بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
..من سيرة الحلاج...
صفحة 1 من اصل 1
..من سيرة الحلاج...
من سيرة الحلاج
================
قيل إن (والدة حسين الحلاج) لما حملت به، نذرته خادما للفقراء، وتُسلمه لأبي القاسم شيخ الطايفتين الجنيدي رضي الله عنه يعلمه القرآن فلما وضعته وكبر لم يَهُن عليها فراقه، فأشغلته في صنايع أهل الدنيا، فلم يتعلم منها (شيء). فقال لها ذات يوم: أماه.. ( أنتي نذرتيني ) خادما للفقراء، فأوهبيني للشيخ ( أبو ) القاسم الجنيدي وأوفي بنذرك، فأخذته، ومضت به إلى الجنيدي، فعلمه كتاب الله، وعلمه العلم الشريف، وكان يخدم الزاوية، ويتحوج إلى الفقراء و يدخل الخلوة، ويكنسها، و ينفض الكتب من الغبار، ويبسط السجادة لشيخه، ويملأ الأباريق.
فدخل ذات يوم الخلوة ليكنسها، وإذا بورقة قد سقطت من السجادة فيها اسم الله الأعظم، فأخذها وأكلها ليتبرك بها، وكانت مرسوم الولاية للشيخ، فطلبها، فلم يجدها، فشق ذلك عليه، فأراد أن يخوف الفقراء حتى يردوها عليه، فقال: من وجد لي ورقة ولم يردها قطعت يمينه. فلم يتكلم أحد.
فقال: من سمعني أطلبها، ولم يردها، قطعت شماله. فلم يرد أحد.
فقال: من سمعني اطلبها ولم يردها قطعت رجليه، وصلب، ورجم، واحرق، وذرّي بالهواء.
فنفذت الدعوات كلها في حسين الحلاج، و هو قائم متحيّر، وقد التهب فؤاده من محبة الحق، فقال له الشيخ: يا حسين….! ما افتكارك؟
قال: نسمة من جنابه، أوقفتني ببابه، وبشرتني في الدجى بوصله واقترابه، واستراح الفؤاد من هجره واحتجابه، وطاب لي ما سمعته في الدجى من خطابه، وعلى كل حال سكرتي من شرابه.
قال: ثم قوي به الوجد، فكان الشيخ يعطيه الفضة ليشتري عشاء للفقراء، فيمضي إلى السوق، فيقف على البياع، فيقول له: ما تريد؟.
فيقول: الله … الله!.
ثم يأتي اللبان كذلك، والبقال كذلك، والخباز كذلك.
قال: فأتى أهل السوق إلى الشيخ، و قالوا له: يا سيدي لا ترسل إلينا هذا المولّه، فإنا ما نعرف ما يقول.
وزاد الوجد بحسين الحلاج، فساح في الجبال ستة اشهر، ثم رجع في ميعاد الشيخ، فوجد المجلس مزدحما بالخلايق، فوقف في الدهليز. وكان الشيخ فصيح اللسان إذا تكلم يفهم كلامه الذكي والبليد، وكان الناس يرغبون في مجلسه لفصاحته. فدق الكلام في ذلك اليوم حتى لم يفهم منه كلمة واحدة.
فقال الناس: ما هكذا عادتك للفقراء، ما نفهم من كلامك شيء.
فقال الشيخ: وأنا أيضا ما افهم ما أقول، و لا بد من لهذا من نبأ، و ممن يفهمه … فتشوا الدهليز، وانظروا من يبكي لهذا الكلام. فلما فتشوا، وجدوا حسين الحلاج (واقف) يبكي. فقالوا: تفهم ما يقول الشيخ؟.
قال: نعم.
قالوا: تقدم، فإن الشيخ يريدك.
ففسحوا له حتى طلع المنبر. فقال له الشيخ: يا حسين … أنت وصلت إلى هذه المنزلة تسمع الخطاب في الأسرار …؟ اكتم السر …!
قال: ما أقوى على الكتمان.
و قيل إنه سأله: ما المحبة؟.
قال: حبه نزل بقلبي فلم أر إلا ربي، فأخذ لبي مني، و سلبني عني، ثم نظرت منه إليه، فلم انظر إلا هو، فعلمت أنه الحق. وقال لي: يا حلاج، ما أسرع ما كانت المحبة، رضعت من ثدي محبتنا رضعة، وشربت من كاس محبتنا جرعة، فما ثبت إلا لحظة، و ما كتمت إلا غمضة.
ثم بكى بكاء شديدا حتى غشي عليه، ثم أنشد:
ألا يا ليل زاد بي الهيـــام شطحت بسكرتي برا وسهلا
ألا يا ليل للمولى رجــال ألا يا ليل قرب الحق نالوا
ألا يا ليل قد كسبوا (جمال) ألا يا ليل قد صدقوا المقال
تراهم ركعا يبغون فضلا
ألا يا ليل أقوام كـــرام
ألا يا ليل قد شربوا فهاموا
ألا يا ليل جنح الليل قاموا
ألا يا ليل قد صلوا و صاموا
تراهم سجدا يبغون وصلا
ألا يا ليل قد كثرت ذنوبي ألا يا ليل قد ظهرت عيوبي
ألا يا ليل زاد بي النحيب ألا يا ليل نادمني حبيـبي
ولاطفني، ولا عن تولّى
ألا يا ليل لي قلب أسير ألا يا ليل بي وجد كثيـر
ألا يا ليل لي دمع غزير
ألا يا ليل إني مستجــير
بجاه المصطفى من نال فضلا
قال الراوي: فلما فرغ حسين من شعره. قال شيخه: يا حسين … أنت وصلت إلى هذه المنزلة؟.
إن كنت وصلت إليها، فعليك بكتمان السر.
فقال له: يا شيخي … ما لي قوة على كتمان السر فقال له: كيف ترى نور المحبوب في قلبك؟.
فقال له: أرى نورا هام (بي) قلبي، فلم أر إلا ربي. فأخذ عقلي مني، وقد سلبني عني، ثم نظرت منه إليه، فلم أر الكون ألا هو.ثم إن حسين أنشد يقول:
طابَ السماعُ وهبّتِ النسمـاتُ وتواجدت في حانها السـاداتُ
سمعوا بذكرِ حبيبهم فــتهتّكوا خلعوا العذارَ ودارتِ الكاساتُ
طربوا فطابت باللقا أرواحـهم كتموا فباحت منهم العـبرات
شربوا بأقداح الصفا لما صـفوا سكروا فلاحت منهم حـالات
ظهرت عليهم من بواطن سرهم نفحات سر كلها راحــات
هطلت مدامعهم على وجنـاتهم وتصاعدت من شوقهم زفرات
زاد الغرام و في حشاهم جمـرة شـــوقا إليه بقلبهم زفرات
نشرت عليهم من مجالس ذكرهم نِعَمٌ، وطابت منهم الأوقـات
فتعطرت ريح الصبا من عطرهم وسـرت بنشر روايح نفحات
والدهر يمضي في رضاهم راحة ويحق فيهم طابت الراحــات
================
قيل إن (والدة حسين الحلاج) لما حملت به، نذرته خادما للفقراء، وتُسلمه لأبي القاسم شيخ الطايفتين الجنيدي رضي الله عنه يعلمه القرآن فلما وضعته وكبر لم يَهُن عليها فراقه، فأشغلته في صنايع أهل الدنيا، فلم يتعلم منها (شيء). فقال لها ذات يوم: أماه.. ( أنتي نذرتيني ) خادما للفقراء، فأوهبيني للشيخ ( أبو ) القاسم الجنيدي وأوفي بنذرك، فأخذته، ومضت به إلى الجنيدي، فعلمه كتاب الله، وعلمه العلم الشريف، وكان يخدم الزاوية، ويتحوج إلى الفقراء و يدخل الخلوة، ويكنسها، و ينفض الكتب من الغبار، ويبسط السجادة لشيخه، ويملأ الأباريق.
فدخل ذات يوم الخلوة ليكنسها، وإذا بورقة قد سقطت من السجادة فيها اسم الله الأعظم، فأخذها وأكلها ليتبرك بها، وكانت مرسوم الولاية للشيخ، فطلبها، فلم يجدها، فشق ذلك عليه، فأراد أن يخوف الفقراء حتى يردوها عليه، فقال: من وجد لي ورقة ولم يردها قطعت يمينه. فلم يتكلم أحد.
فقال: من سمعني أطلبها، ولم يردها، قطعت شماله. فلم يرد أحد.
فقال: من سمعني اطلبها ولم يردها قطعت رجليه، وصلب، ورجم، واحرق، وذرّي بالهواء.
فنفذت الدعوات كلها في حسين الحلاج، و هو قائم متحيّر، وقد التهب فؤاده من محبة الحق، فقال له الشيخ: يا حسين….! ما افتكارك؟
قال: نسمة من جنابه، أوقفتني ببابه، وبشرتني في الدجى بوصله واقترابه، واستراح الفؤاد من هجره واحتجابه، وطاب لي ما سمعته في الدجى من خطابه، وعلى كل حال سكرتي من شرابه.
قال: ثم قوي به الوجد، فكان الشيخ يعطيه الفضة ليشتري عشاء للفقراء، فيمضي إلى السوق، فيقف على البياع، فيقول له: ما تريد؟.
فيقول: الله … الله!.
ثم يأتي اللبان كذلك، والبقال كذلك، والخباز كذلك.
قال: فأتى أهل السوق إلى الشيخ، و قالوا له: يا سيدي لا ترسل إلينا هذا المولّه، فإنا ما نعرف ما يقول.
وزاد الوجد بحسين الحلاج، فساح في الجبال ستة اشهر، ثم رجع في ميعاد الشيخ، فوجد المجلس مزدحما بالخلايق، فوقف في الدهليز. وكان الشيخ فصيح اللسان إذا تكلم يفهم كلامه الذكي والبليد، وكان الناس يرغبون في مجلسه لفصاحته. فدق الكلام في ذلك اليوم حتى لم يفهم منه كلمة واحدة.
فقال الناس: ما هكذا عادتك للفقراء، ما نفهم من كلامك شيء.
فقال الشيخ: وأنا أيضا ما افهم ما أقول، و لا بد من لهذا من نبأ، و ممن يفهمه … فتشوا الدهليز، وانظروا من يبكي لهذا الكلام. فلما فتشوا، وجدوا حسين الحلاج (واقف) يبكي. فقالوا: تفهم ما يقول الشيخ؟.
قال: نعم.
قالوا: تقدم، فإن الشيخ يريدك.
ففسحوا له حتى طلع المنبر. فقال له الشيخ: يا حسين … أنت وصلت إلى هذه المنزلة تسمع الخطاب في الأسرار …؟ اكتم السر …!
قال: ما أقوى على الكتمان.
و قيل إنه سأله: ما المحبة؟.
قال: حبه نزل بقلبي فلم أر إلا ربي، فأخذ لبي مني، و سلبني عني، ثم نظرت منه إليه، فلم انظر إلا هو، فعلمت أنه الحق. وقال لي: يا حلاج، ما أسرع ما كانت المحبة، رضعت من ثدي محبتنا رضعة، وشربت من كاس محبتنا جرعة، فما ثبت إلا لحظة، و ما كتمت إلا غمضة.
ثم بكى بكاء شديدا حتى غشي عليه، ثم أنشد:
ألا يا ليل زاد بي الهيـــام شطحت بسكرتي برا وسهلا
ألا يا ليل للمولى رجــال ألا يا ليل قرب الحق نالوا
ألا يا ليل قد كسبوا (جمال) ألا يا ليل قد صدقوا المقال
تراهم ركعا يبغون فضلا
ألا يا ليل أقوام كـــرام
ألا يا ليل قد شربوا فهاموا
ألا يا ليل جنح الليل قاموا
ألا يا ليل قد صلوا و صاموا
تراهم سجدا يبغون وصلا
ألا يا ليل قد كثرت ذنوبي ألا يا ليل قد ظهرت عيوبي
ألا يا ليل زاد بي النحيب ألا يا ليل نادمني حبيـبي
ولاطفني، ولا عن تولّى
ألا يا ليل لي قلب أسير ألا يا ليل بي وجد كثيـر
ألا يا ليل لي دمع غزير
ألا يا ليل إني مستجــير
بجاه المصطفى من نال فضلا
قال الراوي: فلما فرغ حسين من شعره. قال شيخه: يا حسين … أنت وصلت إلى هذه المنزلة؟.
إن كنت وصلت إليها، فعليك بكتمان السر.
فقال له: يا شيخي … ما لي قوة على كتمان السر فقال له: كيف ترى نور المحبوب في قلبك؟.
فقال له: أرى نورا هام (بي) قلبي، فلم أر إلا ربي. فأخذ عقلي مني، وقد سلبني عني، ثم نظرت منه إليه، فلم أر الكون ألا هو.ثم إن حسين أنشد يقول:
طابَ السماعُ وهبّتِ النسمـاتُ وتواجدت في حانها السـاداتُ
سمعوا بذكرِ حبيبهم فــتهتّكوا خلعوا العذارَ ودارتِ الكاساتُ
طربوا فطابت باللقا أرواحـهم كتموا فباحت منهم العـبرات
شربوا بأقداح الصفا لما صـفوا سكروا فلاحت منهم حـالات
ظهرت عليهم من بواطن سرهم نفحات سر كلها راحــات
هطلت مدامعهم على وجنـاتهم وتصاعدت من شوقهم زفرات
زاد الغرام و في حشاهم جمـرة شـــوقا إليه بقلبهم زفرات
نشرت عليهم من مجالس ذكرهم نِعَمٌ، وطابت منهم الأوقـات
فتعطرت ريح الصبا من عطرهم وسـرت بنشر روايح نفحات
والدهر يمضي في رضاهم راحة ويحق فيهم طابت الراحــات
محمد- عدد الرسائل : 656
العمر : 60
المزاج : إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها ففـــــــي وجـه مـن تـهـوى جـمـيـع الـمـحـاســـــــــن
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
أمس في 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 22:37 من طرف الطالب
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الخميس 14 نوفمبر 2024 - 20:57 من طرف أبو أويس
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس
» رسالة من شيخنا الى أحد مريديه رضي الله عنهما
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:49 من طرف أبو أويس
» مقام الجمع
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:40 من طرف أبو أويس