نفي التحريف عن التصوّف الحنيف

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على مقرر الشريعة ومحرر الطريقة ومنبع الحقيقة سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن إتبع هداه
إن موضوع التصوف اليوم أضحى عرضة لهجمات عنيفة مقصودة لها اسبابها ودوافعها وهذا أمر غير خافي على أحد وهناك حملة مشوهة قام بها وللاسف الشديد أناس ينتسبون الى ديننا الاسلامي الحنيف وبزعمهم يدافعون عنه وكأن التصوف كان سببا في ضعف الدين وإنتكاس الامة وكل هذا يعد من المغالطات الخطيرة التي تبناها نخبة كثيرة العدد ممن ينتسبون إلى فرقة معينة ديدنها محاربة الصوفية في مشارق الارض ومغاربها .
ليعلم العالم ساداتي أنّ المنتسبين للتصوف أنواع أذكرها :
-هناك تصوف العامة
-هناك تصوف العلماء
- هناك تصوف العارفين
بالنسبة لتصوف العامة قد دخله من الدجل والشعوذة والخرافات والاوهام ما لا حد له ولا نهاية ومن هذه الحقيقة إنفتح باب الانكار على الصوفية وأقصد بالعوام الذين أحبوا أهل النسبة سواء دخلوا في الطريق أو لم يدخلوا ولم يكن لهم أدنى علم بالطريق وأحكامه والشريعة وحدودها وليس لهم غير الغلو في التبرك الاعمى من غير فهم ولا توقف ولا روية وهؤلاء غلب عليهم النظر في مصالحهم الشخصية وشهواتهم النفسية بطلبهم قضاء حوائجهم الدنيوية
ومن هنا كان النذر للاولياء والصالحين بالذبح لهم والقسم بأسمائهم الى غير ذلك وسبب هذه القضية أنّهم سمعوا أو رأوا أنّ الحوائج يقضيها الله تعالى عند إكرام الاولياء والتبرك بهم وإهدائهم الهدايا وقد تسرب الى أفهامهم القاصرة من أن الاولياء يتصرفون في قضاء الحاجات في حياتهم وبعد مماتهم لمن يحبون من أحبائهم واختلط الامر عندهم في هذا الموضوع حتى دخل عليهم الشرك العملي وهم لا يشعرون وكل هذا ناجم جراء الجهل المتمكن منهم غاية التمكن فلا حول ولا قوة الا بالله .
فهذه الحالة هي التي تستوجب على أهل الطريق من العلماء إيضاح الامور الى العامة وتفهيمهم أمر دينهم وحقيقة الطريق سلوكا وتبركا لأنه من هنا وجد المعاندون الثغرة لمهاجمة أهل الله تعالى من خيرة أولياء الأمة الاسلامية وصلحائها رضي الله عنهم فواجبنا اليوم نحو التصوف هو هذا التصوف عند العوام لا أكثر من ذلك وسأحكي لكم هذه الحكاية لتكون ميزانا لما قلته وتبيينا لما قصدته وهي : جاءني شخص من تاركي الصلاة وأخبرني انه في منامه جاءه أحد الأولياء من الاموات مقبور في بلدته وأمره بحسب زعمه بأن يأتي عند قبره ويذبح له ذبيحة وكان هذا الشخص فرحا مسرورا بهذه الرؤيا فقلت له : هذا الذي جاءك في المنام شيطان وليس وليا صالحا لأنه لو كان وليا صالحا لأمرك بالصلاة قبل كل شيء لأن تارك الصلاة عند بعض المذاهب يخرج من الملة الاسلامية فكيف يرضى لك هذا الولي بترك الصلاة .فكان الأوجه أن يأمرك بما هو أولى ممّا فيه منفعتك دنيا وأخرى
وعلى هذه الأوهام والخرافات عاش أناس ومات آخرون وهل هذا هو التصوف ؟.................
التصوف قبل كل شيء علم ثم عمل لا أكثر ولا أقل أما النتيجة والثمرة فليس لمخلوق له دخل في ذلك اصلا وانما ذلك فضل الله تعالى بحسب النيات "فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله"
فهذا هو الموضوع الذي أراه محل النقاش بخصوص التصوف وليس غير هذا أعني تصوف العوام أو أقول تبرك العوام بأهل التصوف أو أقول الصوفية الجاهلين وهذا واقع بكل يقين وحاصل ونحن نؤيد كل من يتصدى الى مثل هذه الخرافات والاوهام والشريعة كفيلة ببيان معاني التبرك والنذر والاهداء وغير ذلك فان التبرك والنذر الى اخره... من مباحث الفقه الاسلامي لأنها مسائل فقهية وليست سلوكية وكذلك مسائل زيارة القبور
وأين التصوف من كل هذا فهو المظلوم البريء المسكين هذا أولا
ثانيا : تصوف العلماء :
وهو تصوف أهل الظاهر من علماء الرسوم وتصوفهم هذا يسمى التصوف العقلي وذلك لكونهم لا ذوق لهم في حقائق الشريعة وفسروا أحاديث السلوك والرقائق تفسيرا ظاهريا عقليا وليس قلبيا ذوقيا فليس لهم قدم البتة في روح المعاني وهم أقسام منهم الجامد البحت ومنهم من هو أقل جمودا ولذا فإنك تراهم فسروا التصوف بالزهد والصلاح لا غير ذلك وأعني هنا بالعلماء أي غير المحققين ولا الذائقين معاني التصوّف الحقّ الذي هو مقام الإحسان
ثالثا : تصوف المحققين من أهل الله تعالى :
وهذا هو التصوف الذي ليس هو محل بحث ولا يمكن أن يكون كذلك أبدا وإنما هو حقائق إلهية وأمور غيبية لا مدخل فيها للجدل ولا للانتقاد لأنّها من مشكاة علوم النبوة وهذا التصوف يسمى تصوف أهل السلوك والسير والتحقيق الذين لا يريدون من الله سواه فهم على صلاتهم دائمون مذ سجدوا ما رفعوا وهو المقصود حقيقة بمعنى كلمة التصوف وغير هذا المشرب عند العلماء العاملين لا يسمى تصوف
وهذا مقام التسليم وعدم الإنتقاد قال سيدي أحمد العلاوي رضي الله عنه في قصيد له " يا مريد السر سلم لا تنكر علينا * خل فهمك عني واقدم كي تأخذ علينا " ونحن مع العلماء في إنكارهم على العوام في خروقاتهم للشريعة لأنهم بذلك يصونون أحكامها ولسنا معهم في إنكارهم على العارفين لأنهم بذلك يفسدون معانيها ونحن مأمورون بتشييد مباني الشريعة وفق معاني الحقيقة على أصول الطريقة فندعم العلماء من وجه ونفارقهم من وجه جهلهم بعلوم الطريقة فلا نتبع غير العلم في الوجهتين وهذا المسمى بالتحقيق .فنحن مطالبون بنشر العلم في الحالتين ولنا في ذلك عدة مراجع من العلماء العارفين الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة فلا نأخذ الطريقة إلا على العالم الجامع بين العلمين فهذا هو الكمال الديني وهذا أحوط الأمور والأخذ بالأحوط لازم لمن كان ذا عزيمة فالحمد لله إنّ مشائخ الطريقة وخاصّة مشائخ الشاذلية أغلبهم علماء قبل أن يكونوا عارفين . والله أعلم وأحكم
والسلام على ساداتي الفقراء ورحمة الله والبركة

بسم الله الرحمان الرحيم
سادتى الأفاظل افلا نستحى أن نقول "أو أقول الصوفية الجاهلين "الصوفى هو عارف بالله ...أفلا نستحى أن نرمى أهل الله بالجهل ..
الأفظل إذالم نكون ملمين بموضوع ألاّ نكتب فيه ...أونقل "المتصوف، أو المتصوفة ..."لأنّ الصوفى ارتقى بفهمه إلى أعلى عليّين
فكيف نرمى أهل الله بالجهل ...أكرر اتقوا الله ..وابتعدوا عن البلاء فإنكم ترموا السلسلة المحمدية بأنعاة وأنتم لاتعلمون ..الله يهدينا ويهديكم .

جازى الله عنّا ساداتنا كلّ خير

أمّا بعد :

فأشكر سيدي الهادفي على تصحيحه وتعقيبه الجيّد وفعلا يجب تحديد الألفاظ ومدلولاتها لأنّه في علم الدلالات وكما هو واضح هناك دلالة كليّة وهناك دلالة عرضية وهناك دلالة إلتزامية فهذا صحيح فيجب لمن أراد الكتابة أن يضع الألفاظ في عين دلالتها وإلاّ فقط أخطأ اللسان العربي , فهذا أمر من حيث إطلاق الألفاظ

أمّا ما لا أوافق عليه أخي وسيدي الهادفي رضي الله عنه أنّه قال ( الأفظل ( الأفضل ) إذالم نكون ملمين بموضوع ألاّ نكتب فيه ) فهذا يخصّ المعنى أكثر منه ما يخصّ اللفظ

وما أظنّ بأنني حكيت ما لست ملمّا به , أمّا قولك سيدي الفاضل ( الصوفى هو عارف بالله) فليس كلّ صوفي هو عارف بالله وإلاّ فماذا كنت أنت مطلق من الصفات على من أخذ الورد والطريقة أهو صوفي أم ماذا فإن قلت بل هو فقير قلت لك إذن فهو فقير صوفي وإذ قلت بل هو مريد قلت لك بل هو مريد صوفي , فالصوفي سيّدي في أعلى مراتبه عارف بالله وليس في أدنى مراتبه ونحن نطلق إسم الصحابة على من إجتمع بالنبي لحظة ورآه فهل يستوي هذا مع منزلة كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أم أنّنا نقول فيه ليس بصحابي لأنّه إجتمع مع النبي لحظة وهكذا فليس كلّ الصحابة مفتوح عليهم بالفتح الكبير كما ذكر هذا غير واحد من الأولياء منهم سيدي أحمد التيجاني في جواهر المعاني رضي الله عنه , فالصوفي سيدي معنى عام أكثر منه معنى خاص في أخصّ خصوصياته وهذا ما أردته في موضوعي من حيث أنّ الناس تحكم على المتلبّس بلباس الفقير فهو عندهم صوفي ولو لم يكن في نفس الأمر عندنا صوفي , فمعرفة الصوفي فيما بيننا يدلّ عليه كلامك أمّا فيما بيننا وبين الناس فلا فافهم

ولست أوّل من قال بما قلت به بل لقد قال ساداتنا ذلك منهم القشيري في مقدّمة رسالته في خصوص الطريقة وسلوكها ومنهم الشيخ الأكبر
في الفتوحات : بل لقد قسّم ساداتنا كما هو واضح في كتبهم الصوفية نوعين : هما : صوفية أرزاق - وصوفية حقائق , فقد نعتوا أهل الدنيا والأوقاف والأرزاق بالصوفية ومن نظر في كتبهم علم ذلك

لذا فمن تابع موضوعي الذي قلت فيه لمن فهم وتدبّر وأراد المعرفة ( وهو المقصود حقيقة بمعنى كلمة التصوف وغير هذا المشرب عند العلماء العاملين لا يسمى تصوف )

فأين الخلل حتّى أتّهم بأنّي لست ملمّا بالموضوع ؟؟؟

أقول : لكلّ تصوّفه ومدى باعه فيه فرفقا سيدي رفقا بأهل النسبة ولا نحتكر معرفة الطريق على أنفسنا ( لقد حجّرت واسعا ) كما في الحديث

هذا وأشكر سيدي أبأ أويس الذي دافع عمّا رآه حقّا والسلام

أخى الحبيب على :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوكم المعذرة إن لم أكن دقيقا فى كتابتى حيث تكلّمت بصغة مطلقة وانتابنى شعور خوف أن يقع أحد إخوتى فى المحضور دون علم ولقد تكررت عبارة صوفى جاهل عدة مرات ،نسمعها من العموم ممكن أمّا أن نسمعها من فقير أو مريد فهذا ليس بالجيّد ..أكرر معذرتى ..
والله ورسوله أعلم