بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
كلمات عن فهم علاقة المريد بشيخه
صفحة 1 من اصل 1
كلمات عن فهم علاقة المريد بشيخه
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
كثير من الدهماء المتمصوفين وقليلو العلم ممن غزا الغلو في المشايخ قلوبهم فانحرفوا بذلك عن المعاني الصافية والصادقة الحقيقية للعلاقة الأصلية التي هي علاقة محبة بالأساس التي تربطهم بأهل الله من أولياء الله تعالى حتى فشت في عقولهم الجهالة لظنهم أن تلك العلاقة ما هي غير علاقة عبد بسيّده وربما إلهه أو أجير بمؤجّره كلها رهبة وخشية وخوف أو طمع وشهوة جلية أكانت أم خفية لكن كل هذا وهم وسراب وظنون لا صلة له بأصول حقيقة تلك العلاقة في بهائها وصفائها ورقيها وجمالها وكمالها
يتشارك في فشو هذا الأمر المذموم علاوة على الدهماء من المنتسبين أصحاب دعوى المشيخة والولاية زورا وبهتانا ممن يبحثون عن الرئاسة والظهور لمرض كامن في نفوسهم كما يلهثون بطرق خبيثة وملتوية في سبيل جمع حطام الدنيا وأكل أموال المريدين بالباطل وهذا يعتبر خيانة لدين الله واستعباد للناس وارهابهم في معتقداتهم تحت مسميات الولاية وألقابها المختلفة من قطبانية وغوثية ونحو هذا وكل هذا باطل لا أساس له وليس هو من الدين في شيء يتعيّن محاربته والتصدي له بكل ممكن
لكن العلاقة الصحيحة بين كل مريد وشيخه أو أستاذه أو معلمه سواء أكان في علم الشريعة أم علم السلوك يجب أن تكون قائمة على المحبة والصفاء والمودة وخاصة الرحمة التي هي أمأفراد عائلة التقوى
{ مّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
أما الشيوخ فلهم علامات منها علامة ما ورد في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } فكل شيخ متكبر لا تلتفت إليه فإن من علامة الشيوخ التواضع ومن علاماتهم التي يرثونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف واللين { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } لذلك كان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يستشير أصحابه ولا يعني اللين موافقة أهواء نفس المريد ومجاملته
بل كم من مرة يخرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحابته وهو غضبانا فيهابونه ولا يكلمهم منه أحد رهبة وخشية من حالة الجلال التي يكون فيها فعلى المريد التفريق بين أحوال الجمال وبين أحوال الجلال التي تعتري العارفين فلا يقابل المؤمن الجلال إلا بالجمال حتى ينقلب جمالا في وقته كما قاله العارفون وأوصوا به ولا يكون مثل إبليس لعنه الله تعالى الذي قابل الجلال الإلهي بالجلال النفسي فلعن وطرد بعد أن سلبه الله تعالى ما آتاه ..
ثمّ المرجع والأصل والمقياس في كل علاقة بين الشيوج وأتباعهم هو ما كانت عليه علاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه قال تعالى { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
لكن لا يعني كل هذا الإستهزاء بحرمة المشايخ من أهل الله أو الإستهتار بأقدارهم الرفيعة لقوله في الحديث القدسي ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب )
ولقوله تعالى للصحابة في حق سيّد الخلق لأنه المقياس صلى الله عليه وسلم لحقوق ورثته من بعده في كل شيء من لوازم شروط الآداب والأخلاق فالأدب مع الخليفة هو في ذاته أدب مع من خلفه
كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }
أو ما ورد من آداب في باب الإستئذان وغيرها
كما قال تعالى { نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
لذلك قالوا المأذون مأمون فلا يعرف قيمة الإذن إلا أصحابه وكل هذا متعلق بأهل الله الحقيقيين وليس المدعين وما أكثرهم في هذا الزمان ممن ضلوا وأضلوا لكن تبقى المشكلة في كثير من الأحيان ما ورد في قوله تعالى { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }
إن الذين يرهبون مريديهم بالوعيد والترهيب والتخويف ليس هم من الله في شيء وتلك علامة من علامات دعواهم وكذبهم لقوله عليه الصلاة والسلام ( يسِّروا ولا تعسِّروا, وبشِّروا ولا تنفِّروا ) وقوله عليه الصلاة والسلام في تحذيره من ترهيب المؤمنين ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ) أي لا ظاهرا ولا باطنا والأحاديث في هذا النهي كثيرة
إذ لا يمكن تصور شيخ يهدد مريديه بالويل والثبور إن هم خرجوا عن طاعته و سلطته أو توجهوا إلى غيره من أهل عصره فتلك من علامات عدم تأهله للمشيخة وفقدانه لشروطها بل الشيخ الكامل يدعو لكل مسلم بالخير فضلا عن مريديه ويدعو بالهداية لمن خرج عن صحبته متى علم أن في صحبة ذلك المريد منفعة له متأكدة وخروجه عنه مضرة له ولنا في هذا تأسيا بقصة سيدنا نوح عليه السلام حيث أن ابنه ورغم كفره عمل على انقاذه { وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ } لذلك لم يتبرّأ منه أو يفرح لهلاكه فالأبوة الروحية مقدمة على الأبوة البشرية فتلك العلاقة من الناحيتين مبنية على الرحمة والحنان والشفقة
لذا سأل الله فيه حتى بعد غرق ابنه رحمة منه نوح على ابنه ويستوي هذا الأمر بين الإبن الصلبي والروحي لا فرق بل قد يكون الإبن الروحي أقرب من الإبن الصلبي { وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ } وقد فعل سيدنا إبراهيم مع أبيه نفس هذا الفعل { وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ } أنظر كيف سأل المغفرة لأبيه رغم اقراره ويقينه أنه { كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ }
نعم قد يدعو رسول على عبد ما آذاه وكذلك أهل الله قد يدعون على شخص ما آذاهم لكن كل تلك الأدعية عليهم لا تكون إلا عندما ينفذ الرسول أو الولي صبره فيأتيه الوارد الإلهي بالدعاء عليه وهذا الأمر لا يكون غالبا إلا من باب سلطان الجلال وهو ما اعترى سيدنا نوح عندما دعا على قومه فأهلكهم الله تعالى ودعا موسى عليه السلام على فرعون وجنوده فأهلكهم الله تعالى وهكذا ..
لا يظن المريد أن تغير خاطر شيخه عليه قد يسلم منه في كل الحالات لذلك على الفقير الصادق العمل على عدم تغيير خاطر شيخه عليه ويطيب خاطره كلما أحس منه جفاء وربما يكون الجفاء من باب الإختبار فيتحلى المريد حينئذ بالصبر مهما طال ذلك الصبر ولا ييأس وقد جعل الله تعالى للقلوب فقها يفقهون بها مثل هذه الأمور التي لا يمكن ادراكها غالبا إلا بفقه القلب حتى لا يشمل أحد من العباد قوله تعالى { لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا }
لذا عليك أيها المريد أن تدرك الفرق بين أن تكون علاقتك بشيخك علاقة صدق ومحبة فهي الأصل التي تثمر الخدمة والرغبة والعزيمة والأدب وبين اتخاذ تلك العلاقة علاقة عبد بإله وراعي بملك ورقيق بساداتهم وهذه علاقات منهي عنها ويكفي فيها قول الله تعالى { وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }
والله تعالى أعلم وأحكم
..
كثير من الدهماء المتمصوفين وقليلو العلم ممن غزا الغلو في المشايخ قلوبهم فانحرفوا بذلك عن المعاني الصافية والصادقة الحقيقية للعلاقة الأصلية التي هي علاقة محبة بالأساس التي تربطهم بأهل الله من أولياء الله تعالى حتى فشت في عقولهم الجهالة لظنهم أن تلك العلاقة ما هي غير علاقة عبد بسيّده وربما إلهه أو أجير بمؤجّره كلها رهبة وخشية وخوف أو طمع وشهوة جلية أكانت أم خفية لكن كل هذا وهم وسراب وظنون لا صلة له بأصول حقيقة تلك العلاقة في بهائها وصفائها ورقيها وجمالها وكمالها
يتشارك في فشو هذا الأمر المذموم علاوة على الدهماء من المنتسبين أصحاب دعوى المشيخة والولاية زورا وبهتانا ممن يبحثون عن الرئاسة والظهور لمرض كامن في نفوسهم كما يلهثون بطرق خبيثة وملتوية في سبيل جمع حطام الدنيا وأكل أموال المريدين بالباطل وهذا يعتبر خيانة لدين الله واستعباد للناس وارهابهم في معتقداتهم تحت مسميات الولاية وألقابها المختلفة من قطبانية وغوثية ونحو هذا وكل هذا باطل لا أساس له وليس هو من الدين في شيء يتعيّن محاربته والتصدي له بكل ممكن
لكن العلاقة الصحيحة بين كل مريد وشيخه أو أستاذه أو معلمه سواء أكان في علم الشريعة أم علم السلوك يجب أن تكون قائمة على المحبة والصفاء والمودة وخاصة الرحمة التي هي أمأفراد عائلة التقوى
{ مّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
أما الشيوخ فلهم علامات منها علامة ما ورد في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } فكل شيخ متكبر لا تلتفت إليه فإن من علامة الشيوخ التواضع ومن علاماتهم التي يرثونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف واللين { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } لذلك كان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يستشير أصحابه ولا يعني اللين موافقة أهواء نفس المريد ومجاملته
بل كم من مرة يخرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحابته وهو غضبانا فيهابونه ولا يكلمهم منه أحد رهبة وخشية من حالة الجلال التي يكون فيها فعلى المريد التفريق بين أحوال الجمال وبين أحوال الجلال التي تعتري العارفين فلا يقابل المؤمن الجلال إلا بالجمال حتى ينقلب جمالا في وقته كما قاله العارفون وأوصوا به ولا يكون مثل إبليس لعنه الله تعالى الذي قابل الجلال الإلهي بالجلال النفسي فلعن وطرد بعد أن سلبه الله تعالى ما آتاه ..
ثمّ المرجع والأصل والمقياس في كل علاقة بين الشيوج وأتباعهم هو ما كانت عليه علاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه قال تعالى { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
لكن لا يعني كل هذا الإستهزاء بحرمة المشايخ من أهل الله أو الإستهتار بأقدارهم الرفيعة لقوله في الحديث القدسي ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب )
ولقوله تعالى للصحابة في حق سيّد الخلق لأنه المقياس صلى الله عليه وسلم لحقوق ورثته من بعده في كل شيء من لوازم شروط الآداب والأخلاق فالأدب مع الخليفة هو في ذاته أدب مع من خلفه
كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }
أو ما ورد من آداب في باب الإستئذان وغيرها
كما قال تعالى { نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
لذلك قالوا المأذون مأمون فلا يعرف قيمة الإذن إلا أصحابه وكل هذا متعلق بأهل الله الحقيقيين وليس المدعين وما أكثرهم في هذا الزمان ممن ضلوا وأضلوا لكن تبقى المشكلة في كثير من الأحيان ما ورد في قوله تعالى { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }
إن الذين يرهبون مريديهم بالوعيد والترهيب والتخويف ليس هم من الله في شيء وتلك علامة من علامات دعواهم وكذبهم لقوله عليه الصلاة والسلام ( يسِّروا ولا تعسِّروا, وبشِّروا ولا تنفِّروا ) وقوله عليه الصلاة والسلام في تحذيره من ترهيب المؤمنين ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ) أي لا ظاهرا ولا باطنا والأحاديث في هذا النهي كثيرة
إذ لا يمكن تصور شيخ يهدد مريديه بالويل والثبور إن هم خرجوا عن طاعته و سلطته أو توجهوا إلى غيره من أهل عصره فتلك من علامات عدم تأهله للمشيخة وفقدانه لشروطها بل الشيخ الكامل يدعو لكل مسلم بالخير فضلا عن مريديه ويدعو بالهداية لمن خرج عن صحبته متى علم أن في صحبة ذلك المريد منفعة له متأكدة وخروجه عنه مضرة له ولنا في هذا تأسيا بقصة سيدنا نوح عليه السلام حيث أن ابنه ورغم كفره عمل على انقاذه { وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ } لذلك لم يتبرّأ منه أو يفرح لهلاكه فالأبوة الروحية مقدمة على الأبوة البشرية فتلك العلاقة من الناحيتين مبنية على الرحمة والحنان والشفقة
لذا سأل الله فيه حتى بعد غرق ابنه رحمة منه نوح على ابنه ويستوي هذا الأمر بين الإبن الصلبي والروحي لا فرق بل قد يكون الإبن الروحي أقرب من الإبن الصلبي { وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ } وقد فعل سيدنا إبراهيم مع أبيه نفس هذا الفعل { وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ } أنظر كيف سأل المغفرة لأبيه رغم اقراره ويقينه أنه { كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ }
نعم قد يدعو رسول على عبد ما آذاه وكذلك أهل الله قد يدعون على شخص ما آذاهم لكن كل تلك الأدعية عليهم لا تكون إلا عندما ينفذ الرسول أو الولي صبره فيأتيه الوارد الإلهي بالدعاء عليه وهذا الأمر لا يكون غالبا إلا من باب سلطان الجلال وهو ما اعترى سيدنا نوح عندما دعا على قومه فأهلكهم الله تعالى ودعا موسى عليه السلام على فرعون وجنوده فأهلكهم الله تعالى وهكذا ..
لا يظن المريد أن تغير خاطر شيخه عليه قد يسلم منه في كل الحالات لذلك على الفقير الصادق العمل على عدم تغيير خاطر شيخه عليه ويطيب خاطره كلما أحس منه جفاء وربما يكون الجفاء من باب الإختبار فيتحلى المريد حينئذ بالصبر مهما طال ذلك الصبر ولا ييأس وقد جعل الله تعالى للقلوب فقها يفقهون بها مثل هذه الأمور التي لا يمكن ادراكها غالبا إلا بفقه القلب حتى لا يشمل أحد من العباد قوله تعالى { لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا }
لذا عليك أيها المريد أن تدرك الفرق بين أن تكون علاقتك بشيخك علاقة صدق ومحبة فهي الأصل التي تثمر الخدمة والرغبة والعزيمة والأدب وبين اتخاذ تلك العلاقة علاقة عبد بإله وراعي بملك ورقيق بساداتهم وهذه علاقات منهي عنها ويكفي فيها قول الله تعالى { وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ }
والله تعالى أعلم وأحكم
..
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
مواضيع مماثلة
» علاقة المريد بالشيخ
» علاقة الفقير بالشيخ
» ما علاقة الصّوفي بالموسيقى؟
» علاقة شيخ التّربية بالمريد
» المريد والصوفي والتصوف
» علاقة الفقير بالشيخ
» ما علاقة الصّوفي بالموسيقى؟
» علاقة شيخ التّربية بالمريد
» المريد والصوفي والتصوف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 14:18 من طرف ابن الطريقة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس