بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
هذا مولد أحمد وهذا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هذا مولد أحمد وهذا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
الحمد لله
والصلاة والسلام على حبيب الله وآله وصحبه ومن والاه
أمّا بعد :
هذه الليلة هي الليلة المحمّدية فسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم له حقيقتان لأنّه مجلى الزوجية والإثنينيّة وفي كلّ حقيقة من حقائقه حقيقتان وهكذا لأنّه مجلى الصفات والحقيقتان هما : الحقيقة الأحمدية والحقيقة المحمدية
فمن الأيّام أختصّ رسول الله بيومين هما : يوم الإثنين ويوم الجمعة : يوم الإثنين يرمز إلى حقيقته الأحمدية , أمّا يوم الجمعة فهو يرمز إلى حقيقته المحمّدية
فيوم مولده الذي هو عيد وعرس الحقيقة المحمدية الذي لا نحسن أن نفرح به إلاّ في حقيقته المحمّدية فهو يوم أحمدي ولكن الفرح فيه يكون في اليوم المحمدي هو يوم الإثنين فهذا اليوم هو يوم ظّهوره عليه الصلاة والسلام من حضرة الأحدية لذا جاء يوم الإثنين بعد يوم الأحد الذي أختصّ به سيدنا عيسى عليه السلام فعيسى وإن كانت حقائقه أحدية إلهية فإنّما خرج للوجود فيها أي في حلية الحقيقة الأحمدية وما أحسن أن يخرج كما خرج محمّد صلى الله عليه وسلّم بل هو فيض من الحقيقة الأحمدية فكان حجاب الحقيقة الأحمدية والواسطة لأهل الولاية الخاصّة بينهم وبين الحقيقة الأحمدية فهو حجابها إذ لو ظهرت حقيقته الأحمدية صلى الله عليه وسلّم من غير حجاب لعبدت من دون الله تعالى فوقعت عبادة عيسى بدله فتحمّل عيسى عليه السلام بلاء هذا لذا فقد بعث عيسى قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلّم ثمّ أنّه ينزل في آخر الزمان فكان حجابا للحضرة الأحمدية أوّلا وآخرا كي لا تقع عليها الأنظار ولا يلحقها أخبار فتعبد من دون الله تعالى فهذا سرّ وجود الحضرة الأحمدية بين بعثة عيسى وبين نزوله في آخر الزمان فحجبت حقيقته هذا الأمر الأحمدي فحمل هذا المهر فعبد عليه السلام من دون الله تعالى
فهذا اليوم الذي نحتفل به هو اليوم الأحمدي الذي ولد فيه ,والميلاد يعني بزوغ فجر حقيقته وهذه الحقيقة جاءتنا من عين الحقّ , لذا أخطأ النصارى فقالوا لمّا عاينوا بعض هذه الحقيقة بأنّ عيسى إبن الله , فهذه مرتبة , ثمّ قال غيرهم بل هو الله , وقال غيره بل هو ثالث ثلاثة , لذا إحتفل النصارى بأعياد ميلاد المسيح فأخطؤوا في تحديد هذا العيد وإنّما عيد ميلاد عيسى هو حقيقة ناقصة بل الحقيقة هي عيد ميلاد أحمد فوقعوا في حجاب الوهم في هذا رغم أنّنا لا ننكر عليهم الإحتفال بموالد الأنبياء بل نشاركهم ذلك من حيث إسلامنا لأنّ الله تعالى يقول في حقيقة عيسى ( والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا ) فقلنا بالحضرة العيسوية هذه من حيث أنّها فيض من الحقيقة الأحمدية فتكلّم عيسى من فيض أحمد أو تقول بلسان فناء حقيقته العيسوية في الحقيقة الأحمدية فما شاهد غيره إّذ أنّ الحقيقة الأحمدية مصونة عن جميع البشر أن يحيطوا بها بل هي سرّ الوجود وخمرة الشهود وهي المقام العالي المحمود الذي لا يجب ولا يمكن أن يجب إلا لسيّدنا أحمد صلى الله عليه وآله وسلّم
من هنا علمنا أنّ الحقيقة الأحمدية إنّما خرجت إلى الوجود يوم الإثنين بعد أن إختفت وتحجّبت بعيسى فلو لا ظهور عيسى مكانها يوم الأحد لفسدت الحقائق جميعها ولتمّ خروجها يوم الأحد بدل عيسى فخرجت أسرار الربوبية من غير حجاب وهذا محال أبدا , فتحمّل يوم الإثنين هذا الظهور فخرج فيه متستّرا في حقيقته المحمّدية فسمّته أمّه محمّدا وإنّما سمّته أمّه محمّدا لأنّ أمّه محلّ الزوجية فسمّته أمّه خلاف إسمه أحمد فقد سمّته به الحضرة على لسان عيسى من حيث حقائق عيسى وإنّما سمّته أمّه محمّد إشارة أنّه إبنها وليس هو إبن الله كما زعمت النصارى في عيسى أو تقول سمّته حقيقته المحمّدية محمّدا فخرج إسمه بحسب وصفه أي أنّ إسمه هو عين حقيقته المحمدية مثال الآدمية فخرج صلى الله عليه وسلّم حقيقة أحمديّة متستّرا في حقيقته المحمدية صلى الله عليه وسلّم لذا بشّر عيسى بحقيقته الأحمدية في حقيقته المحمدية في قوله ( ورسول يأتي من بعدي إسمه أحمد ) فذكر الرسلية وما ذكر النبوّة لأنّها تشتملها فلا يكون رسولا حتى يكون نبيّا لذا قال وعيّن لك حقيقته وأنّه إسمه أحمد فكان إسمه هو عين وصفه وعين حقيقته فهذا الإسم السابق أمّا الإسم اللاحق فأخرجته حقيقته المحمدية وصفا على لسان أمّه التي هي مجلى الحقيقة المحمدية هذا لتعرف قدر أمّه عليها السلام وعلى أبيه السلام
فهذا اليوم الذي يجتمع فيه الناس اليوم لإحيائه إنّما هو اليوم الأحمدي الذي تجلّى الله به في غيره وهي الحقيقة المحمدية فسرى مدد الأحمدية في جميع الحقيقة المحمدية حتّى كأنّهما أضحيا أمرا واحدا لذا نقول : الحقيقة المحمدية في هذا اليوم لأنّ الحقيقة الأحمدية لا يقع عليها الإدراك أصلا فلو أدركناها لعبدناها كما عبدت النصارى عيسى عليه السلام فتستّرت تلك الحقيقة فما ظهر غير حقيقته المحمّدية فكلّ الأولياء إنّما يتكلّمون في هذه الحقيقة المحمّدية فليس لهم ذوق في الحقيقة الأحمدية إلاّ بعض الأفراد القلائل الذين هم على قدم عيسى عليه السلام
لذا رمز عليه الصلاة والسلام في قوله في يوم الإثنين ( ذلك يوم ولدت فيه ) فذكر الحقائق الظاهرة والباطنة في هذا الكلام عبارة لأهل العبارة وإشارة لأهل الإشارة لأنّه أوتي جوامع الكلم
قلت :
ليلة الإسراء والمعراج هي ليلة إطّلاعه صلى الله عليه وسلّم على ما أخفاه الله تعالى في حقيقته المحمدية فسار وإطّلع عليها جملة وتفصيلا , أمّا ليلة القدر فهي أيضا الليلة المحمدية لذا أنزل القرآن ليلة القدر على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم جملة وتفصيلا أي معنى في حقيقته المحمدية ( إنّا أنزلناه في ليلة مباركة ) وإنّما بوركت بسبب تلك الحقيقة المحمّدية فهي محلّ البركة , فمحلّ الحقيقة المحمدية هي القلب فهي مقام قلبي لذا قال تعالى ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) إذ لو أنزله في حقيقته الأحمدية لفسدت الحقائق إذ أنّه لا يمكنه أن ينزل في حقيقته الأحمدية لأنّه لا نزول في حقيقته الأحمدية إذ أنّ النزول يستوجب هبوطا وخروجا وهو المعبّر عنه بالإيجاد والإمداد وبالخلافة في الأرض وبسببها خلق الإنسان ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) أي يخلفني مع وجودي ( فافهم ) وإلاّ فكيف ستقع العبودية فتعرف مقامات الألوهية والربوبية فليست هي خلافة عقلية أو ذهنية أو روحية أو قلبية بل هي خلافة حقيقية وهي تنزّل الحقائق في حقائق أخرى غيرها حتى يقع عليها الإدراك في مراتب حقيقة الأسماء والصفات , فإذا لم تخلف الأسماء الصفات وإذا لم تخلف الصفات الذات فكيف يقع على الذات العلم والمعرفة بوجودها , فمثال الشريعة هي هذا البرّ من القارّات الذي أنت فيه , ومثال الحقيقة هو هذا البحر الذي يحيط بك من كلّ جانب لذا سمّوها محيطات , فلو لا هذا البرّ الذي هو الشريعة ما أحسنت أن تعيش أو تتنفّس لذا قال لك ( والأرض دحاها ) فمثال الأسماء هو آدميتك ومثال الصفات هو حقيقتك فليس لك بعد هذا من الأمر من شيء فقد إستغرقتك الأسماء والصفات فليس لك في الحقيقة ذات إذ أنّك عدم محض ( كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان ) لأنّ قوله ( كان الله ..) يفيد الدوام ولا يفيد التحيزّ الزمني إذ لا زمان له لذا إستنبط العارفون هذا من هذا لأنّها الحقيقة
فكان هذا اليوم الأحمدي خاص من هذا الوجه إذ أنّ حقيقة جميع الأيام هي حقيقة محمّدية إلا هذا اليوم وهو يوم الإثنين الذي خرج بحقائق يوم الأحد فهو اليوم الأحمدي فهذا اليوم هو سرّ الوجود بأسره فيحتفل به جميع الأكوان لأنّه يوم خروج العبودية أو تقول العبد الكامل من حضرة الربوبية في عالم البقاء فخرج السرّ الإلهي للوجود في شخص محمّد صلى الله عليه وسلّم فهو كوكب السعود ومفتاح الشهود ولن يقبل الله أحدا إلا من هذا الباب وإنّما نعني بالقبول أي قبول صفات الجمال لك وإلا فستبقى في صفات الجلال متى أبيت الولوج من هذا الباب فلا تدخل أبدا لذا قال له ( أخرج منها فإنّك رجيم ) والخروج يكون من الباب كما أنّ الدخول يكون من الباب والخروج أي الخروج من وصف الجمال وهو العرس المحمّدي والمهرجان النبوي فالذي ينكر المولد النبوي الشريف محروم من التحقيق وما ذاق شيئا من حقائق العلوم العرفانية فلا يؤبه بقوله مهما إحتجّ فكيف تحتجّ على الله بعلمه بل لله الحجّة البالغة إذ لا يحتجّ إلاّ بالجمال فلا حجّة لك أصلا في عالم الجلال وهنا بحار دافقة من الحقائق
وإنّما أشرنا أنّ هذا اليوم هو اليوم الأحمدي وما قلنا اليوم المحمّدي لأنّه لولا إسمه أحمد لما كان هناك محمّد فلو لا سريان هذا الإسم أحمد في إسمه محمّد لكان إحتفالنا بإسمه محمّد نقص في الحقائق من حيث أنّ إسمه محمّد يفيد ميلاد حقيقته الظاهرة المحمدية يوم الإثنين فهذه الحقيقة ما كانت لتكون حقيقة فتعرف إلا بمبعثه صلى الله عليه وسلّم وليس بميلاده إذ أنّ الميلاد من حقائق إسمه أحمد والبعث والإرسال من حقائق إسمه محمّد , وإنّما قال الأولياء باليوم المحمدي عوض اليوم الأحمدي من حيث كأنّهما شيئا واحدا لسريان المدد الأحمدي في الحقيقة المحمدية من حيث الجمع والفناء إذ أنّ حقيقته الأحمدية لا تعلّق لها بحقائق الأكوان بل لها تعلّق بحقائق المكوّن خلاف حقيقته المحمدية فهي حقيقة جمع الأنوار المحمدية فهو يوم جمع لذا قال في هذه الحقيقة سيدي أبو العبّاس المرسي ( لي كذا سنة ما غاب عنّي رسول الله طرفة عين ) فهو عبارة عن يوم الجمعة في هذا الجمع وفيه صلّى الله تعالى وملائكته على نبيّه وأمر المسلمين بأن يصلّوا ويسلّموا عليه لذا أمرنا رسول الله أن نصلّي عليه ونكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم فهو يوم جمع فيه صلى الله عليه وسلّم فهذه الحقيقة المحمّدية هي باطن الحقيقة الآدمية لذا خلق آدم يوم الجمعة وفيه أنزل إلى الأرض وفيه تقوم الساعة لأنّه يوم صفات أمّا يوم الإثنين فهو يوم ذات فهو خاصّ بأحمد صلى الله عليه وسلّم , فأضحى الإحتفال بهذا اليوم هو الإحتفال برسول الله في حقيقته الآدمية الظاهرة التي خرجت يوم الإثنين وفي حقيقته المحمدية الباطنة التي هي باطن حقيقته الآدمية أمّا الإحتفال الحقيقي فهو بباطن حقيقته المحمّدية التي هي الحقيقة الأحمدية , لذا إحتفلنا بيوم الإثنين هذا الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان الإحتفال حقيقة بحقيقته الأحمدية التي هي السرّ الإلهي الساري وهو سرّ العبودية
وقد أوضح لنا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أمره لنا بأن نصوم يوم الإثنين لأنّه يوم ولد فيه إشارة إلى أنّ هذا اليوم هو اليوم الرباني ثمّ أنّه نهانا عن صيام يوم الجمعة لتفهم عنه من حيث الحقائق فهل خرجت الشريعة إلاّ من عين الحقيقة ؟؟؟ فإنّ الشريعة هو قوله ( إقرأ ) والحقيقة قوله ( علّم ) فالشريعة إكتساب أمّا الحقيقة فوهب خالص
وإنّما ذهبت هذا المذهب في ذكر المولد لما رأيته من خلط بين الحقائق فإنّ هذا اليوم لا تعلّق له بالإسراء والمعراج مجال الحقيقة المحمدية , ولا تعلّق له بالشرائع ولا بالبعثة , بل متعلّقه الوحيد هو سرّ التوحيد الخاصّ من حيث ( كان الله ولا شيء معه ) كما في الحديث فهو يوم أحمدي لذا فهم عيسى هذا في قوله ( مبشّرا برسول ) أي في الخروج ( إسمه أحمد ) أي في الحقيقة لذا تجد الأولياء يكتبون في كتبهم في بعض الأحيان ( بسرّ محمّد ) فيعنون حقيقة عبوديته لربّه عليه الصلاة والسلام
فكان هذا الوصال كاملا بين هذا المولد الشريف وبين حضرة الربوبية ولا أعني الإتّصال بل قلت الوصال فإنّ الوصال هو المحبّة ( فإذا أحببته كنته ) فهذا دين الحبّ وليس هو دين الإتّحاد والحلول فالفرق بينهما واضح حتى لا يفهم عنّي ما لا أقصد فكانت هذه الليلة هي الليلة الربانية في الحقيقة في تنزل الرحمات والخيرات وتغفر الذنوب وتستر العيوب فهذا اليوم هو أعظم باب أنت داخل منه على الله تعالى لأنّ الفرحة لا تكون إلاّ من أنفاس الحضرة فلا معنى للجنّة من غير أنفاس الحضرة لذا أشار عيسى إلى هذه الحقيقة غاية الإشارة لأنّ علوم سيدنا عيسى علوم إشارة ولا يفهم غير الإشارة وهكذا من كان على قدمه لقوله تعالى ( فأشارت إليه ) فلمّا أشارت إليه تكلّم ( والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا ) فذكر الأيّام المختصّة به التي هي نسخة أيام الحقيقة الأحمدية فهي فرحة بهذا الميلاد الذي ذكره عيسى من حيث أنّه روح الله فلا يمكن أن تكون الفرحة بغير هذا النفس الرباني وبغير هذه الحقيقة الأحمدية لأنّها حقيقة عبودية فلا يمكنك أن تفرح إلاّ بعبوديتك فهو يوم يستوجب الفرحة فلا بدّ منها وبهذا نطق عيسى عليه السلام ففرحتك بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم هي فرحتك في الحقيقة بعبوديتك فإنّ حقائق الفرحة بالميلاد هي حقائق ربّانية أي ميلاد أهل الحضرة لا غيرهم
فهذه البعض من حقائق المولد النبوي الشريف أكتبها لمن يفهمها من الصوفية
فصلى الله وسلّم وبارك على هذا النبيّ الكريم وعلى آله وصحابته وأزواجه وأحبابه إلى يوم الدين
والسلام
والصلاة والسلام على حبيب الله وآله وصحبه ومن والاه
أمّا بعد :
هذه الليلة هي الليلة المحمّدية فسيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم له حقيقتان لأنّه مجلى الزوجية والإثنينيّة وفي كلّ حقيقة من حقائقه حقيقتان وهكذا لأنّه مجلى الصفات والحقيقتان هما : الحقيقة الأحمدية والحقيقة المحمدية
فمن الأيّام أختصّ رسول الله بيومين هما : يوم الإثنين ويوم الجمعة : يوم الإثنين يرمز إلى حقيقته الأحمدية , أمّا يوم الجمعة فهو يرمز إلى حقيقته المحمّدية
فيوم مولده الذي هو عيد وعرس الحقيقة المحمدية الذي لا نحسن أن نفرح به إلاّ في حقيقته المحمّدية فهو يوم أحمدي ولكن الفرح فيه يكون في اليوم المحمدي هو يوم الإثنين فهذا اليوم هو يوم ظّهوره عليه الصلاة والسلام من حضرة الأحدية لذا جاء يوم الإثنين بعد يوم الأحد الذي أختصّ به سيدنا عيسى عليه السلام فعيسى وإن كانت حقائقه أحدية إلهية فإنّما خرج للوجود فيها أي في حلية الحقيقة الأحمدية وما أحسن أن يخرج كما خرج محمّد صلى الله عليه وسلّم بل هو فيض من الحقيقة الأحمدية فكان حجاب الحقيقة الأحمدية والواسطة لأهل الولاية الخاصّة بينهم وبين الحقيقة الأحمدية فهو حجابها إذ لو ظهرت حقيقته الأحمدية صلى الله عليه وسلّم من غير حجاب لعبدت من دون الله تعالى فوقعت عبادة عيسى بدله فتحمّل عيسى عليه السلام بلاء هذا لذا فقد بعث عيسى قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلّم ثمّ أنّه ينزل في آخر الزمان فكان حجابا للحضرة الأحمدية أوّلا وآخرا كي لا تقع عليها الأنظار ولا يلحقها أخبار فتعبد من دون الله تعالى فهذا سرّ وجود الحضرة الأحمدية بين بعثة عيسى وبين نزوله في آخر الزمان فحجبت حقيقته هذا الأمر الأحمدي فحمل هذا المهر فعبد عليه السلام من دون الله تعالى
فهذا اليوم الذي نحتفل به هو اليوم الأحمدي الذي ولد فيه ,والميلاد يعني بزوغ فجر حقيقته وهذه الحقيقة جاءتنا من عين الحقّ , لذا أخطأ النصارى فقالوا لمّا عاينوا بعض هذه الحقيقة بأنّ عيسى إبن الله , فهذه مرتبة , ثمّ قال غيرهم بل هو الله , وقال غيره بل هو ثالث ثلاثة , لذا إحتفل النصارى بأعياد ميلاد المسيح فأخطؤوا في تحديد هذا العيد وإنّما عيد ميلاد عيسى هو حقيقة ناقصة بل الحقيقة هي عيد ميلاد أحمد فوقعوا في حجاب الوهم في هذا رغم أنّنا لا ننكر عليهم الإحتفال بموالد الأنبياء بل نشاركهم ذلك من حيث إسلامنا لأنّ الله تعالى يقول في حقيقة عيسى ( والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا ) فقلنا بالحضرة العيسوية هذه من حيث أنّها فيض من الحقيقة الأحمدية فتكلّم عيسى من فيض أحمد أو تقول بلسان فناء حقيقته العيسوية في الحقيقة الأحمدية فما شاهد غيره إّذ أنّ الحقيقة الأحمدية مصونة عن جميع البشر أن يحيطوا بها بل هي سرّ الوجود وخمرة الشهود وهي المقام العالي المحمود الذي لا يجب ولا يمكن أن يجب إلا لسيّدنا أحمد صلى الله عليه وآله وسلّم
من هنا علمنا أنّ الحقيقة الأحمدية إنّما خرجت إلى الوجود يوم الإثنين بعد أن إختفت وتحجّبت بعيسى فلو لا ظهور عيسى مكانها يوم الأحد لفسدت الحقائق جميعها ولتمّ خروجها يوم الأحد بدل عيسى فخرجت أسرار الربوبية من غير حجاب وهذا محال أبدا , فتحمّل يوم الإثنين هذا الظهور فخرج فيه متستّرا في حقيقته المحمّدية فسمّته أمّه محمّدا وإنّما سمّته أمّه محمّدا لأنّ أمّه محلّ الزوجية فسمّته أمّه خلاف إسمه أحمد فقد سمّته به الحضرة على لسان عيسى من حيث حقائق عيسى وإنّما سمّته أمّه محمّد إشارة أنّه إبنها وليس هو إبن الله كما زعمت النصارى في عيسى أو تقول سمّته حقيقته المحمّدية محمّدا فخرج إسمه بحسب وصفه أي أنّ إسمه هو عين حقيقته المحمدية مثال الآدمية فخرج صلى الله عليه وسلّم حقيقة أحمديّة متستّرا في حقيقته المحمدية صلى الله عليه وسلّم لذا بشّر عيسى بحقيقته الأحمدية في حقيقته المحمدية في قوله ( ورسول يأتي من بعدي إسمه أحمد ) فذكر الرسلية وما ذكر النبوّة لأنّها تشتملها فلا يكون رسولا حتى يكون نبيّا لذا قال وعيّن لك حقيقته وأنّه إسمه أحمد فكان إسمه هو عين وصفه وعين حقيقته فهذا الإسم السابق أمّا الإسم اللاحق فأخرجته حقيقته المحمدية وصفا على لسان أمّه التي هي مجلى الحقيقة المحمدية هذا لتعرف قدر أمّه عليها السلام وعلى أبيه السلام
فهذا اليوم الذي يجتمع فيه الناس اليوم لإحيائه إنّما هو اليوم الأحمدي الذي تجلّى الله به في غيره وهي الحقيقة المحمدية فسرى مدد الأحمدية في جميع الحقيقة المحمدية حتّى كأنّهما أضحيا أمرا واحدا لذا نقول : الحقيقة المحمدية في هذا اليوم لأنّ الحقيقة الأحمدية لا يقع عليها الإدراك أصلا فلو أدركناها لعبدناها كما عبدت النصارى عيسى عليه السلام فتستّرت تلك الحقيقة فما ظهر غير حقيقته المحمّدية فكلّ الأولياء إنّما يتكلّمون في هذه الحقيقة المحمّدية فليس لهم ذوق في الحقيقة الأحمدية إلاّ بعض الأفراد القلائل الذين هم على قدم عيسى عليه السلام
لذا رمز عليه الصلاة والسلام في قوله في يوم الإثنين ( ذلك يوم ولدت فيه ) فذكر الحقائق الظاهرة والباطنة في هذا الكلام عبارة لأهل العبارة وإشارة لأهل الإشارة لأنّه أوتي جوامع الكلم
قلت :
ليلة الإسراء والمعراج هي ليلة إطّلاعه صلى الله عليه وسلّم على ما أخفاه الله تعالى في حقيقته المحمدية فسار وإطّلع عليها جملة وتفصيلا , أمّا ليلة القدر فهي أيضا الليلة المحمدية لذا أنزل القرآن ليلة القدر على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم جملة وتفصيلا أي معنى في حقيقته المحمدية ( إنّا أنزلناه في ليلة مباركة ) وإنّما بوركت بسبب تلك الحقيقة المحمّدية فهي محلّ البركة , فمحلّ الحقيقة المحمدية هي القلب فهي مقام قلبي لذا قال تعالى ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) إذ لو أنزله في حقيقته الأحمدية لفسدت الحقائق إذ أنّه لا يمكنه أن ينزل في حقيقته الأحمدية لأنّه لا نزول في حقيقته الأحمدية إذ أنّ النزول يستوجب هبوطا وخروجا وهو المعبّر عنه بالإيجاد والإمداد وبالخلافة في الأرض وبسببها خلق الإنسان ( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) أي يخلفني مع وجودي ( فافهم ) وإلاّ فكيف ستقع العبودية فتعرف مقامات الألوهية والربوبية فليست هي خلافة عقلية أو ذهنية أو روحية أو قلبية بل هي خلافة حقيقية وهي تنزّل الحقائق في حقائق أخرى غيرها حتى يقع عليها الإدراك في مراتب حقيقة الأسماء والصفات , فإذا لم تخلف الأسماء الصفات وإذا لم تخلف الصفات الذات فكيف يقع على الذات العلم والمعرفة بوجودها , فمثال الشريعة هي هذا البرّ من القارّات الذي أنت فيه , ومثال الحقيقة هو هذا البحر الذي يحيط بك من كلّ جانب لذا سمّوها محيطات , فلو لا هذا البرّ الذي هو الشريعة ما أحسنت أن تعيش أو تتنفّس لذا قال لك ( والأرض دحاها ) فمثال الأسماء هو آدميتك ومثال الصفات هو حقيقتك فليس لك بعد هذا من الأمر من شيء فقد إستغرقتك الأسماء والصفات فليس لك في الحقيقة ذات إذ أنّك عدم محض ( كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان ) لأنّ قوله ( كان الله ..) يفيد الدوام ولا يفيد التحيزّ الزمني إذ لا زمان له لذا إستنبط العارفون هذا من هذا لأنّها الحقيقة
فكان هذا اليوم الأحمدي خاص من هذا الوجه إذ أنّ حقيقة جميع الأيام هي حقيقة محمّدية إلا هذا اليوم وهو يوم الإثنين الذي خرج بحقائق يوم الأحد فهو اليوم الأحمدي فهذا اليوم هو سرّ الوجود بأسره فيحتفل به جميع الأكوان لأنّه يوم خروج العبودية أو تقول العبد الكامل من حضرة الربوبية في عالم البقاء فخرج السرّ الإلهي للوجود في شخص محمّد صلى الله عليه وسلّم فهو كوكب السعود ومفتاح الشهود ولن يقبل الله أحدا إلا من هذا الباب وإنّما نعني بالقبول أي قبول صفات الجمال لك وإلا فستبقى في صفات الجلال متى أبيت الولوج من هذا الباب فلا تدخل أبدا لذا قال له ( أخرج منها فإنّك رجيم ) والخروج يكون من الباب كما أنّ الدخول يكون من الباب والخروج أي الخروج من وصف الجمال وهو العرس المحمّدي والمهرجان النبوي فالذي ينكر المولد النبوي الشريف محروم من التحقيق وما ذاق شيئا من حقائق العلوم العرفانية فلا يؤبه بقوله مهما إحتجّ فكيف تحتجّ على الله بعلمه بل لله الحجّة البالغة إذ لا يحتجّ إلاّ بالجمال فلا حجّة لك أصلا في عالم الجلال وهنا بحار دافقة من الحقائق
وإنّما أشرنا أنّ هذا اليوم هو اليوم الأحمدي وما قلنا اليوم المحمّدي لأنّه لولا إسمه أحمد لما كان هناك محمّد فلو لا سريان هذا الإسم أحمد في إسمه محمّد لكان إحتفالنا بإسمه محمّد نقص في الحقائق من حيث أنّ إسمه محمّد يفيد ميلاد حقيقته الظاهرة المحمدية يوم الإثنين فهذه الحقيقة ما كانت لتكون حقيقة فتعرف إلا بمبعثه صلى الله عليه وسلّم وليس بميلاده إذ أنّ الميلاد من حقائق إسمه أحمد والبعث والإرسال من حقائق إسمه محمّد , وإنّما قال الأولياء باليوم المحمدي عوض اليوم الأحمدي من حيث كأنّهما شيئا واحدا لسريان المدد الأحمدي في الحقيقة المحمدية من حيث الجمع والفناء إذ أنّ حقيقته الأحمدية لا تعلّق لها بحقائق الأكوان بل لها تعلّق بحقائق المكوّن خلاف حقيقته المحمدية فهي حقيقة جمع الأنوار المحمدية فهو يوم جمع لذا قال في هذه الحقيقة سيدي أبو العبّاس المرسي ( لي كذا سنة ما غاب عنّي رسول الله طرفة عين ) فهو عبارة عن يوم الجمعة في هذا الجمع وفيه صلّى الله تعالى وملائكته على نبيّه وأمر المسلمين بأن يصلّوا ويسلّموا عليه لذا أمرنا رسول الله أن نصلّي عليه ونكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم فهو يوم جمع فيه صلى الله عليه وسلّم فهذه الحقيقة المحمّدية هي باطن الحقيقة الآدمية لذا خلق آدم يوم الجمعة وفيه أنزل إلى الأرض وفيه تقوم الساعة لأنّه يوم صفات أمّا يوم الإثنين فهو يوم ذات فهو خاصّ بأحمد صلى الله عليه وسلّم , فأضحى الإحتفال بهذا اليوم هو الإحتفال برسول الله في حقيقته الآدمية الظاهرة التي خرجت يوم الإثنين وفي حقيقته المحمدية الباطنة التي هي باطن حقيقته الآدمية أمّا الإحتفال الحقيقي فهو بباطن حقيقته المحمّدية التي هي الحقيقة الأحمدية , لذا إحتفلنا بيوم الإثنين هذا الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان الإحتفال حقيقة بحقيقته الأحمدية التي هي السرّ الإلهي الساري وهو سرّ العبودية
وقد أوضح لنا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أمره لنا بأن نصوم يوم الإثنين لأنّه يوم ولد فيه إشارة إلى أنّ هذا اليوم هو اليوم الرباني ثمّ أنّه نهانا عن صيام يوم الجمعة لتفهم عنه من حيث الحقائق فهل خرجت الشريعة إلاّ من عين الحقيقة ؟؟؟ فإنّ الشريعة هو قوله ( إقرأ ) والحقيقة قوله ( علّم ) فالشريعة إكتساب أمّا الحقيقة فوهب خالص
وإنّما ذهبت هذا المذهب في ذكر المولد لما رأيته من خلط بين الحقائق فإنّ هذا اليوم لا تعلّق له بالإسراء والمعراج مجال الحقيقة المحمدية , ولا تعلّق له بالشرائع ولا بالبعثة , بل متعلّقه الوحيد هو سرّ التوحيد الخاصّ من حيث ( كان الله ولا شيء معه ) كما في الحديث فهو يوم أحمدي لذا فهم عيسى هذا في قوله ( مبشّرا برسول ) أي في الخروج ( إسمه أحمد ) أي في الحقيقة لذا تجد الأولياء يكتبون في كتبهم في بعض الأحيان ( بسرّ محمّد ) فيعنون حقيقة عبوديته لربّه عليه الصلاة والسلام
فكان هذا الوصال كاملا بين هذا المولد الشريف وبين حضرة الربوبية ولا أعني الإتّصال بل قلت الوصال فإنّ الوصال هو المحبّة ( فإذا أحببته كنته ) فهذا دين الحبّ وليس هو دين الإتّحاد والحلول فالفرق بينهما واضح حتى لا يفهم عنّي ما لا أقصد فكانت هذه الليلة هي الليلة الربانية في الحقيقة في تنزل الرحمات والخيرات وتغفر الذنوب وتستر العيوب فهذا اليوم هو أعظم باب أنت داخل منه على الله تعالى لأنّ الفرحة لا تكون إلاّ من أنفاس الحضرة فلا معنى للجنّة من غير أنفاس الحضرة لذا أشار عيسى إلى هذه الحقيقة غاية الإشارة لأنّ علوم سيدنا عيسى علوم إشارة ولا يفهم غير الإشارة وهكذا من كان على قدمه لقوله تعالى ( فأشارت إليه ) فلمّا أشارت إليه تكلّم ( والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا ) فذكر الأيّام المختصّة به التي هي نسخة أيام الحقيقة الأحمدية فهي فرحة بهذا الميلاد الذي ذكره عيسى من حيث أنّه روح الله فلا يمكن أن تكون الفرحة بغير هذا النفس الرباني وبغير هذه الحقيقة الأحمدية لأنّها حقيقة عبودية فلا يمكنك أن تفرح إلاّ بعبوديتك فهو يوم يستوجب الفرحة فلا بدّ منها وبهذا نطق عيسى عليه السلام ففرحتك بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم هي فرحتك في الحقيقة بعبوديتك فإنّ حقائق الفرحة بالميلاد هي حقائق ربّانية أي ميلاد أهل الحضرة لا غيرهم
فهذه البعض من حقائق المولد النبوي الشريف أكتبها لمن يفهمها من الصوفية
فصلى الله وسلّم وبارك على هذا النبيّ الكريم وعلى آله وصحابته وأزواجه وأحبابه إلى يوم الدين
والسلام
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: هذا مولد أحمد وهذا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله وآله وصحبه والمسلمين
لا بدّ أن نعلم مسألة الأسماء التوقيفيّة الإلهية التي سمّى الله بها نفسه وكذلك لا بدّ لنا من معرفة الأسماء التوقيفية التي سمّى الله بها خلقه وفي أوّلهم أسماء حبيب الله وأسماء الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام أجمعين كأحمد وعيسى ويحيى وكأسماء الملائكة...إلخ , فعلوم الأسماء من أجلّ العلوم الإلهية وهذا بحر كبير متلاطم الأمواج وبما أنّنا في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف أحببنا أن نذكر ما يجود به الجواد سبحانه بخصوص أسماء الحبيب نور العين وكحلها صلى الله عليه وسلّم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما في خطبة الفتوحات للشيخ الأكبر في عالم المثال ( إنّ فيك شعرة منّي لا صبر لها عنّي ) وهذا حقّ فإنّه لا بدّ لها من الرجوع ( معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) فمن وجدنا متاعنا عنده أخذناه كلّه فهذا الأخذ وإلاّ فإّنه لا أخذ , فلماذ لم يأخذ أحد آخر غيره من إخوته لمّا عرضوا ذلك عليك بل قال (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) فإنّما وضع متاعه عنده ليأخذه في دين الملك
فكان سيدي محي الدين رضي الله عنه محمّدي خالص وهكذا من كان على شاكلته ممّن شرب ممّا منه شرب وكرع من الفيض المحمّدي والأحمدي الأقدس , فما تراه من الحقائق والمشارب في المشارق والمغارب الذي نطق به العارفون وأخرجه من أفئدتهم الصادقون في الحقيقة مشارب محمّدية وأذواق أحمدية فهي كلّها من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم سواء منها الأحمدية أو المحمّدية فما خرجت حقيقة من الحقائق في الوجود إلا بمفتاح قولنا ( أشهد أن لا إله إلاّ الله --- وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) فإنّه لا تخرج أصلا حقيقة في الوجود إلاّ بعد التلفّظ بهذه الشهادة وكذلك لا تلقى الرحمة الخاصّة في قلب عبد من العباد إلا بهذه الشهادة فإنّ الحقائق الظاهرة والباطنة وكذلك العلوم لا يمكن أن تخرج إلاّ من هاتين الحضرتين , حضرة الألوهية , والحضرة المحمّدية , فإنّ مقتضى الشهادة في أعلى مراتبها أنّك لا تشهد مع الله سواه ثمّ متى خرجت من عنده فإنّك لا ترى مع حبيبه سواه وهذا معنى حقيقة ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) المكتوبة على العرش والمسموعة في الآذان , ونعني بالخروج من عنده أي من حضرة شهود الذات إلى حضرة شهود الصفات , فإنّه ليس هناك غير هاتين الحقيقتين ( أشهد أن لا إلاّ الله ) الحقيقة الإلهية , ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) الحقيقة المحمّدية , والواسطة التي بينهما هي الحقيقة الأحمدية التي هي حضرة العبودية الجامعة فهي البرزخ بين الحضرة المحمّدية وبين الحضرة الربانية حتى يبقى الربّ ربّا ويبقى العبد عبدا فلا يطغى هذا على هذا فكان صلى الله عليه وسلّم سيّد العابدين وأوّلهم , فإنّه لا يمكن أن يعرف شيء من الحقائق الربّانية أزلا وأبدا إلا عن طريق الحبيب محمّد صلى الله عليه وسلّم , أمّا متى أردت أن تستفيد وتستزيد من الحقائق لقوله ( وعندنا مزيد ) فتسأل وتقول : ( ما الحكمة في عدم ورود إسمه أحمد في الشهادة بل ورد محلّه إسمه محمّد ) أجبتك من فضل الله فقلت لك : هناك فرق بين العبودية وبين الحقيقة , فالأحمدية للعبودية , والمحمّدية للحقيقة , فالعبودية لها ما يقابلها وهي حضرة الألوهية , أمّا الحقيقة فيقابلها الربوبية , فكانت الحقيقة هي رسول الله إليك لتعبده فيها أي تعبده على الحقيقة (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ) فالحقيقة تعطيك مشهدين , مشهد حقيقة الربوبية وهذا لا يمكنك أن تعلمه إلاّ عن طريق الحقيقة المحمّدية , ثمّ تعطيك مشهد حقيقة الألوهية وهذا لا يمكنك أن تفهمه إلاّ عن طريق حقيقة العبودية , فاشتملت شهادة التوحيد على إسمه الله قبل إسمه الربّ , فإسمه الربّ في طي إسمه الله الإسم الجامع , وإسم النبيّ أحمد في طي إسمه محمّد , وتفصيل هذا كالآتي : إنّما جمع إسمه الله جميع أسمائه وهو إسم الألوهية ولم يجمع إسمه الربّ إسمه الله , لأنّ إسمه الربّ هو جامع للصفات فهو رئيسها وليس هو إسم ذات بمعنى أنّه ليس بجامع للاسماء مع الصفات لذا لم يرد إسمه الربّ في أسمائه الحسنى فليس هو من حضرة الأسماء لذا قال له ( واذكر إسم ربّك ) أي أذكر إسم جامع الصفات ليدلّك على الذات وإسمي هو ( الله ) أي لا تتوجّه في صفاتي كلّها إلاّ إليّ حتى لا تدّعيها أصلا لأنّه فيها شبهة الدعوى بما أنّك رسول الله وأنك محمّد حتّى لا يظنّوا عندما يعاينوا حقيقتك المحمّدية أنّك أنت الإسم الجامع للصفات بل أنت خليفة الإسم الربّ في هذا فأنت خليفة صفات ولست خليفة ذات فانظر ترتيب المراتب واستقم كما أمرت , وأنت تعلم أنّ إسمه الله هو إسم ذات جامع للأسماء والصفات فكلّ إسم أو صفة يرجع إليه , فجمع هذا الإسم حقيقتين : حقيقة الألوهية وحقيقة الربوبية حتى لا تنسب شيئا لغيره سبحانه وتعالى إيجادا وإمدادا ( والله خالق كلّ شيء ) كي لا تبقى مع شيء سواه فترى الحقيقة بسريان الحقّ فيها فتتوجّه إليه في تلك الحقيقة فلا تقف معها وتفرح فتستدرج وتطرد فتفهم هنا الحقيقة المحمّدية بسريان إسمه أحمد فيها الذي هو إسم عبودية فلا تنسب للحضرة المحمّدية خلقا ولا إيجادا
لذا أورد في الشهادة إسمه محمّد لأنّ حقيقته المحمّدية تقابلها حقيقة الربوبية , فلو أخرجه بإسمه أحمد إنحجبت حقيقته المحمّدية لأنّ متعلّق هذا الإسم ( أحمد ) الذات , لذا قلنا في المشاركة السابقة بأنّ إسمه أحمد إسم ذات أي ذات محمّد فالإسم يعطيك حقيقة المسمّى به من حيث صفاته لذا وردت الأسماء للدلالة على الصفات وهناك إسم جامع يدلّ على الذات بصفاتها وهذا إسمه ( الله ) فلو ردّ إسم أحمد بدل إسمه محمّد لأعطاك هذا الإسم وصفه فما رأيت في الأكون حقيقة إلهية أصلا بل لا ترى إلاّ حقائق العبودية من عجز وذلّ وفقر فلا تشهد شيئا من أسماء الجمال الإلهي والغنى أي البقاء به , وأنت تعلم أنّ هذا الكون أوجده الله تعالى بأسماء جماله ( أحسن كلّ شيء خلقه ) من حضرة الإحسان والفضل والإكرام ( ولقد آتاكم من كلّ ما سألتموه ) وإنّما خفي إسمه أحمد في إسمه محمّد وما ظهر حتى تتمتّع بمشهدين : مشهد العبودية ومشهد الحقيقة المحمّدية , فتكون مثل الأمير ( عبد مكرّم ومعزّز ) ففي عبوديتك التي هي الفناء يردّك منها إلى عالم البقاء لتتمتّع بمشاهدة جماله في كلّ شيء من حيث الحقيقة المحمّدية إذ أنّك لا تطيق أن تشاهد جماله من غير حجاب وهذا الحجاب هو الحقيقة المحمّدية وإنّما نسبها إليه كي لا تزاحم هذه الحقيقة المحمّدية حقيقة الربوبية من الخلق والإيجاد فتتمتّع بتفصيل المراتب والحقائق ببصر الجمال , أمّا لو لم يسمّه أحمد وإكتفى بتسميته بإسمه محمّد لزاحمت هذه الحقيقة الربوبية ففسدت العبودية المطلوبة في هذا التفصيل وهذا غير مراد وإنّما أوجد ما أوجد للعبادة مع التكريم لذا قال له ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام ) : ذو الجلال : عبودية , والإكرام : بقاء به في جنّة المعارف في جنّة الزخارف . وعليه فإنّ الشرائع وهي معنى الإرسال جاءت لتحقيق هذا النفس التوحيدي وهي علوم الأسماء لذا فلا بدّ لكلّ حقيقة أن تشهد لها شريعة وإلاّ فمتى لم تشهد لها شريعة فتخاف أن توقعك في حقائق الربوبية فتحجب بها عن الألوهية فتعوجّ وتتنكّب الصراط المستقيم فلا تظنّ أنّ علم الحقيقة علم النجاة بل هو للضعيف علم هلاك وليس هو بحجّة أصلا بل الحجّة لله عليه هو هذا العلم علم الشرائع وهو علم الأسماء لأنّك متى فارقت علم الأسماء وقعت في الآيات المتشابهات فحذّرك أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه في قوله ( إذا خالف كشفك الصحيح الكتاب والسنّة فدع الكشف جانبا واعمل بالكتاب والسنّة ) حتى لا تستدلّ على غير الله فتكون في عبوديتك صحيحة مستقيمة طاهرة غير مدخولة هذا واعلم أن الشيطان يعلم هذه الحقائق فدخل منها على كثير من أهل السلوك لذا خيف على من سبق جذبه سلوكه , بخلاف النبوّة فهي للصفات أكثر منها للأسماء فلو لا ظهورنا في عالم الأسماء والظهور لما أحسنّا أن نتمتّع بعبادة الله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون )
فهذا مشهده الذي قال لك فيه ( أشهد أن لا إله إلا الله ) عبودية ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) إكرام وجمال لذا قال لنا تنبيها ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) من حيث حقيقته المحمّدية , فالعبد هنا عليه بالإختيار فهل يبقى في هذه الحقيقة فيتمتّع بها ويأكل ويشرب كما تأكل الأنعام , أو أن يعبد الله فيها فإنّ الله لا يحبّ أن يعصى بنعمه , وإنّما جعل هذه الحقيقة واسطة فيما بين الربوبية وبين الخلق لأنّ الخلق لو لا تلك الحقيقة لما إستطاعوا أن يتمتّعوا بشيء ولا أن يكرموا بشيء , فانظر فضل الله عليك وعنايته بك ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها )
فهذه نبذة موجزة عن حقيقة الأسماء المقول فيها ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ) أي ليعبده فيها كلّها فالأسماء للعبودية وهي لا تدلّ إلا على ذات المسمّى به فتشاهد بها صفاته , وهناك فرق بين أن تشاهد الصفات بداية فتبقى معها وبين أن تشاهد الذات عن طريق صفاتها لأنّه مشهدك منها لكن هذا المشهد الأوّل متى وقفت معه حجبت به عن المشهد الثاني الذي هو شهودك الذات عن طريق صفاته بمدد عبوديتك وطلبك للذات فيسري فيك هنا سرّ التوحيد , فمن هذه المقامات تعرف توجّهات الأشياخ ومقاماتهم في المعرفة ( وفوق كلّ ذي علم عليم ) لذا تعيّن عليك وتأكّد مصاحبة العارفين أهل اليقين ليخرجوك من أوحال الدعوى , لأنّ الدعوى حال إبليسي لمّا إدّعى في مشهد الربوبية أنّه خير من آدم فحجب وقتها عند قوله عن حضرة عبوديته أي حجب عن حضرة الألوهية لذا تعيّن الأشياخ كي لا تقف لأنّ الشيطان وقف في الطريق فهو هناك واقف وقد إعترض طريق سيّنا محمّد صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء والمعراج فناداه فما إلتفت إليه في صورة شيخ كبير فها قد أوضحت لك مكان الشيطان في سلوكك فإنّه عارف بالطريق فلو لا معرفته به لما قال لله تعالى ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) فهو عارف به لعنه الله
فهذا إسمه أحمد وهذا إسمه محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
يتبع ...
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله وآله وصحبه والمسلمين
لا بدّ أن نعلم مسألة الأسماء التوقيفيّة الإلهية التي سمّى الله بها نفسه وكذلك لا بدّ لنا من معرفة الأسماء التوقيفية التي سمّى الله بها خلقه وفي أوّلهم أسماء حبيب الله وأسماء الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام أجمعين كأحمد وعيسى ويحيى وكأسماء الملائكة...إلخ , فعلوم الأسماء من أجلّ العلوم الإلهية وهذا بحر كبير متلاطم الأمواج وبما أنّنا في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف أحببنا أن نذكر ما يجود به الجواد سبحانه بخصوص أسماء الحبيب نور العين وكحلها صلى الله عليه وسلّم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما في خطبة الفتوحات للشيخ الأكبر في عالم المثال ( إنّ فيك شعرة منّي لا صبر لها عنّي ) وهذا حقّ فإنّه لا بدّ لها من الرجوع ( معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) فمن وجدنا متاعنا عنده أخذناه كلّه فهذا الأخذ وإلاّ فإّنه لا أخذ , فلماذ لم يأخذ أحد آخر غيره من إخوته لمّا عرضوا ذلك عليك بل قال (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) فإنّما وضع متاعه عنده ليأخذه في دين الملك
فكان سيدي محي الدين رضي الله عنه محمّدي خالص وهكذا من كان على شاكلته ممّن شرب ممّا منه شرب وكرع من الفيض المحمّدي والأحمدي الأقدس , فما تراه من الحقائق والمشارب في المشارق والمغارب الذي نطق به العارفون وأخرجه من أفئدتهم الصادقون في الحقيقة مشارب محمّدية وأذواق أحمدية فهي كلّها من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم سواء منها الأحمدية أو المحمّدية فما خرجت حقيقة من الحقائق في الوجود إلا بمفتاح قولنا ( أشهد أن لا إله إلاّ الله --- وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) فإنّه لا تخرج أصلا حقيقة في الوجود إلاّ بعد التلفّظ بهذه الشهادة وكذلك لا تلقى الرحمة الخاصّة في قلب عبد من العباد إلا بهذه الشهادة فإنّ الحقائق الظاهرة والباطنة وكذلك العلوم لا يمكن أن تخرج إلاّ من هاتين الحضرتين , حضرة الألوهية , والحضرة المحمّدية , فإنّ مقتضى الشهادة في أعلى مراتبها أنّك لا تشهد مع الله سواه ثمّ متى خرجت من عنده فإنّك لا ترى مع حبيبه سواه وهذا معنى حقيقة ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) المكتوبة على العرش والمسموعة في الآذان , ونعني بالخروج من عنده أي من حضرة شهود الذات إلى حضرة شهود الصفات , فإنّه ليس هناك غير هاتين الحقيقتين ( أشهد أن لا إلاّ الله ) الحقيقة الإلهية , ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) الحقيقة المحمّدية , والواسطة التي بينهما هي الحقيقة الأحمدية التي هي حضرة العبودية الجامعة فهي البرزخ بين الحضرة المحمّدية وبين الحضرة الربانية حتى يبقى الربّ ربّا ويبقى العبد عبدا فلا يطغى هذا على هذا فكان صلى الله عليه وسلّم سيّد العابدين وأوّلهم , فإنّه لا يمكن أن يعرف شيء من الحقائق الربّانية أزلا وأبدا إلا عن طريق الحبيب محمّد صلى الله عليه وسلّم , أمّا متى أردت أن تستفيد وتستزيد من الحقائق لقوله ( وعندنا مزيد ) فتسأل وتقول : ( ما الحكمة في عدم ورود إسمه أحمد في الشهادة بل ورد محلّه إسمه محمّد ) أجبتك من فضل الله فقلت لك : هناك فرق بين العبودية وبين الحقيقة , فالأحمدية للعبودية , والمحمّدية للحقيقة , فالعبودية لها ما يقابلها وهي حضرة الألوهية , أمّا الحقيقة فيقابلها الربوبية , فكانت الحقيقة هي رسول الله إليك لتعبده فيها أي تعبده على الحقيقة (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ) فالحقيقة تعطيك مشهدين , مشهد حقيقة الربوبية وهذا لا يمكنك أن تعلمه إلاّ عن طريق الحقيقة المحمّدية , ثمّ تعطيك مشهد حقيقة الألوهية وهذا لا يمكنك أن تفهمه إلاّ عن طريق حقيقة العبودية , فاشتملت شهادة التوحيد على إسمه الله قبل إسمه الربّ , فإسمه الربّ في طي إسمه الله الإسم الجامع , وإسم النبيّ أحمد في طي إسمه محمّد , وتفصيل هذا كالآتي : إنّما جمع إسمه الله جميع أسمائه وهو إسم الألوهية ولم يجمع إسمه الربّ إسمه الله , لأنّ إسمه الربّ هو جامع للصفات فهو رئيسها وليس هو إسم ذات بمعنى أنّه ليس بجامع للاسماء مع الصفات لذا لم يرد إسمه الربّ في أسمائه الحسنى فليس هو من حضرة الأسماء لذا قال له ( واذكر إسم ربّك ) أي أذكر إسم جامع الصفات ليدلّك على الذات وإسمي هو ( الله ) أي لا تتوجّه في صفاتي كلّها إلاّ إليّ حتى لا تدّعيها أصلا لأنّه فيها شبهة الدعوى بما أنّك رسول الله وأنك محمّد حتّى لا يظنّوا عندما يعاينوا حقيقتك المحمّدية أنّك أنت الإسم الجامع للصفات بل أنت خليفة الإسم الربّ في هذا فأنت خليفة صفات ولست خليفة ذات فانظر ترتيب المراتب واستقم كما أمرت , وأنت تعلم أنّ إسمه الله هو إسم ذات جامع للأسماء والصفات فكلّ إسم أو صفة يرجع إليه , فجمع هذا الإسم حقيقتين : حقيقة الألوهية وحقيقة الربوبية حتى لا تنسب شيئا لغيره سبحانه وتعالى إيجادا وإمدادا ( والله خالق كلّ شيء ) كي لا تبقى مع شيء سواه فترى الحقيقة بسريان الحقّ فيها فتتوجّه إليه في تلك الحقيقة فلا تقف معها وتفرح فتستدرج وتطرد فتفهم هنا الحقيقة المحمّدية بسريان إسمه أحمد فيها الذي هو إسم عبودية فلا تنسب للحضرة المحمّدية خلقا ولا إيجادا
لذا أورد في الشهادة إسمه محمّد لأنّ حقيقته المحمّدية تقابلها حقيقة الربوبية , فلو أخرجه بإسمه أحمد إنحجبت حقيقته المحمّدية لأنّ متعلّق هذا الإسم ( أحمد ) الذات , لذا قلنا في المشاركة السابقة بأنّ إسمه أحمد إسم ذات أي ذات محمّد فالإسم يعطيك حقيقة المسمّى به من حيث صفاته لذا وردت الأسماء للدلالة على الصفات وهناك إسم جامع يدلّ على الذات بصفاتها وهذا إسمه ( الله ) فلو ردّ إسم أحمد بدل إسمه محمّد لأعطاك هذا الإسم وصفه فما رأيت في الأكون حقيقة إلهية أصلا بل لا ترى إلاّ حقائق العبودية من عجز وذلّ وفقر فلا تشهد شيئا من أسماء الجمال الإلهي والغنى أي البقاء به , وأنت تعلم أنّ هذا الكون أوجده الله تعالى بأسماء جماله ( أحسن كلّ شيء خلقه ) من حضرة الإحسان والفضل والإكرام ( ولقد آتاكم من كلّ ما سألتموه ) وإنّما خفي إسمه أحمد في إسمه محمّد وما ظهر حتى تتمتّع بمشهدين : مشهد العبودية ومشهد الحقيقة المحمّدية , فتكون مثل الأمير ( عبد مكرّم ومعزّز ) ففي عبوديتك التي هي الفناء يردّك منها إلى عالم البقاء لتتمتّع بمشاهدة جماله في كلّ شيء من حيث الحقيقة المحمّدية إذ أنّك لا تطيق أن تشاهد جماله من غير حجاب وهذا الحجاب هو الحقيقة المحمّدية وإنّما نسبها إليه كي لا تزاحم هذه الحقيقة المحمّدية حقيقة الربوبية من الخلق والإيجاد فتتمتّع بتفصيل المراتب والحقائق ببصر الجمال , أمّا لو لم يسمّه أحمد وإكتفى بتسميته بإسمه محمّد لزاحمت هذه الحقيقة الربوبية ففسدت العبودية المطلوبة في هذا التفصيل وهذا غير مراد وإنّما أوجد ما أوجد للعبادة مع التكريم لذا قال له ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام ) : ذو الجلال : عبودية , والإكرام : بقاء به في جنّة المعارف في جنّة الزخارف . وعليه فإنّ الشرائع وهي معنى الإرسال جاءت لتحقيق هذا النفس التوحيدي وهي علوم الأسماء لذا فلا بدّ لكلّ حقيقة أن تشهد لها شريعة وإلاّ فمتى لم تشهد لها شريعة فتخاف أن توقعك في حقائق الربوبية فتحجب بها عن الألوهية فتعوجّ وتتنكّب الصراط المستقيم فلا تظنّ أنّ علم الحقيقة علم النجاة بل هو للضعيف علم هلاك وليس هو بحجّة أصلا بل الحجّة لله عليه هو هذا العلم علم الشرائع وهو علم الأسماء لأنّك متى فارقت علم الأسماء وقعت في الآيات المتشابهات فحذّرك أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه في قوله ( إذا خالف كشفك الصحيح الكتاب والسنّة فدع الكشف جانبا واعمل بالكتاب والسنّة ) حتى لا تستدلّ على غير الله فتكون في عبوديتك صحيحة مستقيمة طاهرة غير مدخولة هذا واعلم أن الشيطان يعلم هذه الحقائق فدخل منها على كثير من أهل السلوك لذا خيف على من سبق جذبه سلوكه , بخلاف النبوّة فهي للصفات أكثر منها للأسماء فلو لا ظهورنا في عالم الأسماء والظهور لما أحسنّا أن نتمتّع بعبادة الله تعالى ( وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون )
فهذا مشهده الذي قال لك فيه ( أشهد أن لا إله إلا الله ) عبودية ( وأشهد أنّ محمّد رسول الله ) إكرام وجمال لذا قال لنا تنبيها ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) من حيث حقيقته المحمّدية , فالعبد هنا عليه بالإختيار فهل يبقى في هذه الحقيقة فيتمتّع بها ويأكل ويشرب كما تأكل الأنعام , أو أن يعبد الله فيها فإنّ الله لا يحبّ أن يعصى بنعمه , وإنّما جعل هذه الحقيقة واسطة فيما بين الربوبية وبين الخلق لأنّ الخلق لو لا تلك الحقيقة لما إستطاعوا أن يتمتّعوا بشيء ولا أن يكرموا بشيء , فانظر فضل الله عليك وعنايته بك ( وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها )
فهذه نبذة موجزة عن حقيقة الأسماء المقول فيها ( وعلّم آدم الأسماء كلّها ) أي ليعبده فيها كلّها فالأسماء للعبودية وهي لا تدلّ إلا على ذات المسمّى به فتشاهد بها صفاته , وهناك فرق بين أن تشاهد الصفات بداية فتبقى معها وبين أن تشاهد الذات عن طريق صفاتها لأنّه مشهدك منها لكن هذا المشهد الأوّل متى وقفت معه حجبت به عن المشهد الثاني الذي هو شهودك الذات عن طريق صفاته بمدد عبوديتك وطلبك للذات فيسري فيك هنا سرّ التوحيد , فمن هذه المقامات تعرف توجّهات الأشياخ ومقاماتهم في المعرفة ( وفوق كلّ ذي علم عليم ) لذا تعيّن عليك وتأكّد مصاحبة العارفين أهل اليقين ليخرجوك من أوحال الدعوى , لأنّ الدعوى حال إبليسي لمّا إدّعى في مشهد الربوبية أنّه خير من آدم فحجب وقتها عند قوله عن حضرة عبوديته أي حجب عن حضرة الألوهية لذا تعيّن الأشياخ كي لا تقف لأنّ الشيطان وقف في الطريق فهو هناك واقف وقد إعترض طريق سيّنا محمّد صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء والمعراج فناداه فما إلتفت إليه في صورة شيخ كبير فها قد أوضحت لك مكان الشيطان في سلوكك فإنّه عارف بالطريق فلو لا معرفته به لما قال لله تعالى ( لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ) فهو عارف به لعنه الله
فهذا إسمه أحمد وهذا إسمه محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
يتبع ...
علي- عدد الرسائل : 1131
العمر : 53
تاريخ التسجيل : 30/09/2008
رد: هذا مولد أحمد وهذا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
جزاكم الله خير الجزاء
زادكم الله تعالى من فضله و نفع بكم آمين
و صلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي الكريم و على آله و صحبه و سلم
محبة أهل الله- عدد الرسائل : 81
العمر : 51
المزاج : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
تاريخ التسجيل : 18/10/2010
مواضيع مماثلة
» محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم )
» هلمّ بنا نصلّي على محمّد صلّى الله عليه وسلّم
» صور من المدينة المنورة
» هل تمكن رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة ؟
» من وصايا الشّيخ أحمد العلاوي للشّيخ محمّد المدني رضي الله عنها
» هلمّ بنا نصلّي على محمّد صلّى الله عليه وسلّم
» صور من المدينة المنورة
» هل تمكن رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة ؟
» من وصايا الشّيخ أحمد العلاوي للشّيخ محمّد المدني رضي الله عنها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 23 نوفمبر 2024 - 22:05 من طرف أبو أويس
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس