بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
رسالة في أدلة جواز الاحتفال بمولد سيد البشر صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
رسالة في أدلة جواز الاحتفال بمولد سيد البشر صلى الله عليه وسلم
[rtl]بسم الله الرحمن الرحيم[/rtl]
[rtl] نستفتح بالذي هو خير..، حمدا لله..و صلاة و سلاما على رسوله و مصطفاه..و على آله و صحبه و من والاه... [/rtl]
[rtl] و بعد... [/rtl]
[rtl]نقدم هذه الرسالة المتواضعة في ادلة جواز الاحتفاء و الاحتفال بمولد سيد البشر سيدنا و مولانا محمد بن عبد الله صلوات ربي و سلامه عليه...مقصدنا إيضاح الأدلة التي أعتمد عليها أئمة المحدثين .. و الفقهاء ..الذين استحبواهذا الاحتفال مع دفع الشبهات عنها..مع التأكيد على من يبدعهم يخالف السنة التى بنيت أن المجتهد مأمور و لو أخطأ ...و كل ماثبت بأدلة الشرع فهو حسن و هو خير ..و ليس ببدعة..((..و أفعلوا الخيرات..)).. [/rtl]
[rtl] قبل الدخول في تفاصيل الأدلة الواردة في تعظيم هذه الذكرى العزيزة يحسن بنا أن نذكر معنى المولد ، والمقصود من تعظيمه ، وفوائد ذلك كله فأقول :[/rtl]
[rtl]المولد معناه اللغوي : وقت الولادة أو مكانها . وأما في اصطلاح الأئمة فهو : اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم ورواية الأخبار الواردة في ولادة نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء ومدحهم بأفعالهم وأقوالهم . [/rtl]
[rtl]فالمقصود من الاحتفال بالمولد هو تعظيم الأنبياء والأولياء والصلحاء مصداقا لقوله تعالى : ..((.. ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ..)).. (الحج : 32)[/rtl]
[rtl]ولا شك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أعظم شعائر الله قطعا وأجلها قدرا ، ويتأكد ذلك عند مولد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حيث ورد تعظيمه في الكتاب الكريم وفي السنة المطهرة .[/rtl]
[rtl]هذا وللمولد فوائد كثيرة ، منها : أن الاحتفال به يشتمل على ذكر مولده الكريم ، ومعجزاته ، وسيرته ، والتعريف به صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]هذا بالإضافة إلى اجتماع الناس على تلاوة القرآن الكريم وقراءة الأحاديث والسير وإطعام الفقراء والمساكين.[/rtl]
[rtl]ومن فوائد الاحتفال بالمولد النبوي أيضا إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم فقد قال الحافظ السيوطي في الحاوي للفتاوى 2528 : "إن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع في مولده من الآيات ... هو من البدع التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف" .[/rtl]
[rtl]وقال الإمام شهاب الدين المعروف بأبي شامة الشافعي رحمه الله في كتابه الباحث على إنكار البدع والحوادث ص23 : "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق من مولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك – مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء – مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم ، وتعظيمه في قلب فاعل ذلك ، وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله ، الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم" .[/rtl]
[rtl]وقد قسمت هذه الرسالة إلى أربعة فصول :[/rtl]
[rtl]الفصل الأول : الأدلة من القرآن الكريم[/rtl]
[rtl]الفصل الثاني : الأدلة من السنة المشرفة[/rtl]
[rtl]الفصل الثالث : دليل الإجماع[/rtl]
[rtl]الفاصل الرابع : شبهات وردود[/rtl]
[rtl]* من حيث الوسائل لا من حيث المقاصد لأن المقصد أصل الأصول ، وهو المحبة للرسول وآله الكرام ، وأصوله ثابتة من الكتاب والسنة كما سنعرف .[/rtl]
[rtl]لقد أورد القرآن الكريم أدلة كثيرة تحض على الاحتفاء والابتهاج بسيد ولد عدنان صلى الله عليه وآله وسلم ، إما تصريحا وإما تلويحا ، وأقتصر على بعض الأدلة التصريحية وهي على النحو الآتي :[/rtl]
[rtl]الدليل الأول: قال تعالى..((..قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ..)) (يونس : 58)[/rtl]
[rtl]فالله عز وجل طلب منا أن نفرح بالرحمة ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ، قد قال تعالى..((.. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..))..(الأنبياء: 107)[/rtl]
[rtl]وفي الدر المنثور للحافظ السيوطي (4/367) أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : فضل الله العلم ، ورحمته النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) انتهى .[/rtl]
[rtl]وذكر الرحمة في الآية بعد الفضل تخصيص بعد العموم المذكور وهو يدل على شدة الاهتمام، ومجيء اسم الإشارة "ذلك" لأكبر الأدلة على الحض على الفرح والسرور لأنه إظهار في موضع الإضمار ، وهو يدل على الاهتمام والعناية .[/rtl]
[rtl]ولذلك قال الآلوسي في روح المعاني عند قوله تعالى..((.. فبذلك فليفرحوا.. )) الآية للتأكد والتقرير ، بعد أن رجح كون الرحمة المذكورة في الآية هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والمشهور وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرحمة كما يرشد إليه قوله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) انظر تفسير أبي السعود. [/rtl]
[rtl]وقال الإمام الرازي في التفسير الكبير عند قوله تعالى.. ((.. فبذلك فليفرحوا ..)).. "يفيد الحصر ، يعني يجب ألا يفرح الإنسان إلا بذلك" انتهى .[/rtl]
[rtl] الدليل الثاني: قال الله تعالى.. ((.. وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك.. )) ..(هود : 120)[/rtl]
[rtl]في الآية طلب قص أنباء الرسل لما في ذلك من تثبيت الفؤاد ، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الرسل ، والمولد النبوي الشريف يشتمل على أنباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ففي ذكره تثبيت لأفئدة المؤمنين ، فهو حث على تكرار ذكر المولد والعناية به .[/rtl]
[rtl]وقد قلنا في هذا المعنى :[/rtl]
[rtl] كلا نقص عليك من أنبائهم مما نــثـــــبت قلبك الـــــذكارا[/rtl]
[rtl] فسواه أولى في ثبات فــــؤاده وثناه أولى أن يكون شعار[/rtl]
[rtl] الدليل الثالث : قوله تعالى حكاية عن عيسى بن مريم عليهما السلام.. : .((.. ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ..)) ..(المائدة : 114)[/rtl]
[rtl]قال الشيخ إسماعيل حقي في روح البيان عند هذه الآية : "أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه ، وإنما أسند ذلك إلى المائدة لأن شرف اليوم مستفاد من شرفها" انتهى .[/rtl]
[rtl]وآية أخرى تعضد ذلك وتقويه وهي قوله تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام ..((.. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ..) (مريم : 33)).. هذه الآية والتي قبلها وغيرهما من آيات حافلة بالإشارات إلى ميلاد المسيح عليه السلام ، ومدحه ومزاياه التي من الله بها عليه ، وهي بمجموعها شاهدة وداعية إلى الاحتفال بهذا الحدث العظيم .[/rtl]
[rtl]وما كان ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأقل شأنا من ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام ، بل ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعظم منه ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أكبر نعمة ، فيكون ميلاده أيضا أكبر وأعظم .[/rtl]
[rtl]واقرأ قوله تعالى ..(( ..ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله.. )) ..(إبراهيم : 5) وقوله تعالى.. ((.. واتل عليهم نبأ إبراهيم )) ..(الشعراء : 69) والمراد هو ذكرهم وذكر ما أنعم الله به عليهم ، وذكر ما جاؤوا به من الهدى والنور والتشريع والحكم والمواعظ والمعجزات ، مما يلفت القلوب والعقول إلى فضل الله على عباده ، ليلتفتوا بذلك إلى حق الله عليهم ، لعلهم يرجون رحمته ويخافون عذابه ، ويدعونه رغبا ورهبا ، وذلك من أنباء الرسل منذ ولادتهم إلى أن يتوفاهم الله في جميع أحوالهم ، هدى للناس يثبت الله به القلوب ، وينير العقول ويسمو بالأرواح ، ويصقل البصائر ، ويزكي المشاعر ، ويسلس قياد الأنفس الجامحة ، فترد إلى طاعة الله وإلى الوله بحبه ، والعكوف عليه والتمسك به ، [/rtl]
[rtl]والتعلق بمراضيه ، والنفرة من غضبه ، وكل ذلك وأكثر منه مما تفيده الذكرى والتذكير بنعم الله ، والاحتفال بها ، ومن ثم حسنت دعوة الناس إليها ، وتوعيتهم وتحريضهم على اتباع أصحابها ، ومحاكاة مثلها السامية ، وإنما يكون تشويق النفوس ، إلى المقاصد السنية والغايات الشريفة والمقامات المنيفة بذكر من به تكون الأسوة الحسنة ، وليس ثمة أقوى تأثيرا في الحس من ذكر سيرة من عرفه الناس وأحبوه ، وانتصبت صورته بأذهانهم بمحل الإجلال والإكبار ، فإذا سمعوا أخباره وتليت عليه أنباؤه ، وجليت لهم مظاهر العظمة في سيرته ، ومواطن الإعجاب من أقواله وأفعاله ، وتطلعوا إلى الاقتداء به والمحاكاة له برغبة ملحة ، وأشواق كبيرة ، وكم أصاب المسلمين من الخسران المبين حينما طرحوا ذكر أمجادهم وسيرهم الحافلة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والغريب أنهم طرحوا تعاطي ذكر أمجاد رسولنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، والقرآن الكريم يكرر ذكر سير الأكابر ، ولقد عني بذكرهم من يوم أن كانوا أجنة في بطون الأرحام إلى أن توفاهم الله .[/rtl]
[rtl]وبذلك يستدل بصحة استحباب الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl] الدليل الرابع..: وفي كتاب الله عز وجل بيان لقصة ميلاد عيسى عليه سلام الله ، وميلاد يحيى بن زكريا عليهما السلام ، وقد نطقت آيات كثيرة بالإشارة إلى ميلاد مريم عليها السلام ، وما سبق ذلك الميلاد من دعاء الأم لها ، وما صحبه من تخوف واعتذار ، وما صحب مولدها عليها السلام من إكرام الله لها حيث كفلها زكريا ، وحيث الرزق المتجدد المتعدد الأنواع ، وحيث يتبارى أشراف القوم فيمن يكفل مريم ، واقترعوا من أجل ذلك ، هذا كله في سورة آل عمران من الآية (34) إلى الآية (44) ، وقد أتى ضمن هذه الآيات آيات تتكلم عن نبي الله يحيى بن نبي الله زكريا عليهما السلام ، محتفية به متحدثة بالإجلال والتكريم ، وقد تحدثت آيات أخر في سور آل عمران والمائدة ومريم عن ميلاد عبد الله ورسوله عيسى بن مريم عليهما السلام .[/rtl]
[rtl]أقول أليس في هذا كله مما يستأنس به لجواز ذكر النعمة بمولده صلى الله عليه وآله وسلم ؟! وهو بكل تأكيد أفضل خلق الله على الإطلاق ؟[/rtl]
[rtl] الدليل الخامس..: قال تعالى.. ((.. لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا ..)).. (الفتح : 9)[/rtl]
[rtl]ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية مذهبين :[/rtl]
[rtl]1) المذهب الأول : من وحد الضمائر .[/rtl]
[rtl]2) المذهب الثاني : من فرق بينهما .[/rtl]
[rtl]وخلاصة المذهب الأول أن الضمائر الواردة في الآية الكريمة تعود كلها إلى الله تعالى ، أو إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]وهو رأي جماعة من المفسرين نقله عنهم الإمام النووي ، فمن ذهب إلى أنها تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :[/rtl]
[rtl]1) إنه عليه الصلاة والسلام أقرب مذكور في الآية .[/rtl]
[rtl]2) لا يجوز التفريق بين الضمائر إلا لضرورة .[/rtl]
[rtl]3) معنى "تسبحوه" أي تنزهوه عن النقائص وتدعوا له .[/rtl]
[rtl]والمذهب الثاني : وهو مذهب المفرقين بين الضمائر : فقالوا إن الضمير في "تسبحوه" يعود إلى الله تعالى ، والضمير في "تعزروه وتوقروه" يعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تعظيمه وتوقيره هو موصل إلى تسبيح الله عز وجل ، وهذا الأسلوب أساليب العرب من باب اللف والنشر .[/rtl]
[rtl] الدليل السادس.. : قال الله تعالى.. ((.. لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.. )) ..(آل عمران : 164)[/rtl]
[rtl]قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى : "إن بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إحسان إلى كل العالمين ، ولقد شرف الله به العرب ونقلهم ببركة مقدمه صلى الله عليه وآله وسلم من رعاة الشاء والغنم إلى رعاة الشعوب والأمم ، ورفعهم من عُبية الجاهلية إلى مقام السيادة والريادة كما قال تعالى (( وإنه لذكر لك ولقومك ))[/rtl]
[rtl]فقد أفردهم بالفخر على سائر الأمم وذلك لأن الافتخار بإبراهيم عليه السلام كان مشتركا بين اليهود والنصارى والعرب ثم إن اليهود والنصارى كانوا يفتخرون بموسى وعيسى عليهما السلام وبالتوراة والإنجيل .[/rtl]
[rtl]فلما بعث الله رسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل القرآن صار شرف العرب بذلك زائدا على شرف جميع الأمم" انتهى بتصرف .[/rtl]
[rtl]وإن الناظر بعين الصدق إلى هذا النص الشريف يجد أن الاحتفاء بالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والابتهاج به لو لم يرد به دليل غير هذه الآية لكفى ، لأن المنة لا تكافأ بعطاء ، فيعتبر شكرها والاحتفاء بها والثناء عليها خيرا عائدا على فاعله كما هو الحال في الصلاة والسلام عليه ، فهو ابتهاج وتعظيم وتوقير وتعزير لا يزيد في عمله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في قدره صلاة المسلمين عليه لأن صلاة الله قد كفت حيث إنه يترقى بصلاة ربه من مقام إلى مقام في كل لحظة فتنتفع أمته بذلك .[/rtl]
[rtl] الدليل السابع..: قوله سبحانه وتعالى.. (( ..إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ..))..[/rtl]
[rtl]وهذا دليل واضح الدلالة في توقيره وتعظيمه في كل وقت وحين لأن حبه صلى الله عليه وآله وسلم وولاءه أصل الدين وأساسه ، فكل العبادات تسوق إليه وتطبع القلوب على حبه وهذا مقام شريف واحتفاء عزيز ، وما الاحتفال بالمولد إلا تطبيع النفس على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن ينطبع حبه وحب آله في القلوب ليؤسس ذلك الحب ركن الإيمان ويشيد صرح اليقين ، فيا له من احتفاء وابتهاج عظيم يأمر الله به ملائكته فتتشرف بهذا التكريم ، ويأمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه ، فيا له من شرف ما بعده شرف وتكريم وتخصيص حكيم بالمؤمنين ولم يقل سبحانه بالمسلمين لأن معرفة قدره حبيبه عزيزة المنال فأدنى مقامات معرفتها مقام الإيمان ، والإسلام دون ذلك .[/rtl]
[rtl]..((.. قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.. )).. الحجرات..، فالحب لا يدرك إلا بالإيمان ، ولا يذوق حلاوة الإيمان من لم يعرف الحب إلى قلبه سبيلا .[/rtl]
[rtl] الدليل الثامن..: قوله سبحانه وتعالى.. ((..سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير..))..الاسراء.. [/rtl]
[rtl]وفي هذا النص القرآني – أخي القارئ – ما لا يخفى عليك من تعظيم الله سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره وإظهار قدره للخلق أجمعين ، فهي آية عظيمة قدس الله فيها نفسه قبل ذكر قدر نبيه لما في ذلك من الحفاوة والتبجيل والتعظيم والتوقير لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت ..:.. "وما أرى ربك إلا ويسارع في هواك.."..، فهذا رب السماوات والأرض يقدس ويعظم ويفخم مسرى حبيبه ويضم اسمه إلى اسمه في كل موقف .. ففي الشهادة لا يتم الإيمان إلا باسمه .. وفي الصلاة لا تتم إلا باسمه .. وفي معية الإسراء لا يكون الإسراء إلا لروحه ورسمه .[/rtl]
[rtl]وكل إكرام لنبيه إكرام لأمته مع حفظ الباري لقدر حبيبه وغيرته على ذلك من أن ينازعه في فضله أحد وإن علا من المرسلين والنبيين والصديقين ، فلكل منهم مقام معلوم والنبي الخاتم هو الإمام الفاتح وكلهم مأموم .[/rtl]
[rtl]إن حادثة الإسراء والمعراج ابتهاج وعيد واضح للكون أجمع يجمع الله له صلى الله عليه وآله وسلم الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين والصديقين والصالحين والملائكة والمقربين ليكون هو الإمام وهم المأمومين ليعرفوا قدره العظيم .[/rtl]
[rtl]ثم يعرج به إلى السموات العلى لتشترك السموات والأرض والعوالم أجمع في هذا العيد العظيم يوم أن أتم الله المنة للمؤمنين فحاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم المقامات العظيمة واجتازها في ليلة فخيمة ، ورأى ربه وكلمه وناجاه فعاد صلى الله عليه وآله وسلم بمعراج المؤمنين بقلوبهم في صلاتهم .. فيا نعم الاحتفاء بسيد [/rtl]
[rtl]الأوفياء الذي حفظ لله مقامه وسيظهره الله يوم القيامة حينما يقول كل نبي : نفسي نفسي .. فيقول سيد الشفعاء : ( أنا لها أنا لها ) في يوم غضب ربي غضبا لم يغضب مثله قبله ولن يغضب مثله بعده .[/rtl]
[rtl]يأمر سبحانه وتعالى جميع الخلائق أن تلجأ إلى حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حيث يبرز مقامه في ذلك الموقف العظيم ، فيا سعد من والاه ويا سعد من صلى عليه تلك الصلاة التي هي فيصل الحق لأهل الحق ، فصلوات الله وسلامه على من قال :.. إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أكثركم علي صلاة ..، فهنيئا لمن أكثر الصلاة عليه واتخذ من مولده عادة بالإكثار من الصلاة عليه والإدمان عليها حتى يكون عبد الله وحبيبه .[/rtl]
[rtl] الدليل التاسع..: قوله سبحانه وتعالى ..(( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )).. مع قوله سبحانه ..((.. إنا أنزلناه في ليلة القدر.. ))..[/rtl]
[rtl]نعت الله سبحانه وتعالى ليلة الإنزال لصفة سيد الرجال بأنها مباركة وأنها ذات قدر فقال سبحانه ..(( ..وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر.. )).. أي أن الله سبحانه وتعالى يُنزل ليلة القدر في كل سنة وفي كل شهر كبكبة من الملائكة وبالأرواح الصالحة من كل عالم مع روح سيد العوالم صلى الله عليه وآله وسلم وما ذلك إلا لعظيم القدر ، وما ذلك التكرار إلا لإعادة التذكار للعقول والأفكار الموفقة بمحبة سيد الأبرار صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]فإذا كان ذلك القدر للقرآن المنزل الذي هو خلقه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف به صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لا شك أنه قدر فوق قدر ، فإذا كانت شعائر الله ذات قدر مؤقتة في الزمان والمكان فالابتهاج به مطلق غير مقيد كما هو حال الذكر لأنه رحمة عامة ومنة تامة .[/rtl]
[rtl]وقد ختم الله الآية بمطلع الفجر ، ومطلع الفجر بالظاهر هو الذي نعلم ، أما مطلع الفجر في الحقيقة فهو نور الفتح ، أي أن التوقير والتقدير والابتهاج بميلاد سيد [/rtl]
[rtl]الكائنات مآله النور التام بحسن الختام والالتقاء معه تحت اللواء للشرب من يده الشريفة هنيئة ما بعدها ظمأ .[/rtl]
[rtl]وأما الأدلة من السنة فكثيرة متظافرة ، تتلخص فيما يلي :[/rtl]
[rtl] الدليل الأول..: أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال : "ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي" . وهذا نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل غيره ولم أجد للمخالف جوابا عنه إلا طلب الاقتصار على الصيام فقط ، وهي ظاهرية محضة ، وتخصيص بدون مخصص ، لكنها مع ذلك موافقة لنا في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف . ولله در الحافظ ابن رجب الحنبلي حيث قال في هذا المعنى في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف : فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته وإرساله إليهم ، كما قال تعالى.. ((.. لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم.. )).. (آل عمران:164) ، فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر" انتهى [/rtl]
[rtl]والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد يتحقق هذه المقصود بأي وسيلة مشروعة ، فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعيا .[/rtl]
[rtl] الدليل الثاني..: قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صيام عاشوراء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال.. :.. لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا.. :.. هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصوم تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "نحن أولى بموسى" . وأمر بصومه "... أخرجه البخاري ومسلم .[/rtl]
[rtl]وفي هذا الحديث تأصيل لملاحظة الزمان والعناية به . وقد استدل أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد [/rtl]
[rtl]النبوي الشريف ، كما في فتوى له نقلها الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" انظر الحاوي للفتاوي (1/196) . فقال ما نصه : "فيستفاد منه الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم" انتهى .[/rtl]
[rtl] الدليل الثالث..: ..كان الصحابة رضي الله عنهم يتذاكرون فيه من سير الأنبياء ، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذكر سيرته ، لأنه أفضل وأكمل الأنبياء والجامع لما كان متفرقا فيهم ، وما المولد إلا عمل بهذا الإرشاد النبوي لأن فيه ذكرا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]فقد أخرج الامام الترمذي (تحفة الأحوذي) وقال الترمذي : غريب ، والدارمي والقاضي عياض في الشفا. [/rtl]
[rtl]عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، قال بعضهم : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر : موسى كلمه الله تكليما ، وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ..:.. قد سمعت كلامكم وعجبكم ، إن ابراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ، تحته آدم فمن دونه ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ، ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر "... وهو حديث قوي ، وله شواهد رواه البيهقي في دلائل النبوة، وأصل الحديث في الصحيحين .[/rtl]
[rtl]ويؤيد هذه الرواية التي تؤكد على احتفاء الصحابة بذكرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا كعب الأحبار رضي الله عنه يتذاكر مع أم المؤمنين عائشة رضي [/rtl]
[rtl]الله عنها فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما خصه به ، فقال كعب : ما من فجر إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون أجنحتهم ويصلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يحفوا بالقبر فيضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين من الملائكة يزفونه –وفي لفظ يوقرونه- رواه إسماعيل القاضي والبيهقي في الشعب والدارمي وابن المبارك في الرقائق وهو حديث صحيح.[/rtl]
[rtl]انظر جزء فضل الصلاة على النبي من طريق ابن المبارك ، وفيه ابن لميعة قد صرح بالتحديث ، وأخرجه الدارمي في سننه بطريق آخر ورجاله ثقات ، وإقرار عائشة له حكم الموقوف ، انظر القول البديع. [/rtl]
[rtl] الدليل الرابع..: قد صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في يوم الإثنين لإعتاقه ثويبة سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم..، وأنشد أحد العارفين بمقام سيد البشر صلى الله عليه وسلم ردا على من أنكر من يهيم في حبه صلى الله عليه وسلم:[/rtl]
[rtl] إذا كان هــــذا كافـــــــرا جـــــاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا[/rtl]
[rtl] أتى أنه في يــــــــوم الإثنين دائــما يخفـــــف عنه بالسرور أحمدا[/rtl]
[rtl] فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا[/rtl]
[rtl]فإذا كان هذا الكافر الذي جاء القرآن بذمه يخفف عنه العذاب لفرحه بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فما بال الذي يحتفل بذلك .[/rtl]
[rtl]وهذا ما ذكره وقرره أيضا شيخ القراء والمحدثين الحافظ شمس الدين بن الجزري في "عرف التعريف بالمولد الشريف"[/rtl]
[rtl] الدليل الخامس..: وقد ظهر لنا تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهار للشكر على [/rtl]
[rtl]إيجاد الله إياه رحمة للعالمين ، وتشيع لأمته كما كان يصلي على نفسه ، لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات . [/rtl]
[rtl] الدليل السادس..:.. لقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في فضل الجمعة : .."وفيه خلق آدم" أخرجه مالك في الموطأ.. والترمذي وقال : حسن صحيح .[/rtl]
[rtl]فقد تشرف يوم الجمعة بخلق آدم ، فبدلالة النص وفحوى الخطاب وقياس الأولى ثبت فضل اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]ولا يختص هذا الفضل بنفس اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط ، بل يكون له نفس الفضل كلما تكرر ، كما هو الفضل في يوم الجمعة .[/rtl]
[rtl] الدليل السابع..: فيما أخرجه البخاري وغيره عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . فقال : أي آية ؟ قال..((.. اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ..)).. (المائدة:3) فقال عمر.. :.. إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة .[/rtl]
[rtl]وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة ، وقال الترمذي : وهو صحيح .[/rtl]
[rtl]وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيدا ، لأن الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة يكون موسما لشكر تلك النعمة وفرصة لإظهار الفرح والسرور بها .[/rtl]
[rtl] الدليل الثامن..:.. أعمال البر التي يشتمل عليها المولد ، إن الاحتفال بالمولد يشتمل على كثير من أعمال البر كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذكر والصدقة ، ومدح وتعظيم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر شمائله [/rtl]
[rtl]الشريفة وأخباره المنيفة ، وكل هذا مطلوب شرعا ومندوب إليه . وما كان يبعث ويساعد على المطلوب شرعا فهو مطلوب ، لذا قال تعالى مخبرا أنه هو وملائكته يصلون على النبي.. ((.. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.. )).. (الأحزاب:56)[/rtl]
[rtl]قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : "والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملإ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه أهل العالمين العلوي والسفلي" انتهى .[/rtl]
[rtl]وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدح نفسه وغيره من الأنبياء السابقين ، ورغب في ذلك ، وعمل به الصحابة بحضرته ، فرضي ودعا لمن مدحه وأثابه .[/rtl]
[rtl]وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والطبراني في المعجم الكبير عن الأسود بن سريع قال : قلت ..:.. يا رسول الله مدحت الله بمدحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :.. هات وابدأ بمدحة الله .[/rtl]
[rtl]في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو مختلف فيه ، وذكره الذهبي في جزئه المفيد "من تكلم فيه وهو موثق"، وقال "صويلح الحديث" وقد روى له مسلم مقرونا بغيره [/rtl]
[rtl]لكن أخرج حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان عن أبي سعيد الأشجع ، حدثنا عبد السلام بن حرب بن عوف عن الحسن ، عن الأسود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه .[/rtl]
[rtl]إسناده صحيح ، مسلسل بالثقات المحتج بهم في الصحيح ، وعوف هو ابن أبي جميلة ، والحسن هو البصري ، وقد سمع من الأسود .[/rtl]
[rtl]ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء على لسان عدد من الصحابة ، فقد أخرج أحمد في المسند وابن عساكر في التاريخ عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال :[/rtl]
[rtl] وفينا رســــــــول الله يتلو كــــتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقـــــــــــــنـــــــــات أن ما قـــــــال واقــــــع[/rtl]
[rtl] يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استـــــثقــــــلت بالكافرين الـــمضاجع[/rtl]
[rtl]والاستماع للحادي في المدح جائز لا شيء فيه ، ففي صحيح البخاري (كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر عن سلمة بن الأكوع : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك . قال : وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول :[/rtl]
[rtl] اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولاتــــــصدقــــنا ولا صلينا[/rtl]
[rtl] فاغفر فداء لك ما اقتفينا وثبت الأقدام إن لاقـينا[/rtl]
[rtl] وألــــــــقـــــــين سكــــــينة علينا إنا إذا صـيح بنا أتــينــا[/rtl]
[rtl] انظر صحيح البخاري (كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، وباب المعاريض مندوحة عن الكذب) وفي صحيح مسلم في أوائل كتاب الشعر من صحيحه .[/rtl]
[rtl] الدليل التاسع..:.. ذكر ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم" وقال المروزي : سألت أبا عبد الله عن القوم يبيتون فيقرأ قارئ ويدعون حتى يصبحوا . قال : "أرجو أن لا يكون به بأس" ، وقال أبو سري الحربي قال أبو عبد الله : وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس –يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ويذكرون ما أنعم الله عليهم كما قالت الأنصار ؟ ...[/rtl]
[rtl] الدليل العاشر..: أورد السيوطي في الدر المنثور عند تفسير سورة الجمعة من طريق عبد بن حميد وابن سيرين بسند صحيح : نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : لو نظرنا يوما فاجتمعنا فذكرنا هذا الأمر ، الذي أنعم الله به علينا ، فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة فذبحت لهم شاة فكفتهم ... انتهى .[/rtl]
[rtl]ترى أيها القارئ أن هذا الحديث يمكن أن يستفاد منه أمور منها :[/rtl]
[rtl]- فيما يتعلق بالأمور المستجدة ، يمكن أن يفهم من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقر ما يحدث من الأعمال مما يشهد له أصل من أصول الشريعة ، فقد أقرهم صلى الله عليه وآله وسلم على اجتماعهم في هذا اليوم ، دون أن ينتظروا إذنا منه فضلا عن أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم .[/rtl]
[rtl]- يفهم من هذا الحديث كما استدل به ابن تيمية رحمه الله ضرورة مخالفة النصارى واليهود في كل ما هو من سماتهم وشيمتهم خصوصا ما له تعلق بأمر من أمور العبادات .[/rtl]
[rtl]- ويفهم منه استحباب ذكر النعمة والاحتفاء والاحتفال بأيامها ، وذلك أخذا من حديث الأنصار بمنة الله عليهم يوم وصلوا الإسلام ، ومن بحثهم عن يوم يختارونه لإظهار فرحتهم بذلك الحدث السعيد .[/rtl]
[rtl] ذكره ابن حجر في الفتح ، ثم قال وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن في حديث كعب بن مالك اه وذكره ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم".. [/rtl]
[rtl] الدليل الحادي عشر..:.. جميع الأحاديث والآثار التي تحض وتأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعظم دليل بالابتهاج والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم ،و مما سمعنا من سادتنا أهل الله من القول البديع.. إن في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أي وقت كان وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه ، والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي يصلي فيها عليه ، وإن علامة أهل السنة الكثرة منها ، وإن صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وآله وسلم على الدوام لدليل عظيم على توقيره وتعظيمه ، كما قال الإمام الحليمي في شعب الإيمان : إن التعظيم منزلة فوق المحبة ، فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر من إجلال عبد لسيده .. إلى أن قال : وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى بالآيات والأحاديث... انتهى .[/rtl]
[rtl]ومما فتح الله به على العبد الضعيف بفضل الله تعالى من قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ...((... لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ...)).. حديث صحيح أخرجه أحمد وأبوداود وابن خزيمة وغيرهم . لما علم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من توقير الله له في جميع أطوار حياته وأن قبره مكرم معظم ، وسيكون ملجأ للصادقين : طلب من ربه ألا يخص ذلك التعظيم بيوم معين أو ساعة معينة لئلا تحصل فيه المشقة على الأمة ، بل أراد أن تكون زيارته صلى الله عليه وآله وسلم مطلقة في كل وقت وحين تيسيرا على هذه الأمة .[/rtl]
[rtl]فكل وقت ولحظة يزور فيها الزائرون قبره المعظم هو وقت سرور وحبور لا شك في ذلك ولا ريب ، فهو مائدة مفتوحة كما هو الشأن في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، فكلما تصلي عليه يحصل لك السرور والفرح ، ويؤيد ذلك قول القاضي عياض والإمام ابن حجر كما نقل الإمام الخفاجي في نسيم الرياض " [/rtl]
[rtl]ويؤيد تلك الرواية قوله صلى الله عليه وآله وسلم... لا تتخذوا بيتي عيدا ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني... رواه الطبراني وأبويعلى بسند حسن كما قال القاري في شرح الشفا.[/rtl]
[rtl]وهذا الحديث فيه تأكيد واضح أن الاحتفاء والابتهاج بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزيارته معراج قائم في كل وقت وحين ، مبسوط موائده ، مفتاحه همة المؤمن الصادق إذا أقبل عليه بالتوقير والتعظيم ، وشغل روحه وفكره وقلبه به صلى الله عليه وآله وسلم ، وبذلك يحصل الخير الجزيل والفضل الكبير ، والأنس والاستئناس والسكينة والطمأنينة ، ويذوق حلاوة الإيمان . والبيان واضح في تلك الأخبار بما أذن الله للنبي المختار .[/rtl]
[rtl]ففي الخبر الأول : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال.. :... اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى عليه... ، وفي رواية : ( يعبد ) وهو حديث صحيح أخرجه أحمد في المسند موصولا ومالك في الموطأ مرسلا وأخرجه البزار... والحديث له طرق .[/rtl]
[rtl]وبهذا تَرِد تساؤولات وردود ، والسؤال الذي يطرح نفسه لم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ؟؟ هل كشف له حال الأمة من بعده أنها ستتخذ قبره وثنا ؟؟ أم رأى من تعظيم الصحابة أن يصل بهم الحد أن يتخذوا قبره وثنا فدعا بهذه الدعوة ؟؟ وهل دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا مجاب أم ليس مجابا ؟؟[/rtl]
[rtl]وفي الخبر الثاني.. :.. لا تجعل قبري عيدا ... الحديث . هل يقصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعيد الابتهاج والفرح أم التعظيم والتوقير لقدره ؟ وما السبب في نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه في هذا الحديث عن اتخاذ قبره عيدا واتخاذ بيوت المؤمنين مقابر ؟ وما الذي يقصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟ وما العيد الذي عناه وما المقبرة التي عناها ؟؟ وإلى ماذا يرشد الحديث ؟؟ وما الذي يشير إليه ؟؟ وهل يعني بالعيد إظهار زينة مخصوصة كما يعمل في الأعياد ؟؟ أم النهي حاصل عن تخصيص يوم معين والعكوف عليه ، وإظهار الزينة عند القبر كما هو الحال في الأعياد أم يكتفى في الزيارة بالسلام والدعاء فقط ؟؟ وهل في الحديث نهي لأصحابه وأتباعه عن توقير قبره وتعظيمه ؟؟ وهل يأمرهم في الحديث بالابتهاج في دورهم وينهاهم عن ذلك في مسجده ؟؟ وهل الاحتفال مقصور على البيوت دون المسجد ؟؟[/rtl]
[rtl]نقول وبالله التوفيق مجيبا على هذه التساؤلات :[/rtl]
[rtl]التساؤل الأول.. :.. لم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :.. اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى عليه... ؟ أو ( وثنا يعبد ) هل كشف له حال الأمة من بعده أنها ستتخذ قبره وثنا أم رأى من تعظيم أصحابه له أنه يصل بهم إلى الحد أن يتخذوا قبره وثنا ، فدعا بهذه الدعوة ؟؟[/rtl]
[rtl]فهذا التساؤل مجاب عليه ضمن الحديث المتقدم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يخص زيارته بيوم معين ولم يكلف الأمة عناء ذلك وتخصيص ذلك اليوم لأن فضله صلى الله عليه وآله وسلم إنما استمد من صلاة الله المتكررة عليه في كل لحظة فلا يليق بما تكرر فضله أن يخصص بيوم معين لأنه هو المد للفضائل كلها وهو عين الأعيان الإمدادية صلاة الله عليه وآله وسلم . وكما أن المراد من زيارته صلى الله [/rtl]
[rtl]عليه وآله وسلم توطن محبته في القلوب وتطبع النفوس بالصلاة عليه كذلك الاحتفال به ما هو إلا توطين محبته في القلوب وتطبيع النفس بإدمان الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم . والحديث وإن كان لفظه النفي فمعناه وجوب المواصلة الدائمة ، أي لا تجعله عيدا مرة في السنة بل اجعله معراجا متصلا ...[/rtl]
[rtl]لذا ترك الابتهاج به مرة واحدة لوجوبه في كل لحظة .[/rtl]
[rtl]أضف إلى ذلك البيان الذي جاء في عجز الحديث :.. ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ... يعني بل عيدا ... أي أن الابتهاج به لا يختص بالمكان ليوافق ذلك قوله سبحانه :.. ((.. واعلموا أن فيكم رسول الله.. )) ..–الحجرات 7- ولا يعني ذلك نفي منزلة المكان وفضله ولكن على قدر الكمال يضاعف الأجر . وهذا دليلنا لتخصيص ليلة المولد النبوي الشريف بالابتهاج بالنسبة إلينا ، فالمناسبات جرس لتنبيه الغافل لا لتحكي ما في نفس الأمر . فللرسول عليه الصلاة والسلام رحمة دائمة وحضور دائم ... وما المناسبات إلا تنبيه للعوام في تفسير المطلق ... فالحضور والشعور به إنما هو
عليّ بن محمد- عدد الرسائل : 27
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 06/02/2015
مواضيع مماثلة
» ذكر آداب المصلي عليه صلى الله عليه وسلم
» حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل...
» أدلة جواز التواجد والرقص
» مظاهر محبة النبي صلى الله عليه وسلم- خطبة للشيخ عبد الله نهاري
» الله عز وجل احتفل بميلاد النبيء صلى الله عليه وسلم
» حفظ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من الخطأ والباطل...
» أدلة جواز التواجد والرقص
» مظاهر محبة النبي صلى الله عليه وسلم- خطبة للشيخ عبد الله نهاري
» الله عز وجل احتفل بميلاد النبيء صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 22:05 من طرف أبو أويس
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
أمس في 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
أمس في 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس