بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
مكانة الإذن في طريق الله
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مكانة الإذن في طريق الله
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين
أما بعد :
تسوّر في الآونة الأخيرة كثير من مدعي الوصول والعرفان محراب المشيخة في طريق الله تعالى من غير إذن شفوي ولا كتابي من مشايخهم الذين أخذوا الطريق على أيديهم دفعهم إلى ذلك بقايا رعونات في قلوبهم كحبّ رئاسة وتقدم وشهرة وحب الدنيا عموما بشعور أو من دون شعور منهم ...
الطريق يا سادة لا يجوز لأحد مهما كانت صفته ولو كان عارفا بالله تعالى بشهادة شيخه أن يتقدم فيه لأي وظيف من وظائف التربية والإرشاد إلا بإذن صريح من شيخه الذي سلك على يديه وعرّفه بربّه فوصل إليه لأنّ كلّ شيخ مربي هو أدرى الناس بحال مريديه فالإذن لا يأتي من الخارج بل يكون متصلا بسند الشيخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الظاهر والباطن عن طريق الشيخ نفسه
أما خلاف هذا مما قد يكون وقع فهو في حكم النادر يحفظ ولا يقاس عليه فالأصل هو الإذن الصريح من الشيخ الحي فلا عبرة بعد هذا بأذون الأموات متى علمنا أن الشيطان يمكنه التمثل في المنام في صورة أي شيخ عدا الأنبياء والمرسلين عليهم السلام خصوصا سيد الوجود ومفتاح الشهود عليه الصلاة والسلام فالشيطان لا يتمثل به كما نص على ذلك كلامه صلى الله عليه وسلم في أحاديثه النبوية الشريفة
لأنّ الشيخ الكامل الوارث المحمدي الحقيقي هو باب الله تعالى وباب رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يأذن شيخ لمريد من مريديه بالتربية والإرشاد إلاّ بعد الإذن من الله له ورسوله عليه الصلاة والسلام كون الشيخ ترجمان الحضرة الإلهية والحضرة النبوية على حد سواء فما إذن الشيخ للمريد الوارث إلا مقدمة على الإذن من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
لذا لا يوجد شيء إسمه الإذن بالمنام أو أمر آخر وهو التأويل البعيد كأن يتأول المريد كلامه شيخه في هذا الخصوص لذا نصوا على الإذن الصريح الذي لا يحتمل التأويل لسد هذا الباب لكثرة تشوف النفوس وتطلعها إليه كونها مجبولة على حب الدنيا من رئاسة وظهور
سمعت مرة من المرات في زاويتنا في حياة شيخنا رضي الله عنه وكان هذا سنة 1989 فقيرا من الفقراء ممن قدمه شيخنا رضي الله عنه يقول : يا اخواني البارحة رأيت في المنام رؤيا تعرفني بخليفة مولانا الأستاذ رضي الله عنه لكني لن أقول لكم من هو ..
مر الوقت بعد ذلك إلى أن توفي شيخنا رحمه الله سنة 1994 أي بعد 5 سنوات تقريبا من ذلك الكلام الصادر من صاحب الرؤيا -رغم أن الكلام عن خليفة الشيخ وهو مازال حيا يرزق يربي المريدين ويذاكر الوافدين يعد سوء أدب-
لكن القوم لا يعلمون سريعا ما يغترون بالرؤى والمكاشفات التي قال فيها الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ( إذا خالف كشفك الصحيح الكتاب والسنّة فدع الكشف جانبا واعمل بالكتاب والسنة وقل إن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها لي في جانب الكشف )
هذه القاعدة الذهبية تدل على كمال الشيخ سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وشدة تمسكه بالشرع المحمدي فلم يبتدع شيئا في الطريق بحجة المكاشفات أو الرؤى والمنامات لأنّ الأحكام الشرعية تقررت فلا نجاة إلا بالإعتصام بالكتاب والسنة بلا تفسق أو تزندق
إلى أن سألت عن أخبار صاحب الرؤيا بعد سنوات طويلة التي علم عن طريقها فيما يزعم إسم خليفة شيخنا رحمه الله تعالى غير أنّه تبيّن فيما بعد أن الفقير المذكور كان يقصد نفسه كونه رأى في منامه أنه خلفية مولانا الأستاذ قدس سره لذلك أبى التصريح بإسم من رآه في المنام آنذاك مع العلم أن الشخص المذكور مازال على قيد الحياة غفر الله له ولنا لكنه ولله الحمد لم يتقدم للمشيخة وما ادعاها قط وهذا من حفظ الله تعالى له فالحمد لله ..
ذكرت هذه الحادثة حتى يعلم من لا يعلم أنّ المنام لا توجد فيه أي حجة للتقدم للمشيخة بدعوى تسليك المريدين والعروج بأرواحهم إلى حضرة رب العالمين والتدرج بهم في مقامات السير ومراحل السلوك مرحلة مرحلة
أما أن يتقدم المتقدم كشيخ تبرك من غير دعوى تسليك يجمع الناس على طاعة الله وحسن عبادته والتمسك بكتاب الله تعالى وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا أمر لا ينكره مؤمن ويفرح لفاعله كل مسلم خصوصا متى علمت واقع الزمان من كفر والحاد ومعاصي واباحية فاضحة وفوضى وفتن لا حد لها ولا عد
فمن يجمع اليوم الناس على ذكر الله تعالى وطاعته فقد أفلح فلاحا بينا لكن على شرط من غير دعوى الولاية ولا العرفان ولا التسليك لأنّ الحضرة الإلهية لا تجيز ذلك إلا بإذن ففاقد الشيء لا يعطيه وقد قال السادة ومنهم سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه ( من ادعى المشيخة كاذبا مات على سوء الخاتمة إذا لم يتب )
قد يسأل سائل :
لماذا كل هذا التشدد في وجوب شرط الإذن أليست رحمه الله واسعة ؟ الأجدر أن يوسع الصوفية على خلق الله لتكثير سواد الذاكرين والمريدين وكذلك تكثير المشايخ في طريق الله تعالى ؟
الجواب :
لم يحجر مشايخ التصوف السعي الدؤوب لتكثير سواد الذاكرين ولا جمع الناس على طاعة رب العالمين بل يدعون إلى ذلك في كل مجلس ومحفل إنما فقط خصصوا مسألة مشيخة ( السير والسلوك ) كونها تحتاج إلى إذن خاص صريح من الشيح الحي لمريده الواصل حتى لا يدعي من شاء ما يشاء
لأنّ اقتحام هذا الميدان الخطر من غير إذن صريح من شيخ كامل يعد مزلة أقدام وذلك كون الطريق مليئا بالعقارب والأفاعي لذا لا بدّ من معرفة تامة بالطريق ومراحله وعقباته ثمّ إذن خاص بتسيير المريدين فيه لأن الصوفي السالك قد يكون على معرفة بمراحل الطريق ترقى فيها ووصل لكن لا إذن لك بتسيير المريدين
نعم يوجد جمهرة غفيرة من العارفين بالله تعالى في كل زمان ومكان أما مشايخ التربية فهم قلة مقارنة بعدد أهل العرفان والولاية لذلك عليك التمييز بين العارفين من حيث كونهم أولياء لله تعالى وبين العارفين من أولياء الله تعالى من حيث كونهم مقامين في وظيف التربية والإرشاد
كل مؤمن ومسلم خاصة العلماء والفقهاء والوعاظ والقصاص والصالحين جميعا لهم الإذن العام بالدعوة إلى دين الله تعالى أما مشايخ التربية فهم يدخلون السالكين إلى حضرة الله تعالى متى علمت أن الأذون مرتبتان :
- الإذن العام : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }
لأن التبشير والنذارة أي الترغيب والترهيب فيهما الإذن العام لسائر الأمة المحمدية فكن داعيا كما شئت في مجال الترغيب والترهيب وكفى بهما منزلة عالية فالدال على الخير كفاعله وقد ورد في الحديث ( بلغوا عني ولو آية )
- الإذن الخاص : { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا }
ما قال هنا ( وداعيا إلى الله وسراجا منيرا ) بل لو تلاحظ قوله { بِإِذْنِهِ } أي داعيا إليه بإذنه فخرج موضوع الدعوة إليه من غير إذنه
فالعبد عليه أن يميّز بين أمرين :
الأول البحث عن أهل الله والعارفين عامة لأنّ هناك من المسلمين من يكون شغفه بمحبة أهل الولاية فتجده يبحث عن العارفين في كل بلاد تلك رغبته
أما الأمرالثاني البحث عن المشايخ المأذونين ليأخذ على ايديهم الطريق ويدخل تحت حكمهم خلال سيره ليعرفوه بربه
فليس كل ولي وعارف يكون مأذونا بالتربية والإرشاد
نعم يوجد للأولياء مراتب ومقامات وقد تجد وليا من أولياء الله ليست وظيفته التربية والإرشاد يكون أعلى مقاما عند الله تعالى من ولي من عامة الأولياء تكون وظيفته التربية والإرشاد أعلمتك بهذا حتى لا تخلط بين وظيف الإرشاد من حيث هي وظيفة ربانية يأذن الله تعالى بها لمن يعلم فيهم الأهلية لذلك { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } وبين مراتب ومقامات أهل الولاية فلا يدخل هذا في هذا ..
كما لا ننسى بيان أن الولي قد يكون جامعا بين المقامات العالية وبين وظيفة الإرشاد في نفس الوقت كالقطب الفرد الغوث الجامع سيدي أبي الحسن الشاذلي فقد كان قطبا وغوثا وفي نفس الوقت شيخا مربيا مسلكا وكالقطب الغوث سيدي عبد القادر وغيرهما كسيدي أحمد التيجاني رضي الله عنهم وغيره كثير
كي لا تظن أن كل شيخ مربي هو من عامة أهل الولاية بل قد يكون من عامة الأولياء وقد يكون من أصحاب الرتب والمقامات أي من خاصة الأولياء لكن كل هذا لا علاقة للمريد الصادق به فلا تعنيه تلك المقامات في شيء ولا تتشوف إليها نفسه ولو بالتشوف إلى منزلة شيخه ومقامه لأنه لو تشوف إلى معرفة مقام شيخه فما خرج من التشوف إلى المقامات ولو في غيره ..
فقط على المريد أن يجعل همته في العثور على شيخ واصل ماّذون بالتربية والإرشاد سواء أكان من عامة الأولياء أم من خاصة أهل الولاية لأنّ بغيته يمكن تحصيلها عن طريق أي ولي سواء كان قطبا غوثا أو كان وليا من عامة الأولياء لا يهم بل قد يتخرج أصحاب الرتب والمقامات من خاصة الأولياء على أيدي مشايخ تربية من عامة الأولياء ..
أما الذي يبحث طوال اليوم والساعة كيف يكون قطبا وينال الغوثية وتتشوف نفسه إلى تلك المنازل والرتب بسبب نظره في كتب القوم أو من أي طريق آخر فهو عابد هواه يسير سيرا نفسيا إلى مولاه بل كن عبدا لله في كل حالة ودر مع الحق أينما دار فلا ترضى لنفسك أن تكون عبد المقامات بل كن عبدا لرب الأرضين والسماوات
{ وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين
أما بعد :
تسوّر في الآونة الأخيرة كثير من مدعي الوصول والعرفان محراب المشيخة في طريق الله تعالى من غير إذن شفوي ولا كتابي من مشايخهم الذين أخذوا الطريق على أيديهم دفعهم إلى ذلك بقايا رعونات في قلوبهم كحبّ رئاسة وتقدم وشهرة وحب الدنيا عموما بشعور أو من دون شعور منهم ...
الطريق يا سادة لا يجوز لأحد مهما كانت صفته ولو كان عارفا بالله تعالى بشهادة شيخه أن يتقدم فيه لأي وظيف من وظائف التربية والإرشاد إلا بإذن صريح من شيخه الذي سلك على يديه وعرّفه بربّه فوصل إليه لأنّ كلّ شيخ مربي هو أدرى الناس بحال مريديه فالإذن لا يأتي من الخارج بل يكون متصلا بسند الشيخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الظاهر والباطن عن طريق الشيخ نفسه
أما خلاف هذا مما قد يكون وقع فهو في حكم النادر يحفظ ولا يقاس عليه فالأصل هو الإذن الصريح من الشيخ الحي فلا عبرة بعد هذا بأذون الأموات متى علمنا أن الشيطان يمكنه التمثل في المنام في صورة أي شيخ عدا الأنبياء والمرسلين عليهم السلام خصوصا سيد الوجود ومفتاح الشهود عليه الصلاة والسلام فالشيطان لا يتمثل به كما نص على ذلك كلامه صلى الله عليه وسلم في أحاديثه النبوية الشريفة
لأنّ الشيخ الكامل الوارث المحمدي الحقيقي هو باب الله تعالى وباب رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يأذن شيخ لمريد من مريديه بالتربية والإرشاد إلاّ بعد الإذن من الله له ورسوله عليه الصلاة والسلام كون الشيخ ترجمان الحضرة الإلهية والحضرة النبوية على حد سواء فما إذن الشيخ للمريد الوارث إلا مقدمة على الإذن من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
لذا لا يوجد شيء إسمه الإذن بالمنام أو أمر آخر وهو التأويل البعيد كأن يتأول المريد كلامه شيخه في هذا الخصوص لذا نصوا على الإذن الصريح الذي لا يحتمل التأويل لسد هذا الباب لكثرة تشوف النفوس وتطلعها إليه كونها مجبولة على حب الدنيا من رئاسة وظهور
سمعت مرة من المرات في زاويتنا في حياة شيخنا رضي الله عنه وكان هذا سنة 1989 فقيرا من الفقراء ممن قدمه شيخنا رضي الله عنه يقول : يا اخواني البارحة رأيت في المنام رؤيا تعرفني بخليفة مولانا الأستاذ رضي الله عنه لكني لن أقول لكم من هو ..
مر الوقت بعد ذلك إلى أن توفي شيخنا رحمه الله سنة 1994 أي بعد 5 سنوات تقريبا من ذلك الكلام الصادر من صاحب الرؤيا -رغم أن الكلام عن خليفة الشيخ وهو مازال حيا يرزق يربي المريدين ويذاكر الوافدين يعد سوء أدب-
لكن القوم لا يعلمون سريعا ما يغترون بالرؤى والمكاشفات التي قال فيها الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ( إذا خالف كشفك الصحيح الكتاب والسنّة فدع الكشف جانبا واعمل بالكتاب والسنة وقل إن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها لي في جانب الكشف )
هذه القاعدة الذهبية تدل على كمال الشيخ سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وشدة تمسكه بالشرع المحمدي فلم يبتدع شيئا في الطريق بحجة المكاشفات أو الرؤى والمنامات لأنّ الأحكام الشرعية تقررت فلا نجاة إلا بالإعتصام بالكتاب والسنة بلا تفسق أو تزندق
إلى أن سألت عن أخبار صاحب الرؤيا بعد سنوات طويلة التي علم عن طريقها فيما يزعم إسم خليفة شيخنا رحمه الله تعالى غير أنّه تبيّن فيما بعد أن الفقير المذكور كان يقصد نفسه كونه رأى في منامه أنه خلفية مولانا الأستاذ قدس سره لذلك أبى التصريح بإسم من رآه في المنام آنذاك مع العلم أن الشخص المذكور مازال على قيد الحياة غفر الله له ولنا لكنه ولله الحمد لم يتقدم للمشيخة وما ادعاها قط وهذا من حفظ الله تعالى له فالحمد لله ..
ذكرت هذه الحادثة حتى يعلم من لا يعلم أنّ المنام لا توجد فيه أي حجة للتقدم للمشيخة بدعوى تسليك المريدين والعروج بأرواحهم إلى حضرة رب العالمين والتدرج بهم في مقامات السير ومراحل السلوك مرحلة مرحلة
أما أن يتقدم المتقدم كشيخ تبرك من غير دعوى تسليك يجمع الناس على طاعة الله وحسن عبادته والتمسك بكتاب الله تعالى وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا أمر لا ينكره مؤمن ويفرح لفاعله كل مسلم خصوصا متى علمت واقع الزمان من كفر والحاد ومعاصي واباحية فاضحة وفوضى وفتن لا حد لها ولا عد
فمن يجمع اليوم الناس على ذكر الله تعالى وطاعته فقد أفلح فلاحا بينا لكن على شرط من غير دعوى الولاية ولا العرفان ولا التسليك لأنّ الحضرة الإلهية لا تجيز ذلك إلا بإذن ففاقد الشيء لا يعطيه وقد قال السادة ومنهم سيدي أحمد التيجاني رضي الله عنه ( من ادعى المشيخة كاذبا مات على سوء الخاتمة إذا لم يتب )
قد يسأل سائل :
لماذا كل هذا التشدد في وجوب شرط الإذن أليست رحمه الله واسعة ؟ الأجدر أن يوسع الصوفية على خلق الله لتكثير سواد الذاكرين والمريدين وكذلك تكثير المشايخ في طريق الله تعالى ؟
الجواب :
لم يحجر مشايخ التصوف السعي الدؤوب لتكثير سواد الذاكرين ولا جمع الناس على طاعة رب العالمين بل يدعون إلى ذلك في كل مجلس ومحفل إنما فقط خصصوا مسألة مشيخة ( السير والسلوك ) كونها تحتاج إلى إذن خاص صريح من الشيح الحي لمريده الواصل حتى لا يدعي من شاء ما يشاء
لأنّ اقتحام هذا الميدان الخطر من غير إذن صريح من شيخ كامل يعد مزلة أقدام وذلك كون الطريق مليئا بالعقارب والأفاعي لذا لا بدّ من معرفة تامة بالطريق ومراحله وعقباته ثمّ إذن خاص بتسيير المريدين فيه لأن الصوفي السالك قد يكون على معرفة بمراحل الطريق ترقى فيها ووصل لكن لا إذن لك بتسيير المريدين
نعم يوجد جمهرة غفيرة من العارفين بالله تعالى في كل زمان ومكان أما مشايخ التربية فهم قلة مقارنة بعدد أهل العرفان والولاية لذلك عليك التمييز بين العارفين من حيث كونهم أولياء لله تعالى وبين العارفين من أولياء الله تعالى من حيث كونهم مقامين في وظيف التربية والإرشاد
كل مؤمن ومسلم خاصة العلماء والفقهاء والوعاظ والقصاص والصالحين جميعا لهم الإذن العام بالدعوة إلى دين الله تعالى أما مشايخ التربية فهم يدخلون السالكين إلى حضرة الله تعالى متى علمت أن الأذون مرتبتان :
- الإذن العام : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }
لأن التبشير والنذارة أي الترغيب والترهيب فيهما الإذن العام لسائر الأمة المحمدية فكن داعيا كما شئت في مجال الترغيب والترهيب وكفى بهما منزلة عالية فالدال على الخير كفاعله وقد ورد في الحديث ( بلغوا عني ولو آية )
- الإذن الخاص : { وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا }
ما قال هنا ( وداعيا إلى الله وسراجا منيرا ) بل لو تلاحظ قوله { بِإِذْنِهِ } أي داعيا إليه بإذنه فخرج موضوع الدعوة إليه من غير إذنه
فالعبد عليه أن يميّز بين أمرين :
الأول البحث عن أهل الله والعارفين عامة لأنّ هناك من المسلمين من يكون شغفه بمحبة أهل الولاية فتجده يبحث عن العارفين في كل بلاد تلك رغبته
أما الأمرالثاني البحث عن المشايخ المأذونين ليأخذ على ايديهم الطريق ويدخل تحت حكمهم خلال سيره ليعرفوه بربه
فليس كل ولي وعارف يكون مأذونا بالتربية والإرشاد
نعم يوجد للأولياء مراتب ومقامات وقد تجد وليا من أولياء الله ليست وظيفته التربية والإرشاد يكون أعلى مقاما عند الله تعالى من ولي من عامة الأولياء تكون وظيفته التربية والإرشاد أعلمتك بهذا حتى لا تخلط بين وظيف الإرشاد من حيث هي وظيفة ربانية يأذن الله تعالى بها لمن يعلم فيهم الأهلية لذلك { اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } وبين مراتب ومقامات أهل الولاية فلا يدخل هذا في هذا ..
كما لا ننسى بيان أن الولي قد يكون جامعا بين المقامات العالية وبين وظيفة الإرشاد في نفس الوقت كالقطب الفرد الغوث الجامع سيدي أبي الحسن الشاذلي فقد كان قطبا وغوثا وفي نفس الوقت شيخا مربيا مسلكا وكالقطب الغوث سيدي عبد القادر وغيرهما كسيدي أحمد التيجاني رضي الله عنهم وغيره كثير
كي لا تظن أن كل شيخ مربي هو من عامة أهل الولاية بل قد يكون من عامة الأولياء وقد يكون من أصحاب الرتب والمقامات أي من خاصة الأولياء لكن كل هذا لا علاقة للمريد الصادق به فلا تعنيه تلك المقامات في شيء ولا تتشوف إليها نفسه ولو بالتشوف إلى منزلة شيخه ومقامه لأنه لو تشوف إلى معرفة مقام شيخه فما خرج من التشوف إلى المقامات ولو في غيره ..
فقط على المريد أن يجعل همته في العثور على شيخ واصل ماّذون بالتربية والإرشاد سواء أكان من عامة الأولياء أم من خاصة أهل الولاية لأنّ بغيته يمكن تحصيلها عن طريق أي ولي سواء كان قطبا غوثا أو كان وليا من عامة الأولياء لا يهم بل قد يتخرج أصحاب الرتب والمقامات من خاصة الأولياء على أيدي مشايخ تربية من عامة الأولياء ..
أما الذي يبحث طوال اليوم والساعة كيف يكون قطبا وينال الغوثية وتتشوف نفسه إلى تلك المنازل والرتب بسبب نظره في كتب القوم أو من أي طريق آخر فهو عابد هواه يسير سيرا نفسيا إلى مولاه بل كن عبدا لله في كل حالة ودر مع الحق أينما دار فلا ترضى لنفسك أن تكون عبد المقامات بل كن عبدا لرب الأرضين والسماوات
{ وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: مكانة الإذن في طريق الله
لله درك يا سيدي علي
تفصيل في الموضوع أتى في أوانه لعل الله يصلح به قلوبا...
تفصيل في الموضوع أتى في أوانه لعل الله يصلح به قلوبا...
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: مكانة الإذن في طريق الله
ليس شيخك مَنْ سمعت منه، وإنما شيخك من أخذت عنه،
وليس شيخك من واجهتك عبارته، وإنما شيخك الذي سَرَتْ فيك إشارته،
وليس شيخك من دعاك إلى الباب، وإنما شيخك الذي رَفَع بينك وبينه الحجاب،
وليس شيخك من واجهك مقاله، إنما شيخك الذي نهض بك حاله. شيخك هو الذي أخرجك من سجن الهوى، ودخل بك على المولى.
شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك، حتى تَجَلَّتْ فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه، وسار بك حتى وصلت إليه، وما زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه..
لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري ...
تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it
وليس شيخك من واجهتك عبارته، وإنما شيخك الذي سَرَتْ فيك إشارته،
وليس شيخك من دعاك إلى الباب، وإنما شيخك الذي رَفَع بينك وبينه الحجاب،
وليس شيخك من واجهك مقاله، إنما شيخك الذي نهض بك حاله. شيخك هو الذي أخرجك من سجن الهوى، ودخل بك على المولى.
شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك، حتى تَجَلَّتْ فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه، وسار بك حتى وصلت إليه، وما زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه..
لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري ...
تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it
عبدالله حرزالله- عدد الرسائل : 51
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 15/04/2015
مواضيع مماثلة
» بطلان الإذن بالتربية والإرشاد عن طريق رؤى المنام
» من هو الاحمق في طريق الله؟
» منزلة الفهم في طريق الله
» ما يتحتّم على السّالك في طريق الله العمل به
» ما يتحتّم على السّالك في طريق الله العمل به
» من هو الاحمق في طريق الله؟
» منزلة الفهم في طريق الله
» ما يتحتّم على السّالك في طريق الله العمل به
» ما يتحتّم على السّالك في طريق الله العمل به
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 14:18 من طرف ابن الطريقة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس