بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
+2
الهادفي 2
منصور
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
هل يجوز للإنسان المسلم أن يقول : المدد يارسول الله أو يا عبد القادر ونحو ذلك ؟؟؟
الجواب بقلم الدكتور محمود أحمد الزين
هذه المسألة متفرعة عن مسألة الاستغاثة بالمخلوق ، وقد كتبت عنها في رسالتي (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) لإن الأدلة الشرعية دلت على أن الاستغاثة نوع من التوسل ، كما يظهر من عرض هذه الأدلة إن شاء الله تعالى .
هل يجوز للإنسان المسلم أن يقول : المدد يارسول الله أو ياعبد القادر ونحو ذلك ؟؟؟ الجواب بقلم الدكتور محمود أحمد الزين : هذه المسألة متفرعة عن مسألة الاستغاثة بالمخلوق ، وقد كتبت عنها في رسالتي (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) لإن الأدلة الشرعية دلت على أن الاستغاثة نوع من التوسل ، كما يظهر من عرض هذه الأدلة إن شاء الله تعالى .
ولايمكن معالجة هذه المسألة إلا بعد تفهم لفظ الاستغاثة واستعمالاته الشرعية ،
أما في اللغة فيأتي لفظ الاستغاثة بمعنى طلب الإعانة وبناء على ذلك فإن الاستغاثة بالمخلوف فيما يقدر عليه متفق على جوازها كما جاء في القرآن الكريم في بعض أخبار سيدنا موسى عليه السلام : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ (15القصص)
ومن جملة مايقدر عليه : المخلوق الدعاء والشفاعة ،، وقد جاء في حديث الشفاعة يوم القيامة رواية عند البخاري لفظ : (( استغاثوا بآدم )) (البخاري بَاب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا 5/324) أي طلبوا الشفاعة
وتكرر هذا اللفظ مع ذكر جماعة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والاستغاثة هنا بمعنى طلب الإعانة ، وصورة الإعانة : أن يطلب الأنبياء من الله تعالى نهاية موقف الحشر وبدء الحساب ، وهذا هو معنى الشفاعة ومعنى الدعاء لغيرهم إذ إن الطلب من الخالق هو حقيقة الدعاء .
ولفظ وفعل الاستغاثة هذا جائز ولا يمكن أن يقول ذو علم إنه محرم فضلاً عن أن يقول : إنه من الشرك بالله تعالى بعدما ثبت في صحيح البخاري
فالاستغاثة بمعنى طلب الشفاعة والدعاء لاغبار عليه ولكن يقع الإشكال في غير ذلك فهل يمكن مثلاً أن يقول أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : اغفر لي أو أدخلني الجنة أو نجني من النار أو اشفني من مرضي أو نحو ذلك من الأمور التي لايقدر عليها إلا الله بمعنى اسأل الله لي أن يفعل ذلك أي أن يقصد بهذا الكلام طلب الدعاء بقضاء حاجته وهل هذا أمر جائز ؟؟؟
الواقع أن أمثال هذا الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت بروايات صحيحة ، ولابد من تفسيرها بمعنى صحيح يوافق مراد الشرع لإنها مروية في السنة النبوية ، وبذلك يعرف المسلم مايجوز ومالايجوز ، وفي هذا يقول الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي للنبي صلى الله عليه وسلم : (( أسألك مرافقتك في الجنة )) كما جاء في ( صحيح مسلم باب فضل السجود والحث عليه 3/40) 754 ودخوله هو بيد الله عزوجل لايقدر عليه إلا هو سبحانه ، ومادام هذا القول ثبت وهو في السنة فهو جائز حتماً وليس محرماً ولاشركاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم لايقر أحداً على الكلام المحرم وإن كان شركاً فهو أولى بالإنكار. وإذا كان جائزاً بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الاعتراض عليه حتى ولابالقول أنه ترك الأفضل لإنه لو كان فيه أي مخالفة شرعية مهما قلّت لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبه قائله على ذلم كأن يقول له : دع هذا وإن كان صحيحاً لإنه يوهم غير الصواب
ولهذا الحديث حسب مايدل لفظه معنيان صحيحان ويحتمل معنى ثالثاً وهو باطل وإن احتمله اللفظ لإنه لايوافق الشرع
المعنى الأول وهو الأقرب إلى المقصود هو أنه يعني بهذا الكلام (( أسألك أن تدعو الله لي أن يجعلني رفيقك في الجنة )) أي هو توسل بطريق طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا التوسل متفق على مشروعيته .
والمعنى الثاني _وهو أقرب إلى ظاهر اللفظ _ هو أن يدخله النبي صلى الله عليه وسلم الجنة برفقته لكن بإذن الله تعالى ، وإذا جاز أن يحيي نبي الله عيسى الموتى بإذن الله ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله ولايكون ذلك شركاً ولامحرماً فأيسر منه في الجواز أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرداً من أمته الجنة بإذن الله كماجاء في عدد من أحاديث الشفاعة يوم القيامة ، كقوله تعالى له صلى الله عليه وسلم : (( أدخل من أمتك الجنة من لاحساب عليهم من الباب الأيمن)) ( البخاري : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا 4343) فهذا الدخول إلى الجنة أيضاً بطلب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الله تعالى لهذا الصحابي أو يكون ذلك بإذن سابق من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم
والمعنى الثالث مما يحتمله لفظ حديث (( أسألك مرافقتك في الجنة )) وهو باطل ولايخطر في بال مسلم أن يريده هو : أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بدون إذن الله تعالى ، فكل مسلم يعلم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء لايشفعون عند الله إلا بإذنه ولايفعلون شيئاً في ملكه إلا بإذنه سبحانه وتعالى ، ومن اتهم أحداً من المسلمين بأنه يقصد هذا المعنى يقال له :" هلا شققت عن قلبه " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه حين زعم أن رجلاً كافراً قال لاإله إلا الله إنه قال ذلك لينجو من القتل ، وإذا كان هذا الاحتمال باطلاً ولايخطر في بال المسلمين فلا ينبغي أن يقال لأحد منهم إنك تقصد معنى الكفر وأنت بسبب هذا القول كافر بل لاينبغي لأحد أن يزعم أن الأولى أن نتجنب هذه الألفاظ لإنها توهم معنى باطلاً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص منا على التوحيد ولم يقل لمن تكلموا بها اتركوها .
وكما جاء هذا اللفظ وأقره النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ثبت عن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم (( أشترط أن تَغْفر لي ما أوضعت من صد عن سبيل الله ) (مسند أحمد 36-178-17109) رواه الإمام أحمد في مسنده بالتاء أي أنت تغفر لي ، ورواه الإمام مسلم في بَاب كَوْنِ الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ وَكَذَا الْهِجْرَةِ وَالْحَجِّ بلفظ (( أن يغفر لي )) بصيغة البناء للمجهول وليست رواية مسلم أو ثق من الإمام أحمد بل العكس هو الصحيح ، وقد قال العلماء : معناهما واحد ، ولم يقولوا نرجح رواية مسلم ونترك رواية أحمد ، ولاشك أن مغفرة الذنوب من خصائص الله تعالى لا يقدر عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بطلبها من الله أو بإذن من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن جاءت الكلمة على هذا الوجه وهو أسلوب معروف لغة وشرعاً .
وقد شرح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب في حديث أصحاب الأخدود وهو في صحيح مسلم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلام الذي آمن على يد الراهب فجعله الله تعالى مستجاب الدعوة : (( فأصبح الغلام يشفي من العمى والبرص وسائر الأدواء ))صحيح مسلم : بَاب قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ 14- 292) فنسب الشفاء إلى الغلام ، ثم روى عن الغلام مايشرح مراده صلى الله عليه وسلم بذلك حيث قال جليس الملك حين عمي : (( يابني لك ماههنا إن أنت شفيتني ) فقال الغلام : (( ياعم أنا لاأشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى فإن أنت آمنت به دعوته فشفاك )) فأوضح له أن الشافي الحقيقي هو الله تعالى ، وأن مايفعله الغلام ماهو إلا دعاء الله تعالى فتبين بذلك أن نسبة الشفاء إلى الغلام في أول كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي بمعنى أنه سبب الشفاء بواسطة دعاء الله تعالى فإذا قارن الإنسان هذا الحديث بحديث ربيعة بن كعب (( أسألك مرافقتك في الجنة )) وبحديث عمرو بن العاص : (( أشترط أن تغفر لي ماأوضعت من صد عن سبيل الله ) تبين له أن طلب الحاجة التي لايقدر عليها إلا الله معناه طلبها من الله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم وهو جائز كما دلت هذه الأحاديث
ولو جاء إليه صلى الله عليه وسلم صحابي فقال له :(( المدد يارسول الله )) وأراد به معنى العون بواسطة الدعاء كان ذلك صحيحاً لغة وشرعاً كما يفهم من هذه الأحاديث ، لإن هذا هو الذي يقدر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الأسلوب أي : نسبة فعل الخالق إلى المخلوق المتسبب ثابتة في القرآن حتى في الكلمة الواحدة كقول جبريل عليه السلام :(( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً)) وفي قراءة من القراءات السبع (( ليهب )) وقد بينته في رسالتي ( التوسل ) .
فإذا قال قائل : هذا جائز في حياته أما بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ؟!
فجوابه من وجهين :
الأول : هو أن يقال له : إن مسائل الشرك لافرق فيها بين حي وميت فكما لايجوز أن يقول أحد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أنت ربي لايجوز أن يقوله في حياته صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أنه مادام هذا القول (( أسألك مرافقتك في الجنة وأشترط أن تغفر لي ، والمدد يارسول الله )) مادام بمعنى طلب الدعاء فهذا ليس شركاً لإنه يخاطب به المخلوق كأنك قلت له : ادع لي بكذا ، ولايصح أن تقول لله تعالى : ادع لي . ولو اعتمدنا على القول بأن الموتى لايسمعون فلا يكون هذا شركاً لإنك تخاطبه صلى الله عليه وسلم بطلب الدعاء وهو من خصائص المخلوق وليس من خصائص الخالق سبحانه ، ولكن إذا اعتمدت على رأي من يقول (( إن الموتى لايسمعون )) نقول له: إن قولك لايفيد لإنه لايسمعك أو تزعم أن الميت لايدعو وهذا زعم يخالف صريح الأدلة
ثم إنك تبني هذا على القول بأن الموتى لايسمعون ، وأكثر الأئمة على أنهم يسمعون حتى قال ابن القيم : (( تواترت الأخبار عن السلف بذلك)) ، وقد شرح المسألة صاحب تفسير أضواء البيان شرحاً مفصلاً ، وذكرت الأدلة في رسالتي : (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) بإيجاز كما ذكرت في هذه الرسالة الأدلة على أن الموتى يدعون لأنفسهم ولغيرهم
وعلى كل حال فليس من حق أحد إذا ترجح عنده قول أن يلزم الناس ويتهمهم إذا لم يقنعوا بدليله أنهم مبتدعون أو مشركون ، فإن أصر على ذلك فيقال له : إذن فاحكم بالفسق والضلال على من قال ذلك من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم الناس هذا ، والمسائل الاجتهادية لو أن الإنسان فسّق مخالفه فيها لفسق كل العلماء .
وماذا يقول عن نفسه إذا تبين له أنه أخطأ في اجتهاده سابقاً ، فإن قال أنا لاأبدع أولئك لإنهم قالوا ذلك عن اجتهاد ، والذين يقولونه اليوم يقولونه عن جهل وعصبية ، وجواب هذا الكلام أن يقال له : من كان دون أهلية الإجتهاد فقد قلد العلماء الذين أجازوا ذلك ، ومن كان من أهل الاجتهاد قاله بقناعته ، أما زعمك أنهم قالوه عصبية فيقال لك ماقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلاّ شققت عن قلبه
ومسألة أخرى تحتاج إلى الإيضاح في هذا الموضوع وهي : أن بعض الناس يقول : (( إن الصحابة حين انقطع عنهم المطر لم يطلبوا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أن ذلك لا يجوز )) وجواب هؤلاء من وجهين :
أولهما : أن بعضهم طلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم ، وقد بينت ذلك في رسالة التوسل
وثانيهما : أنه لو افترضنا أنهم لم يطلبوا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدل على منعه لإن فعل أحد الأمرين المشروعين لايدل على منع الآخر كما أن التوسل بالأسماء الحسنى لايدل على منع التوسل بطلب الدعاء من الصالحين الأحياء . وقد وضحت ذلك بالأدلة في رسالة التوسل
ثم إن هذا الشرط _ وهو ادعاء أن الحديث لايعمل به حتى يروى عمل الصحابة به شرط باطل ماقال به أحمد _ ولو كان واجباً لكان كل حديث لايعمل به حتى يثبت عمل الصحابة به ، واشتراط ذلك يجعل السنة تابعة لعمل الصحابة ، والمطلوب هو العكس ، ثم هذا خلط بين مسالتين عدم رواية فعلٍ عن الصحابة فهذا لايدل على تركهم الحديث وبين مسألة مخالفتهم للحديث أي أن يفعلوا أويقولوا كلهم خلافه فهذا إجماع أما ذاك فهو عدم علم بقبولهم إنما هو سكوت والسكوت لايعارض به قول عالم فكيف يرد به الحديث الشريف .
ومن الجوانب المهمة في هذه المسألة _ ولم أذكرها في رسالة التوسل_ أن بعض المعترضين يقولون : لوسلمنا لكم أن الموتى يسمعون فهم يسمعون من الأماكن القريبة ، أما السماع من الأماكن البعيدة فلا دليل عليه فلا يجوز أن يقال للنبي أو الرجل الصالح بعد الموت ومن مسافة بعيدة : المدد أو أن يقال له : اقض حاجتي في الأمر الفلاني .
وجواب هذا هو أن التأمل في الأدلة يدل على أن المسافة البعيدة كمثل القريبة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يأتي البقيع فيسلم على أهله يوجه سلامه إلى جميعهم من كان قريباً ومن كان بعيداً ولو صح أن يقاس على حال الحياة الدنيا لم يصح ذلك ، بل لو وقف الإنسان عند القبر وسلم فإن حاجز التراب الكثير مانع _ لو كان الأمر على ماكان عليه في الدنيا _ فلما كان يسمع رغم وجود هذا الحاجز الغليظ جداً دل على أن الحواجز المادية لاتمنعهم من السماع ( وهذا كله على قول الأكثرين بأن الموتى يسمعون )
وكذلك نداء هود وشعيب عليهما السلام لقومهما بعد الهلاك بقولهما : يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (الأعراف79)
وكل منهما يخاطب قوماً كثيرين متناثرين في أماكن كثيرة متباعدة أو قريبه في بلديهما ، وكل ذلك يدل على أن المسافة البعيدة لاتحجب الصوت عن الأموات.
وهذا شيء واضح ولكن الذين ينكرون على الناس في هذه المسألة يريدون من الناس كلهم ألا يفهموا إلا مثل فهمهم ويضللونهم بناء على ذلك ، والناس يرونهم أحياناً كثيرة يغيرون فهمهم وأحكامهم حتى في صحة الأحاديث وضعفها ، فهل يحكمون على أنفسهم فيما فهموه سابقاً بالضلال وهل يوجبون على الناس أن يتابعوهم في الفهم الثاني وإلا فهم ضلال ، ومعنى ذلك أنهم هم ميزان الدين من خالفهم خالف الدين فأي زعم هذا ؟؟؟؟؟!!!!
الجواب بقلم الدكتور محمود أحمد الزين
هذه المسألة متفرعة عن مسألة الاستغاثة بالمخلوق ، وقد كتبت عنها في رسالتي (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) لإن الأدلة الشرعية دلت على أن الاستغاثة نوع من التوسل ، كما يظهر من عرض هذه الأدلة إن شاء الله تعالى .
هل يجوز للإنسان المسلم أن يقول : المدد يارسول الله أو ياعبد القادر ونحو ذلك ؟؟؟ الجواب بقلم الدكتور محمود أحمد الزين : هذه المسألة متفرعة عن مسألة الاستغاثة بالمخلوق ، وقد كتبت عنها في رسالتي (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) لإن الأدلة الشرعية دلت على أن الاستغاثة نوع من التوسل ، كما يظهر من عرض هذه الأدلة إن شاء الله تعالى .
ولايمكن معالجة هذه المسألة إلا بعد تفهم لفظ الاستغاثة واستعمالاته الشرعية ،
أما في اللغة فيأتي لفظ الاستغاثة بمعنى طلب الإعانة وبناء على ذلك فإن الاستغاثة بالمخلوف فيما يقدر عليه متفق على جوازها كما جاء في القرآن الكريم في بعض أخبار سيدنا موسى عليه السلام : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ (15القصص)
ومن جملة مايقدر عليه : المخلوق الدعاء والشفاعة ،، وقد جاء في حديث الشفاعة يوم القيامة رواية عند البخاري لفظ : (( استغاثوا بآدم )) (البخاري بَاب مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا 5/324) أي طلبوا الشفاعة
وتكرر هذا اللفظ مع ذكر جماعة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، والاستغاثة هنا بمعنى طلب الإعانة ، وصورة الإعانة : أن يطلب الأنبياء من الله تعالى نهاية موقف الحشر وبدء الحساب ، وهذا هو معنى الشفاعة ومعنى الدعاء لغيرهم إذ إن الطلب من الخالق هو حقيقة الدعاء .
ولفظ وفعل الاستغاثة هذا جائز ولا يمكن أن يقول ذو علم إنه محرم فضلاً عن أن يقول : إنه من الشرك بالله تعالى بعدما ثبت في صحيح البخاري
فالاستغاثة بمعنى طلب الشفاعة والدعاء لاغبار عليه ولكن يقع الإشكال في غير ذلك فهل يمكن مثلاً أن يقول أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : اغفر لي أو أدخلني الجنة أو نجني من النار أو اشفني من مرضي أو نحو ذلك من الأمور التي لايقدر عليها إلا الله بمعنى اسأل الله لي أن يفعل ذلك أي أن يقصد بهذا الكلام طلب الدعاء بقضاء حاجته وهل هذا أمر جائز ؟؟؟
الواقع أن أمثال هذا الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت بروايات صحيحة ، ولابد من تفسيرها بمعنى صحيح يوافق مراد الشرع لإنها مروية في السنة النبوية ، وبذلك يعرف المسلم مايجوز ومالايجوز ، وفي هذا يقول الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي للنبي صلى الله عليه وسلم : (( أسألك مرافقتك في الجنة )) كما جاء في ( صحيح مسلم باب فضل السجود والحث عليه 3/40) 754 ودخوله هو بيد الله عزوجل لايقدر عليه إلا هو سبحانه ، ومادام هذا القول ثبت وهو في السنة فهو جائز حتماً وليس محرماً ولاشركاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم لايقر أحداً على الكلام المحرم وإن كان شركاً فهو أولى بالإنكار. وإذا كان جائزاً بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الاعتراض عليه حتى ولابالقول أنه ترك الأفضل لإنه لو كان فيه أي مخالفة شرعية مهما قلّت لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبه قائله على ذلم كأن يقول له : دع هذا وإن كان صحيحاً لإنه يوهم غير الصواب
ولهذا الحديث حسب مايدل لفظه معنيان صحيحان ويحتمل معنى ثالثاً وهو باطل وإن احتمله اللفظ لإنه لايوافق الشرع
المعنى الأول وهو الأقرب إلى المقصود هو أنه يعني بهذا الكلام (( أسألك أن تدعو الله لي أن يجعلني رفيقك في الجنة )) أي هو توسل بطريق طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا التوسل متفق على مشروعيته .
والمعنى الثاني _وهو أقرب إلى ظاهر اللفظ _ هو أن يدخله النبي صلى الله عليه وسلم الجنة برفقته لكن بإذن الله تعالى ، وإذا جاز أن يحيي نبي الله عيسى الموتى بإذن الله ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله ولايكون ذلك شركاً ولامحرماً فأيسر منه في الجواز أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرداً من أمته الجنة بإذن الله كماجاء في عدد من أحاديث الشفاعة يوم القيامة ، كقوله تعالى له صلى الله عليه وسلم : (( أدخل من أمتك الجنة من لاحساب عليهم من الباب الأيمن)) ( البخاري : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا 4343) فهذا الدخول إلى الجنة أيضاً بطلب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الله تعالى لهذا الصحابي أو يكون ذلك بإذن سابق من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم
والمعنى الثالث مما يحتمله لفظ حديث (( أسألك مرافقتك في الجنة )) وهو باطل ولايخطر في بال مسلم أن يريده هو : أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بدون إذن الله تعالى ، فكل مسلم يعلم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء لايشفعون عند الله إلا بإذنه ولايفعلون شيئاً في ملكه إلا بإذنه سبحانه وتعالى ، ومن اتهم أحداً من المسلمين بأنه يقصد هذا المعنى يقال له :" هلا شققت عن قلبه " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه حين زعم أن رجلاً كافراً قال لاإله إلا الله إنه قال ذلك لينجو من القتل ، وإذا كان هذا الاحتمال باطلاً ولايخطر في بال المسلمين فلا ينبغي أن يقال لأحد منهم إنك تقصد معنى الكفر وأنت بسبب هذا القول كافر بل لاينبغي لأحد أن يزعم أن الأولى أن نتجنب هذه الألفاظ لإنها توهم معنى باطلاً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص منا على التوحيد ولم يقل لمن تكلموا بها اتركوها .
وكما جاء هذا اللفظ وأقره النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ثبت عن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم (( أشترط أن تَغْفر لي ما أوضعت من صد عن سبيل الله ) (مسند أحمد 36-178-17109) رواه الإمام أحمد في مسنده بالتاء أي أنت تغفر لي ، ورواه الإمام مسلم في بَاب كَوْنِ الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ وَكَذَا الْهِجْرَةِ وَالْحَجِّ بلفظ (( أن يغفر لي )) بصيغة البناء للمجهول وليست رواية مسلم أو ثق من الإمام أحمد بل العكس هو الصحيح ، وقد قال العلماء : معناهما واحد ، ولم يقولوا نرجح رواية مسلم ونترك رواية أحمد ، ولاشك أن مغفرة الذنوب من خصائص الله تعالى لا يقدر عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بطلبها من الله أو بإذن من الله تعالى دون طلب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن جاءت الكلمة على هذا الوجه وهو أسلوب معروف لغة وشرعاً .
وقد شرح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب في حديث أصحاب الأخدود وهو في صحيح مسلم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلام الذي آمن على يد الراهب فجعله الله تعالى مستجاب الدعوة : (( فأصبح الغلام يشفي من العمى والبرص وسائر الأدواء ))صحيح مسلم : بَاب قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ 14- 292) فنسب الشفاء إلى الغلام ، ثم روى عن الغلام مايشرح مراده صلى الله عليه وسلم بذلك حيث قال جليس الملك حين عمي : (( يابني لك ماههنا إن أنت شفيتني ) فقال الغلام : (( ياعم أنا لاأشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى فإن أنت آمنت به دعوته فشفاك )) فأوضح له أن الشافي الحقيقي هو الله تعالى ، وأن مايفعله الغلام ماهو إلا دعاء الله تعالى فتبين بذلك أن نسبة الشفاء إلى الغلام في أول كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي بمعنى أنه سبب الشفاء بواسطة دعاء الله تعالى فإذا قارن الإنسان هذا الحديث بحديث ربيعة بن كعب (( أسألك مرافقتك في الجنة )) وبحديث عمرو بن العاص : (( أشترط أن تغفر لي ماأوضعت من صد عن سبيل الله ) تبين له أن طلب الحاجة التي لايقدر عليها إلا الله معناه طلبها من الله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم وهو جائز كما دلت هذه الأحاديث
ولو جاء إليه صلى الله عليه وسلم صحابي فقال له :(( المدد يارسول الله )) وأراد به معنى العون بواسطة الدعاء كان ذلك صحيحاً لغة وشرعاً كما يفهم من هذه الأحاديث ، لإن هذا هو الذي يقدر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الأسلوب أي : نسبة فعل الخالق إلى المخلوق المتسبب ثابتة في القرآن حتى في الكلمة الواحدة كقول جبريل عليه السلام :(( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً)) وفي قراءة من القراءات السبع (( ليهب )) وقد بينته في رسالتي ( التوسل ) .
فإذا قال قائل : هذا جائز في حياته أما بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ؟!
فجوابه من وجهين :
الأول : هو أن يقال له : إن مسائل الشرك لافرق فيها بين حي وميت فكما لايجوز أن يقول أحد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أنت ربي لايجوز أن يقوله في حياته صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أنه مادام هذا القول (( أسألك مرافقتك في الجنة وأشترط أن تغفر لي ، والمدد يارسول الله )) مادام بمعنى طلب الدعاء فهذا ليس شركاً لإنه يخاطب به المخلوق كأنك قلت له : ادع لي بكذا ، ولايصح أن تقول لله تعالى : ادع لي . ولو اعتمدنا على القول بأن الموتى لايسمعون فلا يكون هذا شركاً لإنك تخاطبه صلى الله عليه وسلم بطلب الدعاء وهو من خصائص المخلوق وليس من خصائص الخالق سبحانه ، ولكن إذا اعتمدت على رأي من يقول (( إن الموتى لايسمعون )) نقول له: إن قولك لايفيد لإنه لايسمعك أو تزعم أن الميت لايدعو وهذا زعم يخالف صريح الأدلة
ثم إنك تبني هذا على القول بأن الموتى لايسمعون ، وأكثر الأئمة على أنهم يسمعون حتى قال ابن القيم : (( تواترت الأخبار عن السلف بذلك)) ، وقد شرح المسألة صاحب تفسير أضواء البيان شرحاً مفصلاً ، وذكرت الأدلة في رسالتي : (( التوسل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )) بإيجاز كما ذكرت في هذه الرسالة الأدلة على أن الموتى يدعون لأنفسهم ولغيرهم
وعلى كل حال فليس من حق أحد إذا ترجح عنده قول أن يلزم الناس ويتهمهم إذا لم يقنعوا بدليله أنهم مبتدعون أو مشركون ، فإن أصر على ذلك فيقال له : إذن فاحكم بالفسق والضلال على من قال ذلك من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم الناس هذا ، والمسائل الاجتهادية لو أن الإنسان فسّق مخالفه فيها لفسق كل العلماء .
وماذا يقول عن نفسه إذا تبين له أنه أخطأ في اجتهاده سابقاً ، فإن قال أنا لاأبدع أولئك لإنهم قالوا ذلك عن اجتهاد ، والذين يقولونه اليوم يقولونه عن جهل وعصبية ، وجواب هذا الكلام أن يقال له : من كان دون أهلية الإجتهاد فقد قلد العلماء الذين أجازوا ذلك ، ومن كان من أهل الاجتهاد قاله بقناعته ، أما زعمك أنهم قالوه عصبية فيقال لك ماقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلاّ شققت عن قلبه
ومسألة أخرى تحتاج إلى الإيضاح في هذا الموضوع وهي : أن بعض الناس يقول : (( إن الصحابة حين انقطع عنهم المطر لم يطلبوا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أن ذلك لا يجوز )) وجواب هؤلاء من وجهين :
أولهما : أن بعضهم طلب الدعاء منه صلى الله عليه وسلم ، وقد بينت ذلك في رسالة التوسل
وثانيهما : أنه لو افترضنا أنهم لم يطلبوا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم فلا يدل على منعه لإن فعل أحد الأمرين المشروعين لايدل على منع الآخر كما أن التوسل بالأسماء الحسنى لايدل على منع التوسل بطلب الدعاء من الصالحين الأحياء . وقد وضحت ذلك بالأدلة في رسالة التوسل
ثم إن هذا الشرط _ وهو ادعاء أن الحديث لايعمل به حتى يروى عمل الصحابة به شرط باطل ماقال به أحمد _ ولو كان واجباً لكان كل حديث لايعمل به حتى يثبت عمل الصحابة به ، واشتراط ذلك يجعل السنة تابعة لعمل الصحابة ، والمطلوب هو العكس ، ثم هذا خلط بين مسالتين عدم رواية فعلٍ عن الصحابة فهذا لايدل على تركهم الحديث وبين مسألة مخالفتهم للحديث أي أن يفعلوا أويقولوا كلهم خلافه فهذا إجماع أما ذاك فهو عدم علم بقبولهم إنما هو سكوت والسكوت لايعارض به قول عالم فكيف يرد به الحديث الشريف .
ومن الجوانب المهمة في هذه المسألة _ ولم أذكرها في رسالة التوسل_ أن بعض المعترضين يقولون : لوسلمنا لكم أن الموتى يسمعون فهم يسمعون من الأماكن القريبة ، أما السماع من الأماكن البعيدة فلا دليل عليه فلا يجوز أن يقال للنبي أو الرجل الصالح بعد الموت ومن مسافة بعيدة : المدد أو أن يقال له : اقض حاجتي في الأمر الفلاني .
وجواب هذا هو أن التأمل في الأدلة يدل على أن المسافة البعيدة كمثل القريبة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يأتي البقيع فيسلم على أهله يوجه سلامه إلى جميعهم من كان قريباً ومن كان بعيداً ولو صح أن يقاس على حال الحياة الدنيا لم يصح ذلك ، بل لو وقف الإنسان عند القبر وسلم فإن حاجز التراب الكثير مانع _ لو كان الأمر على ماكان عليه في الدنيا _ فلما كان يسمع رغم وجود هذا الحاجز الغليظ جداً دل على أن الحواجز المادية لاتمنعهم من السماع ( وهذا كله على قول الأكثرين بأن الموتى يسمعون )
وكذلك نداء هود وشعيب عليهما السلام لقومهما بعد الهلاك بقولهما : يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (الأعراف79)
وكل منهما يخاطب قوماً كثيرين متناثرين في أماكن كثيرة متباعدة أو قريبه في بلديهما ، وكل ذلك يدل على أن المسافة البعيدة لاتحجب الصوت عن الأموات.
وهذا شيء واضح ولكن الذين ينكرون على الناس في هذه المسألة يريدون من الناس كلهم ألا يفهموا إلا مثل فهمهم ويضللونهم بناء على ذلك ، والناس يرونهم أحياناً كثيرة يغيرون فهمهم وأحكامهم حتى في صحة الأحاديث وضعفها ، فهل يحكمون على أنفسهم فيما فهموه سابقاً بالضلال وهل يوجبون على الناس أن يتابعوهم في الفهم الثاني وإلا فهم ضلال ، ومعنى ذلك أنهم هم ميزان الدين من خالفهم خالف الدين فأي زعم هذا ؟؟؟؟؟!!!!
منصور- مساعد مشرف عام
- عدد الرسائل : 188
العمر : 56
تاريخ التسجيل : 02/12/2009
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
هذا شرح منطقي رائع على مسألة التوسل و قد استعمل صاحبه الأدلة الشرعية النقلية و العقلية معا...
(ذلك ذكرى لمن ألقى السمع و هو شهيد)
لكن العبد الضعيف أعتبر أفضل رد و أوجزه على الإطلاق على ترهات الوهابية و تكفيرهم أهل القبلة لشبهات في عقولهم هو مسألة النية.
(إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرء ما نوى)
فأنت لا تستطيع الحكم بالشرك على تصرف ما حتى تعرف نية المرء من ورائه مهما ظهر لك من شرك في ظاهره.
جاء في الحديث القدسي (" أوحى الله إلى داود عليه السلام: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم أبال بأي وادٍ هلك")
كذلك حديث فرحة الله بعبده التائب:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( للهُ أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن ، من رجل في أرض دَويّة مهلكة ، معه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه ، فأنام حتى أموت ، فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ، فاللهُ أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ) رواه مسلم .
وفي حديث النعمان بن بشير زيادة : ( ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ) رواه مسلم .
و ليس هناك شرك أكثر من هذا القول لهذا الأعرابي حيث جعل العبد ربا و الرب عبدا...!!!
لكن الرسول لم يقل أنه أشرك بل قال أنه أخطأ من شدة الفرح...
و الله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله الطاهرين و صحبه المهتدين و سلم تسليما.
(ذلك ذكرى لمن ألقى السمع و هو شهيد)
لكن العبد الضعيف أعتبر أفضل رد و أوجزه على الإطلاق على ترهات الوهابية و تكفيرهم أهل القبلة لشبهات في عقولهم هو مسألة النية.
(إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرء ما نوى)
فأنت لا تستطيع الحكم بالشرك على تصرف ما حتى تعرف نية المرء من ورائه مهما ظهر لك من شرك في ظاهره.
جاء في الحديث القدسي (" أوحى الله إلى داود عليه السلام: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم أبال بأي وادٍ هلك")
كذلك حديث فرحة الله بعبده التائب:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( للهُ أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن ، من رجل في أرض دَويّة مهلكة ، معه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه ، فأنام حتى أموت ، فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ، فاللهُ أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ) رواه مسلم .
وفي حديث النعمان بن بشير زيادة : ( ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ) رواه مسلم .
و ليس هناك شرك أكثر من هذا القول لهذا الأعرابي حيث جعل العبد ربا و الرب عبدا...!!!
لكن الرسول لم يقل أنه أشرك بل قال أنه أخطأ من شدة الفرح...
و الله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد و على آله الطاهرين و صحبه المهتدين و سلم تسليما.
الهادفي 2- عدد الرسائل : 218
العمر : 56
العمل/الترفيه : مدرس
المزاج : محب الحقيقة
تاريخ التسجيل : 05/05/2009
وما المانع...؟؟؟
هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟وما المانع في ذلك ؟ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنون.. الله بصير بعباده تعرض اعمال الامة على رسول الله ... والمؤمن يبصر بنور الله ...
محمد- عدد الرسائل : 656
العمر : 60
المزاج : إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها ففـــــــي وجـه مـن تـهـوى جـمـيـع الـمـحـاســـــــــن
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
تحقيق يشفي الغليل
بارك الله في المحقق وفي الناقل وفي المتابع
بارك الله في المحقق وفي الناقل وفي المتابع
متيقظ- عدد الرسائل : 107
العمر : 59
تاريخ التسجيل : 03/10/2009
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
إخوتى الأحبة السلام عليكم
يؤسفنى أن يطرق الفقراء الذين جالسوا سيدنا الشيخ هذه المواضيع أو ذاكرهم حتى فى الورد العام لأن وجودنا فى الطريق هو السعي لمعرفة الحق جل جلاله فما بالك بمعرفة الرسول وهو الباب الذى لادخول على الله إلاّمنه فلقد قال من قبلنا "لو غاب عنى رسول الله طرفة عين لأعددت نفسى من الأموات "إذا رأينا بعين القلب هذا الكلام ،أو تمعنا فيه ،نقول وجب علينا معرفة الرسول صلى الله عليه وسلّم قبل طرق الباب على الله وطرق الباب على الله واجب للدخول للحضرة المحمدية .
كيف ستخلّص الزرب من الحرير.
إذا كنا نحب الخير لبعضنا ...علينا بالبحث عمن عنده علم بهذه الأمور..إنى أحسّ فى هذا المخاض أن أمر الله قد حان للبحث عند كل فرد منا ...والله ورسوله أعلم..
يؤسفنى أن يطرق الفقراء الذين جالسوا سيدنا الشيخ هذه المواضيع أو ذاكرهم حتى فى الورد العام لأن وجودنا فى الطريق هو السعي لمعرفة الحق جل جلاله فما بالك بمعرفة الرسول وهو الباب الذى لادخول على الله إلاّمنه فلقد قال من قبلنا "لو غاب عنى رسول الله طرفة عين لأعددت نفسى من الأموات "إذا رأينا بعين القلب هذا الكلام ،أو تمعنا فيه ،نقول وجب علينا معرفة الرسول صلى الله عليه وسلّم قبل طرق الباب على الله وطرق الباب على الله واجب للدخول للحضرة المحمدية .
كيف ستخلّص الزرب من الحرير.
إذا كنا نحب الخير لبعضنا ...علينا بالبحث عمن عنده علم بهذه الأمور..إنى أحسّ فى هذا المخاض أن أمر الله قد حان للبحث عند كل فرد منا ...والله ورسوله أعلم..
alhadifi- عدد الرسائل : 418
العمر : 69
الموقع : لم يوجد بعد
العمل/الترفيه : محب لله
المزاج : ثائر
تاريخ التسجيل : 21/09/2008
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
إخوتى الأحبة السلام عليكم ورحمة الله
لقد قال رسول الله صلى عليه وسلّم :إنقسم بنو إسرائيل إلى إثنان وسبعون فرقة كلّها فى النار وستنقسم أمّتى إلى ثلاثة وسبعون فرقة كلها فى النار إلاّ أناوأصحابى .
يا حبيبى من هم أصحاب رسول الله ...أهم من وجدوا مع رسول الله أم عندهم غير هذه الميزة ...
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :آه على أحبابى ففرح الصحابة وقالوا نحن أحباب رسول الله فقال لهم أنتم أصحابى وأحبابى سيأتوا من بعدى ويؤمنوا بى ولايعرفونى .
يا حبيبى من هم أحباب رسول الله...
لقد قال فيهم المولى عزّوجلّ:قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله .
الأمر صعب فى هذا العصر ..لقد حاولت أن أذكر إلاّ أنّ نفسى غلبتنى وقالت لى حتى الجلوس أمام الحاسوب وقراءة ما يكتب إخوانك طاعة ..فأين أضع هذا الكلام ..أليس صحيح ..إنّها تنصحنى ...إنها ركنت لريائها وحقارتها وتفتك منك أدق من هذا بل إذا ذكرت تنفخ لك صدرك وتقول لك "اشكون يذكر كيفك فى هذا العصر "فتركن لكلامها وتنتفخ أوداجك مثل ما وقع لى ولكن الأمر دقيق ...
ولو رأيت السيرة لوجدت أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقيم الليل حتى تتورم رجليه ..
ولقد نمت قرب سيدنا الشيخ فى آخر أيام حياته وانتبهت على صوة فوجدت سيدنا الشيخ يذكر الإسم بالمد ..
وعليه لانحاول أن يكون أمرنا كمثل هؤلاء الذين ينعقون وراء الفضائيات ويدرّسون الشرائع المحمدية وهم أبعد الناس عنها وأنفسهم مثل الجبال من رياء وحب الظهور وحتى تقول الناس يعطيه الصحة والله درس حسن وممتع لو كان تقول له أعمل ثلاثة وإلاّ أربعة سوايع ذكر لاإلاه إلاّالله لايستطيع لأن النفس ليست متعوّدة على ذكر الله بل قرأت كتبا وحفظتها لتدفعها لغيرها" كالحمار الذى يحمل أصفار "... نعم هذه فرقة من الفرق التى فى النار :نار الحجاب ...ويبقون هذا حالهم مع مايحملون من قرآن وسنة محمدية وليس لهم فى معرفة الله شأن .. بل يتمتع بهم من يسمعهم الذين لايجيدون القراءة والكتابه تجدهم يستنفعون أكثر بما يقول هؤلاء ... أنظر الحديث" ينصر الله دينه بالعبد الفاجر"...لاتقل لاتوصنى بالذكر فأنا أذكر هذا حديث نفس بل أذكر واتهم نفسك دائما بالتقصير حتى يظهر لك منك أمر ...ستفهم ما معنى أذكر...لأن أمر الله لايظهر إلاّ بالإنقطاع الكلى عن الوجود ...بما فيهم نفسك ..."حبان لايلتقيان فى قلب واحد حب الله وحب الدنيا بالقلب " حب الطعام الذى يغذى بدنك يحجبك عن الله ...حبك الجلوس مع أهلك يحجبك عن الله ..."لن يدخل الله قلب إمرىء حتى يخلو مما سواه.."
إذا ربطت صلتك بالرسول وأصبح يدرّسك فهذا بعض الذى يدلّ على قربك ...نعم يزورك فى النوم إن قلنا ...ماذا تريدوننى أن أقول أكثر من هذا ...والله إنى فى خصام معها على الذكر ولكنها تريد أن تكتب فى هذا المنتدى وإنى أحسّ أنه حال سيمر إن شاء الله وأطلب من أحباب رسول الله أن" لا يوزنوا عليّ" ويقولون مسكين مبتليا بحظوظ نفس ربى يتوب علينا وعليه ...
لقد قال رسول الله صلى عليه وسلّم :إنقسم بنو إسرائيل إلى إثنان وسبعون فرقة كلّها فى النار وستنقسم أمّتى إلى ثلاثة وسبعون فرقة كلها فى النار إلاّ أناوأصحابى .
يا حبيبى من هم أصحاب رسول الله ...أهم من وجدوا مع رسول الله أم عندهم غير هذه الميزة ...
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :آه على أحبابى ففرح الصحابة وقالوا نحن أحباب رسول الله فقال لهم أنتم أصحابى وأحبابى سيأتوا من بعدى ويؤمنوا بى ولايعرفونى .
يا حبيبى من هم أحباب رسول الله...
لقد قال فيهم المولى عزّوجلّ:قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله .
الأمر صعب فى هذا العصر ..لقد حاولت أن أذكر إلاّ أنّ نفسى غلبتنى وقالت لى حتى الجلوس أمام الحاسوب وقراءة ما يكتب إخوانك طاعة ..فأين أضع هذا الكلام ..أليس صحيح ..إنّها تنصحنى ...إنها ركنت لريائها وحقارتها وتفتك منك أدق من هذا بل إذا ذكرت تنفخ لك صدرك وتقول لك "اشكون يذكر كيفك فى هذا العصر "فتركن لكلامها وتنتفخ أوداجك مثل ما وقع لى ولكن الأمر دقيق ...
ولو رأيت السيرة لوجدت أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقيم الليل حتى تتورم رجليه ..
ولقد نمت قرب سيدنا الشيخ فى آخر أيام حياته وانتبهت على صوة فوجدت سيدنا الشيخ يذكر الإسم بالمد ..
وعليه لانحاول أن يكون أمرنا كمثل هؤلاء الذين ينعقون وراء الفضائيات ويدرّسون الشرائع المحمدية وهم أبعد الناس عنها وأنفسهم مثل الجبال من رياء وحب الظهور وحتى تقول الناس يعطيه الصحة والله درس حسن وممتع لو كان تقول له أعمل ثلاثة وإلاّ أربعة سوايع ذكر لاإلاه إلاّالله لايستطيع لأن النفس ليست متعوّدة على ذكر الله بل قرأت كتبا وحفظتها لتدفعها لغيرها" كالحمار الذى يحمل أصفار "... نعم هذه فرقة من الفرق التى فى النار :نار الحجاب ...ويبقون هذا حالهم مع مايحملون من قرآن وسنة محمدية وليس لهم فى معرفة الله شأن .. بل يتمتع بهم من يسمعهم الذين لايجيدون القراءة والكتابه تجدهم يستنفعون أكثر بما يقول هؤلاء ... أنظر الحديث" ينصر الله دينه بالعبد الفاجر"...لاتقل لاتوصنى بالذكر فأنا أذكر هذا حديث نفس بل أذكر واتهم نفسك دائما بالتقصير حتى يظهر لك منك أمر ...ستفهم ما معنى أذكر...لأن أمر الله لايظهر إلاّ بالإنقطاع الكلى عن الوجود ...بما فيهم نفسك ..."حبان لايلتقيان فى قلب واحد حب الله وحب الدنيا بالقلب " حب الطعام الذى يغذى بدنك يحجبك عن الله ...حبك الجلوس مع أهلك يحجبك عن الله ..."لن يدخل الله قلب إمرىء حتى يخلو مما سواه.."
إذا ربطت صلتك بالرسول وأصبح يدرّسك فهذا بعض الذى يدلّ على قربك ...نعم يزورك فى النوم إن قلنا ...ماذا تريدوننى أن أقول أكثر من هذا ...والله إنى فى خصام معها على الذكر ولكنها تريد أن تكتب فى هذا المنتدى وإنى أحسّ أنه حال سيمر إن شاء الله وأطلب من أحباب رسول الله أن" لا يوزنوا عليّ" ويقولون مسكين مبتليا بحظوظ نفس ربى يتوب علينا وعليه ...
alhadifi- عدد الرسائل : 418
العمر : 69
الموقع : لم يوجد بعد
العمل/الترفيه : محب لله
المزاج : ثائر
تاريخ التسجيل : 21/09/2008
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
السلام عليكم سادتي الكرام
أعجبني هذا البحث في موضوع المدد فرأيت نقله لكم حتى يبقى مرجعا يعود له الباحث عند الحاجة
المدد : ماهو؟
فى الحقيقه ان كثيرا من الناس يسأل عن معنى المدد وعن كيفيته وعن كونه جائزا ام لا, وغير ذلك من الاسئله, لذا كان مناسبا ان نبين لقارءنا الكريم ونجيب له عن بعض من هذه الاسئله.
* معنى لفظ المدد :
يختلف معنى كلمة ( مدد ) باختلاف نية قائلها.
فقد ورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد:
مددنا القوم،أي صرنا لهم أنصارا ومددا.
وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم..
والمدد:
العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددا.
وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى:
أمددته بمدد: أعنته وقويته به .
وقد أورد الشيخ يوسف خطار فى موسوعته قوله:
فإذا قال المسلم:
مدد يا الله أي أعنِّي وأمدَّني بقوتك وانصرني على عدوك وزدني بالرحمات والبركات وأمدني بالمقدرة على طاعتك ومحاربة نفسي وشيطاني.
وأما إذا قال:
مدد يا أولياء الله فمعناه: علمونا مما علمكم الله وأمدونا مما أمدكم الله سبحانه به من العلوم والعرفان وساعدونا بما ينفعنا لسيرنا وأرشدونا في سلوكنا إلى محبة الله بإذن الله:
وما كان هذا إلا لأن أكثر العباد فقدوا من يدربهم ويؤدبهم بالإسلام وبأخلاق سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم فإنهم بحاجة إلى من يعينهم ويمدهم بالعلم ويعلمهم أدب طريقة السير والسلوك والمدد بالمعنى الذي ذكرناه موجود حسا ومعنى في حياتنا فلا يستطيع أحد أن ينكر أن الإنسان يستعين بوسائط النقل كالسيارة والطيارة والباخرة والقطار لقضاء الحوائج الدنيوية والانتقال بواسطتها من بلد إلى آخر لا يصل اليه الإنسان بدونها إلا بشق الأنفس هذا وإن البحارة والطيارين يستولون على وجهة سفرهم بحرا وجوا بواسطة قطعة معدنية يقال لها: البوصلة ترشدهم إلى الجهة المطلوبة ولا ينكر هذا فهل الاستعانة بالمعدن تخرج عن الملة؟! وهل ترفض مساعدة ثمينة يقدمها الينا من له خبرة في سلوك طريق محبة الله المحفوفة بشتى أنواع المخاطر للوصول من خلال ذلك المدد وتلك المساعدة بلا مشقة ولا تعب، علما بأن أقل الأعداء في هذا الطريق النفس والشيطان والهوى؟!
الفرق بين مدد الخالق ومدد المخلوق:
ومن هنا يظهر لنا أن الإنسان بحاجة إلى الاستعانة بأشياء كثيرة من مخلوقات الله لتمده بمدد قد سخره الله له على أيدي خلقه ومصنوعاتهم من أي نوع كانت.
لكن هناك فرق بين مدد الخالق سبحانه ومدد المخلوق فكلمة مدد تأتي بمعنى المساعدة والمعاونة وهي مستحبة في كل أنواع البر بجميع الطرق التي أجازها الشرع الحنيف فاستعانة الناس بعضهم ببعض في الأمور لا مفر منها ولا غنى عنها والإنسان مأمور بها لا سيما في أمور البر والتقوى فقد قال الله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )(1)
فالتعاون بين الخلائق هو المدد أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض فلو طلب الإنسان من بني جنسه الإمداد فليس بمعنى أنه يطلب منه كما يطلب من ربه ولكن بالمدد والقدرة التي أمده الله بها والإمداد بالمعنى المذكور على قسمين:
• القسم الأول:
هو مدد صرف من الله سبحانه وهو ما لا يتم على الحقيقة إلا منه ولا تكون الإغاثة للخلق إلا به سبحانه قال الله تعالى ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )(2). والمعنى كما قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى : نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع، نرزق المؤمنين والكفار وأهل الطاعة وأهل المعصية(3).
• القسم الثاني:
وهو ما يجريه الله سبحانه على يد ملائكته الكرام بما آتاهم الله من القوة والأسرار وعلى يد أنبيائه عليهم الصلاة والسلام بواسطة المعجزات وعلى يد أوليائه بطريق الكرامات.
والفرق جلي واضح جدا:
وهو أن الله سبحانه يمد من يشاء من عباده من خزائن فضله ورحمته بالمعونة والإغاثة والنصرة على الكفار والمشركين متى شاء وكيفما شاء ولا يتوقف عطاؤه تعالى على إذن أحد أو رضاه وأما أنبياؤه وأولياؤه فلا يكون إمدادهم للطالبين إلا بإذن الله ومشيئته ورضاه وهو بالحقيقة مستمد من إمداد الله تعالى والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا ملائكة لهم وظائف وأعمال ظاهرية وباطنية يخدمون بها خلق الله تعالى بما أمرهم به الله.
قال الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره للآية الكريمة ( من الله ذي المعارج ) (4):وعندي فيه وجه رابع: وهو أن هذه السماوات كما أنها متفاوتة في الارتفاع والانخفاض والكبر والصغر وقوتها وشدة القوة على تدبر هذا العالم ( أي بحسب أمر الله تعالى لها ) فلعل نور إنعام الله وأثر فيض رحمته لا يصل إلى هذا العالم إلا بواسطة تلك الأرواح إما على سبيل العادة أو لا(5).
وقال أيضا رحمه الله تعالى في تفسير قول الله تعالى ( وما منا إلا له مقام معلوم ) : وهذا يدل على أن لكل واحد منهم مرتبة لا يتجاوزها ودرجة لا يتعدى عنها، وتلك الدرجات إشارة إلى درجاتهم في التصرف في أجسام هذا العالم(6).
ولقد سخر الله ملائكة لمعرفة وكتابة أفعال العباد بأمر منه جل وعلا وهو في الوقت نفسه ينسب المعرفة والكتابة لنفسه قائلا سبحانه: ( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين )(7).
قال الإمام الطبري رضي الله عنه :
أي ونكتب ما قدموا في الدنيا من خير وشر ومن صالح الأعمال وسيئها(8).
وقال تعالى في حق الملائكة ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )(9).
وسخرهم أيضا لحفظ العباد وكذلك نسب الحفظ لذاته سبحانه وتعالى فقال: ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )(10).
وقال سبحانه وتعالى أيضا في حق الملائكة ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) (11).
وسخر ملك الموت لقبض الأرواح وفي نفس الوقت أيضا نسب ذلك لنفسه سبحانه فقال: ( والله خلقكم ثم يتوفاكم )( 12).
وقال عز وجل في حق الملائكة : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) (13).
فالفعل في هذه الآية راجع لملك الموت بأمر الله وإذنه سبحانه.
وعلى هذا فإن الله تعالى قد أمد الملائكة بأسرار يحفظون بها عباد الله بتسخير منه عز وجل ، فهو فعال لما يريد فمهما ظهر من الملائكة الكرام من عجائب وغرائب لا يكون ذلك منهم على الحقيقة فهم مسخرون بأمر الله فقد قال عنهم ربنا تعالى:
( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) (14).
وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا لخلقه ما جعل للملائكة الكرام عليهم السلام من وظائف وأعمال ظاهيرة وباطنية وزودهم بإمدادات وقدرات نورانية فقد أكرم الله أنبياءه ورسله وأولياءه بشيء من الأسرار التي تجعلهم قائمين بها على نصرة دين الله ويمدون بها من شاؤوا بإذن ربهم ورضاه لإقامة دين الله جل جلاله .
قال الإمام البيهقي رحمه الله تعالى في تفسير قول الله سبحانه:
( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) أي لا يعلمون من علمه إلا ما شاء أن يعلمهم إياه بتعليمه (15).
وقال البغوي رحمه الله تعالى في تفسير قوله سبحانه في حق سيدنا الخضر رضي الله عنه :
( وعلمناه من لدنا علما ) (16) أي علم الباطن إلهاما (17).
والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أرفع درجة وأجل قدرا عند الله من الملائكة عليهم السلام فلذلك أمدهم ببعض صفاته وأجرى على أيديهم بعض الخوارق التي لو سمع بها من ينكر المدد لأول وهلة ولم يعلم أنها صدرت عن رسول مؤيد لحكم على قائلها بالكفر والخروج عن الملة فورا!!
وأدل دلالة على هذا ما أجراه الله على يد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام فلنسمع إلى قول الله تعالى وهو ينسب إلى نفسه إحياء الموتى قائلا: ( فالله هو الولي وهو يحيى الموتى وهو على كل شيء قدير) (18)،
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ( وإذ تخرج الموتى بإذني ) (19)، وكذلك ينسب شفاء المرض اليه سبحانه وتعالى فيقول: ( وإذا مرضت فهو يشفين ) (20)، ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: ( وتبرى الأكمه والأبرص بإذني ) (21) وينسب الخلق إلى نفسه سبحانه وتعالى فيقول: ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) (22)، ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني )
وليس ذلك فحسب بل بعد أن أمد الله سيدنا عيسى بتلك الصفات نراه يتكلم بلسان المدد الإلهي فينسب الأسباب إلى نفسه والفعل الحقيقي إلى مسببها فيقول: ( أني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله ) ، وهذه الآية أكبر دليل على جواز إطلاق مثل هذه الألفاظ على من جعل الله المقدرات على يديه من باب المجازالعقلى الذي يتكرركثيرا فى آيات القرآن كماجاء على سبيل المثال فى قوله تعالى فى سورة نوح ( ولايغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا ) فإن اسناد الاضلال هنا الى الاصنام مجازعقلى لانها سبب فى حصول الاضلال, والهادى والمضل هو الله تعالى وحده .
ثم إن هذا في الحقيقة أعظم من كلمة مدد في مضمونها ودلالتها فالبركات والخيرات التي يمد الله تعالى بها أحدا من مخلوقاته يستفيد منها كل من حوله من المؤمنين فقد قال الله تعالى في حق سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) (23).
وأي وخيرات عظيمة عليك وعلى ذرية من معك من أهل السفينة(25).
وقال القرطبي:
دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم :
« مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير »(26).
وما يمد الله سبحانه وتعالى به رسله وأنبياءه إنما هو في سبيل إقامة الحجة ونشر الدعوة وقد علمنا أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء على الإطلاق
كما قال صاحب الجوهرة رحمه الله تعالى:
وأفضل الخلق على الإطلاق
نبينا فمل عن الشقاق
وبهذا يكون المدد المعطى له صلى الله عليه وآله وسلم من الله سبحانه وتعالى أرقى وأعظم من جميع ما أعطيه سائر الأنبياء والمرسلين لأن الله بعث كل نبي مبلغا وداعيا لقومه ولكن بعثة الحبيب المصطفى كانت للخلق كافة.
قال أحد الصالحين:
إن الإمداد الذي يفيضه الله على أنبيائه كالأمانة المستعارة عندهم ليعملوا بواسطتها لهداية الخلق إلى طاعة ربهم ألم يقل الله تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) (27)، وقال أيضا سبحانه وتعالى في حقه صلى الله عليه وآله وسلم ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) (28).
فما دام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حاملا الرحمة والرأفة الإلهية للعالمين, وأسرارالتزكية للعالم بأجمعه, فهذا يعني أنه يمد الخلق بإذن الله بالرحمة والرأفة والآية الكريمة واضحة في كلمة ( ويزكيهم ) واستطاع بفضل الله وبواسطة عطاء الله له تزكية من اتبعه وأطاعه فأصلح من كانوا أشر الناس في الجاهلية وأفظهم قتلا وكفرا فأصبحوا بعدها ألطف الناس وأحسنهم أخلاقا ودينا وإيمانا.
وإن الله تعالى أعطى سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم المقدرة والإمداد ليرشد الخلق.
وهو يحمل في صدره المبارك مددا نورانيا يمد به عباد الله بإذن الله , قال القاضي البيضاوي في تفسير الآية الكريمة ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال:
( إن استخلافه سبحانه وتعالى ليس مبنيا على العجز والاحتياج ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هو مبني على قصور المستخلف عليه .. فمعاملته تعالى في إفاضة الكمالات والمعارف على خلقه إنما هي بحسب استعداداتهم فمن كان مستعدا لاستفاضتها بلا واسطة يفيض عليه بنفسه بلا واسطة ملك, ومن كان لا يقبلها إلا ممن كان من جنسه يفيض عليه بواسطة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإن الأنبياء قوتهم النظرية فائقة على قوى سائر الأنام من حيث إنهم يتمكنون بقواهم على استنباط أنوار العلوم والمعارف لكونهم اعطوا مصباح البصيرة المودع في زجاجة القلب الكائنة في مشكاة الجسد الموقدة تلك الزجاجة من زيت الروح الصافية عن الكدرات بحيث يكاد زيتها لغاية صفائه يضيء ولو لم تمسسه نار . أهـ انتهى كلام البيضاوي.
فالمدد إذاً هو النور الرباني الذي يفيضه الله تعالى على قلوب أنبيائه وأوليائه من الرحمات والبركات والأسرار.
أدلة على جواز طلب المدد من العباد:
ولعل من المناسب ان نعرض هنا لبعض الادله على جواز طلب المدد من العباد :
فمن ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
« إذا انفلتت دابة أحدكم في أرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي دابتي فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم »(29).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه ووجد أثره وجاء في الحديث الشريف أيضا عن سيدنا عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله تعالى عبادا لا نراهم »(30)
وقال الحافظ:
ولحديث عتبة شاهد من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني(31).
والإغاثة هنا ليست كإغاثة الله لخلقه إنما هي تعليم وتعريف وإرشاد ومساعدة بإذن الله.
وفي هذه الأحاديث دلالة على أن الله سبحانه وتعالى قد خص عبادا بأسرار وإمدادات ليخدموا بها المؤمنين مهما كان بين الداعي والمجيب من مسافات شاسعة وذلك كله بأمر الله تعالى وهذا دليل صريح بجواز طلب المدد من عباد الله .
وطالبو المدد من الأنبياء والصالحين لا يدفعهم إلى ذلك إلا اعترافهم بتقصيرهم في أداء ما افترض الله عليهم على الوجه الكامل وعدم وصولهم لمقامات الإحسان فطلبوا الإمداد والمساعدة من الله بواسطة المصطفين الأخيار والأولياء الأبرار لما لهم من قوة ومقدرة كبيرة بفضل الله على الطاعة والصدق والصفاء والعبادة والإخلاص والمعرفة بآداب العبودية وما هذا إلا اقتداء بما أمر الله به صحابة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) (32)
فالآية المباركة ترشدنا إلى أدب السؤال والطلب فأمر أولا بالمجيء إلى رسول الله ثم استغفار المذنب بنفسه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم اعترافه بعدم أهليته للطلب من الله لسواد صحيفته مع الله فيطلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يستغفر له وما ذلك إلا لأن استغفار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لهم افضل واقرب قبولا منهم لما عنده من إخلاص وصفاء قلب وقوة في الطاعة أعظم مما عند السائل المستغفر فالسائل يسأل ربه أولا ومن ثم يطلب المدد ممن هو أرفع منه اعترافا بتقصيره وبأنه ليس أهلا لإجابة دعائه وبهذا يكون ملتزما بالكتاب والسنة حالا ومقالا.
فقول السائل مدد يا رسول
الله أي استغفر لي وعلمني مما علمك الله بإذن الله
وكذلك إذا قال مدد يا أولياء الله
أي يطلب منهم التوسط له عند سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بطلب الشفاعة والمغفرة والإحسان ، فكل إنسان مبتدئ في أمور الدين والتزكية يحتاج إلى علم من سبقه في هذا المجال.
والذي يذهب إلى الطبيب ويستغيث به بقوله: يا طبيب خلصني من آلامي هل يكون مخطئا لأنه يستغيث بإنسان ليمده بالشفاء بواسطة العقاقير بالطبع لا لأن الله جعل الوسائط والأسباب بين خلقه وسعي العباد لكسب الأرزاق وكذلك معالجة المرأة العاقر بالعقاقير والأدوية مع العلم يقينا أن الله سبحانه هو رازق العباد بالأموال والبنين لا ينافي قول الله ( ويمددكم بأموال وبنين ) (33)،
ومما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى بحكمته قد سخر الخلائق بعضها لبعض، وليفيد بعضها بعضا بإذنه تعالى، فكل نوع يفيد نوعه، فالشمس تعكس نورها على القمر في الليل، والقمر يعكس ضوءه على الأرض ويقال لهذه الظاهرة : ( مدد انعكاس ).
فمن هنا نرى بأن الإنسان يستفيد من هذه الأنوار المخلوقة بوسائط ووسائل، فالله عز وجل قادر أن ينير الأرض بدون شمس ولا قمر وهو ليس بحاجة لهما ولا لغيرهما من مخلوقاته.
قال تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) فالشمس والقمر ليسا أعظم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي وهبه قوة أعظم من الشمس والقمر تضيء بنور سراج قلبه عالم القلوب بإذن ربه لقوله تعالى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) (34).
فإن طلب المريد المدد من شيخه ما هو إلا انعكاس قلب الولي الكامل الذي هو أفضل عند الله من الشمس والقمر على قلب المريد ولا شك أن الشيخ هو أحد وراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال « العلماء ورثة الأنبياء » وقال في الحديث نفسه « وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب »(35). قال « كفضل القمر » لأنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الشمس المضيئة كما أن الشمس تعكس نورها على القمر والقمر يعكس نوره على الأرض كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعكس نوره على قلوب الأولياء وهم يعكسون ذلك النور على المريدين.
يبين الامام المجدد السيد محمد ماضى ابوالعزائم رضى الله عنه هذه الحقيقة قائلا:
لا يغيب النورعن اهل اليقين *** كيف ذا والنور فى الافق المبين
نورنا شمس علت تدعوا الى *** ربنا المعبود مولانا المتين
لم تغب شمس الحبيب محمد *** وهى نور الروح فوقى عن يمين
من يقل غابت فذاك لحجبه *** كيف يخفى نور رب العالمين
شمسنا طه الحبيب المصطفى*** لم تغب يا طالب الحق اليقين
وإذا ثبت الاستمداد بين الجمادات فيما بينها، فيكف ينتفي بين المخلوقات البشرية والله خلق الإنسان في أحسن تقويم وكرم بني آدم؟!
قال المحدث الورع الفقيه الإمام ابن أبي جمرة الأندلسي رضي الله عنه في شرحه لحديث الإفك:
... ولهذا المعنى جعل صلى الله عليه وآله وسلم لقيا المؤمن لأخيه المؤمن ببشاشة الوجه صدقة لأن المؤمن يستمد من أخيه بحسب ما يظهر على ظاهره، كما أن أهل البواطن يستمد بعضهم من بعض بحسب ما يكون في بواطنهم..(36) .
هذا ما اكده الحكيم الترمذى فى( نوادرالاصول ) والامام ابوالعزائم فى ( النور المبين) حين اوردا حديثا لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه:
" نظرة فى وجه اخ فى الله على شوق اليه خير من اجر من اعتكف فى مسجدى هذا اربعين سنه"
وقد أورد الإمام الفقيه محمد أمين أفندي المشهور بابن عابدين في رسالته (الفوائد المخصصة) حيث يقول:
... وقد رأيت فيها رسالتين الأولى لعمدة المحققين فقيه النفس أبي الإخلاص الشيخ حسن الشرنبلي الوفائي رحمه الله تعالى وشكر سعيه والثانية لحضرة الأستاذ من جمع بين علمي الظاهر والباطن مرشد الطالبين ومربي السالكين سيدي عبدالغني النابلسي قدس الله تعالى سره وأعاد علينا من بركاته آمين فأردت أن أذكر حاصل ما في هاتين الرسالتين مستعينا بالله تعالى مستمدا من مدد هذين الإمامين الجليلين... .
فهذا الإمام الجليل ابن عابدين الذي لا يخفى على أحد من طالبي العلم الشريف مكانته العلمية يستمد من أمداد الصالحين وهو رحمه الله تعالى يعلم يقينا أن الذي أمد هؤلاء الأكارم إنما هو الله سبحانه وهو يطلب مدد ربه بواسطة صلاح وتقوى هؤلاء الأكارم والأمثلة على ذلك كثيرة جدا
ومن هنا يتبين لنا جواز الاستمداد من الأولياء ( أي طلب المدد منهم ) بشرط أن يعتقد المرء عند الطلب أن ما من شيء يجري في هذا الكون إلا بإذن الله تعالى ومشيئته وعلمه .
وإن الولي إذا أمد الطالبين فإنما يمدهم مما أمده الله به فهو لا يفيد الناس بشيء من دون الله إنما الضار والنافع في الحقيقة هو الله تعالى, فجميع الفوائد التي ظهرت على أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء رضي الله عنهم من عجائب المعجزات وغرائب الكرامات ما هي إلا إشارات على نعم المنعم العظيم سبحانه التي أظهرت على يد من أنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وإن إمداد الله لرسله وأوليائه يكون حسب ما يريد الله ويشاء وإمداد الرسل والأولياء لباقي العباد يكون أيضا حسب ما يريد الله ويشاء هذا ولم ترد آية أو حديث بتكفير من يستمد من الأنبياء والصالحين الاستمداد الشرعي الصحيح ومن ادعى يلزمه الدليل: ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (37).
نسأل الله الهداية والتوفيق , والحمد لله فى بدء ومختتم.
وصلى الله على الحبيب واهل بيته واصحابه وورثته والتابعين .آمين
شباب آل العزائم
أعجبني هذا البحث في موضوع المدد فرأيت نقله لكم حتى يبقى مرجعا يعود له الباحث عند الحاجة
المدد : ماهو؟
فى الحقيقه ان كثيرا من الناس يسأل عن معنى المدد وعن كيفيته وعن كونه جائزا ام لا, وغير ذلك من الاسئله, لذا كان مناسبا ان نبين لقارءنا الكريم ونجيب له عن بعض من هذه الاسئله.
* معنى لفظ المدد :
يختلف معنى كلمة ( مدد ) باختلاف نية قائلها.
فقد ورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد:
مددنا القوم،أي صرنا لهم أنصارا ومددا.
وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم..
والمدد:
العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددا.
وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى:
أمددته بمدد: أعنته وقويته به .
وقد أورد الشيخ يوسف خطار فى موسوعته قوله:
فإذا قال المسلم:
مدد يا الله أي أعنِّي وأمدَّني بقوتك وانصرني على عدوك وزدني بالرحمات والبركات وأمدني بالمقدرة على طاعتك ومحاربة نفسي وشيطاني.
وأما إذا قال:
مدد يا أولياء الله فمعناه: علمونا مما علمكم الله وأمدونا مما أمدكم الله سبحانه به من العلوم والعرفان وساعدونا بما ينفعنا لسيرنا وأرشدونا في سلوكنا إلى محبة الله بإذن الله:
وما كان هذا إلا لأن أكثر العباد فقدوا من يدربهم ويؤدبهم بالإسلام وبأخلاق سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم فإنهم بحاجة إلى من يعينهم ويمدهم بالعلم ويعلمهم أدب طريقة السير والسلوك والمدد بالمعنى الذي ذكرناه موجود حسا ومعنى في حياتنا فلا يستطيع أحد أن ينكر أن الإنسان يستعين بوسائط النقل كالسيارة والطيارة والباخرة والقطار لقضاء الحوائج الدنيوية والانتقال بواسطتها من بلد إلى آخر لا يصل اليه الإنسان بدونها إلا بشق الأنفس هذا وإن البحارة والطيارين يستولون على وجهة سفرهم بحرا وجوا بواسطة قطعة معدنية يقال لها: البوصلة ترشدهم إلى الجهة المطلوبة ولا ينكر هذا فهل الاستعانة بالمعدن تخرج عن الملة؟! وهل ترفض مساعدة ثمينة يقدمها الينا من له خبرة في سلوك طريق محبة الله المحفوفة بشتى أنواع المخاطر للوصول من خلال ذلك المدد وتلك المساعدة بلا مشقة ولا تعب، علما بأن أقل الأعداء في هذا الطريق النفس والشيطان والهوى؟!
الفرق بين مدد الخالق ومدد المخلوق:
ومن هنا يظهر لنا أن الإنسان بحاجة إلى الاستعانة بأشياء كثيرة من مخلوقات الله لتمده بمدد قد سخره الله له على أيدي خلقه ومصنوعاتهم من أي نوع كانت.
لكن هناك فرق بين مدد الخالق سبحانه ومدد المخلوق فكلمة مدد تأتي بمعنى المساعدة والمعاونة وهي مستحبة في كل أنواع البر بجميع الطرق التي أجازها الشرع الحنيف فاستعانة الناس بعضهم ببعض في الأمور لا مفر منها ولا غنى عنها والإنسان مأمور بها لا سيما في أمور البر والتقوى فقد قال الله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )(1)
فالتعاون بين الخلائق هو المدد أي المساعدة ونصرة بعضهم لبعض فلو طلب الإنسان من بني جنسه الإمداد فليس بمعنى أنه يطلب منه كما يطلب من ربه ولكن بالمدد والقدرة التي أمده الله بها والإمداد بالمعنى المذكور على قسمين:
• القسم الأول:
هو مدد صرف من الله سبحانه وهو ما لا يتم على الحقيقة إلا منه ولا تكون الإغاثة للخلق إلا به سبحانه قال الله تعالى ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )(2). والمعنى كما قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى : نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع، نرزق المؤمنين والكفار وأهل الطاعة وأهل المعصية(3).
• القسم الثاني:
وهو ما يجريه الله سبحانه على يد ملائكته الكرام بما آتاهم الله من القوة والأسرار وعلى يد أنبيائه عليهم الصلاة والسلام بواسطة المعجزات وعلى يد أوليائه بطريق الكرامات.
والفرق جلي واضح جدا:
وهو أن الله سبحانه يمد من يشاء من عباده من خزائن فضله ورحمته بالمعونة والإغاثة والنصرة على الكفار والمشركين متى شاء وكيفما شاء ولا يتوقف عطاؤه تعالى على إذن أحد أو رضاه وأما أنبياؤه وأولياؤه فلا يكون إمدادهم للطالبين إلا بإذن الله ومشيئته ورضاه وهو بالحقيقة مستمد من إمداد الله تعالى والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا ملائكة لهم وظائف وأعمال ظاهرية وباطنية يخدمون بها خلق الله تعالى بما أمرهم به الله.
قال الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره للآية الكريمة ( من الله ذي المعارج ) (4):وعندي فيه وجه رابع: وهو أن هذه السماوات كما أنها متفاوتة في الارتفاع والانخفاض والكبر والصغر وقوتها وشدة القوة على تدبر هذا العالم ( أي بحسب أمر الله تعالى لها ) فلعل نور إنعام الله وأثر فيض رحمته لا يصل إلى هذا العالم إلا بواسطة تلك الأرواح إما على سبيل العادة أو لا(5).
وقال أيضا رحمه الله تعالى في تفسير قول الله تعالى ( وما منا إلا له مقام معلوم ) : وهذا يدل على أن لكل واحد منهم مرتبة لا يتجاوزها ودرجة لا يتعدى عنها، وتلك الدرجات إشارة إلى درجاتهم في التصرف في أجسام هذا العالم(6).
ولقد سخر الله ملائكة لمعرفة وكتابة أفعال العباد بأمر منه جل وعلا وهو في الوقت نفسه ينسب المعرفة والكتابة لنفسه قائلا سبحانه: ( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين )(7).
قال الإمام الطبري رضي الله عنه :
أي ونكتب ما قدموا في الدنيا من خير وشر ومن صالح الأعمال وسيئها(8).
وقال تعالى في حق الملائكة ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )(9).
وسخرهم أيضا لحفظ العباد وكذلك نسب الحفظ لذاته سبحانه وتعالى فقال: ( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )(10).
وقال سبحانه وتعالى أيضا في حق الملائكة ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) (11).
وسخر ملك الموت لقبض الأرواح وفي نفس الوقت أيضا نسب ذلك لنفسه سبحانه فقال: ( والله خلقكم ثم يتوفاكم )( 12).
وقال عز وجل في حق الملائكة : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) (13).
فالفعل في هذه الآية راجع لملك الموت بأمر الله وإذنه سبحانه.
وعلى هذا فإن الله تعالى قد أمد الملائكة بأسرار يحفظون بها عباد الله بتسخير منه عز وجل ، فهو فعال لما يريد فمهما ظهر من الملائكة الكرام من عجائب وغرائب لا يكون ذلك منهم على الحقيقة فهم مسخرون بأمر الله فقد قال عنهم ربنا تعالى:
( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) (14).
وقد جعل الله تعالى في هذه الدنيا لخلقه ما جعل للملائكة الكرام عليهم السلام من وظائف وأعمال ظاهيرة وباطنية وزودهم بإمدادات وقدرات نورانية فقد أكرم الله أنبياءه ورسله وأولياءه بشيء من الأسرار التي تجعلهم قائمين بها على نصرة دين الله ويمدون بها من شاؤوا بإذن ربهم ورضاه لإقامة دين الله جل جلاله .
قال الإمام البيهقي رحمه الله تعالى في تفسير قول الله سبحانه:
( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) أي لا يعلمون من علمه إلا ما شاء أن يعلمهم إياه بتعليمه (15).
وقال البغوي رحمه الله تعالى في تفسير قوله سبحانه في حق سيدنا الخضر رضي الله عنه :
( وعلمناه من لدنا علما ) (16) أي علم الباطن إلهاما (17).
والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أرفع درجة وأجل قدرا عند الله من الملائكة عليهم السلام فلذلك أمدهم ببعض صفاته وأجرى على أيديهم بعض الخوارق التي لو سمع بها من ينكر المدد لأول وهلة ولم يعلم أنها صدرت عن رسول مؤيد لحكم على قائلها بالكفر والخروج عن الملة فورا!!
وأدل دلالة على هذا ما أجراه الله على يد سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام فلنسمع إلى قول الله تعالى وهو ينسب إلى نفسه إحياء الموتى قائلا: ( فالله هو الولي وهو يحيى الموتى وهو على كل شيء قدير) (18)،
ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ( وإذ تخرج الموتى بإذني ) (19)، وكذلك ينسب شفاء المرض اليه سبحانه وتعالى فيقول: ( وإذا مرضت فهو يشفين ) (20)، ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام: ( وتبرى الأكمه والأبرص بإذني ) (21) وينسب الخلق إلى نفسه سبحانه وتعالى فيقول: ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) (22)، ثم يقول في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني )
وليس ذلك فحسب بل بعد أن أمد الله سيدنا عيسى بتلك الصفات نراه يتكلم بلسان المدد الإلهي فينسب الأسباب إلى نفسه والفعل الحقيقي إلى مسببها فيقول: ( أني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله ) ، وهذه الآية أكبر دليل على جواز إطلاق مثل هذه الألفاظ على من جعل الله المقدرات على يديه من باب المجازالعقلى الذي يتكرركثيرا فى آيات القرآن كماجاء على سبيل المثال فى قوله تعالى فى سورة نوح ( ولايغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا ) فإن اسناد الاضلال هنا الى الاصنام مجازعقلى لانها سبب فى حصول الاضلال, والهادى والمضل هو الله تعالى وحده .
ثم إن هذا في الحقيقة أعظم من كلمة مدد في مضمونها ودلالتها فالبركات والخيرات التي يمد الله تعالى بها أحدا من مخلوقاته يستفيد منها كل من حوله من المؤمنين فقد قال الله تعالى في حق سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) (23).
وأي وخيرات عظيمة عليك وعلى ذرية من معك من أهل السفينة(25).
وقال القرطبي:
دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم :
« مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير »(26).
وما يمد الله سبحانه وتعالى به رسله وأنبياءه إنما هو في سبيل إقامة الحجة ونشر الدعوة وقد علمنا أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء على الإطلاق
كما قال صاحب الجوهرة رحمه الله تعالى:
وأفضل الخلق على الإطلاق
نبينا فمل عن الشقاق
وبهذا يكون المدد المعطى له صلى الله عليه وآله وسلم من الله سبحانه وتعالى أرقى وأعظم من جميع ما أعطيه سائر الأنبياء والمرسلين لأن الله بعث كل نبي مبلغا وداعيا لقومه ولكن بعثة الحبيب المصطفى كانت للخلق كافة.
قال أحد الصالحين:
إن الإمداد الذي يفيضه الله على أنبيائه كالأمانة المستعارة عندهم ليعملوا بواسطتها لهداية الخلق إلى طاعة ربهم ألم يقل الله تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) (27)، وقال أيضا سبحانه وتعالى في حقه صلى الله عليه وآله وسلم ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) (28).
فما دام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حاملا الرحمة والرأفة الإلهية للعالمين, وأسرارالتزكية للعالم بأجمعه, فهذا يعني أنه يمد الخلق بإذن الله بالرحمة والرأفة والآية الكريمة واضحة في كلمة ( ويزكيهم ) واستطاع بفضل الله وبواسطة عطاء الله له تزكية من اتبعه وأطاعه فأصلح من كانوا أشر الناس في الجاهلية وأفظهم قتلا وكفرا فأصبحوا بعدها ألطف الناس وأحسنهم أخلاقا ودينا وإيمانا.
وإن الله تعالى أعطى سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم المقدرة والإمداد ليرشد الخلق.
وهو يحمل في صدره المبارك مددا نورانيا يمد به عباد الله بإذن الله , قال القاضي البيضاوي في تفسير الآية الكريمة ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال:
( إن استخلافه سبحانه وتعالى ليس مبنيا على العجز والاحتياج ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هو مبني على قصور المستخلف عليه .. فمعاملته تعالى في إفاضة الكمالات والمعارف على خلقه إنما هي بحسب استعداداتهم فمن كان مستعدا لاستفاضتها بلا واسطة يفيض عليه بنفسه بلا واسطة ملك, ومن كان لا يقبلها إلا ممن كان من جنسه يفيض عليه بواسطة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإن الأنبياء قوتهم النظرية فائقة على قوى سائر الأنام من حيث إنهم يتمكنون بقواهم على استنباط أنوار العلوم والمعارف لكونهم اعطوا مصباح البصيرة المودع في زجاجة القلب الكائنة في مشكاة الجسد الموقدة تلك الزجاجة من زيت الروح الصافية عن الكدرات بحيث يكاد زيتها لغاية صفائه يضيء ولو لم تمسسه نار . أهـ انتهى كلام البيضاوي.
فالمدد إذاً هو النور الرباني الذي يفيضه الله تعالى على قلوب أنبيائه وأوليائه من الرحمات والبركات والأسرار.
أدلة على جواز طلب المدد من العباد:
ولعل من المناسب ان نعرض هنا لبعض الادله على جواز طلب المدد من العباد :
فمن ذلك ما رواه سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
« إذا انفلتت دابة أحدكم في أرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي دابتي فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم »(29).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه جربه هو وبعض أكابر شيوخه ووجد أثره وجاء في الحديث الشريف أيضا عن سيدنا عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله تعالى عبادا لا نراهم »(30)
وقال الحافظ:
ولحديث عتبة شاهد من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني(31).
والإغاثة هنا ليست كإغاثة الله لخلقه إنما هي تعليم وتعريف وإرشاد ومساعدة بإذن الله.
وفي هذه الأحاديث دلالة على أن الله سبحانه وتعالى قد خص عبادا بأسرار وإمدادات ليخدموا بها المؤمنين مهما كان بين الداعي والمجيب من مسافات شاسعة وذلك كله بأمر الله تعالى وهذا دليل صريح بجواز طلب المدد من عباد الله .
وطالبو المدد من الأنبياء والصالحين لا يدفعهم إلى ذلك إلا اعترافهم بتقصيرهم في أداء ما افترض الله عليهم على الوجه الكامل وعدم وصولهم لمقامات الإحسان فطلبوا الإمداد والمساعدة من الله بواسطة المصطفين الأخيار والأولياء الأبرار لما لهم من قوة ومقدرة كبيرة بفضل الله على الطاعة والصدق والصفاء والعبادة والإخلاص والمعرفة بآداب العبودية وما هذا إلا اقتداء بما أمر الله به صحابة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) (32)
فالآية المباركة ترشدنا إلى أدب السؤال والطلب فأمر أولا بالمجيء إلى رسول الله ثم استغفار المذنب بنفسه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم اعترافه بعدم أهليته للطلب من الله لسواد صحيفته مع الله فيطلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يستغفر له وما ذلك إلا لأن استغفار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لهم افضل واقرب قبولا منهم لما عنده من إخلاص وصفاء قلب وقوة في الطاعة أعظم مما عند السائل المستغفر فالسائل يسأل ربه أولا ومن ثم يطلب المدد ممن هو أرفع منه اعترافا بتقصيره وبأنه ليس أهلا لإجابة دعائه وبهذا يكون ملتزما بالكتاب والسنة حالا ومقالا.
فقول السائل مدد يا رسول
الله أي استغفر لي وعلمني مما علمك الله بإذن الله
وكذلك إذا قال مدد يا أولياء الله
أي يطلب منهم التوسط له عند سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بطلب الشفاعة والمغفرة والإحسان ، فكل إنسان مبتدئ في أمور الدين والتزكية يحتاج إلى علم من سبقه في هذا المجال.
والذي يذهب إلى الطبيب ويستغيث به بقوله: يا طبيب خلصني من آلامي هل يكون مخطئا لأنه يستغيث بإنسان ليمده بالشفاء بواسطة العقاقير بالطبع لا لأن الله جعل الوسائط والأسباب بين خلقه وسعي العباد لكسب الأرزاق وكذلك معالجة المرأة العاقر بالعقاقير والأدوية مع العلم يقينا أن الله سبحانه هو رازق العباد بالأموال والبنين لا ينافي قول الله ( ويمددكم بأموال وبنين ) (33)،
ومما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى بحكمته قد سخر الخلائق بعضها لبعض، وليفيد بعضها بعضا بإذنه تعالى، فكل نوع يفيد نوعه، فالشمس تعكس نورها على القمر في الليل، والقمر يعكس ضوءه على الأرض ويقال لهذه الظاهرة : ( مدد انعكاس ).
فمن هنا نرى بأن الإنسان يستفيد من هذه الأنوار المخلوقة بوسائط ووسائل، فالله عز وجل قادر أن ينير الأرض بدون شمس ولا قمر وهو ليس بحاجة لهما ولا لغيرهما من مخلوقاته.
قال تعالى ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) فالشمس والقمر ليسا أعظم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي وهبه قوة أعظم من الشمس والقمر تضيء بنور سراج قلبه عالم القلوب بإذن ربه لقوله تعالى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) (34).
فإن طلب المريد المدد من شيخه ما هو إلا انعكاس قلب الولي الكامل الذي هو أفضل عند الله من الشمس والقمر على قلب المريد ولا شك أن الشيخ هو أحد وراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال « العلماء ورثة الأنبياء » وقال في الحديث نفسه « وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب »(35). قال « كفضل القمر » لأنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الشمس المضيئة كما أن الشمس تعكس نورها على القمر والقمر يعكس نوره على الأرض كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعكس نوره على قلوب الأولياء وهم يعكسون ذلك النور على المريدين.
يبين الامام المجدد السيد محمد ماضى ابوالعزائم رضى الله عنه هذه الحقيقة قائلا:
لا يغيب النورعن اهل اليقين *** كيف ذا والنور فى الافق المبين
نورنا شمس علت تدعوا الى *** ربنا المعبود مولانا المتين
لم تغب شمس الحبيب محمد *** وهى نور الروح فوقى عن يمين
من يقل غابت فذاك لحجبه *** كيف يخفى نور رب العالمين
شمسنا طه الحبيب المصطفى*** لم تغب يا طالب الحق اليقين
وإذا ثبت الاستمداد بين الجمادات فيما بينها، فيكف ينتفي بين المخلوقات البشرية والله خلق الإنسان في أحسن تقويم وكرم بني آدم؟!
قال المحدث الورع الفقيه الإمام ابن أبي جمرة الأندلسي رضي الله عنه في شرحه لحديث الإفك:
... ولهذا المعنى جعل صلى الله عليه وآله وسلم لقيا المؤمن لأخيه المؤمن ببشاشة الوجه صدقة لأن المؤمن يستمد من أخيه بحسب ما يظهر على ظاهره، كما أن أهل البواطن يستمد بعضهم من بعض بحسب ما يكون في بواطنهم..(36) .
هذا ما اكده الحكيم الترمذى فى( نوادرالاصول ) والامام ابوالعزائم فى ( النور المبين) حين اوردا حديثا لرسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه:
" نظرة فى وجه اخ فى الله على شوق اليه خير من اجر من اعتكف فى مسجدى هذا اربعين سنه"
وقد أورد الإمام الفقيه محمد أمين أفندي المشهور بابن عابدين في رسالته (الفوائد المخصصة) حيث يقول:
... وقد رأيت فيها رسالتين الأولى لعمدة المحققين فقيه النفس أبي الإخلاص الشيخ حسن الشرنبلي الوفائي رحمه الله تعالى وشكر سعيه والثانية لحضرة الأستاذ من جمع بين علمي الظاهر والباطن مرشد الطالبين ومربي السالكين سيدي عبدالغني النابلسي قدس الله تعالى سره وأعاد علينا من بركاته آمين فأردت أن أذكر حاصل ما في هاتين الرسالتين مستعينا بالله تعالى مستمدا من مدد هذين الإمامين الجليلين... .
فهذا الإمام الجليل ابن عابدين الذي لا يخفى على أحد من طالبي العلم الشريف مكانته العلمية يستمد من أمداد الصالحين وهو رحمه الله تعالى يعلم يقينا أن الذي أمد هؤلاء الأكارم إنما هو الله سبحانه وهو يطلب مدد ربه بواسطة صلاح وتقوى هؤلاء الأكارم والأمثلة على ذلك كثيرة جدا
ومن هنا يتبين لنا جواز الاستمداد من الأولياء ( أي طلب المدد منهم ) بشرط أن يعتقد المرء عند الطلب أن ما من شيء يجري في هذا الكون إلا بإذن الله تعالى ومشيئته وعلمه .
وإن الولي إذا أمد الطالبين فإنما يمدهم مما أمده الله به فهو لا يفيد الناس بشيء من دون الله إنما الضار والنافع في الحقيقة هو الله تعالى, فجميع الفوائد التي ظهرت على أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء رضي الله عنهم من عجائب المعجزات وغرائب الكرامات ما هي إلا إشارات على نعم المنعم العظيم سبحانه التي أظهرت على يد من أنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وإن إمداد الله لرسله وأوليائه يكون حسب ما يريد الله ويشاء وإمداد الرسل والأولياء لباقي العباد يكون أيضا حسب ما يريد الله ويشاء هذا ولم ترد آية أو حديث بتكفير من يستمد من الأنبياء والصالحين الاستمداد الشرعي الصحيح ومن ادعى يلزمه الدليل: ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (37).
نسأل الله الهداية والتوفيق , والحمد لله فى بدء ومختتم.
وصلى الله على الحبيب واهل بيته واصحابه وورثته والتابعين .آمين
شباب آل العزائم
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: هل يجوز للمسلم أن يقول المدد يا رسول الله أو يا سيدي فلان؟
لا يغيب النورعن اهل اليقين *** كيف ذا والنور فى الافق المبين
نورنا شمس علت تدعوا الى *** ربنا المعبود مولانا المتين
لم تغب شمس الحبيب محمد *** وهى نور الروح فوقى عن يمين
من يقل غابت فذاك لحجبه *** كيف يخفى نور رب العالمين
شمسنا طه الحبيب المصطفى*** لم تغب يا طالب الحق اليقين
نورنا شمس علت تدعوا الى *** ربنا المعبود مولانا المتين
لم تغب شمس الحبيب محمد *** وهى نور الروح فوقى عن يمين
من يقل غابت فذاك لحجبه *** كيف يخفى نور رب العالمين
شمسنا طه الحبيب المصطفى*** لم تغب يا طالب الحق اليقين
محمد- عدد الرسائل : 656
العمر : 60
المزاج : إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها ففـــــــي وجـه مـن تـهـوى جـمـيـع الـمـحـاســـــــــن
تاريخ التسجيل : 10/02/2009
مواضيع مماثلة
» سيدي يا رسول الله
» يعرف الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه بنفسه و يقول
» هل يجوز بنا مسجد فوق مقبرة مندرسة
» الإمام الشعراني وكلام نفيس في محبة سيدنا رسول الله صلى الله
» من معاني الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
» يعرف الشيخ سيدي إسماعيل الهادفي رضي الله عنه بنفسه و يقول
» هل يجوز بنا مسجد فوق مقبرة مندرسة
» الإمام الشعراني وكلام نفيس في محبة سيدنا رسول الله صلى الله
» من معاني الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 23 نوفمبر 2024 - 22:05 من طرف أبو أويس
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس