بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أكتوبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
الرسالة الأولى من سيدي محمد المداني إلى سيدي إسماعيل الهادفي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الرسالة الأولى من سيدي محمد المداني إلى سيدي إسماعيل الهادفي
بسم الله الرحمان الرحيم
العلامة المبرور والصديق الصادق المشكور الصوفي الكامل سيدي الشيخ إسماعيل بن عثمان الهادفي نفع الله بكم العباد والبلاد والسلام عليكم وعلى جميع أهل نسبة الله ورحمة الله والبركة.
أما بعد فقد تشرفنا بكتابكم الكريم المنبئ عن كامل المحبة والوداد ورسوخ القدم فيما يرضي الله ورسوله من التذكير والإرشاد وذلك هو الأمر الذي خلقنا من أجله وأسست طريق الصوفية عليه جارية مجرى ما أمر الله به ونهى عنه، يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك فكن بارك الله فيكم راسخ القَدم في حضرة القدم ولو كان المدبرون أضعاف المقبلين فلا يضركم كيدهم شيئا، وأعظم منة على المؤمن أن يجعله الله مرشدا لعباده المؤمنين ينشر هدايته الإسلامية وحقائقه الإحسانية ومعارفه الإلاهية حتى يهدي به الله من يشاء من عباده، هذا هو الذي نرجوه لكم نفع الله بكم العباد والبلاد، ولو يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر
النعم، وما على المرشد إلاّ أن يكون شمسا مشرقة يستمدّ من ضوئها الأقمار والكواكب. وقد رجعت إلى الزاوية من زيارتكم في سلامة وعافية ظاهرا وباطنا وقد انشرح صدري باجتماعي مع أولئك الرجال أهل نسبة الله بهاتك البلاد المبارك بلاد الجريد عموما سيما أهل توزر ونفطة ودقاش والحامة فإني قد رأيت رجالا تفرست فيهم سلامة القلب وصحة الاعتقاد والمحبة الخالصة ورأيت أن سينتشر فيهم علم التصوف والحقائق الإلاهية فيكونون إن شاء الله ممن أتاهم الله العلم اللدنّي وما ذاك على الله بعزيز.
وأوصيكم بما أوصاني به أستاذي بالصدق في المعاملة والثبات في المواصلة والله يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة. فكونوا على قدم وساق في اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل والحضور مع الله الذي هو الغاية المقصودة والضالة المنشودة. والوصية لا يحتاج إليها ولا يتوقف عليها من كان له زاجر من نفسه يأمره وينهاه في العبادات الظاهرة عبادة الجوارح أو في الحضور مع الله عز وجل وهما جهتان لابدّ للسّائر منهما وإلى ذلك يشير قوله تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين" وذلك هو الصراط المستقيم الذي يلزم السير عليه وهو الأمر الذي أوصيكم به ونفسي حتى نكون ممن أنعم الله عليهم إن شاء الله.
وأما نظر بعض الصوفية بأنّ المريد لا يزور إلاّ شيخه فذلك أمر ربما يقتضيه الحال في بعض الأوقات، أما نظري فإن المريد له أن يزور جميع إخوانه المؤمنين فضلا عن إخوانه الذاكرين وذلك كله عند سير المريد، وأما من حصل على ذوق البقاء بعد الفناء أو نقول على الفرق بعد الجمع فله سديد النظر وأوسعه يسير سير رجل مجتهد لإصابة الصواب وما عليه شئ إذا لم يصبه بل له أجر واحد وما عليّ إلاّ أن أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ونقرأ جميعا قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفّر عنكم سيّئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم"
ثم حدّث عن اشتياقنا إلى جميع من جالسناهم في الله وحظينا عندهم بالإكرام الجزيل ولا حرج فلسنا ممن يشكر عظيم الفضل باللسان أو برسم بالبنان فحسب إنما نعظم ذلك بالجنان ونفوّض أمر مجازاته إلى الرحمان فهو الذي يجزي أجر من أحسن عملا، ثم عليّ أن أوصيكم ونفسي بتقوى الله ما استطعتم والثبات على العهد والوفاء به ’’ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنؤتيه أجرا عظيما’’.
ثم أوصيكم ونفسي أن نعامل جميع إخواننا خصوصا المسيئين منهم بالإغضاء والعفو عما جرى به القضاء فإنّ العفو والصفح والغفران جزاءه من الله بالمثل "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم" فلا يورثكم الجفاء ما ترونه من المخالفة في إخوانكم أو نقول في شيخكم فإنّ من أحبّ أن لا يعصي الله في مملكته فقد أحبّ أن لا تظهر رحمته ومغفرته، إنّما على المؤمن أن يعجّل بالتوبة والإقلاع عمّا يصدر منه فإنّ الله يحبّ التّوّابين ويحب المتطهّرين.
واعلموا أنّ أطيب ثمرة يقتطفها المريد السالك هي ثمرة المعرفة بالله والغيبة عمّا سواه، والاسم الأعظم هو الذي يوصل إلى مسمّاه وقل الله ثم ذرهم.
متّعنا الله وإياكم بالنظر إلى ذات الرحمان في دار الجنان وثبتنا على الإيمان في دار الإيقان وهدانا الله وإياكم إلى خير القول والعمل بجاه سيد الرسل صلى الله عليه وسلم والله وليّنا ووليكم.
واعلموا أنّ الإنسان مع نيته، والأعمال بالنّيات، ومثلها الأقوال، واللسان بما عوّدته، ولا بدّ للمريد من التّحفّظ بقدر الاستطاعة ويجتهد أن يعود لسانه بما فيه الحكمة البالغة العائدة على المتكلم والسامع بما يقرّب إلى الله زلفى، ثم إنّ الناس تختلف باختلاف أحوالهم فيلزم الانتباه لما يقع من الفتن بين أفراد النّسبة أو بينهم وبين قدوتهم بسبب دخول الدنيا. وإننا في سيرتنا نحذّر الفقراء من بعضهم لما ينتج عن ذلك من التنافر والتباغض. ثم ما على الأستاذ إلاّ ضيافة إخوانه قدر طاقته والفقراء مطالبون بواجب أستاذهم والإنفاق عليه بقدر وسعهم ولو كان عنده مال قارون حتى لا تفسد نية المريد فتتعلّق همّته بالطّمع والنّهم الدنيوي الفاني فينقطع عن طلب التقرّب إلى الله حفظنا الله وإيّاكم. ثم ما يدخل من الفشل والكسل على أفراد المنتسبين فلا مدخل للشيخ فيه إنّما عليه التذكير بلا انفكاك وما عليه من هداية القوم شئ واقرأ إن شئت قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : "فذكّر إنّما أنت مذكّر" وقوله تعالى:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" فما المذاكرة من المرشدين إلاّ غيث للقلوب الطاهرة فتؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها وعلى القلوب المريضة فترتدّ بعدما تبين لها الهدى والله يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء لا يسأل عمّا يفعل نسأله تعالى أن يوفقنا لصالح القول والعمل ويحفظنا من الزلل.
وأمّا من يتقوّى بإقبال الناس عليه ويضعف بإدبارهم قلّ أن تسلم بصيرته من الإنطماس حفظنا الله وإياكم. فما علينا وعليكم إلاّ إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم نتواصى بالحقّ والصبر عليه، وذكّر فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين، ثم علينا جميعا بالإخلاص في طاعة الله والتوجّه إليه والإعراض بالقلب عمّن سواه والإستغراق في ذات الله وقل الله وافن عن هاته الموجودات والله وليّنا ووليّكم وهو يتولّى الصّالحين.
واعلموا أنّ نشاط سادتنا الفقراء أهل نسبة الله ونهضتهم في طريق الله عز وجل هو الأمر الذي يستحق الفرح والسرور لأنه الأمر الباقي الذي نلقاه بين يدي الله عز وجل في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم، فعليكم أيها الإخوان بالعمل بما يرضي الله ورسوله ويطهر القلب من الأدواء حتى نكون جميعا إن شاء الله ممن استثناهم الله تعالى فننتفع بقلوبنا السليمة ونتمتّع بالنظر إلى تلك الذّات الكريمة. ومن شعائر المنتسبين أنهم يؤثرون على أنفسهم وينفقون في كل حين فأنفقوا من معانيكم على إخوانكم كما تنفقون من مادّتكم حتى يصلح الله بكم الظاهر والباطن وينفع بكم في جميع المواطن، ثم نتواصى بالوفاء بالعهد والثبات على الودّ وتقوى الله حسب الاستطاعة والله وليّ التوفيق والهادي لأقوم طريق. ثم إنّي أقول لكم أنّ آداب التصوف ومبادئه تمكن قراءتها بالدروس والتلقّي بالتعبير والتحرير وأمّا روح التصوف الذي هو الفناء في الله عز وجل والبقاء به فلا بد فيه من حسن التوجه وكثرة الذكر بالإسم المفرد الذي تطمئنّ به القلوب. فالتصوف حال تنشأ عن إفراد الوجهة إلى الله تعالى والعمل بما علم العبد فيورثه الله علم ما لم يعلم، وطول الأمد فيه تربية للإنسان مهما كان شأنه والله مع الصابرين.
والمواظبة على ذكر الله والإكثار منه تطمئن به القلوب فيقذف الحق على الباطل فيدمغه ولا يتحقق الجهاد الأكبر إلا بمقابلة جندَي الحق والباطل فإنهما لا يفارقان السالك والواصل والعارف بالله على اختلاف المراتب، ولا يظنّ الصوفي أنه إذا انهزم جند الباطل توقفت دواليب الحرب، كلاّ، بل تقوم جنود أخرى بلون آخر وهكذا حتى تختم الأنفاس فيقرأ: ’’ألا إنّ حزب الله هم الغالبون’’ ولا تنقطع تلك الحرب إلاّ للرسل عليهم السلام، أمّا عباد الله المخلصون فليس للشيطان عليهم سبيل وإن خاصمهم وحاربهم فالعاقبة للمتقين.
فسلموا منّا على أهل الصدق في المحبة والقوة في الرغبة، وقد تكاثرت علينا نعمكم وهداياكم والله يرزقكم بأحسن ما كنتم تعملون، وما زلت أكرر لكم كلمة مولانا الإمام سيدنا أحمد العلاوي وهي قوله: ,,والله إنّي لا أفرح بالهدية ولكني أفرح بمهديها لما أرى عليه من شعائر الإنتساب,,.
والسلام من محرره العبد الضعيف محمد المدني العلاوي
العلامة المبرور والصديق الصادق المشكور الصوفي الكامل سيدي الشيخ إسماعيل بن عثمان الهادفي نفع الله بكم العباد والبلاد والسلام عليكم وعلى جميع أهل نسبة الله ورحمة الله والبركة.
أما بعد فقد تشرفنا بكتابكم الكريم المنبئ عن كامل المحبة والوداد ورسوخ القدم فيما يرضي الله ورسوله من التذكير والإرشاد وذلك هو الأمر الذي خلقنا من أجله وأسست طريق الصوفية عليه جارية مجرى ما أمر الله به ونهى عنه، يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك فكن بارك الله فيكم راسخ القَدم في حضرة القدم ولو كان المدبرون أضعاف المقبلين فلا يضركم كيدهم شيئا، وأعظم منة على المؤمن أن يجعله الله مرشدا لعباده المؤمنين ينشر هدايته الإسلامية وحقائقه الإحسانية ومعارفه الإلاهية حتى يهدي به الله من يشاء من عباده، هذا هو الذي نرجوه لكم نفع الله بكم العباد والبلاد، ولو يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر
النعم، وما على المرشد إلاّ أن يكون شمسا مشرقة يستمدّ من ضوئها الأقمار والكواكب. وقد رجعت إلى الزاوية من زيارتكم في سلامة وعافية ظاهرا وباطنا وقد انشرح صدري باجتماعي مع أولئك الرجال أهل نسبة الله بهاتك البلاد المبارك بلاد الجريد عموما سيما أهل توزر ونفطة ودقاش والحامة فإني قد رأيت رجالا تفرست فيهم سلامة القلب وصحة الاعتقاد والمحبة الخالصة ورأيت أن سينتشر فيهم علم التصوف والحقائق الإلاهية فيكونون إن شاء الله ممن أتاهم الله العلم اللدنّي وما ذاك على الله بعزيز.
وأوصيكم بما أوصاني به أستاذي بالصدق في المعاملة والثبات في المواصلة والله يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة. فكونوا على قدم وساق في اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل والحضور مع الله الذي هو الغاية المقصودة والضالة المنشودة. والوصية لا يحتاج إليها ولا يتوقف عليها من كان له زاجر من نفسه يأمره وينهاه في العبادات الظاهرة عبادة الجوارح أو في الحضور مع الله عز وجل وهما جهتان لابدّ للسّائر منهما وإلى ذلك يشير قوله تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين" وذلك هو الصراط المستقيم الذي يلزم السير عليه وهو الأمر الذي أوصيكم به ونفسي حتى نكون ممن أنعم الله عليهم إن شاء الله.
وأما نظر بعض الصوفية بأنّ المريد لا يزور إلاّ شيخه فذلك أمر ربما يقتضيه الحال في بعض الأوقات، أما نظري فإن المريد له أن يزور جميع إخوانه المؤمنين فضلا عن إخوانه الذاكرين وذلك كله عند سير المريد، وأما من حصل على ذوق البقاء بعد الفناء أو نقول على الفرق بعد الجمع فله سديد النظر وأوسعه يسير سير رجل مجتهد لإصابة الصواب وما عليه شئ إذا لم يصبه بل له أجر واحد وما عليّ إلاّ أن أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ونقرأ جميعا قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفّر عنكم سيّئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم"
ثم حدّث عن اشتياقنا إلى جميع من جالسناهم في الله وحظينا عندهم بالإكرام الجزيل ولا حرج فلسنا ممن يشكر عظيم الفضل باللسان أو برسم بالبنان فحسب إنما نعظم ذلك بالجنان ونفوّض أمر مجازاته إلى الرحمان فهو الذي يجزي أجر من أحسن عملا، ثم عليّ أن أوصيكم ونفسي بتقوى الله ما استطعتم والثبات على العهد والوفاء به ’’ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنؤتيه أجرا عظيما’’.
ثم أوصيكم ونفسي أن نعامل جميع إخواننا خصوصا المسيئين منهم بالإغضاء والعفو عما جرى به القضاء فإنّ العفو والصفح والغفران جزاءه من الله بالمثل "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم" فلا يورثكم الجفاء ما ترونه من المخالفة في إخوانكم أو نقول في شيخكم فإنّ من أحبّ أن لا يعصي الله في مملكته فقد أحبّ أن لا تظهر رحمته ومغفرته، إنّما على المؤمن أن يعجّل بالتوبة والإقلاع عمّا يصدر منه فإنّ الله يحبّ التّوّابين ويحب المتطهّرين.
واعلموا أنّ أطيب ثمرة يقتطفها المريد السالك هي ثمرة المعرفة بالله والغيبة عمّا سواه، والاسم الأعظم هو الذي يوصل إلى مسمّاه وقل الله ثم ذرهم.
متّعنا الله وإياكم بالنظر إلى ذات الرحمان في دار الجنان وثبتنا على الإيمان في دار الإيقان وهدانا الله وإياكم إلى خير القول والعمل بجاه سيد الرسل صلى الله عليه وسلم والله وليّنا ووليكم.
واعلموا أنّ الإنسان مع نيته، والأعمال بالنّيات، ومثلها الأقوال، واللسان بما عوّدته، ولا بدّ للمريد من التّحفّظ بقدر الاستطاعة ويجتهد أن يعود لسانه بما فيه الحكمة البالغة العائدة على المتكلم والسامع بما يقرّب إلى الله زلفى، ثم إنّ الناس تختلف باختلاف أحوالهم فيلزم الانتباه لما يقع من الفتن بين أفراد النّسبة أو بينهم وبين قدوتهم بسبب دخول الدنيا. وإننا في سيرتنا نحذّر الفقراء من بعضهم لما ينتج عن ذلك من التنافر والتباغض. ثم ما على الأستاذ إلاّ ضيافة إخوانه قدر طاقته والفقراء مطالبون بواجب أستاذهم والإنفاق عليه بقدر وسعهم ولو كان عنده مال قارون حتى لا تفسد نية المريد فتتعلّق همّته بالطّمع والنّهم الدنيوي الفاني فينقطع عن طلب التقرّب إلى الله حفظنا الله وإيّاكم. ثم ما يدخل من الفشل والكسل على أفراد المنتسبين فلا مدخل للشيخ فيه إنّما عليه التذكير بلا انفكاك وما عليه من هداية القوم شئ واقرأ إن شئت قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : "فذكّر إنّما أنت مذكّر" وقوله تعالى:"ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" فما المذاكرة من المرشدين إلاّ غيث للقلوب الطاهرة فتؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها وعلى القلوب المريضة فترتدّ بعدما تبين لها الهدى والله يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء لا يسأل عمّا يفعل نسأله تعالى أن يوفقنا لصالح القول والعمل ويحفظنا من الزلل.
وأمّا من يتقوّى بإقبال الناس عليه ويضعف بإدبارهم قلّ أن تسلم بصيرته من الإنطماس حفظنا الله وإياكم. فما علينا وعليكم إلاّ إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم نتواصى بالحقّ والصبر عليه، وذكّر فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين، ثم علينا جميعا بالإخلاص في طاعة الله والتوجّه إليه والإعراض بالقلب عمّن سواه والإستغراق في ذات الله وقل الله وافن عن هاته الموجودات والله وليّنا ووليّكم وهو يتولّى الصّالحين.
واعلموا أنّ نشاط سادتنا الفقراء أهل نسبة الله ونهضتهم في طريق الله عز وجل هو الأمر الذي يستحق الفرح والسرور لأنه الأمر الباقي الذي نلقاه بين يدي الله عز وجل في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم، فعليكم أيها الإخوان بالعمل بما يرضي الله ورسوله ويطهر القلب من الأدواء حتى نكون جميعا إن شاء الله ممن استثناهم الله تعالى فننتفع بقلوبنا السليمة ونتمتّع بالنظر إلى تلك الذّات الكريمة. ومن شعائر المنتسبين أنهم يؤثرون على أنفسهم وينفقون في كل حين فأنفقوا من معانيكم على إخوانكم كما تنفقون من مادّتكم حتى يصلح الله بكم الظاهر والباطن وينفع بكم في جميع المواطن، ثم نتواصى بالوفاء بالعهد والثبات على الودّ وتقوى الله حسب الاستطاعة والله وليّ التوفيق والهادي لأقوم طريق. ثم إنّي أقول لكم أنّ آداب التصوف ومبادئه تمكن قراءتها بالدروس والتلقّي بالتعبير والتحرير وأمّا روح التصوف الذي هو الفناء في الله عز وجل والبقاء به فلا بد فيه من حسن التوجه وكثرة الذكر بالإسم المفرد الذي تطمئنّ به القلوب. فالتصوف حال تنشأ عن إفراد الوجهة إلى الله تعالى والعمل بما علم العبد فيورثه الله علم ما لم يعلم، وطول الأمد فيه تربية للإنسان مهما كان شأنه والله مع الصابرين.
والمواظبة على ذكر الله والإكثار منه تطمئن به القلوب فيقذف الحق على الباطل فيدمغه ولا يتحقق الجهاد الأكبر إلا بمقابلة جندَي الحق والباطل فإنهما لا يفارقان السالك والواصل والعارف بالله على اختلاف المراتب، ولا يظنّ الصوفي أنه إذا انهزم جند الباطل توقفت دواليب الحرب، كلاّ، بل تقوم جنود أخرى بلون آخر وهكذا حتى تختم الأنفاس فيقرأ: ’’ألا إنّ حزب الله هم الغالبون’’ ولا تنقطع تلك الحرب إلاّ للرسل عليهم السلام، أمّا عباد الله المخلصون فليس للشيطان عليهم سبيل وإن خاصمهم وحاربهم فالعاقبة للمتقين.
فسلموا منّا على أهل الصدق في المحبة والقوة في الرغبة، وقد تكاثرت علينا نعمكم وهداياكم والله يرزقكم بأحسن ما كنتم تعملون، وما زلت أكرر لكم كلمة مولانا الإمام سيدنا أحمد العلاوي وهي قوله: ,,والله إنّي لا أفرح بالهدية ولكني أفرح بمهديها لما أرى عليه من شعائر الإنتساب,,.
والسلام من محرره العبد الضعيف محمد المدني العلاوي
عدل سابقا من قبل أبو أويس في الأحد 1 سبتمبر 2013 - 17:27 عدل 2 مرات
أبو أويس- عدد الرسائل : 1561
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: الرسالة الأولى من سيدي محمد المداني إلى سيدي إسماعيل الهادفي
أبو أويس كتب:بسم الله الرحمان الرحيم
العلامة المبرور والصديق الصادق المشكور الصوفي الكامل سيدي الشيخ إسماعيل بن عثمان الهادفي نفع الله بكم العباد والبلاد والسلام عليكم وعلى جميع أهل نسبة الله ورحمة الله والبركة.
أما بعد فقد تشرفنا بكتابكم الكريم المنبئ عن كامل المحبة والوداد ورسوخ القدم فيما يرضي الله ورسوله من التذكير والإرشاد وذلك هو الأمر الذي خلقنا من أجله وأسست طريق الصوفية عليه جارية مجرى ما أمر الله به ونهى عنه، يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك فكن بارك الله فيكم راسخ القَدم في حضرة القدم ولو كان المدبرون أضعاف المقبلين فلا يضركم كيدهم شيئا، وأعظم منة على المؤمن أن يجعله الله مرشدا لعباده المؤمنين ينشر هدايته الإسلامية وحقائقه الإحسانية ومعارفه الإلاهية حتى يهدي به الله من يشاء من عباده، هذا هو الذي نرجوه لكم نفع الله بكم العباد والبلاد، ولو يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، وما على المرشد إلاّ أن يكون شمسا مشرقة يستمدّ من ضوئها الأقمار والكواكب. ....
.......
........
والسلام من محرره العبد الضعيف محمد المدني العلاوي
هذه الرسالة تعتبر الإذن الكتابي الصريح
من سيدي محمد المدني إلي سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما في التربية والإرشاد.
من سيدي محمد المدني إلي سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما في التربية والإرشاد.
عبدالله- عدد الرسائل : 177
العمر : 65
العمل/الترفيه : طالب علم
تاريخ التسجيل : 09/12/2007
رد: الرسالة الأولى من سيدي محمد المداني إلى سيدي إسماعيل الهادفي
هذه الرسالة تعدّ تحفة ودرّة قلّما يجود الزمان بمثلها , فلو لم يكن لسيدي المداني رضي الله عنه إلاّ هذه الرسالة لكفته , ولو لم يكن لسيدي إسماعيل رضي الله عنه إلاّ هذه الرسالة لكفته وأغنته مرشدا ودليلا
فإنّ لسان حاله يقول لشيخه كما قال ذلك الصحابي لرسول الله عليه الصلاة والسلام فيما معناه : ( كأنّها موعظة مودّع فأوصنا يا رسول الله ... الحديث )
قال لي أحد ساداتنا العارفين رضي الله عنه : ( هذه الرسالة لا تحتاج شرحا واحدا بل تحتاج لشروح عديدة )
وإنّ فيها من الأذون و الوصايا ما لا يحصر , فقد أودع فيها سيدي المداني لبّ الشريعة والطريقة والحقيقة , فكادت أن تكون وحيا أو كتابا منزّلا
فيا فخامة من كتبها ويا فخامة من أرسلت إليه , فلو كتبت بماء العين ممزوجا بماء الذهب ما أعطيناها حقّها , فهي رسالة قلبية من عالم نوري صرف وعلمي بحت وجمع وإحاطة , فلله درّ كاتبها ولله درّ المكتوبة إليه
فإذا أردت أن تعرف قيمة شيخك فاقرأ هذه الرسالة وأنت تبكي , فقد كتبت بدموع القلب من ماء الغيب على صفحات الروح , فما أشرقها من صفحة فيها من الآداب والأخلاق والعلم المستقيم ما لا يخفى , أمّا إشاراتها فحدّث عنها ولا حرج , فوالله ما ضلّ عارف أرسلت إليه مثل تلك الرسالة , فهي رحيق مختوم صحبة الأستاذ لأستاذه وخلاصة الخدمة
من قرأ هذه الرسالة بكى حتّى تفنى منه الدموع لما فيها من الصدق والحبّ والإعتناء والوصية والصفاء والحكمة والتوسيع وعدم الحرج والرخصة والنصيحة والتواضع الذي لم يشهد هذا الزمان له مثيل , فهي وإن دلّت فإنّما تدلّ على مقام كاتبها وأنّه وارث محمّدي حقيقيّ قلّ أن يجود الزمان بمثله
فأسأل الله أن يعطيني القدرة ولو قليلا حتّى أعمل فيها فكرتي بقلبي وروحي , فليس لنا غير الروح نهاية البوح والنوح ....
علي- عدد الرسائل : 1132
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
مواضيع مماثلة
» جواب سيدي محمد المداني لأسئلة سيدنا إسماعيل الهادفي رضي
» شرح الرسالة العلاوية للشيخ محمد المداني رضي الله عنه
» كتاب عن شيخنا الكبير سيدي إسماعيل الهادفي
» ترجمة مولانا الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» اجازة سيدي احمد العلاوي لسيدى محمد المداني رحمهما الله
» شرح الرسالة العلاوية للشيخ محمد المداني رضي الله عنه
» كتاب عن شيخنا الكبير سيدي إسماعيل الهادفي
» ترجمة مولانا الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» اجازة سيدي احمد العلاوي لسيدى محمد المداني رحمهما الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الأحد 22 سبتمبر 2024 - 1:08 من طرف الطالب
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس
» رسالة من شيخنا الى أحد مريديه رضي الله عنهما
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:49 من طرف أبو أويس
» مقام الجمع
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:40 من طرف أبو أويس
» تقييمات وإحصائيات في المنتدى
الثلاثاء 30 يوليو 2024 - 6:36 من طرف أبو أويس
» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الإثنين 29 يوليو 2024 - 23:50 من طرف علي
» *** الأحديث القدسيّة ***
الإثنين 24 يونيو 2024 - 22:26 من طرف ابو اسامة
» ((معلومة قيِّمة وهامَّة))
الأربعاء 12 يونيو 2024 - 23:57 من طرف ابو اسامة
» من عجائب المخلوقات (( النحل ))
الجمعة 24 مايو 2024 - 23:02 من طرف ابو اسامة
» هدية اليوم
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس
» حكمة شاذلية
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس