بحـث
المواضيع الأخيرة
منتدى
"هذا مذهب كلّه جد فلا تخلطوه بشيء من الهزل. "
قال أحمد الخرّاز: " صحبت الصوفية ما صحبت فما وقع بيني وبينهم خلاف، قالوا: لماذا، قال: لأني كنت معهم على نفسي"
نوفمبر 2024
الأحد | الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | |||||
3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 |
10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 |
17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 |
24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الخصائص العامة للطريق العلاوية
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الخصائص العامة للطريق العلاوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإ حسان آلي يوم الدين.
مدخل :
الطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية إحدى الطرق الصوفية التي ظهرت في المغرب العربي في أوائل القرن العشرين .
ولقد نشأت وترعرعت على يد مؤسسها الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي (1869—1934 )
سنة (1915) .. وهي امتداد للطريقة الدرقاوية الشاذلية , واحد الفروع المهمة للطريقة الشاذلية التي أسست على يد الشيخ الأكبر آبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه المتوفى سنة (656 ) ه .
وقد انتشرت الطريقة الشاذلية انتشارا كبيرا في العالم الإسلامي شرقا وغربا وربت أجيالا ورث بعضها البعض العلوم الربانية والأسرار والأنوار المحمدية آلي أن وصلت ألينا جيلا بعد جيل تنشر بيننا الخير والبركة والنور .
والطريقة العلاوية هي امتداد لطريق القوم المؤسسة على معرفة أحكام الشريعة والعمل بها , وكثرة ذكر الله تعالى , فبمعرفة العلم تؤدي العبادات على وجه صحيح وتعرف العقيدة الصحيحة بعيدا عن الزيغ والظلال , وبكثرة الذكر تصفو النفوس من اكدارها وترجع ألي فطرتها وتميل ميلا طبيعيا للتمسك بالطاعات مع الإخلاص والمراقبة.
والطريق العلاوية تمثل هذا الاتجاه اصدق تمثيل فهي مؤسسة على الكتاب والسنة وخالية من البدع والافتراءات .
وقد تأسست الطريقة على يد الشيخ العارف بالله والدال عليه الشيخ الأكبر والغوت الأشهر سيدي (احمد بن مصطفى العلاوي المستغانمي ) سنة (1915) .
واتسمت الطريق بمزايا جمة وفوائد كثيرة أهمها:
--- التصوف القلبي والذكر والاستغراق فيه مع عدم حرمان النفس من حلالها .
وكانت هذه الطريقة من قبل تسمى بالطريقة الدرقاوية نسبة إلى الشيخ (العربي بن احمد الدرقاوي ) رضي الله عنه أرضاه .
هذا ومن المعلوم انه ما من شيخ تسمت الطريقة باسمه الأول من الفتح الرباني والنور النبوي ما يعم القريب والبعيد فيكثر اتباعه وتتداول مؤلفاته ويهتدي به خلقا كثيرا ويظهر على يديه الكثير من الفتوحات والكرامات , ولقد توفر ذلك كله للشيخ ( احمد العلاوي ) فكان بحق مجددا لعقائد الأيمان ورافعا للواء الإسلام , ولهذا سميت الطريقة باسم الشيخ العلاوي فأصبحت تعرف ( بالطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية ) , وفي ذلك يقول الإستاد احمد العلاوي
صرح يا راوي باسم العلاوي بعد الدرقاوي خلفه الله
هذا وقد جمعت الطريقة العلاوية كل خصائص التصوف , فكانت بحق مدرسة شهد لها الجمع الغفير من علماء المسلمين شرقا وغربا بالتميز , وشع نورها في جميع أقطاب الأرض , وعم خيرها جميع أفراد المسلمين المنتسبين إليها فلله الحمد .
الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي
(1869--- 1934)
هو الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي , ولد بمدينة مستغانم سنة (1869 ) م وبها نشاء وترعرع , والتقى بشيخه محمد بن الحبيب البوزيدي فاخذ عنه ولازمه واقتدى به ففتح الله عليه وصار من اكمل اهل الله علما وعملا وسارت مؤلفاته وتصانيفه في الغرب والشرق مشيدة بفضله وعو كعبه .
لم يدخل رضي الله عنه أي مدرسة او كتاب لتحفيظ القران الكريم على عادة اهل ذلك الزمان وانما تعلم بعض قصار السور عن ابيه الذي لم يكن له ابن سواه , فكانت علومه وهبية ربانية مثل كثير من السلف الطيب , فكان علم زمانه في العلوم الاسلامية اضافة الى اجادته للغة الفرنسية .
اصدر جريدة لسان الدين سنة (1922 ) والتي نجحت للتصدي لكثير من المخططات الفرنسية الظالمة تم اوقفها بعد اربع سنوات ليصدر جريدة (البلاغ ) .
اخذ عنه الطريقة في حياته المباركة ما يقرب من المائة الف عدا من اخذ عن اتباعه من بعده , وانتشرت الطريقة العلاوية في المغرب والمشرق , اشتد به المرض سنة (1932 ) ولازمه الى ان انتقل الى ربه سنة (1934 ) رحمه الله رحمة واسعة
ان من يمعن النظر ويدقق البحث في الطريقة العلاوية والمدارس الصوفية في المغرب العربي بصفة خاصة يجدها تتصف بخصائص ثلاث :
n البعد عن التجزوء : وهو جمعها بين الشريعة والحقيقة
n البعد عن التجرد : او الجمع بين التسبب والتجرد
n البعد عن التسيس : او الخاصية الاخلاقية
هذه الخصائص الثلاث جعلت الطرق الصوفية المغربية ( وخاصة الطريقة العلاوية ) مقبولة عند الخاصة والعامة .
وسنتناول بالشرح والتحليل كل خاصية من هذه الخصائص في محاولة للتقرب اكثر من االطريقة العلاوية ومعرفة خصائصها واهدافها :
1—الجمع بين الشريعة والحقيقة
-
جاءت الطريقة العلاوية بفضل الله ومنته جامعة بين الفقه والتصوف , فالفقه في معناه الاصلي الواسع هو موافقة احكام الشريعة ظاهرا وباطنا بحيث تكون الاعمال الظاهرية متوافقة في صيغتها مع الاعمال الباطنية قال الشيخ رضي الله عنه:
مريدي كونا حفيظ حدود الشريعة تمسك بها تفيد كمال الحقيقة
ولقد كان ومازال اغلب رجال الطريقة العلاوية فقهاء او محدثين او حملة قران او حفا ظللمتون العلمية المختلفة ويشتغلون بالتدريس او بالتحفيظ .
ولقد شارك اغلب رجال الطريقة العلاوية الفقاء فيما هم فيه من القيام على اداء الاعمال الظاهرة بل نافسوا في ذلك الفقراء الاخرين حتى قاموا بما وقف دونه الفقاء الاخرين فاستبطوا الوسائل التي تعين على نشر العقيدة الاسلامية السليمة , وعملوا على ترسخها في النفوس , ورفعوا من اداء قدرة العامة على اداء شعائرهم وفرائضهم بتبسيط العلوم الفقهية والعقائدية
ومنهم من انتقل الى البوادي والاصقاع يعلمون الناس امور دينهم , كما اقروا انماطا من التعبد كالذكر الجماعي حتى يسمعوا الغافل ويجلبوا العابر ويسروا حفظ القران على الامي , وعملوا على رفع الموانع الت تحول بين العامي ومعرفة ربه ومعرفة امور دينه وبسطوها الى درحة انتشرت معها الطريقة في جميع انحاء العالم الاسلامي بل وفي اوربا الغربية وجنوب افريقيا وامريكا واقاصي اسيا .
واما من حيث المعارف الربانية والحقائق العرفانية ,فالطريق معدنها ومادتها , فما من فقير سلك المسلك العلاوي الا وظهرت عليه تباشير الايمان وامتلاء قلبه بالحب والشوق الى الله عزوجل في اقل وقت وبدون تعب ومعاناة قال الاستاد احمد العلاوي في ذلك :
نصحت كل العباد خصوصا اهل البلاد
فمن كان في اجتهاد طالبا يريد الله
ياتي ولو بالتجريب فله منا نصيب
هذا مسلكا قريب اتانا من فضل الله
ننصح له في الطريق يجعلني فيها رفيق
نريه معنى التحقيق خالصا لوجه الله
يوافقني في أيام لا نطلب منه أعوام
فان حصل المرام يكون عبدا لله
هذا من ناحية الجمع بين الحقيقة والشريعة
2--- الجمع بين التجرد والتسبب
واما من جانب الجمع بين التجرد والتسبب فيجب آن نعرف آن التجرد تجردان :
تجرد عن الحظوظ , وتجرد عن الأسباب
وكثيرا ما اختلط على الباحثين والدارسيين والناظرين في التراث الصوفي آمرهما ففصلوا إحداهما عن الآخر .
والصواب هو ما أقرته الطريقة العلاوية وجعلته منهجا لها وهو وقف سير المريد على ترك الحظوظ حتى يتحقق بأفراد الله عز وجل بالقصد في الأعمال
وامتازت الطريق بالتحذير من ترك الأسباب واتحدوا من وسائل ما يمنع ويدفع عنهم الحاجة الى الخلق , فمارسوا التدريس والزراعة والتجارة وكرهوا الكسل آلي مريديهم المتعطلين ونصحوهم باتحاد الحرف وبالبعد عن السؤال , ويتجلى ذلك عند الشيخ احمد العلاوي بصفة خاصة , ولشد ما كانوا يحرصون على ان يكون تعاطي مريديهم للأسباب قائما بشرط الخروج عن التعلق بها حتى يدركوا ان تسببهم بها ليس هو الذي يوصلهم الى تحقيق طلبهم من الرزق وانما موصلهم على الحقيقة هو الرزاق ذو القوة المتين فيكونون في ذات الوقت متجردين ومتسببين.
وعلى الجملة فان الطريق العلاوية تبتعد كل البعد عن التجزوء , وتتجه اتجاها تكامليا صريحا يجعل العمل الروحي جزء من الفقه , والتجرد عن الحظوظ جزاء من التسبب والجهاد جزء من المجاهدة
, وهذه من أسرار قوة وثبات الطريقة العلاوية المباركة .
ومن خصائص الطريقة العلاوية ايضا .:
النفور من الفروع الفقهية :
وقد تجلت هذه الخاصية في الكثير من المشائخ حيث كانوا يحرصون على تبسيط العقائد ومعاني الى الفقراء , وكانوا يغلضون على المتعمقين والمتشدقين ويوجهونخم الى تبسيط مفاهيم الدين .
وقد اقتضى التطور ان يخرج علم الفقه بصفة خاصة عن بساطة اصوله وقرب ماخذ مسائله , الى تعقيدات في القواعد والاحكام , وتفريعات في الاقضية والفتاوي فاظهرت اقوال هذه التشعبات اقوال بعض الفقاء بالنظر المجرد .
اما رجال الطريقة والتصوف فقد ضلووا يدعون الى سلوك يتسم بالبساطة والحيوية ومعتبر لطاقة العامة في التعقل والتفقه , وياخذون من الاراء ما كان تحته عمل , او ما كان داعيا الى العمل , ولذلك كان يقع تقريب ررجال التصوف من العامة , وتنتشر دعوتهم , وتعرض فقهاء الفروع لللابعاد والمضايقة ,
والفقه من الالفاظ التي تم تبديلهاالى معان غير ما اراده السلف الصالح والقرن الاول , نتيجة للاغراض الفاسدة والحظوظ المغرضة ومعاني مذمومة , فقد تصرفوا في الفقه بالتخصيص , اذ خصصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوي , والوقوف على دقائق عللها , واستكتار الكلام فيها وحفظ المقالات المتعلقة بها , فمن كان اشد تعمقا فيها واكثر اشتغالا بها يقال هو الافقه
ولقد كان اسم الفقه في العصر الاول مطلقا على علم الاخرة ومعرفة دقائق مفسدات النفوس ومفسدات الاعمال , وقوة الاحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع الى نعيم الاخرة , واستيلاء الخوف على القلب ويدلك على ذلك قوله تعالى ( ليتفقهوا في الدين وليندروا قومهم اذا رجعوا ) فما يحصل به الانذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق واللعان فذلك لا يحصل به انذار او تخويف بل التجرد له على الدوام يقسي لبقلب وينزع الخشية منه , كما تشهد الاية بقوله تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) والمراد بالفقه هنا واللع اعلم معاني علم الايمان دون الفتاوي قال تعالى ( لانتم اشد رهبة في قلوبهم من الله ) فأحال قلة خوفهم من الله واستعظامهم سطوة الخلق على قلة الفقه , فانظر ان كان ذلك نتيجة عدم الحفظ لتعريفات الفتاوي او هو نتيجة لعدم ما ذكرناه .
قال عليه الصلاة والسلام للذين وفدوا عليه ( علماء حكماء فقهاء )
وسئل احدهم رحمه الله : اي اهل المدينة افقه ؟
فقال : اتقاهم لله تعالى
وقال صلى الله عليه وسلم : الا انبئكم بالفقيه كل الفقيه ؟
قالوا بلى يا رسول الله
قال : من لم يقنط الله من رحمة الناس ولم يؤمنهم مكر الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يدع القران رغبة عنه الى ما سواه )
ولما روي عن انس بن مالك رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم ( لان اقعد مع قوم يذكرون الله من غذوة الى طلوع الشمس احب الي من اعتق اربع رقاب ) والتفت الى زيد الرقاشي وزياد النميري وقال : لم تكن مجالس الذكر مثل مجالسكم هذه يقص احدكم وعظهعلى اصحابه ويسرد الحديث سردا , وانما كنا نقعد فنذكر الايمان ونتدبر القران ونتفقه في الدين ونعد نعم الله علينا
فانظر يا اخي كيف سمى تدبر القران وعد النعم تفقها .
وسال فرقد السبخي رحمه الله الحسن رحمه الله عن الشيء ؟
فقال : ان الفقهاء يخالفونك 0
فقال الحسن رحمه االله : ثكلتك امك فريقد وهل رائيت فقيها بعينك ؟ انما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الاخرة البصير بدينه المداوم على عبادة ربه الورع الكاف نفسه عن اعراض المسلمين العفيف عن اموالهم الناصح لجماعتهم , ولم يقل في ذلك كله الحافظ لفروع القتاوي .
ولم اقل هنا ان اسم الفقه لم يكن متناولا للفتاوي في الاحكام ولكن كان بطريق العموم والشمول , فكان اطلاقهم على علم الاخرة اكثر فبان من هذا التخصيص تلبيس بعض الناس على التجرد له والاعراض عن علم الاخرة واحكام القلوب , ووجدوا على ذلك معينا من الطبع لان علم القلوب غامض والعمل به عسير والتوصل به الى طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذر , فوجد الشيطان ذلك مجالا لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقه الذي هو اسم محمود في الشرع, ولقد استطردنا في الحديث عن هذا الموضوع لان ما رايناه اليوم هذا هو الذي كتبناه ولنيبن موقف رجال الطريقة العلاوية من هذا المنزلق الخطير والدي صرف عن معناه في هذا الوقت العصيب
كل فقيه عليم بالفرض والسنة وانا علمي عظيم ماله نهية
كما اختصت هذه الطريق ب :
النفور من الجدل الكلامي :
لقد قررت الطريقة ضمن منهجها لمفهوم التوحيد ان يقتضي اساسا العمل التعبدي لا النظر التاملي على طريقة اهل الكلام لا يتعدون في هذا النظر الاقدر الذي جاء به الكتاب والسنة وينفرون من الخوض في مسائله التفصيلية ولو مع من اثر عنه التسليم بالتصوف .
ولقد اوصانا علماء ومشائخ هذخ الطريقة بالبعد عن الجدل الكلامي لما فيه من الافات , والحمد لله فكل مريدي هذه الطريقة المباركة وضع لهم القبول وانطقهم بالحكمة ودقائق العلوم فلله الحمد والشكر .
ومن خصائص هذه الطريقة المباركة
النفور من الحكمة العرفانية :
ونعني بها طلب الكرامات والكيمياء وغيرها من افات النفوس , فلقد تسربت الى الممارسة الصوفية بمقتضى التطور والاستمداد من البيئة التوجهات الفكرية والعلمية التي يضيق بها رجال التصوف في المغرب العربي عامة اذ يعدونها من قبيل افات السلوك ينبغي صون النفس عنها .
ومن بعض هذه الافات هي الاشراق الذي استقر عند المغاربة وهو مستمد من النظر الفلسفي الذي ياخذ باطلاق العقل فيعارضه توجههم السني لان العقل اذا لم يقيد مسلكه اعتبار الشرع صار عرضة للاهواء
قال الشيخ رضي الله هنه:
وكل فهم فينا كليل فكم للعقل من عثراث
وكذلك امتياز الفرد عن غيره فيعارض توجههم الجماعي , لان الفرد اذا لم يقيد بالجماعة افقه باعتبار الجماعة صار ضرره اكثر من نفعه .
ولهذا امرنا مشائخنا في هذه الطريقة يعدم مفارقة المريد للجماعة والتمسك بالشريعة المطهرة في الاقوال والافعال والاحوال .
كما استقر عند المغاربة ايضا ان الكمياء مستمدة من الطبع الدنيوي الذي يخالف شاهد العقل ويوقع في الفساد .
اما مخالفة شاهد العقل لان المشتغل بالكمياء يطلب اسبابا باطلة لقلب الاعيان .
واما الايقاع في الفساد فلان هذه الصفة تحمل على ممارسة الغش ةالتدليس فكان ان نهى رجال الطريق عن الاشتغال بها وحذروا مريديهم منها اشد التحذير , ودلوهم على لن الكيمياء الحقيقية هي ان تجاهد النفس حتى تتحول عن اخلاقها وصفاتها الذميمة وتنقلب الى اخلاق حميدة وصفات سنية فهذه هي الكمياء عند اهل الطريق .
اما قضية الكرامات وطلبها فقد بين المشائخ رضي الله عنهم انها قواطع في طريق الله , وحذروا اتباعهم ومريديهم من التشوف لها لما فيها من قدح وخسة همة , اذ على المريد ان يتوجه الى الله تعالى ولا يرضى بشيء حتى يصل الى مطلوبه , وبينوا لهم ان اكبر كرامة هي الاستقامة على شرع الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم
وبالجملة فان الطريقة العلاوية نأت عن منحنى التجريد الذي وقع فيه فقهاء الفروع واهل الكلام واهل العرفان واتجهت اتجاها عمليا في ممارسة التعبد الصحيح والعقيدة السليمة والمعرفة الحقة .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإ حسان آلي يوم الدين.
مدخل :
الطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية إحدى الطرق الصوفية التي ظهرت في المغرب العربي في أوائل القرن العشرين .
ولقد نشأت وترعرعت على يد مؤسسها الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي (1869—1934 )
سنة (1915) .. وهي امتداد للطريقة الدرقاوية الشاذلية , واحد الفروع المهمة للطريقة الشاذلية التي أسست على يد الشيخ الأكبر آبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه المتوفى سنة (656 ) ه .
وقد انتشرت الطريقة الشاذلية انتشارا كبيرا في العالم الإسلامي شرقا وغربا وربت أجيالا ورث بعضها البعض العلوم الربانية والأسرار والأنوار المحمدية آلي أن وصلت ألينا جيلا بعد جيل تنشر بيننا الخير والبركة والنور .
والطريقة العلاوية هي امتداد لطريق القوم المؤسسة على معرفة أحكام الشريعة والعمل بها , وكثرة ذكر الله تعالى , فبمعرفة العلم تؤدي العبادات على وجه صحيح وتعرف العقيدة الصحيحة بعيدا عن الزيغ والظلال , وبكثرة الذكر تصفو النفوس من اكدارها وترجع ألي فطرتها وتميل ميلا طبيعيا للتمسك بالطاعات مع الإخلاص والمراقبة.
والطريق العلاوية تمثل هذا الاتجاه اصدق تمثيل فهي مؤسسة على الكتاب والسنة وخالية من البدع والافتراءات .
وقد تأسست الطريقة على يد الشيخ العارف بالله والدال عليه الشيخ الأكبر والغوت الأشهر سيدي (احمد بن مصطفى العلاوي المستغانمي ) سنة (1915) .
واتسمت الطريق بمزايا جمة وفوائد كثيرة أهمها:
--- التصوف القلبي والذكر والاستغراق فيه مع عدم حرمان النفس من حلالها .
وكانت هذه الطريقة من قبل تسمى بالطريقة الدرقاوية نسبة إلى الشيخ (العربي بن احمد الدرقاوي ) رضي الله عنه أرضاه .
هذا ومن المعلوم انه ما من شيخ تسمت الطريقة باسمه الأول من الفتح الرباني والنور النبوي ما يعم القريب والبعيد فيكثر اتباعه وتتداول مؤلفاته ويهتدي به خلقا كثيرا ويظهر على يديه الكثير من الفتوحات والكرامات , ولقد توفر ذلك كله للشيخ ( احمد العلاوي ) فكان بحق مجددا لعقائد الأيمان ورافعا للواء الإسلام , ولهذا سميت الطريقة باسم الشيخ العلاوي فأصبحت تعرف ( بالطريقة العلاوية الدرقاوية الشاذلية ) , وفي ذلك يقول الإستاد احمد العلاوي
صرح يا راوي باسم العلاوي بعد الدرقاوي خلفه الله
هذا وقد جمعت الطريقة العلاوية كل خصائص التصوف , فكانت بحق مدرسة شهد لها الجمع الغفير من علماء المسلمين شرقا وغربا بالتميز , وشع نورها في جميع أقطاب الأرض , وعم خيرها جميع أفراد المسلمين المنتسبين إليها فلله الحمد .
الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي
(1869--- 1934)
هو الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي , ولد بمدينة مستغانم سنة (1869 ) م وبها نشاء وترعرع , والتقى بشيخه محمد بن الحبيب البوزيدي فاخذ عنه ولازمه واقتدى به ففتح الله عليه وصار من اكمل اهل الله علما وعملا وسارت مؤلفاته وتصانيفه في الغرب والشرق مشيدة بفضله وعو كعبه .
لم يدخل رضي الله عنه أي مدرسة او كتاب لتحفيظ القران الكريم على عادة اهل ذلك الزمان وانما تعلم بعض قصار السور عن ابيه الذي لم يكن له ابن سواه , فكانت علومه وهبية ربانية مثل كثير من السلف الطيب , فكان علم زمانه في العلوم الاسلامية اضافة الى اجادته للغة الفرنسية .
اصدر جريدة لسان الدين سنة (1922 ) والتي نجحت للتصدي لكثير من المخططات الفرنسية الظالمة تم اوقفها بعد اربع سنوات ليصدر جريدة (البلاغ ) .
اخذ عنه الطريقة في حياته المباركة ما يقرب من المائة الف عدا من اخذ عن اتباعه من بعده , وانتشرت الطريقة العلاوية في المغرب والمشرق , اشتد به المرض سنة (1932 ) ولازمه الى ان انتقل الى ربه سنة (1934 ) رحمه الله رحمة واسعة
ان من يمعن النظر ويدقق البحث في الطريقة العلاوية والمدارس الصوفية في المغرب العربي بصفة خاصة يجدها تتصف بخصائص ثلاث :
n البعد عن التجزوء : وهو جمعها بين الشريعة والحقيقة
n البعد عن التجرد : او الجمع بين التسبب والتجرد
n البعد عن التسيس : او الخاصية الاخلاقية
هذه الخصائص الثلاث جعلت الطرق الصوفية المغربية ( وخاصة الطريقة العلاوية ) مقبولة عند الخاصة والعامة .
وسنتناول بالشرح والتحليل كل خاصية من هذه الخصائص في محاولة للتقرب اكثر من االطريقة العلاوية ومعرفة خصائصها واهدافها :
1—الجمع بين الشريعة والحقيقة
-
جاءت الطريقة العلاوية بفضل الله ومنته جامعة بين الفقه والتصوف , فالفقه في معناه الاصلي الواسع هو موافقة احكام الشريعة ظاهرا وباطنا بحيث تكون الاعمال الظاهرية متوافقة في صيغتها مع الاعمال الباطنية قال الشيخ رضي الله عنه:
مريدي كونا حفيظ حدود الشريعة تمسك بها تفيد كمال الحقيقة
ولقد كان ومازال اغلب رجال الطريقة العلاوية فقهاء او محدثين او حملة قران او حفا ظللمتون العلمية المختلفة ويشتغلون بالتدريس او بالتحفيظ .
ولقد شارك اغلب رجال الطريقة العلاوية الفقاء فيما هم فيه من القيام على اداء الاعمال الظاهرة بل نافسوا في ذلك الفقراء الاخرين حتى قاموا بما وقف دونه الفقاء الاخرين فاستبطوا الوسائل التي تعين على نشر العقيدة الاسلامية السليمة , وعملوا على ترسخها في النفوس , ورفعوا من اداء قدرة العامة على اداء شعائرهم وفرائضهم بتبسيط العلوم الفقهية والعقائدية
ومنهم من انتقل الى البوادي والاصقاع يعلمون الناس امور دينهم , كما اقروا انماطا من التعبد كالذكر الجماعي حتى يسمعوا الغافل ويجلبوا العابر ويسروا حفظ القران على الامي , وعملوا على رفع الموانع الت تحول بين العامي ومعرفة ربه ومعرفة امور دينه وبسطوها الى درحة انتشرت معها الطريقة في جميع انحاء العالم الاسلامي بل وفي اوربا الغربية وجنوب افريقيا وامريكا واقاصي اسيا .
واما من حيث المعارف الربانية والحقائق العرفانية ,فالطريق معدنها ومادتها , فما من فقير سلك المسلك العلاوي الا وظهرت عليه تباشير الايمان وامتلاء قلبه بالحب والشوق الى الله عزوجل في اقل وقت وبدون تعب ومعاناة قال الاستاد احمد العلاوي في ذلك :
نصحت كل العباد خصوصا اهل البلاد
فمن كان في اجتهاد طالبا يريد الله
ياتي ولو بالتجريب فله منا نصيب
هذا مسلكا قريب اتانا من فضل الله
ننصح له في الطريق يجعلني فيها رفيق
نريه معنى التحقيق خالصا لوجه الله
يوافقني في أيام لا نطلب منه أعوام
فان حصل المرام يكون عبدا لله
هذا من ناحية الجمع بين الحقيقة والشريعة
2--- الجمع بين التجرد والتسبب
واما من جانب الجمع بين التجرد والتسبب فيجب آن نعرف آن التجرد تجردان :
تجرد عن الحظوظ , وتجرد عن الأسباب
وكثيرا ما اختلط على الباحثين والدارسيين والناظرين في التراث الصوفي آمرهما ففصلوا إحداهما عن الآخر .
والصواب هو ما أقرته الطريقة العلاوية وجعلته منهجا لها وهو وقف سير المريد على ترك الحظوظ حتى يتحقق بأفراد الله عز وجل بالقصد في الأعمال
وامتازت الطريق بالتحذير من ترك الأسباب واتحدوا من وسائل ما يمنع ويدفع عنهم الحاجة الى الخلق , فمارسوا التدريس والزراعة والتجارة وكرهوا الكسل آلي مريديهم المتعطلين ونصحوهم باتحاد الحرف وبالبعد عن السؤال , ويتجلى ذلك عند الشيخ احمد العلاوي بصفة خاصة , ولشد ما كانوا يحرصون على ان يكون تعاطي مريديهم للأسباب قائما بشرط الخروج عن التعلق بها حتى يدركوا ان تسببهم بها ليس هو الذي يوصلهم الى تحقيق طلبهم من الرزق وانما موصلهم على الحقيقة هو الرزاق ذو القوة المتين فيكونون في ذات الوقت متجردين ومتسببين.
وعلى الجملة فان الطريق العلاوية تبتعد كل البعد عن التجزوء , وتتجه اتجاها تكامليا صريحا يجعل العمل الروحي جزء من الفقه , والتجرد عن الحظوظ جزاء من التسبب والجهاد جزء من المجاهدة
, وهذه من أسرار قوة وثبات الطريقة العلاوية المباركة .
ومن خصائص الطريقة العلاوية ايضا .:
النفور من الفروع الفقهية :
وقد تجلت هذه الخاصية في الكثير من المشائخ حيث كانوا يحرصون على تبسيط العقائد ومعاني الى الفقراء , وكانوا يغلضون على المتعمقين والمتشدقين ويوجهونخم الى تبسيط مفاهيم الدين .
وقد اقتضى التطور ان يخرج علم الفقه بصفة خاصة عن بساطة اصوله وقرب ماخذ مسائله , الى تعقيدات في القواعد والاحكام , وتفريعات في الاقضية والفتاوي فاظهرت اقوال هذه التشعبات اقوال بعض الفقاء بالنظر المجرد .
اما رجال الطريقة والتصوف فقد ضلووا يدعون الى سلوك يتسم بالبساطة والحيوية ومعتبر لطاقة العامة في التعقل والتفقه , وياخذون من الاراء ما كان تحته عمل , او ما كان داعيا الى العمل , ولذلك كان يقع تقريب ررجال التصوف من العامة , وتنتشر دعوتهم , وتعرض فقهاء الفروع لللابعاد والمضايقة ,
والفقه من الالفاظ التي تم تبديلهاالى معان غير ما اراده السلف الصالح والقرن الاول , نتيجة للاغراض الفاسدة والحظوظ المغرضة ومعاني مذمومة , فقد تصرفوا في الفقه بالتخصيص , اذ خصصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوي , والوقوف على دقائق عللها , واستكتار الكلام فيها وحفظ المقالات المتعلقة بها , فمن كان اشد تعمقا فيها واكثر اشتغالا بها يقال هو الافقه
ولقد كان اسم الفقه في العصر الاول مطلقا على علم الاخرة ومعرفة دقائق مفسدات النفوس ومفسدات الاعمال , وقوة الاحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع الى نعيم الاخرة , واستيلاء الخوف على القلب ويدلك على ذلك قوله تعالى ( ليتفقهوا في الدين وليندروا قومهم اذا رجعوا ) فما يحصل به الانذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق واللعان فذلك لا يحصل به انذار او تخويف بل التجرد له على الدوام يقسي لبقلب وينزع الخشية منه , كما تشهد الاية بقوله تعالى ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) والمراد بالفقه هنا واللع اعلم معاني علم الايمان دون الفتاوي قال تعالى ( لانتم اشد رهبة في قلوبهم من الله ) فأحال قلة خوفهم من الله واستعظامهم سطوة الخلق على قلة الفقه , فانظر ان كان ذلك نتيجة عدم الحفظ لتعريفات الفتاوي او هو نتيجة لعدم ما ذكرناه .
قال عليه الصلاة والسلام للذين وفدوا عليه ( علماء حكماء فقهاء )
وسئل احدهم رحمه الله : اي اهل المدينة افقه ؟
فقال : اتقاهم لله تعالى
وقال صلى الله عليه وسلم : الا انبئكم بالفقيه كل الفقيه ؟
قالوا بلى يا رسول الله
قال : من لم يقنط الله من رحمة الناس ولم يؤمنهم مكر الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يدع القران رغبة عنه الى ما سواه )
ولما روي عن انس بن مالك رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم ( لان اقعد مع قوم يذكرون الله من غذوة الى طلوع الشمس احب الي من اعتق اربع رقاب ) والتفت الى زيد الرقاشي وزياد النميري وقال : لم تكن مجالس الذكر مثل مجالسكم هذه يقص احدكم وعظهعلى اصحابه ويسرد الحديث سردا , وانما كنا نقعد فنذكر الايمان ونتدبر القران ونتفقه في الدين ونعد نعم الله علينا
فانظر يا اخي كيف سمى تدبر القران وعد النعم تفقها .
وسال فرقد السبخي رحمه الله الحسن رحمه الله عن الشيء ؟
فقال : ان الفقهاء يخالفونك 0
فقال الحسن رحمه االله : ثكلتك امك فريقد وهل رائيت فقيها بعينك ؟ انما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الاخرة البصير بدينه المداوم على عبادة ربه الورع الكاف نفسه عن اعراض المسلمين العفيف عن اموالهم الناصح لجماعتهم , ولم يقل في ذلك كله الحافظ لفروع القتاوي .
ولم اقل هنا ان اسم الفقه لم يكن متناولا للفتاوي في الاحكام ولكن كان بطريق العموم والشمول , فكان اطلاقهم على علم الاخرة اكثر فبان من هذا التخصيص تلبيس بعض الناس على التجرد له والاعراض عن علم الاخرة واحكام القلوب , ووجدوا على ذلك معينا من الطبع لان علم القلوب غامض والعمل به عسير والتوصل به الى طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذر , فوجد الشيطان ذلك مجالا لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقه الذي هو اسم محمود في الشرع, ولقد استطردنا في الحديث عن هذا الموضوع لان ما رايناه اليوم هذا هو الذي كتبناه ولنيبن موقف رجال الطريقة العلاوية من هذا المنزلق الخطير والدي صرف عن معناه في هذا الوقت العصيب
كل فقيه عليم بالفرض والسنة وانا علمي عظيم ماله نهية
كما اختصت هذه الطريق ب :
النفور من الجدل الكلامي :
لقد قررت الطريقة ضمن منهجها لمفهوم التوحيد ان يقتضي اساسا العمل التعبدي لا النظر التاملي على طريقة اهل الكلام لا يتعدون في هذا النظر الاقدر الذي جاء به الكتاب والسنة وينفرون من الخوض في مسائله التفصيلية ولو مع من اثر عنه التسليم بالتصوف .
ولقد اوصانا علماء ومشائخ هذخ الطريقة بالبعد عن الجدل الكلامي لما فيه من الافات , والحمد لله فكل مريدي هذه الطريقة المباركة وضع لهم القبول وانطقهم بالحكمة ودقائق العلوم فلله الحمد والشكر .
ومن خصائص هذه الطريقة المباركة
النفور من الحكمة العرفانية :
ونعني بها طلب الكرامات والكيمياء وغيرها من افات النفوس , فلقد تسربت الى الممارسة الصوفية بمقتضى التطور والاستمداد من البيئة التوجهات الفكرية والعلمية التي يضيق بها رجال التصوف في المغرب العربي عامة اذ يعدونها من قبيل افات السلوك ينبغي صون النفس عنها .
ومن بعض هذه الافات هي الاشراق الذي استقر عند المغاربة وهو مستمد من النظر الفلسفي الذي ياخذ باطلاق العقل فيعارضه توجههم السني لان العقل اذا لم يقيد مسلكه اعتبار الشرع صار عرضة للاهواء
قال الشيخ رضي الله هنه:
وكل فهم فينا كليل فكم للعقل من عثراث
وكذلك امتياز الفرد عن غيره فيعارض توجههم الجماعي , لان الفرد اذا لم يقيد بالجماعة افقه باعتبار الجماعة صار ضرره اكثر من نفعه .
ولهذا امرنا مشائخنا في هذه الطريقة يعدم مفارقة المريد للجماعة والتمسك بالشريعة المطهرة في الاقوال والافعال والاحوال .
كما استقر عند المغاربة ايضا ان الكمياء مستمدة من الطبع الدنيوي الذي يخالف شاهد العقل ويوقع في الفساد .
اما مخالفة شاهد العقل لان المشتغل بالكمياء يطلب اسبابا باطلة لقلب الاعيان .
واما الايقاع في الفساد فلان هذه الصفة تحمل على ممارسة الغش ةالتدليس فكان ان نهى رجال الطريق عن الاشتغال بها وحذروا مريديهم منها اشد التحذير , ودلوهم على لن الكيمياء الحقيقية هي ان تجاهد النفس حتى تتحول عن اخلاقها وصفاتها الذميمة وتنقلب الى اخلاق حميدة وصفات سنية فهذه هي الكمياء عند اهل الطريق .
اما قضية الكرامات وطلبها فقد بين المشائخ رضي الله عنهم انها قواطع في طريق الله , وحذروا اتباعهم ومريديهم من التشوف لها لما فيها من قدح وخسة همة , اذ على المريد ان يتوجه الى الله تعالى ولا يرضى بشيء حتى يصل الى مطلوبه , وبينوا لهم ان اكبر كرامة هي الاستقامة على شرع الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم
وبالجملة فان الطريقة العلاوية نأت عن منحنى التجريد الذي وقع فيه فقهاء الفروع واهل الكلام واهل العرفان واتجهت اتجاها عمليا في ممارسة التعبد الصحيح والعقيدة السليمة والمعرفة الحقة .
يتبع
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: الخصائص العامة للطريق العلاوية
ومن خصائص الطريقة
3---البعد عن التسيس او الخاصية الاخلاقية .
ويظهر ذلك في المدلولات الثلاثة الاتية :
-- المدلول الروحي للجهاد
-- المدلول الانساني للدعوة
-- المدلول المعنوي للنسب
اما من ناحية المدلول الروحي للجهاد : فتجدر الاشارة الى ان لفظ الجهاد من الالفاظ التي بدلت معانيها , فقد صرف هذا اللفظ عن مقصوده بوجهين : ان الجهاد صار يحمل معنى القتال من اجل بسط التشدد الديني وبسط النفود العقدي .
اما عن مدلول الجهاد كما اخذ به رجال الطريقة فلا تعلق له اصلا بطلب الرئاسة الدنيوية لان هذا يناقض التربية الروحية التي اختصت بها الطريق , كما لاتعلق له بالتشدد العقدي لانه يناقض وسائل هذه التربية الروحية .
وانما تعلق بمجاهدة النفس وحدها وببدلها رخيصة في سبيل الدفاع عن الاسلام كما استرخصت في سبيل الخروج عما سوى الله .
وعلى هذا فان الجهاد بالمعنى الصوفي ليس عملا تسيسيا ولا سلوكا ايدولوجيا , وانما هو عمل روحي اخلاقي بالاصالة
....................
اما من ناحية المدلول الانساني
فليس هناك من شك ان للدعوة دور بالغ الاهمية في الممارسة الصوفية , فقد شمل مجالهم البوادي والحواضر الا انها لا تشبه في شيء الدعوات التي تطمع في المكاسب المادية الا ان تكون قد مرت عليها سنة التغير , فتبدلت احوالها , او مر قانون الادعاء فانتحلها بعض الادعياء .
والصواب ان الدعوة الصوفية كما مارسها رجال الطريقة العلاوية لا تبتغي بالتجديد الاخلاقي للانسان بديلا ولا سبيل لذلك الا اذا قام الداعية بشرط الاخلاص لله في دعوته وقام المدعو بشرط تسليم الارادة لله .
ولقد سمى هذا التجديد الانساني باسم الصلاح وسمى اصحابه (بالصالحين )
علما بان قيم الانسانية مستمدة من قيم الدين , وعلى هذا فان دعوة الطريقة العلاوية ليست نزعة طائفية ولا دعاية مادية , وانما هي دعوة انسانية اخلاقية , ويتجلى هذا في البعد الانساني في طريقة الشيخ احمد العلاوي رضي الله عنه في الدعوة , فمن يراجع كتبه وكتاباته وسيرة حياته يلاحظ كيفية تعامل الشيخ مع رجال الديانات الاخرى وادبه الجم معهم ومجادلتهم بالتي هي احسن مما ادى الى وقوع دعوة الشيخ في قلوب هولاء موقعا حسنا ادى الى اسلام الكثير من المسيحيين ودخولهم الطريقة تم رجعوا الى بلادهم وعملوا على نشر الطريقة والدعوة لها , وما انتشار الزوايا في مرسيليا وباريس ولاهاي وكارديف وبرمنجهام وليفربول وهال وساوت سيلد وامريكا وتركيا وجنوب افريقيا واديس اباب الا لقوة الجانب الانساني في الطريقة العلاوية , فهدف الطريقة خدمة الانسان كيف ما كان واين ما وجد
....................
اما من ناحية المدلول المعنوي للنسب :
فمن الثابت والمسلم به ان للنسب اهمية كبرى في الطرق الصوفية المغاربية والغالب على كل الطرق الصوفية المغاربية رفع نسبة شيوخهم الى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه ولم تشد الطريقة العلاوية عن هذه القاعدة ولقد حافظ رجال هذه الطريقة على تدوين نسبهم الروحي وهو ما سنرا الان .
شجرة نسب الطريقة العلاوية : اخذ الشيخ احمد العلاوي عن الشيخ محمد البوزيدي عن الشيخ محمد بن قدور الوكيلي عن الشيخ ابو يعزى المهاجي عن الشيخ العربي الدرقاوي عن الشيخ علي الجمل عن الشيخ العربي بن عبدالله عن الشيخ احمد بن عبدالله عن الشيخ قاسم الخصاصي عن الشيخ محمد بن عبدالله عن الشيخ عبد الرحمن الفاسي عن الشيخ يوسف الفاسي عن الشيخ عبدالرحمن المجدوب عن الشيخ علي الصنهاجي عن الشيخ ابراهيم الفحام عن الشيخ احمد زروق عن الشيخ احمد الحضرمي عن الشيخ يحي القادري عن الشيخ علي بن وفا عن الشيخ محمد وفا بحر الصفا عن الشيخ داوود الباخلي عن الشيخ بن عطا الله السكندري عن الشيخ ابو العباس المرسي عن الشيخ الكامل ابو الحسن الشاذلي عن شيخه عبدالسلام بن مشيش عن شيخه عبدالرحمن العطار الزيات عن شيخه تقيالدين الفقير عن شيخه فخرالدين عن شيخه نور الدين عن شيخه محمد تاج الدين عن شيخه محمد شمس الدين عن شيخه زين الدين القزويني عن شيخه ابراهيم البصري عن شيخه احمد المرواني عن شيخه ابو محمد سعيد عن شيخه سعد عن شيخه فتح السعود عن شيخه سعيد الغزواني عن شيخه ابو محمد جابر عن شيخه الحسن السبط عن سيدنا علي كرم الله وجهه عن سيد المخلوقات سيدنا ونبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل عليه السلام عن ربنا ومولانا رب العزة ذي الجلال والاكرام فلله المنة والفضل
والان قد عرفنا ان التصوف المغربي بصفة عامة والطريقة العلاوية _ لانها احد مدارسه _ تمتاز بالخصائص التالية وهي : طلب التكامل وطلب العمل وطلب الاخلاق .
فما هو السبب في هذا , او قل بالاحرى ما هو اصل تلك الخصائص .؟
اعلم ان اصل ذلك هو تمكن المذهب المالكي في نفوس المغاربة حتى ولد فيهم نزوعا الى الممارسة الروحية بحكم منطقه وملابسات نشاته ويقوم هذا المنطق اجمالا على عنصري العمل والصحبة .
بينما تقوم نشاته على عنصري : التعظيم والاحسان
اما من ناحية العمل فالمالكيين من دون المذاهب الاخرى اقروا عمل اهل المدينة مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي وفي هذا ما ينهض دليلا على ان المالكية تبينت تمام التبين ما لمشاهدة السلوك الحق من اثر في تحقيق التدين الصحيح وهذا ما تمسك به مشائخ الطريقة العلاوية تمسكا يصل الى حد الاعجاب على ان مصادر التشريع تنقسم الى قسمين :
-- قسم نظري : ويشمل الكتاب والسنة والقياس .
-- قسم علمي : ويشمل الاجماع والعمل
مما يترب على ذلك ان التفقه في الدين لا يتم الا بحصول الممارستين الذهنية والعقلية وهذا هو عين منهج الطريقة العلاوية .
اما من حيث مبداء الصحبة فهو مبداء لازم من اصل العمل الذي تقول به المالكية وذلك ان الصحبة هي المشاهدة الحية للاسباب والقرائن التي ترافق اعمال المصحوب واقواله وافعاله التي يحصل بها العلم بالمراد على وجه من التحقيق لا يتأتى بطريقة اخرى .
فلا عمل حي اذن الا بتمام الصحبة , ولذلك فقد كان من تلامذة الامام مالك المغاربة من يبقي على ملازمته ردحا من الزمن بعد تمام تعليمه وفراغ تكوينه النظري عملا بمبداء الصحبة حتى يحصل اخلاقه واحواله .
وهذا عين ما اقره مشائخ الطريقة العلاوية حيث جعلوا الصحبة شيئ اساسي في طريقهم فقد شيخنا سيدي محمد الفيتوري رحمه الله ك
يا طالب المعرفة ومقامات الصفا اصحب خلا قد وفا بعبودية الله
واما مبداء التعظيم فان مالك رضي الله عنه كان يظهر قولا وعملا من تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وفروض محبته ما يجعل حديثه وسلوكه ينقلان الى جلسائه وتلامذته اخبار الرسول صلى الله عليه وسلم حية وكأنهم معاينييها رأي العين فتحيا قلوبهم باسرارها وتنقاد جوارحهم للعمل بها .
وقد ورث فقهاء المالكية هذا التعظيم ونشروا ادابه نشرا بين طبقات المجتمع المختلفة , وورث عنهم ذلك مشائخ الطرق الصوفية فجعلوا تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وامثتال اوامره والسير على سنته مذهبهم وديدنهم فاثمر ذلك احوالا سنية ومعارف ربانية تأسر القلوب وتاخذ بالمسامع والعقول .
يقول الاستاد احمد العلاوي رضي اله عنه :
ما لي سواه نرجوه في عسري
عظيم الجاه محمد دخري
قلبي يهواه في مدة العمر
فضله ما زال للامة يغشاها
وقال في قصيدة اخرى :
يا رسول الله حزت فضل الفضل والفضائل
يا رسول الله دمت ودمت لك ممثتل
فالعلاوي يرجو حتى يبلغ برضاك الامل
..................................
واما مبداء الاحسان : فان مالكا رضي الله عنه صحب علماء عاملين بلغوا النهاية في اوصاف خلقية اختص السادة الصوفية بطلبها وهي اخلاق الاحسان , او الفضائل الروحية وكما تتلمذ على يديه رجال نالوا قدم السبق في الظهور باوصاف الاحسان منهم على سبيل المثال سيدنا سفيان الثوري رضي الله عنه .
هذه العناية بالعمل والصحبة والتعظيم والاحسان دليلا على ان المالكية حملت بذور ممارسة روحية سرعان ما اثمرت عند المغاربة بمجرد تشبههم بمنطق هذا المذهب تصوفا اختصوا به وصاروا فيه قدوة لغيرهم ولا عجب ان يتكاثر بين فقهاء المالكية اهل العبادة واهل الزهد واهل الورع واهل التقوى حتى ان لقب الصوفي اطلق عليهم اطلاقه على اهله لاعتبار اساسي وهو كونهم يقصدون بفقههم وجه الله سبحانه وتعالى .
وبفضل الله وحمده كانت الطريقة العلاوية وما زالت ممثلة امتدادا للمذهب المالكي بكافة وجوهه .
وهذه الخصائص التي تميزت بها الطريقة العلاوية وهي التكامل والعمل والاخلاق تخدم اغراض التجديد الخلقي الذي ينشده المجتمع العربي الاسلامي في هذه الظروف العصيبة .
والحمد لله عل التوفيق
إنتهى
3---البعد عن التسيس او الخاصية الاخلاقية .
ويظهر ذلك في المدلولات الثلاثة الاتية :
-- المدلول الروحي للجهاد
-- المدلول الانساني للدعوة
-- المدلول المعنوي للنسب
اما من ناحية المدلول الروحي للجهاد : فتجدر الاشارة الى ان لفظ الجهاد من الالفاظ التي بدلت معانيها , فقد صرف هذا اللفظ عن مقصوده بوجهين : ان الجهاد صار يحمل معنى القتال من اجل بسط التشدد الديني وبسط النفود العقدي .
اما عن مدلول الجهاد كما اخذ به رجال الطريقة فلا تعلق له اصلا بطلب الرئاسة الدنيوية لان هذا يناقض التربية الروحية التي اختصت بها الطريق , كما لاتعلق له بالتشدد العقدي لانه يناقض وسائل هذه التربية الروحية .
وانما تعلق بمجاهدة النفس وحدها وببدلها رخيصة في سبيل الدفاع عن الاسلام كما استرخصت في سبيل الخروج عما سوى الله .
وعلى هذا فان الجهاد بالمعنى الصوفي ليس عملا تسيسيا ولا سلوكا ايدولوجيا , وانما هو عمل روحي اخلاقي بالاصالة
....................
اما من ناحية المدلول الانساني
فليس هناك من شك ان للدعوة دور بالغ الاهمية في الممارسة الصوفية , فقد شمل مجالهم البوادي والحواضر الا انها لا تشبه في شيء الدعوات التي تطمع في المكاسب المادية الا ان تكون قد مرت عليها سنة التغير , فتبدلت احوالها , او مر قانون الادعاء فانتحلها بعض الادعياء .
والصواب ان الدعوة الصوفية كما مارسها رجال الطريقة العلاوية لا تبتغي بالتجديد الاخلاقي للانسان بديلا ولا سبيل لذلك الا اذا قام الداعية بشرط الاخلاص لله في دعوته وقام المدعو بشرط تسليم الارادة لله .
ولقد سمى هذا التجديد الانساني باسم الصلاح وسمى اصحابه (بالصالحين )
علما بان قيم الانسانية مستمدة من قيم الدين , وعلى هذا فان دعوة الطريقة العلاوية ليست نزعة طائفية ولا دعاية مادية , وانما هي دعوة انسانية اخلاقية , ويتجلى هذا في البعد الانساني في طريقة الشيخ احمد العلاوي رضي الله عنه في الدعوة , فمن يراجع كتبه وكتاباته وسيرة حياته يلاحظ كيفية تعامل الشيخ مع رجال الديانات الاخرى وادبه الجم معهم ومجادلتهم بالتي هي احسن مما ادى الى وقوع دعوة الشيخ في قلوب هولاء موقعا حسنا ادى الى اسلام الكثير من المسيحيين ودخولهم الطريقة تم رجعوا الى بلادهم وعملوا على نشر الطريقة والدعوة لها , وما انتشار الزوايا في مرسيليا وباريس ولاهاي وكارديف وبرمنجهام وليفربول وهال وساوت سيلد وامريكا وتركيا وجنوب افريقيا واديس اباب الا لقوة الجانب الانساني في الطريقة العلاوية , فهدف الطريقة خدمة الانسان كيف ما كان واين ما وجد
....................
اما من ناحية المدلول المعنوي للنسب :
فمن الثابت والمسلم به ان للنسب اهمية كبرى في الطرق الصوفية المغاربية والغالب على كل الطرق الصوفية المغاربية رفع نسبة شيوخهم الى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه ولم تشد الطريقة العلاوية عن هذه القاعدة ولقد حافظ رجال هذه الطريقة على تدوين نسبهم الروحي وهو ما سنرا الان .
شجرة نسب الطريقة العلاوية : اخذ الشيخ احمد العلاوي عن الشيخ محمد البوزيدي عن الشيخ محمد بن قدور الوكيلي عن الشيخ ابو يعزى المهاجي عن الشيخ العربي الدرقاوي عن الشيخ علي الجمل عن الشيخ العربي بن عبدالله عن الشيخ احمد بن عبدالله عن الشيخ قاسم الخصاصي عن الشيخ محمد بن عبدالله عن الشيخ عبد الرحمن الفاسي عن الشيخ يوسف الفاسي عن الشيخ عبدالرحمن المجدوب عن الشيخ علي الصنهاجي عن الشيخ ابراهيم الفحام عن الشيخ احمد زروق عن الشيخ احمد الحضرمي عن الشيخ يحي القادري عن الشيخ علي بن وفا عن الشيخ محمد وفا بحر الصفا عن الشيخ داوود الباخلي عن الشيخ بن عطا الله السكندري عن الشيخ ابو العباس المرسي عن الشيخ الكامل ابو الحسن الشاذلي عن شيخه عبدالسلام بن مشيش عن شيخه عبدالرحمن العطار الزيات عن شيخه تقيالدين الفقير عن شيخه فخرالدين عن شيخه نور الدين عن شيخه محمد تاج الدين عن شيخه محمد شمس الدين عن شيخه زين الدين القزويني عن شيخه ابراهيم البصري عن شيخه احمد المرواني عن شيخه ابو محمد سعيد عن شيخه سعد عن شيخه فتح السعود عن شيخه سعيد الغزواني عن شيخه ابو محمد جابر عن شيخه الحسن السبط عن سيدنا علي كرم الله وجهه عن سيد المخلوقات سيدنا ونبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل عليه السلام عن ربنا ومولانا رب العزة ذي الجلال والاكرام فلله المنة والفضل
والان قد عرفنا ان التصوف المغربي بصفة عامة والطريقة العلاوية _ لانها احد مدارسه _ تمتاز بالخصائص التالية وهي : طلب التكامل وطلب العمل وطلب الاخلاق .
فما هو السبب في هذا , او قل بالاحرى ما هو اصل تلك الخصائص .؟
اعلم ان اصل ذلك هو تمكن المذهب المالكي في نفوس المغاربة حتى ولد فيهم نزوعا الى الممارسة الروحية بحكم منطقه وملابسات نشاته ويقوم هذا المنطق اجمالا على عنصري العمل والصحبة .
بينما تقوم نشاته على عنصري : التعظيم والاحسان
اما من ناحية العمل فالمالكيين من دون المذاهب الاخرى اقروا عمل اهل المدينة مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي وفي هذا ما ينهض دليلا على ان المالكية تبينت تمام التبين ما لمشاهدة السلوك الحق من اثر في تحقيق التدين الصحيح وهذا ما تمسك به مشائخ الطريقة العلاوية تمسكا يصل الى حد الاعجاب على ان مصادر التشريع تنقسم الى قسمين :
-- قسم نظري : ويشمل الكتاب والسنة والقياس .
-- قسم علمي : ويشمل الاجماع والعمل
مما يترب على ذلك ان التفقه في الدين لا يتم الا بحصول الممارستين الذهنية والعقلية وهذا هو عين منهج الطريقة العلاوية .
اما من حيث مبداء الصحبة فهو مبداء لازم من اصل العمل الذي تقول به المالكية وذلك ان الصحبة هي المشاهدة الحية للاسباب والقرائن التي ترافق اعمال المصحوب واقواله وافعاله التي يحصل بها العلم بالمراد على وجه من التحقيق لا يتأتى بطريقة اخرى .
فلا عمل حي اذن الا بتمام الصحبة , ولذلك فقد كان من تلامذة الامام مالك المغاربة من يبقي على ملازمته ردحا من الزمن بعد تمام تعليمه وفراغ تكوينه النظري عملا بمبداء الصحبة حتى يحصل اخلاقه واحواله .
وهذا عين ما اقره مشائخ الطريقة العلاوية حيث جعلوا الصحبة شيئ اساسي في طريقهم فقد شيخنا سيدي محمد الفيتوري رحمه الله ك
يا طالب المعرفة ومقامات الصفا اصحب خلا قد وفا بعبودية الله
واما مبداء التعظيم فان مالك رضي الله عنه كان يظهر قولا وعملا من تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وفروض محبته ما يجعل حديثه وسلوكه ينقلان الى جلسائه وتلامذته اخبار الرسول صلى الله عليه وسلم حية وكأنهم معاينييها رأي العين فتحيا قلوبهم باسرارها وتنقاد جوارحهم للعمل بها .
وقد ورث فقهاء المالكية هذا التعظيم ونشروا ادابه نشرا بين طبقات المجتمع المختلفة , وورث عنهم ذلك مشائخ الطرق الصوفية فجعلوا تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وامثتال اوامره والسير على سنته مذهبهم وديدنهم فاثمر ذلك احوالا سنية ومعارف ربانية تأسر القلوب وتاخذ بالمسامع والعقول .
يقول الاستاد احمد العلاوي رضي اله عنه :
ما لي سواه نرجوه في عسري
عظيم الجاه محمد دخري
قلبي يهواه في مدة العمر
فضله ما زال للامة يغشاها
وقال في قصيدة اخرى :
يا رسول الله حزت فضل الفضل والفضائل
يا رسول الله دمت ودمت لك ممثتل
فالعلاوي يرجو حتى يبلغ برضاك الامل
..................................
واما مبداء الاحسان : فان مالكا رضي الله عنه صحب علماء عاملين بلغوا النهاية في اوصاف خلقية اختص السادة الصوفية بطلبها وهي اخلاق الاحسان , او الفضائل الروحية وكما تتلمذ على يديه رجال نالوا قدم السبق في الظهور باوصاف الاحسان منهم على سبيل المثال سيدنا سفيان الثوري رضي الله عنه .
هذه العناية بالعمل والصحبة والتعظيم والاحسان دليلا على ان المالكية حملت بذور ممارسة روحية سرعان ما اثمرت عند المغاربة بمجرد تشبههم بمنطق هذا المذهب تصوفا اختصوا به وصاروا فيه قدوة لغيرهم ولا عجب ان يتكاثر بين فقهاء المالكية اهل العبادة واهل الزهد واهل الورع واهل التقوى حتى ان لقب الصوفي اطلق عليهم اطلاقه على اهله لاعتبار اساسي وهو كونهم يقصدون بفقههم وجه الله سبحانه وتعالى .
وبفضل الله وحمده كانت الطريقة العلاوية وما زالت ممثلة امتدادا للمذهب المالكي بكافة وجوهه .
وهذه الخصائص التي تميزت بها الطريقة العلاوية وهي التكامل والعمل والاخلاق تخدم اغراض التجديد الخلقي الذي ينشده المجتمع العربي الاسلامي في هذه الظروف العصيبة .
والحمد لله عل التوفيق
إنتهى
أبو أويس- عدد الرسائل : 1577
العمر : 65
الموقع : مواهب المنان
تاريخ التسجيل : 26/11/2007
رد: الخصائص العامة للطريق العلاوية
جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموضوع و على جهودكم القيّمة المبذولة فيه و نسأل الله تعالى أن يوفّقنا إلى السير على نهج مشايخنا رضي الله عنهم و ارضاهم
و تبّثنا في طريقهم إلى ان نلقى الله تعالى
تحياتي لكم سيدي الفاضل و لكل مشرفي و اعضاء هذا الموقع المبارك
و تبّثنا في طريقهم إلى ان نلقى الله تعالى
تحياتي لكم سيدي الفاضل و لكل مشرفي و اعضاء هذا الموقع المبارك
محبة أهل الله- عدد الرسائل : 81
العمر : 51
المزاج : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
تاريخ التسجيل : 18/10/2010
رد: الخصائص العامة للطريق العلاوية
سيدي أبوأويس ، أكرمكم الله وجزاكم خير الجزاء ..
وكم اشتقنا لمثل هذا الشرح الجيّد ، وليتكم توثّقون هذا الجهد في كتاب مع الزيادة المفصّلة
فالكثير من الأخوة يجهلون مثل هذه التفاصيل التي تم ذكرها .
ولا أقول إلا سلم لسانك وبنانك سيدي .
وكم اشتقنا لمثل هذا الشرح الجيّد ، وليتكم توثّقون هذا الجهد في كتاب مع الزيادة المفصّلة
فالكثير من الأخوة يجهلون مثل هذه التفاصيل التي تم ذكرها .
ولا أقول إلا سلم لسانك وبنانك سيدي .
محسوب- عدد الرسائل : 25
العمر : 50
تاريخ التسجيل : 27/09/2010
مواضيع مماثلة
» الطّريق هو...تشوّق...تخلّق...و تحقّق...
» النصيحة العلاوية
» شرح الرسالة العلاوية للشيخ محمد المداني رضي الله عنه
» أمر العامة بالأخذ من الكتاب والسنة حق أريد به باطل
» النصيحة العلاوية
» شرح الرسالة العلاوية للشيخ محمد المداني رضي الله عنه
» أمر العامة بالأخذ من الكتاب والسنة حق أريد به باطل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 14:18 من طرف ابن الطريقة
» - مؤلفات السيد عادل على العرفي ومجاميعه الوقفية:
السبت 23 نوفمبر 2024 - 13:27 من طرف الطالب
» شيخ التربية
السبت 23 نوفمبر 2024 - 8:33 من طرف ابن الطريقة
» رسالة من مولانا وسيدنا إسماعيل الهادفي رضي الله عنه إلى إخوان الرقاب
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:13 من طرف ابن الطريقة
» من رسائل الشيخ محمد المداني إلى الشيخ إسماعيل الهادفي رضي الله عنهما
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 20:06 من طرف ابن الطريقة
» حدّثني عمّن أحب...(حديث عن الفترة الذهبية)
الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 8:36 من طرف أبو أويس
» يا هو الهويه
الخميس 21 نوفمبر 2024 - 11:36 من طرف صالح الفطناسي
» لا بد لك من شيخ عارف بالله
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 12:46 من طرف أبو أويس
» ادعوا لوالدتي بالرحمة والغفران وارضوان
السبت 9 نوفمبر 2024 - 13:42 من طرف الطالب
» السر فيك
الأحد 3 نوفمبر 2024 - 10:33 من طرف أبو أويس
» رسالة موجهة للعبد الضعيف من سيدي محمد المنور بن شيخنا رضي الله عنهما
الإثنين 21 أكتوبر 2024 - 22:06 من طرف أبو أويس
» ما أكثر المغرر بهم
السبت 28 سبتمبر 2024 - 8:52 من طرف أبو أويس
» قصيدة يا سائق الجمال
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 - 0:56 من طرف ابو اسامة
» يا طالب الوصال لسيدي أبومدين الغوث
الإثنين 26 أغسطس 2024 - 23:16 من طرف أبو أويس
» سيدي سالم بن عائشة
الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 8:06 من طرف أبو أويس