من وحي قوله ( لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ )

فارس النور كتب:

أسأل الله الا يحرمنا منكم ومن علمكم سيدي علي ليتك تعلم كم تفرحنا بما تكتب وليت الناس يرونكم بعيوني وقلبي

بارك الله لنا فيكم سيدي الحبيب

علي الصوفي كتب:بسم الله والصلاة على رسول الله وآله وسلّم


لو لا الطريقة ما سار أحد ولا وصل إلى حقيقة حيث يرجع الفرع إلى أصله ..


فقعد إبليس لعنه الله تعالى الصراط المستقيم لتعلم كونه كان من السالكين ووصل فذاق مع الذائقين فهو عارف بمسالك الطريق مدركا لمنازل التحقيق ..


حيث لمّا طرد من عالم جمع ذلك النعيم المقيم وأخرج في وصف بقائه إلى وكالة نفسه في عالم فرق الجحيم مكرت به على وجه الإحاطة من كلّ جانب عقوبه الإستدراج الإلهي بحسب رتبة المقام ومنزلته التي أساء أدبه فيها إذ العقوبة من جنس العمل لذلك حمل وزر كلّ غواية وتقدّم إمامة كلّ ضلالة ..


 فصال بما به عوقب من مكر واستدراج فصرّح بنيّته في بثّ مفاسد الغواية ودلالة الخلق على مهالك الضلالة بعد أن نسبها إلى ربّه بخصوصه وما نسبها إلى نفسه قمّة الجهالة في نهاية سوء أدبه حيث قال مخاطبا الحضرة الإلهية ( فَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ )


فنسب سبب غوايته إلى ربّه فأساء ظنّه به ثمّ نسب الصراط بكاف المخاطبة تصريحا أنّه سيكون قاطعا لطريق الذات بما سيوحيه إلى السالكين من أوحال عند توحيد الأسماء والصفات أي لن أتركهم يرجعون إليك على نعت كمال الصدق والوفاء وتمام المحبّة والصفاء إلا متى سبقت لهم العناية بتخليصهم منّي بجذبهم نحو بحر الفناء ثمّ إخراجهم في وصف كمال الصدق والحفظ إلى عالم البقاء


فهذا قوله يبيّن فيه نوايا عزائم مفاسده إلا أنّ الحضرة الإلهيّة ردّت عليه أقواله وهدمت عليه بنيانه ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ )


فالأصل أن لا سلطان لإبليس لعنه الله تعالى على عبد من عبيد الله لكون العبد خلقه الله تعالى حرّا ممّا سواه لا سلطان لمخلوق عليه من العوالم إلاّ من اتبع الشيطان فيكون للشيطان عليه سلطانا متى علمت أنّ قعوده الصراط المستقيم له من المراتب ثلاث : قعود في مستوى علم الشريعة من حيث فقه مناطات العبادات والمعاملات من حيث الأعمال وقعود في مستوى علم الطريقة من حيث فقه الأحوال وقعود في مستوى علم الحقيقة حيث فقه الآداب ..


فهو عارف عالم بدقائق تفصيلات السير والسلوك لذلك أهلك السامري حيث سوّلت له نفسه بسريان مدد من إبليس لعنه الله فيه وأغوى الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها كما قال تعالى ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) ...


كما نراه اليوم منتحلا صفةالعلم الشرعي مدعيا مشيختها فراح يؤسّس لدولة الدواعش مظهرا تلبيسه في صور مشايخ على القنوات وفي المنتديات مستبقا دفاعه بالهجوم ليخلط الأوراق حتى يصبح الحليم حيرانا والعاقل تيهانا لما يبثّه وأعوانه من فوضى وفتن ...


وكذلك خرج في مصف مظهر أنصار المهدوية وآل البيت عليهم السلام فأسس لدولة الصفويين من الشيعة فما أبشع صورة كلّ من خرج الشيطان في وصفه وسرى في نفسه فعاث فسادا بمسّه بما يمليه على أغلب عقول الخلق من وساوس ويوحيه إلى قلوبهم من خواطر ..


هذا لكي تعلم أنّ النزال فيما بينه وبين أهل الله تعالى كان ولا يزال وسيكون على أشدّه رهيبا خطيرا لا هوادة ولا تهاون فيه في قادم الأيام والأزمان وأنّه من حيث العدد له من الجند ملايين ومليارات من الجنّ والإنس على حدّ سواء تحت سلطانه وفي كفالته من أهل ديوانه لكن من حيث المدد لا مدد له إلا ما كان معه من علوم السحر والطلسمات وما تبثّه نفسه من أحوالها في عالم الظلمات كحال الكيد والمكر والتلبيس والخداع فأمره عند نظرائه من أهل الله تعالى ظاهر فهو يرصدهم وهم يرصدونه فهو معهم بين كرّ وفرّ ...


ألا تراه كيف نكص على عقبيه في غزوة بدر الكبرى ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )..
...
.