هكذا حكموا

هكذا حكموا :

ساخاصمكم خصومة المسجون في أسر هواكم , هذا همّي وهذا كفاية غمّي , هذا حزني خذوه فرّقوه , هذا الصفاء ينوح نواح الأبد , وهذه الرقّة التي إختلجت جوانحي منذ وعيت لا أعي , آه , قيل مات الفتى , ما هذا قل لي ما هذا , ملّكني إذن الحروف كي تحمل من همّي وأحزاني , صمت وبكيت حتّى متّ , ثمّ تكلّمت حتّى عييت فما زادني ذلك إلاّ ألما , لقد أقمتني في الحزن , فعدّت أفراحي أحزانا , وإبتساماتي آهاتا وأشجانا , لمن أشكوك وأنت الحبيب والطبيب , هذا قلبي فخذه فقد أثخنته الجراح , وأدمته القراح , فلا تملّ من شكواي فأنا ما مللت عذابك , وكيف أملّ بل أحيا بعذابك كلّ يوم , كلّ يوم يجدّدني عذابك , ولكن إلى متى هذا العذاب , فلولا أنّه يذكّرني بك , ما صبرت عليه , بل ما قدرت الصبر , فقني هذا العذاب ,

لماذا سلبتني البسمة , والفرحة , والغدوة والروحة , والأهل والأحباب , وكلّ شيء , أيهون عليك تعذيبي وتشريدي

سأشكوك للبلابل الزرقاء تغرّد لي , فتصدح بأغاريد الخلود , وأحزان الوجود , وسأنحت من الشجر شبّابتي , وناي وجودي , أغرّد بهما أغاريد محبّتك , بصوت رقّة أحزاني , سأحاول أن أكون فنّان نفسي , ومطرب الأشواق والأحزان , ونيران الأشجان , سأتخذ من الموسيقى ملجأ , أهيم في البراري أتلو أناشيد الحبّ , وأقرأ قصائد أهل الجذب , الطرب سرّ الوجود لكنّه يبقى حزني وألمي , وملاذي إليك , حنانيك يا شبّابة غرّدي قبل أن أموت , فعطفا عطفا بقلبي , وروحي , أيا بلابلي وأيا طيوري غرّدي ...