بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
أكتوبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
رسالة من شيخنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه لبعض المحبين
صفحة 1 من اصل 1
رسالة من شيخنا سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه لبعض المحبين
بسم الله الرحمان الرحيم
توزر في 1972-6-23
أهل الصدق والتصديق والمحبة والتحقيق الفضلاء الأكارم إخواننا في الله
ورسوله في حاضرة تونس أخص بالذكر منهم حضرة المحب الصادق ذا الذوق السليم والسير
المستقيم أخانا في الله ورسوله سيدي المبروك السلطاني.
السلام عليكم جميعا وعلى من أحاط بكم من أهل وإخوان
ورحمة الله وبركاته ما دمتم له ذاكرين وعليه مجتمعين وفي زيادة التعرف عليه راغبين وبعد:
فقد اتصلت برسالتيك الكريمتين وكلتاهما فيض رباني ومدد رحماني، وما بكم من نعمة فمن الله أرجو الله لي ولكم التوفيق لشكر المنعم على
ما أنعم حتى نكون أهلا للمزيد ولقد جاء في رسالتكم المؤرخة في 1972-6-12 الرغبة في إجابتكم عن الأسئلة التالية:
السؤال الأول: أسمع أن العلماء يقولون أن هذه الموجودات دليل قاطع وبرهان ساطع على من أوجدها وهو الله عز وجل. والوارد يقول لي أن ليس النقصان دليلا على الكمال في حين أنه ناقص ولا تكون الغيرية دليلا على الوحدانية في حين أن الوحدانية ليس معها شيء وكل شيء هالك إلا وجهه.
فهل هذا وارد رحماني صحيح أم لا؟
والجواب على ذلك أن أهل الإيمان منقسمون إلى ثلاثة أقسام، مقلدين وموحدين وعارفين.
أما المقلدون فهم الذين آمنوا وصدقوا دون بحث ولا إعمال فكر. وهؤلاء تطالبهم الشريعة بالبحث والنظر وإلا ففي الإكتفاء بإيمانهم عند أهل الظاهر خلاف كبير. قال اللقاني في جوهرة التوحيد:
إذ كل من قلد في التوحيد * إيمانه لم يخل من ترديد
ففيه بعض القوم يحكي الخلف * وبعضهم حقق فيه الكشف
فقال إن يجزم بقول الغير * كفى وإلا لم يزل في الضير.
واما الموحدون فهم أصحاب معرفة الدليل والبرهان وهم الذين عرفوا الله معرفة الدليل والبرهان. واستوضحوا معالم التوحيد من خلال النصوص
الشرعية والنظر في الآيات الكونية كقوله تعالى:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".
وكقوله تعالى:" لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ."
وقد ساعدتهم الشريعة فمدتهم بكثير من الآيات القرآنية وألفتت نظرهم إلى التأمل فيما حولهم من الآيات الكونية كقوله تعالى:
"أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ."
وكقوله تعالى: فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ.
وكقوله تعالى:" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ.
ومن هنا استوحى علماء الظاهر الإستدلال على وجود الصانع بوجود الصنعة وعلى وجود الحق بوجود الخلق.
فاستدلوا بالنقصان على الكمال وبالمحدثات على محدثها ولا يلزم من نقصان الصنعة نقصان صانعها، كيف وقد ألهم الله الإنسان صنع أيات هي غاية في الإبداع في مجالات
مختلفة ولكنها تقصر تماما عن الوصول إلى مستوى الإدراك إذ لا عقل بها ولا روح فيها. فهل يلزم من نقصانها أن يكون الإنسان ناقصا مثلها؟ ولا يخفى أنّ نظر أهل
الظاهر إنما هو على مقتضى ما جاءت به الشريعة التي هي مناطة بالظاهر وهم مطالبون بمجاراتها والسير على منوالها. لأن هؤلاء الموحدين عقولهم قاصرة عن إدراك ما وراء الظهور ولذلك خاطبتهم الشريعة على حسب مستواهم الإيماني. إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وتكليفهم بما سوى ذلك أمر فوق طاقتهم. قال سيدي أبو هريرة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أحدث الناس بكل ما اسمع منك يا رسول الله؟ قال: إلا بحديث لم يبلغ عقول القوم فيصير على بعضهم فتنة.
وثم وراء النقل علم يدق عن مدارك أصحاب العقول السليمة.
والحاصل أن نظر العلماء إلى الأشياء وحكمهم عليها إنما هو بالشريعة قال عليه الصلاة والسلام : أمرت أن أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.
والشريعة أثبتت وجود الخلق والحق.
قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ. وقال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ
جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا.
وقال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ.
والآيات في هذا الصدد كثيرة.
وأما العارفون فهم الذين عرفوا الله معرفة عيان ومشاهدة عن طريق التربية والسلوك فآمنوا ثم تيقنوا ثم شاهدوا.
والعارفون بربهم لم يشهدوا * شيئا سوى المتكبر المتعالي
ورأوا سواه على الحقيقة هالكا * في الحال والماضي والاستقبال
فالكل دون الله لو حققته * عدم على التفصيل والإجمال
أفناهم فيه فعلموا أن وجودهم إنما هو وجوده وشهودهم إنما هو شهوده فبقوا به بعد أن تحققوا فإذا قالوا أو فعلوا فبه وإذا ساروا ففيه وإذا توجهوا فإليه وإذا سمعوا أو استمدوا فمنه. ومن هنا اضمحل في نظرهم السوى ورأوا كل ما وقع عليه بصرهم تجليات من على العرش إستوى. فجميع مظاهر الوجود إنما هي تجليات أسمائه
وصفاته في بحر الذات الأحدية التي لا فسحة فيها لوجود الغيرية كيف يبدو إلى العقول سواه وسناه كسى العوالم جمله فهو الأول والآخر والظاهر والباطن غير أن هؤلاء
السالكين من العارفين تطالبهم الشريعة بأن يكونوا في الظاهريعاملون المظاهر الكونية معاملة شرعية مشاهدين جمال الذات في كل ذرة من ذرات الوجود. أي تطابهم
الشريعة بأن يكون ظاهرهم مع الخلق شريعة وباطنهم مع الحق حقيقة.
وشكرك هو الشرع في الفرق وأجزمن * بأن جمال الذات في كل ذرة
وأن جميع الكائنات بأسرها * لمن نور خير الخلق حقا تبدت
يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله.
تلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، فإياكم وإفشاء الحقائق لغير أهلها وإعطاء الحكمة لغيرمستحقيها، فمن صان سر الله أخذ بالشكر.
وأما أهل الجذب من العارفين وهم الذين أخذتهم الحضرة بغتة فزجت بهم في بحر أحدية الذات الذي لا يتحيز ولا يتميز فسكروا دون صحو وسجدوا دون رفع وذهبوا دون رجوع فقد أخذهم عنهم ذاك الشراب وفقدوا الميز بين خلق وحق فقد رفع عنهم التكليف لأن التكليف مناط بالعقل وأين العقل ممن سكر به سكرا ملازما فقد رفع التكليف في سكرهم عنهم. اللهم إلا إذا تفضلت عليهم الحضرة بالرجوع وثابوا إلى رشدهم وصحوا من سكرهم فيؤمرون بما يؤمر به أهل السلوك ويجلسون في مستوى ملوك
العناية باطنهم حقيقة وظاهرهم شريعة.
ومما ذكرناه يتضح لكم أيها الإبن العزيز أن واردكم رحماني وإنما في مستوى أهل المشاهدة والعيان لا في مستوى أهل الدليل والبرهان أو نقول في مستوى المقربين لا في مستوى أصحاب اليمين.
كما يتضح لكم الجواب عن سؤالكم الثاني وهو ما يظهر لكم في بعض الأوقات أن جميع المخلوقات مظاهر جمال وكمال وعظمه للحضرة الإلاهية وإنها لا وجود لها إلا بوجود باريها فأقول أن واردكم هذا رحماني لا شك فيه ولاريب إذ أن جميع الخلق مظاهر الذات تجلى بها سبحانه حسب ما إقتضته الحكمه من ظهور الأسماء والصفات في هذا الكون فالواجب على المريد ملازمة الحضور والإستغراق في التوحيد لترسخ قدمه في بحر القدم ويعرج إلى مقام الشهود والعيان. ويستغني
بالمعاينة والمشاهدة عن البيان وذلك هو المطلوب.
قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ."
والمراد بالتقوى هنا تطهير السر من مشاهدة الغير.
قال الصديق الأكبر رضي الله عنه: ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله. وهو المقام الذي يرغب فيه فحول الرجال وتمتد إليه أعناقهم ثبتنا
الله وإياكم.
وأما ما ذكرتموه في سؤالكم الثالث من مشاهدة ما في نفسه من تتصدون لتذكيره مما لا يبصره وتبصرونه فيه.
فالجواب هو ما قدمناه من أن المريد يجب عليه أن يعامل مظاهر الخلق على مقتضى ما جاءت به الشريعة بقطع النظر عما انطوت عليه ذواتهم من خير وشر وصلاح وطلاح. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الحدود على المستحقين من أصحاب الجنايات ويقاتل في سبيل الله ويتزوج ويتعامل مع الناس ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو إمام العارفين على الإطلاق ومحور دائرة الشهود ولم يصده ذلك عن القيام بما أمر به من التذكير بقوله تعالى:" وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ."
ولنا به خير أسوه. وذلك هو الأدب فالأدب في ملازمة حدود الشريعة وإقامتها بين مظاهر الخليقة.
قال تعالى:" الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ."
وقال عليه الصلاة والسلام:" أمرت أن أحكم بالظاهر."
ثبتنا الله وإياكم في صراطه المستقيم ووفقنا وإياكم إلى السير في طريقه القويم برحمة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وختاما بلغوا سلامنا وأشواقنا إلى كل من حولكم من أهل وأخوان سيما حضرة المقدم المبرور سيدي المقداد الرويسي. وبه مراسلكم
العبـد الضعيـف الفــانــي
إسماعيل الهادفي المداني
أبو أويس- عدد الرسائل : 1561
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
ابو اسامة و بلقيس يعجبهم هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» رسالة من شيخنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى بعض الفقراء
» كتاب عن شيخنا الكبير سيدي إسماعيل الهادفي
» معرض صور شيخنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» رسالة من شيخنا اسماعيل الهادفي قدس الله تعالى سره إلى عبد الغني بن بوبكر
» رسالة من سيدنا الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى بعض الفقراء
» كتاب عن شيخنا الكبير سيدي إسماعيل الهادفي
» معرض صور شيخنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه
» رسالة من شيخنا اسماعيل الهادفي قدس الله تعالى سره إلى عبد الغني بن بوبكر
» رسالة من سيدنا الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى بعض الفقراء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
الأحد 22 سبتمبر 2024 - 1:08 من طرف الطالب
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس
» هل تطرأ الخواطر على العارف ؟
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:59 من طرف أبو أويس
» رسالة من شيخنا الى أحد مريديه رضي الله عنهما
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:49 من طرف أبو أويس
» مقام الجمع
الجمعة 2 أغسطس 2024 - 6:40 من طرف أبو أويس
» تقييمات وإحصائيات في المنتدى
الثلاثاء 30 يوليو 2024 - 6:36 من طرف أبو أويس
» جنبوا هذا المنتدى المساهمات الدعائية
الإثنين 29 يوليو 2024 - 23:50 من طرف علي
» *** الأحديث القدسيّة ***
الإثنين 24 يونيو 2024 - 22:26 من طرف ابو اسامة
» ((معلومة قيِّمة وهامَّة))
الأربعاء 12 يونيو 2024 - 23:57 من طرف ابو اسامة
» من عجائب المخلوقات (( النحل ))
الجمعة 24 مايو 2024 - 23:02 من طرف ابو اسامة
» هدية اليوم
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:09 من طرف أبو أويس
» حكمة شاذلية
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:45 من طرف أبو أويس