بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
محبة الله
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
محبة الله
اللّهم صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد طبيب القلوب وشفاء الأجسام، حياةِ النّفوس ودواء الأسقام، مَــن سبّح فـــي كفّـــه الحصى والطّعـــام، وَنَطـــق لـــه الطّفل قبل الفِطام.
قال الله عزّ وجلّ في الذّكر الحكيم: "يا أيّها الّذين آمنوا مَنْ يَرتدّ منكم عن دينِه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه "، صدق الله العظيم .
وقال عليه الصّلاة والسّلام: "مَن أَحبَّ لقاء الله تعالى أحبَّ الله لقاءَه وَمن لم يحبّ لقاء الله تعالى لم يحبّ اللهُ تعالى لقاءَه.
وجاء عن سيّدنا أنس ابن مالك عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عليه السّلام عن ربّه سبحانه وتعالى قال: " مَن أَهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة وما ترددت في شيء كتردّدي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مُسَاءَتَهٌ ولا بُدّ له منه وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ من أدَاء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدًا ومؤيّدًا ".
ويروى أنَّ بعضَ العارفين دخلَ على مريضٍ من النّصارى وهو في النّزع فقال: " أسلمْ ولك الجنّة قال لا حاجة لي بها، قال أسلم ولك النّجاة من النّار قال لا أبالي بها، قال أسلم ولك النظر إلى وجه الله الكريم، فأسلم ففاضت روحه. فرؤي تلك اللّيلة في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه وقال لي أسلمت شوقا إلى لقائي قلت نعم قال لك عندي الرّضا واللّقاء".
وقيلَ إذا كان يوم القيامة واستقرّ أهلُ الجنّة في الجنّة وبقي رجل في الموقف من المحبّين فتأتيه الملائكة بسلاسلَ من نور فيقودونه إلى الجنّة وهو غائب في سكرة المحبّة فإذا صار إلى باب الجنّة أفاق من سكرتِه فيجذب من السّلاسل ويرجع مهرولا وهو يقـــول دلّوني عـــلى ربّ الجــــنّة والمـــلائكة يردّونه إليها . فيقول الله تعالى خلّوا بيني وبينه.
وقال ذو النّون المصري رأيت صبيانا يرجمون رجلا فقلت لهم في ذلك فقالوا إنّه مجنون يزعم أنّه يرى ربّه فدنوت منه فأخبرته بذلك فقال لو احتجب عني طرفة عين لتقطعت من ألم البَيْن ثم قال:
طلب الحبيبُ من الحـــــــــــــبيب رضاه *** ومُـنَــى الحبيــــــــب مــــــن الحبيب لقاه
أبـــــدا يــلاحظه بأعـــــيــــــن قــــــــــلبه *** والقـــلـب يعــــــــــــــــرف ربـّــه ويـــراه
يــرضى الحــــبيب مــن الحبــيب بقربه *** دون العـــــباد فـــــما يريـــــد ســــــــــواه
فقلت أمجنونٌ أنت؟ قال عند أهل الأرض نعم وأمّا عند أهل السّماء فلا، فقلت له كيف أنت مع الله؟ قال ما جـــفوتٌه منـــذ عرفـــتٌه قلت متى عرفـــــــــته ؟ قال لمّا جعل اسمي في المتحابّين.
ويقول الإمام نجم الدّين النّسفي في تفسير قوله تعالى:" وسقاهم ربّهم شرابا طهورا" هو شراب ادّخره الله تعالى فإذا شربوا طربوا فإذا طربوا هاموا فإذا هاموا طاشوا فإذا طاشوا طاروا فإذا طاروا طلبوا فإذا طلبوا وجدوا فإذا وجدوا نزلوا فإذا نزلوا قربوا فإذا قربوا كشفوا فإذا كشفوا شاهدوا.
ويروى أنَّ امرأة جاءت إلى الجنيد فقالت: "زوجي يريد أن يتزوّج عليّ" قال إن لم يكن له أربع جاز، قالت لو جاز النّظر إلى الأجانب لكشفت لك عن وجهي حتى تنظر إلي فتعرف أنَّ من له مثلي لا ينبغي له أن يتزوّج غيري، فوقع الجنيد مَغشيٍّا عليه فلمّا أفاق سئل عن ذلك قال كأنّ الحقّ سبحانه وتعالى يقول لو جاز لأحد النّظر إليّ في الدّنيا لكشفت له الحجاب عن وجهي حتى ينظرني فيعرف أنّ من له مثلي لا ينبغي أن يكون في قلبه سواي.
وقال الامام النّسفي: "أوحى الله إلى موسى عليه السّلام أنِّي خَلقتُ في جَوفِ عبدي بيتا وسمّيته قلبا، وجعلت أرضه المعرفة وسماءه الإيمان وشمسه الشّوق وقمره المحبّة وترابه الهمّة ورعده الخوف وبرقه الرّجاء وغمامه الفضل ومَطرَه الرّحمة وشجره الوفاء وثمره الحكمة ونهاره الفراسة وهي الضّياء وليله المعصية وهي الظّلمة وله باب من العلم وباب من الحلم وباب من اليقين وباب من الغيرة وله ركن من الأنس وركن من التوكّل وركن من اليقين وركن من الصّدق وعليه قفل من الفكر لا يطّلع على ذلك البيت غيري .
وقال الإمام الغزالي أوحى الله إلى داود عليه السّلام بلّغ أهل الأرض إنّي حبيب لمن أحبّني وجليس لمن جالسني وأنيس لمن أنس بي ومصاحب لمن صاحبني ومختـــار لمن اختـــارني ومطيــــع لمن أطاعـــــني فإنّـــي خلقــــت أحبــــابي من طينة ابراهــــيم وموسى ومحمّد صلّى الله عليه وسلـــم ونــــوّرت قلوب المشتاقين من نوري ونعّمتها بجلالي .
ونقل الإمام الرّازي في "مفاتيح الغيب عن جماعة من المفسّرين أنَّ ثوبانَ رضي الله عنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان شديد الحبّ للنّبي صلّى الله عليه وسلّم قليل الصّبر عنه فجاءه يوما وقد تغيّر لونه ونحل جسمه فسأله فقال يا نبيّ الله ما بي من وجع ولكنّي ذكرت الآخرة وقد مضى يوم لم أرك فيه فاشتقت إليك فكيف يكون حالي في الآخرة فإن دخلت الجنّة أكون مع العبيد وأنت مع النّبيئين فلا أراك أبدا وأنا لا أصبر عنك، فأنزل الله تعالى " ومن يطع الله والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم الله عليهم من النّبيئين والصدّقين والشّهداء إلى آخر الآية.
وقال مالك بن دينار وقفت يوما على صومعة راهب سمعته يقول يا من لاذَ بِحَرَمِهِ الخائفون ورغب فيما عنده الطّالبون أسألك الخلاص من القصاص واستغفرك من ذنوب ذهبت لذّتها وبقيت تبعاتها فناديته يا راهب كيف تركتَ الدّنـيا؟ قَالَ تَركتها قبل أن تتركني قلت حدّثني بقصّتك قال كنت على دين النّصرانية فرأيت في منامي قائلا يقول ويحك إلى كم تعبد غيرَ الله، إنَّ عيسى عبدٌ من عبيد الله فقلت له من أنت قال أنا شفيع المذنبين أنا الّذي بشّر به عيسى وشهد بنبوّتي موسى أنا في التّوراة موصوف وفي الإنجيل معروف ثم مسح بيده على صدري وقال اللّهم ألهم عبده الرّشاد ووفّقه للسّداد فانتبهت ولا شيء أحبّ إليّ من الإسلام فأسلمت وسكنت في صومعتي .
وقالت رابعة العدويّة في مناجاتها: "إلهي أتحرق بالنّار قلبا يحبّك؟ فهتف بها هاتف ما كنّا نفعل هكذا فلا تظنّي بنا ظنّ السّوء.
وقيل أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السّلام إنّي إذا اطّلعت على قلب عبد فلم أجد فيه حبّ الدّنيا والآخرة ملأته من حبّي .
اللّهم صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد صلاة تمنحنا بها قدسية في النّفس وصحّة في الأبدان ونورا في البصر ورقّة في الوجدان.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشيخ محمد المنور المدني
المراجع :
النزهة ص 25 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 74 و 76
الرّسالة القشيريّة ص 143 و 145 و 146 و 147
قال الله عزّ وجلّ في الذّكر الحكيم: "يا أيّها الّذين آمنوا مَنْ يَرتدّ منكم عن دينِه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه "، صدق الله العظيم .
وقال عليه الصّلاة والسّلام: "مَن أَحبَّ لقاء الله تعالى أحبَّ الله لقاءَه وَمن لم يحبّ لقاء الله تعالى لم يحبّ اللهُ تعالى لقاءَه.
وجاء عن سيّدنا أنس ابن مالك عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عليه السّلام عن ربّه سبحانه وتعالى قال: " مَن أَهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة وما ترددت في شيء كتردّدي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مُسَاءَتَهٌ ولا بُدّ له منه وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ من أدَاء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدًا ومؤيّدًا ".
ويروى أنَّ بعضَ العارفين دخلَ على مريضٍ من النّصارى وهو في النّزع فقال: " أسلمْ ولك الجنّة قال لا حاجة لي بها، قال أسلم ولك النّجاة من النّار قال لا أبالي بها، قال أسلم ولك النظر إلى وجه الله الكريم، فأسلم ففاضت روحه. فرؤي تلك اللّيلة في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه وقال لي أسلمت شوقا إلى لقائي قلت نعم قال لك عندي الرّضا واللّقاء".
وقيلَ إذا كان يوم القيامة واستقرّ أهلُ الجنّة في الجنّة وبقي رجل في الموقف من المحبّين فتأتيه الملائكة بسلاسلَ من نور فيقودونه إلى الجنّة وهو غائب في سكرة المحبّة فإذا صار إلى باب الجنّة أفاق من سكرتِه فيجذب من السّلاسل ويرجع مهرولا وهو يقـــول دلّوني عـــلى ربّ الجــــنّة والمـــلائكة يردّونه إليها . فيقول الله تعالى خلّوا بيني وبينه.
وقال ذو النّون المصري رأيت صبيانا يرجمون رجلا فقلت لهم في ذلك فقالوا إنّه مجنون يزعم أنّه يرى ربّه فدنوت منه فأخبرته بذلك فقال لو احتجب عني طرفة عين لتقطعت من ألم البَيْن ثم قال:
طلب الحبيبُ من الحـــــــــــــبيب رضاه *** ومُـنَــى الحبيــــــــب مــــــن الحبيب لقاه
أبـــــدا يــلاحظه بأعـــــيــــــن قــــــــــلبه *** والقـــلـب يعــــــــــــــــرف ربـّــه ويـــراه
يــرضى الحــــبيب مــن الحبــيب بقربه *** دون العـــــباد فـــــما يريـــــد ســــــــــواه
فقلت أمجنونٌ أنت؟ قال عند أهل الأرض نعم وأمّا عند أهل السّماء فلا، فقلت له كيف أنت مع الله؟ قال ما جـــفوتٌه منـــذ عرفـــتٌه قلت متى عرفـــــــــته ؟ قال لمّا جعل اسمي في المتحابّين.
ويقول الإمام نجم الدّين النّسفي في تفسير قوله تعالى:" وسقاهم ربّهم شرابا طهورا" هو شراب ادّخره الله تعالى فإذا شربوا طربوا فإذا طربوا هاموا فإذا هاموا طاشوا فإذا طاشوا طاروا فإذا طاروا طلبوا فإذا طلبوا وجدوا فإذا وجدوا نزلوا فإذا نزلوا قربوا فإذا قربوا كشفوا فإذا كشفوا شاهدوا.
ويروى أنَّ امرأة جاءت إلى الجنيد فقالت: "زوجي يريد أن يتزوّج عليّ" قال إن لم يكن له أربع جاز، قالت لو جاز النّظر إلى الأجانب لكشفت لك عن وجهي حتى تنظر إلي فتعرف أنَّ من له مثلي لا ينبغي له أن يتزوّج غيري، فوقع الجنيد مَغشيٍّا عليه فلمّا أفاق سئل عن ذلك قال كأنّ الحقّ سبحانه وتعالى يقول لو جاز لأحد النّظر إليّ في الدّنيا لكشفت له الحجاب عن وجهي حتى ينظرني فيعرف أنّ من له مثلي لا ينبغي أن يكون في قلبه سواي.
وقال الامام النّسفي: "أوحى الله إلى موسى عليه السّلام أنِّي خَلقتُ في جَوفِ عبدي بيتا وسمّيته قلبا، وجعلت أرضه المعرفة وسماءه الإيمان وشمسه الشّوق وقمره المحبّة وترابه الهمّة ورعده الخوف وبرقه الرّجاء وغمامه الفضل ومَطرَه الرّحمة وشجره الوفاء وثمره الحكمة ونهاره الفراسة وهي الضّياء وليله المعصية وهي الظّلمة وله باب من العلم وباب من الحلم وباب من اليقين وباب من الغيرة وله ركن من الأنس وركن من التوكّل وركن من اليقين وركن من الصّدق وعليه قفل من الفكر لا يطّلع على ذلك البيت غيري .
وقال الإمام الغزالي أوحى الله إلى داود عليه السّلام بلّغ أهل الأرض إنّي حبيب لمن أحبّني وجليس لمن جالسني وأنيس لمن أنس بي ومصاحب لمن صاحبني ومختـــار لمن اختـــارني ومطيــــع لمن أطاعـــــني فإنّـــي خلقــــت أحبــــابي من طينة ابراهــــيم وموسى ومحمّد صلّى الله عليه وسلـــم ونــــوّرت قلوب المشتاقين من نوري ونعّمتها بجلالي .
ونقل الإمام الرّازي في "مفاتيح الغيب عن جماعة من المفسّرين أنَّ ثوبانَ رضي الله عنه مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان شديد الحبّ للنّبي صلّى الله عليه وسلّم قليل الصّبر عنه فجاءه يوما وقد تغيّر لونه ونحل جسمه فسأله فقال يا نبيّ الله ما بي من وجع ولكنّي ذكرت الآخرة وقد مضى يوم لم أرك فيه فاشتقت إليك فكيف يكون حالي في الآخرة فإن دخلت الجنّة أكون مع العبيد وأنت مع النّبيئين فلا أراك أبدا وأنا لا أصبر عنك، فأنزل الله تعالى " ومن يطع الله والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم الله عليهم من النّبيئين والصدّقين والشّهداء إلى آخر الآية.
وقال مالك بن دينار وقفت يوما على صومعة راهب سمعته يقول يا من لاذَ بِحَرَمِهِ الخائفون ورغب فيما عنده الطّالبون أسألك الخلاص من القصاص واستغفرك من ذنوب ذهبت لذّتها وبقيت تبعاتها فناديته يا راهب كيف تركتَ الدّنـيا؟ قَالَ تَركتها قبل أن تتركني قلت حدّثني بقصّتك قال كنت على دين النّصرانية فرأيت في منامي قائلا يقول ويحك إلى كم تعبد غيرَ الله، إنَّ عيسى عبدٌ من عبيد الله فقلت له من أنت قال أنا شفيع المذنبين أنا الّذي بشّر به عيسى وشهد بنبوّتي موسى أنا في التّوراة موصوف وفي الإنجيل معروف ثم مسح بيده على صدري وقال اللّهم ألهم عبده الرّشاد ووفّقه للسّداد فانتبهت ولا شيء أحبّ إليّ من الإسلام فأسلمت وسكنت في صومعتي .
وقالت رابعة العدويّة في مناجاتها: "إلهي أتحرق بالنّار قلبا يحبّك؟ فهتف بها هاتف ما كنّا نفعل هكذا فلا تظنّي بنا ظنّ السّوء.
وقيل أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السّلام إنّي إذا اطّلعت على قلب عبد فلم أجد فيه حبّ الدّنيا والآخرة ملأته من حبّي .
اللّهم صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد صلاة تمنحنا بها قدسية في النّفس وصحّة في الأبدان ونورا في البصر ورقّة في الوجدان.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته الشيخ محمد المنور المدني
المراجع :
النزهة ص 25 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 74 و 76
الرّسالة القشيريّة ص 143 و 145 و 146 و 147
HALAMOUNA- عدد الرسائل : 64
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: محبة الله
HALAMOUNA كتب:
ويروى أنَّ بعضَ العارفين دخلَ على مريضٍ من النّصارى وهو في النّزع فقال: " أسلمْ ولك الجنّة قال لا حاجة لي بها، قال أسلم ولك النّجاة من النّار قال لا أبالي بها، قال أسلم ولك النظر إلى وجه الله الكريم، فأسلم ففاضت روحه. فرؤي تلك اللّيلة في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه وقال لي أسلمت شوقا إلى لقائي قلت نعم قال لك عندي الرّضا واللّقاء".
...
ويروى أنَّ امرأة جاءت إلى الجنيد فقالت: "زوجي يريد أن يتزوّج عليّ" قال إن لم يكن له أربع جاز، قالت لو جاز النّظر إلى الأجانب لكشفت لك عن وجهي حتى تنظر إلي فتعرف أنَّ من له مثلي لا ينبغي له أن يتزوّج غيري، فوقع الجنيد مَغشيٍّا عليه فلمّا أفاق سئل عن ذلك قال كأنّ الحقّ سبحانه وتعالى يقول لو جاز لأحد النّظر إليّ في الدّنيا لكشفت له الحجاب عن وجهي حتى ينظرني فيعرف أنّ من له مثلي لا ينبغي أن يكون في قلبه سواي.
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: محبة الله
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذا الذي جاء بقلم HALAMOUNA ، أو هالة منى ، نفحات من الفردوس فيها أنفاس الحور العين الطّيّبة ودندنة الأرواح وهي تترنّم بعشق المحبوب ..
أسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهل عشقه المخلصين الخالصين .. وأن يجعل في عشقه تلف نفوسنا وبقاء أرواحنا ، وأن يجعل محبّته رَوْحَنَا وراحنا ...
قيل في الشّائق والعاشق .. الشّائق ذاهب إلى الله مستوحش من غيره يطلب أنسه والعاشق ذاهب فيه غائب عن نفسه مستهلك في أحديّة قدسه ...
...
فبارك الله فيك وزادك الله نورا ...
هذا الذي جاء بقلم HALAMOUNA ، أو هالة منى ، نفحات من الفردوس فيها أنفاس الحور العين الطّيّبة ودندنة الأرواح وهي تترنّم بعشق المحبوب ..
أسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهل عشقه المخلصين الخالصين .. وأن يجعل في عشقه تلف نفوسنا وبقاء أرواحنا ، وأن يجعل محبّته رَوْحَنَا وراحنا ...
قيل في الشّائق والعاشق .. الشّائق ذاهب إلى الله مستوحش من غيره يطلب أنسه والعاشق ذاهب فيه غائب عن نفسه مستهلك في أحديّة قدسه ...
...
فبارك الله فيك وزادك الله نورا ...
عبد السّميع المدني- عدد الرسائل : 92
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 29/03/2010
رد: محبة الله
حينَ تَقوى مَحبة الله خالصةً تَصِير فيه عشقًا وإليه شوقًا. والعشقُ شدّةٌ في الحبِّ، وإخْلاصٌ فِي الوَجد لا يُؤتَاهُما إلاَّ مَنْ كَانَ مِنَ اللهِ فِي مَحَلِّ اللطفِ وَالعِنَايَةِ. وفي هذه العُجالة، نستعرض مَفهومَ عِشق اللهِ، وَدَلائلَهُ وَطُرُقَ تَقْوِيتِهِ.
بِسم الله الرحمان الرحيم
اللّهمَّ صلِّ وسلّم وَبارك على سيّدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد وأَعطه مِن الفَضْل أعلاهُ، ومن الجاه أرقاهُ، ومِنَ القُربِ وَالوَسيلةِ مَا يُحبّه وَيَرضَاهُ. نستعرض مع أحباب الله في هذه العجالة مفهومَ الحبِّ الإلهي الذي هو من أسْمَى مَقَامات العارفين، ومِن أعلى مَيادين اليقين، التي تَتَسَابَقُ فيها جِيادُ الوَاصلِينَ. وَحَقيقَةُ الحبّ هي مَيلُ الطّبع إلى الشّيء الجالب للسعادة، فإن تأكّدَ ذَلك الميلُ وقَويَ سُمِّيَ عشقًا، فيتقوّى أكثر إلى أن يكون المحبُّ مُلازمًا لِمَحْبُوبه لاَ يُفارقه، يُنفق مَا يَملك لِأَجْلِه.
ومِمَّا وَرَدَ فِي عَلاَمَات صدق الـمُحبّ ثلاث خصال: أن يَختارَ كلامَ حَبيبه على كلام غَيره، وأن يَختارَ مُجالسةَ حَبيبه على مُجالسة غيره، وأن يَختارَ رضَا حَبيبه على رضَا غَيرِه".
وَحتَّى يتَّضِحَ لنا هذا المفهوم أكثر، لاَ بأسَ من التذكير مثلاً بزُلَيخَاء وشدَّةِ مَحَبَّتها ليوسفَ عليه السّلام ومن ذلكَ أنْ ذَهَبَ مالُها وجَمالُها وكان لها من الجواهر والقلائد وِقْرُ (وزن) سبعين جَملاً أنفقتها كُلَّهَا في مَحبة يوسف عليه السّلام. ويُروى من بينِ طَرائفها أنَّ كلَّ مَن قَال رأيت يوسفَ اليومَ أعطته قلادةً تُغنيه حتَّى لمَ يَبقَ لها شيءٌ. كما كَانت تسمّي كلَّ شيء باسم يوسف فَنَسِيت كلَّ شيءٍ سِواهُ من فرط العشق، وإذا رفعت رأسها إلى السّماء رَأَت اسمَ يوسفَ مكتوبًا عَلَى الكَواكب.
وَقريبٌ من ذلك ما حُكِيَ عنْ مَجنون ليلى الذي قيل لَه ما اسمُك؟ فَقال لَيلى. وقيل له يوما: "هل مَاتَت ليلى؟" قَالَ: "إنَّ لَيلَى فِي قَلبِي لمَ تَمُت، أَنَا لَيلى". وَمرّ يومًا عَلَى دار ليلى فنظر إلى السّماء فقيل لَه يا مَجنون لا تنظر إلى السّماء ولكن انظر إلى جـدار ليلى لعلّكَ تَــرَاهَا، قَالَ: "أنـا أكتَـفِي بِنَْجمٍ يَقَعُ ظلّه عَلَى دَارِ لَيلَى".
ولله المثل الأعلى: إنَّمَا هي أمثلة ٌ أوردناهَا لِيُتَبيّنَ أنَّ عشق الله ليسَ لهُ حدٌ فيوصفُ وَلَا مقدارٌ فيعرفُ، وإنَّمَا هو مقامٌ يسبح فيه الواصلون ويتنعّم به العاشقون.
ولعلَّ أفضلَ مَنْ يُمثِّلُ حقيقةَ العشق الإلهي سيدُ الوجود صلى الله عليه وسلم. فهو الذي ناجَى مَحبوبَهُ قائلا: "إنْ لمَ يَكن بكَ غَضَبٌ عَليَّ فلا أبالي".
ومن أكابر العشاق الذين اتبعوا نَهج العشق، سيدُ الـمُحبّينَ منصور الحلاج رحمه الله تعالى، إذْ يُروى أنّهم حَبَسُوه ثمانيةَ عشرَ يومًا فجاءه الإمام الشّبلي رضي الله عنه فقال يا منصور: "ما المحبّة ؟" قال: "لا تسألنِي اليومَ واسألْنِي غَدًا"، فَلمّا جَاءَ الغدُ أَخرجوه من السّجن ونَصبوا النَّطع لأجلِ قَتْلِه، ومرَّ الشّبلي بين يديه فنادى الحلاجُ :"يا شبلي، الـمَحَبَّة أوّلها حَرْقٌ وآخرها قتلٌ".
ومِن أكابر العشاق الواصلين أيضًا ذو النّون المصري رحمه الله الذي دَخَلَ المسجدَ الحرامَ فَرَأَى شَابًّا عريانَ مطروحًا مَريضًا، تَحتَ اسطوانةٍ وَلَه أنينٌ مِن قلبٍ حَزينٍ. قال فدنوت منه وسلّمت عليه وقلت من أَنتَ يَا غلامُ ؟ قال أنا غريبٌ عاشقٌ فعلمت عما يقول، قلت وأنا مثلك فبكى وبكيت أنا لبكائه، قال أتبكي أنت؟ فقلت أنا مثلك فبكى بأعلى صوته وصاح صيحة عظيمة عالية فخرجت روحه من ساعته، فطرحت عليه ثوبي وخرجت من عنده لطلب الكفن، فاشتريت الكفن ورجعت إليه فلم أجده مكانه فقلت سبحان الله، فسمعت هاتفا يقول يا ذا النّون إنّ هذا الغريب طلبه الشيطان في الدّنيا فما وجده، وطلبه مالك فلم يره وطلبه رضوان في الجنة فما وَجده، قلت فأين هو؟ قَالَ فَسمعت هاتفًا يقول "فِي مَقْعَدِ صِدقٍ عندَ مَليك مُقْتَدِر" وذلك بسبب محبّته وكثرة طاعته وتعجيل توبته.
ومن ذلك أيضا ما يرويه الغزالي أنَّ بخيلا منافقا حلف على زوجته بالطّلاق أن لا تتصدّق بصدقة. فَجَاء سائل على باب داره وقال: أيا أهل الدّار بحقّ الله ألا أعطيتموني شيئا"، فأعطته المرأة ثلاثة أرغفة فاستقبله المنافق وقال من أعطاك هذه الأرغفة؟ قَالَ أعطوني من الدّار الفلانيّة، فكانت داره فدخل المنافق داره وقال لامرأته ألست قد حلفت عليكِ أن لا تعطي أحدا شيئا؟ فقالت أعطيت لأجل الله عزّ وجلّ فذهب المنافق وأوقد التنور حتى حمي ثم قال قومي فألقي نفسك في التنّور لأجل الله فقامت المرأة وأخذت حللها فقال المنافق دعي الحلل فقالت المرأة الحبيب يتزين لحبيبه وأنا زائرة لحبيبي، ثمّ ألقت نفسها في التنّور فأطبق المنافق عليها رأس التنّور لها ثلاثة أيّام جاء المنافق ففتح عليها رأس التنّور فرأى المرأة سالمة بقدرة الله تعالى فتعجّب الرّجل من تلك الحال فهتف به هاتف يقول أما علمت أن النّار لا تحرق أحبابنا.
ونختم عُجَالَةَ العشق الإلهي بالصّلاة والسّلام على سيّدنا مُحمَّدٍ، طِبّ القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصارِ وَضِيائها. لأنَّ حقيقةَ عشق الله التي وصفناها لا تتحقق إلاَّ بعشق المصطفى صلوات الله عليهِ، فهو باب الله الذي لاَ وُصولَ إلاَّ منه. ومن وسائل تقوية العشق لله ولرسوله كثرة الصلاة والسلام على النَّبي وقد أمرَ الله بِها في محكم تَنْزِيلهِ، وَحَثَّ عَلَيهَا وَجَعَلَهَا من جملة الأذكار التي يُتَقَرَّبُ بِهَا إليه. ومن فضائلها أنّه عليه الصّلاة والسّلام قالَ:"الصّلاة عليَّ نورٌ عَلَى الصّراط، وَمَن صلَّى عليّ يومَ الجمعة ثَمانينَ مرّةً غفر الله له ثمانين عامًا".
وَيُروى أَنَّ رَجُلاً رَأَى صورةً قبيحة في البادية فَقَالَ مَن أنتِ؟ قَالت: "أَنَا عَملك القبيح"، قَال فَما النّجاة منكِ؟ قَالت: "الصّلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وَحُكيَ أنَّ رجلاً كان غافلا عن الصّلاة على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فرأى النّبي صلّى الله عليه وسلّم ليلةً في المنام ولم يلتفت إليه فقال يا رسول الله أَأَنتَ عَلَيَّ غضبانُ؟ قال لاَ، قال الرجل: "فلم لا تنظر إليّ؟ قال لأنّي لا أعرفك، قَالَ: "وَكيفَ لاَ تَعرفُنِي وَأَنَا رَجلٌ مِن أُمَّتكَ، وقد روى العلماء أنّك أَعرفُ بأمّتك من الوالدة بالولد؟ قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "صَدَقُوا ولكنّك بالصّلاة لا تذكرني، وإنّ مَعرفَتِي بِأمَّتِي بِقدر صلاتِهم عَلَيَّ". ولما انتبهَ الرّجـلُ أَوجب على نفسه أن يصلّي على النّبي صلى الله عليه وسلّم كل يوم مائة مرة ففعل ذلك ثم رآه بعد ذلك في المنام فقال أعرفك الآن وأشفع لك أي لأنه صار محبّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
شُغِفنَا بِمــن أمسى يُمَـشَّى على السّما **** وقد مهدوا خــلف الحجاب له الفرشا شــهي حديــثٍ مؤنــس لجـليسه****يهش له بالبشر فـــي وجهـه هشا شعــائـره تقــوى الإله وخشيــة**** فلا غيره أتقــى لربّ ولا أخــشى
وجاء في كتاب الملاذ والاعتصام بالصّلاة على محمّد والسّلام أنّ موسى عليه السّّلام ضرب بعصاه البحر عشر مرات فلم ينفلق البحر فأوحى الله إليه يا موسى صلّ على محمّد فصلّى على محمّد وضربه فانفلق بإذن الله .
وختاما أوحى الله إلى موسى أتريد أن تكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بصرك إلى عينك وأن لا ينالك عطش يوم القيامة قال فأكثر من الصّلاة على مُحمّد.
فصلواتُ الله وسلامه عليه صلاةً يقوى بِهَا عشقنا في الله ويزداد تعلقّنا بِه حتّى نَنَالَ الدرجات العُلى، دَرَجات الـمُشاهدة والنس والاهتداء. والسّلام عليكم ورحمة الله
المراجع :
• كتاب مكاشفة القلوب المقّرب إلى حضرة علاّم الغيوب للإمام حجّة الإسلام الغزالي ص 46 و50 إلى ص 60
• نزهة المجالس، ص 365
بِسم الله الرحمان الرحيم
اللّهمَّ صلِّ وسلّم وَبارك على سيّدنا محمّد وعلى آل سيّدنا محمّد وأَعطه مِن الفَضْل أعلاهُ، ومن الجاه أرقاهُ، ومِنَ القُربِ وَالوَسيلةِ مَا يُحبّه وَيَرضَاهُ. نستعرض مع أحباب الله في هذه العجالة مفهومَ الحبِّ الإلهي الذي هو من أسْمَى مَقَامات العارفين، ومِن أعلى مَيادين اليقين، التي تَتَسَابَقُ فيها جِيادُ الوَاصلِينَ. وَحَقيقَةُ الحبّ هي مَيلُ الطّبع إلى الشّيء الجالب للسعادة، فإن تأكّدَ ذَلك الميلُ وقَويَ سُمِّيَ عشقًا، فيتقوّى أكثر إلى أن يكون المحبُّ مُلازمًا لِمَحْبُوبه لاَ يُفارقه، يُنفق مَا يَملك لِأَجْلِه.
ومِمَّا وَرَدَ فِي عَلاَمَات صدق الـمُحبّ ثلاث خصال: أن يَختارَ كلامَ حَبيبه على كلام غَيره، وأن يَختارَ مُجالسةَ حَبيبه على مُجالسة غيره، وأن يَختارَ رضَا حَبيبه على رضَا غَيرِه".
وَحتَّى يتَّضِحَ لنا هذا المفهوم أكثر، لاَ بأسَ من التذكير مثلاً بزُلَيخَاء وشدَّةِ مَحَبَّتها ليوسفَ عليه السّلام ومن ذلكَ أنْ ذَهَبَ مالُها وجَمالُها وكان لها من الجواهر والقلائد وِقْرُ (وزن) سبعين جَملاً أنفقتها كُلَّهَا في مَحبة يوسف عليه السّلام. ويُروى من بينِ طَرائفها أنَّ كلَّ مَن قَال رأيت يوسفَ اليومَ أعطته قلادةً تُغنيه حتَّى لمَ يَبقَ لها شيءٌ. كما كَانت تسمّي كلَّ شيء باسم يوسف فَنَسِيت كلَّ شيءٍ سِواهُ من فرط العشق، وإذا رفعت رأسها إلى السّماء رَأَت اسمَ يوسفَ مكتوبًا عَلَى الكَواكب.
وَقريبٌ من ذلك ما حُكِيَ عنْ مَجنون ليلى الذي قيل لَه ما اسمُك؟ فَقال لَيلى. وقيل له يوما: "هل مَاتَت ليلى؟" قَالَ: "إنَّ لَيلَى فِي قَلبِي لمَ تَمُت، أَنَا لَيلى". وَمرّ يومًا عَلَى دار ليلى فنظر إلى السّماء فقيل لَه يا مَجنون لا تنظر إلى السّماء ولكن انظر إلى جـدار ليلى لعلّكَ تَــرَاهَا، قَالَ: "أنـا أكتَـفِي بِنَْجمٍ يَقَعُ ظلّه عَلَى دَارِ لَيلَى".
ولله المثل الأعلى: إنَّمَا هي أمثلة ٌ أوردناهَا لِيُتَبيّنَ أنَّ عشق الله ليسَ لهُ حدٌ فيوصفُ وَلَا مقدارٌ فيعرفُ، وإنَّمَا هو مقامٌ يسبح فيه الواصلون ويتنعّم به العاشقون.
ولعلَّ أفضلَ مَنْ يُمثِّلُ حقيقةَ العشق الإلهي سيدُ الوجود صلى الله عليه وسلم. فهو الذي ناجَى مَحبوبَهُ قائلا: "إنْ لمَ يَكن بكَ غَضَبٌ عَليَّ فلا أبالي".
ومن أكابر العشاق الذين اتبعوا نَهج العشق، سيدُ الـمُحبّينَ منصور الحلاج رحمه الله تعالى، إذْ يُروى أنّهم حَبَسُوه ثمانيةَ عشرَ يومًا فجاءه الإمام الشّبلي رضي الله عنه فقال يا منصور: "ما المحبّة ؟" قال: "لا تسألنِي اليومَ واسألْنِي غَدًا"، فَلمّا جَاءَ الغدُ أَخرجوه من السّجن ونَصبوا النَّطع لأجلِ قَتْلِه، ومرَّ الشّبلي بين يديه فنادى الحلاجُ :"يا شبلي، الـمَحَبَّة أوّلها حَرْقٌ وآخرها قتلٌ".
ومِن أكابر العشاق الواصلين أيضًا ذو النّون المصري رحمه الله الذي دَخَلَ المسجدَ الحرامَ فَرَأَى شَابًّا عريانَ مطروحًا مَريضًا، تَحتَ اسطوانةٍ وَلَه أنينٌ مِن قلبٍ حَزينٍ. قال فدنوت منه وسلّمت عليه وقلت من أَنتَ يَا غلامُ ؟ قال أنا غريبٌ عاشقٌ فعلمت عما يقول، قلت وأنا مثلك فبكى وبكيت أنا لبكائه، قال أتبكي أنت؟ فقلت أنا مثلك فبكى بأعلى صوته وصاح صيحة عظيمة عالية فخرجت روحه من ساعته، فطرحت عليه ثوبي وخرجت من عنده لطلب الكفن، فاشتريت الكفن ورجعت إليه فلم أجده مكانه فقلت سبحان الله، فسمعت هاتفا يقول يا ذا النّون إنّ هذا الغريب طلبه الشيطان في الدّنيا فما وجده، وطلبه مالك فلم يره وطلبه رضوان في الجنة فما وَجده، قلت فأين هو؟ قَالَ فَسمعت هاتفًا يقول "فِي مَقْعَدِ صِدقٍ عندَ مَليك مُقْتَدِر" وذلك بسبب محبّته وكثرة طاعته وتعجيل توبته.
ومن ذلك أيضا ما يرويه الغزالي أنَّ بخيلا منافقا حلف على زوجته بالطّلاق أن لا تتصدّق بصدقة. فَجَاء سائل على باب داره وقال: أيا أهل الدّار بحقّ الله ألا أعطيتموني شيئا"، فأعطته المرأة ثلاثة أرغفة فاستقبله المنافق وقال من أعطاك هذه الأرغفة؟ قَالَ أعطوني من الدّار الفلانيّة، فكانت داره فدخل المنافق داره وقال لامرأته ألست قد حلفت عليكِ أن لا تعطي أحدا شيئا؟ فقالت أعطيت لأجل الله عزّ وجلّ فذهب المنافق وأوقد التنور حتى حمي ثم قال قومي فألقي نفسك في التنّور لأجل الله فقامت المرأة وأخذت حللها فقال المنافق دعي الحلل فقالت المرأة الحبيب يتزين لحبيبه وأنا زائرة لحبيبي، ثمّ ألقت نفسها في التنّور فأطبق المنافق عليها رأس التنّور لها ثلاثة أيّام جاء المنافق ففتح عليها رأس التنّور فرأى المرأة سالمة بقدرة الله تعالى فتعجّب الرّجل من تلك الحال فهتف به هاتف يقول أما علمت أن النّار لا تحرق أحبابنا.
ونختم عُجَالَةَ العشق الإلهي بالصّلاة والسّلام على سيّدنا مُحمَّدٍ، طِبّ القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصارِ وَضِيائها. لأنَّ حقيقةَ عشق الله التي وصفناها لا تتحقق إلاَّ بعشق المصطفى صلوات الله عليهِ، فهو باب الله الذي لاَ وُصولَ إلاَّ منه. ومن وسائل تقوية العشق لله ولرسوله كثرة الصلاة والسلام على النَّبي وقد أمرَ الله بِها في محكم تَنْزِيلهِ، وَحَثَّ عَلَيهَا وَجَعَلَهَا من جملة الأذكار التي يُتَقَرَّبُ بِهَا إليه. ومن فضائلها أنّه عليه الصّلاة والسّلام قالَ:"الصّلاة عليَّ نورٌ عَلَى الصّراط، وَمَن صلَّى عليّ يومَ الجمعة ثَمانينَ مرّةً غفر الله له ثمانين عامًا".
وَيُروى أَنَّ رَجُلاً رَأَى صورةً قبيحة في البادية فَقَالَ مَن أنتِ؟ قَالت: "أَنَا عَملك القبيح"، قَال فَما النّجاة منكِ؟ قَالت: "الصّلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وَحُكيَ أنَّ رجلاً كان غافلا عن الصّلاة على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فرأى النّبي صلّى الله عليه وسلّم ليلةً في المنام ولم يلتفت إليه فقال يا رسول الله أَأَنتَ عَلَيَّ غضبانُ؟ قال لاَ، قال الرجل: "فلم لا تنظر إليّ؟ قال لأنّي لا أعرفك، قَالَ: "وَكيفَ لاَ تَعرفُنِي وَأَنَا رَجلٌ مِن أُمَّتكَ، وقد روى العلماء أنّك أَعرفُ بأمّتك من الوالدة بالولد؟ قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "صَدَقُوا ولكنّك بالصّلاة لا تذكرني، وإنّ مَعرفَتِي بِأمَّتِي بِقدر صلاتِهم عَلَيَّ". ولما انتبهَ الرّجـلُ أَوجب على نفسه أن يصلّي على النّبي صلى الله عليه وسلّم كل يوم مائة مرة ففعل ذلك ثم رآه بعد ذلك في المنام فقال أعرفك الآن وأشفع لك أي لأنه صار محبّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
شُغِفنَا بِمــن أمسى يُمَـشَّى على السّما **** وقد مهدوا خــلف الحجاب له الفرشا شــهي حديــثٍ مؤنــس لجـليسه****يهش له بالبشر فـــي وجهـه هشا شعــائـره تقــوى الإله وخشيــة**** فلا غيره أتقــى لربّ ولا أخــشى
وجاء في كتاب الملاذ والاعتصام بالصّلاة على محمّد والسّلام أنّ موسى عليه السّّلام ضرب بعصاه البحر عشر مرات فلم ينفلق البحر فأوحى الله إليه يا موسى صلّ على محمّد فصلّى على محمّد وضربه فانفلق بإذن الله .
وختاما أوحى الله إلى موسى أتريد أن تكون أقرب إليك من كلامك إلى لسانك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بصرك إلى عينك وأن لا ينالك عطش يوم القيامة قال فأكثر من الصّلاة على مُحمّد.
فصلواتُ الله وسلامه عليه صلاةً يقوى بِهَا عشقنا في الله ويزداد تعلقّنا بِه حتّى نَنَالَ الدرجات العُلى، دَرَجات الـمُشاهدة والنس والاهتداء. والسّلام عليكم ورحمة الله
المراجع :
• كتاب مكاشفة القلوب المقّرب إلى حضرة علاّم الغيوب للإمام حجّة الإسلام الغزالي ص 46 و50 إلى ص 60
• نزهة المجالس، ص 365
HALAMOUNA- عدد الرسائل : 64
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
مواضيع مماثلة
» الإمام الشعراني وكلام نفيس في محبة سيدنا رسول الله صلى الله
» مظاهر محبة النبي صلى الله عليه وسلم- خطبة للشيخ عبد الله نهاري
» أدلّة استحباب التوسّل برسول الله صلّى الله عليه و سلّم
» محبة الله...
» محبة للرسول صلى الله عليه وسلم
» مظاهر محبة النبي صلى الله عليه وسلم- خطبة للشيخ عبد الله نهاري
» أدلّة استحباب التوسّل برسول الله صلّى الله عليه و سلّم
» محبة الله...
» محبة للرسول صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 14:18 من طرف ابن الطريقة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس