس الوقت أحاول أن أدفع عنه أي شبهة من الشبه قد تقع في ذهن المتابع لكتابتي ثمّ أعود الى اتمام ما بصدده وانما فقط أحشو المعاني حشوا في المفردة الواحدة بقدر ما في قلبي منها من المعنى , نعم ملاحظتك جميلة التي وردت في قولك :" فكأنّها لشدّة وضوحها عندك ومعايشتك لها يسبق الى ظنّك أنّها عند المتلقّي بنفس ذلك الوضوح فاذا العبارة تأتي كأنها تفترض استغناء المتابع عن بعض المقدّمات أو بعض العلاقات بين المقدمة والنتيجة ..."
فهذا حاصل لأن الفقير يعتبر كل الفقراء أعلم منه وأدقّ في الملاحظة وأوسع احاطة بالمقدّمات فوالله هذا ظنّي فيهم ولقد عاتبني على هذا البعض من الفقراء قديما واعلم سيدي بأن عفوكم ومسامحتكم لي وكذلك تقويمكم لي هو الذي أسعدني وافرحني فلا تبخلوا علينا من ملاحظاتكم فانّ العبد لا يمكن أن يرى عيوب نفسه في الأغلب وسأقوم ان شاء الله تعالى بشرح البعض من كتاباتي الآنفة الذكر وأبيّن مقاصدي منها واعلم سيدي الحبيب سلطان بأنّكم أحييت فينا غراما قديما وشوقا وحنينا فالفقير لا يساوم على فقراء الشيخ سيدي اسماعيل الهادفي رضي الله عنه " أحبّهم وأداريهم وأوثرهم بمهجتي وخصوصا منهم نفرا " ثمّ سيدي سلطان جاءتني فكرة وبحكم اختصاصكم فقد نويت أن أضع كتابا عظيما في تفسير القرآن العظيم أسمّيه " تاج الملوك في تفسير القرآن لأهل السلوك " فهل تحسن أن أتّخذك سندا في اعانتي عليه فانها يا سيدي فيوضات اجدها في قلبي وكنت قد اتّصلت سنة 2003 بسيدي فتحي السلامي وقلت له : يا سيدي قد وجدت بقلبي شرح الحكم العطائية بالحكم مستوفاة في قلبي وقد كتبت له شرح الحكمة الأولى سنة 2003 وأرسلتها له من مدينة باريس وكذلك سيدي الفيوضات في الأحاديث النبوية الشريفة فهي بقلبي لا حدّ لها ولا كنه وكلّ هذا سيدي وأكثر منه أجده من غير دعوى ولا علّة أحسّ بها من نفسي وقد رأيت نفسي مرّة في المنام ذهبت الى المدينة المنوّرة فزرت قبر الحبيب ثم شرعت في حفره فحفرت الى أن وصلت الى قاع القبر وأنا أبحث عن الجسد الطاهر فلم أجده بل وجدت صندوقا ذهبيّا بعد أن رأيت كل القبر فارغا من التراب فنزلت الى القبر الشريف وأخذت الصندوق ثمّ بدأت أرتجف من الخوف فأرجعت الصندوق من غير أن أفتحه وكذلك مرّة أخرى رأيت نفسي أتصارع مع وليّ الله سيدي محي الدين ابن عربي رضي الله عنه مصارعة عظيمة دامت ساعات طوال ثمّ صار ما صار وكذلك جميع المشائخ رأيت معظمهم ورأيت بعض فقراء الشيخ اسماعيل في الفردوس الأعلى ورأيت سيدنا الشيخ اسماعيل رضي الله عنه وأنا أتوضأ أمامه بعد أن كال لي الماء من حوضه الى غير ذلك الكثير ... وانما حكيت هذا حتى لا يظنّ الظان بأن تفسير القرآن خاص بأشخاص دون أشخاص وانما هي فيوضات على وجه المشيئة والله أعلم بنهاية كل انسان وسؤال الايمان التام وحسن الختام في الصلاة الكاملة من العلم بمكان
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على خيرالأنام سيد السادات ومنير الكائنات سيدنا محمد وعلى عترته الطاهرة الزكية وصحابته ووراثه أهل الخصوصية.
أخي العزيز علي سلام الله عليكم وعلى جميع الإخوة الكرام.
وبعد،
فإني أكبر فيكم تواضعكم وحسن ظنكم بإخوانكم وأشكركم على استجابتكم لملاحظاتنا وهذا المظنون بكم وأهنئكم بما أفاض الله عليكم وأسأله تعالى أن يزيدكم من فضله ويقويكم عند ورود فيوضاته ويرزقكم السداد عند البيان .
ثم إن العبد الضعيف يشجعكم على ما اعتزمتموه من تفسير للقرآن الكريم وإني أقرّ لكم بقلة البضاعة وضعف الجهد خصوصا وإن الأمر يتعلق بالقرآن الكريم ولكن لا يسعني إلا الاستجابة لاقتراحكم لا كسند كما ذكرتم لأني أقل شأنا من ذلك بل كناصح عملا بقوله عليه الصلاة والسلام المؤمن مرآة أخيه.
وودمتم في رعاية الله وحفظه ولا تنسونا من صالح دعائكم.
أخي العزيز علي سلام الله عليكم وعلى جميع الإخوة الكرام.
وبعد،
فإني أكبر فيكم تواضعكم وحسن ظنكم بإخوانكم وأشكركم على استجابتكم لملاحظاتنا وهذا المظنون بكم وأهنئكم بما أفاض الله عليكم وأسأله تعالى أن يزيدكم من فضله ويقويكم عند ورود فيوضاته ويرزقكم السداد عند البيان .
ثم إن العبد الضعيف يشجعكم على ما اعتزمتموه من تفسير للقرآن الكريم وإني أقرّ لكم بقلة البضاعة وضعف الجهد خصوصا وإن الأمر يتعلق بالقرآن الكريم ولكن لا يسعني إلا الاستجابة لاقتراحكم لا كسند كما ذكرتم لأني أقل شأنا من ذلك بل كناصح عملا بقوله عليه الصلاة والسلام المؤمن مرآة أخيه.
وودمتم في رعاية الله وحفظه ولا تنسونا من صالح دعائكم.
سلطان- عدد الرسائل : 118
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 24/04/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله القائل ( كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام )
والصلاة والسلام على الحبيب السيّد العجيب وعلى آله وصحبه
أمّا بعد :
فلمّا تمعّنت في آية ( كل من عليها فان ) التي وردت في سورة الرحمان التي علّم الله فيها باسم ذاته الرحمان القرآن ( الرحمان علّم القرآن ) ثمّ خلق الانسان ليعلّمه البيان
( وما خلقت الجنّ والانس الا ليعبدون ) أي بهذا البيان للانسان بعد تعليم القرآن قبل خلق الاعيان كما وضّح في البيان ( انّ هذا بيان للنّاس ) رغم أنّه علّم القرآن قبل تعليمه البيان للانسان فكان تعليم القرآن يبدأ من حيث اسمه الرحمان فهو حضرته ( بسم الله الرحمان الرحيم ) استفتاح كلّ سورة فدلّ بالاسم على الاسم الجامع في معاني الرحمان والرحيم في الدنيا والآخرة ليتحقّق تعليم القرآن وتعليم البيان ( فبأي آلاء ربكما تكذّبان ) فثنّى البيان في مقام الاحسان ولذا قال بعد هذه الخلاصة ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام ) فذكر التجلّيات في مقام الصفات بعد البقاء من حيث الوجه الذي قال فيه ( فأينما تولّوا فثمّ وجه الله ) وقد ذكرت هذه الآية التي هي ( كلّ من عليها فان ) ثلاثة فناءات : الفناء الأوّل من حيث جميع من سواه من حيث ربوبيته في الفعل وهو القيومية فلا فاعل الا الله ومن حيث الصفة ( خلقكم وما تعملون ) أي في حركاتكم وسكناتكم التي بها تمدحون من قبل الآخرين ومن حيث الذّات ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ) أي الواجب الوجود من كلّ وجه (فأينما تولّوا فثمّ وجه الله ) أي في ذلك البيان السابق الذي هو تعليم القرآن أو تعليم البيان , وانّما التعليم وقع على البيان تفسيرا لما في القرآن الذي هو كلامه وهو صفته الدّالة عليه أي على ذاته لأن ذاته لا تدلّ على ذاته وانّما تدلّ عليها الاسماء والصفات ( فبأي آلاء ربكما تكذّبان ) بعد هذا التعليم وهذا البيان من حضرة الرحمة ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين )فكن صفتي في الرحمة التي بها علّمت القرآن لتدلّ عليّ في كلّ شيء ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) لأنّ كلّ شيء يدلّ عليّ لأنه( ليس كمثله شيء) ثمّ كان الفناء باعتبار المقامات من حيث هذا البيان ( كلّ من عليها فان ) اي شهودا بالنسبة للعارفين في الاسماء والصفات ومن ثمّ من حيث الّذّات لذا كان القرآن أسماء من حيث بيانه الدّال على ظواهر المكوّنات , وكان صفات من حيث دلالته على باطنها ( وكذلك نوري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين ) أي بعد أن كان من المؤمنين ( قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي ) أي ليطمئنّ بك قلبي في ذكرك في عالم الصفات ( الا بذكر الله تطمئنّ القلوب ) ( اذ جاء ربّه بقلب سليم ) أي من حيث ( كلّ من عليها فان ) أي الحضرة في هذا المشهد الذي هو قلب الانسان ( نزّله على قلبك بالحقّ ) أي الذي لا يشوبه باطل من أي وجه ( ومن أصدق من الله قيلا ) في مباني ومعاني تجلّياتي ( والله لا يخلف الميعاد ) اي فيهما وانت في طي قبضتهما ( والله بكلّ شيء محيط ) وانّما ذكر الشيء أعطى ( كلّ شيء خلقه ) ومن حيث ( ورحمتي وسعت كلّ شيء ) أي وهي لا يسعها شيء ( لي وقت لا يسعني فيه غير ربّي ) من حيث ( لا تكلني الى نفسي طرفة عين ولا أقلّ من ذلك ) لذا قال ( ما زاغ البصر وما طغى ) لأنّه غير موكول الى نفسه ولو لطرفة عين أو أقلّ من ذلك
( كلّ من عليها فان ) من حيث الاحاطة وجودا وعدما علم الانسان أو لم يعلم ( الانسان كان ظلوما جهولا ) ظلوما من حيث عدم معرفتي وأنا الظاهر في كلّ شيء , وجهولا بي رغم معرفته بي ( وقل ربّ زدني علما )
أما قوله تعالى ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام ) لم يقل ويبقى وجه الله لأنه نسب الربّ اليه صلى الله عليه وسلّم وهذا مقام البقاء الحقيقي الذي لا يشهده غيره أي أو كلّ من لم يكن منه صلى الله عليه وسلّم - وقدّم اماما كنت أنت أمامه - أي ليسير بك الى سدرة المنتهى ومن ثمّ أترك له الاختراق لأنّه من اختصاصه فقدّمه في هذا المحلّ كما قدّمك في عالم الأكوان لانها تناسبك ولا تناسبه اما الاختراق فهو يناسبه ولا يناسبك الا به فلا بد من تقديمه ليصلّي بك صلاة الفجر في أوّل العصر فتحكم وقتها على بطلان صلاتك لأنّه لم يكن امامك فيها فلا بدّ من امام في هذا المكان لتقتدي به والا بطلت الصلاة ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) فلم يدلّك الا على الرؤية التي تفضي الى معرفة الكيفية في الصلاة والا بطلت لذا فرض عليه الصلاة حين الرؤية والمواجهة لأنّه لا يناسب ذلك المقام غير الصلاة ( العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة ) أي الفرق الذي بيننا هو شهودنا وهم ليس لهم شهود وهذا الحدّ الفاصل بين الايمان والكفر ( أاله مع الله سبحان الله عمّا يشركون ) أي قبل أن تكون لهم اماما لذا قدّمه الجماعة ليلة الاسراء فصلت بهم الحقيقة المحمدية وجاؤوه من حيث حقائقهم المنجذبة لحقيقته فحمل عنهم في امامته وجبر تقصيرهم من حيث الصلاة لذا قال له ( ويبقى وجه ربّك ) أي في هذه الصلاة بما أنّك تصلّي بحقيقتك فصلّت معك الأكوان ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) أي جمالا وجلالا
والسلام
الحمد لله القائل ( كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام )
والصلاة والسلام على الحبيب السيّد العجيب وعلى آله وصحبه
أمّا بعد :
فلمّا تمعّنت في آية ( كل من عليها فان ) التي وردت في سورة الرحمان التي علّم الله فيها باسم ذاته الرحمان القرآن ( الرحمان علّم القرآن ) ثمّ خلق الانسان ليعلّمه البيان
( وما خلقت الجنّ والانس الا ليعبدون ) أي بهذا البيان للانسان بعد تعليم القرآن قبل خلق الاعيان كما وضّح في البيان ( انّ هذا بيان للنّاس ) رغم أنّه علّم القرآن قبل تعليمه البيان للانسان فكان تعليم القرآن يبدأ من حيث اسمه الرحمان فهو حضرته ( بسم الله الرحمان الرحيم ) استفتاح كلّ سورة فدلّ بالاسم على الاسم الجامع في معاني الرحمان والرحيم في الدنيا والآخرة ليتحقّق تعليم القرآن وتعليم البيان ( فبأي آلاء ربكما تكذّبان ) فثنّى البيان في مقام الاحسان ولذا قال بعد هذه الخلاصة ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام ) فذكر التجلّيات في مقام الصفات بعد البقاء من حيث الوجه الذي قال فيه ( فأينما تولّوا فثمّ وجه الله ) وقد ذكرت هذه الآية التي هي ( كلّ من عليها فان ) ثلاثة فناءات : الفناء الأوّل من حيث جميع من سواه من حيث ربوبيته في الفعل وهو القيومية فلا فاعل الا الله ومن حيث الصفة ( خلقكم وما تعملون ) أي في حركاتكم وسكناتكم التي بها تمدحون من قبل الآخرين ومن حيث الذّات ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ) أي الواجب الوجود من كلّ وجه (فأينما تولّوا فثمّ وجه الله ) أي في ذلك البيان السابق الذي هو تعليم القرآن أو تعليم البيان , وانّما التعليم وقع على البيان تفسيرا لما في القرآن الذي هو كلامه وهو صفته الدّالة عليه أي على ذاته لأن ذاته لا تدلّ على ذاته وانّما تدلّ عليها الاسماء والصفات ( فبأي آلاء ربكما تكذّبان ) بعد هذا التعليم وهذا البيان من حضرة الرحمة ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين )فكن صفتي في الرحمة التي بها علّمت القرآن لتدلّ عليّ في كلّ شيء ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) لأنّ كلّ شيء يدلّ عليّ لأنه( ليس كمثله شيء) ثمّ كان الفناء باعتبار المقامات من حيث هذا البيان ( كلّ من عليها فان ) اي شهودا بالنسبة للعارفين في الاسماء والصفات ومن ثمّ من حيث الّذّات لذا كان القرآن أسماء من حيث بيانه الدّال على ظواهر المكوّنات , وكان صفات من حيث دلالته على باطنها ( وكذلك نوري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين ) أي بعد أن كان من المؤمنين ( قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي ) أي ليطمئنّ بك قلبي في ذكرك في عالم الصفات ( الا بذكر الله تطمئنّ القلوب ) ( اذ جاء ربّه بقلب سليم ) أي من حيث ( كلّ من عليها فان ) أي الحضرة في هذا المشهد الذي هو قلب الانسان ( نزّله على قلبك بالحقّ ) أي الذي لا يشوبه باطل من أي وجه ( ومن أصدق من الله قيلا ) في مباني ومعاني تجلّياتي ( والله لا يخلف الميعاد ) اي فيهما وانت في طي قبضتهما ( والله بكلّ شيء محيط ) وانّما ذكر الشيء أعطى ( كلّ شيء خلقه ) ومن حيث ( ورحمتي وسعت كلّ شيء ) أي وهي لا يسعها شيء ( لي وقت لا يسعني فيه غير ربّي ) من حيث ( لا تكلني الى نفسي طرفة عين ولا أقلّ من ذلك ) لذا قال ( ما زاغ البصر وما طغى ) لأنّه غير موكول الى نفسه ولو لطرفة عين أو أقلّ من ذلك
( كلّ من عليها فان ) من حيث الاحاطة وجودا وعدما علم الانسان أو لم يعلم ( الانسان كان ظلوما جهولا ) ظلوما من حيث عدم معرفتي وأنا الظاهر في كلّ شيء , وجهولا بي رغم معرفته بي ( وقل ربّ زدني علما )
أما قوله تعالى ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والاكرام ) لم يقل ويبقى وجه الله لأنه نسب الربّ اليه صلى الله عليه وسلّم وهذا مقام البقاء الحقيقي الذي لا يشهده غيره أي أو كلّ من لم يكن منه صلى الله عليه وسلّم - وقدّم اماما كنت أنت أمامه - أي ليسير بك الى سدرة المنتهى ومن ثمّ أترك له الاختراق لأنّه من اختصاصه فقدّمه في هذا المحلّ كما قدّمك في عالم الأكوان لانها تناسبك ولا تناسبه اما الاختراق فهو يناسبه ولا يناسبك الا به فلا بد من تقديمه ليصلّي بك صلاة الفجر في أوّل العصر فتحكم وقتها على بطلان صلاتك لأنّه لم يكن امامك فيها فلا بدّ من امام في هذا المكان لتقتدي به والا بطلت الصلاة ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) فلم يدلّك الا على الرؤية التي تفضي الى معرفة الكيفية في الصلاة والا بطلت لذا فرض عليه الصلاة حين الرؤية والمواجهة لأنّه لا يناسب ذلك المقام غير الصلاة ( العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة ) أي الفرق الذي بيننا هو شهودنا وهم ليس لهم شهود وهذا الحدّ الفاصل بين الايمان والكفر ( أاله مع الله سبحان الله عمّا يشركون ) أي قبل أن تكون لهم اماما لذا قدّمه الجماعة ليلة الاسراء فصلت بهم الحقيقة المحمدية وجاؤوه من حيث حقائقهم المنجذبة لحقيقته فحمل عنهم في امامته وجبر تقصيرهم من حيث الصلاة لذا قال له ( ويبقى وجه ربّك ) أي في هذه الصلاة بما أنّك تصلّي بحقيقتك فصلّت معك الأكوان ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) أي جمالا وجلالا
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله ( الذي لا يضرّ مع إسمه شيء في الأرض ولا في السماء) فكان الرحمان الرحيم في الأرض والسماء والدنيا والآخرة
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والحقيقة المجتباة وآله وأزواجه وأصحابه وأتباعه
أما بعد :
بالخمر العتيق أعتق قلبي بختم الرحيق , فكان الحبيب الرحيق المختوم بخاتم النبوّة وهي شعرات الشعور ساجدة تحت عرش الرحمان حيث وجود عبودية الإنسان
مالك يا قلبي لا تثبت فحدثني حنانيك بحديث الأحبة تحت ظلال نعيم الجنّة على سرر متقابلين ( إني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ) فدلّ على أنه كعبة الوجود حيث يتقابل فيها العباد في السجود إليها ومحور الشهود من حيث دوران الوجود عليه ( وليطوّفوا بالبيت العتيق )
ما أحلى هذه المشارب وما أشرقك يا شموس المشارق والمغارب ( لا إله الا الله أفني بها عمري لا إله إلا الله أدخل بها قبري لا إله إلا الله ألقى بها ربّي )
وبعد الدخول الى ربيع القلب وبساتينه الزاهرة التي هي القرآن العظيم والسبع المثاني الحكيم التي أخرج معلومات الوجود من العلم السابق الى المعرفة اللاحقة فكان مجال العباد المعرفة ومجال المعبود العلم ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) من حيث العلم إحاطة وإلا فهو كثير من حيث المعرفة ( إنّ فضل الله كان عليك كبيرا )
وبعد : فإنّ تفسير القرآن بالخمرة الأزليّة والأذواق السنية مجاله القلوب والأفهام قال تعالى ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )
فما ذكر غير فهم القلب وتدبّره للقرآن الذي جاءنا من حضرة الإحسان وكأنّه يشير الى ما تفهمه القلوب بنور الإيمان فحث على تدبّره وكأنه يقول : أفلا ترون أنواري وأسراري فيه , ألا يدلّكم عليّ ألا تروني هناك ( أم على قلوب أقفالها ) ( تعمى القلوب التي في الصدور )
ثمّ قوله (يتدبّرون) وكأنّه يشير الى تنوّع وتعدّد التدبّر والفهم وذلك بقوله ( أم على قلوب أقفالها ) فجمع القلوب في محلّ الأقفال فهي لا تفقه شيئا وكأنّه فرّقها في محلّ التدبّر لتخرج كلّ أرض طيّبة شجرتها الطيّبة الثابتة الأصل أي أصل العبودية والتي فرعها في السماء من حيث الخصوصية وهذا مثل الكلمة الطيّبة من حيث الفناء والبقاء ( وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون ) فقيّد التنافس في المتنافسين فحسب أي أصحاب الهمم العالية في صدق التوجّه إليه فأثبت التنافس ليحصل به القرب إليه ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون ) فسبق أبو بكر الجميع ( وثاني إثنين إذ هما في الغار ) وهنا قد أوضح الفرق بين الإثنين بقوله ( ثاني إثنين ) أي أنه صلى الله عليه وسلّم له حقيقتان حقيقة رسلية وحقيقة نبوية فكان ثانيا مع أبي بكر في رسليته وثاني إثنين من حيث نبوّته لذا قال له ( لا تحزن إن الله معنا ) وقوله (معنا) هذا قول النبي صلى الله عليه وسلّم في مرتبة الإحسان ( إن الله مع المحسنين ) فعلمنا مرتية الكلام في هذا المجال لذا نسج العنكبوت نسيجه من حيث التصديق لقوله ( إن الله معنا ) فهو مقام الفناء لذا نطقت الحضرة على لسانه الشريف صلى الله عليه وسلّم بقوله ( لا تحزن ) فأخبر عن حزن أبي بكر لا عن حزنه هو صلى الله عليه وسلّم فعرج به عروجا من مقتضى أحكام الغار فتباينت المقامات وظهرت الدلالالت , أما جعل المشركين مائة من الإبل لمن يأتي به حيّا أو ميّتا فهو من حال أبيه عبد الله عليه السلام عندما فدي بمائة من الإبل فكانت الصورة في أبيه عبد الله والحقيقة رجعت إليه لأنّ الإبل لا تكون في مستوى قيمته صلى الله عليه وسلّم وقد تحقّقت نجاته من أول خروجه من مكّة إشارة لخروجه من الحضرة الى تحقيق أسمائه وصفاته في عالم خلقه وحكمته فغارت أسماء الجلال وهي غيرة الربوبية من وجود الخصوصية التي تشبهها في صورتها فكلّ من تكلّم بخصوصيته من غير إذن عوقب بوجود الصعق لظهور الأصل لأوصاف الربوبية في إطلاقاتها ( وخرّ موسى صعقا ) .
أقول وأما بنعمة ربّك فحدّث : فهذه نعمة ليست مثل بقية النعم لأنها مخفية ولا ظهور لها إلا بإظهارها بالحديث والكلام عليها فعلمنا أنها نعمة المعارف والواردات لأنها لو كانت نعمة مشهودة لدلّت عليها الحواس وما لم تدلّ عليه الحواس فلا مجال لمعرفتها إلا بالحديث فقلنا بأنّها نعمة الواردات ولمّا كان الحديث يظهرها ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) علمن بأن الكلام عليها لا ينقصها بل يزيدها فكلّما تحدّث الإنسان بتلك النعمة كلّما زادت ومهما تكلّم فيها لا تنتهي معانيها ودلالاتها الى أبد الآباد فدلّ على أنها نعمة الواردات وما في طي ذلك من المعارف من حيث أن المعرفة هي العبودية والعلم هو الألوهية من هذه الحيثية ونعمة الله تعالى التي لا نهاية لها أبدا أصلها نعمة الواردات فكلّ ما في الوجود من عرشه والى فرشه مردّه الى الواردات وعليها يسير الوجود بأسره من الأبد وإلى الأزل وكلّ وارد يأتي من خزانته ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) أي الواردات التي بها يبقى وجوده وهو قولنا المدد والمدد يأتي حسّا ومعنى روحا وجسما وأخفى من ذلك وأظهر وقوله ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) فذكر الإسم الجامع لبقية الأسماء فهو رئيسها فذكر العدّ وهو معرفة العدد وهذا محال لأن الإسم الجامع خارج عن طور العدد والفكر بالعقل وذكر الإحصاء وهو معرفة مدد تلك النعم ثمّ ذكر العدّ بصيغة الجمع أي تعدوها جميعا مع بعضكم ( ولو كان بعضهم لبعض قرينا ) ولن تحصوها كذلك مددا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا لذا قال ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) أي وماذا ستدرك من هذا التحديث لذا قال المعلم صلى الله عليه وسلم ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) فالعارف عندما يتحدّث بنعم الله عليه في مختلف المجالات فهو شاكر للنعمة من حيث هو ذاكر لها فحيثما وصل الذكر له وصل الشكر وأنت مطالب بالشكر عليها جميعا لذا قال ( أنت كما أثنيت على نفسك ) فأنظر قوله ( على نفسك ) ولم يقل (على نعم نفسك)
لأنه المتفضّل بها , ونعمة الله ليست لها نهاية أبدا لذا قال بالنسبة لأهل الشريعة ( وإن تعدوا ) وقال لأهل الحقيقة ( لا تحصوها ) أي لا في مقام الأسلام ولا في مقام الأيقان ولا في مقام الأحسان لا بالعقل ولا بالقلب ولا بالروح ولا بالسرّ لذا قال له ( وليتمّ نعمته عليك ) أي لتزيد سجودا وركوعا بما إستعبدتك به من النعم وكلّما زدتك منها إزدادت عبوديتك لي ( صراط الذين أنعمت عليهم ) هم أصحاب الإستزادة من النعم وقوله ( غير المغضوب عليهم ) مسلوبي النعم وقوله ( ولا الضالين ) أي بها عنّي فنسبوها لعيسى لذا قال له ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) في آخر سورة الضحى التي فيها الأسراء والمعراج بعد الهجر والدلال بقوله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) أي من النعم لذا أمره بالحديث بها وعدم جحدها وهذا طبع الكرام
والسلام
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والحقيقة المجتباة وآله وأزواجه وأصحابه وأتباعه
أما بعد :
بالخمر العتيق أعتق قلبي بختم الرحيق , فكان الحبيب الرحيق المختوم بخاتم النبوّة وهي شعرات الشعور ساجدة تحت عرش الرحمان حيث وجود عبودية الإنسان
مالك يا قلبي لا تثبت فحدثني حنانيك بحديث الأحبة تحت ظلال نعيم الجنّة على سرر متقابلين ( إني أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ) فدلّ على أنه كعبة الوجود حيث يتقابل فيها العباد في السجود إليها ومحور الشهود من حيث دوران الوجود عليه ( وليطوّفوا بالبيت العتيق )
ما أحلى هذه المشارب وما أشرقك يا شموس المشارق والمغارب ( لا إله الا الله أفني بها عمري لا إله إلا الله أدخل بها قبري لا إله إلا الله ألقى بها ربّي )
وبعد الدخول الى ربيع القلب وبساتينه الزاهرة التي هي القرآن العظيم والسبع المثاني الحكيم التي أخرج معلومات الوجود من العلم السابق الى المعرفة اللاحقة فكان مجال العباد المعرفة ومجال المعبود العلم ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) من حيث العلم إحاطة وإلا فهو كثير من حيث المعرفة ( إنّ فضل الله كان عليك كبيرا )
وبعد : فإنّ تفسير القرآن بالخمرة الأزليّة والأذواق السنية مجاله القلوب والأفهام قال تعالى ( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها )
فما ذكر غير فهم القلب وتدبّره للقرآن الذي جاءنا من حضرة الإحسان وكأنّه يشير الى ما تفهمه القلوب بنور الإيمان فحث على تدبّره وكأنه يقول : أفلا ترون أنواري وأسراري فيه , ألا يدلّكم عليّ ألا تروني هناك ( أم على قلوب أقفالها ) ( تعمى القلوب التي في الصدور )
ثمّ قوله (يتدبّرون) وكأنّه يشير الى تنوّع وتعدّد التدبّر والفهم وذلك بقوله ( أم على قلوب أقفالها ) فجمع القلوب في محلّ الأقفال فهي لا تفقه شيئا وكأنّه فرّقها في محلّ التدبّر لتخرج كلّ أرض طيّبة شجرتها الطيّبة الثابتة الأصل أي أصل العبودية والتي فرعها في السماء من حيث الخصوصية وهذا مثل الكلمة الطيّبة من حيث الفناء والبقاء ( وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون ) فقيّد التنافس في المتنافسين فحسب أي أصحاب الهمم العالية في صدق التوجّه إليه فأثبت التنافس ليحصل به القرب إليه ( السابقون السابقون أولائك المقرّبون ) فسبق أبو بكر الجميع ( وثاني إثنين إذ هما في الغار ) وهنا قد أوضح الفرق بين الإثنين بقوله ( ثاني إثنين ) أي أنه صلى الله عليه وسلّم له حقيقتان حقيقة رسلية وحقيقة نبوية فكان ثانيا مع أبي بكر في رسليته وثاني إثنين من حيث نبوّته لذا قال له ( لا تحزن إن الله معنا ) وقوله (معنا) هذا قول النبي صلى الله عليه وسلّم في مرتبة الإحسان ( إن الله مع المحسنين ) فعلمنا مرتية الكلام في هذا المجال لذا نسج العنكبوت نسيجه من حيث التصديق لقوله ( إن الله معنا ) فهو مقام الفناء لذا نطقت الحضرة على لسانه الشريف صلى الله عليه وسلّم بقوله ( لا تحزن ) فأخبر عن حزن أبي بكر لا عن حزنه هو صلى الله عليه وسلّم فعرج به عروجا من مقتضى أحكام الغار فتباينت المقامات وظهرت الدلالالت , أما جعل المشركين مائة من الإبل لمن يأتي به حيّا أو ميّتا فهو من حال أبيه عبد الله عليه السلام عندما فدي بمائة من الإبل فكانت الصورة في أبيه عبد الله والحقيقة رجعت إليه لأنّ الإبل لا تكون في مستوى قيمته صلى الله عليه وسلّم وقد تحقّقت نجاته من أول خروجه من مكّة إشارة لخروجه من الحضرة الى تحقيق أسمائه وصفاته في عالم خلقه وحكمته فغارت أسماء الجلال وهي غيرة الربوبية من وجود الخصوصية التي تشبهها في صورتها فكلّ من تكلّم بخصوصيته من غير إذن عوقب بوجود الصعق لظهور الأصل لأوصاف الربوبية في إطلاقاتها ( وخرّ موسى صعقا ) .
أقول وأما بنعمة ربّك فحدّث : فهذه نعمة ليست مثل بقية النعم لأنها مخفية ولا ظهور لها إلا بإظهارها بالحديث والكلام عليها فعلمنا أنها نعمة المعارف والواردات لأنها لو كانت نعمة مشهودة لدلّت عليها الحواس وما لم تدلّ عليه الحواس فلا مجال لمعرفتها إلا بالحديث فقلنا بأنّها نعمة الواردات ولمّا كان الحديث يظهرها ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) علمن بأن الكلام عليها لا ينقصها بل يزيدها فكلّما تحدّث الإنسان بتلك النعمة كلّما زادت ومهما تكلّم فيها لا تنتهي معانيها ودلالاتها الى أبد الآباد فدلّ على أنها نعمة الواردات وما في طي ذلك من المعارف من حيث أن المعرفة هي العبودية والعلم هو الألوهية من هذه الحيثية ونعمة الله تعالى التي لا نهاية لها أبدا أصلها نعمة الواردات فكلّ ما في الوجود من عرشه والى فرشه مردّه الى الواردات وعليها يسير الوجود بأسره من الأبد وإلى الأزل وكلّ وارد يأتي من خزانته ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) أي الواردات التي بها يبقى وجوده وهو قولنا المدد والمدد يأتي حسّا ومعنى روحا وجسما وأخفى من ذلك وأظهر وقوله ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها ) فذكر الإسم الجامع لبقية الأسماء فهو رئيسها فذكر العدّ وهو معرفة العدد وهذا محال لأن الإسم الجامع خارج عن طور العدد والفكر بالعقل وذكر الإحصاء وهو معرفة مدد تلك النعم ثمّ ذكر العدّ بصيغة الجمع أي تعدوها جميعا مع بعضكم ( ولو كان بعضهم لبعض قرينا ) ولن تحصوها كذلك مددا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا لذا قال ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) أي وماذا ستدرك من هذا التحديث لذا قال المعلم صلى الله عليه وسلم ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) فالعارف عندما يتحدّث بنعم الله عليه في مختلف المجالات فهو شاكر للنعمة من حيث هو ذاكر لها فحيثما وصل الذكر له وصل الشكر وأنت مطالب بالشكر عليها جميعا لذا قال ( أنت كما أثنيت على نفسك ) فأنظر قوله ( على نفسك ) ولم يقل (على نعم نفسك)
لأنه المتفضّل بها , ونعمة الله ليست لها نهاية أبدا لذا قال بالنسبة لأهل الشريعة ( وإن تعدوا ) وقال لأهل الحقيقة ( لا تحصوها ) أي لا في مقام الأسلام ولا في مقام الأيقان ولا في مقام الأحسان لا بالعقل ولا بالقلب ولا بالروح ولا بالسرّ لذا قال له ( وليتمّ نعمته عليك ) أي لتزيد سجودا وركوعا بما إستعبدتك به من النعم وكلّما زدتك منها إزدادت عبوديتك لي ( صراط الذين أنعمت عليهم ) هم أصحاب الإستزادة من النعم وقوله ( غير المغضوب عليهم ) مسلوبي النعم وقوله ( ولا الضالين ) أي بها عنّي فنسبوها لعيسى لذا قال له ( وأما بنعمة ربّك فحدّث ) في آخر سورة الضحى التي فيها الأسراء والمعراج بعد الهجر والدلال بقوله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) أي من النعم لذا أمره بالحديث بها وعدم جحدها وهذا طبع الكرام
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
وبه أستعين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيّد أهل الذوق والعشق وعلى آله والأتباع الى يوم الدين
وبعد :
فلمّا تمعّنت في آية ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين ) التي في سورة البقرة والتي وقعت بها قصّة إحياء الموتى لذا كانت سورتها من حيث سرّ الإحياء فيها ( قال ربّ أرني كيف تحيي الموتى ) فكان لإبراهيم عليه السلام الطير في دعائهنّ ولعيسى النفخ في الطير فكان إبراهيم جوّالا في الملكوت مثال الطير فكان طلبه من جنس حاله لذا ما لمّا أمره الله تالى بأخذ أربعة من الطير ما قال يا ربّ وكيف سأجمعهنّ وكيف لي حيلة بذلك والطير لا يقرّ له قرار ولم يعترض لرقّة فؤاده مثل الطير فكانت الطير من جنسه عليه السلام في تحقيق آية الإحياء فأخبر الله عن قلبه في صورة الطير فسرى حاله في إبنه إسماعيل عليه السلام من حيث التسليم لمّا أمر بذبحه إبتلاء الإختبار لفلذة كبده فاستجاب إبراهيم عليه السلام طائعا لله يقينا بعد قصة الطير بأن الله عزيز حكيم مثل الطير لمّا إستسلمت له في ذبحها وتقطيعها فكما طلب طلب منه لذا قال له إسماعيل عليه السلام ( إفعل ما تؤمر ) فلم يقف مع أبيه في الطلب بل وقف مع الآمر سبحانه لإستغراق إسماعيل فكان فرح إسماعيل بذلك لأنّه سيذبح بأمر الله تعالى لذا أسلم لأبيه الأمر من حيث أن لا فاعل إلا الله عند إسماعيل فجاء الثناء على إبراهيم بتصديقه للرؤيا أكثر منه من الثناء على التسليم منه ومن إبنه فكان حال إبراهيم من حالة الطير وحال إبنه منه عليهما السلام لذا أمرا ببناء الكعبة بيت الله تعالى وأذّن بالحج في الناس الذي هو التسليم التام بالتجرّد من كلّ شيء مثل تجرّد إبراهيم الذابح وإسماعيل المذبوح فكان الفداء بالذبح العظيم الذي هو يوم الحجّ الأكبر ومنه جعل الحجّ على الإستطاعة أي من إستطاع هذا التسليم الباطني قبل الظاهر لذا كان حجّ الأولياء بالروح أكثر منه بالجسد لكثرة تسليمهم ومنه كانت ملّة إبراهيم أحسن الملل ومنه وجود حجر إبراهيم ومقامه في الكعبة المشرّفة فكان إبراهيم يبني الكعبة وإسماعيل يناوله الحجر
أما حالة عيسى عليه السلام فهو من سرّ النفخ في الطير وإنّما تعلّق الطير بهما من حيث سرّ ( كن ) قال تعالى ( لإبراهيم : ثمّ أدعهنّ ) أما عيسى فقال ( أنفخ فيه بإذن الله ) والفرق بينهما أن عيسى يخلق من الطير في أيّة صورة شاء ثمّ يتكوّن الطير بحسب تلك الصورة من غير سبق خلق أما إبراهيم فهو يدعو بحسب صورة علمت وسبقت في الخلق فكان حال إبراهيم أكمل من عيسى من هذه الناحية لذا كان في السماء السابعة وكان من أولي العزم الكبار من الرسل وهو الذي سمّانا مسلمين فكانت ملّته أحسن الملل لأنه أوفى الحقوق والواجبات حقّها ( إنّ إبراهيم كان أوّاها حليما ) وكانت ملّة الحبيب على نفس ملّته فما ظهر أحد من الأنبياء في صورة محمد صلى الله عليه وسلّم أكثر من إبراهيم عليه السلام لذا كان دعوة إبراهيم بقوله ( وابعث فيهم رسولا منهم ) فكان موطنه مكّة صلى الله عليه وسلّم وتوفّي أبيه بالمدينة وأمه بينهما فالمدينة عبارة عن حقيقته عليه الصلاة والسلام من حيث الجمال والخصوصية ومكّة من حقائق الحضرة لذا كسّر فيها الأصنام بالقتح فكان فتح المدينة بالدعوة وهو عمله وفتح مكة بالسيف وهو حاله صلى الله عليه وسلّم من حيث التوحيد لذا من ذهب الى مكّة يرى فيها الجلال الغالب ومن ذهب الى المدينة يرى فيها الجمال الغالب وذلك مشاهد في أهلها فجاء إبراهيم يبني بيت الله من حيث هذا النبي الآخر الذي يقدم في آخر الزمان صلى الله عليه وسلّم
أقول من الأولياء من يكون على حال عيسى عليه السلام كسيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه ومنهم من يكون على حال أيّ نبي آخر وقد قال ( العلماء ورثة الأنبياء ) ولم يقل ورّاث نبيّ واحد بل قال الأنبياء بأل التعريف وهي تفيد الأستغراق من هذه الناحية ولم يقل ورّاث الرسل لأن الرسل محدودون في العدد المعلوم والأنبياء عددهم أكثر من عدد الرسل ونحن لو نتمعّن نجد بأن من الرسل من لا نعلم عنه شيئا ولا ذكر في الكتاب ولا في الحديث فما بالك بالأنبياء الذين كثر عددهم كثيرا وفاض مددهم لذا قال : العلماء ورثة الأنبياء , ليفتح الباب للإعتبار من حيث العلوم والأفهام وفي هذا الحديث إشارة الى إحاطته الشاملة صلى الله عليه وسلّم وقد ذكر سيدي محي الدين بن عربي رحمه الله ملاقاته روحا بجميع الأنبياء والرسل في مشهد واحد ليعرف الناس أقدار الأولياء ثمّ لا يخفى ما في الحديث من علوم بما أن الحديث في متنه يذكر علوم الأنبياء وورّاثهم فلزم أن يكون هذا الحديث محشوّا بالعلوم الكثيرة الشاملة فليس هناك حديثا أكثر منه علما لأنه يتناول علوم الحضرات أي حضرة كلّ نبي منهم أي مدده ومشربه ومن هنا تكلّم الأولياء بما في أسرارهم ثمّ أن الرسالة المحمدية في تشريعاتها ناسخة لكلّ شرع من حيث التشريع بالنسبة لرسالات الرسل فكان الإتّباع في التشريع المحمّدي يفضي الى وراثة الأنبياء فكانت رسالته عبارة عن شرع كلّ نبي لله تعالى فنحن نرث موسى عليه السلام في مقام نبوّته وليس في مقام رسالته لذا قال ( ورثة الأنبياء أي في هذا التشريع المحمّدي ) لذا نفهم بأن الشرع المحمدي محيط بالكلّ فمن خرج عنه خرج عن رسالات جميع الرسل وخرج عن علوم جميع الأنبياء فافهم ففتح الباب لوراثة الأنبياء وأغلق الباب من حيث التشريع لذا نقول هذا الولي محمدي لكن مشربه عيسوي أو موسوي وعليه نجد الأولياء في كتبهم كالشيخ الأكبر يقول في فصل من فصول كتابه في الأبواب هذا من الحضرة الموسوية وهذا من الحضرة العيسوية وهذا من الحضرة المحمدية وهكذا
وبه أستعين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيّد أهل الذوق والعشق وعلى آله والأتباع الى يوم الدين
وبعد :
فلمّا تمعّنت في آية ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين ) التي في سورة البقرة والتي وقعت بها قصّة إحياء الموتى لذا كانت سورتها من حيث سرّ الإحياء فيها ( قال ربّ أرني كيف تحيي الموتى ) فكان لإبراهيم عليه السلام الطير في دعائهنّ ولعيسى النفخ في الطير فكان إبراهيم جوّالا في الملكوت مثال الطير فكان طلبه من جنس حاله لذا ما لمّا أمره الله تالى بأخذ أربعة من الطير ما قال يا ربّ وكيف سأجمعهنّ وكيف لي حيلة بذلك والطير لا يقرّ له قرار ولم يعترض لرقّة فؤاده مثل الطير فكانت الطير من جنسه عليه السلام في تحقيق آية الإحياء فأخبر الله عن قلبه في صورة الطير فسرى حاله في إبنه إسماعيل عليه السلام من حيث التسليم لمّا أمر بذبحه إبتلاء الإختبار لفلذة كبده فاستجاب إبراهيم عليه السلام طائعا لله يقينا بعد قصة الطير بأن الله عزيز حكيم مثل الطير لمّا إستسلمت له في ذبحها وتقطيعها فكما طلب طلب منه لذا قال له إسماعيل عليه السلام ( إفعل ما تؤمر ) فلم يقف مع أبيه في الطلب بل وقف مع الآمر سبحانه لإستغراق إسماعيل فكان فرح إسماعيل بذلك لأنّه سيذبح بأمر الله تعالى لذا أسلم لأبيه الأمر من حيث أن لا فاعل إلا الله عند إسماعيل فجاء الثناء على إبراهيم بتصديقه للرؤيا أكثر منه من الثناء على التسليم منه ومن إبنه فكان حال إبراهيم من حالة الطير وحال إبنه منه عليهما السلام لذا أمرا ببناء الكعبة بيت الله تعالى وأذّن بالحج في الناس الذي هو التسليم التام بالتجرّد من كلّ شيء مثل تجرّد إبراهيم الذابح وإسماعيل المذبوح فكان الفداء بالذبح العظيم الذي هو يوم الحجّ الأكبر ومنه جعل الحجّ على الإستطاعة أي من إستطاع هذا التسليم الباطني قبل الظاهر لذا كان حجّ الأولياء بالروح أكثر منه بالجسد لكثرة تسليمهم ومنه كانت ملّة إبراهيم أحسن الملل ومنه وجود حجر إبراهيم ومقامه في الكعبة المشرّفة فكان إبراهيم يبني الكعبة وإسماعيل يناوله الحجر
أما حالة عيسى عليه السلام فهو من سرّ النفخ في الطير وإنّما تعلّق الطير بهما من حيث سرّ ( كن ) قال تعالى ( لإبراهيم : ثمّ أدعهنّ ) أما عيسى فقال ( أنفخ فيه بإذن الله ) والفرق بينهما أن عيسى يخلق من الطير في أيّة صورة شاء ثمّ يتكوّن الطير بحسب تلك الصورة من غير سبق خلق أما إبراهيم فهو يدعو بحسب صورة علمت وسبقت في الخلق فكان حال إبراهيم أكمل من عيسى من هذه الناحية لذا كان في السماء السابعة وكان من أولي العزم الكبار من الرسل وهو الذي سمّانا مسلمين فكانت ملّته أحسن الملل لأنه أوفى الحقوق والواجبات حقّها ( إنّ إبراهيم كان أوّاها حليما ) وكانت ملّة الحبيب على نفس ملّته فما ظهر أحد من الأنبياء في صورة محمد صلى الله عليه وسلّم أكثر من إبراهيم عليه السلام لذا كان دعوة إبراهيم بقوله ( وابعث فيهم رسولا منهم ) فكان موطنه مكّة صلى الله عليه وسلّم وتوفّي أبيه بالمدينة وأمه بينهما فالمدينة عبارة عن حقيقته عليه الصلاة والسلام من حيث الجمال والخصوصية ومكّة من حقائق الحضرة لذا كسّر فيها الأصنام بالقتح فكان فتح المدينة بالدعوة وهو عمله وفتح مكة بالسيف وهو حاله صلى الله عليه وسلّم من حيث التوحيد لذا من ذهب الى مكّة يرى فيها الجلال الغالب ومن ذهب الى المدينة يرى فيها الجمال الغالب وذلك مشاهد في أهلها فجاء إبراهيم يبني بيت الله من حيث هذا النبي الآخر الذي يقدم في آخر الزمان صلى الله عليه وسلّم
أقول من الأولياء من يكون على حال عيسى عليه السلام كسيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه ومنهم من يكون على حال أيّ نبي آخر وقد قال ( العلماء ورثة الأنبياء ) ولم يقل ورّاث نبيّ واحد بل قال الأنبياء بأل التعريف وهي تفيد الأستغراق من هذه الناحية ولم يقل ورّاث الرسل لأن الرسل محدودون في العدد المعلوم والأنبياء عددهم أكثر من عدد الرسل ونحن لو نتمعّن نجد بأن من الرسل من لا نعلم عنه شيئا ولا ذكر في الكتاب ولا في الحديث فما بالك بالأنبياء الذين كثر عددهم كثيرا وفاض مددهم لذا قال : العلماء ورثة الأنبياء , ليفتح الباب للإعتبار من حيث العلوم والأفهام وفي هذا الحديث إشارة الى إحاطته الشاملة صلى الله عليه وسلّم وقد ذكر سيدي محي الدين بن عربي رحمه الله ملاقاته روحا بجميع الأنبياء والرسل في مشهد واحد ليعرف الناس أقدار الأولياء ثمّ لا يخفى ما في الحديث من علوم بما أن الحديث في متنه يذكر علوم الأنبياء وورّاثهم فلزم أن يكون هذا الحديث محشوّا بالعلوم الكثيرة الشاملة فليس هناك حديثا أكثر منه علما لأنه يتناول علوم الحضرات أي حضرة كلّ نبي منهم أي مدده ومشربه ومن هنا تكلّم الأولياء بما في أسرارهم ثمّ أن الرسالة المحمدية في تشريعاتها ناسخة لكلّ شرع من حيث التشريع بالنسبة لرسالات الرسل فكان الإتّباع في التشريع المحمّدي يفضي الى وراثة الأنبياء فكانت رسالته عبارة عن شرع كلّ نبي لله تعالى فنحن نرث موسى عليه السلام في مقام نبوّته وليس في مقام رسالته لذا قال ( ورثة الأنبياء أي في هذا التشريع المحمّدي ) لذا نفهم بأن الشرع المحمدي محيط بالكلّ فمن خرج عنه خرج عن رسالات جميع الرسل وخرج عن علوم جميع الأنبياء فافهم ففتح الباب لوراثة الأنبياء وأغلق الباب من حيث التشريع لذا نقول هذا الولي محمدي لكن مشربه عيسوي أو موسوي وعليه نجد الأولياء في كتبهم كالشيخ الأكبر يقول في فصل من فصول كتابه في الأبواب هذا من الحضرة الموسوية وهذا من الحضرة العيسوية وهذا من الحضرة المحمدية وهكذا
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
تتمّة :
نرجع فنقول بأن القرآن هو المقصود بقوله ( العلماء ورثة الأنباء ) فدلّ على أن القرآن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الجامع لكل ما عند الأنبياء والأولياء وقد قال تعالى ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) والتفريط معلوم معناه أي برقائقه ودقائقه ومجمولاته وتفصيلاته وظاهره وباطنه إلخ...
وعليه ظهر لنا الآن ما يقوله الأولياء من حيث العلم بالله ثمّ العلم بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء خيره وشرّه من حيث إثبات الحكمة كي لا يتسرّب الى العقول التعطيل فتبطل الحكمة والثواب والعقاب والجنة والنار والأسباب والمسببّاب الخ... وإنّما لم يقل ( والإيمان بالأنبياء بل قال بالرسل ) وليس كلّ الأنبياء رسل فكان عليه ليس بواجب الإيمان بالأولياء والتصديق بهم من حيث الشرائع لكنّه واجب من حيث النبوّة فكلّ من أثبت النبوّة لنبيّ وجب أن يثبت الوراثة لوارثه وإلا وقع في الجهل وسوء الأدب ثمّ أن النعيم وهو نسائم الحضرة ومجال القرب جاءنا من حيث هذه الوراثة للنبوّة وليست الوراثة للرسل لذا قال ( أولائك الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولائك رفيقا ) فذكر الأنبياء ولم يذكر في هذا النعيم الرسل لأن النعيم الحقيقي هو التنعّم في شهود جمال الله تعالى وهذا هو مقام النبوّة لا مقام الرسلية وهذا هو مقام العبودية في جمال الخصوصية فذكرت الآية في المراتب أحكام وراثة الأنبياء بالترتيب فكان الصديقون وقد قال سيدي محمد المداني في رسالته لسيدي إسماعيل رضي الله عنهما ( الصدّيق الصادق المشكور ) فأظهر مرتبته من حيث الوراثة وكذلك الشهداء هم درجة نازلة عن الصديقين ثمّ الصالحون بما أنهم ورثوا الأنبياء في الصلاح وليس في الفتح ثمّ ( وحسن أولائك رفيقا ) من حيث ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )وهم جملة خدّام كلّ صنف من الأصناف الأربعة الذين هم أوتادها وإنّما أعني أوتاد الأرض أربعة مقامات هي ( النبوّة وهي سارية بحكم وراثتها ثمّ الصديقية وهي مشهودة ثمّ الشهادة وهي موجودة ثمّ الصلاح وهو كثير ) قلا تخلو الأرض من هذه الأربعة مقامات ومتى فقدت مالت الأرض ورجعت الى ربّها خاشعة
نرجع لأقول بأن الآية ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) هو هذا الكتاب الذي ذكرته من حيث كلّيات الحقائق الظاهرة والباطنة من حيث أن الظاهر فليس فوقه شيء وهو الباطن فليس تحته شيء وهو الأول فليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء لذا قال عن طريق إسم الإشارة ( ذلك الكتاب ) لا ريب فيه بوجه من الوجوه ( هدى للمتّقين ) وهم هؤلاء الأصناف الأربعة من حيث الألوهية لا من حيث الربوبية فإفترقت هنا أسماء الجمال والجلال ( هذا فراق بيني وبينك ) فافهم
وإن شاء الله نشرع في تفسير الآية بدقائقها التي وضعت في تابوت قلبي وقذفت في اليمّ
والسلام
نرجع فنقول بأن القرآن هو المقصود بقوله ( العلماء ورثة الأنباء ) فدلّ على أن القرآن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الجامع لكل ما عند الأنبياء والأولياء وقد قال تعالى ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) والتفريط معلوم معناه أي برقائقه ودقائقه ومجمولاته وتفصيلاته وظاهره وباطنه إلخ...
وعليه ظهر لنا الآن ما يقوله الأولياء من حيث العلم بالله ثمّ العلم بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء خيره وشرّه من حيث إثبات الحكمة كي لا يتسرّب الى العقول التعطيل فتبطل الحكمة والثواب والعقاب والجنة والنار والأسباب والمسببّاب الخ... وإنّما لم يقل ( والإيمان بالأنبياء بل قال بالرسل ) وليس كلّ الأنبياء رسل فكان عليه ليس بواجب الإيمان بالأولياء والتصديق بهم من حيث الشرائع لكنّه واجب من حيث النبوّة فكلّ من أثبت النبوّة لنبيّ وجب أن يثبت الوراثة لوارثه وإلا وقع في الجهل وسوء الأدب ثمّ أن النعيم وهو نسائم الحضرة ومجال القرب جاءنا من حيث هذه الوراثة للنبوّة وليست الوراثة للرسل لذا قال ( أولائك الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولائك رفيقا ) فذكر الأنبياء ولم يذكر في هذا النعيم الرسل لأن النعيم الحقيقي هو التنعّم في شهود جمال الله تعالى وهذا هو مقام النبوّة لا مقام الرسلية وهذا هو مقام العبودية في جمال الخصوصية فذكرت الآية في المراتب أحكام وراثة الأنبياء بالترتيب فكان الصديقون وقد قال سيدي محمد المداني في رسالته لسيدي إسماعيل رضي الله عنهما ( الصدّيق الصادق المشكور ) فأظهر مرتبته من حيث الوراثة وكذلك الشهداء هم درجة نازلة عن الصديقين ثمّ الصالحون بما أنهم ورثوا الأنبياء في الصلاح وليس في الفتح ثمّ ( وحسن أولائك رفيقا ) من حيث ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )وهم جملة خدّام كلّ صنف من الأصناف الأربعة الذين هم أوتادها وإنّما أعني أوتاد الأرض أربعة مقامات هي ( النبوّة وهي سارية بحكم وراثتها ثمّ الصديقية وهي مشهودة ثمّ الشهادة وهي موجودة ثمّ الصلاح وهو كثير ) قلا تخلو الأرض من هذه الأربعة مقامات ومتى فقدت مالت الأرض ورجعت الى ربّها خاشعة
نرجع لأقول بأن الآية ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) هو هذا الكتاب الذي ذكرته من حيث كلّيات الحقائق الظاهرة والباطنة من حيث أن الظاهر فليس فوقه شيء وهو الباطن فليس تحته شيء وهو الأول فليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء لذا قال عن طريق إسم الإشارة ( ذلك الكتاب ) لا ريب فيه بوجه من الوجوه ( هدى للمتّقين ) وهم هؤلاء الأصناف الأربعة من حيث الألوهية لا من حيث الربوبية فإفترقت هنا أسماء الجمال والجلال ( هذا فراق بيني وبينك ) فافهم
وإن شاء الله نشرع في تفسير الآية بدقائقها التي وضعت في تابوت قلبي وقذفت في اليمّ
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله
تتمّة :
قوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) دلّ إسم الإشارة على الكتاب المشار إليه عن طريق لام البعد وكاف المخاطب التي تفيد القرب لذا فصل بين إسم الإشارة وكاف الخطاب بلام البعد لذا فصل بين الألف والميم بحرف اللام في أول الكلام المجمل المفسّر عن طريق الإشارة لأن العبارة لا تتناوله لذا أشار الى الكتاب مباشرة لئلا يتوهّم بعد المكان وإنّما المقصود بعد المكانة فالفرق ظاهر بين الألوهية وبين العبودية ثمّ أخبر عن طريق إسم الإشارة أنّها متى حلّت لتشير الى المشار إليه لا تكون إلا في مستوى اليقين فلا يدخلها وهم ولا ريب ولو لا إسم الإشارة لما صحّ عدم الريب في المشار إليه ثمّ أنّ الكتاب الذي جاء معرّفا بأل التعريف إستغرق بذلك التعريف جميع التعريفات لتعرفه في كلّ شيء حيث إنتفى الريب والشكّ والوهم بهذا التعريف الذي أشار إليه عن طريف إسم الإشارة فافهم فكلّ من اشار الى الكتاب وفهمه عن طريق الإشارة إنتفى في حقّه الريب الذي لا يحلّ إلا في القلب فعلمنا بأن الإشارة دواء وعلاج من الريب في محلّ اليقين وما اليقين إلا أن تعرفه في كلّ شيء لذا لمّا أشارت الى عيسى أمّه مريم العذراء عليهما السلام ( قال إنّي عبد الله ) فأدخلته الإشارة من أمّه عالم الفناء مباشرة فنطق بالعبودية ثمّ أخرجته تلك العبودية الى عالم البقاء في عالم الخصوصية فقال ( آتاني الكتاب ..الآية ) فافهم .
لذا قال :( ذلك الكتاب ) أي في مقام البقاء لذا ورد معرّفا بأل التعريف الإستغراقية كما قال عيسى في عالم البقاء ( آتاني الكتاب ) فما ذكر بعد الفناء في عالم البقاء غير الكتاب أي التعريف الشامل في عالم البقاء وهو أن تعرفه في كلّ شيء لأنه قال ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وحكمة عدم التفريط من شيء في الكتاب كي تعرفه في كلّ شيء لذا قال عيسى ( آتاني الكتاب ) حينما تكلّم لمّا أشارت إليه أمّه بالكلام فما عرف غير الفناء والبقاء لذا قال تعالى ( ذلك ) فالفناء بين الذال إسم الإشارة وبين كاف الخطاب وإنّما ذكرت اللام لتفيد البعد وهو بعد المكان فلا إتحاد ولا حلول في هذا الفناء ثمّ قال مباشرة من غير فاصل ( الكتاب ) كي يعرف في غيره بعد الفناء وهو عالم البقاء وإنّما سمّوه العلماء بالبقاء أي بقاء العبودية في أوصاف الخصوصية ليعرف في غيره من حيث تجلّي أسماؤه وصفاته وإلاّ فالفناء هو الأصل فالحمد لله على عدم وجودنا ونحن نكفر بوجودنا كفرا ليس بعده إيمان لان الإيمان بالله تعالى وحده هكذا طلب منّا أمّا من رأى وجوده عين وجود الحقّ فهو متكبّر حلّت عليه اللعنة ( الا لعنة الله على الكافرين ) فهذا الأصل فدعونا من الفرع فالفرع يميل مع التجليات لأن فرعه في السماء أما الأصل فهو ثابت في الأرض أرض العبودية وهو الفناء ونحن نعلم بأن الفرع إذا كان في السماء يخاف عليه من الرجم لمن فهم ثمّ أن ثمار الفرع تسقط على الأرض فترجع من حيث صعدت وهكذا من هذه المعاني ...
ثمّ قال ( لا ريب فيه ) أي بدليل العيان وإلا تسرّب إليه الريب ومتى تسرّب الريب دخل الظلام وإنّما قال فيه ( أي مهما كانت مستوى التجلّيات الجلالية أو الجمالية , والجلالية أكثر لأنّها الأصل فهي للثبوت فلا فيها تجاوز للحدود فافهم ) فهذا هو الذي لا ريب فيه من حيث التعريفات التي عرّف بحيث مستوى الكتاب وأنت كما علمت بأنّه كتاب مكنون من حيث الدليل عليه في كلّ شيء لا يمسّه إلا المطهّرون أي ممّا سواه لذا أشار لهم إلى الكتاب ليفهموا الإشارة وأنه ما أشار إلى نفسه ثمّ بدأ في التدرّج إليه في تعريفات الحقائق من حيث المعرفة لا من حيث العلم لأنّ العلم يفيد الجلال في المعرفة ( هجم بهم العلم على حقيقة الأمر ) أمّا المعرفة فهي ليست إلا معرفة علم الألوهية والربوبية فالمعرفة عبارة عن قراءة العلم بالصفات لفهم تجليات الذات من حيث الأسماء فالصفات برزخ بين الأسماء والذات ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ) فالحقيقة للذات والمجاز للصفات والإستعارة للأسماء فدخل جميع أهل الله في المجاز ومن أين يقولون بأن الولي هو صفة من صفاته بل أقول هو مجاز من مجازاته من حيث مرتبة الخصوصية وإلا فلا مجاز في القرآن كما أشار الى ذلك بعض علماء الأصول وهذا المذهب أذهب إليه لكن ليس بنفس فهمهم ولا بنفس توجّههم وقد يقولون حقّا من حيث الإعتراض ففرضوا فروضا من غير تحقيق .
( ذلك الكتاب ) من حيث لا بد من التنبيه والتنبيه لا بد فيه من مشار إليه ليقع عليه الحسّ مهما تلطّف هذا الحس ودخل دائرة اللامحسوس فهو بالنهاية حسّ من حيث الإحساس والشعور وإلا كيف وقع عليه الإدراك فجسّده لهم من حيث أسمائه ومعّنه لهم من حيث صفاته فوقع فيه الإعجاز من كلّ جانب ( وهو بكلّ شيء محيط ) ومن الإحاطة إحاطة الإعجاز في الظهور والإعجاز في البطون ومنه ننزل كما تنزّل بهذا الكتاب في معرفة الحقائق الى المشار إليه الخليفة في هذا الكتاب وهو محمد صلى الله عليه وسلّم فهو لا ريب فيه من حيث نبوّته ورسالته لأنه خرج بهذا الكتاب الذي لا ريب فيه فتجانس الأمر من حيث مرتبة النزول ثمّ قال (الكتاب ) من حيث أنه مكتوب لا من حيث أنه منزّل والكتابة فيه لا تتبدّل ولا تتغيّر فهو لوح محفوظ الحقائق من حيث لا تبديل لكلمات الله من حيث وجوده المطلق فأين ستهرب من هذا ( وهو بكلّ شيء محيط ) فقوله ( شيء ) ليس المقصود وإنّما المقصود ( بكلّ ) أي كليات الشيء الظاهرة والباطنة التي هي عينه وحقيقته بحسب العلم السابق من الأزل وإلى الأبد ظاهرا وباطنا ( فأين المفرّ ) لذا قال ( ففرّوا إلى الله ) فقد دلّك على الحقائق كي لا تحاججه بعلمك ومعرفتك وإنّما أشار إلى الكتاب عن طريف إسم الإشارة تنزّلا لك إلى الأسماء ليعلمك بأن الإسم لا يدلّ إلا على مسمّاه فعدم هنا من قال بأنه صفته فصفته لا تقبل التقييد وهي ملازمة للذات فلا عصيان لها وهي مقدسة أزلية وأنت لست بذاك فلو كنت أزليا لما نزّل غليك كتاب التعريف ولا قال لك ( ثمّ رددناه أسفل سافلين ) فقوله( ذلك الكتاب ) متى علمت الإشارة أي ذلك الكتاب في الكتاب لأن لا بد أن يعرّف الكتاب بجنسه وهو ما ورد فيه فلا إنفصال لمعانية البتّة كما أنه لا إتّصال لأسمائه البتّة من حيث الدلالات فاعجزك هنا والعجز منك مطلوب بما تشهده من التعريفات بأل الكتاب ثمّ أن الكتاب إذا كان في مقام التنزّل كانت أسماء الإشارة له مصاحبة ومتى كان في مقام الإتيان كانت أسماء الإشارة تحلّ معانيها وليس أسماؤها لذا قال ( فأشارت إليه ) بلا كلام لأن الرضيع لا يتكلّم إلا عندما يخاطب إشارة
ثمّ دلّ بقوله ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) أي لو كان هناك ريب لكان العلم جهلا والنور ظلمة وفيه في هذا المقام إشارة إلى أن الكتاب إنّما أنزل لأجل محو الريب أو تقول إنتفاء الريب بما تشهده من وجوده فمن تحقق له هذا كان له كتابا نازلا من عنده وإلا فلا كتاب له ( إقرأ كتابك ) ولا بدّ من ذلك , فأقرأ بالإشارة في مقام العبارة بأل التعريف للكتاب بلا ريب وإلا فإنّك تدري العاقبة من حيث الحقائق ثمّ أن الكتاب جاء من عنده فهو رسالته إليك وما رسوله إلا مبلّغ عنه ولا يبلّغ إلا من كان مرتضى وأمينا على كتابه فهو في وظيفة من وظائفه لذا قال ( لا ريب فيه ) فأعجزك من حيث أنه بيّن لك هذا التعريف باليقين على لسان الأمين بواسطة الأمين ليقرّب إليه الفهم بحسب ما تفهم كي ييسّر عليك فأنت تفهم بحسب فهمك وليس بحسب ما علمه هو منك وما أودعه ممّا هو معرّف في كتابه ثمّ جعل لك الإشارة في العبارة لتصل بها إليها عن طريقها فيه ثمّ أن الرسول الذي جاء بالكتاب أتى به مكتوبا في قلبه وروحه بحسب حقائق الكتاب لأنه الطريق الوحيد إلى الفناء ففتح لك باب حضرته من هذه الطريق فهل فهمت معنى الطريق الآن ثمّ أن لام البعد إنّما إبتعدت بك قليلا وذلك من شدّة ظهوره فشدّة الظهور تفيد البعد عندك كي لا تتدّعي الإتّحاد كما وقع للنصارى فافهم فحفظك إسما ومعنى ( والله خير حافظا )
وقال ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ليقرّ بذلك يقينك فتسبح في بحار يقينه ولا تتشابك عليك الأمور حتى تجهله في البعض من تجلياته كمن قال ( إنا نعوذ بربّنا منك ) لذا قال (لا ريب فيه) لتتسع ميادين معرفتك إذا حققت أل التعريف الملازمة للكتاب لذا عرّف لك نفسه في إسمه ونكّر لك إسم رسوله إخفاء له في حجاب الغيرة في مقام الحبيب كي تثبت المنازل حقّها وتعطي الحقائق أصلها لتموج في بحار علمه لتدعوه هناك بإخلاص لأن الكفار لا يدعونه بإخلاص إلا هناك فقرّب إليك الإشارة من حيث أنّه إستفتح لك بقوله ( ذلك ) أي ليس إلا الإشارة للفهم وبها تسترسل في مدارسة القرآن كي لا يشوبك الريب في جميعه لأنه قال ( الكتاب ) بأل التعريف فهل فهمت الآن
والسلام
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله
تتمّة :
قوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) دلّ إسم الإشارة على الكتاب المشار إليه عن طريق لام البعد وكاف المخاطب التي تفيد القرب لذا فصل بين إسم الإشارة وكاف الخطاب بلام البعد لذا فصل بين الألف والميم بحرف اللام في أول الكلام المجمل المفسّر عن طريق الإشارة لأن العبارة لا تتناوله لذا أشار الى الكتاب مباشرة لئلا يتوهّم بعد المكان وإنّما المقصود بعد المكانة فالفرق ظاهر بين الألوهية وبين العبودية ثمّ أخبر عن طريق إسم الإشارة أنّها متى حلّت لتشير الى المشار إليه لا تكون إلا في مستوى اليقين فلا يدخلها وهم ولا ريب ولو لا إسم الإشارة لما صحّ عدم الريب في المشار إليه ثمّ أنّ الكتاب الذي جاء معرّفا بأل التعريف إستغرق بذلك التعريف جميع التعريفات لتعرفه في كلّ شيء حيث إنتفى الريب والشكّ والوهم بهذا التعريف الذي أشار إليه عن طريف إسم الإشارة فافهم فكلّ من اشار الى الكتاب وفهمه عن طريق الإشارة إنتفى في حقّه الريب الذي لا يحلّ إلا في القلب فعلمنا بأن الإشارة دواء وعلاج من الريب في محلّ اليقين وما اليقين إلا أن تعرفه في كلّ شيء لذا لمّا أشارت الى عيسى أمّه مريم العذراء عليهما السلام ( قال إنّي عبد الله ) فأدخلته الإشارة من أمّه عالم الفناء مباشرة فنطق بالعبودية ثمّ أخرجته تلك العبودية الى عالم البقاء في عالم الخصوصية فقال ( آتاني الكتاب ..الآية ) فافهم .
لذا قال :( ذلك الكتاب ) أي في مقام البقاء لذا ورد معرّفا بأل التعريف الإستغراقية كما قال عيسى في عالم البقاء ( آتاني الكتاب ) فما ذكر بعد الفناء في عالم البقاء غير الكتاب أي التعريف الشامل في عالم البقاء وهو أن تعرفه في كلّ شيء لأنه قال ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وحكمة عدم التفريط من شيء في الكتاب كي تعرفه في كلّ شيء لذا قال عيسى ( آتاني الكتاب ) حينما تكلّم لمّا أشارت إليه أمّه بالكلام فما عرف غير الفناء والبقاء لذا قال تعالى ( ذلك ) فالفناء بين الذال إسم الإشارة وبين كاف الخطاب وإنّما ذكرت اللام لتفيد البعد وهو بعد المكان فلا إتحاد ولا حلول في هذا الفناء ثمّ قال مباشرة من غير فاصل ( الكتاب ) كي يعرف في غيره بعد الفناء وهو عالم البقاء وإنّما سمّوه العلماء بالبقاء أي بقاء العبودية في أوصاف الخصوصية ليعرف في غيره من حيث تجلّي أسماؤه وصفاته وإلاّ فالفناء هو الأصل فالحمد لله على عدم وجودنا ونحن نكفر بوجودنا كفرا ليس بعده إيمان لان الإيمان بالله تعالى وحده هكذا طلب منّا أمّا من رأى وجوده عين وجود الحقّ فهو متكبّر حلّت عليه اللعنة ( الا لعنة الله على الكافرين ) فهذا الأصل فدعونا من الفرع فالفرع يميل مع التجليات لأن فرعه في السماء أما الأصل فهو ثابت في الأرض أرض العبودية وهو الفناء ونحن نعلم بأن الفرع إذا كان في السماء يخاف عليه من الرجم لمن فهم ثمّ أن ثمار الفرع تسقط على الأرض فترجع من حيث صعدت وهكذا من هذه المعاني ...
ثمّ قال ( لا ريب فيه ) أي بدليل العيان وإلا تسرّب إليه الريب ومتى تسرّب الريب دخل الظلام وإنّما قال فيه ( أي مهما كانت مستوى التجلّيات الجلالية أو الجمالية , والجلالية أكثر لأنّها الأصل فهي للثبوت فلا فيها تجاوز للحدود فافهم ) فهذا هو الذي لا ريب فيه من حيث التعريفات التي عرّف بحيث مستوى الكتاب وأنت كما علمت بأنّه كتاب مكنون من حيث الدليل عليه في كلّ شيء لا يمسّه إلا المطهّرون أي ممّا سواه لذا أشار لهم إلى الكتاب ليفهموا الإشارة وأنه ما أشار إلى نفسه ثمّ بدأ في التدرّج إليه في تعريفات الحقائق من حيث المعرفة لا من حيث العلم لأنّ العلم يفيد الجلال في المعرفة ( هجم بهم العلم على حقيقة الأمر ) أمّا المعرفة فهي ليست إلا معرفة علم الألوهية والربوبية فالمعرفة عبارة عن قراءة العلم بالصفات لفهم تجليات الذات من حيث الأسماء فالصفات برزخ بين الأسماء والذات ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ) فالحقيقة للذات والمجاز للصفات والإستعارة للأسماء فدخل جميع أهل الله في المجاز ومن أين يقولون بأن الولي هو صفة من صفاته بل أقول هو مجاز من مجازاته من حيث مرتبة الخصوصية وإلا فلا مجاز في القرآن كما أشار الى ذلك بعض علماء الأصول وهذا المذهب أذهب إليه لكن ليس بنفس فهمهم ولا بنفس توجّههم وقد يقولون حقّا من حيث الإعتراض ففرضوا فروضا من غير تحقيق .
( ذلك الكتاب ) من حيث لا بد من التنبيه والتنبيه لا بد فيه من مشار إليه ليقع عليه الحسّ مهما تلطّف هذا الحس ودخل دائرة اللامحسوس فهو بالنهاية حسّ من حيث الإحساس والشعور وإلا كيف وقع عليه الإدراك فجسّده لهم من حيث أسمائه ومعّنه لهم من حيث صفاته فوقع فيه الإعجاز من كلّ جانب ( وهو بكلّ شيء محيط ) ومن الإحاطة إحاطة الإعجاز في الظهور والإعجاز في البطون ومنه ننزل كما تنزّل بهذا الكتاب في معرفة الحقائق الى المشار إليه الخليفة في هذا الكتاب وهو محمد صلى الله عليه وسلّم فهو لا ريب فيه من حيث نبوّته ورسالته لأنه خرج بهذا الكتاب الذي لا ريب فيه فتجانس الأمر من حيث مرتبة النزول ثمّ قال (الكتاب ) من حيث أنه مكتوب لا من حيث أنه منزّل والكتابة فيه لا تتبدّل ولا تتغيّر فهو لوح محفوظ الحقائق من حيث لا تبديل لكلمات الله من حيث وجوده المطلق فأين ستهرب من هذا ( وهو بكلّ شيء محيط ) فقوله ( شيء ) ليس المقصود وإنّما المقصود ( بكلّ ) أي كليات الشيء الظاهرة والباطنة التي هي عينه وحقيقته بحسب العلم السابق من الأزل وإلى الأبد ظاهرا وباطنا ( فأين المفرّ ) لذا قال ( ففرّوا إلى الله ) فقد دلّك على الحقائق كي لا تحاججه بعلمك ومعرفتك وإنّما أشار إلى الكتاب عن طريف إسم الإشارة تنزّلا لك إلى الأسماء ليعلمك بأن الإسم لا يدلّ إلا على مسمّاه فعدم هنا من قال بأنه صفته فصفته لا تقبل التقييد وهي ملازمة للذات فلا عصيان لها وهي مقدسة أزلية وأنت لست بذاك فلو كنت أزليا لما نزّل غليك كتاب التعريف ولا قال لك ( ثمّ رددناه أسفل سافلين ) فقوله( ذلك الكتاب ) متى علمت الإشارة أي ذلك الكتاب في الكتاب لأن لا بد أن يعرّف الكتاب بجنسه وهو ما ورد فيه فلا إنفصال لمعانية البتّة كما أنه لا إتّصال لأسمائه البتّة من حيث الدلالات فاعجزك هنا والعجز منك مطلوب بما تشهده من التعريفات بأل الكتاب ثمّ أن الكتاب إذا كان في مقام التنزّل كانت أسماء الإشارة له مصاحبة ومتى كان في مقام الإتيان كانت أسماء الإشارة تحلّ معانيها وليس أسماؤها لذا قال ( فأشارت إليه ) بلا كلام لأن الرضيع لا يتكلّم إلا عندما يخاطب إشارة
ثمّ دلّ بقوله ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) أي لو كان هناك ريب لكان العلم جهلا والنور ظلمة وفيه في هذا المقام إشارة إلى أن الكتاب إنّما أنزل لأجل محو الريب أو تقول إنتفاء الريب بما تشهده من وجوده فمن تحقق له هذا كان له كتابا نازلا من عنده وإلا فلا كتاب له ( إقرأ كتابك ) ولا بدّ من ذلك , فأقرأ بالإشارة في مقام العبارة بأل التعريف للكتاب بلا ريب وإلا فإنّك تدري العاقبة من حيث الحقائق ثمّ أن الكتاب جاء من عنده فهو رسالته إليك وما رسوله إلا مبلّغ عنه ولا يبلّغ إلا من كان مرتضى وأمينا على كتابه فهو في وظيفة من وظائفه لذا قال ( لا ريب فيه ) فأعجزك من حيث أنه بيّن لك هذا التعريف باليقين على لسان الأمين بواسطة الأمين ليقرّب إليه الفهم بحسب ما تفهم كي ييسّر عليك فأنت تفهم بحسب فهمك وليس بحسب ما علمه هو منك وما أودعه ممّا هو معرّف في كتابه ثمّ جعل لك الإشارة في العبارة لتصل بها إليها عن طريقها فيه ثمّ أن الرسول الذي جاء بالكتاب أتى به مكتوبا في قلبه وروحه بحسب حقائق الكتاب لأنه الطريق الوحيد إلى الفناء ففتح لك باب حضرته من هذه الطريق فهل فهمت معنى الطريق الآن ثمّ أن لام البعد إنّما إبتعدت بك قليلا وذلك من شدّة ظهوره فشدّة الظهور تفيد البعد عندك كي لا تتدّعي الإتّحاد كما وقع للنصارى فافهم فحفظك إسما ومعنى ( والله خير حافظا )
وقال ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ليقرّ بذلك يقينك فتسبح في بحار يقينه ولا تتشابك عليك الأمور حتى تجهله في البعض من تجلياته كمن قال ( إنا نعوذ بربّنا منك ) لذا قال (لا ريب فيه) لتتسع ميادين معرفتك إذا حققت أل التعريف الملازمة للكتاب لذا عرّف لك نفسه في إسمه ونكّر لك إسم رسوله إخفاء له في حجاب الغيرة في مقام الحبيب كي تثبت المنازل حقّها وتعطي الحقائق أصلها لتموج في بحار علمه لتدعوه هناك بإخلاص لأن الكفار لا يدعونه بإخلاص إلا هناك فقرّب إليك الإشارة من حيث أنّه إستفتح لك بقوله ( ذلك ) أي ليس إلا الإشارة للفهم وبها تسترسل في مدارسة القرآن كي لا يشوبك الريب في جميعه لأنه قال ( الكتاب ) بأل التعريف فهل فهمت الآن
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: خواطر
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله
والصلاة والسلام على النبي الأكرم وآله
بعد السلام ورحمة الله وبركاته
أقول :
سأواصل إن شاء الله كتابة خواطري في المستقبل القريب
والسلام
الحمد لله
والصلاة والسلام على النبي الأكرم وآله
بعد السلام ورحمة الله وبركاته
أقول :
سأواصل إن شاء الله كتابة خواطري في المستقبل القريب
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
صفحة 1 من اصل 3 • 1, 2, 3
صفحة 1 من اصل 3
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 14:18 من طرف ابن الطريقة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس